الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: السحر وشباب الأمة.
رابعًا: نظرة تربوية لاستنقاذ الشباب من أوكار الانحراف.
أولاً: لمحة تأريخية عن السحر لدى الشعوب
(1) :
عرفت الإنسانية فنون السحر منذ عهود قديمة، وظهر في ذلك مخطوطات ومنقوشات صخرية تدل بمجموعها على مبلغ اهتمام الإنسان بأداة السحر باعتبارها معينًا له في حل المشكلات المتعلقة بعالم الغيب، لرفع الأستار عنه، والوقاية من أخطاره المحدقة. وقد اختلف المؤرخون في تحديد أول من مارس طقوس السحر وأعماله، إلا أن بعضًا منهم يرجح أن يكون زرادشت (زوروستر) ، في بلاد الفرس، والواقع أنه منذ القرن الأول الميلادي إلى ما بعده استخدمت كلمة (مجوس) للإشارة إلى السحرة والراجمين بالغيب الوافدين أساسًا من بابل، واعتبر المجوس البابليون غالبًا من السحرة. ثم لحق الفرس الكنعانيون حيث اعتقدوا اتصال الكلاب والقطط بالشياطين وتأثير أصواتها على الناس، أما الكلدانيون فقد اهتموا بدراسة الكواكب والنجوم، واعتقدوا جزمًا بتأثير حركتها على حياة البشر وهم ينسبون إليها أفعالاً كثيرة، ويعملون أعمالهم السحرية معتمدين على حركات الكواكب وأوقاتها ومواضعها، وعليه فإنهم أول من اعتمد النِّجامة كسبيل للسحر، أما المصريون القدماء فقد اعتبروا السحر علمًا من علوم الكهنوت، وربطوا كثيرًا من الطقوس الدينية بالسحر وتعاليمه، وعليه فقد كان السحر لديهم دينًا تطبيقيًا اشتغل به كبار رجال الدين.
(1) انظر: السحر والمجتمع د. سامية الساعاتي ص15 وما بعدها. والسحر والسحرة من منظار القرآن والسنة، د. إبراهيم أدهم ص 227، وكذلك انظر: فنون السحر لأحمد الشنتناوي ص114.
أما الهنود القدماء فقد احتل السحرة لديهم - وما زالوا - مكانة كبيرة، واختلطت الطقوس السحرية لديهم بكثير من عاداتهم، فكثرت عندهم التعاويذ والرقى، وكان منها ما يُستخدم للضر أو للنفع بحسب اعتقادهم؛ فقد تُمرض أو تشفي أو تضمن السعادة أو تجلب النحس، وتعدى أثر السحر لديهم إلى إخصاب الأرض وإجدابها، ولهم كتب في ذلك منها ما يسمى (سر الأسرار) ، ويعتقد الهنود أن معبوداتهم في الثالوث الهندي، وهو يتألف من برهما وفشنو وسيفا، تخضع للسحرة وتأتمر بأوامرهم؛ لأنها لا تقوى على مقاومة تعاويذ ورقى السحرة الهنود!!
كما قد ذاع صِيت السحر في أوروبا في عصورها المظلمة.
أما اليونان القدماء، فقد تعلموا السحر بالتنجيم، واعتقدوا بأن انتصار الإسكندر المقدوني على سائر الملوك كان بفعل معرفته بالأعمال السحرية، في حين أن الرومان عاش أباطرتهم الوثنيون في رعب من السحر، واتخذوا إجراءات تحميهم منه، وكان المتمرِّسون بالسحر في مجتمعهم يُعدون أشرارًا مشعوذين ويُحاكَمون تبعًا لذلك.
وفي روما كانت شهرة الكلدانيين من بابل ذائعة في مضمار السحر، وكان يُعتقد أن في حوزتهم أسرار السحر والتنجيم.
أما اليهود فقد كانوا - وما زالوا - من أكثر الشعوب تعلمًا وممارسة للسحر، فقد ورثوه صاغرًا عن صاغر مما تقولته الشياطين على ملك سليمان عليه السلام، ويعرف سحرهم باسم مكايد بني إسرائيل وهي تسع وثلاثون مكيدة - أي عملاً سحريًا - فيها من الضر المقصود ما الله به عليم، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. أما السحر لدى أهل الصين فهو من أقدم ما عرفته الإنسانية منذ ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام، ويعتقد أن كتاب (التغيرات) لكونفوشيوس الصيني هو أقدم كتاب في هذا المضمار.