المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الباب الثالث في الثلاثي وهو ضربان: متفق عليه، ومختلف فيه. وجملة ذلك - الجنى الداني في حروف المعاني

[ابن أم قاسم المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولفي حد الحرف

- ‌الفصل الثانيفي تسميته حرفاً

- ‌الفصل الثالثفي جملة معانيه وأقسامه

- ‌الفصل الرابعفي بيان عمله

- ‌الفصل الخامسفي عدة الحروف

- ‌الباب الأولفي الأحادي

- ‌الهمزة

- ‌التاء

- ‌السين

- ‌الشين

- ‌الفاء

- ‌مسألتان

- ‌الكاف

- ‌اللام

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌مسألتان

- ‌تنبيه

- ‌‌‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌مسألة

- ‌الميم

- ‌النون

- ‌الهاء

- ‌الواو

- ‌تنبيهات

- ‌الألف

- ‌تنبيه

- ‌الياء

- ‌إذ

- ‌الباب الثانيفي الثنائي

- ‌‌‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌ال

- ‌تنبيه

- ‌ام:

- ‌إن المكسورة الهمزة

- ‌أن المفتوحة الهمزة

- ‌‌‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبه

- ‌تنبيه

- ‌أو

- ‌ا

- ‌تنبيه

- ‌أي بفتح الهمزة

- ‌ذا

- ‌إي بكسر الهمزة

- ‌بل

- ‌تنبيه

- ‌عن

- ‌تنبيه

- ‌في

- ‌قد

- ‌تنبيه

- ‌كم

- ‌تنبيه

- ‌كي

- ‌لم

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهان

- ‌لو

- ‌لن

- ‌تنبيه

- ‌لا

- ‌تنبيه

- ‌من

- ‌مع

- ‌مذ

- ‌ما

- ‌من بضم الميم

- ‌مسألة

- ‌هل

- ‌ها

- ‌‌‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌وي

- ‌وا

- ‌هو وهي وهم

- ‌يا

- ‌فائدة

- ‌الباب الثالثفي الثلاثي

- ‌أجل

- ‌إذن

- ‌تنبيه

- ‌ألا

- ‌إلى

- ‌ أن

- ‌أما

- ‌مسألة

- ‌فائدة

- ‌أن المفتوحة الهمزة

- ‌مسألة

- ‌أنا وأنت وأنت

- ‌أي بالمد

- ‌أيا

- ‌بجل

- ‌بلى

- ‌بله

- ‌ثم

- ‌تنبيه

- ‌فائدة:

- ‌جلل

- ‌جير

- ‌خلا

- ‌رب

- ‌سوف

- ‌مسألة

- ‌عسى

- ‌عدا

- ‌على

- ‌كما

- ‌لات

- ‌فائدة

- ‌ليت

- ‌ليس

- ‌مسألة

- ‌منذ

- ‌متى

- ‌نعم

- ‌نحن وهما وهن

- ‌هيا

- ‌الباب الرابعفي الرباعي

- ‌إذ ما

- ‌ألا بفتح الهمزة والتشديد

- ‌إلا بكسر الهمزة والتشديد

- ‌أمتا بفتح الهمزة

- ‌إما بكسر الهمزة

- ‌أنتم

- ‌إيا في إياك وأخواته

- ‌أيمن المستعمل في القسم

- ‌حتى

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌حاشا

- ‌كان

- ‌كلا

- ‌لعل

- ‌لكن

- ‌تنبيه

- ‌لما

- ‌تنبيه

- ‌لولا

- ‌فرع

- ‌لوما

- ‌مهما

- ‌هلا

- ‌الباب الخامسفي الخماسي

- ‌لكن

- ‌أنتما وأنتن

الفصل: ‌ ‌الباب الثالث في الثلاثي وهو ضربان: متفق عليه، ومختلف فيه. وجملة ذلك

‌الباب الثالث

في الثلاثي

وهو ضربان: متفق عليه، ومختلف فيه. وجملة ذلك ستة وثلاثون:

