الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قول الله { {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} الآية وبيان معناها
…
باب
قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} "51) .
وفي "الصحيح" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك. حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ـ ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ـ وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه ـ فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها عن لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء".
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة ـ أو قال رعدة ـ شديدة خوفاً من الله عز وجل. فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا سجداً. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل. فينتهي
جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل".
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآية.
الثانية: ما فيها من الحجة على إبطال الشرك، خصوصاً من تعلق على الصالحين، وهي الآية التي قيل: إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب.
الثالثة: تفسير قوله: {رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} "52) .
الرابعة: سبب سؤالهم عن ذلك.
الخامسة: أن جبريل هو الذي يجيبهم بعد ذلك بقوله: "قال كذا وكذا".
السادسة: ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل.
السابعة: أن يقول لأهل السماوات كلهم، لأنهم يسألونه.
الثامنة: أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم.
التاسعة: ارتجاف السماوات لكلام الله.
العاشرة: أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله.
الحادية عشرة: ذكر استراق الشياطين.
الثانية عشرة: صفة ركوب بعضهم بعضاً.
الثالثة عشرة: إرسال الشهب.
الرابعة عشرة: أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة
يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه.
الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدق بعض الأحيان.
السادسة عشرة: كونه يكذب معها مائة كذبة.
السابعة عشرة: أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.
الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟!.
التاسعة عشرة: كونهم يلقي بعضهم إلى بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها.
العشرون: إثبات الصفات خلافاً للأشعرية المعطلة.
الحادية والعشرون: التصريح بأن تلك الرجفة والغشي كانا خوفاً من الله عز وجل.
الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجداً.
فيه مسائل:
الأولى "تفسير الآية" أي قوله تعالى: {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} أي زال عنها الفزع والمراد به الملائكة.
الثانية "ما فيها من الحجة على إبطال الشرك خصوصا ما تعلق على الصالحين وهي الآية التي قيل إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب" أي بسبب أمور أربعة: الأول: أنهم لا يملكون شيئا، الثاني: أنهم لا يملكون قسطا من الملك، الثالث: أنهم لا يعاونون الله لغناه عن جميع خلقه، الرابع: أنهم لا يملكون الشفاعة إلا بإذنه لمن ارتضى، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام في الباب الذي بعده.
الثالثة "تفسير قوله: {قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} " أي أخبروا أن الله لا يقول إلا حقا وهو العلي الذي علا على جميع خلقه علو الذات وعلو القهر وعلو القدر الكبير الذي لا أكبر منه جل وعلا.
الرابعة "سبب سؤالهم عن ذلك" أي لما كانوا يصعقون حين يسمعون كلام الله فلا يفهمونه فإذا زال ذلك عنهم سألوا عنه فأخبروا.
الخامسة "أن جبريل يجيبهم بعد ذلك بقوله: قال كذا وكذا" لأنه الملك الموكل بالوحي وهو أول من يرفع رأسه.
السادسة "ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل" أي لأنه الملك الموكل بالوحي ويدل ذلك على فضله.
السابعة "أنه يقول لأهل السموات كلهم لأنهم يسألونه" أي لقوله: "ثم يمر جبريل على الملائكة كلما مر بسماء سأله ملائكتها".
الثامنة "أن الغشي يعم أهل السموات كلهم" أي لقوله: "فإذا سمع ذلك
أهل السموات صعقوا".
التاسعة "ارتجاف السموات بكلام الله" أي لقوله: "أخذت السموات منه رجفة".
العاشرة "أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله" أي كما ذكره في آخر الحديث وذلك والله أعلم لأنه الملك الموكل بالوحي.
الحادية عشرة "ذكر استراق الشياطين" أي أنهم يركب بعضهم بعضا فيسترقون السمع من السماء أو من السحاب كما في الحديث الآخر.
الثانية عشرة "صفة ركوب بعضهم بعضا" أي كما وصف سفيان بن عيينة أحد رواة الحديث فبدد بين أصابعه وحرف كفه.
الثالثة عشرة "إرسال الشهاب" أي أن الشيطان إذا أراد استراق السمع أرسل عليه الشهاب.
الرابعة عشرة "أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه" أي لقوله في الحديث: "فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه".
الخامسة عشرة "كون الكاهن يصدق في بعض الأحيان" أي لأجل ما أتاه به وليه من الشياطين لا لكونه صدقه عن علم.
السادسة عشرة "كونه يكذب معها مائة كذبة" أي يخلط مع تلك الكلمة الواحدة مائة كذبة ليروج بها على الناس فيقبلوا كذبه.
السابعة عشرة "أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء" أي لاغترار الناس بها وغفلتهم عما قارنها من الكذبات.
الثامنة عشرة "قبول النفوس للباطل كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة" أي أن كونهم اغتروا بواحدة فصدقوه بها في كل ما قال ولم يعتبروا بمائة فيردوا بها الباطل، من قبول نفوسهم للباطل.
التاسعة عشرة "كونهم يتلقى بعضهم من بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها" أي هذا من أسباب ترويج ما يقوله الكاهن من الباطل، ولو أنهم قالوا إنه يكذب كثيرا ولم يغتروا بهذه الكلمة لسلموا من باطله ولم يرج عليهم.
العشرون "إثبات الصفات خلافا للأشعرية المعطلة" أي مثل صفة الكلام من قوله: "تكلم بالوحي" وقوله: "سمع صوته أهل السماء" أنه بصوت، ومثل صفة العلو من قوله:{قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} .
الحادية والعشرون "أن تلك الرجفة والغشي خوفا من الله عز وجل" أي كما ذكره في الحديث وفيه أن السموات تخاف الله حقيقة بما جعله فيها.
الثانية والعشرون "أنهم يخرون سجدا" أي كما ذكر في الحديث.