الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأواخر منه، كذلك في العشر الأوائل من ذي الحجة (1) .
16-
…
من كان متحصِّنًا بالأذكار المشروعة، فإن الساحر يرفض استقباله أيضًا (2) .
17-
…
وضع زجاجة بلورية مكورة بين يديه، أو طَسْتٍ فيه ماء وقد نُجِّس ببول صبي مثلاً (3) .
هذا، وإن طرائق السحرة تكاد لا تنحصر، اللهم إنا نعوذ بك من كيد الفجار وطرائق الأشرار، ومِنْ طَوَارِقِ الَّليْلِ وَالنَّهَارِ إِلاّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمنُ (4) .
ثانيًا: في ذكر علاماتٍ يُعرف بها المسحور
(5) .
1-
…
كثرة الصدود عن ذكر الله تعالى، والميل إلى ترك العبادات، والإعراض عن سماع كل ما له تعلُّق بالدِّين.
2-
…
كثرة تعرضه لأحلام مفزعة «الكوابيس» .
(1) ذلك أن الشياطين تصفّد في رمضان، كما أن أعظم الخزي للشيطان الرجيم إنما يكون في يوم عرفة.
(2)
حيث إنه لا سبيل للشيطان عليه حال التحصّن.
(3)
ليتمكن شيطان الجن بالتمثل في هذه الأشياء، والظهور للساحر، فيعاينه ويتحدث معه، فلو غطى الطست مثلاً، فإن شيطانه يُحضر له ما دفن من سحر عَمِله ساحر آخر، فيوقعه في الماء، أو قد يقذفه من السقف على شكل ورقة ملتفة، أو قطعة قماش، أو صرة من جلد قد أُحكِم ربطُها، لكنّ ذلك لو حصل فإن السحر لا يزول به، ولو أن المريض قصده مرارًا لأخرج له عملاً - سحرًا - في كل مرة!!
(4)
هذا جزء من حديث، دعا فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله:«أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بَرٌ ولا فاجر، من شر ما ينزل من السماء وشر ما يَعْرُج فيها، وشر ما ذرأ في الأرض وشر ما يَخْرُج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن» . أخرجه مالك في الموطأ، مرسلاً عن يحيى بن سعيد رحمه الله، كتاب: الشِّعْر، باب: ما يؤمر به من التعوّذ برقم (10) ، وقد أخرجه أحمد في مسنده موصولاً، (3/419)، من حديث عبد الرحمن بن خَنْبَشٍ رضي الله عنه. صحّحه الألباني: انظر: صحيح الجامع الصغير برقم (74) .
(5)
انظر: «الصارم البتار» لوحيد بالي ص151، و «إعجاز القرآن» لناصر المنشاوي ص46.
3-
…
الصداع الشديد المستمر.
4-
…
كثرة وقوع الشجار - لأمور غير ذات بال - بين الزوجين، أو غيرهما.
5-
…
الغضب المفرط المتكرر، من غير مسوّغ ظاهر.
6-
…
كثرة الشرود والذهول.
7-
…
النسيان الشديد.
8-
…
تخيُّل حصول شيء، والحال أنه لم يحصل.
9-
…
شخوص البصر (جموده) ، وزَوْغه.
10-
…
كثرة الملل من الاستقرار في مكان واحد، أو التأفّف الكثير من الاستمرار في عمل معين.
11-
…
عدم الاهتمام بالمظهر، فهو يبدو غالبًا أشعث الرأس، بالي الثوب، متسخ الجسد.
12-
…
الهِيام على وجهه لا يلوي على شيء، ولا يدري أين يذهب، وربما نام في الخِرَب (الأماكن المهجورة) .
13-
…
تغير في لون البشرة، وبخاصة في لون بشرة الوجه إلى السواد.
هذه بعض الأعراض التي تبدو جلية على المسحور، لكن ينبغي هنا تمييز بعض هذه الأعراض عن أعراض تطابقها، قد تظهر على بعض مَن يعانون من أمراض عضوية كداء الشقيقة، أو نفسية كداء انفصام الشخصية، المتسبب في اختلال التصرف، وكثرة الوهم والقلق والأرق، أو المعاناة من عقدة النقص البسيط أو المركب، المتسبب لكثرة النقد الذي يكون غالبًا في غير محله، مما يتسبب في كثير من حالات التخاصم بين الزوجين، أو ظهور علامات جنون العظمة (داء الكِبْر) ، فالواجب في هذه الحالات جميعها - أولاً - المعالجة العضوية لدى أهل الاختصاص، فإن لم تُجْدِ
هذه المعالجة نفعًا، عُمِد إلى العلاج النفسي، فإن أعيا الأطباء مداواتُه، عمَد المريض عندئذ إلى التداوي بالرقى المشروعة، عند من يرجو صلاحه، ويتوسم خيرًا فيه، ولا يُعمَد إلى ذلك ابتداءً، خشية أن يعتقد ضعاف النفوس أن المرض - وهو مرض عضوي يحتاج إلى العقاقير الطبية - لم يَنْتَفِ عن المريض بعد رَقْيِه؛ فيؤثر ذلك نقصًا في إيمانهم. هذا، مع يقيننا التام بأن الرقى المشروعة تؤثر بالشفاء - بإذن الله - حتى لو كان المرض عضويًا أو نفسيًا، لكنْ قد أُمِرنا ابتداءً بالتداوي والأخذ بالأسباب، وهذا مما لا ينفي وقوع شفاء بمحض التوكل على الله، أو بأثر طلب الشفاء برقية مشروعة.
