الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإبدال، وزائدة، وفصل
…
ومعنى عن، وفي، وعلى، وباء
من بضم الميم
لفظ مختلف فيه. فقيل: هو حرف جر، مختص بالقسم، ولا يدخل إلا على الرب. فيقال: من ربي لأفعلن. وشذ قولهم: من الله. وقيل: هو اسم، وهو بقية أيمن، لكثرة تصرفهم فيها. واحتج على ذلك بأن من بضم الميم لم يثبت حرفيتها، في غير هذا الموضع. ورد بدخولها على الرب، وأيمن لا تدخل عليه. وبأنها لو كانت اسماً لأعربت، لأن المعرب لا يزيله عن إعرابه حذف شيء منه.
وذكر صاحب رصف المباني أن من يجوز في نونها الإدغام، والإظهار مع راء رب. وعلل جواز الإظهار بأن نونها لما سكنت، تخفيفاً، جاز إظهارها دلالة على أصل التحريك. وصحح القول باسميتها.
وذكر ابن مالك في باب حروف الجر من التسهيل أن من هذه حرف. قال: وتختص مكسورة الميم، ومضمومتها، في القسم بالرب. وذكر في باب القسم أن من مثلث الحرفين مضافاً إلى الله، مختصر من أيمن. قيل: فيكون مذهباً ثالثاً. وهو أنها حرف إذا ضمت ميمها أو كسرت، واسم إذا كانت مثلثة الحرفين. والنحويون ذكروا الخلاف في المضمومة الميم، كما سبق. واله أعلم.
ما
لفظ مشترك؛ يكون حرفاً واسماً.
فأما ما الحرفية فلها ثلاثة أقسام: نافية، ومصدرية، وزائدة، فالنافية قسمان: عاملة، وغير عاملة.
فالعاملة: هي ما الحجازية. وهي ترفع الاسم، وتنصب الخبر، عند أهل الحجاز. قيل: وأهل تهامة. قال صاحب رصف المباني: أهل الحجاز ونجد. وإنتما عملت عندهم، مع أنها حرف لا يختص،
والأصل في كل حرف لا يختص أنه لا يعمل، لأنها شابهت ليس في النفي، وفي كونها لنفي الحال غالباً، وفي دخولها على جملة اسمية. ولعملها عندهم شروط: الأول: تأخر الخبر. فلو تقدم بطل عملها. هذا مذهب الجمهور. وأجاز بعضهم نصب الخبر، المقدم على الاسم. وقال الجرمي: إنه لغة. وحكى ما مسيئاً من أعتب.
ونسبه ابن مالك إلى سيبويه. وفي نسبته إليه نظر، لأن سيبويه إنما حكاه عن غيره. قال: وإذا قلت: ما منطلق عبد الله، وما مسيء من أعتب، رفعت. ولا يجوز أن يكون مقدماً مثله مؤخراً، كما أنه لا يجوز أن تقول: إن أخوك عبد الله، على حد قولك: إن عبد الله أخوك، لأنها ليست بفعل. فهذا نص على منع النصب. ولم يكفه حتى شبهه بشيء لا خلاف فيه. ثم قال: وزعموا أن بعضهم قال، وهو الفرزدق:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم
…
إذ هم قريش، وإذ ما مثلهم بشر
وهذا لا يكاد يعرف. فهذا لم يسمعه من العرب. إنما قال وزعموا، ثم قال وهذا لا يكاد يعرف. فنفي المقاربة، والمقصود نفي العرفان، كقوله تعالى " لم يكد يراها ". وقد تؤول هذا البيت، على أوجه، ذكرتها في غير هذا الكتاب.
واختلف النقل عن الفراء. فنقل عنه أنه أجاز: ما قائماً زيد، بالنصب. ونقل ابن عصفور عنه أنه لا يجيز النصب.
وذهب بعض النحويين إلى تفصيل، فقال: إن كان خبر ما ظرفاً، أو جاراً ومجروراً، جاز توسطه، مع بقاء العمل. ويحكم على محلهما بالنصب. وإن كان غير ذلك لم يجز. وصححه ابن عصفور.
الثاني: بقاء النفي. فلو انتقض النفي ب إلا بطل العمل. كقوله تعالى " وما محمد إلا رسول ".
