الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاشا لله بالألف. وقرأ باقي السبعة حاش لله بحذفها. وقرأ بعضهم حشى لله بحذف الألف الأولى. وقرأ الحسن حاش لله بالإس
كان
. وفيه جمع بين ساكنين، على غير حده. وظاهر كلام ابن مالك في الألفية أن اللغات الثلاث في حاشا التي يستثنى بها. وقال غيره: إن حاش لم يستثن بها. والله أعلم.
كأن
حرف، ينصب الأسم، ويرفع الخبر، من أخوات إن. ومذهب الخليل، وسيبويه، والأخفش، وجمهور البصريين، والفراء، أنها مركبة من كاف التشبيه وإن. فأصل الكلام عندهم: إن زيداً كالأسد. ثم قدما الكاف، اهتماماً بالتشبيه، ففتحت إن، لأن المكسورة لا يدخل عليها حرف الجر. قال الزمخشري: والفصل بينه وبين الأصل أنك ههنا بان كلامك على التشبيه، من أول الأمر. وثم بعد مضي صدره على الإثبات.
وهل تتعلق الكاف، على هذا، بشيء؟ قال أبو الفتح:
لا تتعلق بشيء، وليست بزائدة، لأن معنى التشبيه فيها موجود. وقد بقي النظر في أن التي دخلت عليها؛ هل هي مجرورة بها أو غير مجرورة؟ فأقوى الأمرين عندي أن تكون مجرورة بالكاف. انتهى. وقال الزجاج: الكاف في موضع رفع. فإذا قلت كأني أخوك ففي الكلام عنده حذف، وتقديره: كأخوتي إياك موجود. لأن أن وما عملت فيه بتقدير مصدر. قال ابن عصفور: وما ذهب إليه أبو الفتح أظهر، من جهة أن العرب لم تظهر ما ادعي أبو إسحاق إضماره.
قلت: الصحيح أن الكاف لا تتعلق بشيء، وأن ما بعدها ليس في موضع جر بها، لأن التركيب صير أن والكاف حرفاً واحداً. وفي هذا الموضع بحث، لا يليق بهذا المختصر.
وذهب بعضهم إلى أن كأن بسيطة غير مركبة. واختاره صاحب رصف المباني، ونسبه إلى أكثرهم، واستدل له بأوجه: منها أن الأصل البساطة، والتركيب طارئ. ومنها أنه لو كان مركباً لكانت الكاف حرف جر، فيلزمها ما تتعلق به، إذ ليست
بزائدة. ومنها أن الكاف إذا كانت داخلة على أن لزم أن تكون وما عملت فيه في موضع مصدر، مخفوض بالكاف، فترجع الجملة التامة جزء جملة، فيكون التقدير في كأن زيداً قائم: كقيام زيد. فيحتاج إلى ما يتم الجملة، وكأن زيداً قائم كلام قائم بنفسه، لا محاله. ومنها أنه لا يتقدر بالتقديم والتأخير، في بعض المواضع. فتقول: كأن زيداً قام وكأن زيداً في الدار، وكأن زيداً عندك، وكأن زيداً أبوه قائم.
قلت: وفي نسبة القول بالبساطة إلى أكثرهم نظر. فإن الظاهر أن الأكثر يقولون بالتركيب. ولعدم اشتهار القول بالبساطة، قال ابن هشام: لا خلاف في أن كأن مركبة، من أن وكاف التشبيه.
وجملة معاني كأن أربعة معان: الأول: التشبيه. ولم يثبت لها أكثر البصريين غيره. وقال ابن مالك: هي للتشبيه المؤكد؛ فإن الأصل إن زيداً كالأسد،
فقدمت الكاف، وفتحت أن، وصار الحرفان واحداً، مدلولاً به على التشبيه، والتوكيد.
الثاني: التحقيق. ذهب الكوفيون، والزجاجي، إلى أنها قد تكون للتحقيق، دون تشبيه. وجعلوا منه قول عمر بن أبي ربيعة:
كأنني، حين أمسي لا تكلمني
…
ذو بغية، يشتهي ما ليس موجوداً
ورد بأن التشبيه فيه بين بأدنى تأمل. واستدلوا أيضاً، بقول الشاعر:
فأصبح بطن مكة مقشعراً
…
كأن الأرض ليس بها هشام
وأجيب بأن بالمعنى: أن بطن مكة كان حقه ألا يقشعر، لأن
هشاماً في أرضه، وهو قائم مقام الغيث، فلما اقشعر صارت أرضه كأنها ليس بها هشام، فهي للتشبيه. وقال ابن مالك: يتخرج على أن هشاماً وإن مات فهو باق ببقاء من خلفه، سائراً بسيرته. قال: وأجود من هذا أن تجعل الكاف من كأن للتعليل، في هذا الموضع، وهي المرادفة للام، كأنه قيل: لأن الأرض ليس بها هشام.
الثالث: أن تكون للشك، بمنزلة ظننت. ذهب إلى ذلك الكوفيون، والزجاجي. قالوا: إن كان خبرها اسماً جامداً كانت للتشبيه. وإن كان مشتقاً كانت للشك، بمنزلة ظننت. وإلى هذا ذهب ابن الطراوة، وابن السيد. قال ابن السيد: إذا كان خبرها فعلاً، أو جملة، أو صفة، فهي للظن والحسبان، نحو: كأن زيداً قام، وكأن زيداً أبوه قائم، وكأن زيداً قائم.
والصحيح أنها للتشبيه؛ فإذا قلت كأن زيداً قائم كنت