المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من الأخلاق الحميدة العفو والتسامح - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١٠

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْحَيَاء

- ‌أَقْسَامُ الْحَيَاء

- ‌الْحَيَاءُ مِنْ اللَّه

- ‌الْحَيَاءُ مِنْ النَّاس

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ التَّوَاضُع

- ‌فَضْلُ التَّوَاضُع

- ‌تَوَاضُعُ الْحَاكِم

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْحِلْم

- ‌فَوَائِدُ الْحِلْم

- ‌مِنْ فَوَائِدِ الْحِلْم حِفْظُ اللهِ وَمَحَبَّتُه وَرَحْمَتُه

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الصَّبْر

- ‌فَضْلُ الصَّبْر

- ‌صَبْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌صَبْرُ الصَّحَابَة

- ‌الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الشُّكْر

- ‌فَضْلُ الشُّكْر

- ‌شُكْرُ اللهِ

- ‌تَحَقُّقُ شُكْرِ اللهِ تَعَالَى بِالْخُضُوعِ وَالِانْقِيَاد لِأَوَامِرِه

- ‌تَحَقُّقُ الشُّكْرِ بِذِكْرِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْه

- ‌تَحَقُّقُ الشُّكْرِ بِإظْهَارِ النِّعْمَة

- ‌شُكْرُ النَّاس

- ‌تَحَقُّقُ شُكْرِ النَّاسِ بِالدُّعَاءِ وَالثَّنَاء

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الرِّضَى

- ‌الرِّضَى بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِه

- ‌اِكْتِسَابُ رِضَى النَّاسِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ

- ‌مِنْ الْأَخْلَاق الْحَمِيدَة اليقين التَّوَكُّل

- ‌فَضْلُ التَّوَكُّل

- ‌تَوَكُّلُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌تَوَكُّلُ الصَّحَابَة

- ‌حَقِيقَةُ التَّوَكُّل

- ‌الِاعْتِمَادُ عَلَى الْأَسْبَاب

- ‌عَدَمُ مُنَافَاةِ التَّدَاوِي لِلتَّوَكُّلِ

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْإِخْلَاص

- ‌الْإِخْلَاصُ فِي الْعِبَادَة

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ التَّوْبَة

- ‌فَضْلُ التَّوْبَة

- ‌مِنْ شُرُوط التَّوْبَة الإِقْلاع عَنْ الذَّنْب

- ‌مِنْ شُرُوط التَّوْبَة النَّدَم عَلَى مَا فَعَل

- ‌مِنْ شُرُوط التَّوْبَة الْعَزْم عَلَى عَدَم الْعَوْد

- ‌مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ التَّوْبَةِ رَدُّ الْمَظَالِمِ لِأَرْبَابِهَا

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الِاسْتِغْفَار

- ‌فَضْلُ الِاسْتِغْفَار

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ التَّفَكُّر

- ‌التَّفَكُّرُ فِي ذَاتِ اللهِ

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْإِحْسَان

- ‌الْإِحْسَانُ أَعْلَى مَرَاتِبِ الدِّين

- ‌الْإِحْسَانُ لِلْجَار

- ‌الْإِحْسَانُ إِلَى الْيَتِيم

- ‌الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَرْمَلَة

- ‌الْإِحْسَانُ لِلْحَيَوَان

- ‌الْإِحْسَانُ بِتَقْدِيمِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِلْحَيَوَانِ وَالْعِنَايَةِ بِه

- ‌الْإِحْسَانُ فِي ذَبْحِ الْحَيَوَانِ أَوْ قَتْلِه

- ‌قَتْلُ الْحَيَّات

- ‌قَتْل الْوَزَغ

- ‌قَتْلُ الْكَلْب

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْعَدْل

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْأَمَانَة

- ‌أَمَانَةُ السِّرّ

- ‌الْأَمَانَةُ فِي الْمَشُورَة

- ‌أَمَانَةُ الْمَتَاعِ وَالنُّقُود

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ التَّقْوَى

- ‌حَقِيقَةُ التَّقْوَى

- ‌فَضْلُ التَّقْوَى

- ‌مَحَلُّ التَّقْوَى فِي الْقَلْب

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْخَوْفُ مِنَ اللهِ

- ‌سَبَبُ الْخَوْفِ مَعْرِفَةُ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاته

