الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا الْمِيرَاثَ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَلَدِ. وَالْحَقُّ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ، فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ فِي بِنْتٍ، وَبِنْتِ ابْنٍ، وَأُخْتٍ: لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَاحْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُخْتَ لَا يُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ مَعَ الْوَلَدِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، فَإِنَّ مَا تَأْخُذُ مَعَ الْبِنْتِ لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّعْصِيبِ، كَمِيرَاثِ الْأَخِ. وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى ثُبُوتِ مِيرَاثِ الْأَخِ مَعَ الْوَلَدِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] . وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُط الْأَخُ؛ لِاشْتِرَاطِهِ فِي تَوْرِيثِهِ مِنْهَا عَدَمَ وَلَدِهَا، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْمُبِينُ لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لِلْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ، وَبِنْتِ الِابْنِ الْبَاقِيَ عَنْ فَرْضِهِمَا، وَهُوَ الثُّلُثُ، وَلَوْ كَانَتْ ابْنَتَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ، لَسَقَطَتْ بِنْتُ الِابْنِ، وَكَانَ لِلْأُخْتِ الْبَاقِي، وَهُوَ الثُّلُثُ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُمٌّ فَلَهَا السُّدُسُ، وَيَبْقَى لِلْأُخْتِ السُّدُسُ. فَإِنْ كَانَ بَدَلُ الْأُمِّ زَوْجٌ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ، وَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَبَقِيَ لِلْأُخْتِ نِصْفُ السُّدُسِ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُمٌّ، عَالَتْ الْمَسْأَلَةُ، وَسَقَطَتْ الْأُخْتُ.
[مَسْأَلَةٌ مِيرَاث بَنَاتُ الِابْن]
(4818)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَبَنَاتُ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَنَاتٌ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بَنَاتِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ فِي إرْثِهِنَّ، وَحَجْبِهِنَّ لِمَنْ يَحْجُبُهُ الْبَنَاتُ، وَفِي جَعْلِ الْأَخَوَاتِ مَعَهُنَّ عُصُبَاتٌ، وَفِي أَنَّهُنَّ إذَا اسْتَكْمَلْنَ الثُّلُثَيْنِ سَقَطَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ بَنَاتُ الِابْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] . وَوَلَدُ الْبَنِينَ أَوْلَادٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] يُخَاطِبُ بِذَلِكَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] يُخَاطِبُ بِذَلِكَ مَنْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا
…
بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ.
[مَسْأَلَةٌ فَرْضَ الِابْنَتَيْنِ]
(4819)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ كُنَّ بَنَاتٌ وَبَنَاتُ ابْنٍ، فَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ، وَلَيْسَ لِبَنَاتِ الِابْنِ شَيْءٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فَيَعْصِبهُنَّ فِيمَا بَقِيَ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ، إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ فَرْضَهُمَا النِّصْفُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] . فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ لَيْسَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَخِي سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ:" أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ " وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَخَوَاتِ: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] . وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرِثُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ النِّصْفَ فَلِلِاثْنَتَيْنِ مِنْهُمْ الثُّلُثَانِ، كَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ، وَكُلُّ عَدَدٍ يَخْتَلِفُ فَرْضُ وَاحِدِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ فَلِلِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ مِثْلُ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ، كَوَلَدِ الْأُمِّ، وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ مِنْ الْأَبِ، فَأَمَّا الثَّلَاثُ مِنْ الْبَنَاتِ فَمَا زَادَ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ فَرَضَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَأَنَّهُ ثَابِتٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] . وَاخْتُلِفَ فِيمَا ثَبَتَ بِهِ فَرْضُ الِابْنَتَيْنِ، فَقِيلَ: ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَالتَّقْدِيرُ، فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً اثْنَتَيْنِ، وَفَوْقَ صِلَةٌ، كَقَوْلِهِ:{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12] . أَيْ اضْرِبُوا الْأَعْنَاقَ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِين نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، أَرْسَلَ إلَى أَخِي سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ:" أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ ". وَهَذَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ، وَبَيَانٌ لِمَعْنَاهَا، وَاللَّفْظُ إذَا فُسِّرَ كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِالْمُفَسَّرِ لَا بِالتَّفْسِيرِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ قِصَّةُ بِنْتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَسُؤَالُ أُمِّهِمَا عَنْ شَأْنِهِمَا فِي مِيرَاثِ أَبِيهِمَا. وَقِيلَ: بَلْ ثَبَتَ بِهَذِهِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ. وَقِيلَ: بَلْ ثَبَتَ بِالتَّنْبِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَقِيلَ: بَلْ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ. وَقِيلَ: بِالْقِيَاسِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا حُكْمٌ قَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ، وَتَوَارَدَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كُلُّهَا، فَلَا يَضُرُّنَا أَيُّهَا أَثْبَتَهُ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بَنَاتِ الصُّلْبِ مَتَى اسْتَكْمَلْنَ الثُّلُثَيْنِ، سَقَطَ بَنَاتُ الِابْنِ، مَا لَمْ يَكُنْ بِإِزَائِهِنَّ، أَوْ أَسْفَلِ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ يَعْصِبُهُنَّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ لِلْأَوْلَادِ إذَا كَانُوا نِسَاءً إلَّا الثُّلُثَيْنِ، قَلِيلَاتٍ كُنَّ أَوْ كَثِيرَاتٍ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَخْرُجْنَ عَنْ كَوْنِهِنَّ نِسَاءً مِنْ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ ذَهَبَ الثُّلُثَانِ لِوَلَدِ الصُّلْبِ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُنَّ شَيْءٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُشَارِكْنَ بَنَاتِ الصُّلْبِ؛ لِأَنَّهُنَّ دُونَ دَرَجَتِهِنَّ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ ابْنٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ، كَأَخِيهِنَّ، أَوْ ابْنِ عَمِّهِنَّ، أَوْ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ كَابْنِ أَخِيهِنَّ، أَوْ ابْنِ ابْنِ عَمِّهِنَّ، أَوْ ابْنِ ابْنِ