الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ خَلَّفَ الْمَيِّتُ بِنْتَ مَوْلَاهُ وَمَوْلَى أَبِيهِ]
(5025)
فَصْلٌ: إذَا خَلَّفَ الْمَيِّتُ بِنْتَ مَوْلَاهُ وَمَوْلَى أَبِيهِ، فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ مِنْ جِهَةِ مُبَاشَرَتِهِ بِالْعِتْقِ، لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِ أَبِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهُ إلَّا بِنْتٌ لَمْ تَرِثْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَصَبَةً، وَإِنَّمَا يَرِثُ عُصُبَاتُ الْمَوْلَى، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ، لَمْ يَرْجِعْ إلَى مُعْتِقِ أَبِيهِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مُعْتِقُ أَبٍ أَوْ مُعْتِقُ جَدٍّ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ مُعْتِقًا، فَمِيرَاثُهُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ إنْ كَانَ ابْنَ مُعْتِقِهِ، ثُمَّ لِعَصَبَةِ مُعْتِقِ أَبِيهِ، ثُمَّ لِمُعْتِقِ مُعْتِقِ أَبِيهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَلِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى مُعْتِقِ جَدِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةَ الْأَصْلِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ شَيْءٌ.
[فَصْلٌ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا وَأَبَوَاهَا رَقِيقَانِ أَعْتَقَ إنْسَانٌ أَبَاهَا]
(5026)
فَصْلٌ: امْرَأَةٌ حُرَّةٌ لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا، وَأَبَوَاهَا رَقِيقَانِ، أَعْتَقَ إنْسَانٌ أَبَاهَا، وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ كُفَّارًا، فَتُسْلِمَ هِيَ وَيُسْبَى أَبَوَاهَا فَيَسْتَرِقَّانِ. الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ أَبُوهَا عَبْدًا تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْهَا، ثُمَّ مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ مُعْتِقَ أَبِيهَا، لَمْ يَرِثْهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ بِالْوَلَاءِ، وَهَذِهِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ عَبْدٌ حُرَّةَ الْأَصْلِ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، ثُمَّ أُعْتِقْ الْعَبْدُ، وَمَاتَ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ، فَلَا مِيرَاثَ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ، لِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ ابْنَتَانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، اشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا أَبَاهَا، فَعَتَقَ عَلَيْهَا، فَلَهَا وَلَاؤُهُ، وَلَيْسَ لَهَا وَلَاءٌ عَلَى أُخْتِهَا، فَإِذَا مَاتَ أَبُوهُمَا، فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ، وَلَهَا الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ، فَإِذَا مَاتَتْ أُخْتُهَا، فَلَهَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا بِالنَّسَبِ، وَبَاقِيهِ لِعَصَبَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ، فَالْبَاقِي لِأُخْتِهَا بِالرَّدِّ، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهَا بِالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا.
[فَصْلٌ لَا يَرِثُ مِنْ أَقَارِبِ الْمُعْتِقِ ذُو فَرْضٍ مُنْفَرِدٍ]
(5027)
فَصْلٌ: وَلَا يَرِثُ مِنْ أَقَارِبِ الْمُعْتِقِ ذُو فَرْضٍ مُنْفَرِدٍ، كَالْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَالزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْعَصَبَاتِ، وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ عَصَبَاتٍ، فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ النِّسَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ، أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ، إلَّا أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَرِثُ مَنْ أَعْتَقَ ابْنُهَا وَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ الْمُلَاعَنَةَ عَصَبَةُ ابْنِهَا، وَهِيَ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ عَصَبَتِهَا، فَتَرِثُ لِكَوْنِهَا عَصَبَةً قَائِمَةً مَقَامَ أَبِيهِ، فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِعَصَبَتِهَا.
[مَسْأَلَةٌ الْمَوْلَى الْعَتِيقَ إذَا لَمْ يَخْلُف مِنْ نَسَبِهِ مَنْ يَرِثُ مَالَهُ]
(5028)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْوَلَاءُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْلَى الْعَتِيقَ إذَا لَمْ يَخْلُفْ مِنْ نَسَبِهِ مَنْ يَرِثُ مَالَهُ، كَانَ مَالُهُ لِمَوْلَاهُ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ.
فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ مَيِّتًا، فَهُوَ لِأَقْرَبِ عَصَبَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ وَلَدًا أَوْ أَبًا، أَوْ أَخًا أَوْ عَمًّا، أَوْ ابْنَ عَمٍّ أَوْ عَمَّ أَبٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتَقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مِنْ نَسَبِهِ، كَانَ الْمِيرَاثُ لِمَوْلَاهُ ثُمَّ لِعَصَبَاتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، ثُمَّ لِمَوْلَاهُ، وَكَذَلِكَ أَبَدًا رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه. وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ ابْنَهَا وَأَخَاهَا، أَوْ ابْنَ أَخِيهَا، أَنَّ مِيرَاثَ مَوَالِيهَا لِأَخِيهَا وَابْنِ أَخِيهَا، دُونَ ابْنِهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ إلَى مِثْلِ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، فَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ: اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ فِي مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ عَلِيُّ: أَنَّا أَحَقُّ بِهِمْ، أَنَا أَرِثُهُمْ وَأَعْقِلُ عَنْهُمْ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: هُمْ مَوَالِي أُمِّيِّ، وَأَنَا أَرِثُهُمْ. فَقَضَى عُمَرُ لِلزُّبَيْرِ بِالْمِيرَاثِ، وَالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ الضَّبِّيُّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَقَالَ: ثنا هُشَيْمٌ. ثنا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَضَى بِوَلَاءِ مَوَالِي صَفِيَّةَ لِلزُّبَيْرِ دُونَ الْعَبَّاسِ وَقَضَى عُمَرُ فِي مَوَالِي أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ لِأَبِيهَا جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ دُونَ عَلِيٍّ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، «، أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ، وَتَرَكَتْ ابْنًا لَهَا وَأَخَاهَا. ثُمَّ تُوُفِّيَ مَوْلَاهَا مِنْ بَعْدِهَا، فَأَتَى أَخُو الْمَرْأَةِ وَابْنُهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِيرَاثِهِ، فَقَالَ عليه السلام: مِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ. فَقَالَ أَخُوهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَرَّ جَرِيرَةً كَانَتْ عَلَيَّ، وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِهَذَا قَالَ: نَعَمْ.» وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمَوْلَى أَخٌ فِي الدِّينِ، وَمَوْلَى النِّعْمَةِ يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُعْتِقِ.» إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ الْمُعْتَقَةَ إذَا مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ ابْنَهَا وَأَخَاهَا أَوْ ابْنَ أَخِيهَا، ثُمَّ مَاتَ مَوْلَاهَا، فَمِيرَاثُهُ لِابْنِهَا، وَإِنْ مَاتَ ابْنُهَا بَعْدَهَا وَقَبْلَ مَوْلَاهَا، وَتَرَكَتْ عَصَبَةً، كَأَعْمَامِهِ وَبَنِي أَعْمَامِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، وَتَرَكَ أَخَا مَوْلَاتِهِ وَعَصَبَةِ ابْنِهَا، فَمِيرَاثُهُ لِأَخِي مَوْلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ لَوَرِثَهَا أَخُوهَا وَعَصَبَتُهَا، فَإِنْ انْقَرَضَ عَصَبَتُهَا، كَانَ بَيْتُ الْمَالِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ عَصَبَةِ أَبِيهَا، وَيُرْوَى نَحْوُ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ. وَبِهِ قَالَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لِعَصَبَةِ الِابْنِ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ. وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ كَمَا يُورَثُ الْمَالُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ نَحْوُ هَذَا وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رِئَابَ بْنَ حُذَيْفَةَ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلَاثَةَ غِلْمَةٍ، فَمَاتَتْ أُمُّهُمْ، فَوَرِثُوا عَنْهَا وَلَاءَ مَوَالِيهَا، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَصَبَةُ بَنِيهَا، فَأَخْرَجَهُمْ إلَى الشَّامِّ، فَمَاتُوا، فَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَمَاتَ مَوْلَاهَا، وَتَرَكَ