الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثامن: أن تكون أمراً لجماعة الإناث، من: آن يئين، أي: قرب. فتقول: إن يا نساء، أي اقربن.
والتاسع: أن تكون ماضياً، خبراً عن الإناث، من آن أيضاً. نحو: النساء إن، أي: قربن.
والعاشر: أن تكون مركبة من إن النافية وأنا كقول العرب: إن قائم. يريدون: إن أنا قائم. فنقلوا حركة الهمزة إلى نون إن، وحذفوا الهمزة، وأدغموا. ونظيره قوله " لكنا هو الله ربي ". وسمع من بعضهم: إن قائماً، بالنصب، على إعمال إن عمل ما الحجازية. والله أعلم
أن المفتوحة الهمزة
لها قسمان: الأول: أن تكون حرف توكيد، تنصب الاسم، وترفع الخبر، مثل إن المكسورة التي تقدم ذكرها. وأن المفتوحة من الأحرف المصدريات. ونص النحويون على أنها تفيد التوكيد
كإن المكسورة. واستشكله بعضهم. قال: لأنك لو صحرت بالمصدر المنسبك منها لم يفد توكيداً. وليس هذا الإشكال بشيء.
واختلف في المفتوحة الهمزة، فقيل: هي فرع المكسورة. وهو مذهب سيبويه، والمبرد في المقتضب، وابن السراج في الأصول. ولذلك قال هؤلاء في إن وأخواتها: الأحرف الخمسة. ولم يعدوا أن المفتوحة، لأنها فرع. وهو مذهب الفراء وقيل: إن المفتوحة أصل للمكسورة وقيل: هما أصلان.
والأول هو الصحيح، ويدل على صحته أوجه: الأول: أن الكلام مع المكسورة جملة غير مؤولة بمفرد، بخلاف المفتوحة. والأصل أن يكون لمنطوق به جملة من كل وجه، أو مفرداً من كل وجه.
الثاني: أن المكسورة مستغنية بمعموليها عن زيادة، بخلاف المفتوحة.
الثالث: أن المفتوحة تصير مكسورة، بحذف ما تتعلق به.
كقولك في عرفت أنك بر: إنك بر. ولا تصير المكسورة مفتوحة، إلا بزيادة. والمرجوع إليه بحذف أصل.
الرابع: أن المكسورة تفيد معنى واحداً، وهو التوكيد. والمفتوحة تفيده، وتعلق ما بعدها بما قبلها. فكانت فرعاً.
الخامس: أن المكسورة أشبه بالفعل، لأنها عاملة غير معمولة، كما هو أصل الفعل.
السادس: أن المكسورة كلمة مستقلة، والمفتوحة كبعض اسم.
إذا تقرر هذا فاعلم أن أن لها أحوال: تارة يجب كسرها، وتارة يجب فتحها، وتارة يجوز الوجهان.
فيجب كسرها في كل موضع، يمتنع فيه تأويلها مع اسمها وخبرها بمصدر. وذلك في ثمانية مواضع: الأول: ابتداء الكلام حقيقة، نحو " إنا أعطيناك الكوثر "،
أو حكماً، نحو " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".
الثاني: صلة الموصول، نحو " وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء ". فإن وما دخلت عليه صلة ما. فإن لم تكن صلة بل جزء صلة فتحت، نحو: جاء الذي في ظني أنه فاضل. وإذا وردت مفتوحة بعد الموصول جعلت الصلة محذوفة، وأن معمولة لذلك المحذوف، كقولهم: لا أكلمه ما أن في السماء نجماً، أي: ما ثبت أن.
الثالث: جواب القسم نحو " والعصر، إن الإنسان لفي خسر " فإن كان في جملتها اللام، كالآية، فلا خاف في وجوب كسرها. وإن لم يكن ففيه خلاف، سيأتي.
الرابع: إذا حكيت بالقول، نحو " قال الله: إني معكم ".
فلو وقعت بعد القول، غير محكية، فتحت، نحو: أتقول أنك فاضل. لأن القول، في هذا، عامل عمل الظن.
الخامس: أن تقع موقع الحال مصاحبة لواو الحال، نحو " وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون "، أو غير مصاحبة، نحو " إلا إنهم ليأكلون الطعام ".
السادس: أن تكون قبل لام معلقة، نحو " والله يعلم إنك لرسوله ". فهذه لولا اللام لفتحت.