قال الله تعالى: [الإسرَاء: 82]{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَاّ خَسَارًا *} .
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَاّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً (1) وقال صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عز وجل (2) . وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام حين سألته صلى الله عليه وسلم الأعرابُ: يا رسول الله أنتداوى؟ -: تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَاّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ» (3) .
(1) أخرجه البخاري، كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً، برقم (5678) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم، كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، برقم (2204) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(3)
أخرجه أبو داود - واللفظ له - كتاب: الطب، باب: الرجل يتداوى، برقم (3855)، والترمذي - وصحّحه - كتاب: الطب، باب: ما جاء في الدواء والحثِّ عليه، برقم (2038) ، وابن ماجَهْ، كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، برقم (3436) ، وأحمد في مسنده (4/278)، بزيادة في آخره:«عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» ، من حديث أسامةَ بن شريك رضي الله عنه. انظر: صحيح أبي داود برقم (3264) .
أخي القارئ، تلك هي - بإجمال - العلامات الدالّة على الساحر، والأعراض التي يستشف من خلالها المعالج احتمال وجود سحر على المريض، فيعمد عندها إلى استخراجه وإبطاله، - إن أمكن معرفة موضعه - أو الاحتجام، أو بالتداوي بعجوة المدينة، ويكون ذلك مترافقًا مع الرَّقْي المشروع، فإن عولج المريض بمثل ما سبق، ولم يكتب له شفاء به، عدنا إلى الاستطباب العضوي، أو النفسي، [ولا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن كثيرًا من الناس يعتقد أن الأدوية في العلاج لدى الطبيب النفسي ما هي إلا جرعات مسكّنة منوِّمة تسلك بالمريض سبيل الإدمان، وهذا اعتقاد خاطئ عند تعميمه، حيث إن الأدوية النفسية لا تؤدي إلى ذلك، باستثناء مجموعة صغيرة منها كبعض أدوية القلق، إذا ما استخدمت لفترات طويلة وبدون إشراف طبي مباشر من طبيب حاذق أمين. وكذلك فإن اعتقاد البعض أن الطب النفسي ليس إلا جلسات كلامية، لذا فلا حاجة - باعتقادهم - إلى العلاج النفسي، وهذا بدوره اعتقاد خاطئ، فإن العلاج النفسي غير الدوائي ليس مجرد حوار يجريه الطبيب مع مريضه، إنما هو حوار مقنّن يتبع منهجًا علميًا وبرنامجًا خاصًا، يقوم المختص فيه بما يسمونه (علاجًا مساندًا) يُطمئن فيه المريض ويُوجِّهه، ومن ثم يشرع بعلاجه سلوكيًا، فيجتهد في تعديل بعض السلوكيات المَرَضِيّة مع استبدالها بأخرى مناسبة، ثم يعمد إلى العلاج المعرفي فيصحح فيه بعض أساليب التفكير الخاطئة لدى المريض مع استبدالها بأساليب صحيحة، وهكذا بتدرجٍ إلى أن يعمد الطبيب إلى الدواء، أو - في حالات متقدمة - إلى علاجات جراحية محدّدة. وبالإجمال فإن التداوي النفسي ليس وصمة عار تلحق بالمريض، بل هو نمط علمي للعلاج قد يُخلِّص المريض من أعراض عضوية يرتبط ظهورها ارتباطًا وثيقًا بمرض نفسي (1) ، فضلاً عن
(1) إن بعض الأمراض النفسية قد تظهر بصورة مرض عضوي، كالاكتئاب عند بعض كبار السن، فإنه قد يؤدي إلى شعور بالغثيان، بل وألم في المفاصل.
تخليصه من آثار الأعراض النفسية] (1) .
فليكن المسلم حصيفًا، وليعمد ابتداءً إلى التداوي المشروع بشقَّيْه العضوي والنفسي؛ فإن عجز كلاهما، ثم استدام عليه ظهور أعراض مَرَضِيّة، فليعمد عندها إلى التداوي بما شرع من الرقى، ومن طرق إبطال السحر، والتخليص من أثر العين، مما جعلته الشريعة سببًا متيقنًا للشفاء من ذلك، والله أعلم.
***
(1) انظر: العلاج النفسي والعلاج بالقرآن، د. طارق الحبيب. ص 357 وما بعدها.