المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الثاني في حكم الأربعة الأخماس] - بداية المجتهد ونهاية المقتصد - جـ ٢

[ابن رشد الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزكاة]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزكاة مِنَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ فِي مَعْرِفَةُ نصابِ الزكاة]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نصاب الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي نِصَابِ الْإِبِلِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي نِصَابِ الْبَقَرِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي نِصَابِ الْغَنَمِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي نِصَابِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْقَدْرِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي نِصَابِ الْعُرُوضِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ فِي وَقْتِ الزَّكَاةِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الْخَامِسَةُ فِيمَنْ تَجِبُ لَهُ الصَّدَقَةُ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي عَدَدِ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ تَجِبُ لَهُمُ الزَّكَاةُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي صِفَاتُ أهل الزكاة الَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا الصَّدَقَةَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ قَدْرُ مَا يُعْطَى أهل الزكاة منها]

- ‌[كِتَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْم زكاة الفطر]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زكاة الفطر وَعَنْ مَنْ تَجِبُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مِمَّاذَا تَجِبُ زكاة الفطر]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ مَتَّى تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ لِمَنْ تُصْرَفُ زكاة الفطر]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَنْوَاعُ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَرْكَان الصيام]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ في الصيام هو الزَّمَانُ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّانِي في الصيام وَهُوَ الْإِمْسَاكُ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ في الصيام وَهُوَ النِّيَّةُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْفِطْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[قَضَاءُ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ]

- ‌[أَحْكَامُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ في الصيام]

- ‌[أَحْكَامُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ إِذَا أَفْطَرَ]

- ‌[سُنَنُ الصَّوْمِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ الثَّانِي]

- ‌[الصيام الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ]

- ‌[الْأَيَّامُ الْمَنْهِيُّ عَنِ الصِّيَامِ فِيهَا]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ] [

- ‌الْجِنْسُ الْأَوَّلُ مَعْرِفَةُ وُجُوبِ الحج وَشُرُوطِهِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجِنْسِ الثَّانِي أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي شُرُوطِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي مِيقَاتِ الْمَكَانِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي مِيقَاتِ الزَّمَانِ]

- ‌[مَا يَمْنَعُ الْإِحْرَامَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِلْحَلَالِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَنْوَاعِ هَذَا النُّسُكِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

- ‌[الْخُرُوجُ إِلَى عَرَفَةَ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَفْعَالِ الْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجِنْسِ الثَّالِثِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْإِحْصَارِ في الحج]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ جَزَاءِ الصَّيْدِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَحُكْمُ الْحَالِقِ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَلْقِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ الْمُتَمَتِّعِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي فَوَاتِ الْحَجِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا في الحج]

- ‌ الْقَوْلُ فِي الْهَدْيِ

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْحَرْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ الجهاد]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الَّذِينَ يُحَارَبُونَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ مِنَ النِّكَايَةِ بِالْعَدُوِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرْطِ الْحَرْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ عَنْهُمْ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي جَوَازِ الْمُهَادِنَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ لِمَاذَا يُحَارَبُونَ]

- ‌ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْأَنْفَالِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْكُفَّارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَرْضِ عَنْوَةً]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجِزْيَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ ضُرُوبِ الْأَيْمَانِ وَأَحْكَامِهَا] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الْمُبَاحَةِ وَتَمْيِيزِهَا مِنْ غَيْرِهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ اللَّغْوِيَّةِ وَالْمُنْعَقِدَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي تَرْفَعُهَا الْكَفَّارَةُ وَالَّتِي لَا تَرْفَعُهَا]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الرَّافِعَةِ لِلْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَأَحْكَامِهَا]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّظَرُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُؤَثِّرِ فِي الْيَمِينِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ النَّظَرُ فِي الْكَفَّارَاتِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِ الْحِنْثِ وَشُرُوطِهِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي رَافِعِ الْحِنْثِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَتَى تَرْفَعُ الْكَفَّارَةُ الْحِنْثَ وَكَمْ تَرْفَعُ]