‌أجل

،

و‌

‌إذن

، وإذا، وألا، وإلى، وأما، وإن، وأن، وأنا، وأنت، وأنت وآي، وأيا، وبجل، وبلى، وبله، وثم، وجلل، وجير، وخلا، ورب، وسوف، وعدا، وعسى، وعلى، وكما، ولات وليت، وليس، ومنذ، ومتى، ونعم، ونحن، وهما، وهن، وهيا. وأنا أذكرها على هذا التريب، إن شاء الله تعالى.

أجل

حرف جواب مثل نعم. تكون لتصديق الخبر، ولتحقيق

ص: 359

الطلب. تقول لمن قال قام زيد: أجل. ولمن قال اضرب زيداً: أجل. قال الشاعر:

ولو كنت تعطي حين تسأل سامحت

لك النفس، واحلولاك كل خليل

أجل، لا، ولكن أنت أشأم من مشى

وأسأل من صماء، ذات صليل

وقال آخر:

وقلن: على الفردوس أول مشرب

أجل جير، إن كانت أبيحت دعائره

قال صاحب رصف المباني: ولا تكون جواباً للنفي، ولا للنهي. وقال غيره: أجل لتصديق الخبر، ماضياً كان أو غيره، موجباً

ص: 360

أو غيره، ولا تجيء جواباً للإستفهام. قال بعضهم: وتختص بالخبر. وعن الأخفش أنها تكون في الخبر والاستفهام، إلا أنها في الخبر أحسن من نعم، ونعم في الاستفهام أحسن منها. فإذا قال: أنت سوف تذهب. قلت: أجل. وكان أحسن من نعم. وإذا قال: أتذهب؟ قلت: نعم. وكان أحسن من أجل.

إذن

حرف ينصب الفعل المضارع، بثلاثة شروط: الأول: أن يكون الفعل مستقبلاً. فإن كان حالاً رفع، كقولك لمن يحدثك: إذا أظنك صادقاً.

الثاني: أن تكون مصدرة. فإن تأخرت ألغيت حتماً، نحو: أكرمك إذاً. وغن توسطت، وافتقر ما قبلها لما بعدها مثل أن تتوسط بين المبتدأ وخبره، وبين الشرط وجزائه، وبين القسم وجوابه - وجب إلغاؤها، أيضاً كالمتأخرة.

قال ابن مالك: وشذ النصب بإذن بين ذي خبر وخبره،

ص: 361

في قول الراجز:

لا تتركني، فيهم شطيرا

إني إذن أهلك، أو أطيرا

وأجاز ذلك بعض الكوفيين. وتأوله البصريون على حذف الخبر، والتقدير: إني لا أقدر على ذلك. ثم استأنف بإذن، فنصب. وإن تقدمها حرف عطف نفيها وجهان: الإلغاء، والإعمال. والإلغاء أجود، وبه قرأ السبعة " وإذا لا يلبثون ". وفي بعض الشواذ:" وإذن لا يلبثوا " على الإعمال.

الثالث: ألا يفصل، بينهما وبين الفعل، بغير القسم. فإن فصل بينهما بغيره ألغيت، نحو: إذاً زيد يكرمك. وإن فصل بالقسم لم يعتبر، نحو: إذن، والله، أكرمك.

وأجاز ابن عصفور الفصل بالظرف، نحو: إذن غداً أكرمك. وأجاز ابن بابشاذ الفصل بالنداء والدعاء، نحو: إذن، يا زيد، أحسن

ص: 362

إليك، وإذن - يغفر الله لك - يدخلك الجنة. ولم يسمع من ذلك، فالصحيح منعه.

وأجاز الكسائي، وهشام، الفصل بمعمول الفعل. وفي الفعل، حينئذ، وجهان. والاختيار عند الكسائي النصب، وعند هشام الرفع.

