المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القول في السعي بين الصفا والمروة] - بداية المجتهد ونهاية المقتصد - جـ ٢

[ابن رشد الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزكاة]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزكاة مِنَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ فِي مَعْرِفَةُ نصابِ الزكاة]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نصاب الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي نِصَابِ الْإِبِلِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي نِصَابِ الْبَقَرِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي نِصَابِ الْغَنَمِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي نِصَابِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْقَدْرِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي نِصَابِ الْعُرُوضِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ فِي وَقْتِ الزَّكَاةِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الْخَامِسَةُ فِيمَنْ تَجِبُ لَهُ الصَّدَقَةُ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي عَدَدِ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ تَجِبُ لَهُمُ الزَّكَاةُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي صِفَاتُ أهل الزكاة الَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا الصَّدَقَةَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ قَدْرُ مَا يُعْطَى أهل الزكاة منها]

- ‌[كِتَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْم زكاة الفطر]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زكاة الفطر وَعَنْ مَنْ تَجِبُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مِمَّاذَا تَجِبُ زكاة الفطر]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ مَتَّى تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ لِمَنْ تُصْرَفُ زكاة الفطر]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَنْوَاعُ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَرْكَان الصيام]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ في الصيام هو الزَّمَانُ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّانِي في الصيام وَهُوَ الْإِمْسَاكُ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ في الصيام وَهُوَ النِّيَّةُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْفِطْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[قَضَاءُ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ]

- ‌[أَحْكَامُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ في الصيام]

- ‌[أَحْكَامُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ إِذَا أَفْطَرَ]

- ‌[سُنَنُ الصَّوْمِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ الثَّانِي]

- ‌[الصيام الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ]

- ‌[الْأَيَّامُ الْمَنْهِيُّ عَنِ الصِّيَامِ فِيهَا]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ] [

- ‌الْجِنْسُ الْأَوَّلُ مَعْرِفَةُ وُجُوبِ الحج وَشُرُوطِهِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجِنْسِ الثَّانِي أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي شُرُوطِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي مِيقَاتِ الْمَكَانِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي مِيقَاتِ الزَّمَانِ]

- ‌[مَا يَمْنَعُ الْإِحْرَامَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِلْحَلَالِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَنْوَاعِ هَذَا النُّسُكِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

- ‌[الْخُرُوجُ إِلَى عَرَفَةَ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَفْعَالِ الْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجِنْسِ الثَّالِثِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْإِحْصَارِ في الحج]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ جَزَاءِ الصَّيْدِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَحُكْمُ الْحَالِقِ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَلْقِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ الْمُتَمَتِّعِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي فَوَاتِ الْحَجِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا في الحج]

- ‌ الْقَوْلُ فِي الْهَدْيِ

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْحَرْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ الجهاد]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الَّذِينَ يُحَارَبُونَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ مِنَ النِّكَايَةِ بِالْعَدُوِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرْطِ الْحَرْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ عَنْهُمْ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي جَوَازِ الْمُهَادِنَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ لِمَاذَا يُحَارَبُونَ]

- ‌ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْأَنْفَالِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْكُفَّارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَرْضِ عَنْوَةً]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجِزْيَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ ضُرُوبِ الْأَيْمَانِ وَأَحْكَامِهَا] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الْمُبَاحَةِ وَتَمْيِيزِهَا مِنْ غَيْرِهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ اللَّغْوِيَّةِ وَالْمُنْعَقِدَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي تَرْفَعُهَا الْكَفَّارَةُ وَالَّتِي لَا تَرْفَعُهَا]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الرَّافِعَةِ لِلْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَأَحْكَامِهَا]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّظَرُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُؤَثِّرِ فِي الْيَمِينِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ النَّظَرُ فِي الْكَفَّارَاتِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِ الْحِنْثِ وَشُرُوطِهِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي رَافِعِ الْحِنْثِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَتَى تَرْفَعُ الْكَفَّارَةُ الْحِنْثَ وَكَمْ تَرْفَعُ]

- ‌[كِتَابُ النُّذُورِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَصْنَافِ النُّذُورِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا يَلْزَمُ مِنَ النُّذُورِ وَمَا لَا يَلْزَمُ

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الَّذِي يَلْزَمُ عَنْ النذر وَأَحْكَام ذلك]

- ‌[المسألة الأولى الْوَاجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الضَّحَايَا وَمَنِ الْمُخَاطَبُ بِهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَنْوَاعِ الضَّحَايَا وَصِفَاتِهَا وَأَسْنَانِهَا وَعَدَدِهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الذَّبْحِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ لُحُومِ الضَّحَايَا]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الذَّكَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تَكُونُ بِهِ الذَّكَاةُ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شُرُوطِ الذَّكَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ تَجُوزُ تَذْكِيَتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ]

الفصل: ‌[القول في السعي بين الصفا والمروة]

عَائِشَةَ الْمَشْهُورِ.

