الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ]
(4973)
فَصْلٌ: فِي مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ، وَهُوَ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ الْهَلَاكُ، وَهُوَ مَنْ يُفْقَدُ فِي مَهْلَكَةٍ، كَاَلَّذِي يُفْقَدُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، وَقَدْ هَلَكَ جَمَاعَةٌ، أَوْ فِي مَرْكَبٍ انْكَسَرَ، فَغَرِقَ بَعْضُ أَهْلِهِ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ يَهْلَكُ فِيهَا النَّاسُ، أَوْ يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ، أَوْ يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ أَوْ لِحَاجَةِ قَرِيبَةٍ، فَلَا يَرْجِعُ، وَلَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ، فَهَذَا يُنْتَظَرُ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَبَرٌ، قُسِّمَ مَالُهُ، وَاعْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُقَسِّمُ مَالُهُ، حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يُبَاحُ لِامْرَأَتِهِ التَّزَوُّجُ فِيهِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْوَفَاةِ، فَإِذَا حُكِمَ بِوَفَاتِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْوُقُوفِ عَنْ قَسْمِ مَالِهِ. وَإِنْ مَاتَ لِلْمَفْقُودِ مَنْ يَرِثُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِوَفَاتِهِ، وُقِفَ لِلْمَفْقُودِ نَصِيبُهُ مِنْ مِيرَاثِهِ، وَمَا يَشُكُّ فِي مُسْتَحِقِّهِ، وَقُسِمَ بَاقِيهِ؛ فَإِنْ بَانَ حَيًّا، أَخَذَهُ، وَرُدَّ الْفَضْلُ إلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ، دُفِعَ نُصِيبُهُ مَعَ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ.
وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا حِينَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ، رُدَّ الْمَوْقُوفُ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ، رُدَّ أَيْضًا إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي حَيَاتِهِ حِينَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ، فَلَا نُوَرِّثُهُ مَعَ الشَّكِّ، كَالْجَنِينِ الَّذِي يُسْقَطَ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَاتَ، وَلَمْ يَدْرِ مَتَى مَاتَ. وَلَمْ يُفَرِّقْ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ سَائِرِ صُورِ الْفِقْدَانِ فِيمَا عَلِمْنَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ رضي الله عنهما، فِي الْقَدِيمِ، وَافَقَا فِي الزَّوْجَةِ أَنَّهَا تَتَزَوَّجُ خَاصَّةً
وَالْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ مِثْلُ قَوْلِ الْبَاقِينَ، فَأَمَّا مَالُهُ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ فِي مِثْلِهَا، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الصُّورَةِ الْأُخْرَى، إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مَفْقُودٌ لَا يَتَحَقَّقُ مَوْتُهُ، فَأَشْبَهَ التَّاجِرَ وَالسَّائِحَ. وَلَنَا، اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْعَدَدِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ، فَفِي الْمَالِ أَوْلَى وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ هَلَاكُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ فِي مِثْلِهَا
النَّوْعُ الثَّانِي، مَنْ لَيْسَ الْغَالِبُ هَلَاكَهُ، كَالْمُسَافِرِ لِتِجَارَةٍ، أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ، أَوْ سِيَاحَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يُقَسَّمُ مَالُهُ، وَلَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ مَوْتُهُ، أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ مِثْلَهَا، وَذَلِكَ مَرْدُودٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَيَاتُهُ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلَا تَوْقِيفَ هَاهُنَا، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ عَنْهُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بِهِ تَمَامُ تِسْعِينَ سَنَةً مَعَ سَنَةِ يَوْمَ فُقِدَ. وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ؛
لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُنْتَظَرُ بِهِ إلَى تَمَامِ سَبْعِينَ سَنَةً مَعَ سَنَةِ يَوْمَ فُقِدَ. وَلَعَلَّهُ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ وَالسِّتِّينَ» . أَوْ كَمَا قَالَ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَأَشْبَهَ التِّسْعِينَ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: يُنْتَظَرُ بِهِ تَمَامُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: وَلَوْ فُقِدَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَهُ مَالٌ، لَمْ يُقَسَّمْ مَالُهُ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً أُخْرَى، فَيَكُونُ لَهُ مَعَ سَنَةِ يَوْمَ فُقِدَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، فَيُقَسَّمُ مَالُهُ حِينَئِذٍ بَيْنَ وَرَثَتِهِ إنْ كَانُوا أَحْيَاءً، وَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ قَبْلَ مُضِيِّ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَخَلَّفَ وَرَثَةً لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ، وَكَانَ مَالُهُ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَيُوقَفُ لِلْمَفْقُودِ حِصَّتُهُ مِنْ مَالِ مَوْرُوثِهِ الَّذِي مَاتَ فِي مُدَّةِ الِانْتِظَارِ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُ الْمَفْقُودِ رُدَّ الْمَوْقُوفُ إلَى وَرَثَةِ مَوْرُوثِ الْمَفْقُودِ، وَلَمْ يَكُنْ لِوَرَثَةِ الْمَفْقُودِ
قَالَ اللُّؤْلُؤِيُّ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَحَكَى الْخَبْرِيُّ عَنْ اللُّؤْلُؤِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الْمَوْقُوفَ لِلْمَفْقُودِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ. قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنِ اللَّبَّانِ عَنْ اللُّؤْلُؤِيِّ، فَقَالَ: لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ قَبْلَ تَمَامَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِيَوْمِ، أَوْ بَعْدَ فَقْدِهِ بِيَوْمِ، وَتَمَّتْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، لَمْ تُوَرَّثْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَمْ نُوَرِّثْهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّنَا لَا نَعْلَمُ أَيَّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا
وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْغَرْقَى: إنَّهُ لَا يُوَرَّثُ أَحَدُهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ، وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ الْأَحْيَاءَ مِنْ وَرَثَتِهِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمَفْقُودَ إلَّا الْأَحْيَاءُ مِنْ وَرَثَتِهِ يَوْمَ قَسْمِ مَالِهِ، لَا مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ بِيَوْمٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْ مَاتَ وَفِي وَرَثَتِهِ مَفْقُودٌ فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، عَلَى أَنَّهُ يُعْطَى كُلُّ وَارِثٍ مِنْ وَرَثَتِهِ الْيَقِينَ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ
، فَتَعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ، ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَتَضْرِبُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا، أَوْ فِي وَقْفِهِمَا إنْ اتَّفَقَتَا، وَتَجْتَزِئُ إحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا، أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا، وَتُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، وَمَنْ لَا يَرِثُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا لَا تُعْطِيهِ شَيْئًا، وَتَقِفُ الْبَاقِيَ. وَلَهُمْ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا زَادَ عَلَى نَصِيبِ الْمَفْقُودِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْوَنِّيُّ، وَقَالَ: لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يَنْقُصَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، وَهِيَ مُتَيَقَّنَةٌ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: لَك أَنْ تُصَالِحَ عَلَى بَعْضِهِ
بَلْ إنْ جَازَ ذَلِكَ، فَالْأَوْلَى أَنْ نُقَسِّمَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَيَاةِ، وَنَقِفُ نَصِيبَ الْمَفْقُودِ لَا غَيْرُ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ الزَّائِدَ عَنْ نَصِيبِ الْمَفْقُودِ مِنْ الْمَوْقُوفِ مَشْكُوكٌ فِي مُسْتَحِقِّهِ، وَيَقِينُ الْحَيَاةِ مُعَارِضٌ بِظُهُورِ الْمَوْتِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَرَّثَ كَالزَّائِدِ عَنْ الْيَقِينِ فِي مَسَائِلِ الْحَمْلِ وَالِاسْتِهْلَالِ، وَيَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ الْمَوْجُودِينَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ، لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، وَإِبَاحَةُ الصُّلْحِ عَلَيْهِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ وَقْفِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ، وَوُجُوبُ وَقْفِهِ
لَا يَمْنَعُ الصُّلْحَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ تَجْوِيزَ أَخْذِ الْإِنْسَانِ حَقَّ غَيْرِهِ بِرِضَاهُ وَصُلْحِهِ، لَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ أَخْذِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
