المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسلك الرابع: الأدلة على إثبات رسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام: - الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المطلب الرابع الأدلة الشرعية

- ‌المبحث الثانيحكمة القول مع الوثنيين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأولالحجج العقلية القطعية على إثبات ألوهية الله تعالى

- ‌المطلب الثانيضعف جميع المعبودات من دون الله من كل الوجوه

- ‌المطلب الثالثضرب الأمثال الحكيمة

- ‌المطلب الرابعالكمال المطلق للإله الحق المستحق للعبادة وحده

- ‌المطلب الخامسالتوحيد دعوة جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام

- ‌المطلب السادسالغلو في الصالحين سبب شرك البشر

- ‌المطلب السابعالشفاعة المثبتة والمنفية

- ‌المطلب الثامنالإله الحق سخر جميع ما في الكون لعباده

- ‌المطلب التاسع البعث بعد الموت

- ‌المسلك الأول: الأدلة العقلية

- ‌المسلك الثاني: الأدلة الحسية:

- ‌المسلك الثالث: الأدلة الشرعية:

- ‌المبحث الثالثحكمة القول مع أهل الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأولحكمة القول مع اليهود

- ‌المسلك الأول: الأدلة العقلية والنقلية على نسخ الإسلام لجميع الشرائع

- ‌المسلك الثاني: الأدلة القطعية على وقوع التحريف والتبديل في التوراة:

- ‌المسلك الثالث: إثبات اعتراف المنصفين من علماء اليهود:

- ‌المسلك الرابع: الأدلة على إثبات رسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام:

- ‌المطلب الثانيحكمة القول مع النصارى

- ‌المسلك الأول: إبطال عقيدة التثليث وإثبات الوحدانية لله تعالى

- ‌المسلك الثاني: الأدلة والبراهين القاطعة على بشرية عيسى وعبوديته لله:

- ‌المسلك الثالث: البراهين الدالة دلالة قطعية على إبطال قضية الصلب والقتل:

- ‌المسلك الرابع: البينات الواضحات على وقوع النسخ والتحريف في الأناجيل:

- ‌المسلك الخامس: إثبات اعتراف المنصفين من علماء النصارى:

- ‌المطلب الثالثالبراهين على إثبات الرسالة المحمدية وعمومها

- ‌المسلك الأول: معجزات القرآن العظيم:

- ‌المسلك الثاني: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الحسية:

- ‌المسلك الثالث: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابعحكمة القول مع المسلمين

- ‌توطئة

- ‌المطلب الأول الموعظة الحسنة وأنواعها

- ‌المطلب الثاني الترغيب والترهيب

- ‌المسلك الأول: الترغيب والتبشير

- ‌المسلك الثاني: الترهيب والإنذار:

- ‌المطلب الثالث حكمة القول التصويرية

- ‌المسلك الأول: القصص الحكيم:

- ‌المسلك الثاني: التشبيه وضرب الأمثال:

- ‌المسلك الثالث: لفت الأنظار والقلوب إلى الصور المعنوية وآثارها:

- ‌المسلك الرابع: لفت الأنظار والقلوب إلى الآثار المحسوسة:

- ‌الفصل الرابعحكمة القوة الفعلية مع المدعوين

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولحكمة القوة الفعلية مع الكفار

- ‌المطلب الأولأسباب استخدام القوة الفعلية مع الكفار

- ‌المطلب الثانيقوة الجهاد في سبيل الله تعالى

- ‌المسلك الأول: أهداف الجهاد وغايته:

- ‌المسلك الثاني: أطوار قوة الجهاد:

- ‌المسلك الثالث: الإعداد لقوة الجهاد:

- ‌المسلك الرابع: ضوابط قوة الجهاد:

- ‌المسلك الخامس: مراتب قوة الجهاد وأنواعه:

- ‌المطلب الثالث أسباب النصر

- ‌المسلك الأول: الإيمان والعمل الصالح:

- ‌المسلك الثاني: نصر دين الله تعالى:

- ‌المسلك الثالث: التوكل على الله والأخذ بالأسباب:

- ‌المسلك الرابع: المشاورة بين المسئولين:

- ‌المسلك الخامس: الثبات عند لقاء العدو:

- ‌المسلك السادس: الشجاعة والبطولة والتضحية:

- ‌المسلك السابع: الدعاء وكثرة الذكر:

- ‌المسلك الثامن: طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌المسلك التاسع: الاجتماع وعدم النزاع:

- ‌المسلك العاشر: الصبر والمصابرة:

- ‌المسلك الحادي عشر: الإخلاص لله تعالى:

- ‌المسلك الثاني عشر: الرغبة فيما عند الله تعالى:

- ‌المسلك الثالث عشر: إسناد القيادة لأهل الإيمان:

- ‌المسلك الرابع عشر: التحصن بالدعائم المنجيات:

