المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تتمة الحديث عن الإيمان بالملائكة - الحديث الموضوعي - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الحديث الموضوعي - إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌تعريف الحديث الموضوعي، وبيان فوائده

- ‌إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌الدرس: 2 تابع: إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌تتمة الحديث عن إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌كيف يخلص العبد نيته لله تعالى

- ‌الدرس: 3 تعريف الإيمان، وبيان متعلقاته

- ‌تعريف الإيمان، وبيان أنه قول وعمل

- ‌متعلقات الإيمان "الإيمان بالله وملائكته

- ‌الدرس: 4 تابع: تعريف الإيمان، وبيان متعلقاته

- ‌تتمة الحديث عن الإيمان بالملائكة

- ‌من متعلقات الإيمان: الإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالرسل

- ‌الدرس: 5 أثر الإيمان في حياة الأمة

- ‌من آثار الإيمان: ترابط المسلمين وتآخيهم، وصيانة الأعراض، والحياء

- ‌من آثار الإيمان: ترك أذى المسلمين، وهجرة الذنوب

- ‌ما كتبه الشيخ سيد سابق رحمه الله تحت عنوان "ثمار الإيمان

- ‌الدرس: 6 علامات الساعة، وحكم الإيمان بها

- ‌علامات الساعة في حديث جبريل عليه السلام

- ‌حكم الإيمان بعلامات الساعة

- ‌الدرس: 7 علامات الساعة الصغرى - علامات الساعة الكبرى

- ‌من علامات الساعة الصغرى

- ‌رفع العلم، وثبوت الجهل، وشرب الخمر، وظهور الزنا، وقلة الرجال وكثرة النساء

- ‌علامات الساعة الكبرى

- ‌الدرس: 8 تابع: علامات الساعة الكبرى

- ‌طلوع الشمس من المغرب، وخروج الدابة، وظهور المهدي

- ‌العلامات الكبرى

- ‌خروج المسيح الدجال، وما يتبعه من علامات

- ‌الدرس: 9 الفتن وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع فيها

- ‌الفتن: تعريفها، والمراد منها

- ‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في الفتن

- ‌الدرس: 10 كيف يتقي المسلم الفتن

- ‌المراد بالتقوى في كيفية اتقاء المسلم للفتن

- ‌كيف يتقي المسلم الفتن

- ‌الدرس: 11 تابع: كيف يتقي المسلم الفتن

- ‌التورع عن الشبهات، وأكل الطيب من الحلال، والتحذير من أكل الحرام

- ‌فضل الورع والزهد، وما جاء في الشهرة، وباب الصمت وحفظ اللسان

- ‌الدرس: 12 الآداب والأخلاق الإسلامية

- ‌تعريف: الآداب، والأخلاق

- ‌دعوة الإسلام إلى الأخلاق الكريمة الفاضلة

- ‌الدرس: 13 الحياء من الإيمان

- ‌نماذج من الآداب والأخلاق الإسلامية

- ‌الحياء من الإيمان

- ‌الدرس: 14 الوفاء بالعهد، وحفظ السر

- ‌(الوفاء بالعهد

- ‌حفظ السر

- ‌الدرس: 15 الأمانة

- ‌الأمانة: تعريفها، والنصوص التي وردت فيها

- ‌المجالات التي تراعى فيها الأمانة

- ‌الدرس: 16 تابع: الأمانة - العدل

- ‌تتمة الحديث عن الأمانة

- ‌العدل، ونماذج من عدل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس: 17 الدعوة إلى الصدق، والتحذير من الكذب

- ‌تعريف الصدق، والدعوة إليه

- ‌تعريف الكذب، والتحذير منه

- ‌الدرس: 18 أدب الحديث في الإسلام، ولين الكلام واختيار الألفاظ

- ‌(أدب الحديث في الإسلام

- ‌لين الكلام واختيار الألفاظ

- ‌الدرس: 19 الدعوة إلى التواضع، والتحذير من الكبر

- ‌(الدعوة إلى التواضع

- ‌التحذير من الكبر

- ‌الدرس: 20 بر الوالدين، وصلة الرحم

- ‌(بر الوالدين

- ‌صلة الرحم

- ‌الدرس: 21 حق المسلم على المسلم، وجزاء من قام بهذه الحقوق

- ‌(حق المسلم على المسلم

- ‌جزاء من قام بهذه الحقوق

الفصل: ‌تتمة الحديث عن الإيمان بالملائكة

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الرابع

(تابع: تعريف الإيمان، وبيان متعلقاته)

‌تتمة الحديث عن الإيمان بالملائكة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

بقية الإيمان، وما يتعلق به من مباحث، وأثر الإيمان في حياة الأمة فقلنا: إن من متعلقات الإيمان الإيمان بالملائكة، وتحدثنا عن عملهم في عالم الأرواح وما يتعلق بذلك. وفي هذا الدرس نتحدث عن عملهم في الطبيعة ومع الإنسان. أقول -وبالله التوفيق-:

إن الله تعالى جعل للملائكة عمل في الطبيعة ووكل إليهم مهام يتصرفون فيها بأمر ربهم؛ فلهم عمل في تدبير أمور الكون من إرسال الرياح والهواء من سوق السحب، وإنزال المطر، ومن إنبات النبات، ونحو ذلك من الأعمال الخافية على الأنظار التي لا تقع تحت الحواس، والملائكة تلازم الإنسان في حياته كلها، بل وبعد مماته.

قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (الانفطار: 10: 12)، وقال تعالى:{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (الرعد: 8، 11) وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء، وعند الجماع، فاستحيوهم وأكرموهم)).

يقول الشيخ سيد سابق في كتابه (العقائد الإسلامية) لما تحدث عن أعمال الملائكة تحت عنوان: "عملهم في الطبيعة مع الإنسان" قال: وللملائكة عمل في تدبير

ص: 65

أمور الكون من إرسال الرياح، والهواء، ومن سوق السحب، وإنزال المطر، ومن إنبات النبات، ونحو ذلك من الأعمال الخافية على الأنظار التي لا تقع تحت الحواس، ثم قال: وهم يلازمون الإنسان في حياته كلها، وبعد مماته.

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للشيطان لمة بابن آدم، وللمَلَكِ لَمَّة، فأما لمة الشيطان؛ فإيعاذ بالشر، وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك؛ فإيعاذ بالخير، وتصديق بالحق، فمن وجد من ذلك شيئًا؛ فليعلم أنه من الله، وليحمد الله، ومن وجد الأخرى؛ فليتعوذ من الشيطان، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ})) (البقرة: 268).

من أعمال الملائكة أيضًا: دعاء الملائكة للمؤمنين، والله سبحانه وتعالى لسعة مغفرته، ولحبه لعباده يلهم ملائكته أن يضرعوا إليه بالدعاء، ويسألوه برحمته التي وسعت كل شيء، وعلمه الذي وسع كل شيء أن يغفر للتائبين، ويدخلهم في عباده الصالحين، قال تعالى:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (غافر: 7: 9) وروى مسلم: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان يدعوان يقول أحدهما: اللهم أعط ممسكًا تلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط منفقًا خلفًا)).

من أعمالهم أيضًا تأمينهم مع المصلين والملائكة تؤمن مع المصلين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا

ص: 66

الضالين؛ فإن الملائكة يقولون: آمين وإن الإمام يقول: آمين؛ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غُفِرَ لَهُ ما تقدم من ذنبه)).

أيضًا من أعمالهم: حضور صلاة الفجر والعصر من كل يوم: روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر)) يقول أبو هريرة اقرءوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (الإسراء: 78).

وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم، وهو أعلم بهم، كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم، وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون))

ومن أعمالهم أيضًا: نزولهم عند قراءة القرآن فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((أن أسيد بن حضير بينما هو في ليلةٍ يقرأُ في مربدِهِ؛ إذ جالت فرسه فقرأ، ثم جالت مرة أخرى فقرأ، ثم جالت أيضًا، قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى -ويحيى هذا ابنه- فقمتُ إليها؛ فإذا مثل الظُلَّةِ فوق رأسي فيها أمثال السُّرُج، عرجت في الجو حتى ما أراها، فقال: فغدوتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي؛ إذ جالت فرسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضير، قال: فقرأت، ثم جالت أيضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضير، قال: فقرأت، ثم جالت أيضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضير، قال: فانصرفت، وكان يحيى قريبًا منها خشيت أن تطأه، فرأيتُ مثل الظُلَّةِ فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة، كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم)) رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم.

ص: 67

من أعمال الملائكة أيضًا: حضورهم مجالس الذكر، وهم يلتمسون حلقات الذكر؛ لإمدادهم بالقوى الروحية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر؛ فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تعالى تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم، ما يقول عبادي؟ قال: يقولون يسبحونك، ويكبرونك ويحمدونك، ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا، قال: فيقول: مم يسألوني؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا، والله يا رب ما رأوها، قال: فيقول: فكيف لو رأوها، قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها، قال: يقولون: لا والله ما رأوها، قال: فيقول: فكيف لو رأوها، قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدَّ منها فرارًا، وأشد منها مخافة، قال: فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لكم، قال: يقول: ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجةٍ، قال: هم القومُ لا يشقى بهم جليسهُم)) رواه البخاري، واللفظ له.

