المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌متعلقات الإيمان "الإيمان بالله وملائكته - الحديث الموضوعي - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الحديث الموضوعي - إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌تعريف الحديث الموضوعي، وبيان فوائده

- ‌إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌الدرس: 2 تابع: إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌تتمة الحديث عن إخلاص النية لله تعالى في سائر الأعمال

- ‌كيف يخلص العبد نيته لله تعالى

- ‌الدرس: 3 تعريف الإيمان، وبيان متعلقاته

- ‌تعريف الإيمان، وبيان أنه قول وعمل

- ‌متعلقات الإيمان "الإيمان بالله وملائكته

- ‌الدرس: 4 تابع: تعريف الإيمان، وبيان متعلقاته

- ‌تتمة الحديث عن الإيمان بالملائكة

- ‌من متعلقات الإيمان: الإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالرسل

- ‌الدرس: 5 أثر الإيمان في حياة الأمة

- ‌من آثار الإيمان: ترابط المسلمين وتآخيهم، وصيانة الأعراض، والحياء

- ‌من آثار الإيمان: ترك أذى المسلمين، وهجرة الذنوب

- ‌ما كتبه الشيخ سيد سابق رحمه الله تحت عنوان "ثمار الإيمان

- ‌الدرس: 6 علامات الساعة، وحكم الإيمان بها

- ‌علامات الساعة في حديث جبريل عليه السلام

- ‌حكم الإيمان بعلامات الساعة

- ‌الدرس: 7 علامات الساعة الصغرى - علامات الساعة الكبرى

- ‌من علامات الساعة الصغرى

- ‌رفع العلم، وثبوت الجهل، وشرب الخمر، وظهور الزنا، وقلة الرجال وكثرة النساء

- ‌علامات الساعة الكبرى

- ‌الدرس: 8 تابع: علامات الساعة الكبرى

- ‌طلوع الشمس من المغرب، وخروج الدابة، وظهور المهدي

- ‌العلامات الكبرى

- ‌خروج المسيح الدجال، وما يتبعه من علامات

- ‌الدرس: 9 الفتن وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع فيها

- ‌الفتن: تعريفها، والمراد منها

- ‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في الفتن

- ‌الدرس: 10 كيف يتقي المسلم الفتن

- ‌المراد بالتقوى في كيفية اتقاء المسلم للفتن

- ‌كيف يتقي المسلم الفتن

- ‌الدرس: 11 تابع: كيف يتقي المسلم الفتن

- ‌التورع عن الشبهات، وأكل الطيب من الحلال، والتحذير من أكل الحرام

- ‌فضل الورع والزهد، وما جاء في الشهرة، وباب الصمت وحفظ اللسان

- ‌الدرس: 12 الآداب والأخلاق الإسلامية

- ‌تعريف: الآداب، والأخلاق

- ‌دعوة الإسلام إلى الأخلاق الكريمة الفاضلة

- ‌الدرس: 13 الحياء من الإيمان

- ‌نماذج من الآداب والأخلاق الإسلامية

- ‌الحياء من الإيمان

- ‌الدرس: 14 الوفاء بالعهد، وحفظ السر

- ‌(الوفاء بالعهد

- ‌حفظ السر

- ‌الدرس: 15 الأمانة

- ‌الأمانة: تعريفها، والنصوص التي وردت فيها

- ‌المجالات التي تراعى فيها الأمانة

- ‌الدرس: 16 تابع: الأمانة - العدل

- ‌تتمة الحديث عن الأمانة

- ‌العدل، ونماذج من عدل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس: 17 الدعوة إلى الصدق، والتحذير من الكذب

- ‌تعريف الصدق، والدعوة إليه

- ‌تعريف الكذب، والتحذير منه

- ‌الدرس: 18 أدب الحديث في الإسلام، ولين الكلام واختيار الألفاظ

- ‌(أدب الحديث في الإسلام

- ‌لين الكلام واختيار الألفاظ

- ‌الدرس: 19 الدعوة إلى التواضع، والتحذير من الكبر

- ‌(الدعوة إلى التواضع

- ‌التحذير من الكبر

- ‌الدرس: 20 بر الوالدين، وصلة الرحم

- ‌(بر الوالدين

- ‌صلة الرحم

- ‌الدرس: 21 حق المسلم على المسلم، وجزاء من قام بهذه الحقوق

- ‌(حق المسلم على المسلم

- ‌جزاء من قام بهذه الحقوق

الفصل: ‌متعلقات الإيمان "الإيمان بالله وملائكته

وبسنده عن أبي مالك عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من وحّد الله)) ثم ذكر الحديث بمثله.