وبعض العرب يلغني إذن مع استيفاء الشروط، وهي لغية نادرة، حكاها عيسى، وسيبويه. ولا يقبل قول من أنكرها.

ويتعلق بإذن مسائل.

الأولى: مذهب الجمهور أنها حرف، كما تقدم. وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم، وأصلها إذا. والأصل أن تقول: إذا جئتني أكرمتك. فحذف ما يضاف إليه، وعوض منه التنوين.

ثم اختلف القائلون بحرفيتها. فقال الأكثرون: إنها بسيطة. وذهب الخليل، في أحد أقواله، إلى أنها مركبة من إذ وأن. واختلف القائلون بأنها بسيطة. فذهب الأكثرون إلى أنها ناصبة بنفسها. وذهب الخليل، فيما روى عنه أبو عبيدة، إلى أنها ليست ناصبة

ص: 363

بنفسها، وأن بعدها مقدرة. وإليه ذهب الزجاج، والفارسي. والصحيح أنها ناصبة بنفسها.

الثانية: قال سيبويه في إذن: معناها الجواب والجزاء. فحمله قوم، منهم الشلوبين، على ظاهره وقال: إنها للجواب والجزاء، في كل موضع. وتكلف تخريج ما خفي فيه ذلك. وحمله الفارسي على أنها قد ترد لهما، وهو الأكثر، وقد تكون للجواب وحده، نحو أن يقول القائل أحبك: فتقول: إذاً أطنك صادقاً. فلا يتصور هنا الجزاء.

وقال بعض المتأخرين: إذن، وإن دلت على أن ما بعدها متسبب عما قبلها، على وجهين: أحدهما: أن تدل على إنشاء الارتباط والشرط، بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها، في ثاني حال. فإذا قال: أزورك، فقلت: إذن أزوك، فإنما أردت أن تجهل فعله شرطاً للفعل. وإنشاء السببية، في ثاني حال، من ضرورته أنها تكون في الجواب، وبالفعلية، وفي زمان مستقبل. والوجه الثاني: أن تكون

ص: 364

مؤكدة جواب، ارتبط بمتقدم، أو منبهة على سبب، حصل في الحال. نحو: إن أتيتني إذاً آتك، ووالله إذاً فهم الربط. وإذا كان بهذا المعنى ففي دخولها على الجملة الصريحة، نحو: إن يقم زيد إد عمرو قائم، نظر. قال: والظاهر الجواز.

الثالثة: إذا وقع بعد إذاً الماضي، مصحوباً باللام، كقوله تعالى " إذاً لأذقناك "، فالظاهر أن اللام جواب قسم مقدر، قبل إذا وقال الفراء: لو مقدرة قبل إذاً، والتقدير: لو ركنت لأذقناك. وقدز، في كل موضه، ما يليق به.

الرابعة: اختلف النحويون في الوقف على إذن. فذهب الجمهور إلى أنها يوقف عليها بالألف، لشبهها بالمنون المنصوب. وذهب بعضهم إلى أنها يوقف عليها بالنون، لأنها بمنزلة أن ولن، ونقل عن المازني والمبرد.

ص: 365

الخامسة: اختلف النحويون أيضاً، في رسمها، على ثلاثة مذاهب: أحدها: أنها تكتب بالألف. قيل: وهو الأكثر، وكذلك رسمت في المصحف. ونسب هذا القول إلى المازني، وفيه نظر، لأنه إذا كان يرى الوقف عليها بالنون، كما نقل عنه، فلا ينبغي أن يكتبها بالألف. والثاني: أنها تكتب بالنون. قيل: وإليه ذهب المبرد والأكثرون. وعن المبرد: أشتهى أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف، لأنها مثل أن ولن ولا يدخل التنوين في الحروف والثالث: التفصيل، فإن ألغيت كتبت بالألف، لضعفها، وإن عملت كتبت بالنون. وقال صاحب رصف المباني: والذي عندي فيها الاختيار أن ينظر، فإن وصلت في الكلام كتبت بالنون، علمت أو لم تعمل، كما يفعل بأمثالها من الحروف. وإذا وقف عليها كتبت بالألف، لأنها إذ ذاك مشبهة بالأسماء المنقوصة، مثل: دماً، ويداً. والله أعلم.