وَظَاهِرُ قَوْلِ الْوَنِّيِّ هَذَا أَنْ تُقَسَّمَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ، وَيَقِفَ نَصِيبَهُ لَا غَيْرُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَحَقِّقُونَ، وَالْمَفْقُودُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يُوَرَّثُ مَعَ الشَّكِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ، فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَّفَ ابْنَتَيْهِ، وَابْنَ ابْنٍ، أَبُوهُ مَفْقُودٌ، وَالْمَالُ فِي يَدِ الِابْنَتَيْنِ، فَاخْتَصَمُوا إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَوِّلَ الْمَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَلَا يَقِفَ مِنْهُ شَيْئًا، سَوَاءٌ اعْتَرَفَتْ الِابْنَتَانِ بِفَقْدِهِ، أَوْ ادَّعَتَا مَوْتَهُ
وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ ابْنِ الْمَفْقُودِ، لَمْ يُعْطَ الِابْنَتَانِ إلَّا النِّصْفَ أَقَلَّ مَا يَكُونُ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ، فَأَقَرَّ بِأَنَّ الِابْنَ مَفْقُودٌ، وُقِفَ لَهُ النِّصْفُ فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ: قَدْ مَاتَ الْمَفْقُودُ، لَزِمَهُ دَفْعُ الثُّلُثَيْنِ إلَى الْبِنْتَيْنِ، وَيُوقَفُ الثُّلُثُ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ ابْنُ الِابْنِ بِمَوْتِ أَبِيهِ، فَيُدْفَعَ إلَيْهِ الْبَاقِي. وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ وَأَخٌ مَفْقُودٌ، مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ، مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةِ، وَمَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهُمَا يَتَّفِقَانِ بِالْأَتْسَاعِ
، فَتَضْرِبُ تُسْعَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، تَكُنْ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، وَالثُّلُثُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، فَيُعْطَى الثُّلُثَ، وَلِلْأُمِّ التُّسْعَانِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَالسُّدُسُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَتُعْطَى السُّدُسَ، وَلِلْجَدِّ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَتِسْعَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَيَأْخُذُ التِّسْعَةَ، وَلِلْأُخْتِ ثَمَانِيَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَتَأْخُذُ ثَلَاثَةً، وَيَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْقُوفَةً، إنْ بَانَ أَنَّ الْأَخَ حَيٌّ، وَأَخَذَ سِتَّةً، وَأَخَذَ الزَّوْجُ تِسْعَةً، وَإِنْ بَانَ مَيِّتًا، أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ قُدُومِهِ، أَخَذَتْ الْأُمُّ ثَلَاثَةً، وَالْأُخْتُ خَمْسَةً، وَالْجَدُّ سَبْعَةً
وَاخْتَارَ الْخَبْرِيُّ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا مَضَتْ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ، أَنْ يُقَسَّمَ نَصِيبُهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى وَرَثَتِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِحَيَاتِهِ، لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ مَالٌ مَوْقُوف لِمَنْ يُنْتَظَرُ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ حَالُهُ، فَإِذَا لَمْ تَتَبَيَّنْ حَيَاتُهُ، لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ، كَالْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ، وَلِلْمُورِثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى التِّسْعَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ مَفْقُودَتَانِ
مَسْأَلَةُ حَيَاتِهِمَا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي حَيَاةِ إحْدَاهُمَا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَفِي مَوْتِهِمَا مِنْ سِتَّةٍ، فَتَضْرِبُ ثُلُثَ السِّتَّةِ فِي خَمْسَةَ عَشْرَ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ، تَكُنْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ، ثُمَّ تُعْطِي الزَّوْجَ وَالْأَبَوَيْنِ حُقُوقَهُمْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ مَضْرُوبًا فِي اثْنَيْنِ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةَ عَشْرَ، وَتَقِفُ الْبَاقِي. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ مَفْقُودُونَ، عَمِلْت لَهُمْ أَرْبَعَ مَسَائِلَ. وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً عَمِلْت لَهُمْ مَسَائِلَ. وَعَلَى هَذَا. وَإِنْ كَانَ الْمَفْقُودُ يَحْجُبُ وَلَا يَرِثُ، كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ مِنْ أَبٍ وَأَخٍ لَهَا مَفْقُودٍ، وَقَفْت السُّبْعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ
وَقِيلَ: