الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادسًا:
التربية بالعبرة
والموعظة
التربية بالعبرة
…
سادسا: التربية بالعبرة والموعظة
كثيرا ما تسعمل هاتان الكلمتان، وكأنهما لفظان مترادفان.
وقد بحثت عنهما في معاجم اللغة وآيات القرآن، فوجدت بينهما اختلافا في المعنى، ولاحظت أن لكل منها نتائج تربوية خاصة بها، عدا النتائج المشتركة؛ لذلك أثرت أن أبحث كلا منهما على انفراد.
1-
التربية بالعبرة:
آ- المعنى اللغوي والقرآني:
العبرة على وزن فِعْلة، وهو وزن مصدر من مصادر "عبر" الرؤيا؛ فسرها وعرف ما تئول إليه في حياة صاحبها أو بعد موته، وعبر الوادي أن النهر تجاوزه من طرف إلى طرف يقابله، قال الراغب1: واصل العبر: تجاوز من حال إلى حال، فأما العبور فيختص بتجاوز الماء، وفي تفسر سورة يوسف2 "والاعتبار والعبرة: الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، والمراد منه التأمل والتفكير"، فالعبرة والاعتبار حالة نفسية توصل الإنسان إلى معرفة المغزى والمآل لأمر ما، يشاهده الإنسان ويتبصر فيه، ويقوم باستقرائه وموازنته ومقايسته، ومحاكمته محاكمة عقلية، فيصل إلى نتيجة مؤثرة يخشع لها قلبه، فيدفعه ذلك إلى سلوك فكري واجتماعي مناسب، والغاية التربوية من العبرة في القرآن العظيم الوصول بالسامع إلى قناعة فكرية بأمر من أمور العقيدة، تحرك في القلب أو تربي عواطف ربانية كما تغرس، وتثبت وتنمي عقيدة التوحيد، والخضوع لشرع الله والانقياد لأوامره.
ب- أنواع العبر في القرآن والسنة:
اختلفت أساليب الاعتبار في القرآن الكريم، والسنة المطهرة باختلاف موضوع العبرة، وها هي ذي أهم الموضوعات الباعثة على التأمل والاعتبار:
1 ص154 تفسير سورة يوسف بقلم السيد محمد رشيد رضا، وقد طبع مستقلا وأضيف إلى نهاية الجزء 12 من تفسير المنار.
2 ص154 تفسير سورة يوسف بقلم السيد محمد رشيد رضا، وقد طبع مستقلا، وأضيف إلى نهاية الجزء 12 من تفسير المنار.
أ- الاعتبار بالقصص:
لكل قصة قرآنية أو نبوية، كما رأينا، هدف تربوي رباني سيقت من أجله، والعبرة بالقصة إنما يتوصل إليها صاحب الفكر الواعي، والذي لا يطغى هواه على عقله وفطرته، بل يستنبط من القصة المغزى الحق وفي ذلك يقول الله تعالى بعد ذكر قصة يوسف:{فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 12/ 111] .
"ووجه الاعتبار بهذه القصة: أن الذي قدر على إنجاء يوسف بعد إلقائه في الجب، وإعلائه بعد وضعه في السجن، وتمليكه مصر بعد أن بيع بيع العبيد بالثمن الخسيس، والتمكين له في الأرض من بعد ذلك الإسار، والحبس الطويل وإعزازه على من بغاه سوءا من إخواته، وجمع شمله بهم وبأبويه على ما أحب بعد المدة الطويلة، والمجيء بهم من الشقة النائية البعيدة.
إن الذي قدر على ذلك كله أيها الناس!! لقادر على إعزاز محمد صلى الله عليه وسلم، وإعلاء كلمته وإظهار دينه فيخرجه من بين أظهركم ثم يظهره عليكم، ويمكن له في البلاد ويؤيده بالجند والرجال والأتباع والأصحاب، وإن مرت به الشدائد، وأتت دونه الأيام والليالي والحوادث.
وإنما قال: {لِأُولِي الْأَلْبَاب} ، وهم أصحاب العقول الراجحة؛ لأن أهل البصيرة والروية من العقلاء، هم الذين يعتبرون بعواقب الأمور التي تدل عليها أوائلها، ومقدماتها بعد التأمل في صفاتها وحقيقتها، وأما الأغرار الغافلون، والظالمون المعاندون فلا يمرنون عقولهم على الاستقلال في النظر الاعتبار بما جرى على الأفراد والأمم، فلا يفيدهم النصح والتذكير، ولا سوء العاقبة والمصير"1.
التعليق التربوي:
تهتم التربية الإسلامية إذن، بالعبرة من القصة، وبهذه العبرة تربي عند الناشئ الأخلاق الإسلامية والعواطف الربانية، ولما كانت العبرة إنما تواتي أصحاب
1 تفسير سورة يوسف للسيد رشيد رضا ص154-155، ط مطبعة المنار بمصر.