- ‌فَضْلُ الْخَوْف

- ‌أَثَرُ الْخَوْفِ فِي الْجَوَارِح

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الِاسْتِقَامَة

- ‌فَضْلُ الِاسْتِقَامَة

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الرَّحْمَة

- ‌فَضْلُ الرَّحْمَة

- ‌الرَّحْمَةُ بِالْأَيْتَام

- ‌الرَّحْمَةُ بِالْحَيَوَان

- ‌الرَّحْمَةُ بِالْحَيَوَانِ بِإِطْعَامِهِ وَسِقَايَته

- ‌الرَّحْمَةُ بِالْحَيَوَانِ بِالنَّهْيِ عَنْ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِم

- ‌لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيّ

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الرِّفْق

- ‌الرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ

- ‌الرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ بِتَقْدِيمِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَه

- ‌الرِّفْقُ بِالْحَيَوَانِ بِاسْتِخْدَامِهِ لِمَا خُلِقَ لَهُ

- ‌عَدَمُ اِتِّخَاذِ الْحَيَوَانِ غَرَضًا لِلرَّمْي وَاللَّعِب

- ‌صَيْدُ الْحَيَوَانَات لِلْعَبَثِ وَاللَّعِب

- ‌الرِّفْقُ عِنْد ذَبْحِ الْحَيَوَانِ أَوْ قَتْلِه

- ‌وَسْمُ وَضَرْبُ وَجْهِ الْحَيَوَان

- ‌خَصْيُ الْحَيَوَان

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْعَفْوُ وَالتَّسَامُح

- ‌الْعَفْوُ وَالتَّسَامُحُ فِي غَيْرِ الْحُدُود

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الزُّهْد

- ‌فَضْلُ الزُّهْد

- ‌أَنْوَاعُ الزُّهْد

- ‌مَا جَاءَ فِي زُهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاء فِي زُهْد الصَّحَابَة رضي الله عنهم

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْخُلْطَة وَاَلْعُزْلَة

- ‌الْخُلْطَةُ بِالنَّاس

- ‌مَشْرُوعِيَّةُ الْخُلْطَة

- ‌مُسْتَحَبَّاتُ الْخُلْطَة

- ‌عُزْلَةُ النَّاس

- ‌مَشْرُوعِيَّةُ الْعُزْلَة

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الشُّورَى

- ‌حُكْمُ الشُّورَى

- ‌فَضْلُ الشُّورَى

- ‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ السَّخَاء

الفصل: ‌من الأخلاق الحميدة العفو والتسامح

‌مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْعَفْوُ وَالتَّسَامُح

قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (2)

وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ، قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ، قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا ، إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ، قَالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ، قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (3)

(1)[فصلت/34، 35]

(2)

[آل عمران: 134]

(3)

[يوسف: 89 - 92]

ص: 307

(خ م ت حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(" قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ حُنَيْنٍ بِالْجِعِرَّانَةِ (1)) (2)(فَآثَرَ (3) أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ [مِنْ الْأَنْصَارِ] (4): وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا) (5)(وَمَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَا وَجْهَ اللهِ وَلَا الدَّارَ الْآخِرَةَ)(6)(كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ)(7)(فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم (8)(فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي مَلَإٍ (9)) (10)(مِنْ أَصْحَابِهِ)(11)(فَسَارَرْتُهُ (12)) (13)(" فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (14)(وَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَاحْمَرَّ وَجْهُهُ حَتَّى تَمَنَّيْتُ)(15)(أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ)(16)(فَقَالَ: فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللهُ وَرَسُولُهُ؟)(17)(إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِأَتَأَلَّفَهُمْ ")(18)(ثُمَّ قَالَ: رَحِمَ اللهُ مُوسَى ، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ)(19)(ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ نَبِيًّا)(20)(مِنْ الْأَنْبِيَاءِ)(21)(بَعَثَهُ اللهُ عز وجل إِلَى قَوْمِهِ ، فَكَذَّبُوهُ ، وَشَجُّوهُ (22)) (23)(فَأَدْمَوْهُ (24)) (25)(حِينَ جَاءَهُمْ بِأَمْرِ اللهِ ، فَقَالَ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)(26)(قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ جَبْهَتَهُ يَحْكِي الرَّجُلَ ")(27)

