الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه
الفرق بين أقسام لما الثلاثة، من جهة اللفظ، أن الجازمة لا يليها إلا مضارع، ماضي المعنى. والتي بمعنى إلا لا يليها إلا ماضي اللفظ، مستقبل المعنى. والتي هي حرف وجوب لوجوب لا يليها إلا ماضي اللفظ والمعنى، أو مضارع منفي بلم. والله أعلم.
لولا
حرف له قسمان: الأول: أن يكون حرف امتناع لوجوب. وبعضهم يقول: لوجود، بالدال. قيل: ويلزم، على بعارة سيبويه في لو، أن يقال: لولا حرف لما كان سيقع لانتفاء ما قبله.
وقال صاحب رصف المباني: الصحيح أن تفسيرها بحسب الجمل التي تدخل عليها. فإن كانت الجملتان بعدها موجبتين فهي حرف امتناع لوجوب، نحو قولك: لولا زيد لأحسنت إليك. فالإحسان
امتنع، لوجود زيد. وإن كانتا منفيتين فهي حرف وجوب لامتناع، نحو: لولا عدم قيام زيد لم أحسن إليك. وإن كانتا موجبة ومنفية فهي حرف وجوب لوجوب، نحو: لولا زيد لم أحسن إليك. وإن كانتا منفية وموجبة فهي حرف امتناع لامتناع، نحو: لولا عدم قيام زيد لأحسنت إليك. انتهى ما ذكره.
وجواب لولا ماض مثبت، مقرون باللام، نحو " لولا أنتم لكنا مؤمنين "، أو منفي بما، نحو " ولولا فضل الله عليكم، ورحمته، ما زكى منكم من أحد أبداً ". وقد يخلو المثبت من اللام، كقول الشاعر:
لولا الحياء، وباقي الدين، عبتكما
…
ببعض ما فيكما، إذ عبتما عوري
وقال ابن عصفور: حذف اللام من جواب لولا ضرورة. وقال
أيضاً: يجوز في قليل من الكلام. وسوى بعضهم بين حذف اللام وإثباتها في لو ولولا. وقد يقترن باللام لمفني بما، كقول الشاعر:
لولا رجاء لقاء الظاعنين لما
…
أبقت نواهم لنا روحاً، ولا جسدا
وإذا دل دليل على جواب لولا جاز حذفه، كقوله تعالى " ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم ".
ثم اعلم أن لولا الامتناعية مختصة بالأسماء. ولها حالان: أحدهما أن تكون حرف ابتداء. وذلك إذا وليها اسم ظاهر، أو ضمير رفع منفصل، نحو: لولا زيد لأكرمتك، ولولا أنت لأكرمته. فلولا، في هذا ونحوه، حرف ابتداء، والأسم بعدها مرفوع بالابتداء عند أكثر النحويين. ثم اختلفوا في خبره.
فقال الجمهور: هو محذوف، واجب الحذف مطلقاً. ولا يكون عندهم إلا كوناً مطلقاً. فإذا أريد الكون المقيد جعل مبتدأ، نحو:
لولا قيام زيد لأتيتك. ولا يجوز لولا زيد قائم. ولذلك لحنوا المعري، في قوله:
يذيب الرعب منه كل عضب
…
فلولا الغمد يمسكه لسالا
قلت: وتأويله بعضهم، على أن يمسكه حال. ورد بأن الأخفش حكى عن العرب أنهم لا يأتون، بعد الأسم الواقع بعد لولا الامتناعية، بالحال، كما لا يأتون بالخبر. وتأوله بعضهم على تقدير أن، والتقدير: فلولا الغمد أن يمسكه. وأعربه بدلاً، أي: لولا إمساكه.