وَأَمَّا الْمُفْرِدُ لِلْحَجِّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا طَوَافٌ وَاحِدٌ - كَمَا قُلْنَا - يَوْمَ النَّحْرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَارِنِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ: يُجْزِئُ الْقَارِنَ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ، وَعُمْدَتُهُمْ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ. وَرَوَوْا هَذَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُمَا نُسُكَانِ، مِنْ شَرْطِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا انْفَرَدَ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَا.

فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ هَذَا الْفِعْلِ وَصِفَتِهِ وَشُرُوطِهِ وَعَدَدِهِ وَوَقْتِهِ، وَالَّذِي يَتْلُو هَذَا الْفِعْلَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ، أَعْنِي: طَوَافَ الْقُدُومِ - هُوَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَهُوَ الْفِعْلُ الثَّالِثُ لِلْإِحْرَامِ، فَلْنَقُلْ فِيهِ.

[الْقَوْلُ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

ِ، وَالْقَوْلُ فِي السَّعْيِ وَحُكْمِهِ، وَفِي صِفَتِهِ، وَفِي شُرُوطِهِ، وَفِي تَرْتِيبِهِ. الْقَوْلُ فِي حُكْمِهِ أَمَّا حُكْمُهُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ وَاجِبٌ. وَإِنْ لَمْ يَسْعَ كَانَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: هُوَ سُنَّةٌ. وَإِذَا رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ، وَلَمْ يَسْعَ - كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَطَوُّعٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى تَارِكِهِ.

فَعُمْدَةُ مَنْ أَوْجَبَهُ مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْعَى وَيَقُولُ: اسْعَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» . رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمِّلِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أَفْعَالَهُ عليه الصلاة والسلام فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ، إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ مِنْ سَمَاعٍ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ عِنْدَ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ.

وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] . قَالُوا: إِنَّ مَعْنَاهُ أَلَّا يَطُوفَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] مَعْنَاهُ: أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا، وَضَعَّفُوا حَدِيثَ ابْنِ الْمُؤَمِّلِ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: الْآيَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ تَحَرَّجُوا أَنْ يَسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى مَا كَانُوا يَسْعَوْنَ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَوْضِعُ ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْعَوْنَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِبَعْضِ الْأَصْنَامِ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُبِيحَةً لَهُمْ. وَإِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ، أَعْنِي: وَصْلَ السَّعْيِ بِالطَّوَافِ.

ص: 110

2 -

الْقَوْلُ فِي صِفَتِهِ وَأَمَّا صِفَتُهُ فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ سَنَةِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَنْحَدِرَ الرَّاقِي عَلَى الصَّفَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ، فَيَمْشِي عَلَى جِبِلَّتِهِ حَتَّى يَبْلُغَ بَطْنَ الْمَسِيلِ، فَيَرْمُلُ فِيهِ حَتَّى يَقْطَعَهُ إِلَى مَا يَلِي الْمَرْوَةَ.

فَإِذَا انْقَطَعَ ذَلِكَ، وَجَاوَزَهُ - مَشَى عَلَى سَجِيَّتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ، فَيَرْقَى عَلَيْهَا حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ. ثُمَّ يَقُولُ عَلَيْهَا نَحْوًا مِمَّا قَالَهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى الصَّفَا.

وَإِنْ وَقَفَ أَسْفَلَ الْمَرْوَةِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ. ثُمَّ يَنْزِلُ عَنِ الْمَرْوَةِ، فَيَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى بَطْنِ الْمَسِيلِ. فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ رَمَلَ حَتَّى يَقْطَعَهُ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا.

يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، يَبْدَأُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةَ. فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا أُلْغِيَ ذَلِكَ الشَّوْطُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، نَبْدَأُ بِالصَّفَا» . يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] . وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ جَهِلَ، فَبَدَأَ بِالْمَرْوَةَ - أَجْزَأَ عَنْهُ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي وَقْتِ السَّعْيِ قَوْلٌ مَحْدُودٌ؛ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ دُعَاءٍ. وَثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمَلِكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيَدْعُو وَيَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ» .

الْقَوْلُ فِي شُرُوطِهِ وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةَ مِنَ الْحَيْضِ كَالطَّوَافِ سَوَاءٌ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «افْعَلِي كُلَّ مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ، وَلَا تَسْعَيْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» . انْفَرَدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، دُونَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِهِ، إِلَّا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ بِالطَّوَافِ.

الْقَوْلُ فِي تَرْتِيبِهِ وَأَمَّا تَرْتِيبُهُ فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ السَّعْيَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَأَنَّ مَنْ سَعَى قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ يَرْجِعُ فَيَطُوفُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ. فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ فِي الْعُمْرَةِ أَوْ فِي الْحَجِّ كَانَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ، أَوْ عُمْرَةٌ أُخْرَى. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ، وَعَلَيْهِ دَمٌ.

فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي حُكْمِ السَّعْيِ وَصِفَتِهِ وَشُرُوطِهِ الْمَشْهُورَةِ وَتَرْتِيبِهِ.

ص: 111