السابع: أن تكون واقعة موقع خبر اسم عين، نحو: زيد إنه قائم. ومنه قوله تعالى " إن الذين آمنوا، والذين هادوا، والصائبين، والنصارى، والمجوس، والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم ". وكذا الواقعة موقع المفعول الثاني في باب ظن، لأنه خبر في الأصل. كقول الشاعر:
منا الأناة، وبعض القوم يحسبنا
…
إنا بطاء، وفي إبطائنا سرع
فإن قلت: فهل يجوز فتح إن إذا وقعت خبر اسم عين، وتجعل من باب الإخبار بالمعنى عن العين، مبالغة، فيقال: زيد أنه قائم، كما يقال: زيد قيام؟ قلت: الحرف المصدري أضعف من صريح المصدر، فلا يلزم أن يجوز فيه ما جاز في المصدر الصريح. وقد نص ابن مالك، على أن الحرف المصدري لا يؤكد به فعل، ولا يقع نعتاً، ولا حالاً.
الثامن: أن تقع بعد حيث نحو: من حيث إنه فاضل. قال بعض النحويين: وقد أولع عوام الفقهاء بفتح أن بعدها قلت: يلزم من أجاز إضافة حيث إلى المفرد، وهو الكسائي، أن يجيز فتح أن بعدها.
ويجب فتح: أن في كل موضع، يلزم فيه تأويلها، مع اسمها وخبرها، بمصدر. وذلك في ثمانية مواضع: الأول: أن تقع في موضع فاعل، نحو " أو لم يكفهم
أنا أنزلنا عليك الكتاب ".
الثاني: أن تقع في موضع نائبة، نحو " قل: أوحي إلي أنه استمع ".
الثالث: أن تقع في موضع مبتدأ، نحو: في ظني أنك فاضل. ويجب تقديم خبرها، لأن المفتوحة لا تقع في ابتداء الكلام، خلافاً لبعضهم، ما لم تكن بعد أما فيجوز التقديم والتأخير، نحو أما أنك فاضل ففي ظني.
الرابع: أن تقع اسم كان، نحو: كان، في ظني أنك فاضل.
الخامس: أن تقع اسم إن مفصولة بالخبر، نحو: إن عندي أنك فاضل. وكذا باقي أخواتها. وقد تتصل بليت سادة مسد اسمها وخبرها، عند سيبويه. وقال الأخفش: بل مسد الأسم فقط، والخبر محذوف. كقول الشاعر:
فيا ليت أن الظاعنين تلفتوا
…
فيعلم ما بي، من جوى، وغرام
وأجاز الأخفش ذلك في لعل، قياساً على ليت. وعنه أنه
أجازه في لكن أيضاً.
وأجازه الفراء، وهشام، دخول إن المكسورة على أن المفتوحة، نحو: إن أنك قائم يعجبني. والصحيح المنع، وهو مذهب سيبويه.
السادس: أن تكون خبر اسم معنى، نحو: أمرك أنك ذاهب.
السابع: أن تقع في موضع منصوب، غير خبر، نحو قوله تعالى " ولا تخافون أنكم أشر كتم الله ". وإنما احترزت عن الخبر، والمراد به ثاني مفعولي ظن فإنه خبر في الأصل، لأنها يجب كسرها فيه، بعد اسم عين، كما تقدم.
الثامن: أن تقع في موضع مجرور، بحرف، نحو " ذلك بأن الله هو الحق ". وإما أن تقع في موضع مجرور بإضافة، نحو " إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ".
وهذه المواضع الثمانية ترجع إلى ثلاثة أشياء: أولها: أن تقع في موضع مصدر مرفوع. وثانيها: أن تقع في موضع مصدر منصوب. وثالثها: أن تقع في موضع مصدر مجرور.
وزاد بعضهم، في مواضع وجوب فتحها: أن تقع بعد لولا ولو وما التوقيتية. نحو " فلولا أنه كان من المسبحين "، " ولو أنهم صبروا "، وحكى ابن السكيت: لا أكلمك ما أن في السماء نجماً. وهذه المواضع الثلاثة راجعة إلى ما تقدم، لأنها بعد لولا في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، على الصحيح. وبعد لو في موضع رفع على الفاعلية، بفعل مقدر، أي: ولو ثبت أن. وهو مذهب الكوفيين، والمبرد، والزجاج، والزمخشري. أو على الابتداء، والخبر محذوف، وهو مذهب سيبويه. وقيل: لا حذف، لأنها سدت مسد الجزءين. وبعد ما التوقيتية في موضع رفع بفعل مقدر، تقديره: ما ثبت أن في السماء نجماً.
ويجوز الفتح والكسر في كل موضع، يجوز فيه تأويلها بمصدر
وعدم تأويلها به. وذلك في ثمانية مواضع: الأول: في نحو: أول قولي إني أحمد الله. فالكسر على تقدير: أول قولي هذا الكلام المفتتح بإني. والفتح على تقدير: أول قولي حمد الله. وفي هذه المسألة أقوال، لا يحتمل هذا الموضع ذكرها.
