الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأتى صواحبها، فقلن: هذا الذي
…
منح المودة غيرنا، وجفانا؟
وقال بعضهم: إنه أراد هذا فحذف ألف ها، للضرورة.
فإن قلت: عد الهاء من حروف المعاني مشكل، لأن هاء السكت قد ذكرها النحويون مع الحروف الزوائد، أعني حروف أمان وتسهيل. فإنهم مثلوا الهاء بهاء السكت. وإنما يذكر من حروف أمان وتسهيل ما ليس بحرف معنى. وأما الهاء التي هي بدل من همزة فليست بأصل! قلت: أما كون هاء السكت حرف معنى فواضح. وقد قال ابن الحاجب، وغيره: إن ذكرها مع الحروف الزوائد ليس بجيد. وهو كما قال. والله أعلم.
الواو
حرف يكون عاملاً، وغير عامل. فالعامل قسمان: جار وناصب فالجار: واو القسم، وواو رب. والناصب: واو مع، تنصب المفعول معه، عند قوم. والواو، التي ينتصب الفعل المضارع بعدها،
هي الناصبة له، عند الكوفيين. فأقسام الواو العاملة أربعة. ولا يصح منها غير الأول. وسيأتي بيان ذلك.
فأما واو القسم فحرف يجر الظاهر، دون المضمر. وهو فرع الباء، لأن الباء فضلت بأربعة أوجه، تقدم بيانها. وذهب كثير من النحويين إلى أن الواو بدل من الباء؛ قالوا: لأنها تشابهها مخرجاً ومعنى، لأنهما من الشفتين، والباء للإلصاق والواو للجمع. واستدلوا على ذلك بأن المضمر لا تدخل عليه الواو، لأن الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها.
وأما واو رب فذهب المبرد، والكوفيون، إلى أنها حرف جر، لنيابتها عن رب، وأن الجر لا ب رب المحذوفة. واستدل المبرد على ذلك بافتتاح القصائد بها، كقوله: وقاتم الأعماق، خاوي المخترق والصحيح أن الجر ب رب المحذوفة، لا بالواو.
ولأن الواو أسوة الفاء وبل، قال ابن مالك: ولم يختلفوا في أن الجر بعدهما ب رب المحذوفة، وقد تقدم ذكر ذلك في الفاء.
والواو المذكورة عاطفة. ولا حجة له، في افتتاح القصائد بها،
على أنها غير عاطفة، لإمكان إسقاط الراوي شيئاً من أولها، ولإمكان عطفها على بعض ما في نفسه.
وأما واو مع فذهب عبد القاهر إلى أنها ناصبة للمفعول معه، في نحو: استوى الماء والخشبة. وهو ضعيف، لأن الواو لو كانت عاملة لا تصل بها الضمير، في نحو: سرت وإياك. والصحيح أن المفعول معه منصوب بما قبل الواو، من فعل، أو شبهه، بواسطة الواو.
وذهب الزجاج إلى أن ناصبه مضمر بعد الواو، من فعل، أو شبهه. تقديره في ما صنعت وأباك: وتلابس أياك. وهو ضعيف، لأن فيه إحالة لباب المفعول معه، إذ المنصوب ب تلابس مفعول به.
وذهب الكوفيون إلى أن منصوب بالخلاف. وهو فاسد، لأن الخلاف معنى، والمعاني المجردة لم يثبت النصب بها.
وقال الأخفش: انتصابه انتصاب الظرف، وذلك لأن الأصل: سرت مع النيل. فلما جيء بالواو في موضع مع انتصب الاسم انتصاب مع. والواو مهيئة لانتصاب هذا الاسم انتصاب الظرف. ونظير ذلك إعراب ما بعد إلا بإعراب غير، إذا وقعت إلا صفه.
فإن قلت: فهل واو مع قسم برأسه، أو هي الواو العاطفة؟ قلت: بل هي غيرها. وقال قوم: إنها، في الأصل، هي العاطفة. ولذلك لا تدخل عليها واو العطف، ولو كانت غيرها لصح دخول واو العطف عليها، كما تدخل على واو القسم.
وأما الواو التي ينتصب المضارع بعدها فتكون في موضعين: الأول في الأجوبة الثمانية، التي تقدم ذكرها، للفاء الناصبة. كقول الشاعر:
لاتنه عن خلق، وتأتي مثله
…
عار عليك، إذا فعلت، عظيم
والثاني: أن يعطف بها الفعل على المصدر، كقول القائلة:
للبس عباءة، وتقر عيني
…
أحب إلي، من لبس الشفوف
وذهب بعذ الكوفيين إلى أن الواو في ذلك هي الناصبة للفعل، بنفسها، وذهب بعضهم إلى أن الفعل منصوب بالمخالفة. والصحيح أن الواو في ذلك عاطفة، والفعل منصوب ب أن مضمرة بعد الوا. إلا أنها، في الأول، عاطفة مصدراً مقدراً على مصدر متوهم، وفي الثاني عاطفة مصدراً مقدراً على مصدر صريح. وإضمار أن بعدها
في الأول واجب، وفي الثاني جائز.
وأما الواو غير العاملة فقد ذكر بعضهم لها أقساماً كثيرة. وهي راجعة إلى ثمانية أقسام: الأول: العاطفة. وهذا أصل أقسامها وأكثرها. والوا أم باب حروف العطف، لكثرة مجالها فيه. وهي مشركة في الإعراب والحكم.
ومذهب جمهور النحويين أنها للجمع المطلق. فإذا قلت: قام زيد وعمرو، احتمل ثلاثة أوجه: الأول أن يكونا قاما معاً، في وقت واحد. والثاني أن يكون المتقدم قام أولاً. والثالث أن يكون المتأخر قام أولاً. قال سيبويه: وليس في هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا بشيء بعد شيء.
وذهب قوم إلى أنها للترتيب. وهو منقول عن قطرب،
وثعلب، وأبي عمر الزاهد غلام ثعلب، والربعي، وهشام، وأبي جعفر الدينوري. ولكن قال هشام والدينوري: إن الواو لها معنيان: معنى اجتماع، فلا تبالي بأيتهما بدأت، نحو: اختصم زيد وعمرو، ورأيت زيداً وعمراً، إذا اتحد زمان رؤيتهما. ومعنى اقتران، بأن يختلف الزمان، فالمتقدم في الزمان يتقدم في اللفظ، ولا يجوز أن يتقدم المتأخر. وعن الفراء أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع. وقد علم بذلك أن ما ذكره السيرافي والفارسي والسهيلي، من إجماع النحاة، بصريتهم وكوفيهم، على أن الواو لا ترتب، غير صحيح.
قال ابن الخباز: وذهب الشافعي، رضي الله عنه، إلى أنها