المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: إيراد بعض روايات الحديث - الحذر من السحر

[خالد الجريسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول«آية السحر» ، و «حديث السحر» ، ومباحث في فقه العلماء لهما

- ‌أ- النص الأول: آية السحر:

- ‌أولاً: تناسب مطلع الآية مع سِباقها:

- ‌ثالثًا: سبب نزول آية السحر:

- ‌رابعًا: من تفسير آية السحر:

- ‌ب- النص الثاني: حديث «السِّحْر»

- ‌أولاً: ثبوت الحديث

- ‌ثانيًا: إيراد بعض روايات الحديث

- ‌ثالثًا: بيان غريب الألفاظ:

- ‌رابعًا: ذكر جملةٍ من دعاوى منكري الحديث، وردّها:

- ‌الفصل الثانيبيان معنى السحر، وما يتعلق به من مصطلحات

- ‌بيان معنى السحر

- ‌المبحث الأول: التعريف اللغوي

- ‌المبحث الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌ بيان مصطلحات متعلقة بالسحر

- ‌1- الطَّلِسْم

- ‌2- التنجيم

- ‌3- النَّفْث في العُقد:

- ‌4- التميمة:

- ‌5- الاستحضار

- ‌6- الرقى:

- ‌10- النِّيرَنْجات

- ‌11- الشعوذة

- ‌الفصل الثالثبيان أنواع السحر، وعلاقتها بما يسمى (علومًا روحانية)

- ‌تمهيد:

- ‌ مراتب السحر وأقسامه

- ‌أولاً: مراتب السحر من حيث ماهيته؛ حقيقة ومجازًا

- ‌ثانيًا: أقسام السحر، باعتبار أهله وطرائق حصوله

- ‌أ- ذكر تقسيمات لأنواع السحر سابقة لتقسيم الإمام الرازي

- ‌جـ- ذكر تقسيماتٍ للسحر بعد تقسيم الإمام الرازي

- ‌ثالثًا: أنواع السحر من حيث أثره على المسحور

- ‌ التعريف ببعض هذه العلوم، وبيان تعلُّقِها بالسحر

- ‌1- الأوفاق

- ‌3- الدوائر الشركية:

- ‌4- الأشكال السبعة

- ‌5- الطِّلَّسْمات

- ‌6- ما يدّعون أنه الاسم الأعظم:

- ‌ التحذير من مصنفات حوت هذه العلوم:

- ‌2- منبع أصول الحكمة، للبوني

- ‌الفصل الرابعالسحر؛ باعتباره ظاهرةً اجتماعية

- ‌أولاً: لمحة تأريخية عن السحر لدى الشعوب

- ‌ثانيًا: الوظيفة الاجتماعية لظاهرة السحر

- ‌ثالثًا: السحر، وشباب الأمة

- ‌رابعًا: نظرة تربوية لاستنقاذ الشباب من أوكار الانحراف

- ‌الفصل الخامسعلامات يُعرف بها كلٌ من الساحر والمسحور

- ‌أولاً: علامات يُعرَف بها الساحر

- ‌ثانيًا: في ذكر علاماتٍ يُعرف بها المسحور

- ‌الفصل السادسأحكام السحر والسّحَرة في الشريعة المطهّرة

- ‌أ- الفرق بين المعجزة والسحر:

- ‌ثالثًا: بيان أحكام السحر والسحرة:

- ‌ بيان حكم تعلم السحر، وتعليمه

- ‌ بيان الأحكام المتعلقة بالساحر

- ‌1 - حكم ساحر المسلمين

- ‌2- حكم ساحر أهل الكتاب:

- ‌3- حكم المسلمة الساحرة

- ‌4- حكم قبول توبة الساحر

- ‌5- حكم النُّشرة، وهي: حل السحر بسحر مثلِه

- ‌الفصل السابعالوقاية والعلاج

- ‌تمهيد

- ‌الحصن الأول: تحقيق الإخلاص في توحيد الله سبحانه:

- ‌الحصن الثالث: الإكثار من الاستعاذة بالله تعالى:

- ‌ بيان الرقى، وأنواعها، ومسائل مهمة متعلقة بها

- ‌ ذكر رقى مشروعة من الكتاب والسنة:

- ‌ب- رقية من السحر:

- ‌خاتمة(وقد تضمّنت خلاصةً لمهمّات نتائج البحث، وذكرًا لبعض التوصيات)

