الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
وقول الله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} "34" الآية.
عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد"؟ قالوا: لا. قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم"؟ قالوا: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم"[رواه أبو داود، وإسنادها على شرطهما] .
فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} "35) .
الثانية: أن المعصية قد تؤثر في الأرض، وكذلك الطاعة.
الثالثة: رد المسألة المشكلة إلى المسألة البيِّنة ليزول الإشكال.
الرابعة: استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك.
الخامسة: أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع.
السادسة: المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله.
السابعة: المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ولو بعد زواله.
الثامنة: أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة، لأنه نذر معصية.
التاسعة: الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده.
العاشرة: لا نذر في معصية.
الحادية عشرة: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك.
فيه مسائل:
الأولى "تفسير قوله: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} " أي مسجد الضرار نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه والشاهد أن هذا المسجد لما أسس على الكفر نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه فكذا المواضع المعدة للذبح لغير الله لا يذبح المسلم فيها لله وهذا من أحسن القياس.
الثانية "أن المعصية قد تؤثر في الأرض وكذلك الطاعة" أي لما قصد المنافقون المعصية في مسجد الضرار أثر ذلك فيه فمنع الله نبيه صلى الله عليه وسلم من الصلاة فيه ومسجد قباء لما كان أهله يحبون أن يتطهروا طاعة لله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه.
الثالثة "رد المسألة المشكلة إلى المسألة البينة ليزول الإشكال " أي أن هذا الرجل لما نذر أن ينحر ببوانة احتمل أن يكون فيه محذور أو لا يكون فهذه المسألة المشكلة فسأله عن ذلك فلما أجابه ظهر أن ليس فيه محذور وهذه المسألة البينة فحينئذ أمره بالوفاء بنذره لعدم المانع من ذلك.
الرابعة "استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك" أي لما كان هذا المكان محتملا لكونه محل وثن من أوثانهم أو عيد من أعيادهم أولم يكن استفصله النبي صلى الله عليه وسلم.
الخامسة "أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع" أي لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه ذلك وأمره بالوفاء بنذره.
السادسة "المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله" أي لقوله: "فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية" ولو لم يكن ذلك مؤثرا لما حسن السؤال عنه ولم يفرق بين كونه موجودا الآن أو فيما مضى.
السابعة "المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ولو بعد زواله" أي لقوله:
"وهل كان فيها عيد من أعيادهم" وهذه كالتي قبلها. وقوله: "ولو بعد زواله" لأن كان بمعنى وجد وهو يصدق على ما كان موجودا الآن أو قبل ثم زال والله أعلم.
الثامنة "أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة لأنه نذر معصية" أي أنه نذر معصية ولو لم يكن ذلك معصية لما حسن التعقيب به ونذر المعصية لا يجوز الوفاء به كما دل عليه حديث عائشة المذكور في الباب بعده.
التاسعة "الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده" أي أنه لما جعل نذر الذبح في مكان عيد المشركين نذر معصية ومنع من الوفاء به مع كون الناذر لم يقصده دل ذلك على الحذر من مشابهتهم.
العاشرة "لا نذر في معصية" أي لقوله: " لا وفاء لنذر في معصية الله".
الحادية عشرة "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك" أي كما أشار إليه في الحديث ومعناه أن يضيف النذر إلى ملك الغير كقوله: "إن شفى الله مريضي لأتصدقن بمال فلان" ذكر معناه في الشرح.