الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكرامة
…
السحر
2-
حدوثها دال على صلاح العبد وعلمه بأحكام الشريعة وحسن عمله بها.
…
2- حدوثه دال على كفر الساحر وفسقه، وجهله، وتعدّيه حدود الله، باستعانته بالشياطين والتقرب إليهم.
3-
يخفيها من ظهرت على يديه جاهدًا، طلبًا لرضى الله تعالى وتواضعًا له سبحانه.
…
3- يفاخر به الساحر، ويعمل جاهدًا لإظهاره، طلبًا للسلطة والتكسب.
هذه بتفصيل الوجوه التي يفترق بها كل من المعجزة والكرامة عن السحر، ويبقى أنها جميعًا تتفق في كونها خوارق للعادة، لكن يفترق السحر والكرامة من جهة عن المعجزة: أن الولي والساحر لا يتحديان بانخراق العادة، ولو فُرض أنهما تحديا الخلق بانخراق العادة لم تنخرق لهما، لكن النبي تقترن معجزته دومًا بدعوى النبوة، والتحدي لإثباتها. والله أعلم.
ثالثًا: بيان أحكام السحر والسحرة:
لا ريب بأن هذا الباب هو واسطة عِقْد نظام هذا الفصل وقطب رحاه، إذ هو المقصود منه، بل المقصود من مجمل الكتاب، فلو أدرك أولئك السحرة والمشعوذون جسيم خطر ما يقدمون عليه، ولو تفهم كثير من الناس حقيقة هؤلاء وعاقبة أمر من يأتيهم ويتبع أثرهم، لولوا مدبرين عن ذلك كله، إلا أن الشياطين سولت لهؤلاء بأن أعمالهم قد تندرج في علوم الدين وأصوله، فها هم هؤلاء يجعلون أوفاقًا بأسماء الله الحسنى، وقرعات بآيات الكتاب، وحروزًا وأحجبة نسبوها زورًا لآل البيت الأطهار، ومثلثات لعلماء أخيار، وأقسامًا على ملائكة أبرار، واستخدامًا لملوك الجن بحيازة الاسم الأعظم لله العلي الجبار، فما المعيب في ذلك كله ما دام أنه باسم الدين ومحبة بعباد الله الصالحين؟! نعم، هذا هو زعم كثير من هؤلاء، ثم إنهم
ازداد عملهم حُسنًا وتشبّع خيرًا - بزعمهم - حيث هرعوا إلى نجدة المرضى وجلب المسروق، وإخراج الجن الصارع من بدن الممسوس، فعظم تأثر الناس بهم، وافتتانهم بهم، أقول: لو علم الناس حقيقة هؤلاء الذين يفتّون في عضد الإسلام، ويحاولون دك أركانه، وأنهم من جنس عبدة الشياطين، والمشركين والمستقسمين بالأزلام، والصابئة عبدة النجوم، وأنهم سحرة مارقون من الدين، وكهنة تتنزل عليهم الشياطين، ودجالون مشعوذون يطلبون فتات الدنيا وحطامها، لانفض كثير من الناس عنهم، فلا يُظن بمسلم أن يرضى لتعاليم الإسلام السمحة، التي أفاضت على الإنسانية قرونًا خيرًا وعلمًا وحقًا، أن تغدو ألغازًا وطلسمات وحجبًا وتعويذات، وأن يتزاحم أهل الإسلام طالبين العلاج الروحاني من أسرار الحروف، وخواص الأعداد، وقدرات الأفلاك. هذا، وإن الشريعة لم تَدَع أمر هؤلاء يخبطون في مصائر الخلق خبط عشواء، بل أكدت النصوص الكريمة كونهم من حزب الشيطان، وأنهم صائرون إلى ما يصير إليه من الخسران، فلم تفسح لهم ولو كمَفْحَص قَطاةٍ (1) في حظيرة الإيمان، أو تؤمّلهم ولو بموضع سوط في جنان الرحمن.
فواعجبًا ممن رضي بالنجم ربًا وبالسحر والكهانة دينًا، وبالاستقسام استخارة ودليلاً، ونبذ كتاب الله وراء ظهره، وأخرج هدي رسول الإسلام من قلبه قبل عقله، وحفظ الدعوات الشركية وهجر الاستجارة برب البرية، ثم هو من بعد ذلك كله قصد الضرّ بالعباد، بيد أنه نصح من تعلّم منه ألا يعمل هذا الضر إلا لمستحقه، ومِن فَرْط تقواه فقد نبّه المتعلم إلى ضرورة استحضار تقوى الله في عمل السحر، فإنه إن عمل ذلك لغير مستحقه فهو
(1) القطاة: نوع من الطير، تحفر في الأرض موضعًا كأنها تفحص فيه لتبيض فيه، واسم ذلك الموضع مَفحَص، ومنه قيل فحصت عن الشيء إذا استقصيت في البحث عنه، وتفحّصت مثله. انظر: المصباح المنير (فحص) . وفي الحديث: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة، لبيضها أو أصغر، بنى الله له بيتًا في الجنة» . أخرجه أحمد في مسنده (1/241)، من حديث عبد الله بن العباس رضي الله عنهما. وهو حديث صحيح بشواهده. انظر:«صحيح الجامع» برقم (6129) .
المسؤول عن ذلك يوم التناد!! أما سمع أحدهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُْولى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (1) ؟!
أخي القارئ؛ بعد أن تبين لك حقيقة السحرة، وقبح فعالهم، هاك أحكام هؤلاء في الفقه الإسلامي؛ وهي - مع تشعّبها - مُتضمَّنة في مبحثين اثنين، كالآتي:
الأول: بيان حكم تعلّم السحر، وتعليمه.
الثاني: بيان الأحكام المتعلقة بالساحر، وفيه خمسة مطالب:
1-
…
حكم ساحر المسلمين.
2-
…
حكم ساحر أهل الكتاب.
3-
…
حكم النساء السواحر.
4-
…
هل يُستتاب الساحر، وهل تقبل توبته؟
5-
…
ما هي النُّشْرة؟ وهل يُسأل الساحر حلَّ السحر؟
(1) أخرجه البخاري؛ كتاب: أحاديث الأنبياء، بابٌ بعد باب حديث الغار، برقم (3484)، عن أبي مسعود (عقبة بن عمرو) البدريّ الأنصاريّ رضي الله عنه. وفي معنى الحديث أوجهٌ من أحسنها: أنه توبيخ ووعيد، فمن لم يستحْي من فعل القبيح فَعَل ما أمره به هواه وما حدثته به نفسه، وليفعل ما هو فاعل فإنه مجزي به، فإن الله يراه، وسوف يجازى على قبيح صنعه.