الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رؤية الولي للمحضون عند حاضنته
2432 -
عرض على اللجنة الاستفتاء المقدَّم من السيد / محمد، ونصُّه:
حيث إن المشرع في قانون الأحوال الشخصية الكويتي 51/ 84 المطبق، وتحديداً في مادته (196) قد ابتغى من الرؤية الأمل في التآلف الأسري وصلة الأرحام والمحبة، وحتى لا يبقى مجالاً لأي شوائب تُرسَّب في نفسية المحضون.
وأن نص المادة المعنية من ذات القانون ومذكرته التفسيرية لم تقيد الرؤية مطلقاً لا بموعد أو مدة زمنية معينة، أي أن الأصل هو إباحة، وقد أخضعتها بشموليتها لسلطة قاضي الموضوع التقديرية، على أن يكون حكمه لأسباب سائغة من واقع الأدلة بما يتفق وظروف كل حالة وصالح المحضون.
وقد جَرَتِ العادة أن الأحكام الصادرة من محاكم الكويت أنها تحدِّد الرؤية إما لبضع ساعات، أو بما لا يزيد بأي حال من الأحوال عن يوم واحد فقط في الأسبوع؛ أي مرة واحدة أسبوعياً، ويختلف توقيت تلك الساعات طبقاً لسن المحضون وحسب تقدير قناعة القاضي.
وقد جرى سند القضاء في ذلك الفقه طبقاً للمذاهب الأربعة قياساً على زيارة الزوجة لوالديها، وأن هذا السند بات مستقراً لدى القضاء باعتباره قاعدة ومبدأ للحكم بموجبها، دون التقدير أو الالتفات بتاتاً لأي من المتغيرات التي تطرأ على ظروف المحضون أياً كانت، والتي يكون بالغ الأهمية فيها هو كبر السن، فضلاً عن أسباب ومستجدات أخرى أهمها صالح المحضون.
فإذا كانت أحكام الرؤية ذاتَ حجِّية مؤقتة ترتبط باستقرار وثبات الظروف والزمان والأسباب، وأهمها بالأصل كبر سن الأولاد، ومن ثم فزيادة أيام الرؤية لها مبررات واعتبارات وأسباب متمثلة في:
1 -
المحضون عند اكتماله سن العاشرة وما بعد، فهي السن الخطيرة من مراحل عمره يحتاج الإشراف والمتابعة والذي تتكون فيه شخصيته، فإنه قطعاً في حاجة ماسة للاختلاط بوالده وأهل والده أكبر وقت ممكن حتى يستطيع أن يتحلّى بأخلاق الرجال (خاصة الولد)، ويتربى على خصالهم، ويكسب من اللحاق بهم الصحيح من الأمور والخطأ منها، فينتهج على ما تربَّى صلباً يافعاً لنفسه وأهله ووطنه.
2 -
إكسابُ المحضون كلَّ الخصال الطيبة، وتقويم أي اعوجاج فيه، ووجود الفرصة لديه لارتياد المساجد بصحبة والده في أوقات الصلاة؛ خاصة في شهر رمضان، وتناول الإفطار مع والده وأهله للتقرب وصلة الرحم، فضلاً عن تلقيهم دروساً دينية لتنشئتهم التنشئة الصالحة الواجبة.
3 -
مجالسةُ الرجال في الدواوين كعادات أهل البلد لترسيخها، وملاحقة الوالد لهم في كافة مراحل الدراسة التي باتت لا تتواكب مع مقدرة الحاضنة وما إلى ذلك من هديٍ لصالح المحضون.
4 -
غالباً ما يكون مركز الأب الاجتماعي والوظيفي له أثر كبير جداً في نفوس تقويم وتهذيب أولاده.
5 -
الحاجة لخدمة النساء تقل كثيراً، وتزداد الحاجة للأب؛ ليبث فيهم منطقه وكل ما يحتاجونه في مثل أعمارهم من قيم وعادات رجولية لا يعطيها سواه لتحقيق الغاية المفروضة.