ص: 366

لفظ مشترك؛ يكون اسماً وحرفاً.

فإذا كانت اسماً فلها أقسام: الأول: أن تكون ظرفاً لما يستقبل من الزمان، متضمنة معنى الشرط. ولذلك تجاب بما تجاب به أدوات الشرط، نحو: إذا جاء زيد فقم إليه. وكثر مجيء لماضي بعدها، مراداً به الاستقبال.

ومع تضمنها معنى الشرط لم يجزم بها، إلا في الشعر، كقول الشاعر:

وإذا تصبك خصاصة فارج الغنى

وإلى الذي يعطي الرغائب، فارغب

وإنما لم يجزم بها، لمخالفتها إن الشرطية. وذلك لأن إذا لما تيقن وجوده أو رجح، بخلاف إن فإنها للمشكوك فيه، وقد تدخل على المتيقن وجوده إذا أبهم زمانه، كقوله تعالى " أفإن

ص: 367

مت فهم الخالدون ". وقد تدخل على المستحيل، كقوله تعالى " قل: إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ". وأجاز الكوفيون الجزم بإذا مطلقاً.

ومذهب سيبويه أن إذا لا يليها إلا فعل ظاهر، أو مقدر. فالظاهر نحو " إذا جاء نصر الله والفتح ". والمقدر نحو " إذا السماء انشقت ". ولا يجيز غير ذلك. هذا هو المشهور، في النقل عن سيبويه. ونقل السهيلي أن سيبويه يجيز الابتداء بعد إذا الشرطية، وأدوات الشرط، إذا كان الخبر فعلاً. وأجاز الأخفش وقوع المبتدأ بعد إذا. قال ابن مالك: وبقوله أقول، لأن طلب إذا للفعل ليس كطلب إن. ومن ذلك قول الشاعر:

إذا باهلي تحته حنظلية

له ولد، منها، فذاك المذرع

ص: 368

وأول بعضهم البيت على أن التقدير: استقرت تحته حنظلية. فحنظلية: فاعل وباهلي: مرفوع بفعل يفسره العامل في تحته.

ومذهب الجمهور أن إذا مضافة للجملة التي بعدها، والعامل فيها الجواب. وذهب بعض النحويين إلى أنها ليست مضافة إلى الجملة، بل هي معمولة للفعل الذي بعدها، لا لفعل الجواب.

قال الشيخ أبو حيان: ومذهب الجمهور فاسد، من وجوه: أحدها: أن إذا الفجائية قد تقع جواباً إذا الشرطية، وما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها. والثاني: اقتران جوابها بالفاء، وما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها. والثالث: أن جوابها جاء منفياً بما، نحو " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم "، وما بعد ما النافية لا يعمل فيما قبلها. والرابع: اختلاف وقتي الشرط والجواب، في بعض المواضع، نحو: إذا جئتني غداً أجيئك بعد غد.

قلت: والجواب عن هذه الوجوه أن الجمهور إنما يقولون: إن العامل فيها جوابها، إذا كان صالحاً للعمل. فإن منع من عمله فيها مانع كإذا الفجائية، وإن، ونحوهما، فالعامل فيها حينئذ

ص: 369

مقدر، يدل عليه الجواب هذا حاصل كلامهم. وصرح أبو البقاء، في إعرابه بأن الفاء الداخلة في جواب إذا لا تمنع من عمل ما بعدها في إذا. وذكر الحوفي، والزمخشري، أن العامل في " إذا جاء نصر الله ": فسبح. وقد بسطت الكلام، على ذلك، في غير هذا الكتاب.