فمجموع هذه الروايات تبين: أن الإيمان عقيدة وعمل، وأن كلمة التوحيد لا بد أن تكون مقرونة بشهادة: أن محمد رسول الله، وأن هذه الكلمة لها حقوق، فإن على من يقولها أن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة، وأن يصوم رمضان، وأن يحج البيت إن استطاع إليه سبيلا، هذا هو حق لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ أي أن العقيدة الصحيحة من حقها الأعمال الصالحة، وأول هذه الحقوق: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج

وبقية شعائر الإسلام.

‌متعلقات الإيمان "الإيمان بالله وملائكته

"

متعلقات الإيمان:

الإيمان له متعلقات لا بد أن يقوم بها المؤمن جاءت هذه المتعلقات في آخر سورة البقرة، وفي حديث جبريل وسؤالاته للنبي صلى الله عليه وسلم هذه المتعلقات ست، أربعة ذكرت في سورة البقرة واثنتان ذكرتا في حديث جبريل بسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم ففي سورة البقرة أعلنت الآية قبل الأخيرة من سورة البقرة: أن من أركان الإيمان الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله: أربعة.

والحديث صرّح باثنتين زائدتين هما: الإقرار بالبعث: أن يوقن المؤمن بأن هناك يوم آخر هو يوم البعث والحساب والنشور، ثم الإيمان، والإذعان بالقضاء والقدر، فهذه هي الأركان الستة، والمتعلقات الستة للإيمان.

هذه المتعلقات هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله جاءت في الآية الكريمة، ويزاد على ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره والإيمان بالساعة وعلاماتها.

ص: 52

قال تعالى في سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة: 285).

أما الحديث: فروى الإمام مسلم في (صحيحه) بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخْبِرْنِي عن الإيمان؟ قال صلى الله عليه وسلم: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه؛ فإنه يراك قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال عليه الصلاة والسلام: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها -يعني علاماتها- قال له عليه الصلاة والسلام: أن تلد الأمة ربتها، وفي رواية: "ربها" وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق، فلبثت مليًّا، ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينك)).

وبسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بارزًا للناس، فأتاه رجلًا فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وكتابه ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر، قال: يا رسول الله ما الإسلام: قال:

ص: 53

الإسلام أن تعبد الله، ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان قال: يا رسول الله، ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها -أي: علاماتها- إذا ولدت الأمة ربها فذاك من أشراطها، وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس؛ فذاك من أشراطها وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان؛ فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا صلى الله عليه وسلم قول الحق سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 34) قال: ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ردوا عليّ الرجل؛ فأخذوا ليردوه، فلم يروا شيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل، جاء ليعلم الناس دينهم)).

وبسنده أيضًا: غير أن فيه: ((إذا ولدت الأمة بعلها)) يعني السراري.

وبسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سلوني فهابوه -أو فهابوا أن يسألوه- فجاء رجل فجلس عند ركبتيه، فقال: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: لا تشرك بالله شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان. قال: صدقت. قال: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله. قال: صدقت. قال: يا رسول الله، ما الإحسان؟ قال: أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت. قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. وسأحدثك عن أشراطها: إذا رأيت المرأة تلد ربها، فذاك من أشراطها، وإذا رأيت الحفاة الرعاة الصم البكم ملوك الأرض، فذاك من

ص: 54

أشراطها، وإذا رأيت رعاء البهم يتطاولون في البنيان، فذاك من أشراطها، في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله، ثم قرأ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 34) قال: ثم قام الرجل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوه عليّ، فالتمس فلم يجدوه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا جبريل أراد أن تعلموا إن لم تسألوا)).