وروي عن يونس، من غير طريق سيبويه، إعمال ما في الخبر الموجب ب إلا. واستشهد على ذلك بعض النحويين، بقول مغلس:
وما حق الذي يعثو، نهاراً
…
ويسرق ليله، إلا نكالا
وبقول الآخر:
وما الدهر إلا منجنوناً بأهله
…
وما صاحبل الحاجات إلا معذبا
ووافق ابن مالك يونس، على إجازة ذلك. قال: ما اخترته من حمل إلا منجنوناً وإلا نكالا على ظاهرهما، من النصب ب ما، هو مذهب الشلوبين. ذكر ذلك في تنكيته على المفصل.
وقد أول قوله إلا نكالا على التقدير: إلا ينكل نكالا.
فيكون مثل: ما زيد إلا سيراً. وقيل: أراد: إلا نكالان: نكال لعثوه، ونكال لسرقته. فحذف النون للضرورة. وأول إلا منجنوناً على أن التقدير: وما الدهر إلا يدور دوران منجنون، وهو الدولاب ثم حذف الفعل والمضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. وقيل: منجنون: اسم وضع موضع المصدر، الموضوع موضع الفعل، الذي هو الخبر. تقديره: وما الدهر إلا بجن جنوناً. ثم حذف يجن وأوقع منجنوناً موقع المصدر. وقيل: منجنون: اسم في موضع الحال، والخبر مجذوف. تقديره: وما الدهر موجوداً إلا على هذه الصفة، أي: مثل المنجنون. وقال ابن بابشاذ: إن منجنوناً منصوب على إسقاط الخافض، أصله: وما الدهر إلا كمنجنون. وهو فاسد، لأن هذا المجرور في موضع رفع، فلو حذف منه حرف الجر لرفع. وأول قوله إلا معذباً على أن التقدير: إلا يعذب معذباً. ومعذب هنا مصدر بمعنى
التعذيب، مثل ممزق في قوله تعالى " ومزقناهم كل ممزق ".
الثالث: فقد إن. فلو وجدت إن بعد ما بطل عملها، نحو: ما إن زيد قائم. قال فروة بن مسيك، وهو حجازي:
وما إن طبنا جبن، ولكن
…
منايانا، ودولة آخرينا
وذكر ابن مالك أن ما يبطل عملها إذا زيدت بعدها إن بلا خلاف. وليس كذلك. فقد حكى غيره أن الكوفيين أجازوا النصب. وأنشد يعقوب:
بني غدانة، ما إن أنتم ذهباً
…
ولا صريفاً، ولكن أنتم الخزف
بنصب ذهب وصريف.
الرابع: ألا يتقدم غير ظرف، أو جار ومجرور، من معمول خبرها. فإن تقدم غيرهما بطل العمل، نحو ما طعامك زيد آكل. وأجاز ابن كيسان نصب آكل ونحوه، مع تقديم المعمول.
وزاد بعضهم شرطين آخرين: أحدهما ألا تؤكد بمثلها. فإن أكدت، نحو: ماما زيد قائم، وجب الرفع. قال ابن أصبغ: عند عامة النحويين، وأجازه جماعة من الكوفيين. قلت: وصرح ابن مالك بعملها، في هذه الصورة. ولم يحك في ذلك خلافاً. وأنشد، على العمل، قول الراجز:
لا ينسك الأسى تأسياً، فما
…
ما من حمام أحد معتصما
فكرر ما النافية توكيداً، وأبقى عملها. وثانيهما: ألا يبدل من الخبر بدل مصحوب بإلا نحو: ما زيد شيء إلا شيء لا يعبأ به. وفي الكتاب للصفار جواز نصب الخبر، ورفع ما بعد إلا على البدل من الموضع. وهو وهم.
وغير الحجازيين، ومن ذكر معهم، لا يعملون ما. وحكى سيبويه أن إهمالها لغة بني تميم.
وأما غير العاملة فهي الداخلة على الفعل. نحو: ما قام زيد، وما يقوم عمرو. فهذه لا خلاف بينهم، في أنها لا عمل لها. وإذا دخلت على الفعل الماضي بقي على مضيه، وإذا دخلت على المضارع خلصته للحال، عند الأكثر. قال ابن مالك: وليس كذلك، بل قد يكون مستقبلاً، على قلة. كقوله تعالى " قل: ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ". واعترض بأنهم إنما جعلوها مخلصة للحال، إذا لم يوجد قرينة غيرها، تدل على غير ذلك.