العقول الراجحة كان على المربي أن يوقظ في نفوس الطلاب التأمل، ويعودهم التفكير السليم:
1-
فيطرح عليهم عددا من الأسئلة المهيأة لهذه الغاية، لتتوصل عقولهم الغضة إلى العبرة، م كل قصة قرآنية، بعد أن يكون هو قد استوعبها، أو درسها في كتب التفسير.
2-
ثم يطرح عليهم أسئلة أخرى يستشف بها انطباعاتهم، وعواطفهم نحو القصة أو نحو مواقف معينة من القصة، فيربي بذلك عواطفهم الربانية.
3-
ثم يطرح عليهم أسئلة تطبيقية، يقارن بها بين مواقف من القصة، ومواقف من حياة الطلاب أو المجتمع، ليربي عندهم الإرادة الخيرة، والنزوع إلى تحقيق الأخلاق القرآنية في سلوكهم وحياتهم، كالصبر على الشدائد، في سبيل الدعوة إلى الله كما يؤخذ من قصة يوسف وغيره من الرسل، عليهم السلام والتعفف عن الشهوات المحرمة، ونحو ذلك.
ب- العبرة بمخلوقات الله ونعمه:
التي سخرها للإنسان، ومنها قوله تعالى:{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ، وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 16/ 66-67] .
ولما كانت العبرة مبنية على تفكير عميق، وملاحظة دقيقة، أمكننا أن نعرف الحكمة الربانية من الإشارة إلى أمور تثير الدهشة وتدعو التأمل، من عجائب صنعه تعالى فيما أنعم علينا، كما أشار هنا إلى اللبن الأبيض الخالص من كل الشوائب، والأوساخ مع أنه مستخلص "من بين فرث ودم"، وأشار أيضا إلى ثمرات النخيل والأعناب، التي تستخلص غذاءها من الماء والتراب، وتعطي الإنسان بقدرة الله "سكرا ورزقا حسنا"، فيخزنها ويحتفظ بها على مدى أيام السنة بجميع فصولها، ويستخلص منها المادة السكرية التي تشكل نصف غذاء البشرية في بعض القارات أو الأقطار.
وإثارة انفعال الدهشة، والتعجب من لوازم العبرة، لذلك فسر صاحب القاموس
العبرة بما يفيد هذا المعنى حيث قال: ".. والعبرة بالكسر: العجب، واعتبر منه: تعجب".
ولكن المربي لا يقف عند هذا الانفعال بل يجب أن يحوله إلى عاطفة الخشوع لله وإجلاله، وتسبيحه وتكبيره، وهذا نتيجة طبيعية للتعجب من قدرة الله.
وقد استعان القرآن على إثارة هذه الانفعالات بأسلوب الحوار، والاستفهام وقد مر معنا في بحث "الحوار العاطفي".
التوجيه التربوي:
يجب على المربي أن يمرن عقول الطلاب على تأمل عجائب صنع الله، وخاصة ما يحيط بنا ونراه كل يوم أو نعيش في كنفه، من دلائل حكمة الله ودقة صنعه كالغلاف الجوي يحيط بالكرة الأرضية، فتهيأ به للنبات والحيوان، وللإنسان أسباب الحياة، وكالرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض، وأن يناقشهم ويستجوبهم حول هذه الأمور بأسئلة محكمة معدة لهذا الغرض، يتوصلون بها تلقائيا إلى الاعتراف بوحدانية الله وألوهيته، وقدرته وحكمته وسائر صفاته العليا وأسمائه الحسنى، مما هو مبثوث في القرآن والسنة، ومما نحسه ونراه في كل ما نأكل، ونشرب ونتنفس ونستخدم ونركب، وندرس في دروس الجغرافية والفيزياء والكيمياء.
فالتربية بالعبرة يجب أن تشمل جميع مواقف الحياة وحوادث الكون، ومظاهر القدرة والعناية الإلهية "في كل شيء له آية، تدل على أنه واحد"، كما تشمل معظم الدروس، والمواد الدراسية دون تفريق بين مواد دينية، أو غير دينية. فالتربية الإسلامية تربية شاملة تحيط الحياة التعليمية من جميع جوانبها، كما أحاطت العناية الإلهية هذا الكون، والإنسان من جميع جوانبه، ورافقته في كل أحواله، فلا يجوز إغفال "العبرة"، وتأمل عظمة الله في أي درس أو مادة درسية، ولا عند دراسة أي قانون من قوانين الطبيعة، وهي سنن الله في تسيير شئون الكون، وإقامة الحياة فيه.
ج- الاعتبار بالحوادث التاريخية:
أشار القرآن إلى حوادث تاريخية بارزة كان لها ما بعدها، كغزوة بدر والأحزاب، وأشار إلى العبرة من هذه الحوادث كغزوة بني النضير حيث وصف الله جلاءهم
وكغزوة بدر التي أشار القرآن إليها: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ، قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 3/ 12-13] .