(1) الجِعرانة: بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب ، وقال الفاكهي: بينها وبين مكة بريد ، وَهو اثْنَا عَشَرَ مِيلًا، وقال الباجي: ثمانية عشر ميلا.

(2)

(حم) 4057 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(3)

أي: اختصَّ وفضَّل.

(4)

(خ) 5749

(5)

(خ) 2981

(6)

(ت) 3896 ، (خ) 2981

(7)

(خ) 4094

(8)

(خ) 2981

(9)

الملأ: الجماعة.

(10)

(خ) 5933

(11)

(خ) 5749

(12)

أي: كلمته سِرَّا.

(13)

(خ) 5933

(14)

(خ) 5749

(15)

(م) 1062

(16)

(خ) 5749

(17)

(خ) 2981

(18)

(م) 143 - (1064) ، (خ) 6995 ، (س) 2578 ، (د) 4764

(19)

(خ) 3224

(20)

(حم) 4331 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(21)

(خ) 3290

(22)

الشَّجّ: هُوَ الْجَرْح فِي الرَّأس.

(23)

(حم) 4057 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(24)

أي: ضربوه حتى نزل الدم منه.

(25)

(خ) 3290

(26)

(حم) 4331

(27)

(حم) 4057

ص: 308

(خ)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ - وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ ، كُهُولًا (1) كَانُوا أَوْ شُبَّانًا - فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي ، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ؟ ، فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ ، فَقَالَ: سَأَسْتَأذِنُ لَكَ عَلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، فَوَاللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ (2) وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ (3) فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{خُذْ الْعَفْوَ (4) وَأمُرْ بِالْعُرْفِ (5) وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (6)} (7) وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ رضي الله عنه وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ. (8)

(1) الكهل: الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين ، وتم عقله وحِلمه.

(2)

أَيْ: الْكَثِير. فتح الباري (ج 20 / ص 337)

(3)

أَيْ: يَضْرِبهُ. فتح الباري (ج 20 / ص 337)

(4)

لَمَّا عَدَّدَ اللهُ تَعَالَى مِنْ أَحْوَال الْمُشْرِكِينَ مَا عَدَّدَهُ وَتَسْفِيه رَأيهمْ وَضَلَال سَعْيهمْ أَمَرَ رَسُولَه صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَأخُذ الْعَفْو مِنْ أَخْلَاقهمْ، يُقَال: أَخَذْت حَقِّي عَفْوًا أَيْ سَهْلًا، وَهَذَا نَوْع مِنْ التَّيْسِير الَّذِي كَانَ يَأمُر بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّهُ كَانَ يَقُول:" يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا " ، وَالْمُرَاد بِالْعَفْوِ هُنَا ضِدّ الْجَهْد، وَالْعَفْوُ التَّسَاهُل فِي كُلّ شَيْء ، كَذَا فِي بَعْض التَّفَاسِير.

وَفِي جَامِع الْبَيَان: خُذْ الْعَفْو مِنْ أَخْلَاق النَّاس ، كَقَبُولِ أَعْذَارهمْ وَالْمُسَاهَلَة مَعَهُمْ.

