الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
…
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله
وقوله الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَة ٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له:"إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" ـ وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله" ـ " فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك: فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه.
ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر:"لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه". فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن
يعطاها. فقال: "أين علي بن أبي طالب؟ " فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأتى به فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال:"انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم". يدوكون: يخوضون.
فيه مسائل:
الأولى: أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم.
الثانية: التنبيه على الإخلاص، لأن كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه.
الثالثة: أن البصيرة من الفرائض.
الرابعة: من دلائل حسن التوحيد: كونه تنزيهاً لله تعالى عن المسبة.
الخامسة: أن من قبح الشرك كونه مسبة لله.
السادسة: وهي من أهمها – إبعاد المسلم عن المشركين لئلا يصير منهم ولو لم يشرك.
السابعة: كون التوحيد أول واجب.
الثامنة: أن يبدأ به قبل كل شيء، حتى الصلاة.
التاسعة: أن معنى: "أن يوحدوا الله"، معنى شهادة: أن لا إله إلا الله.
العاشرة: أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب، وهو لا يعرفها، أو يعرفها ولا يعمل بها.
الحادية عشرة: التنبيه على التعليم بالتدريج.
الثانية عشرة: البداءة بالأهم فالأهم.
الثالثة عشرة: مصرف الزكاة.
الرابعة عشرة: كشف العالم الشبهة عن المتعلم.
الخامسة عشرة: النهي عن كرائم الأموال.
السادسة عشرة: اتقاء دعوة المظلوم.
السابعة عشرة: الإخبار بأنها لا تحجب.
الثامنة عشرة: من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء.
التاسعة عشرة: قوله: "لأعطين الراية" إلخ. علم من أعلام النبوة.
العشرون: تفله في عينيه علم من أعلامها أيضاً.
الحادية والعشرون: فضيلة علي رضي الله عنه.
الثانية والعشرون: فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح.
الثالثة والعشرون: الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها ومنعها عمن سعى.
الرابعة والعشرون: الأدب في قوله: "على رسلك".
الخامسة والعشرون: الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.
السادسة والعشرون: أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا.
السابعة والعشرون: الدعوة بالحكمة، لقوله:"أخبرهم بما يجب عليهم".
الثامنة والعشرون: المعرفة بحق الله تعالى في الإسلام.
التاسعة والعشرون: ثواب من اهتدى على يده رجل واحد.
الثلاثون: الحلف على الفتيا.
فيه مسائل:
الأولى "أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم" أي لقوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} .
الثانية "التنبيه على الإخلاص لأن كثيرا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه" أي لقوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} أي ليعبد الله وحده لا لشيء آخر من تحصيل جاه ومنزلة عند الناس وغيرهما فإن ذلك ينافي الإخلاص.
الثالثة "أن البصيرة من الفرائض" أي لما جعل أتباعه من كان على بصيرة ودعا إلى الله على بصيرة ومن ليس كذلك فليس منهم حقيقة دل ذلك على أنها من الفرائض لأن اتباعه فرض.
الرابعة "من دلائل حسن التوحيد أنه تنزيه الله تعالى عن المسبة" أي لقوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وذلك أنه نزه الله أن يكون له شريك فدل على إفراده بالعبادة الذي هو التوحيد حسن مطلوب مأمور به.
الخامسة "أن من قبح الشرك كونه مسبة الله" أي لقوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} معناه وقل تنزيها لله أن يكون له شريك أو معبود سواه فلما نزه نفسه عنه دل على قبحه.
السادسة "وهي من أهمها إبعاد المسلم عن المشركين لئلا يصير منهم ولو لم يشرك" أي لقوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي لست منهم ولا هم مني أنا منهم بريء وهم مني برآء وقوله "ولو لم يشرك" أي إذا لم يتبرأ من المشركين صار منهم ولو لم
يشرك.
السابعة "كون التوحيد أول واجب" أي حيث لم يؤمروا بشيء من الأعمال قبله بل أمر به قبل كل شيء ولو كان هناك شيء أوجب لبدأ به قبله لما أرسل معاذا.
الثامنة "أنه يبدأ به قبل كل شيء حتى الصلاة" أي لقوله: "فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات".