"فالكفار على كثرتهم كانوا يرون المسلمين القليلين مثليهم، وكان هذا من تدبير الله حيث خيل للمشركين أن المسلمين كثرة، وهم قلة فتزلزلت قلوبهم"1 ووجه العبرة أن هناك قوة فوق جميع القوى تؤيد المؤمنين، وتخذل الكافرين فهذه سنة الله ما زالت، وستبقى ماضية إلى يوم القيامة، فوعد الله بهزيمة الذين يكفرون ويكذبون، وينحرفون عن منهج الله، قائم في كل لحظة، ووعد الله بنصر الفئة المؤمنة -ولو قل عددها- قائم كذلك في كل لحظة، وليس على الفئة المؤمنة إلا أن تطمئن إلى هذه الحقيقة، وتثق في ذلك الوعد، وتأخذ للأمر عدته التي في طوقها، كاملة، وتصبر حتى يأذن الله، ولا تستعجل ولا تقنط إذا طال عليها الأمد المغيب في علم الله، المدبر بحكمته، المؤجل لموعده الذي يحقق هذه الحكمة:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النور: 24/ 44] .
التوجه التربوي:
يوجهنا القرآن الكريم إلى أن الهدف من ذكر الحوادث التاريخية أو تعليمها، ليس التعصب لقوم أو ملة معينة، ولا مجرد التباهي والتفاخر بالآباء والأجداد، ولكن الهدف هو الاعتبار، ومعرفة المغزى:
*- كمعرفة سنة الله في إهلاك المفسدين بسبب فسادهم وظلمهم، وإبقاء الصالحين.
1 في ظلا القرآن: سيد قطب 1/ 372.
{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 11/ 102]، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 11/ 117] .
*- ومعرفة: أن تأجيل التوبة، والندم إلى حين نزول الهلاك أو استيلاء الأعداء، لا ينفع الذين كانوا منغمسين في الشرك أو موالين لأعداء الله:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 40/ 84-85] .
*- ومعرفة سنة الله في نصر عباده المؤمنين حقا العاملين بشريعته: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا، سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 48/ 22-23] .
*- ومعرفة سنة الله في إهلاك المنافقين، ومرضى القلوب إذا تمادوا في إفساد المجتمع، وإنشاء الفتن والإشاعات الكاذبة بقصد الإيقاع بين المسلمين:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 33/ 60-62] .
*- وإن الرؤساء والمترفين والأغنياء، كثيرًا ما يكونون سببا في إهلاك قومهم وأمتهم إذا فسقوا عن أمر ربهم، وشريعته ولم يردعهم العلماء.
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 17/ 16] .
ج- أهم أهداف تدريس التاريخ في نظر التربية الإسلامية:
يتبين مما سبق أن أهداف تدريس التاريخ:
*- البحث عن العبرة من كل واقعة تاريخية تدرس، ويجب توجيه كتب التاريخ ومدرسيه هذه الوجهة.
*- البحث عن تحقيق سنة من سنن الله في الأمم والأجيال، وكيف يداول الله الأيام بين الناس.
وقد استخرجت خمسا من هذه السنن في الفقرات السالفة، ويمكن التوسع في ذلك لمن شاء أن يتوسع، وليست تلك السنن قاصرة على الأقوام البائدة بل إنها من السنن التي لن تجد لها تبديلا، فيجب أن نحاول معرفة تحقيق بعض هذه السنن في كل ما ندرس من انهيار الدول، أو انتصارها أو نشوئها، أو ارتقائها.
*- البحث عن أثر إصلاح النفس البشرية وتربيتها في مجرى الحوادث التاريخية {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 8/ 53] ، وهذه سنة سادسة من سنن الله في التاريخ، وتطور المجتمعات.
*- البحث عن حكمة لله، وتدبيره في ضرب الظالمين بعضهم ببعض لإراحة المؤمنين من شرورهم:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 22/ 40] ، وهذه من سنن الله.
*- معرفة أن الغاية من القوة والغلبة، والتمكن في الأرض إقامة شرع الله، وتحقيق الصلاح ومحو الفساد وعلى هذا يجب أن تبنى الدولة المسلمة:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 22/ 41] .
*- يكتسب الناشئ من دروس التاريخ، بتطبيقه لسنن الله على ما يدرس من تظورات التاريخ وحوادثه، يكتسب موازين ربانية يزن بها منجزات كل دولة، وكل أمة يدرس تاريخها، فيتسنى له أن يضع كل شيء من هذه المنجزات في موضعه، وأن يعرف حقيقة كل شعب وقدره بعيدا عن التهور، ودون غمط أو تفخيم.
*- وبالجملة يجب "أن يكون تدريس التاريخ وسيلة لتثبيت العقيدة، وترسيخها بحيث يحس الطالب بأن هذا الكون الذي تتابعت فيه الأمم، والأحداث على هذا النسق المدهش، لا بد له من موجد مهيمن عليه قوي قادر جبار قاهر عليم حكيم رءوف رحيم منعم حليم، بحيث يكون تدريس التاريخ توضيحا طبيعيا لهذه الصفات"1.
1 أهداف تدريس التاريخ، من منهج المرحلة الثانوية العامة بالمملكة العربية السعودية، المطبوع سنة 1394هـ/ 1974م، ص165.