6 -
حسن التربية وفق منهج الإسلام، تطبيقاً للأصول والقواعد المتبعة، وخصوصاً منهم البنات اللائي يتعين تربيتهنَّ وتنشئتهنَّ التنشئة الصالحة؛ قوامها الصلاح ومخافة الله درءاً لكل الشبهات، وحصناً لهن من مزاولة الوقوع في
الشرك والانحرافات، وإكسابهن عادات سلوكية ضارة بهن وبأهلهن قد يكون لها أبلغ الأثر على مستقبلهن، خاصة ما إذا كانت البنات في حضانة أمهاتهن؛ فإنه يتعين الرقابة عليهن بنطاق أكبر وبرقابة أدق وأشمل، اتباعاً لتعاليم الإسلام، ودرءاً وتفادياً لما قد يكتسبنه من عادات وخصال سيئة، وخُلُقٍ غير قويم في غياب الأب والذي دائماً يدير الدفة بأمان.
7 -
التصدي لأي أمر طارئ منذ بدايته؛ وذلك بوضع حد قاطع له لمنع سلوكيات مرفوضة، وأخلاق غير حميدة، وقطعاً لدابر كل حجة أو عذر؛ كون أن بعض الأمور غير الإسلامية وغير الشرعية، وغير المألوفة والدخيلة تكسب النشء الصغير -خاصة البنت- عادات سلوكية سيئة لا تحمد عقباها، تترسخ في العقيدة ونمط الحياة، فيشب عليها الفرد معتاداً.
بناء على كل ما تقدم وهدياً عليه:
تكون زيادة الأيام بالمفهوم الصحيح ليس قطعاً لصلة الرحم، أو سلباً لحق، أو تبرئة من أحد، أو إفراغ الحضانة من محتواها، وإنما تطلباً وفرضاً للمصلحة انصياعاً للشريعة يسانده الواقع والمنطق.
وحسبنا في هذا المقام الطيب أن نستشهد بقول المعلم الكبير خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم: «علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل»
(1)
و «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»
(2)
وما أكده الإسلام بالأحاديث والقصص حيال الأمر نستذكر واقعة الغلام
(1)
رُوي عن عمر رضي الله عنه، أورده صاحب كنز العمال، وذكر أنه في (القراب في فصائل الرمي)، وورد مثله مرفوعاً، راجع «السلسلة الضعيفة» (رقم 3876).
(2)
متفق عليه، البخاري (رقم 398)، ومسلم (رقم 1829).
الذي شكاه والده للخليفة عمر بن الخطاب بعقوق الأب؛ فرد الغلام: «وكيف لا أعق والدي وهو الذي عقني؛ بأن لم يحسن اختيار أمي، ولم يحسن اختيار اسمي، ولم يأخذني معه قط إلى مجلس رجال» ، فإذا كانت كل تلك الاعتبارات والأسباب على سبيل المثال لا الحصر ذات أهمية بالغة وقصوى جداً، وإذا كان القضاء يطبق قاعدة حسب القول أن تحديد مدة الرؤية بحدٍّ أقصى ليوم واحد فقط، هو طبقاً للقاعدة الفقهية للمذاهب الأربعة قياساً على زيارة الزوجة لوالديها، وإذا تصادف اشتراك المحضون بمعهد أو نادٍ، أو بجمعية علمية وما شابه من ذلك، وأنه يذهب بعد فترة الظهيرة من يوم الرؤية؛ فالغاية منها حتماً ستنتفي مما يُعدُّ إجحافاً بحق طالب الرؤية أياً كان، وهنا يثار سؤال مهم: لو أن الوالدين بحالة مَرَضِيَّة شديدة؛ فهل تقوم الزوجة بزيارتهما يومياً؟!
وقد صدرت أحكام لأكثر من يوم في الأعياد والعطلات والمناسبات وهي سنوية (نفس الظروف)!!
في حين أنه لا تطبق هذه القاعدة أو غيرها على الرؤية الأسبوعية وهي دورية (نفس الظروف)!!
في حال طلب الحاضنة زيادة النفقة سنوياً فغالباً ما يستجاب لها؛ تأسيساً على تغير الظروف، ولا يؤخذ أبداً بتغير تلك الظروف عند طلب زيادة مدة الرؤية والتي تقرَّرت لصالح المحضون.
لذا: ومن جماع ما تقدم يرجى التفضل بموافاتنا بالفتوى الشرعية إذا كان يوجد نصٌّ شرعي أو قاعدة فقهية لدى أي من المذاهب الأربعة من عدمه لما يلي:
1 -
تحديد رؤية المحضون بحد أقصى لمدة يوم واحد فقط في الأسبوع.
2 -
زيارة الزوجة لوالديها مرة في الأسبوع كقاعدة شرعية أو فقهية للقياس.