الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قول الله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} وتفسير الهداية
…
باب
قول الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} "59" الآية.
وفي "الصحيح" عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له:"يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله" فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} "60" الآية. وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} "61) .
فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله:: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} "62) .
الثانية: تفسير قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} "63" الآية.
الثالثة: وهي المسألة الكبرى – تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "قل: لا إله إلا الله" بخلاف ما عليه من يدعي العلم.
الرابعة: أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال للرجل: "قل لا إله إلا الله". فقبح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة: جدّه صلى الله عليه وسلم ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة: كونه صلى الله عليه وسلم استغفر له فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة: الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم، اقتصروا عليها.
فيه مسائل:
الأولى "تفسير {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} " أي إنك يا محمد لا تهدي من أحببت والمراد هداية التوفيق والإلهام والقبول وإنما القادر على ذلك هو الله عز وجل وأما هداية الدلالة والإرشاد فيقدر عليها كما قال تعالى:
{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .
الثانية "تفسير قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} " أي ما يصلح لهم ولا ينبغي لهم أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أقرب الناس إليهم مادام أنهم ماتوا
على غير الإسلام.
الثالثة "وهي المسألة الكبرى تفسير "قل لا إله إلا الله" بخلاف ما عليه من يدعي العلم" أي أن تفسيرها إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه ولذلك لما فهم هذا كفار قريش لم يقولوها بخلاف من بعدهم ممن يدعي العلم فإنهم لما خفي عليهم هذا صاروا يقولونها وهم متلبسون بالشرك لظنهم أنه لا ينافيها.
الرابعة "أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال للرجل: "قل لا إله إلا الله" فقبح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام" أي أنهم عرفوا مراده وهو أنه يقتضي ترك ما كانوا يعبدونه من دون الله فلذلك نهوا أبا طالب عن قولها وهذا يدل على أنهم أعلم بأصل الإسلام من كثير من أهل هذه الأزمان.
الخامسة "جده صلى الله عليه وسلم ومبالغته في إسلام عمه" أي أنه لما قال: " قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله" ثم أعاد ذلك عليه دل على شدة مبالغته صلى الله عليه وسلم في ذلك.
السادسة "الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه" أي كونهم عارضوا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمه: "قل لا إله إلا الله" بقولهم: "أترغب عن ملة عبد المطلب" دل ذلك
على أنها منافية للإسلام وأن عبد المطلب غير مسلم.
السابعة "كونه صلى الله عليه وسلم استغفر له فلم يغفر له بل نهي عن ذلك" أي لقوله: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فنزل قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} .
الثامنة "مضرة أصحاب السوء على الإنسان" أي أن أبا جهل ومن معه نهوه عن قول لا إله إلا الله وقالوا له ما قالوا فصار جلوسهم في تلك الحالة عنده مضرة عليه.
التاسعة "مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر" أي لما كانت ملة عبد المطلب معظمة عند أبي طالب امتنع عن الإسلام بسببها ولو كان لا يعظمها لما شق عليه أن يرغب عنها.
العاشرة "استدلال الجاهلية بذلك" أي أن أبا جهل ومن معه استدلوا بتعظيم أبي طالب لملة عبد المطلب فجعلوها أعظم حائل بينه وبين قول لا إله إلا الله.
الحادية عشرة "الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم لأنه لو قالها لنفعته" أي لقوله: في الحديث: "أحاج لك بها عند الله" فدل على أنها تنفعه لو قالها في تلك الحال.
الثانية عشرة "التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصروا عليها" أي قولهم: "أترغب عن ملة عبد المطلب".