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌ثانيا: إيراد بعض روايات الحديث

السبع، وله حكم المتواتر (1) ، وقد تعددت روايات الحديث تعدادًا بالغًا؛ من ذلك ما أخرجه البخاري في ثمانية مواضع من صحيحه، وما أخرجه مسلم في موضع واحد من صحيحه، بطريقين (2) ، ومن أهل السنن أخرجه كلٌ من النَّسائي، وابنُ ماجَهْ، كما أخرجه من غير أصحاب الكتب الستة جمّ غفير من أعلام العلماء منهم الأئمة: أحمد في خمس مواضع من مسنده، والحُميدي في مسنده، وابن سعد في طبقاته الكبرى، وابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في دلائله، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة، وغيرهم رحم الله الجميع. ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن تعدد الروايات وكثرتها، يفيد تكاملاً في معانيها، وذلك لما حوته هذه الروايات من اختلاف في الألفاظ، وزيادات في العبارات، تجعل المتأمل بها يحيط بمعنى الرواية المتفق عليها، كما أنه يدرك تفصيلات في الحديث، هي ضرورة لفهمه فهمًا دقيقًا، وهاك - مكرمًا - نصَّ هذه الروايات بتمامها، فلا تَكَلّ عن مطالعتها ولا تَمَلّ من تدبّرها؛ محبة بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وطلبًا لتبلّغ حديثه، ووعيًا له.

‌ثانيًا: إيراد بعض روايات الحديث

.

1-

مَرْوِيُّ الإمام البخاري رحمه الله:

وقد بلغ ثمانية أحاديث - كما سبق - وصل الإمام سبعةً منها عن عائشة رضي الله عنها، وروى أحدها معلقًا (3) ، وهذا تمام نصّ الروايات، بترتيب الإمام في صحيحه:

(1) انظر: زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم (4/222) ، للشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي رحمه الله.

(2)

روايتا مسلم؛ كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، لكن الأولى منهما من طريق ابن نمير عن هشام، والثانية: برواية أبي أسامة (حماد بن أسامة) ، عنه.

(3)

المراد بالتعليق: ما حُذِف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر، ولو إلى آخر الإسناد. انظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، لابن حجر ص:19.

ص: 42

1-

سئل ابن شهاب - أي الزهري رحمه الله: أَعَلى من سَحَر من أهل العهد قَتْلٌ؟ قال: بَلَغنا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صُنِع له ذلك فلم يقتل من صَنَعه» ، وكان من أهل الكتاب (1) .

2-

«أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حتى كان يُخيَّل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه» (2) .

3-

«سُحِر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتى كان يُخَيَّل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعلُه، حتى كان ذات يومٍ دعا ودعا، ثم قال: «أَشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيما فيه شفائي؛ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما للآخر: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؛ قال: مطبوب، قال: ومَنْ طَبَّه؟ قال: لَبِيدُ بنُ الأعصم، قال: فيما ذا؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قال: وأين هو؟ قال: في بئرِ ذَرْوَانَ» . فخرج إليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثم رجع، فقال لعائشةَ حين رجع:«نَخْلُها كأنه رؤوسُ الشياطين» ، فقلت: أستخرجتَه؟ فقال: «لا، أما أنا فقد شفاني الله، وخشيتُ أن يثير ذلك على الناس شرًا» . ثم دُفِنَتِ البئرُ (3) .

4-

«سَحَر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من بني زُرَيْقٍ، يقال له: لَبيدُ بنُ الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخَيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما فَعَلَه، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلةٍ وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: «يا عائشةُ، أَشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيما استفتيتُه فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فقال: مطبوبٌ، قال: من طَبَّه؟ قال: لَبيد بنُ الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نخلةٍ ذَكَرٍ،

(1) أخرجه البخاري - معلقًا -؛ كتاب: الجزية والموادعة، في ترجمة باب: هل يُعفى عن الذمّي إذا سَحَر؟.

(2)

التخريج السابق، برقم (3175) ، عن عائشة رضي الله عنها.

(3)

أخرجه البخاري؛ كتاب: بدء الخَلْق، باب: صفة إبليسَ وجنودِه، برقم (3268) ، عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 43

قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوَانَ» . فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناسٍ من أصحابه، فجاء فقال:«يا عائشةُ، كأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَاء، أو كأن رؤوسَ نخلِها رؤوسُ الشياطين» . فقلت: يا رسول الله: أفلا استخرجتَه؟ قال: «قد عافاني الله، فكرهت أن أثوّر على الناس فيه شرًا» . فأمر بها فدُفِنَتْ (1) .