ومن أعمال الملائكة أيضًا: صلاتهم على المؤمنين، وخاصة أهل العلم منهم: قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (الأحزاب: 43) وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض؛ ليسلمون على معلم الناس الخير،)) رواه الترمذي. وقال: حديث حسن.

ص: 68

من أعمالهم أيضًا: تبريكهم أهل العلم، وتواضعهم لهم، عن أبي الدرداء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الملائكة لتضَعَ أجنحَتَهَا لطالب العلم؛ رضًا بما يصنع)).

ومن أعمال الملائكة أيضًا حملهم البشريات روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((زار رجل أخًا له في قرية أخرى فأرصد الله له في مدرجته يعني: في طريقه ملكًا، فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّهَا، يعني: ترجوها قال: لا غير أني أحببته في الله عز وجل قال: فإني رسول الله إليك بأن الله كما أحببته فيه)).

من أعمالهم أيضًا: إعلانهم عمن يحبه الله، وعمن يبغضه الله سبحانه وتعالى يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:((إن الله تعالى إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانًا، فأحبه فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانًا فابغضه فيبغضه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: إن الله أبغض فلانًا فأبغضوه، ثم يوضع له البغضاء في الأرض)).

من أعمالهم أيضًا: كتابة الأعمال على العباد قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 16: 18)، وقال تعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ *يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (الانفطار: 10: 12) وقال تعالى: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (الزخرف: 79، 80).

ويسجلون هذه الأعمال عندهم في سجل لكل فرد، ثم تعرض يوم الحساب قال تعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ

ص: 69

مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (الإسراء: 13، 14) وفي أثناء العرض يشهدون على ما عمل الإنسان من خير أو شر قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (ق: 20: 22).

من أعمالهم أيضًا: تثبيت المؤمنين ومثبتون المؤمنون بما يلقونه بما يلقونه في قلوبهم من التأييد، وهم يثبتون المؤمنين بما يلقونه في قلوبهم من التأييد قال تعالى:{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال: 12).

وقال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (المجادلة: 22).

وهم موكلون بقبض الأرواح أي من وظائفهم أنهم موكلون بقبض الأرواح: قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} (الأنعام: 61) وقال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} (السجدة: 11).

من أعمالهم أنهم يحيون الطيبين تحيةً طيبةً عند قبض أرواحهم، قال تعالى:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} (النحل: 32) أيضًا يبشرون أهل الخير بالجنة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلَاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (فصلت: 30: 32).

ص: 70

أي: إن الذين آمنوا بالله إيمانًا حقًّا، واستقاموا على الطريق الذي رسمه الله لعباده إن الملائكة تتنزل عليهم عند الموت، وتقول لهم: لا تخافوا مما أمامكم من أهوال القبر، وعذاب الآخرة، ولا تحزنوا على ما تركتم، وراءكم من أموالٍ وأولادٍ، وأبشروا بالجنة التي وعدكم الله بها؛ فإنما يمتنهون الفسقة، ويضربون وجوههم، وأدبارهم. قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (النساء: 97)، وقال تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (الأنفال: 50).

أيضًا مما يجب للملائكة من حق علينا أن نؤمن بهم بعد ما تحدثنا عن كل ما مر فإنه تحت هذا العنوان كتب الأستاذ سيد سابق في كتابه العظيم (العقائد الإسلامية) كتب تحت عنوان الإيمان بالملائكة، قال: وإذا كان هذا هو شأن الملائكة في عالم الروح، ودورهم الإيجابي في الكون والطبيعة وإذا كانت هذه هي صلتهم بالإنسان في هذا العالم، وفي العالم الذي يأتي بعده كان من الواجب الإيمان بوجودهم، ومحاولة الاتصال بهم عن طريق تزكية النفس، وتطهير القلب، وعبادة الله عبادة خاشعة، وفي الاتصال بالملائكة سمو للروح، وتحقيق للحكمة العليا التي خلق الله الإنسان من أجلها، وهي أداء أمانة الحياة، والقيام بالخلافة عن الله في الأرض؛ ولهذا كان الإيمان بالملائكة من البر. ومن دلائل الصدق والتقوى قال تعالى:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ} (البقرة: 177).

إن الإيمان لا يكون له حقيقة إلا إذا آمن الإنسان بهذا العالم الروحي إيمانًا لا يتطرق إليه الشك، ولا تتسرب إليه الظنون، وهذا هو منهج الأنبياء والمؤمنين الذين انكشفت الحقائق أمامهم، وأمام أبصارهم؛ فأدركوا من الكون ما لا

ص: 71