- ‌المبحث الثانيحكمة القوة الفعلية مع عصاة المسلمين

- ‌المطلب الأولأسباب استخدام القوة مع عصاة المسلمين

- ‌المطلب الثانيالكلمة القوية والفعل الحكيم

- ‌المطلب الثالثالتهديد الحكيم والوعيد بالعقوبة

- ‌المطلب الرابعحكمة القوة بالعقوبات الشرعية

- ‌توطئة:

- ‌المسلك الأول: عقوبة الهجر الحكيم:

- ‌المسلك الثاني: عقوبة التعزير:

- ‌المسلك الثالث: القصاص:

- ‌المسلك الرابع: حد الزنا واللواط:

- ‌المسلك الخامس: حد القذف:

- ‌المسلك السادس: حد شرب الخمر:

- ‌المسلك السابع: حد السرقة:

- ‌المسلك الثامن: حد المحاربين قطاع الطريق:

- ‌المسلك التاسع: عقوبة المرتد:

- ‌المسلك العاشر: قتال أهل البغي:

- ‌الخاتمة

- ‌ أهم النتائج

- ‌ التوصيات والمقترحات

الفصل: ‌المسلك الرابع: الأدلة على إثبات رسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام:

‌المسلك الرابع: الأدلة على إثبات رسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام:

من حكمة القول مع اليهود في دعوتهم إلى الله -تعالى- إثبات نبوة عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام، وذلك بما ظهر على يديهما من المعجزات الباهرات، والآيات البينات الطاهرة التي لا يقدر أحد أن يأتي بمثلها، كالتالي:

(أ) البراهين والبينات على صدق نبوة عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم: ثبتت نبوة عيسى صلى الله عليه وسلم بما ظهر على يده من المعجزات الخارقة للعادات من: إحياء الموتى، وإخراجهم من قبورهم، وإبراء الأكمه، والأبرص، وخلق الطير من الطين بإذن الله، والإخبار بالغيوب، وإنزال الطعام من السماء، وولادته من أم بغير أب، وكلامه في المهد (1) وغير ذلك من المعجزات (2).

ومعجزات عيسى لم تكن دون معجزات موسى، عليهما الصلاة والسلام، فكلا الرسولين اشتركا في المعجزات والآيات الظاهرة، فإن قيل أحدهما قد تعلمها بحيلة، فالآخر يمكن أن يقال ذلك في حقه، وقد أخبرا جميعا أن الله - تعالى- هو الذي أجرى ذلك على أيديهما، وأنه ليس من صنعهما، فتكذيب أحدهما وتصديق الآخر تفريق بين المتماثلين، وليس هناك دليل على أن موسى صلى الله عليه وسلم تلقى المعجزات عن الله تعالى إلا وهو يدل على أن عيسى صلى الله عليه وسلم تلقاها عن الله تعالى، فإن أمكن القدح في معجزات عيسى أمكن القدح في معجزات موسى، وإن كان ذلك باطلا فهذا باطل أيضا (3) ولا شك أنه لا يمكن القدح في شيء من ذلك أبدا.

(1) انظر الأدلة على هذه المعجزات في سورة آل عمران، الآية 49، وسورة المائدة الآية 110، والآيتان 114، 115.

(2)

انظر: كتاب الداعي إلى الإسلام، للأنباري ص 347، وإغاثة اللهفان لابن القيم 2/ 347.

(3)

انظر: إغاثة اللهفان 2/ 347.

ص: 423

(ب) الحجج والبراهين على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: ظهر على يده صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات الخارقة للعادات عند التحدي أكثر من سائر الأنبياء، والعهد بهذه المعجزات قريب، وناقلوها أصدق الخلق وأبرهم، ونقلها ثابت بالتواتر قرنا بعد قرن، وأعظمها فعجزة: القرآن، لم يتغير ولم يتبدل منه شيء، بل كأنه منزل الآن، وما أخبر به يقع كل وقت على الوجه الذي أخبر به، كأنه يشاهده عيانا، وقد عجز الأولون والآخرون عن الإتيان بمثله {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] (1).

ولا يمكن ليهودي أن يؤمن بنبوة موسى صلى الله عليه وسلم إن لم يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن لنصراني أن يقر بنبوة المسيح صلى الله عليه وسلم إلا بعد إقراره بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن من كفر بنبوة نبي واحد فقد كفر بالأنبياء كلهم، ولم ينفعه إيمانه ببعضهم دون بعض، كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا - أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا - وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 150 - 152](2).

ولا ينفع أهل الكتاب شهادة المسلمين بنبوة موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام؛ لأن المسلمين آمنوا بهما على يد محمد صلى الله عليه وسلم، وكان إيمانهم بهما من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، فلولاه ما عرفنا نبوتهما، ولا سيما

(1) سورة الإسراء، الآية 88.

(2)

سورة النساء، الآيات 150 - 152.

ص: 424

وليس بأيدي أهل الكتاب عن أنبيائهم ما يوجب الإيمان بهم؛ فلولا القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم ما عرفنا شيئا من آيات الأنبياء المتقدمين، فمحمد صلى الله عليه وسلم وكتابه هو الذي قرر نبوة موسى وعيسى، لا اليهود والنصارى، بل نفس ظهوره ومجيئه تصديقا لنبوتهما؛ فإنهما أخبرا بظهوره، وبشرا بظهوره:{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6](1) فلما بعث كان بعثه تصديقا لهما، قال تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم:{بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 37](2).

فمجيئه تصديق لهما من جهتين: من جهة إخبارهم بمجيئه ومبعثه، ومن جهة إخباره بمثل ما أخبروا به وشهادته بنبوتهم، ولو كان كاذبا لم يصدق من قبله، كما يفعل أعداء الأنبياء (3).

ومن أعظم الأدلة على صدقه صلى الله عليه وسلم أنه قال لليهود لما بهتوه: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 94](4) ولم يجسر أحد منهم على ذلك- مع اجتماعهم غلى تكذيبه وعداوته- لما أخبرهم بحلول الموت بهم إن أجابوه إلى ذلك، فلولا معرفتهم بحاله في كتبهم، وصدقه فيما يخبرهم به لسألوا الله الموت لأي الفريقين أكذب، منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة (5) ونظير ذلك قوله تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [الجمعة: 6 - 7](6).

(1) سورة الصف، الآية 6.

(2)

سورة الصافات، الآية 37.

(3)

انظر: درء تعارض العقل والنقل 5/ 78 - 83، ودقائق التفسير لابن تيمية 3/ 34، وإغاثة اللهفان لابن القيم 2/ 350، 351، وهداية الحيارى ص 635.

(4)

سورة البقرة، الآية 94.

(5)

انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 7/ 99، وتفسير ابن كثير 1/ 128، 129، وتفسير السعدي 1/ 114.

(6)

سورة الجمعة، الآيتان 6، 7.

ص: 425

وغير ذلك من دلائل نبوته وصدقه (1) صلى الله عليه وسلم التي سأذكرها- إن شاء الله- في آخر مطلب من مطالب حكمة القول مع أهل الكتاب.

(1) ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن ما نشر في صحيفة البلاد السعودية، في عددها رقم 9422، في 15/ 8 / 1410هـ، الموافق 12 مارس 1990م، ودخل في الإسلام بسبب ذلك أربع قرى نيجيرية، وهذا نص المنشور:

لقى أحد الضالين والمستهزئين بالإسلام حتفه أثر تشكيكه في الإسلام والقرآن، وإعلانه أمام جمع من الناس قائلا: إن كان القرآن والإسلام حقا فإني أسأل الله ألا أرجع بيتي حيا.

ويشاء الله أن يلقي هذا الكافر حتفه قبل أن يعود إلى منزله فعلا!

هذا وقد وقعت هذه الحادثة في قرية (بوب) في ولاية غونفولي بشمال نيجيريا، وأسلم على أثرها أهل القرية وثلاث قرى مجاورة، ويقول شهود عيان رأوا الحادثة: إن المكذب ويدعى عمر غيمو، وهو قس في كنيسة باتيسي بقرية بوب وقف خطيبا في الكنيسة، وبدأ في التطاول على الإسلام والقرآن الكريم، وردد العديد من الأكاذيب والأباطيل والافتراءات على الإسلام والقرآن الكريم، ثم قال في نهاية خطبته:(إن كان القرآن والدين الإسلامي حقا فأسأل الرب ألا يرجعني إلى بيتي حيا). وخرج القس من الكنيسة وهو على ثقة تامة بأنه لن يصيبه شيء وسيصل إلى منزله في صحة وعافية؛ ليتخذ ذلك فيما بعد دليلا يؤكد به للناس افتراءه وأكاذيبه. ويشاء الله- عز وجل وعلى الرغم من أن الطريق على منزله لا توجد به أي أخطار تهدد حياة الإنسان، يشاء الله أن تتعثر قدماه وهو يعبر جدول ماء صغير، وسقط فيه حتى مات وسارع إليه جماعة من المسيحيين في دهشة وذهول، ونقلوه إلى المستشفى والتي رفضت استلامه لوفاته، فذهبوا به إلى مستشفى آخر وثالث وكان التأكيد أنه قد لاقى حتفه ليسقط في أيديهم لحدوث الوفاة بهذه البساطة ودون حدوث أي إصابة أو جرح. والأعجب من ذلك أن أحد المارة كان قد حاول في البداية إنقاذ هذا المستهزئ عند تعثره فلقي مصرعه. . .

تجدر الإشارة إلى أن هذا القس كان مسيحيا، ثم أسلم، وعاش فترة بين المسلمين يتعامل معهم ويتعاملون معه، إلا أنه نكص على عقبيه، وارتد عن الإسلام، وأصبح حربا على دين الله إلى أن لقي مصيره المحتوم.

ص: 426