5-

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتِيهِنَّ - قال سفيانُ: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا - فقال: «يا عائشةُ، أَعَلِمْتِ أن اللهَ قد أفتاني فيما استفتيتُه فيه؛ أتاني رجلان، فقعد أحدُهما عند رأسي، والآخرُ عند رِجْلَيَّ، فقال الذي عند رأسي للآخَرِ: ما بالُ الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومَنْ طَبَّه؟ قال: لَبِيد بنُ أعصمَ - رجل من بني زُرِيْقٍ حليف ليهود، كان منافقًا - قال: وفيمَ؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ، قال: وأين؟ قال: في جُفِّ طلعةٍ ذكرٍ، تحت رَعُوفَةٍ في بئر ذَرْوَانَ» . قالت: فأتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم البئرَ حتى استخرجه، فقال:«هذه البئر التي أُرِيتُها، وكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّا، وكأن نخلَها رؤوسُ الشياطين» . قال: فاستُخرِج، قالت: فقلت: أفلا؟ - أي: تنشّرتَ - فقال: «أما اللهُ فقد شفاني الله، وأكره أن أُثير على أحدٍ من الناس شرًا» (2) .

6-

سُحِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتى إنه ليُخَيَّلُ إليه أنه يفعل الشيء وما فَعَلَه، حتى إذا كان ذات يوم، وهو عندي، دعا الله ودعاه، ثم قال: «أَشَعَرْتِ يا عائشةُ

(1) أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: السحر، برقم (5763)، عن عائشة رضي الله عنها. قال البخاري عقب الرواية: قال الليث وابنُ عيينة - أي سفيان -، عن هشام (بن عروة) :«في مُشطٍ ومُشاقةٍ» . يقال: المُشاطة: ما يَخْرج من الشعر إذا مُشِطَ، والمُشَاقة: من مُشَاقَةِ الكَتَّان. اهـ.

(2)

أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: هل يستخرج السحر؟ برقم (5765) عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 44

أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه» . قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قال: مطبوبٌ، قال: ومَنْ طَبَّه؟ قال: لَبيد بنُ الأعصم اليهوديُّ من بني زُرِيْقٍ، قال: فيما ذا؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ وَجُفِّ طلعةٍ ذَكَرٍ، قال: فأين هو؟ قال في بئر ذي أَرْوَانَ» . قال: فذهب النبيُّ في أناس من أصحابه إلى البئر، فنظر إليها وعليها نخلٌ، ثم رجع إلى عائشة فقال:«واللهِ لكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوسُ الشياطين» . قلت: يا رسول الله، أفأخرجتَه؟ قال:«لا، أما أنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيتُ أن أُثَوِّرَ على الناس منه شرًا» وأمر بها فدُفِنَتْ (1) .

7-

«مكث النبيُّ صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، يُخيَّل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي، قالت عائشة: فقال لي ذات يوم: يا عائشة، إن الله أفتاني في أمر استفتيتُه فيه: أتاني رجلان، فجلس أحدُهما عند رِجْلَيَّ والآخرُ عند رأسي، فقال الذي عند رِجْلَيَّ للذي عند رأسي: ما بالُ الرَّجُل؟ قال: مطبوب، يعني: مسحورًا، قال: ومَنْ طَبَّه، قال: لبيد بن أعصمَ، قال: وفيم، قال: في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ، تحت رَعُوفَةٍ في بئر ذَرْوانَ» . فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «هذه البئر التي أُرِيتُها، كأن رؤوس نخلها روؤس الشياطين، وكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء» فأمر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأُخرج، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله فَهَلَاّ، تعني تَنَشَّرْتَ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أما الله فقد شفاني، وأما أنا فأكره أن أثير على الناس شرًا» . قالت: ولبيد بن أعصمَ، رجل من بني زُرِيْق، حليف ليهودَ (2) .

(1) أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: السحر، برقم (5766) ، عن عائشة رضي الله عنها.

