الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترك صلى الله عليه وسلم قتل المنافقين لئلا يقول الناس محمد يقتل أصحابه، فيكون في ذلك تنفير عن دين الإسلام، مع اتفاق العلماء على قتل الزنديق، وهو عبارة عن المنافق، والله تعالى أعلم) (1) .
3- حكم المسلمة الساحرة
، فعند أبي حنيفة أنها لا تُقتل ولكن تُحبس، وقال الثلاثة - أي مالك والشافعي وأحمد - حكمها حكم الرجل على التفصيل الذي سبق، والله أعلم (2) .
قال العلاّمة الشنقيطي رحمه الله بعد أن حكى الاختلاف السابق في حكم المسلمة الساحرة - مُرجِّحًا قول الجمهور -: (وأظهر القولين عندي: أن المرأة الساحرة حكمها حكم الرجل الساحر، وأنها إن كفرت بسحرها قُتلت كما يقتل الرجل لأن لفظة: «مَنْ» في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (3)، تشمل الأنثى على أظهر القولين وأصحِّهما إن شاء الله تعالى. ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى:[النِّسَاء: 124]{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} ، فأدخل الأنثى في لفظة (مَنْ)، وقوله تعالى:[الأحزَاب: 31]{وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} ، إلى غير ذلك من الآيات) (4) .
4- حكم قبول توبة الساحر
؟
قال ابن كثير في تفسيره (5) : (قال - أي الوزير ابن هبيرة - وهل إذا تاب الساحر تُقبل توبته؟ فقال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في المشهور عنه لا تقبل. وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: تقبل) .
(1) انظر: أضواء البيان، له (4/511) .
(2)
انظر: تفسير ابن كثير، ص 132، ط - بيت الأفكار.
(3)
سبق تخريجه ص219، بالهامش ذي الرقم (2) .
(4)
انظر: أضواء البيان، له (4/498) .
(5)
ينقله عن كتاب «الإشراف على مذاهب الأشراف» للوزير ابن هبيرة رحمهما الله. انظر: ص 132 من تفسير ابن كثير. ط - بيت الأفكار.
وقال القرطبي في تفسيره: (ذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفرًا: يُقتل ولا يُستتاب، ولا تُقبل توبته، لأنه أمر يَسْتَسِرُّ به كالزنديق والزاني)(1) ، واحتج أصحاب مالك بأنه لا تقبل توبته، لأن السحر باطن لا يُظهره صاحبه فلا تُعرف توبتُه كالزنديق؛ وإنما يستتاب من أظهر الكفرَ مرتدًا. قال مالك: فإن جاء الساحر أو الزنديق تائبًا قبل أن يُشهد عليهما قُبلت توبتُهما، والحجة في ذلك قوله تعالى:[غَافر: 85]{فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ، فدل على أنه كان ينفعهم إيمانهم قبل نزول العذاب، فكذلك هذان) (2) أي: الساحر والزنديق.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله، بعد أن ذكر أثر عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:(اقتلوا كل ساحر)، قال:(ظاهره أنه يُقتل من غير استتابة، وهو المشهور عن أحمد، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، لأن الصحابة لم يستتيبوهم، ولأن علم السحر لا يزول بالتوبة)(3) . اهـ.
أما العلاّمة الشنقيطي رحمه الله فقد رجّح استتابة الساحر، وقبول توبته، وهاك قولَه (4) :(وأظهر القولين عندي في استتابته أنه يُستتاب، فإن تاب قُبلت توبته) ، ثم علل قبول توبة الزنديق (بأن الله تعالى لم يأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالتنقيب عن قلوب الناس، بل بالاكتفاء بالظاهر، وأن ما يخفونه في سرائرهم أمره إلى الله تعالى) . وظاهر ترجيحه رحمه الله أنه مختص بالساحر فيما إذا أسرّ بسحره أو لم يُقِرّ به، والله أعلم.
(1) انظر: (2/47) من التفسير المذكور.
(2)
انظر: كذلك تفسير القرطبي (2/48) .
(3)
انظر: حاشية كتاب التوحيد، له. ص 192.
(4)
انظر: أضواء البيان، له (4/497) .