الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال السيرافي: المراد من قولنا في الاسم والفعل إنه يدل على معنى في نفسه أن تصور معناه في الذهن غير متوقف على خارج عنه؛ ألا ترى أنك إذا قلت: ما الإنسان؟ فقيل لك: حي ناطق، وإذا قلت: ما معنى ضرب؟ فقيل لك: ضرب في زمان ماض أدركت المعنيين باللفظ المذكور في التفسير. وقولنا في الحرف يدل على معنى في غيره، نعني به أن تصور معناه متوقف على خارج عنه: ألا ترى أنك إذا قلت: ما معنى من، فقيل لك: التبعيض، وخليت وهذا، لم تفهم معنى من إلا بعد تقدم معرفتك بالجزء والكل، لأن التبعيص أخذ جزء من كل.
وقد قيل غير ذلك، ممالا حاجة هنا إلى ذكره. والله الموفق.
الفصل الثاني
في تسميته حرفاً
اختلف النحويون في علة تسميته حرفاً.
فقيل: سمي بذلك، لأنه طرف في الكلام، وفضلة. والحرف، في اللغة، هو الطرف. ومنه قولهم: حرف الجبل، أي: طرفه، وهو
أعلاه المحدد. فإن قيل: فإن الحرف قد يقع حشواً، نحو: مررت بزيد، فليست الباء في هذا بطرف! فالجواب أن الحرف طرف في المعنى، لأنه لا يكون عمدة، وإن كان متوسطا.
وقيل: لأنه يأتي على وجه واحد. والحرف، في اللغة، هو الوجه الواحد. ومنه قوله تعالى " ومن الناس من يعبد الله على حرف " أي: على وجه واحد. وهو أن يعبده على السراء دون الضراء، أي يؤمن بالله، ما دامت حاله حسنة. فإن غيرها الله وامتحنه كفر به. وذلك لشكه وعدم طمأنينته. فإن قيل: فإن الحرف الواحد قد يرد لمعان كثيرة! فالجواب أن الأصل في الحرف أن يوضع لمعنى واحد، وقد يتوسع فيه، فيستعمل في غيره. قاله بعضهم. وأجاب غيره بأن الاسم قد يدل، في حالة واحدة، على معنيين، مثل أن يكون فاعلاً ومفعولاً، في وقت واحد. كقولك: رأيت ضارب زيد. ف ضارب زيد في هذه الحالة فاعل ومفعول. والفعل أيضاً يدل على معنيين: الحدث والزمان. والحرف إنما يدل، في حالة واحدة، على معنى واحد.
والظاهر أنه إنما سمي حرفاً، لأنه طرف في الكلام، كما تقدم. وأما قوله تعالى:" ومن الناس من يعبد الله على حرف " فهو راجع