(2)

أخرجه البخاري؛ كتاب: الأدب، باب: قول الله تعالى: [النّحل: 90] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ

} . برقم (6063) ، عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 45

8-

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طُبَّ، حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه صنع الشيء وما صَنَعه، وأنه دعا ربّه، ثم قال: أَشَعَرتِ أن الله قد أفتاني فيما استفتيتُه فيه» ، فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرَّجُل؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فيماذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجُفّ طلعةٍ، قال: فأين هو؟ قال: في ذَرْوَانَ» ، وذروان بئر في بني زُرَيْقٍ، قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى عائشة رضي الله عنها، فقال:«واللهِ لكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوس الشياطين» . قالت: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها عن البئر، فقلت: يا رسول الله فهلاّ أخرجتَه؟ قال: «أما أنا فقد شفاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًا» (1) .

2-

مَرْوِيُّ الإمام مسلم رحمه الله (2) :

«سَحَر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ من يهود بني زُرِيْقٍ، يقال له: لَبِيدُ بنُ الأعصم، قالت - أي عائشة رضي الله عنها حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعلُه، حتى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: «يا عائشةُ، أَشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيما استفتيتُه فيه؟ جاءني رجلان، فقعد أحدُهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ،

(1) أخرجه البخاري؛ كتاب: الدعوات، باب: تكرير الدعاء، برقم (6391) ، عن عائشة رضي الله عنها.

(2)

ما أوردته في المتن، هو نص رواية مسلم، من طريق عبد الله بن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. أما روايته من طريق أبي أسامة - حماد بن أسامة - عن هشام، ففيه:«فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البئر، فنظر إليها وعليها نخل، وقالت: قلت يا رسول الله، فأَخْرِجه، ولم يقل: أفلا أحرقته. ولم يذكر: «فأمرتُ بها فَدُفِنَتْ» . اهـ.

والمعنى: أن أبا كريب الراوي عن أبي أسامة لم ينقل عنه قول عائشة رضي الله عنها: أفلا أحرقته، بل نقل عنه قولها: فأخرجه. كما أنه لم ينقل عنه قوله صلى الله عليه وسلم: «فأمرت بها فدفنت» ، كما نقله بروايته عن عبد الله بن نمير، رحم الله الجميع.

ص: 46

فقال الذي عند رأسي للذي عند رِجْلَيَّ، أو الذي عند رِجْلَيَّ للذي عند رأسي: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطةٍ، قال: وَجُفّ طلعةِ ذكرٍ، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أَرْوَانَ» . قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناسٍ من أصحابه، ثم قال:«يا عائشة، واللهِ لكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنّاء، ولكأن نخلَها رؤوسُ الشياطين» . قالت: فقلت يا رسول الله، أفلا أحرقتَه؟ قال:«لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًا، فأمرتُ بها فدُفِنَتْ» (1) .

3-

مرويُّ النَّسائي رحمه الله:

وهو في موضع واحد من سننه عن زيد بن أرقم، ولفظه: سَحَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من اليهود، فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن رجلاً من اليهود سَحَرك، عقد لك عُقدًا في بئر كذا كذا، فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاستخرجوها، فجيئ بها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نُشِط من عِقالٍ، فما ذكر ذلك لذلك اليهودي، ولا رآه في وجهه قَطُّ (2) .

4-

مرويُّ ابنِ ماجَهْ رحمه الله:

وهو كذلك في موضع واحد من سننه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَحَر النبيَّ صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ من يهود بني زُرَيْقٍ، يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، قالت: حتى إذا كان ذات يومٍ، أو كان ذات ليلةٍ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا، ثم قال: «يا عائشةُ، أشعرتِ أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان، فجلس أحدهما

(1) صحيح مسلم؛ كتاب: السلام، باب: السحر، برقم (2189) ، عن عائشة رضي الله عنها.

(2)

سنن النَّسائي، كتاب: المحاربة، باب: سَحَرة أهل الكتاب، برقم (4085) .

ص: 47

عند رأسي والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجليَّ، أو الذي عند رجليَّ للذي عند رأسي: ما وجع الرَّجُلِ؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّهُ؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشطٍ ومُشاطةٍ وجُفِّ طلعةٍ ذكرٍ، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروانَ» ، قالت: فأتاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أناسٍ من أصحابه، ثم جاء فقال:«واللهِ يا عائشةُ لكأنَّ ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأنَّ نخلَها رؤوس الشياطين» ، قالت: يا رسول الله، أفلا أحرقتَه؟ قال:«لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهتُ أن أثير على الناس منه شرًا» فأمر بها فدُفِنَتْ (1) .