- ‌[كِتَابُ النُّذُورِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَصْنَافِ النُّذُورِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا يَلْزَمُ مِنَ النُّذُورِ وَمَا لَا يَلْزَمُ

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الَّذِي يَلْزَمُ عَنْ النذر وَأَحْكَام ذلك]

- ‌[المسألة الأولى الْوَاجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الضَّحَايَا وَمَنِ الْمُخَاطَبُ بِهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَنْوَاعِ الضَّحَايَا وَصِفَاتِهَا وَأَسْنَانِهَا وَعَدَدِهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الذَّبْحِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ لُحُومِ الضَّحَايَا]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الذَّكَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تَكُونُ بِهِ الذَّكَاةُ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شُرُوطِ الذَّكَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ تَجُوزُ تَذْكِيَتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ]

الفصل: ‌[الفصل الثاني في حكم الأربعة الأخماس]

(وَهُوَ سَهْمٌ مَشْهُورٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ شَيْءٌ كَانَ يَصْطَفِيهِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ فَرَسٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ) . وَرُوِيَ أَنَّ صَفِيَّةَ كَانَتْ مِنَ الصَّفِيِّ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّفِيَّ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ: يَجْرِي مَجْرَى سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ]

ِ أَجْمَعَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِلْغَانِمِينَ إِذَا خَرَجُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَارِجِينَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ، وَفِيمَنْ يَجِبُ لَهُ سَهْمُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَمَتَى يَجِبُ، وَكَمْ يَجِبُ، وَفِيمَا يَجُوزُ لَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ؟

فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِلَّذِينِ غَنِمُوهَا، خَرَجُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا خَرَجَتِ السَّرِيَّةُ، أَوِ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ - فَكُلُّ مَا سَاقَ نَفْلٌ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يَأْخُذُهُ كُلَّهُ الْغَانِمُ.

فَالْجُمْهُورُ تَمَسَّكُوا بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَهَؤُلَاءِ كَأَنَّهُمُ اعْتَمَدُوا صُورَةَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ مِنْ ذَلِكَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ السَّرَايَا إِنَّمَا كَانَتْ تَخْرُجُ عَنْ إِذْنهِ عليه الصلاة والسلام، فَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ إِذْنَ الْإِمَامَ شَرْطٌ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَأَمَّا مَنْ لَهُ السَّهْمُ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى الذُّكْرَانِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَضْدَادِهِمْ أَعْنِي: فِي النِّسَاءِ، وَالْعَبِيدِ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الرِّجَالِ مِمَّنْ قَارَبَ الْبُلُوغَ. فَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ لِلْعَبِيدِ، وَلَا لِلنِّسَاءِ حَظٌّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُمْ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُرْضَخُ، وَلَا لَهُمْ حَظُّ الْغَانِمِينَ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ لَهُمْ حَظٌّ وَاحِدٌ مِنَ الْغَانِمِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.

وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُقْسَمُ لَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَمِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُطِيقَ الْقِتَالَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٌ. وَمِنْهُ مَنْ قَالَ: يُرْضَخُ لَهُ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْعَبِيدِ هُوَ هَلْ عُمُومُ الْخِطَابِ يَتَنَاوَلُ الْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ مَعًا؟ أَمِ الْأَحْرَارَ فَقَطْ دُونَ الْعَبِيدِ؟ وَأَيْضًا فَعَمَلُ الصَّحَابَةِ مُعَارِضٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ انْتَشَرَ فِيهِمْ رضي الله عنهم أَنَّ الْغِلْمَانَ لَا سَهْمَ لَهُمْ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُمَا.

ص: 154

قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَصَحُّ مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.

وَإِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُقْسَمُ لَهَا وَيُرْضَخُ بِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الثَّابِتِ، قَالَتْ:«كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُدَاوِي الْجَرْحَى، وَنُمَرِّضُ الْمَرْضَى، وَكَانَ يَرْضَخُ لَنَا مِنَ الْغَنِيمَةِ» .

