الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما احل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أربابا
…
باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله
وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} "95" أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} "96" الآية. فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟ " فقلت: بلى. قال "فتلك: عبادتهم" رواه أحمد، والترمذي وحسنه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النور.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: التنبيه على معنى العبادة التي أنكرها عدي.
الرابعة: تمثيل ابن عباس بأبي بكر وعمر، وتمثيل أحمد بسفيان.
الخامسة: تغيّر الأحوال إلى هذه الغاية، حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، وتسمى الولاية، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من دون الله من ليس من الصالحين، وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين.
فيه مسائل:
الأولى "تفسير آية النور" أي قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} والشاهد منها الوعيد على من ترك قوله صلى الله عليه وسلم وخالف أمره.
الثانية "تفسير آية براءة" أي قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} والشاهد منها أن الله أخبر أنهم اتخذوا أربابا وشركاء بطاعتهم فيما يخالف الشرع.
الثالثة "التنبيه على معنى العبادة التي أنكرها عدي" أي أنكر أنهم يركعون لهم ويسجدون ويدعونهم لظنه أن العبادة خاصة بمثل هذا فأخبره أن طاعتهم في ذلك عبادة لهم وإشراك مع الله وهذا مع الاعتقاد كما فصل ذلك الشيخ تقي الدين.
الرابعة "تمثيل ابن عباس بأبي بكر وعمر وتمثيل أحمد بسفيان" أي أن ابن عباس ذكر الوعيد على من ترك قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لقول أبي بكر وعمر وأحمد ذكر ذلك لمن تركه لقول سفيان الثوري ومرادهما التمثيل لا التخصيص بذلك.
الخامسة "تغير الأحوال إلى هذه الغاية حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال وتسمى الولاية وعبادة الأحبار هي العلم والفقه ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من دون الله من ليس من الصالحين وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين" أي أن الأمر صار أعظم مما ذكر ابن عباس وأحمد حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان - يعنى العباد - وهو الأخذ بقولهم مطلقا هو أفضل الأعمال ولو خالف قول الله ورسوله ويسمونها الولاية وعبادة الأحبار وهم العلماء وهو الأخذ بقولهم مطلقا ولو خالف قول الله ورسوله هو أفضل الأعمال ويسمون ذلك العلم
والفقه ثم ازداد الأمر شناعة إلى أن أخذ بقول أناس غير صالحين وهذا أقبح من الأول. وعبد بالمعنى الثاني - وهو الاقتداء بالعلماء وعبادتهم - من هو من الجاهلين أي أخذ بأقوال أناس جاهلين وقدمت على الشرع وسميت علما وفقها وهذا أقبح من تقديم قول من هو من العلماء على الشرع وإن كان جميع ذلك قبيحا. فالمعنى الأول من جهة الولاية والثاني من جهة العلم والفقه.