5-

مرويُّ الإمامِ أحمدَ رحمه الله:

روى الإمام الحديث في خمس مواضعَ من المسند - كما سبق ذكره - كلُّها في مسند النساء، من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، وهاك نصَّها:

-

«سُحِر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فيُخَيَّلُ إليه أنه قد صنع شيئًا ولم يصنعه» (2) .

-

«سحر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ من يهود بني زُرَيْقٍ، يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه (أنه) يفعل الشيء وما يفعله، قالت: حتى إذا كان ذات يومٍ، أو ذات ليلةٍ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا، ثم قال: «يا عائشةُ، شعرتُ أن الله عز وجل قد أفتاني فيما استفتيتُه فيه، جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيَّ. فقال الذي عند رأسي للذي عند رِجْلَيَّ، أو الذي عند رِجْلَيَّ للذي عند رأسي: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّهُ؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشطٍ

(1) سنن ابن ماجَهْ، كتاب: الطب، باب: السحر، برقم (3545) . ويُلحظ - هنا - مطابقة هذه الرواية لما عند مسلم رحمه الله من طريق ابن نمير، عن هشام، عن عروة، عن عائشةَ رضي الله عنها.

(2)

أخرجه أحمد (6/51) .

ص: 48

ومُشاطةٍ وجُفِّ طلعةٍ ذكرٍ، قال: وأين هو؟ قال: في بئر أروانَ» ، قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناسٍ من أصحابه، ثم جاء فقال:«يا عائشةُ كأنَّ ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأنَّ نخلَها رؤوس الشياطين» ، قالت: يا رسول الله، فهلاّ أحرقتَه؟ قال:«لا، أما أنا فقد عافاني الله عز وجل، وكرهتُ أن أثير على الناس منه شرًا» فأمر بها فدُفِنَتْ (1) .

-

«لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستَّةَ أَشْهُر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتي، فأتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه والآخرُ عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما بالُه؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لَبيد بن الأعصم، قال: فيم؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ في جُفِّ طلعةِ ذكرٍ، في بئر ذَرْوَانَ تحت راعوفةٍ، فاستيقظ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من نومه، فقال: «أيْ عائشةُ ألم تَرَيْ أن الله أفتاني فيم استفتيته، فأتى البئر، فأمر به فأُخرِج، فقال: هذه البئر التي أُرِيتُها، واللهِ كأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، وكأن روؤس نخلِها رؤوس الشياطين» ، فقالت عائشة: لو أنك - قال: كأنها تعني أن يَنْتَشِرَ - قال: «أما والله قد عافاني الله، وأنا أكره أن أثير على الناس منه شرًا» (2) .

-

«سُحِر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعلُه، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندها دعا اللهَ عز وجل، ودعاه، ثم قال: «أَشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيما استفتيتُه فيه» ، قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيَّ، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: في ماذا؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ، وجُفِّ طلعةِ ذكرٍ» ، قال: فأين هو؟ قال: «في بئر (ذي أَرْوَانَ) . فذهب النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى البئر، فنظر إليها وعليها نخل، ثم رجع إلى عائشةَ فقال: «والله لكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوس الشياطين» ، قلت: يا رسول الله فأَحْرِقْه، قال:«لا، أما أنا فقد عافاني الله عز وجل، وخشيتُ أن أُثوِّر على الناس منه شرًا» (3) .

-

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِر له، حتى كان يخيل إليه أنه يصنع الشيء ولم يصنع، حتى إذا كان ذات يوم رأيته يدعو. فقال: «شَعَرْتُ أن الله عز وجل قد أفتاني فيما استفتيتُه فيه، فقال: أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما: ما وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قال الآخر: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في ماذا؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ، وَجُبِّ أو جُفِّ طلعةِ ذكرٍ، قال: فأين هو؟ قال: في ذي

(1) أخرجه أحمد (6/57) .

(2)

أخرجه أحمد، (6/63) .

(3)

أخرجه أحمد، (6/63-64) .

ص: 49

أَرْوَانَ» ، قال: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عائشة، قال:«وكأنها رؤوس الشياطين، وكأن ماءها نُقاعة الحِنَّاء» ، فقلت: يا رسول الله، فأخرجتَه للناس، فقال:«أما الله عز وجل فقد شفاني، وخشيتُ أن أُثوِّر على الناس منه شرًا» (1) .

