الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمِيرَاثِ الْمَوْقُوفِ، لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهَا شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ إنْ طَلَبَهُ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، لَمْ يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ. وَإِنْ طَلَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ، وَوَاحِدَةٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، دُفِعَ إلَيْهِمَا رُبُعُ الْمِيرَاثِ.
وَإِنْ طَلَبَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، وَاثْنَتَانِ مِنْ الثَّلَاثِ، أَوْ الثَّلَاثُ كُلُّهُنَّ، دُفِعَ إلَيْهِنَّ ثُلُثُهُ. وَإِنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ الْمَنْكُوحَاتِ أَوَّلًا، قُبِلَ تَعْيِينُهُ وَثَبَتَ. وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَعْيِينًا لَهَا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه. وَلِلْمَوْطُوءَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَيَكُون الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا مَوْقُوفًا. وَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، يَكُونُ تَعْيِينًا، فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، صَحَّ نِكَاحُهَا، وَبَطَلَ نِكَاحُ الثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الثَّلَاثِ، بَطَلَ نِكَاحُ الِاثْنَتَيْنِ.
وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، وَوَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ، صَحَّ نِكَاحُ الْفَرِيقِ الْمَبْدُوءِ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُ، وَلِلْمَوْطُوءَةِ الَّتِي لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ أَشْكَلَ أَيْضًا، أُخِذَ مِنْهُ الْيَقِينُ، وَهُوَ مَهْرَانِ مُسَمَّيَانِ وَمَهْرُ مِثْلٍ، وَيَبْقَى مَهْرٌ مُسَمًّى تَدَّعِيهِ النِّسْوَةُ، وَيُنْكِرُهُ الْأَخُ، فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، فَيَحْصُلُ لِلنِّسْوَةِ مَهْرُ مِثْلٍ وَمُسَمَّيَانِ وَنِصْفٌ، مِنْهَا مَهْرٌ مُسَمًّى، وَمَهْرُ مِثْلٍ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمَوْطُوءَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَيَبْقَى مُسَمًّى وَنِصْفٌ بَيْنَ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَاتِ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفٌ مُسَمًّى، وَالْمِيرَاثُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، لَا حُكْمَ لِلْوَطْءِ فِي التَّعْيِينِ، وَهَلْ يَقُومُ تَعْيِينُ الْوَارِثِ مَقَامَ تَعْيِينِ الزَّوْجِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. فَعَلَى قَوْلِهِ، يُؤْخَذُ مُسَمًّى وَمَهْرُ مِثْلٍ لِلْمَوْطُوءَتَيْنِ، تُعْطَى كُلُّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَيَقِفُ الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا، وَيَبْقَى مُسَمَّيَانِ وَنِصْفٌ، يَقِفُ أَحَدَهُمَا بَيْنَ الثَّلَاثِ اللَّاتِي لَمْ يُوطَأْنَ، وَآخَرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالِاثْنَتَيْنِ، وَالْمِيرَاثُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ، فِي مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَبَتَّ طَلَاقَ إحْدَاهُنَّ، ثُمَّ نَكَحَ خَامِسَةً، وَمَاتَ وَلَمْ يُدْرَ أَيَّتَهُنَّ طَلَّقَ، فَلِلْخَامِسَةِ رُبُعُ الْمِيرَاثِ، وَلِلْأَرْبَعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بَيْنَهُنَّ
وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ. وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ نِكَاحِ الْخَامِسَةِ: إحْدَى نِسَائِي طَالِقٌ. ثُمَّ نَكَحَ سَادِسَةً، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ، فَلِلسَّادِسَةِ رُبُعُ الْمِيرَاثِ، وَلِلْخَامِسَةِ رُبُعُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْبَاقِي، وَمَا بَقِيَ بَيْنَ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ أَرْبَاعًا. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ الطَّلَاق الرُّجْعَى لَا يَسْقُط التَّوَارُث بَيْنَهُمَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ]
فَصْلٌ: فِي الطَّلَاقِ. إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فِي عِدَّتِهَا، لَمْ يَسْقُطْ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا، مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ. بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم. وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ، وَيَمْلِكُ إمْسَاكَهَا بِالرَّجْعَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَلَا صَدَاقٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ طَلَاقًا
بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، فَبَانَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، لَمْ يَتَوَارَثَا إجْمَاعًا
وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ فِي عِدَّتِهَا، وَرِثَتْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا إنْ مَاتَتْ. يُرْوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما. وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ، وَشُرَيْحٌ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَمَالِكٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي الْقَدِيمِ
وَرُوِيَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدُ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ، فَلَا تَرِثُ، كَالْبَائِنِ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا، وَلِأَنَّ أَسْبَابَ الْمِيرَاثِ مَحْصُورَةٌ فِي رَحِمٍ وَنِكَاحٍ وَوَلَاءٍ، وَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ. وَلَنَا، أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَرَّثَ تُمَاضِرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ فَبَتَّهَا. وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا
وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ عَلِيٍّ وَلَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ خِلَافٌ فِي هَذَا، بَلْ قَدْ رَوَى عُرْوَةُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَئِنْ مِتّ لَأُوَرِّثَنَّهَا مِنْك. قَالَ: قَدْ عَلِمْت ذَلِكَ. وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ إنْ صَحَّ، فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَلِأَنَّ هَذَا قَصَدَ قَصْدًا فَاسِدًا فِي الْمِيرَاثِ، فَعُورِضَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، كَالْقَاتِلِ الْقَاصِدِ اسْتِعْجَالَ الْمِيرَاثِ يُعَاقَبُ بِحِرْمَانِهِ
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا طَلَّقَهَا الْمَرِيضُ، أَنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّة، وَبَعْدَهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ. وَهُوَ قَوْلُ الْبَتِّيِّ، وَحُمَيْدٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَصْحَابِ الْحَسَنِ، وَمَالِكٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَذُكِرَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، لَمَّا رَوَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَ أُمَّهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَمَاتَ، فَوَرِثَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
وَلِأَنَّ سَبَبَ تَوْرِيثِهَا فِرَارُهُ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرِثُ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: يَلْزَمُ مَنْ قَالَ: لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ مُطَلَّقَاتِهِ. أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، أَنَّ الثَّمَانِيَ يَرِثْنَهُ كُلَّهُنَّ، فَيَكُونُ مُسْلِمًا يَرِثُهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَوْرِيثُ ثَمَانٍ، وَتَوْرِيثُهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ قَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ: لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ لَهَا
وَهَذِهِ كَذَلِكَ فَلَا تَرِثُ. وَهَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ؛ لِأَنَّهَا تُبَاحُ لِزَوْجٍ آخَرَ، فَلَمْ تَرِثْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، وَلِأَنَّ تَوْرِيثَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ يُفْضِي إلَى تَوْرِيثِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ، وَإِنْ تَزَوَّجْت الْمَبْتُوتَةُ لَمْ تَرِثْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي