الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن آيات الله العظيمة الباهرة الدالة على بعث الأرواح والأجساد ما أجراه الله سبحانه على أهل الكهف من نوم ثلاثمائة سنة، وازدادوا تسع سنين، ثم بعثهم بعد هذا النوم الطويل (1) {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} [الكهف: 21] (2).
خامسا: إخراج النار من الشجر الأخضر: ومن الأدلة على بعث الأجساد والأرواح قدرة الله -تعالى- على إخراج النار اليابسة المحرقة من الشجر الأخضر الذي هو في غاية الرطوبة مع تضادهما وشدة تخالفهما، فالقادر على أن يخلق من الشجر الأخضر نارا أولى بالقدرة على أن يخرج إنسانا حيا من التراب كما خلقه أول مرة (3) {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] (4).
المسلك الثاني: الأدلة الحسية:
من الأدلة الحسية التي شاهدها الناس ونقلها لنا أعظم الكتب والمهيمن عليها ما يأتي:
أولا: إحياء الله الموتى في الحياة الدنيا: فمن أعظم البراهين التي تدل على البعث إحياء الله- عز وجل بعض الموتى في الحياة الدنيا؛ لأن من أحيا نفسا واحدة بعد موتها قادر على إحياء جميع النفوس {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28](5).
(1) انظر: تفسير البغوي 3/ 165، وابن كثير 3/ 78، والسعدي 5/ 13، وأضواء البيان 4/ 22 - 24.
(2)
سورة الكهف، الآية 21.
(3)
انظر: درء تعارض العقل والنقل 1/ 34، وتفسير ابن كثير 3/ 583.
(4)
سورة يس، الآية 80.
(5)
سورة لقمان، الآية 28.
ومن هذا النوع الأمثلة التالية:
1 -
قوم موسى حين قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأماتهم الله -تعالى- ثم أحياهم، قال تعالى:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ - ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 55 - 56](1).
2 -
قصة القتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة، ثم يضربوه ببعضها، ثم فعلوا فأحياه الله، فأخبر بمن قتله، قال تعالى:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ - فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 72 - 73](2).
3 -
قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243](3).
4 -
قصة الرجل الذي مر على قرية ميتة فاستبعد أن يحييها الله، فأماته الله مائة سنة ثم أحياه، قال تعالى:
(1) سورة البقرة، الآيتان 55، 56.
(2)
سورة البقرة، الآيتان 72، 73.
(3)
سورة البقرة، الآية 243.
5 -
قصة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين سأل الله -تعالى- أن يريه كيف يحصي الموتى، فأمره أن يذبح أربعة من الطير، ويفرقهن أجزاء على الجبال التي حوله، ثم يناديهن فتجتمع الأجزاء بعضها إلى بعض، وتأتي إلى إبراهيم سعيا (2) قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 260](3).
6 -
ما أخبر الله به عن عيسى صلى الله عليه وسلم من أنه كان يحيي الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله تعالى:. . {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49](4). . . . {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} [المائدة: 110](5).
فهذه أدلة حسية واقعة، وبرهان قطعي على القدرة الإلهية، وأن الذي أماتهم ثم أحياهم قادر على بعثهم يوم القيامة، فإنه لا يعجزه شيء سبحانه (6).
(1) سورة البقرة، الآية 259.
(2)
انظر: تفسير ابن كثير 1/ 315، والسعدي 1/ 321.
(3)
سورة البقرة، الآية 260.
(4)
سورة آل عمران، الآية 49.
(5)
سورة المائدة، الآية 110.
(6)
انظر: تفسير السعدي 1/ 321، ومناهج الجدل ص 328.