الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدعو لمزيد من العجب وضع أقوام مثل هذه الأحجبة على صدورهم أو صدور أولادهم مدّعين أن فيها حفظًا تامًا، وحرزًا عامًا، وحجابًا نافعًا مانعًا لكل ضر قد ينزل بهم!!
أما النوع الثاني من هذه الكتب الرخيصة ثمنًا ومحتوى، فإنها تدل قارئها على معرفة كيفية ممارسة السحر بطرق شتى منها: التنجيم، ومنها الدعوات الشركية، والاستنزالات العلوية - أي لأرواح ملائكة - والاستحضارات السفلية - أي لأرواح شياطين -، ومنها تعلم كتابة الطلاسم وفكها، ومنها ما يعرّف القارئ بعلوم الرمل والكيمياء وما يسمونه مجرّبات، وفتح مندل، وقرعةٍ، وإرسال جنٍّ، وإخراجه، وتعلم الرصد وحله!! وإنك لتجد في ثنايا هذه المصنفات دواء لكل داء، بما تعجز عنه جهابذة الأطباء الحذاق، حتى لو حازوا الزمالات العلمية من كافة أنحاء المعمورة!! وغير ذلك الكثير مما تفنى فيه أعمار طوال، وينشغل فيه الفكر والبال، وهو برمّته مدعاة إلى الهلاك والوبال، وها أنا ذا أشرع بذكر ما يلزم المسلمَ المعاصر معرفتُه، مما حوته هذه الكتب مما سمَّوه علومًا روحانية، ليكون - إن شاء الله - على بيِّنة من أمر هؤلاء، فيحذرهم ويحذِّر منهم، ويبرأ إلى الله تعالى منهم ومن فعالهم، والله المستعان.
1- الأوفاق
(1) : جمع وَفْقٍ، وهو عبارة عن مربع تنقسم أضلاعه
(1) انظر: في هذا المبحث: قدرة الخلاّق في علم الأوفاق ص 45 لعبد الفتاح الطوخي، والبداية في علوم الحرف والأوفاق، له أيضًا، (1/120) وما بعدها. وله أيضًا: هداية العباد في أسرار الحروف والأعداد، ص 49 وما بعدها - وكان الأَولى تسمية هذا الكتاب: إضلال العباد في أسحار الطلاسم والأرصاد، فقد حوى ما حواه منها والعياذ بالله - وانظر كذلك: شموس الأنوار، الباب الأول من الجزء الأول، للمسمى ابن الحاج التلمساني، ومنبع أصول الحكمة لأحمد البوني ص 58 وما بعدها.
بخطوط مستقيمة يحصل من تقاطيعها مربعات صغار متساوية الطول والعرض، عدتها كعدة ما يخرج من ضرب أقسام أحد الأضلاع في مثله، ثم ينزل في تلك المربعات أعدادًا متوالية تنزيلاً مخصوصًا، بحيث يصير ما يجمع في كل صف من الصفوف؛ طوله وعرضه وقطرَيْه مساويًا بعضه لبعض في الحساب ويكون العدد في كل منها خاليًا عن التكرار، والخطوط مستقيمة والبيوت - أي المربعات الصغيرة - متساوية، والأعداد على نظام واحد: الآحاد تحت الآحاد، والعشرات تحت العشرات، وهكذا. ولتخطيط الوفق صفة عند أهله، فإنْ بدأ برسم خطوطه من أعلى اليمين فقد قصد به الخير من تحبيب وجلب رزق ونحوه، وإنْ بدأ برسم خطوطه من أسفل الشمال، فهو لعمل الشر من تفريق وتعسير ونحوه، والعياذ بالله من جميع ذلك. ويشترط فيه كذلك أنه لو زيد على مفتاح الوفق - وهو أول عدد فيه - لو زيد واحدًا مثلاً للزم زيادة واحد أيضًا في جميع مربعاته، ولو زيد اثنان زيد كذلك في جميع مربعاته.
والأوفاق قد تكون مثلثة، أي عدد المربعات فيها طولاً وعرضًا وقطرًا ثلاثة. هكذا،
وقد تكون مربعة أي عدد مربعات الوفق في جميع الاتجاهات أربعة هكذا
وهكذا تتعدد الأوفاق بتعداد مربعاتها فتسمى وفقًا مثلثًا، مربعًا، مخمسًا
…
إلخ. وهم يختارون لهذه الأوفاق حروفًا وجُمَلاً، ثم يدخلون
أعداد هذه الحروف والجمل بحسب طريقة الجُمَّل (1) واختيار هذه الحروف والجمل، وكتابة ما يوافقها في طريقة أبجد أو حساب الجُمّل، يكون بحسب ما يريده كاتب الوفق من عمل والعياذ بالله تعالى. هذا، ويشترط هؤلاء - فضلاً عن صحة كتابة الوفق بالشكل الذي ذكر - شروطًا منها: أن يُدخَّن حال الكتابة بتدخين مناسب للعمل من البخور، ولن نلج هذا الباب من معرفة ما يناسب كل عمل من تدخينات، لكن نذكر من التدخينات إجمالاً: لِبان ذكر جاوي، زعفران، مستكي، حلتيت، كُنْدُر، عوسج، زرنيخ، كافور، إلى آخر الدُّخن التي تناسب العمل المراد، بحسب الزمن (الليلة) التي كتب فيها الوفق، وحال الكوكب السيار من الكواكب السبعة التي يقدسونها.
