الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء في الذبح لغير الله الأيات والأحاديث الدالة على ذلك
…
باب ما جاء في الذبح لغير الله
وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ َبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} "32" الآية، وقوله:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} "33) .
عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: "لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن ووالديه. لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض"[رواه مسلم] .
وعن طارق بن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب" قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال: "مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما قرب قال: ليس عندي شيء أقرب قالوا له: قرب ولو ذباباً، فقرب ذباباً، فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة"[رواه أحمد] .
فيه مسائل:
الأولى: تفسير {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} .
الثانية: تفسير {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}
الثالثة: البداءة بلعنة من ذبح لغير الله.
الرابعة: لعن من لعن والديه، ومنه أن تلعن والدي الرجل فيلعن والديك.
الخامسة: لعن من آوى محدثاً وهو الرجل يحدث شيئاً يجب فيه حق لله فيلتجيء إلى من يجيره من ذلك.
السادسة: لعن من غير منار الأرض، وهي المراسيم التي تفرق بين حقك في الأرض وحق جارك، فتغيرها بتقديم أو تأخير.
السابعة: الفرق بين لعن المعيّن، ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم.
الثامنة: هذه القصة العظيمة، وهي قصة الذباب.
التاسعة: كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده، بل فعله تخلصاً من شرهم.
العاشرة: معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين، كيف صبر ذلك على القتل، ولم يوافقهم على طلبتهم، مع كونهم لم يطلبوا منه إلا العمل الظاهر.
الحادية عشرة: أن الذي دخل النار مسلم، لأنه لو كان كافراً لم يقل: "دخل النار في ذباب) .
الثانية عشرة: فيه شاهد للحديث الصحيح "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك".
الثالثة عشرة: معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان.
فيه مسائل:
الأولى "تفسير {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} " أي ذبحي وهو الشاهد من الآية.
الثانية "تفسير {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} " أي أخلص لربك صلاتك ونحرك والشاهد قوله: "وانحر" فلما أمر بإخلاصه لله وقرنه بالصلاة دل على أنه عبادة.
الثالثة "البداءة بلعنة من ذبح لغير الله" أي لكونه أعظم الذنوب.
الرابعة " لعن من لعن والديه ومنه أن تلعن والدي الرجل فيلعن والديك" أي إما مباشرة أو تتسبب إلى ذلك.
الخامسة "لعن من آوى محدثا وهو الرجل يحدث شيئا يجب فيه حق الله" أي مثل حد زنا أو سرقة فيلتجئ إلى من يجيره من ذلك أي يمنعه من أن يقام عليه الحد وهذا على رواية الكسر للدال.
السادسة "لعن من غير منار الأرض وهي المراسيم التي تفرق بين حقك وحق جارك فتغيرها بتقديم أو تأخير" أي علامات حدودها وهذا من ظلم الأرض الذي ورد فيه الوعيد.
السابعة "الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم" أي أن الثاني جائز كما في هذا الحديث وأمثاله وأما الأول ففيه خلاف فمن العلماء من أجازه ومنهم من منع منه وصفته أن يقول لمن يراه يسرق مثلا: لا تسرق لعنك الله.
الثامنة "هذه القصة العظيمة وهي قصة الذباب" أي لكونها صارت سببا لدخول أحدهما النار والآخر الجنة.
التاسعة "كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده بل فعله
تخلصا من شرهم" أي لم يقصده قبل أن يطلبوا منه فلما خاف من شرهم تقرب حينئذ بذلك الذباب تخلصا منه وليس معناه أنه لم يقصده مطلقا إلا إن قيل يؤاخذون بما فعلوه ولو كانوا مكرهين.
العاشرة "معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين كيف صبر ذلك على القتل ولم يوافقهم على طلبتهم مع أنهم لم يطلبوا إلا العمل الظاهر" أي كونه صبر على القتل مع أنه لو وافقهم ظاهرا لسلم منه، دليل على شدة كراهته للشرك وهذا كالذي قبله محمول على كونهم لا يعاقبون على ما فعلوه مكرهين.
الحادية عشرة "أن الذي دخل النار مسلم لأنه لو كان كافرا لم يقل دخل النار في ذباب" أي هو مسلم قبل أن يقرب الذباب لا بعده وإلا لما دخل النار.
الثانية عشرة "فيه شاهد للحديث الصحيح: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك"" أي لكون هذا لما قرب الذباب دخل النار والآخر لما ضربت عنقه دخل الجنة.
الثالثة عشرة "معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان" أي لكونهم قالوا: "قرب ولو ذبابا" فقصدوا استمالة قلبه ولو لم يريدوا ذلك لما اكتفوا بالذباب لأنه لا فائدة فيه لأكل ونحوه.