وَفِي تَفْسِير الْخَازِن: الْمَعْنَى: اِقْبَلْ الْمَيْسُور مِنْ أَخْلَاق النَّاس ، وَلَا تَسْتَقْصِ عَلَيْهِمْ فَيَسْتَعْصُوا عَلَيْك ، فَتَتَوَلَّد مِنْهُ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء. وَقَالَ مُجَاهِد: يَعْنِي: خُذْ الْعَفْو مِنْ أَخْلَاق النَّاس وَأَعْمَالهمْ مِنْ غَيْر تَجَسُّس ، وَذَلِكَ مِثْل: قَبُول الِاعْتِذَار مِنْهُمْ ، وَتَرْك الْبَحْث عَنْ الْأَشْيَاء. عون المعبود (ج10/ ص 308)

(5)

أي: المعروف من طاعة الله ، والإحسان إلى الناس.

(6)

أَيْ: بالمجاملة ، وحسن المعاملة ، وترك المقابلة ، ولذلك لَمَّا قال عُيينة بن حصن لعمر رضي الله عنه: ما تعطي الجزل ، ولا تقسم بالعدل ، وغضب عمر ، قال له الحُرّ بن قيس: إن الله يقول: {وأعرض عن الجاهلين} ، فتركه عمر.

(7)

[الأعراف: 199]

(8)

(خ) 4366 ، 6856

ص: 309

(بز)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا ذُكِّرْتُمْ بِاللهِ فَانْتَهُوا "(1)

(1)(بز) 8541 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 546 ، الصَّحِيحَة: 1319

ص: 310

(خ)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ، قَالَ:" أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأخُذَ الْعَفْوَ (1) مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ "(2)

(1) العَفْو: هو التَّجاوزُ عن الذَّنْب وتركُ العِقَاب عليه.

(2)

(خ) 4367 ، (د) 4787

ص: 311

(خد)، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ {خُذِ الْعَفْوَ وَأمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} قَالَ: وَاللهِ مَا أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤْخَذَ إِلَّا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، وَاللهِ لَآخُذَنَّهَا مِنْهُمْ مَا صَحِبْتُهُمْ. (1)

(1)(خد) 244، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 183

ص: 312

(خد)، وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: رُمِيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ: أَبُو بَجِيلَةَ، فَقِيلَ لَهُ: ادْعُ اللهَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْقِصِ الْوَجَعَ ، وَلَا تَنْقِصْ مِنَ الْأَجْرِ ، فَقِيلَ لَهُ: ادْعُ ادْعُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَاجْعَلْ أُمِّي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ " (1)

(1)(خد) 504 ، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 387

ص: 313

(خد)، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أُمَّ الدَّرْدَاءِ (1) فَقَالَ: إِنَّ رَجُلاً نَالَ مِنْكِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ (2) فَقَالَتْ: إِنْ نُؤْبَنَ (3) بِمَا لَيْسَ فِينَا، فَطَالَمَا زُكِّينَا بِمَا لَيْسَ فِينَا. (4)

(1) وهي الصغرى الفقيهة ، واسمها هجيمة بنت حيي الأوصابية ، والكبرى: خَيرة بنت أبي حدرد الأنصارية ، لها صحبة.

(2)

هو ابن مروان الخليفة الأموي.

(3)

الأَبْن: الاتهام والذكر بالعيب.

(4)

(خد) 420 ، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 323

ص: 314

(خ م)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ)(1)(وَفَقْرِهِ -: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ؟ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ ، إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا) (3).

(1)(خ) 2518

(2)

[النور/22]

(3)

(خ) 3910 ، (م) 56 - (2770) ، (ت) 3180 ، (حم) 24362

ص: 315

(حب)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ ، ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: " كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ ، قَرِيبٍ ، سَهْلٍ " (1)

(1)(حب) 470 ، (ت) 2488 ، (حم) 3938 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3135 صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1747

ص: 316

(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا "(1)

(1)(م) 69 - (2588) ، (ت) 2029 ، (حم) 8996

ص: 317

(د)، وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ؟ ، كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ (1). (2)

(1) أَيْ: لَوْ اِنْتَقَصَ أَحَد مِنْهُمْ مِنْ عِرْضِي ، فَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَى الِانْتِصَار. عون المعبود - (ج 10 / ص 411)

(2)

قال الألباني في (د) 4886، والإرواء: 2366: صحيح مقطوع.

ص: 318