الثاني: بعد إذا الفجائية، كقول الشاعر:
وكنت أرى زيداً، كما قيل، سيداً
…
إذا أنه عبد القفا، واللهازم
يروى بالكسر، على عدم التأويل، والتقدير: إذا هو عبد. وبالفتح، على تقدير: فإذا عبوديته. فعبوديته مبتدأ، وإذا الفجائية خبره، عند من جعلها ظرفاً. وأما من جعلها حرفاً فالخبر عنده محذوف، تقديره: حاصلة.
الثالث: بعد فاء الجواب، كقوله تعالى " كتب ربكم على
نفسه الرحمة: أنه من عمل منكم سوءاً، بجهالة، ثم تاب من بعده، وأصلح، فإنه غفور رحيم ". قرئ بالوجهين. فالكسر على جعل ما بعدها جملة تامة، أي: فهو غفور. والفتح على تقديرها بمصدر مبتدأ والخبر محذوف، أو خبر والمبتدأ محذوف، والتقدير: فغفرانه حاصل، أو: فجزاؤه الغفران.
الرابع: بعد أما، نحو: أما أنك ذاهب. رواه سيبويه بالكسر والفتح فالكسر على جعل أما حرف استفتاح. والفتح على جعلها بمعنى حقاً. وقد تقدم بيان ذلك.
الخامس: بعد القسم، إذا لم توجد اللام، بشرط تقدم فعل القسم، نحو: أحلف بالله أن زيداً قائم. فالكسر على جعلها جواباً للقسم. والفتح على تقدير على وتكون متعلقة بفعل القسم. وقد روى بالوجهين قول الشاعر:
أو تحلفي بربك، العلي
…
أني أبو ذيالك الصبي
وأجاز الكوفيون فتح أن إذا وقعت جواب القسم، دون لام، نحو: والله أن زيداً قائم. والصحيح وجوب الكسر، وهو مذهب البصريين. وقال ابن خروف: لم يسمع فتحها بعد اليمين، ولا وجه له. قلت: وهو كما قال وقد أوضحت ذلك، في غير هذا الكتاب.
السادس: بعد حتى، نحو: عرفت أمورك حتى أنك فاضل. إن جعلت حتى جاره أو عاطفة فتحت أن. وإن جعلت حتى ابتدائية كسرت، كقولهم: مرض حتى إنه لا يرجى، بالكسر.
السابع: بعد لا جرم. المشهور بعدها فتح أن، كقوله تعالى " لا جرم أن لهم النار ". ومذهب سيبويه أن لا
نافية، وهي رد لما قبلها، متما يدل عليه سياق الكلام وجرم فعل ماض بمعنى: حق. وأن مع صلتها في موضع رفع بالفاعلية. وقال بعضهم: جرم بمعنى كسب، وفاعلها ضمير مستتر، وأن مع صلتها في موصع نصب بالمفعولية. والتقدير: كسب لهم كفرهم أن لهم النار. قال الشاعر:
نصبنا رأسه، في رأس جذع
…
بما جرمت يداه، وما اعتدينا
أي: بما كسبت.
وقال الكوفيون: لا نافية، وجرم اسم لا، وهي بمعنى: لا بد، ولا محالة، وأن على تقدير من، أي: لا جرم من أن لهم النار. فجرم عند الكوفيين اسم. قال الزمخشري: من الجرم، وهو القطع، كما يقال إن بداً من التبديد، وهو التفريق. فكما أن معنى لا بد أنك تفعل كذا بمعنى: لا بد من فعله، فكذلك لا جرم أن لهم النار أي: لا قطع لذلك. بمعنى أنهم أبداً يستحقون
النار، ولا انقطاع لاستحقاقهم. وروى عن العرب: لا جرم أنه يفعل، بضم الجيم وسكون الراء، بزنة: بد. وفعل وفعل أخوان، كرشد ورشد.
وأما وجه الكسر بعد لا جرم فهو ما حكاه الفراء. قال: العرب تقول: لا جرم لآتينك، ولا جرم لقد أحسنت. فتراها بمنزلة اليمين. قال ابن مالك: ولإجرائها مجرى اليمين حكي عن العرب كسر إن بعدها. قلت: والظاهر أن إن إذا كسرت بعدها فهي جواب قسم، مقدر بعد لا جرم. وهو ظاهر قول ابن مالك التسهيل: وربما أغنت لا جرم عن لفظ القسم، مراداً. ويؤيد ذلك أن بعض العرب صرح بالقسم بعدها، فقال: لا جرم، والله لافارقتك.
الثامن: بعد أما، إذا جاء بعدها ظرف، أو مجرور، نحو، أما في الدار فإن زيداً قائم، فيجوز الكسر على تقدير: فزيد قائم، ويتعلق المجرور بما في أما من معنى الفعل. ويجوز الفتح على تقدير: فقيامه،