6-

ما رواه الحُمَيديُّ في «مسنده» :

مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهم، قالت: فقال ذات يوم: «يا عائشة، أعلمتِ أن الله عز وجل أفتاني في أمر استفتيته فيه: أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رِجْلَيَّ، والآخر عند رأسي، فقال الذي عنه رجليَّ للذي عند رأسي: ما بالُ الرَّجُلِ؟ قال: مطبوب. قال: ومَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن أعصمَ. قال: وفيم؟ قال: في جُفِّ طلعةِ ذكرٍ، في

(1) أخرجه أحمد، (6/96) .

ص: 50

مشط ومشاقة، تحت راعوفة في بئر ذروان» قالت: فجاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«هذه البئر التي أُرِيتُها، كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، وكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء» ، قالت: فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرج، فقلت: يا رسول الله فهلاّ؟ قال سفيان - أي ابن عيينة - يعني تنشَّرتَ؟ فقال: «أما والله فقد شفاني، وأما أنا فأكره أن أثير على الناس منه شرًا» قالت: ولبيد ابن أعصمَ رجل من بني زُرَيْقٍ حليفٌ ليهود (1) .

7-

ما رواه ابن سعدٍ في «الطبقات الكبرى» :

وقد أخرجه في ثلاثة مواضع فيها:

الأول: عن عائشة رضي الله عنها (2) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِرَ له حتى كان يخيّل إليه أنه يصنع الشيء ولم يصنعه، حتى إذا كان ذات يوم رأيتُه يدعو، فقال:«أشعرتِ أن الله قد أفتاني فيما استفتيته؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما: ما وجع الرَّجُلِ؟ فقال الآخر: مطبوب. فقال: مَنْ طَبَّه؟ فقال: لبيد بن الأعصم، قال: فيمَ؟ قال: في مُشط ومُشاطة، وجُبِّ طلعةٍ ذكرٍ، قال: فأين هو؟ قال: في ذي ذروان» ، قال: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع أخبر عائشة فقال:«كأن نخلها رؤوس الشياطين وكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء» ، فقلت: يا رسول الله: فأخرِجْه للناس، قال:«أما الله فقد شفاني، وخشيت أن أثوّر على الناس منه شرًا» (3) .

الثاني: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنها (4) : قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم،

(1) مسند الحميدي، برقم (261) ، عن عائشة رضي الله عنها.

(2)

من طريق وهيب عن هشام، عن أبيه.

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد (2/151)، ذِكر من قال: إن اليهود سحرت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(4)

من طريق جُوَيْبِر، عن الضحّاك، عنه. ولا يخفى ما في السند من ضعف، لانقطاعه بين ابن عباس والضحاك، فضلاً عن ضعف جويبر.

ص: 51

وأُخِّذ عن النساء وعن الطعام والشراب، فهبط عليه ملكان - وهو بين النائم واليقظان - فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما شكوُهُ؟ قال: طُبّ، يعني: سُحر. قال: ومن فعله؟ قال: لبيد بن أعصمَ اليهوديُّ، قال: ففي أي شيء جعله؟ قال: في طلعةٍ، قال: فأين وضعها؟ قال: في بئر ذروان تحت صخرة، قال: فما شفاؤه؟ قال: تنزح البئر وترفع الصخرة وتستخرج الطلعة، وارتفع الملَكان، فبعث نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إلى عليٍّ وعمّار رضي الله عنهما، وأَمَرهما أن يأتيا الركيّ فيفعلان الذي سمع، فأتياها وماؤها كأنه قد خُضِبَ بالحِنّاء، فنزحاها، ثم رفعا الصخرة فأخرجا طلعةً، فإذا بها إحدى عشرة عقدةً، ونزلت هاتان السورتان:[الفَلَق: 1]{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *} ، و [النَّاس: 1] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *} ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما قرأ آية انحلّت عقدة حتى انحلت العقد، وانتشر نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، للنساء والطعام والشراب (1) .

الثالث: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: عقد رجل من الأنصار - يعني للنبي صلى الله عليه وسلم عقدًا، وكان يَأْمَنُه، ورمى به في بئر كذا وكذا، فجاء الملَكان يَعُودَانِه، فقال أحدهما لصاحبه: تدري ما به؟ عقد له فلان الأنصاري ورمى به في بئر كذا وكذا، ولو أخرجه لعوفي، فبعثوا إلى البئر فوجدوا الماء قد اخضرَّ فأخرجوه فرمَوْا به، فعوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدّث به ولا رُئي في وجهه (2) .