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَشْبِيهِ الْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ فِي كَوْنِهَا إِذَا غَزَتْ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْحَرْبِ؟ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ مُبَاحٌ لَهُنَّ الْغَزْوُ، فَمَنْ شَبَّهَهُنَّ بِالرِّجَالِ أَوْجَبَ لَهُنَّ نَصِيبًا فِي الْغَنِيمَةِ. وَمَنْ رَآهُنَّ نَاقِصَاتٍ عَنِ الرِّجَالِ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِمَّا لَمْ يُوجِبْ لَهُنَّ شَيْئًا، وَإِمَّا أَوْجَبَ لَهُنَّ دُونَ حَظِّ الْغَانِمِينَ، وَهُوَ الْأَرْضَاخُ، وَالْأَوْلَى اتِّبَاعُ الْأَثَرِ. وَزَعَمَ الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ بِخَيْبَرَ.

وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي التُّجَّارِ وَالْأُجَرَاءِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُمْ؟ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يُسْهَمُ إِذَا شَهِدُوا الْقِتَالَ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ تَخْصِيصُ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] بِالْقِيَاسِ الَّذِي يُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَسَائِرِ الْغَانِمِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ رَأَى أَنَّ التُّجَّارَ وَالْأُجَرَاءَ حُكْمُهُمْ حُكْمُ خِلَافِ سَائِرِ الْمُجَاهِدِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا الْقِتَالَ، وَإِنَّمَا قَصَدُوا إِمَّا التِّجَارَةَ وَإِمَّا الْإِجَارَةَ - اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعُمُومَ أَقْوَى مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ أَجْرَى الْعُمُومَ عَلَى ظَاهِرِهِ.

وَمِنْ حُجَّةِ مَنِ اسْتَثْنَاهُمْ مَا خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَوَعَدَهُ. فَلَمَّا حَضَرَ الْخُرُوجُ دَعَاهُ فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ، وَاعْتَذَرَ لَهُ بِأَمْرِ عِيَالهِ وَأَهْلِهِ، فَأَعْطَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ. فَلَمَّا هَزَمُوا الْعَدُوَّ سَأَلَ الرَّجُلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَغْنَمِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَأَذْكُرُ أَمْرَكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " تِلْكَ الثَّلَاثَةُ دَنَانِيرَ حَظُّهُ وَنَصِيبُهُ مِنْ غَزْوِهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ» . وَخَرَّجَ مِثْلَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ.

وَمَنْ أَجَازَ لَهُ الْقَسْمَ شَبَّهَهُ بِالْجَعَائِلِ أَيْضًا، وَهُوَ أَنْ يُعِينَ أَهْلُ الدِّيوَانِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَعْنِي: يُعِينُ الْقَاعِدُ مِنْهُمُ الْغَازِيَ.

ص: 155

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَعَائِلِ، فَأَجَازَهَا مَالِكٌ، وَمَنَعَهَا غَيْرُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ مِنَ السُّلْطَانِ فَقَطْ، أَوْ إِذَا كَانَتْ ضَرُورَةً، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.

وَأَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ لِلْمُجَاهِدِ السَّهْمُ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَهِدَ الْقِتَالَ وَجَبَ لَهُ السَّهْمُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَنَّهُ إِذَا جَاءَ بَعْدَ الْقِتَالِ فَلَيْسَ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ. وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا لَحِقَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ لَهُ حَظُّهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِنِ اشْتَغَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ سَبَبَانِ: الْقِيَاسُ وَالْأَثَرُ. أَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ هَلْ يُلْحَقُ تَأْثِيرُ الْغَازِي فِي الْحِفْظِ بِتَأْثِيرِهِ فِي الْأَخْذِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي شَهِدَ الْقِتَالَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْأَخْذِ، أَعْنِي: فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ. وَبِذَلِكَ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ، وَالَّذِي جَاءَ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْحِفْظِ؛ فَمَنْ شَبَّهَ التَّأْثِيرَ فِي الْحِفْظِ بِالتَّأْثِيرِ فِي الْأَخْذِ قَالَ: يَجِبُ لَهُ السَّهْمُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْقِتَالَ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْحِفْظَ أَضْعَفُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ.

