الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سابعًا: أهمية التربية الدينية "بمعناها الخاص" في تحقيق هدف التربية الإسلامية
يقصد بالتربية الدينية في المناهج المدرسية، ما يدرس في مختلف المراحل الدراسية من قرآن، وتوحيد وحديث وفقه وتفسير، وثقافة إسلامية، وسيرة نبوية.
وقد وضعت هذه المواد لتكمل تربية الناشئ على الإسلام من جميع جوانبه النفسية، والاجتماعية والروحية، والسلوكية والعقلية، وعلى تحقيق العبودية لله جل جلاله بكل ما في هذه الغاية من معنى ومدلول، وبكل ما تؤدي إليه من نتائج في الحياة، والعقيدة والعقل، والتفكير.
1-
فالتربية بالقرآن:
غايتها القريبة إتقان تلاوته، وحسن فهمه، وتطبيق تعاليمه، وهذا فيه كل العبودية والطاعة لله، والاهتداء بكلامه، والخوف منه وتنفيذ أوامره، والخشوع له.
أي أن دروس القرآن لو حققت غاياتها لكانت من أفضل الوسائل لتحقيق الهدف الأسمى للتربية الإسلامية، والأثر التربوي لجميع أسس هذه التربية كما أوضحناها.
2-
التربية باتباع الرسول:
ومن تمام العبودية لله، اتباع رسوله، والقيام بالعبادات والمعاملات وكل شئون الحياة على هدي هذا الرسول الذي أرسله ربه ليطاع بإذن الله، فدروس الحديث والسيرة، غايتها اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مبلغ عن ربه؛ ولأنه مبين القرآن ولتفاصيل شريعة الله عز وجل، وهكذا لا يتم تحقيق العبودية، والخضوع لله إلا إذا أخذنا بهدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عبادة، وفي كل طاعة من الطاعات، وفي كل شأن من شئون الحياة.
وهذا ما يجب أن يتم في دروس الحديث والسيرة.
3-
تربية الإيمان في دروس التوحيد:
الإيمان يزيد بالطاعة، وبقراءة القرآن، وبتأمل آثار رحمة الله في الكون، وأساس الإيمان فهم أركانه، ووعي معانيه، والتصديق بها، واليقين الذي تنتج عنه راحة النفس، واستقامة السلوك، على أساس ما صدقه القلب، من معاني الإيمان.
وتربية الإيمان تبدأ من توضيح الهدف الأسمى للتربية الإسلامية أي من توضيح
معنى الألوهية، والربوبية، ومعنى عبودية الإنسان لله وحده، وما هي الصفات الإلهية التي لا يجوز إسنادها لغير الله.
فتربية العقدية الإسلامية في دروس التوحيد، هي التي تعرف الناشئ بالهدف الأسمى، والغاية النهائية للتربية الإسلامية، وهي إخلاص العبودية لله وحده، وتعرفه بكل مقاصد العبادة والسلوك في الحياة، المقاصد التي تؤدي بدورها إلى تلك الغاية النهائية، وتعرفه بما يجب أن يحذره من كل مظاهر الشرك وعقائده، تلك المزالق التي تغير الهدف الأسمى للتربية الإسلامية، أو تسبب التباسها، أو الانحراف في فهمها، أو تطبيقها.
وهذا الجانب الاعتقادي من دروس الدين الإسلامي، هو أهم وأول ما يجب الاهتمام به، على أن تكون ثمراته، ونتائج فهمه مطبقة على جميع الدروس؛ فيعرف الناشئ أنه يتعلم القرآن ويعظمه؛ لأنه كلام الله، ووسيلة لمناجاته ومعرفته، والخضوع له وتحقيق أوامره.
ونبين له، كما أشرنا، أنه يتبع الرسول؛ لأن الله أمرنا باتباعه.
4-
تربية السلوك الإسلامي الفردي، والاجتماعي في دروس الفقه:
أما دروس الفقه فهي، كما أوضحنا، عندما عرضنا الأسس التشريعية للتربية الإسلامية قواعد تفصيلية، مستقاة من القرآن والسنة، لبيان أساليب العبادة والسلوك التي يرضاها الله، في جميع شئون الحياة، ولبيان نظم العلاقات الاجتماعية، كما يأمرنا الله أن يحققها في كل اتصالاتنا بالآخرين.
فيجب ربطها دائما بهدفها الأسمى، طاعة الله، والاهتداء بهدي رسوله، وتحقيق الخضوع والعبودية لله كما يريد الله، لا أن نجعل الدروس مجرد قواعد ملخصة تحفظ لمجرد الحفظ، أو للعلم بها وإفتاء الناس.
5-
وأما دروس الثقافة الإسلامية:
فهي استعراض مشكلات أثارتها التربية الغربية، والثقافات غير الإسلامية، لتشويه العقيدة الإسلامية، أو العمل على انحرافها في نفوس الناشئين، أو التشكيك بها أو الابتعاد والعزوف عنها، وهذه المشكلات والأفكار الوثنية، الكافرة بالله، تعرض في ثياب براقة تموه حقيقتها، فتدعي تارة
ابتغاء العلم، وهي تبتغي عبادة الطبيعة، ونسبة سنن الكون إلى قوى طبيعية، وتارة تدعي الفن، وهي تريد إثارة الغرائز، واتباع الشهوات اتباعا يخرجها عن فطرتها إلى الإضرار بالجسم والمجتمع.
وتارة تدعي العدالة الاجتماعية، وهي تريد تحكيم الشيطان، وأتباعه من الظلام، في رقاب العباد وأموالهم وأقواتهم، حتى يصبح الناس عبيدًا لطواغيت من البشر، يخشونهم كخشية الله، وتارة.. وتارة
…
إلخ.
فدروس الثقافة الإسلامية هي التي تبين زيف هذه الدعوات الكافرة، وترجع الناشئ مطمئنا مقتنعا راغبا إلى عباة الله وحده، وتوحيده والشعور بعظمة شريعته، وعدالتها الحقيقية التي لا عدالة بدونها، ولا سعادة بغير اتباعها.
وهكذا نرى أن جميع جوانب التربية الإسلامية بمعناها المدرسي الخاص يجب أن تعمل على تحقيق الغاية النهائية للتربية الإسلامية بمعناها التربوي العام، الذي يهدف إلى إنشاء جيل مسلم، يحقق العبودية لله.
وهي "بمعناها الخاص" تشكل الأساس الذي تبنى عليه تربية حياة الناشئ المسلم من كل جوانبها؛ لأنها تنمي عنده الحد الأدنى من التصورات العقلية للإسلام عن الكون والحياة، ومن العادات السلوكية، والعواطف الإسلامية الربانية، وعقيدة التوحيد، وقواعد الشريعة، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا الأساس، ومن هذا المنطلق يبني المسلم حياته كلها سواء الفكرية، أم النفسية أم العاطفية أم الاجتماعية.
فهي بهذا تتوج الإنجاز التربوي الذي تقوم به المدرسة، أي توجهه وتهيمن عليه، وتجعله يحقق غرضه الأسمى، في جميع مظاهر الحياة المدرسية، في النشاط والعلم والسلوك والأخلاق، ليوجه الشباب إلى تحقيق هدفهم الأسمى من وراء الحياة المدرسية.
والهدف الجامع لكل جوانب التربية هو هداية الكائن الإنساني إلى الدين الحق، دين التوحيد، وإلى اعتناقه والاهتداء بأحكامه، وإخلاص العبودية لله.