الثاني: أن تكون ظرفاً لما يستقبل من الزمان، مجردة من معنى الشرط. نحو قوله تعالى " والليل إذا يغشى "، " والنجم إذا هوى ". والماضي بعدها في معنى المستقبل، كما كان بعد المتضمنة معنى الشرط. وقال الفراء: لا يكون بعدها الماضي إلا إذا كان فيها معنى الشرط والإبهام. ومنه قوله تعالى " وقالوا لإخوانهم، إذا

ص: 370

ضربوا في الأرض "، كأنه قال: كلما ضربوا، أي: لا تكونوا كهؤلاء، إذا ضرب إخوانهم في الأرض.

الثالث: أن تكون ظرفاً لما مضى من الزمان، واقعة موقع إذ، كقوله تعالى " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت: لا أجد "، وقوله " وإذا تجارة، أو لهواً، انفضوا إليها ". فإذا، في هذا ونحوه، بمعنى إذا. هذا مذهب بعض النحويين، وبه قال ابن مالك. قال في التسهيل: وربما وقعت موقع إذ وإذا موقعها. والذي صححه المغاربة أن إذا لا تقع موقع إذ، ولا إذ موقعها. وتأولوا ما أوهم ذلك.

الرابع: أن تخرج عن الظرفية، فتكون اسماً، مجرورة بحتى كقوله تعالى " حتى إذا جاؤوها ". وهو في القرآن كثير. فإذا، في ذلك، فيها وجهان: أحدهما أن تكون مجرورة بحتى،

ص: 371

واختاره ابن مالك. والثاني: أن تكون حتى ابتدائية، وإذا في موضع نصب على ما استقر لها. وبه جزم أبو البقاء. وجوز الزمخشري الوجهين. قلت: وأشار الفارسي في التذكرة إلى جواز الوجهين. وتقدير الغاية على الأول: " وسبق الذين كفروا إلى جهنم "، إلى وقت مجيئهم لها. وعلى هذا، فلا جواب لها. وعلى الثاني، تكون الغاية ما ينسبك من الجواب مرتباً على الشرط. والتقدير المعنوي: إلى تفتح أبوابها وقت مجيئهم، فينقطع السوق ويؤيد أنها بعد حتى شرطية، في موضع نصب، اتفاق النحويين على طلب جوابها، في قوله تعالى " حتى إذا جاؤوها وفتحت "، فقيل: الواو زائدة. وقيل: الجواب محذوف.

وذهب ابن جني إلى أن إذا قد تخرج عن الظرفية، وتكون مبتدأة، كقوله تعالى " إذا وقعت الواقعة ". فإذا مبتدأ، و " إذا رجت " خبره، في قراءة من نصب " خافضة

ص: 372

رافعة ". قال ابن مالك: وهو صحيح. زاد أنها تكون مفعولاً به، كقوله عليه السلام، لعائشة رضي الله عنها " إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبي ". والظاهر أنها لا تكون مبتدأة، ولا مفعولاً، وأنها لا تخرج عن الظرفية، وما استدل به محتمل للتأويل.

وأما إذا الحرفية فقسم واحد، وهي الفجائية. والفرق بينها وبني إذا الشرطية من خمسة أوجه: الأول: أن إذا الشرطية لا يليها إلا جملة فعلية، وإذا الفجائية لا يليها إلى جملة اسمية. والثاني: أن إذا الشطرية تحتاج إلى جواب، وإذا الفجائية لا جواب هلا. والثالث: أن إذا الشطرية للإستقبال، وإذا الفجائية للحال. قال سيبويه: وتكون للشيء توافقه في حال أنت فيها. يعني الفجائية. وقال الفراء: وقد يتراخى، كقوله تعالى " ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ". والرابع: أن الجملة، بعد إذا الشرطية، في موضع خفض بالإضافة، والجملة بعد إذا الفجائية