وَأَمَّا الْأَثَرُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَثَرَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا فَتَحُوهَا، فَقَالَ أَبَانٌ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

وَالْأَثَرُ الثَّانِي: مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: «إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَهْمٍ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْهَا» . قَالُوا: فَوَجَبَ لَهُ السَّهْمُ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ كَانَ بِسَبَبِ الْإِمَامِ.

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: وَثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ.

وَأَمَّا السَّرَايَا الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْعَسَاكِرِ فَتَغْنَمُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ يُشَارِكُونَهُمْ فِيمَا غَنِمُوا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا الْغَنِيمَةَ وَلَا الْقِتَالَ، وَذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«وَتُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدَتِهِمْ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ لَهُمْ تَأْثِيرًا أَيْضًا فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِذَا خَرَجَتِ السَّرِيَّةُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ مِنْ عَسْكَرِهِ خَمَّسَهَا، وَمَا بَقِيَ فَلِأَهْلِ السَّرِيَّةِ. وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إِذْنِهِ خَمَّسَهَا، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَيْشِ كُلِّهِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ خَمَّسَ مَا تَرُدُّ السَّرِيَّةُ، وَإِنْ شَاءَ نَفَّلَهُ كُلَّهُ.

ص: 156

وَالسَّبَبُ أَيْضًا فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ هُوَ تَشْبِيهُ تَأْثِيرِ الْعَسْكَرِ فِي غَنِيمَةِ السَّرِيَّةِ بِتَأْثِيرِ مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ بِهَا، وَهُمْ أَهْلُ السَّرِيَّةِ، فَإِذَنِ الْغَنِيمَةُ إِنَّمَا تَجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِلْمُجَاهِدِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حَضَرَ الْقِتَالَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رِدْءًا لِمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ.

وَأَمَّا كَمْ يَجِبُ لِلْمُقَاتِلِ؟ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْفَارِسِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ: سَهْمٌ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمٌ لَهُ.

وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُ الْآثَارِ وَمُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلْأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ خَرَّجَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِلْفَرَسِ، وَسَهْمٌ لِرَاكِبِهِ» ". وَخَرَّجَ أَيْضًا عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ حَارِثَةَ الْأَنْصَارِيِّ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الْفَرَسِ أَكْبَرَ مِنْ سَهْمِ الْإِنْسَانِ. هَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي تَرْجِيحِ الْحَدِيثِ الْمُوَافِقِ لِهَذَا الْقِيَاسِ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُخَالِفِ لَهُ، وَهَذَا الْقِيَاسُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ إِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ الْإِنْسَانُ الَّذِي هُوَ الْفَارِسُ بِالْفَرَسِ، وَغَيْرُ بَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ تَأْثِيرُ الْفَارِسِ بِالْفَرَسِ فِي الْحَرْبِ ثَلَاثَةَ أَضْعَافِ تَأْثِيرِ الرَّاجِلِ، بَلْ لَعَلَّهُ وَاجِبٌ، مَعَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ أَثْبَتُ.

وَأَمَّا مَا يَجُوزُ لِلْمُجَاهِدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ الْغُلُولِ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«أَدِّ الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْغُزَاةِ مَا دَامُوا فِي أَرْضِ الْغَزْوِ، فَأَبَاحَ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ قَوْمٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ شِهَابٍ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْآثَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي تَحْرِيمِ الْغُلُولِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ الطَّعَامِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُغَفَّلِ وَحَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى. فَمَنْ خَصَّصَ أَحَادِيثَ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ بِهَذِهِ أَجَازَ أَكْلَ الطَّعَامِ لِلْغُزَاةِ، وَمَنْ رَجَّحَ أَحَادِيثَ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ عَلَى هَذَا لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ.

وَحَدِيثُ ابْنِ مُغَفَّلٍ هُوَ قَالَ: «أَصَبْتُ جِرَابَ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي مِنْهُ شَيْئًا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَسِمُ» خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

ص: 157