ورواه البخاري أيضًا بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بارزًا يومًا للناس فأتاه رجلًا فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث. قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ثم أدبر فقال صلى الله عليه وسلم ردوه فلم يروا شيئًا فقال هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم)).

هذه الروايات المتعددة في البخاري ومسلم لحديث سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان، والإحسان، والساعة وعلاماتها فيه متعلقات الإيمان وأولها الإيمان بالله وحده، وهذا يتعلق به الكثير مما يجب لله سبحانه وتعالى من صفات الجمال والجلال، والكمال، والإيمان أيضًا بالملائكة، وما يتعلق بهم من جانب العقيدة، ثم الإيمان بكل الكتب السماوية من توراة وإنجيل، وزبور وقرآن، ثم الإيمان

ص: 55

بجميع الرسل من غير تفرقة بينهم، والإيمان باليوم الآخر، وما فيه من حشر ونشر، وحساب وعقاب، وميزان وحوض، وصراط وجنة ونار، والإيمان أيضًا بالقضاء والقدر حلوه وشره، حلوه ومره كله من الله تعالى.

وكل ما ذكر من متعلقات الإيمان له مباحث تتعلق به فمما يتعلق بالإيمان بالله أن نؤمن بأن لله واحد، وقادر ومقدم ومؤخر وأول وآخر وأنه يجب له كل كمال يليق بذاته وأن له الأسماء الحسنى والصفات العلا قال تعالى:{قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (الإسراء: 110) وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف: 180) وقال صلى الله عليه وسلم ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا من حفظها دخل الجنة)) وفي وراية ((من أحصاها دخل الجنة)) و ((إن الله وتر يحب الوتر)).

وزاد الترمذي في روايته: ((هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدئ المعيد المحي المييت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعال البر التواب المنتقم العفو الرءوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور جل جلاله).

ومن متعلقات الإيمان بالله: أن الله سبحانه وتعالى له أسماء أخرى غير التي ذكرناها، مسجلة، ومنقولة من كتاب الإمام الترمذي نقلها الشيخ سيد سابق في كتابه

ص: 56

(العقائد الإسلامية) وللحق سبحانه وتعالى أسماء أخرى غير التي ذكرناها الأخرى، له أسماء لا يعلمها إلا هو، ويُعْلِمُ من يشاء من عباده ما شاء من أسمائه سبحانه وتعالى أخبرنا بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قال فيه:((اللهم إني أسالك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أنزلته في كتابه، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أسألك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، وجلاء همومنا)) إلى آخر الحديث.

ثم بعد ذلك هناك متعلقات بالإيمان بالملائكة فمما يتعلق بالإيمان بالملائكة أن نؤمن بأنهم أجسام لطيفة نورانية تتشكل بالأشكال الحسنة وأنهم هم الملأ الأعلى وأنهم مطهرون من الشهوات الحيوانية وأنهم لا يأكلون ولا يشربون، وأنهم لا يصفون بالذكورة، ولا بالأنوثة، وأنهم لا يصفون أيضًا بالخنوثة، وأنهم عالم آخر قائم بنفسه ومستقل بذاته، وأنهم لا يتصفون بما يوصف به البشر من الحالات المادية، ونؤمن بأن لهم القدرة على أن يتمثلوا بالصور البشرية، وغيرها من الصور الحسية؛ فلقد كان جبريل عليه السلام يتمثل في صورة بشرية في صورة دحية الكلبي لرسولنا صلى الله عليه وسلم وجاء لمريم البتولفي صورة بشر قال تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (مريم: 16، 17).

ودخل جماعة منهم على سيدنا إبراهيم عليه السلام-أي: جماعة من الملائكة - في صورة بشر؛ فقدم لهم الطعام؛ فلم يأكلوا منه شيئًا، فعلم بذلك أنهم ملائكة الرحمن. قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا

ص: 57

إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} (هود: 69، 73).