التاسعة "أن معنى أن يوحدوا الله معنى شهادة أن لا إله إلا الله" أي لقوله: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله" فدل ذلك على أن معناها إفراد الله بالعبادة ليس باللسان فقط.
العاشرة "أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب وهولا يعرفها أو يعرفها ولا يعمل بها" أي لكونه أمره أن يدعوهم إليها مع أنهم أهل كتاب، ولو كانوا يعرفونها ويعملون بها لما احتاج إلى أمره بذلك.
الحادية عشرة "التنبيه على التعليم بالتدريج" أي لكونه أمره أن يدعو إلى الشهادة أولا ثم الصلاة ثم الزكاة ولم يأمره أن يدعوهم إليها جميعا دفعة واحدة.
الثانية عشرة "البداءة بالأهم فالأهم" أي لكونه بدأ بالتوحيد أولا ثم ثنى بالصلاة ثم ثلث بالزكاة.
الثالثة عشرة "مصرف الزكاة" أي أنها تؤخذ من الأغنياء فترد على الفقراء.
الرابعة عشرة "كشف العالم الشبهة عن المتعلم" أي لقوله: "إنك تأتي قوما من أهل الكتاب" الخ فنبهه بذلك ليأخذ أهبته.
الخامسة عشرة "النهي عن كرائم الأموال" أي لقوله: "إياك وكرائم أموالهم".
السادسة عشرة "اتقاء دعوة المظلوم" أي لقوله: "واتق دعوة المظلوم" ومعناه اجعل بينك وبينها وقاية بفعل العدل وترك الظلم.
السابعة عشرة "الإخبار بأنها لا تحجب" أي لقوله: "فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
الثامنة عشرة "من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء
من المشقة والجوع والوباء" أي ما حصل لهم يوم خيبر من الجوع ما حصل لعلي من الرمد وهذا يدل على أنهم لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا دفعا فكيف بغيرهم فلا يصرف لهم شيء من العبادة بل ذلك كله حق لله تعالى.
التاسعة عشرة "قوله: "لأعطين الراية" الخ، علم من أعلام النبوة" أي لكونه أخبر بذلك فوقع كما أخبر.
العشرون "تفله في عينيه علم من أعلامها أيضا" أي لكونه عوفي في الحال كأن لم يكن به وجع.
الحادية والعشرون "فضيلة علي رضي الله عنه" أي لكونه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
الثانية والعشرون "فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح" أي أنهم خاضوا فيمن يدفعها إليه وكل منهم تمنى ذلك حرصا على محبة الله ورسوله ولم يبشر بعضهم بعضا بحصول الفتح مع أنه أخبر به.
الثالثة والعشرون "الإيمان بالقدر لحصولها لمن لم يسع ومنعها عمن سعى" أي لما قدر الله أنها تحصل لعلي حصلت له وهو لم يسع إليها والصحابة لما قدر أنها لا تحصل لهم لم يفدهم سعيهم لها حصولها.
الرابعة والعشرون "الأدب في قوله: "على رسلك"" أي على مهلك بتؤدة وطمأنينة لا بطيش وعجلة فإنها خلاف الأدب.
الخامسة والعشرون "الدعوة إلى الإسلام قبل القتال" أي لقوله: "ثم ادعهم إلى الإسلام".
السادسة والعشرون "أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا" أي حيث أمر عليا أن يدعو اليهود مع كونهم دعوا قبل ذلك وقوتلوا لما كانوا في المدينة قبل أن يجلوا.
السابعة والعشرون "الدعوة بالحكمة لقوله: "أخبرهم بما يجب"" أي حيث أمره أن يخبرهم بالواجب عليهم كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الآية.
الثامنة والعشرون "المعرفة بحق الله في الإسلام" أي لما أمره أن يخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه دل ذلك على معرفته وأنه واجب وحق الله في الإسلام فعل الواجبات وترك المنهيات.
التاسعة والعشرون "ثواب من اهتدى على يديه رجل واحد" أي لقوله: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم".
الثلاثون "الحلف على الفتيا" أي لقوله: "فوالله لأن يهدي الله بك" الخ.