الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَهُ خُمُسُ التَّرِكَةِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثُلُثَا خُمُسِ الْمَسْأَلَةِ، فَلَهُ ثُلُثَا الثَّمَانِيَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبِنْتَيْنِ مِثْلُ مَا لِلْأَبَوَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَإِنْ شِئْت ضَرَبْت سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ فِي التَّرِكَةِ، وَقَسَمْت ذَلِكَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ نَصِيبُهُ، وَإِنْ شِئْت قَسَمْت التَّرِكَةَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ ضَرَبْت الْخَارِجَ بِالْقَسْمِ فِي سِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ، فَمَا بَلَغَ فَهُوَ لَهُ.
وَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَدَدًا أَصَمَّ، عَمِلْت بِإِحْدَى هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي السِّهَامِ كَسْرٌ، بَسَطْتهَا مِنْ جِنْسِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْقَسْمِ عَلَى قَرَارِيطِ الدِّينَارِ. وَلَك فِي قَسْمِ التَّرِكَةِ فِي مَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ، أَنْ تَقْسِمَ التَّرِكَةَ أَوْ الْقَرَارِيطَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَمَا حَصَلَ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي، قَسَمْته عَلَى مَسْأَلَتِهِ، ثُمَّ تَفْعَلُ بِالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَمَا بَعْدَهُمَا كَذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَالتَّرِكَةِ مُوَافَقَةٌ، فَخُذْ وَفْقَيْهِمَا، وَاعْمَلْ بِهِمَا مَا ذَكَرْنَا.
[فَصْلٌ كَانَتْ التَّرِكَة سِهَامًا مِنْ عَقَارٍ]
(4854)
فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ سِهَامًا مِنْ عَقَارٍ، فَاضْرِبْ أَصْلَ سِهَامِ الْعَقَارِ فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ، فَمَا بَلَغَ فَهُوَ سِهَامُ الْعَقَارِ، وَاضْرِبْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي السِّهَامِ الْمَوْرُوثَةِ مِنْ الْعَقَارِ، وَاضْرِبْ سِهَامَ الشُّرَكَاءِ فِي أَصْلِ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ. وَمِثَالُ ذَلِكَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ، وَالتَّرِكَةُ رُبُعٌ، وَسُدُسُ دَارٍ، الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَأَصْلُ سِهَامِ الْعَقَارِ اثْنَا عَشَرَ، فَاضْرِبْهَا فِي الثَّمَانِيَةِ، تَكُنْ سِتَّةً وَتِسْعِينَ، فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ مَسْأَلَةٍ مَضْرُوبَةٌ فِي السِّهَامِ الْمَوْرُوثَةِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ، تَكُنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِلْأُخْتِ كَذَلِكَ، فَانْسُبْهَا مِنْ الدَّارِ.
تَكُنْ ثُمُنَهَا وَرُبُعَ ثُمُنِهَا، وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ فِي خَمْسَةٍ، تَكُنْ عَشَرَةً، وَهِيَ نِصْفُ سُدُسِ الدَّارِ، وَثُمُنُ سُدُسِهَا. وَإِنْ شِئْت قُلْت: هِيَ نِصْفُ ثُمُنِهَا، وَثُلُثُ ثُمُنِهَا. وَإِنْ شِئْت بَسَطْت الرُّبُعَ وَالسُّدُسَ مِنْ قَرَارِيطِ الدِّينَارِ، وَهِيَ عَشْرَةٌ، وَقَسَمْتهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ، فَلِلْأُمِّ رُبُعُهَا، وَهُوَ قِيرَاطَانِ وَنِصْفٌ، وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهَا، وَهِيَ ثَلَاثَةُ قَرَارِيطَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيرَاطٍ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ.
[مَسْأَلَةٌ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ]
(4855)
مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَيُرَدُّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ، إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ. وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا إلَّا ذَوِي فُرُوضٍ، وَلَا يَسْتَوْعِبُ الْمَالَ، كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ، فَإِنَّ الْفَاضِلَ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ فُرُوضِهِمْ، إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم.
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَشُرَيْحٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ.
وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ فِي الْأَمْصَارِ، إلَّا أَنَّهُ يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرُدُّ عَلَى بِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتٍ، وَلَا عَلَى أُخْتٍ مِنْ أَبٍ مَعَ أُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، وَلَا عَلَى جَدَّةٍ مَعَ ذِي سَهْمٍ وَرَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى وَلَدٍ مَعَ الْأُمِّ، وَلَا عَلَى الْجَدِّ مَعَ ذِي سَهْمٍ.
وَاَلَّذِي ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ أَظْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَصَحُّ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي السِّهَامِ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِيمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْفَرِيضَةَ لَوْ عَالَتْ، لَدَخَلَ النَّقْصُ عَلَى الْجَمِيعِ، فَالرَّدُّ يَنْبَغِي أَنْ يَنَالَهُمْ أَيْضًا. فَأَمَّا الزَّوْجَانِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَدَّ عَلَى زَوْجٍ.
وَلَعَلَّهُ كَانَ عَصَبَةً، أَوْ ذَا رَحِمٍ، فَأَعْطَاهُ لِذَلِكَ، أَوْ أَعْطَاهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنَّ أَهْلَ الرَّدِّ كُلَّهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَيَدْخُلُونَ فِي عُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] . وَالزَّوْجَانِ خَارِجَانِ مِنْ ذَلِكَ. وَذَهَبَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إلَى أَنَّ الْفَاضِلَ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى أَحَدٍ فَوْقَ فَرْضِهِ.
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهم؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ فِي الْأُخْتِ:{فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] . وَمَنْ رَدَّ عَلَيْهَا جَعَلَ لَهَا الْكُلَّ، وَلِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْضٍ مُسَمًّى. فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا، كَالزَّوْجِ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] . وَهَؤُلَاءِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَقَدْ تَرَجَّحُوا بِالْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ، فَيَكُونُونَ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
لِأَنَّهُ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَذُو الرَّحِمِ أَحَقُّ مِنْ الْأَجَانِبِ، عَمَلًا بِالنَّصِّ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيَّ» . وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَإِلَيَّ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِلْوَارِثِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا عَامٌ فِي جَمِيعِ الْمَالِ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«تُحْرِزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ، لَقِيطَهَا، وَعَتِيقَهَا، وَالْوَلَدَ الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» . أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ.
فَجَعَلَ لَهَا مِيرَاثَ وَلَدِهَا الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ كُلَّهُ، خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ مِيرَاثُ غَيْرِهَا مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ بِالْإِجْمَاعِ، بَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ، وَلِأَنَّهَا مِنْ وُرَّاثِهِ بِالرَّحِمِ، فَكَانَتْ أَحَقَّ بِالْمَالِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَعَصَبَاتِهِ. فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى:{فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] . فَلَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لَهَا زِيَادَةٌ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] .
لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ السُّدُسُ، وَمَا فَضَلَ عَنْ الْبِنْتِ بِجِهَةِ التَّعْصِيبِ، وَقَوْلُهُ:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] . لَمْ يَنْفِ أَنْ يَكُونَ لِلزَّوْجِ مَا فَضَلَ إذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مَوْلًى، وَكَذَلِكَ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ، وَالْبِنْتُ وَغَيْرُهَا مِنْ ذَوِي