8-

ما رواه ابن أبي شيبةَ رحمه الله في مصنَّفه: وذلك في موضعين منه:

الأول: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: سَحَر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من اليهود، فاشتكى النبيُّ صلى الله عليه وسلم لذلك أيامًا، فأتاه جبريل فقال: إن رجلاً كذا من اليهود

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (2/153) .

(2)

العزو السابق نفسه.

ص: 52

سَحَرك، عقد لك عُقَدًا، فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا، فاستخرجها، فجاء بها، فجعل كلما حلّ عقدة وجد لذلك خفة، فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم كأنما نُشِط من عِقالٍ، فما ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك لليهودي، ولا رآه في وجهه قط (1) .

الثاني: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سَحَر رسولَ الله يهودي من يهود بني زُرِيْقٍ يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، حتى إذا كان ذات يوم، أو كان ذات ليلة، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: «يا عائشةُ، أشعرتِ أن الله قد أفتاني فيما

(1) المصنف لابن أبي شيبة، (5/40) ، برقم (23508) .

ص: 53

استفتيته فيه، جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجليَّ، أو الذي عند رجليَّ للذي عند رأسي: ما وجع الرَّجل؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشطٍ ومُشاطةٍ وجُفّ طلعةِ ذكرٍ، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروانَ» فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، ثم جاء فقال: يا عائشة كأنما ماؤها نُقاعة الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوس الشياطين» فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته؟ فقال:«لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس منه شرًا» ، فأمر بها فدُفنت (1) .

9-

ما رواه البيهقي في «الدلائل» ، وهو عنده في موضعين أيضًا:

الأول: عن عائشة: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم طُبَّ حتى إنه ليُخيّل إليه أن صنع الشيء وما صنعه، وأنه دعا ربّه ثم قال:«أشعرتِ أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟» فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرّجُل؟ قال الآخر: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فيماذا؟ قال: في مُشطٍ ومشاطةٍ وجُفِّ طلعةٍ ذكرٍ، قال: فأين هو؟ قال: هو في ذروانَ، وذروانُ بئرٌ في بني زُريْق» . قالت عائشة: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع على عائشة فقال: «واللهِ لكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوس الشياطين» ، قالت: فقلت له: يا رسول الله، هلاّ أخرجتَه؟ قال:«أما أنا فقد شفاني الله، وكرهت أن أثير على الناس منه شرًا» (2) .

الثاني: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: مَرِض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضًا شديدًا، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما ترى؟ قال: طُبَّ، قال: وما طِبُّه؟ قال: سُحِرَ، قال: وما سَحَرَه؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلانٍ، تحت صخرةٍ في رَكِيّةٍ، فأْتُوا الركيَّ فانزحوا ماءها، وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكَرْبة، فاحرقوها، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمّار بن ياسر في نفرٍ فأتَوْا الركيَّ، فإذا ماؤها مثل ماء الحِنَّاء، فنزحوا الماء، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الكربة فأحرقوها، فإذا فيه وَتَرٌ فيه إحدى عشرة عقدةً، فأنزلت عليه هاتان السورتان، فجعل كلما قرأ آية انحلّت عقدة:[الفَلَق:1]{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *} ، و [النَّاس:1] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *} (3) . وقال البيهقي: الاعتماد على الحديث الأول (4) . اهـ.

(1) العزو السابق، برقم (23509) ، وقد روى ابن ماجه الحديث - كما سبق - من طريق ابن أبي شيبة عن ابن نمير، عن هشام، عن عروة عن عائشة. ونص الرواية مطابق لمروي مسلم، كما سبق الإشارة إليه.

(2)

دلائل النبوة، ومعرفة أحوال صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم» للبيهقي (6/247) .

(3)

العزو السابق نفسه.

(4)

قول البيهقي رحمه الله: الاعتماد على الحديث الأول، وهو من طريق أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. وقد ذكر البيهقي - عقب روايته الحديث -

أن البخاري في صحيحه قد رواه من هذا الطريق. أما الحديث الثاني، فلم يصححه الإمام، لكون محمد بن السائب الكلبي - أحد رواة الحديث عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي (2/656) .

ص: 54