ص: 373

لا موضع لها. والخامس: أن إذا الشرطية تقع صدر الكلام، وإذا الفجائية لا تقع صدراً. وقد جمعت هذه الفروق، في هذه الأبيات:

الفرق بين إذا لشرط، والتي

لفجاءة من أوجه، لا تجهل

طلب التي للشرط فعلاً بعدها

وجوابها، وأتت لما يستقبل

وتضاف للجمل التي من بعدها

وتكون في صدر المقالة، أول

واختلف النحويون في إذا الفجائية، على ثلاثة أقوال: الأول: أنها ظرف زمان. وهو مذهب الزجاج، والرياشي، واختاره ابن طاهر، وابن خروف، ونسب إلى المبرد. قيل: وهو ظاهر كلام سيبويه.

والثاني: أنها ظرف مكان. وهو مذهب المبرد، والفارسي، وابن جي، ونسب إلى سيبويه. واستدل القائلون، بأنها ظرف مكان،

ص: 374

بوقوعها خبراً عن الجثة، في نحو: خرجت فإذا زيد. وأجاب الأولون، بأنه على حذف مضاف، أي: حضور زيد.

والثالث: أنها حرف. وهو مذهب الكوفيين، وحكي عن الأخفش. واختاره الشلوبين، في أحد قوليه. وإليه ذهب ابن مالك، واستدل على صحته بثمانية أوجه ذكرتها والإعتراض على بعضها في غير هذا الكتاب.

وتقع إذا الفجائية في مواضع.

منها نحو قولهم: خرجت فإذا الأسد. وفي هذه الفاء، الداخلة عليها، أقول تقدمت في بابها.

ومنها جواب الشرط، بأربعة شروط: أولها أن يكون الجواب جملة اسمية. وثانيها أن تكون غير طلبية، احترازاً من نحو: إن عصى زيد فويل له. فهذا تلزمه الفاء. وثالثها: ألا تدخل عليها أداة نفي. ورابعها ألا يدخل عليها إن. مثال ذلك " وإن

ص: 375

تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ". فإذا، في ذلك، نائبة مناب الفاء، في ربط الجواب بالشرط وليست الفاء مقدرة قبلها، خلافاً لزاعمه. إذا لو كانت مقدرة لم يمتنع التصريح بها.

ومنها بعد بينا وبينما كقول الحرفة:

فبينا نسوس الناس، والأمر أمرنا

إذا نحن، فيهم، سوقة، نتنصف

وقول الآخر:

بينما المرء في فنون الأماني

فإذا رائد المنون موافي

وقال الأصمعي: إذ وإذا في جواب بينا وبينما لم يأت عن فصيح. والصحيح أنه عربي، ولكن تركها أفصح.

ص: 376

وقد جاءت إذا الفجائية في مواضع أخر. فقد جاءت جواب إذا الشرطية، كقوله تعالى " فإذا أصاب به من يشاء، من عباده، إذا هم يستبشرون ". وقد جاءت بعد لما، كقوله تعالى " فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ". وهو دليل على حرفية لما. إذ لو كانت ظرفاً لكان جوابها عاملاً فيها، وإذا الفجائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.

فإن قلت: ما العامل في إذا الفجائية، على القول باسميتها؟ قلت: خبر المبتدأ الواقع بعدها، نحو: خرجت فإذا زيد قائم. فقائم ناصب لإذا. والتقدير: ففي المكان الذي خرجت فيه، أو في الزمان الذي خرجت فيه، زيد قائم. وإن لم يذكر بعدها خبر، نحو: خرجت فإذا زيد، أو نصب على الحال، نحو: خرجت فإذا زيد قائماً، كانت إذا خبر المبتدأ. فإذا كان جئة، وقلنا إنها ظرف زمان، كان الكلام على حذف مضاف، أي ففي الزمان حضور زيد.

فإن قلت: ما تقرر، من أن العامل فيها خبر ما بعدها،

ص: 377