وذهب الرماني، وابن الشجري، والشلوبين، إلى أن الخبر، بعد لولا، ليس بواجب الحذف على الإطلاق. بل فيه تفصيل. وهو أنه إن كان كوناً مطلقاً، غير مقيد، وجب حذفه، نحو: لولا زيد لأكرمتك، لأن تقديره موجود أو نحوه. وإن
كان مقيداً، ولا دليل عليه، وجب إثباته، كقوله عليه الصلاة والسلام، لعائشة رضي الله عنها لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم. وإن كان مقيداً، وله دليل يدل عليه، جاز إثباته وحذفه، كقولك: لولا أنصار زيد لهلك، أي: نصروه. فهذا يجوز إثباته، لكونه مقيداً، وحذفه للدليل الدال عليه. واختار ابن مالك هذا المذهب، وجعل قول المعري فلولا الغمد يمسكه مما يجوز فيه الإثبات والحذف.
وقال ابن أبي الربيع: أجاز قوم لولا زيد قائم لأكرمتك، وهذا لم يثبت بالسماع. والمنقول: لولا قيام زيد.
وقال ابن الطراوة: جواب لولا هو خبر المبتدأ الواقع بعد لولا. وهو ضعيف.
وذهب الكوفيون إلى أن الأسم المرفوع بعد لولا ليس بمبتدأ، ثم اختلفوا. فقال الكسائي: مرفوع بفعل مقدر، تقديره:
لولا وجد زيد. وقال بعضهم: هو مرفوع بلولا، لنيابتها مناب لو لم يوجد. حكاه الفراء عن بعضهم، ورده بأنك تقول لولا زيد لا عمرو لأتيتك، ولا يعطف بلا بعد النفي. وقال الفراء: هو مرفوع بلولا نفسها، لا لنيابتها مناب لو لم يوجد.
وقال صاحب رصف المباني: ويرفع، عند الكوفيين، على تقدير فعل، نابت لا منابه. فإذا قلت: لولا زيد لأكرمتك، و " لولا أنتم لكنا مؤمنين "، فالمعنى: لو انعدم زيد، ولو انعدمتم. قال: وهذا هو الصحيح، لأنه إذا زالت لا ولي لو الفعل ظاهراً، أو مقدراً. وإذا دخلت لا كان بعدها الأسم. فهذا يدل على أن لا نائبة مناب الفعل. وقد اتفق الطائفتان على أن لولا مركبة من لو التي هي حرف امتناع لامتناع، ولا النافية. وكل واحدة منهما باقية على بابها، من المعنى الموضوعة له قبل التركيب. انتهى ما ذكره.
والثاني من حالي لولا الامتناعية أن تكون حرف جر.
وذلك إذا وليها الضمير المتصل، الموضوع للنصب والجر، كالياء والكاف والهاء. قال الشاعر:
وكم موطن، لولاي طحت، كما هوى
…
بأجرامه، من قلة النيق، منهوي
فلولا، في ذلك، حرف جر عند سيبويه، والضمير مجرور بها، لأن الياء وأخواتها لا يعرف وقوعها إلا في موضع نصب أو جر، والنصب في لولاي ممتنع، لأن الياء لا تنصب بغير اسم، إلا ومعها نون الوقاية وجوباً، أو جوازاً، فيتعين كونها في موضع جر.
وإذا قلنا بأن لولا حرف جر فهل تتعلق بشيء أو لا؟
فقال بعضهم: لا تتعلق بشيء، كالزوائد. وهو الظاهر. وقيل: تتعلق بفعل واجب الإضمار. فإذا قلت لولاي لكان كذا فالتقدير لولاي حضرت،. فألصقت ما بعدها بالفعل، على معناها من امتناع الشيء. ولا يجوز أن يعمل فيها الجواب، لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها. قيل: وما ذهب إليه فاسد. لأن في تقديره تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المجرور، وهو كالمنصوب.
وذهب الأخفش، والكوفيون، إلى أن لولا في ذلك حرف ابتداء، والضمير المتصل في موضع رفع بالابتداء، نيابة عن ضمير الرفع المنفصل، كما عكسوا في قولهم: ما أنا كأنت، ولا أنت كأنا.
والخلاف في ذلك شهير. واختار صاحب رصف المباني مذهب الأخفش، وقال: الأولى أن يحكم عليها بالبقاء على أنها حرف ابتداء، عند من يرى ذلك، أو على أن يحذف الوجود قبل الضمير، ويبقى على خفضه، كما بقي في قوله: