المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الثاني في نصاب الإبل والواجب فيه] - بداية المجتهد ونهاية المقتصد - جـ ٢

[ابن رشد الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزكاة]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزكاة مِنَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ فِي مَعْرِفَةُ نصابِ الزكاة]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي نصاب الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي نِصَابِ الْإِبِلِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي نِصَابِ الْبَقَرِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي نِصَابِ الْغَنَمِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي نِصَابِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْقَدْرِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي نِصَابِ الْعُرُوضِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ فِي وَقْتِ الزَّكَاةِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الْخَامِسَةُ فِيمَنْ تَجِبُ لَهُ الصَّدَقَةُ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي عَدَدِ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ تَجِبُ لَهُمُ الزَّكَاةُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي صِفَاتُ أهل الزكاة الَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا الصَّدَقَةَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ قَدْرُ مَا يُعْطَى أهل الزكاة منها]

- ‌[كِتَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْم زكاة الفطر]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زكاة الفطر وَعَنْ مَنْ تَجِبُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مِمَّاذَا تَجِبُ زكاة الفطر]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ مَتَّى تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ لِمَنْ تُصْرَفُ زكاة الفطر]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَنْوَاعُ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَرْكَان الصيام]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ في الصيام هو الزَّمَانُ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّانِي في الصيام وَهُوَ الْإِمْسَاكُ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ في الصيام وَهُوَ النِّيَّةُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْفِطْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[قَضَاءُ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ]

- ‌[أَحْكَامُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ في الصيام]

- ‌[أَحْكَامُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ إِذَا أَفْطَرَ]

- ‌[سُنَنُ الصَّوْمِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ الثَّانِي]

- ‌[الصيام الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ]

- ‌[الْأَيَّامُ الْمَنْهِيُّ عَنِ الصِّيَامِ فِيهَا]

- ‌[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ] [

- ‌الْجِنْسُ الْأَوَّلُ مَعْرِفَةُ وُجُوبِ الحج وَشُرُوطِهِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجِنْسِ الثَّانِي أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي شُرُوطِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي مِيقَاتِ الْمَكَانِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي مِيقَاتِ الزَّمَانِ]

- ‌[مَا يَمْنَعُ الْإِحْرَامَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِلْحَلَالِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَنْوَاعِ هَذَا النُّسُكِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

- ‌[الْخُرُوجُ إِلَى عَرَفَةَ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَفْعَالِ الْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجِنْسِ الثَّالِثِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْإِحْصَارِ في الحج]

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ جَزَاءِ الصَّيْدِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَحُكْمُ الْحَالِقِ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَلْقِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ الْمُتَمَتِّعِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي فَوَاتِ الْحَجِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا في الحج]

- ‌ الْقَوْلُ فِي الْهَدْيِ

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْحَرْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ الجهاد]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الَّذِينَ يُحَارَبُونَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ مِنَ النِّكَايَةِ بِالْعَدُوِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرْطِ الْحَرْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ عَنْهُمْ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي جَوَازِ الْمُهَادِنَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ لِمَاذَا يُحَارَبُونَ]

- ‌ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْأَنْفَالِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْكُفَّارِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَرْضِ عَنْوَةً]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجِزْيَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ ضُرُوبِ الْأَيْمَانِ وَأَحْكَامِهَا] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الْمُبَاحَةِ وَتَمْيِيزِهَا مِنْ غَيْرِهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ اللَّغْوِيَّةِ وَالْمُنْعَقِدَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي تَرْفَعُهَا الْكَفَّارَةُ وَالَّتِي لَا تَرْفَعُهَا]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الرَّافِعَةِ لِلْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَأَحْكَامِهَا]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّظَرُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُؤَثِّرِ فِي الْيَمِينِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ النَّظَرُ فِي الْكَفَّارَاتِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِ الْحِنْثِ وَشُرُوطِهِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي رَافِعِ الْحِنْثِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَتَى تَرْفَعُ الْكَفَّارَةُ الْحِنْثَ وَكَمْ تَرْفَعُ]

- ‌[كِتَابُ النُّذُورِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَصْنَافِ النُّذُورِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا يَلْزَمُ مِنَ النُّذُورِ وَمَا لَا يَلْزَمُ

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الَّذِي يَلْزَمُ عَنْ النذر وَأَحْكَام ذلك]

- ‌[المسألة الأولى الْوَاجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الضَّحَايَا وَمَنِ الْمُخَاطَبُ بِهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَنْوَاعِ الضَّحَايَا وَصِفَاتِهَا وَأَسْنَانِهَا وَعَدَدِهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الذَّبْحِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ لُحُومِ الضَّحَايَا]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي الذَّكَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تَكُونُ بِهِ الذَّكَاةُ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي شُرُوطِ الذَّكَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَنْ تَجُوزُ تَذْكِيَتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ]

الفصل: ‌[الفصل الثاني في نصاب الإبل والواجب فيه]

وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفُ قَوْلُهُمَا إِنَّ الْوَاجِبَ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ هُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَرَ فِيهِ نِصَابًا وَلَا حَوْلًا، وَقَالَ: الْوَاجِبُ هُوَ الْخُمُسُ.

وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ: هَلِ اسْمُ الرِّكَازِ يَتَنَاوَلُ الْمَعْدِنَ أَمْ لَا يَتَنَاوَلُهُ؟ لِأَنَّهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» .

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمَعْدِنَ الَّذِي يُوجَدُ بِغَيْرِ عَمَلٍ أَنَّهُ رِكَازٌ وَفِيهِ الْخُمُسُ. فَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي دَلَالَةِ اللَّفْظِ، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ الِاخْتِلَافَاتِ الْعَامَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي نِصَابِ الْإِبِلِ وَالْوَاجِبِ فِيهِ]

وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ خُمُسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةً إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا كَانَتْ وَاحِدًا وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ وَاحِدًا وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، لِثُبُوتِ هَذَا كُلِّهِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَمِلَ بِهِ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

وَاخْتَلَفُوا مِنْهَا فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا: فِيمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ. وَمِنْهَا: إِذَا عَدِمَ السِّنَّ

ص: 20

الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُ السِّنُّ الَّذِي فَوْقَهُ أَوِ الَّذِي تَحْتَهُ مَا حُكْمُهُ؟ . وَمِنْهَا: هَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي صِغَارِ الْإِبِلِ؟ وَإِنْ وَجَبَتْ فَمَا الْوَاجِبُ؟ .

فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى - وَهِيَ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ -: فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَة، فَالْمُصَّدِّقُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ حِقَّتَيْنِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَيَكُونُ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِهِ: بَلْ يَأْخُذُ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَمَانِينَ وَمِائَةً فَتَكُونُ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ، وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: بَلْ يَأْخُذُ السَّاعِي حِقَّتَيْنِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: - أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ -: إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ عَادَتِ الْفَرِيضَةُ عَلَى أَوَّلِهَا - وَمَعْنَى عَوْدهَا: أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ فِي كُلِّ خَمْسِة ذود شَاةٌ -، فَإِذَا كَانَتِ الْإِبِلُ مِائَةً وَخَمْسا وَعِشْرِينَ كَانَ فِيهَا حِقَّتَانِ وَشَاةٌ: الْحِقَّتَانِ لِلْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَالشَّاةُ: لِلْخَمْسِ -، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ مَخَاضٍ - الْحِقَّتَانِ: لِلْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَابْنَةُ الْمَخَاضِ: لِلْخَمْسِ وَعِشْرِينَ - كَمَا كَانَتْ فِي الْفَرْضِ الْأَوَّلِ إِلَى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ اسْتُقْبِلَ بِهَا الْفَرِيضَةُ الْأُولَى إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ، فَيَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ، ثُمَّ يُسْتَقْبَلُ بِهَا الْفَرِيضَةُ.

وَأَمَّا مَا عَدَا الْكُوفِيِّينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ وَالثَّلَاثِينَ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي عَوْدَةِ الْفَرْضِ أَوْ لَا عَوْدَتِهِ: اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ أَنَّهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام:«فَمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ» . وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَةِ وَفِيهِ: «إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ اسْتوفَتِ الْفَرِيضَةُ» .

ص: 21

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى تَرْجِيحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إِذْ هُوَ أَثْبَتَ، وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ هَذَا مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، قَالُوا: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا إِلَّا تَوْقِيفًا إِذْ كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالْقِيَاسِ.

وَأَمَّا سَبَبُ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ إِلَى الثَلَاثِينَ ; فَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُمْ حِسَابُ الْأَرْبَعِيناتِ وَلَا الْخَمْسِيناتِ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ مَا بَيْنَ الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ إِلَى أَنْ يَسْتَقِيمَ الْحِسَابُ وَقْصٌ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا زَادَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ شَيْءٌ ظَاهِرٌ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنَّمَا ذَهَبَا إِلَى أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ:«أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ» .

فَسَبَبُ اخْتِلَافِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْقَاسِمِ ; هُوَ مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ الْأَثَرِ الثَّابِتِ لِلتَّفْسِيرِ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فابْن الْمَاجِشُونِ رَجَّحَ ظَاهِرَ الْأَثَرِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى ثُبُوتِهِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالشَّافِعِيُّ حَمَلَا الْمُجْمَلَ عَلَى الْمُفَصَّلِ الْمُفَسِّرِ. وَأَمَّا تَخْيِيرُ مَالِكٍ السَّاعِي، فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَثَرَيْنِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - وَهُوَ إِذَا عَدِمَ السِّنَّ الْوَاجِبَ مِنَ الْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ، وَعِنْدَهُ السِّنُّ الَّذِي فَوْقَ هَذَا السِّنِّ أَوْ تَحْتَهُ -: فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: يُكَلَّفُ شِرَاءَ ذَلِكَ السِّنِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يُعْطِي السِّنَّ الَّذِي عِنْدَهُ وَزِيَادَةَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، إِنْ كَانَ السِّنُّ الَّذِي عِنْدَهُ أَحَطَّ أَوْ شَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَى دَفَعَ إِلَيْهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ، فَلَا مَعْنَى لِلْمُنَازَعَةِ فِيهِ، وَلَعَلَّ مَالِكًا لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ؛ عَلَى أَصْلِهِ فِي إِخْرَاجِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يُعْطِي السِّنَّ الَّذِي عِنْدَهُ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْقِيمَةِ.

ص: 22