الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْحُجُرَات
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا
لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (1)
قَالَ الْبُخَارِيُّ ج6ص137: قَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا} : لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ عَلَى لِسَانِهِ.
{تَشْعُرُونَ} : تَعْلَمُونَ ، وَمِنْهُ الشَّاعِرُ.
{امْتَحَنَ} : أَخْلَصَ.
(1)[الحجرات: 1 - 3]
(خ)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ:(قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَمِّرْ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ ، وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: بَلْ أَمِّرْ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ ،فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ ، فَتَمَارَيَا (1) حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا) (2)(فِي ذَلِكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ})(3)(قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا حَدَّثَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ (4) لَمْ يُسْمِعْهُ " حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ ") (5)
(1) أَيْ: تجادلا.
(2)
(خ) 4109
(3)
(خ) 4564 ، (س) 5386
(4)
أخو السِّرار: صاحب المشاورة في السر.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْله {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} يَقْتَضِي الْمُؤَاخَذَة بِالْعَمَلِ الَّذِي لَا قَصْد فِيهِ.
فَالْجَوَاب: أَنَّ الْمُرَاد: وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ بِالْإِحْبَاطِ ، لِاعْتِقَادِكُمْ صِغَرَ الذَّنْب، فَقَدْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ الذَّنْبَ ، وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَبِيرَة.
كَمَا قِيلَ فِي قَوْله " إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير "، أَيْ: عِنْدهمَا، ثُمَّ قَالَ:" وَإِنَّهُ لَكَبِير "، أَيْ: فِي نَفْس الْأَمْر.
وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ بِأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ تَحْصُلُ بِمَا لَمْ يُقْصَدْ فِي الثَّانِي إِذَا قُصِدَ فِي الْأَوَّل؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَصْدِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَوَّلِ ، ثُمَّ يَسْتَرْسِلُ حُكْمُ النِّيَّة الْأُولَى عَلَى مُؤْتَنَف الْعَمَل ، وَإِنْ عَزَبَ الْقَصْد ، خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح49)
(5)
(خ) 6872 ، (ت) 3266 ، (حم) 16151
(خ م حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رضي الله عنه)(1)(رَفِيعَ الصَّوْتِ)(2)(وَكَانَ خَطِيبَ الْأَنْصَار، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآية: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ، وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ، أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (3)) (4)(قَالَ ثَابِتٌ: أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَبِطَ عَمَلِي، أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَجَلَسَ فِي أَهْلِهِ حَزِينًا)(5)(وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(6)(" فَافْتَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(7)(فَسَأَلَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا شَأنُ ثَابِتٍ؟، اشْتَكَى؟ " ، فَقَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى، قَالَ: فَأَتَاهُ سَعْدٌ)(8)(فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَأنُكَ؟)(9)(" تَفَقَّدَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ")(10)(فَقَالَ: شَرٌّ)(11)(أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآية ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(12)(وَأَجْهَرُ بِالْقَوْلِ)(13)(فَقَدْ حَبِطَ عَمَلِي ، فَأَنَا مِنَ أَهْلِ النَّارِ)(14)(فَأَتَى سَعْدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ")(15)(قَالَ أَنَسٌ: فَكُنَّا نَرَاهُ يَمْشِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ (16) كَانَ فِينَا بَعْضُ الِانْكِشَافِ) (17)(فَأَتَيْتُ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ (18) فَقُلْتُ: يَا عَمِّ ، مَا يَحْبِسُكَ أَنْ لَا تَجِيءَ؟ ، قَالَ: الْآنَ يَا ابْنَ أَخِي) (19)(فَجَاءَ وَقَدْ تَحَنَّطَ وَلَبِسَ كَفَنَهُ)(20)(فَقَالَ: مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِئْسَمَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ (21)) (22)(فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ)(23).
(1)(م) 188 - (119)
(2)
(حم) 12422 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(3)
[الحجرات/2]
(4)
(م) 188 - (119)
(5)
(حم) 12422، (م) 187 - (119)
(6)
(م) 187 - (119)
(7)
(خ) 4565
(8)
(م) 187 - (119)
(9)
(خ) 4565
(10)
(حم) 12422
(11)
(خ) 4565
(12)
(م) 187 - (119)، (خ) 4565
(13)
(حم) 12422
(14)
(خ) 4565، (م) 187 - (119)
(15)
(خ) 3417، (م) 187 - (119)
(16)
أَيْ: حِينَ حَاصَرَتْ اَلْمُسْلِمُونَ مُسَيْلِمَةَ اَلْكَذَّاب وَأَتْبَاعَهُ فِي خِلَافَةٍ أَبِي بَكْر اَلصَّدِيق. فتح الباري ج8 ص 463
(17)
(حم) 12422، (م) 187 - (119)
(18)
أَيْ: يَسْتَعمل الحَنُوط في ثِيابه عند خروجه إلى القتال ، كأنه أراد بذلك الاسْتِعدادَ للموت ، وتَوْطِينَ النَّفْس عليه بالصَّبر على القِتال ، والحَنُوط والحِنَاط واحد ، وهو: ما يُخْلط من الطِّيب لأكفان الموْتَى وأجْسَامِهم خاصَّة. النهاية ج 1 / ص 1066
(19)
(خ) 2690
(20)
(حم) 12422
(21)
أَيْ: عَوَّدْتُمْ نُظَرَاءَكُمْ فِي الْقُوَّةِ مِنْ عَدُّوِكُمْ الْفِرَارَ مِنْهُمْ ، حَتَّى طَمِعُوا فِيكُمْ. فتح الباري ج 8 / ص 463
(22)
(خ) 2690، (حم) 12422
(23)
(حم) 12422