روى مسلم بسنده عن عائشة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم، ومسكنهم السماء، ويتنزلون منها بأمر الله)) روى البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: ((ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا قال: فنزلت {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (مريم: 64).

ومن الأمور المتعلقة بالإيمان بالملائكة أيضًا أن نؤمن بأن الله خلقهم قبل الإنسان وقد أخبرهم الله تعالى بأنه سيخلق الإنسان أي آدم وأنه سيجعله خلفته فهم موجودون من قبل آدم عليه السلام قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 30) ويتعلق بالإيمان بهم أيضًا أن نؤمن بأن الله تعالى جبلهم أي خلقهم مجبولون على الطاعة التامة له، والخضوع لله ولجبروته، والقيام بأوامره، وأنهم يتصرفون في شئون العالم بإرادة الله ومشيئته فهو سبحانه يدبر ملكه، وهم لا يقدرون على شيء من تلقاء أنفسهم. قال تعالى عن الملائكة:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (النحل: 50).

وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} فوصفهم الحق بأنهم عباد مكرمون، وقالوا -أي قال الكفار- {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ

ص: 58

مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (الأنبياء: 26، 28) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} .

روى البخاري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله تعالى: كأنه صلصلة على صفوان، أي: على جبل صفوان؛ فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قال: الحق وهو العلي الكبير)).

ويتعلق بالإيمان بالملائكة أن نؤمن بأنهم متفاوتون في المقامات، وأن لكل منهم وظيفة خاصة به وكلها الله إليه، وهم متفاوتون في الخلق منهم من له من الأجنة مثنى، ومنهم من له ثلاث، ومنهم من له رباع، ومنهم من له ستمائة جناح، يزيد في الخلق ما يشاء إنه على كل شيء قدير.

قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (فاطر:1).

روى مسلم في (صحيحه) بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح وكثرت الأجنحة دليل القدرة على السرعة في تنفيذ أوامر الله وتبليغ رسالاته قال تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} (الصافات: 164، 166) قال ابن كثير: وما من ملك إلا له موضع مخصوص في السماوات، ومقامات العبادات لا يتجاوزه، ولا يتعداه.

قال ابن عساكر في ترجمته لمحمد بن خالد بسنده لعبد الرحمن بن العلاء بن سعد عن أبيه، وكان ممن بايع يوم الفتح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجلسائه: ((أطت السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ثم قرأ: {وَمَا مِنَّا إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} .

ص: 59

ثم إن لهم عملًا في عالم الأرواح، وعملًا في عالم الطبيعة، ولهم صلة خاصة بالإنسان فعملهم الروحي يتلخص في التسبيح، والخضوع التام لله تعالى. قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} (الأعراف: 206) وقال تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ومن الملائكة من يحمل العرش -أي عرش الرحمن- وهم المعرفون بحملة العرش؛ قال تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (الحاقة: 17).

وقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .

ومن أعمالهم التسليم على أهل الجنة قال تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد: 22، 24).

وكما أنهم يسلمون على أهل الجنة منهم من أوكل إليه تعذيب أهل النار قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6) وقال تعالى في صفة جهنم، وما عليها من الملائكة الموكلين بتعذيب أهلها {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَاّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} الآية (المدثر: 26، 31).

ص: 60

ومن الملائكة من اختصه الله تعالى بالوحي أي ينزل بالوحي على رسل الله سبحانه وتعالى وهو سيدنا جبريل عليه السلام قال تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ويسمى بالروح الأمين قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} .

ومن أسماء جبريل أيضًا روح القدس: قال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل: 102) ويسمى أيضًا بالناموس كما قال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أول عهده بالوحي؛ لقد جاءك الناموس الذي نزل الله على موسى، ويأتي جبريل أحيانًا في سورة البشر، وأحيانًا في مثل صلصلة الجرس.

روى البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده عن عائشة رضي الله عنه: أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما أقول قالت عائشة رضي الله عنه ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقًا)).

وفي الحديث الذي أخرجه ابن أبي الدنيا، والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب)) هذه بعض أعمال الملائكة الموكلة إليهم في عالم الأرواح من قبل الله تعالى.

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 61