هذا، أخي القارئ، ما تَحْسُن معرفتُه من قبح عمل هؤلاء القوم، الذين
(1) طريقة الجُمّل، أو حساب الأبجد، هي اسم لحساب مخصوص، وذلك أنهم عيّنوا من حروف: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ، وهي جامعة - كما لا يخفى - جميع حروف الهجاء، جعلوا من الألف إلى الطاء المهملة أي غير المنقوطة للآحاد التسعة المتوالية، ومن الياء المثناة أي بنقطتين إلى الصاد للعشرات، ومن القاف إلى الظاء المعجمة أي المنقوطة، لآحاد المئات التسع، وعيّنوا الغين المعجمة للأَلْف. فيكون الترتيب كالتالي:
…
أب ج د هـ وز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص
…
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 20 30 40 50 60 70 80 90
…
ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ
…
100 200 300 400 500 600 700 800 900 1000
…
انظر: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون، للعلاّمة التهانوي (الحساب) ص 663.
…
هذا وإن لحساب الجُمّل، طرقًا أخرى، فما ذكر سابقًا يسمى الجمّل الكبير، أما الصغير فكل حرف من هذه الحروف يقابله رقم بالترتيب من (1) إلى (28) ، وهناك طريقة التهجي، وذلك بأن يبسط الحرف كما ينطق باللسان، ثم يستنطق بالأعداد مثلاً حرف - أ - يبسط ألف، ثم يستنطق بالأعداد بعد بسطه، فيكون = الرقم 111، وباء = 3 وج = 53، وهكذا. وهذه الطرق جميعها هي طرق حسابية استخدمها العرب، وليست مذمومة لذاتها، لكن استعمالها بما سبق تفصيله في أوفاق باعتقاد تأثيرها، هو ما يُذَمُّ؛ وذلك لدخوله في عموم السحر، والله أعلم.
اتخذوا أرقامًا وحروفًا وكواكب أربابًا من دون الله، فضَلُّوا وأَضَلُّوا.
وخلاصة القول أن كتابة الأوفاق بالحروف أو بالأرقام التي تناسبها، بقصد التأثير بها على شخص بعينه، والاعتقاد بتأثيرها، إنما هو ضرب من ضروب السحر الحقيقي، وبخاصة إذا عرفت أنهم يزيدون حولها توكيلاً لجانّ أو لملك قاهر، يدّعون أنهم خُدّام لهذه الحروف ولتلك الأعداد!!
2-
الطوالق (1) السليمانية؛ إن كثيرًا من الحروز والأحجبة الشركية تحفل بذكر هذه الطوالق،: والمقصود بهم، اثنا عشر رجلاً من رجال الجن، يزعم المعتقدون بهم أنهم ممن دخل على سيِّدنا سليمانَ رسولِ الله عليه السلام، وقد سيطر بهم - بزعم هؤلاء - على جميع قبائل الجن، ويقصّون في ذلك عجبًا من أن كل طَوْلق من هؤلاء لما دخل حاوره سليمان النبيُّ عليه السلام طالبًا اسمه وفِعاله ومسكنه، فأعلمه ذلك الجنيُّ بعظيم قدرته على التأثير بأبناء آدم، فاستفسر النبيُّ سليمان عليه السلام عن دواء ذلك، فدلّه الطولق على أمور منها: أدوية يدهن بها، وأحجبة تعلق على الصدور، وتعاويذ حوت طلسمات واستغاثات شركية، كتبت مجاورة لآيات قرآنية وأدعية نبوية!! مع معرفة هؤلاء الطوالق الاثني عشر بطالع الشخص (2) الذي لهم سيطرة عليه، فمنهم - مثلاً - الطولق صفصف بن مروان الذي يؤثر بمن كان طالعه الأسد والشمس، ودقعش ذاك الذي يؤثر بمن طالعه السنبلة وعطارد، هكذا وكأن هؤلاء الطوالق موكلين بخلق الله، ولا نجاة لهذا الخلق إلا بتعلم ما تعلمه سليمان عليه السلام بزعمهم - من هؤلاء، فاعجبْ لمن يصنع حجابًا حوى مثل ذلك، وازدد في العجب لمن يقصده أو يصدقه أو يعلق ذلك
(1) انظر: في ذلك الطوالق السليمانية، - من غير ذكر اسم مؤلِّفٍ - من منشورات دار الفنون، بيروت.
(2)
الطالع: جزء من منطقة البروج الاثني عشر، يكون على الأفق الشرقي في وقت مخصوص. فإن كان ذلك الوقت زمان ولادة شخصٍ ما يقال له طالع ذلك الشخص. انظر: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون للعلاّمة التهانوي (2/1139) .