الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: التربية بالقصص القرآني والنبوي
الميزات التربوية للقصص القرآني والنبوي
…
ثانيا: التربية بالقصص القرآني والنبوي
1-
تمهيد في أهيمة القصة التربوية:
للقصة في التربية الإسلامية وظيفة تربوية لا يحققها لون آخر من ألوان الأداء اللغوي.
ذلك أنها أعني "القصة القرآنية النبوية" تمتاز بميزات جعلت لها آثارا نفسية وتربوية بليغة، محكمة، بعيدة المدى على مر الزمن، مع ما تثيره من حرارة العاطفة، ومن حيوية وحركية في النفس، تدفع الإنسان إلى تغيير سلوكه، وتجديد عزيمته بحسب مقتضى القصة وتوجيهها وخاتمتها، والعبرة منها، وتتخلى أهم هذه الميزات فيما يلي1:
1-
الميزات التربوية للقصص القرآني والنبوي:
أ- تشد القصة القارئ، وتوقظ انتباهه، دون توان أو تراخ، فتجعله دائم التأمل في معانيها والتتبع لمواقفها، والتأثر بشخصياتها وموضوعاتها حتى آخر كلمة فيها.
ذلك أن القصة تبدأ غالبا، وفي شكلها الأكمل، بالتنويه بمطلب أو وعد أو الإنذار بخطر، أو نحو ذلك مما يسمى عقدة القصة، وقد تتراكم، قبل الوصول إلى حل هذه العقدة، مطالب أو مصاعب أخرى، تزيد القصة حبكا، كما تزيد القارئ، أو السامع شوقا وانتباها، وتلهفا على الحل أو النتيجة.
ففي مطلع قصة يوسف، مثلا، تعرض على القارئ "رؤيا يوسف عليه السلام" يصحبها وعد من الله، على لسان أبيه، بمستقبل زاهر، ونعم من الله يسبعها على هذه الأسرة الفقيرة المتعثرة، الداعية إلى الله.
وتتتابع المصائب والمشكلات على بطل القصة "يوسف عليه السلام"، ويتابع القارئ اهتمامه ينتظر تحقيق وعد الله، ويترقب انتهاء هذه المصائب، والمشكلات بتلهف.
ب- تتعامل القصة القرآنية، والنبوية مع النفس البشرية في واقعيتها الكاملة، متمثلة في أهم النماذج التي يريد القرآن إبرازها للكائن البشري، ويوجه الاهتمام إلى كل نموذج بحسب أهميته، فيعرض عرضًا صادقًا يليق بالمقام، ويحقق الهدف التربوي من عرضه، ففي قصة يوسف يعرض نموذج الإنسان الصابر على المصائب في سبيل الدعوة إلى الله "في شخص يوسف"، ونموذج المرأة المترفة تعرض لها حبائل الهوى، فيملأ قلبها الحب والشهوة، ويدفعها إلى محاولة ارتكاب الجريمة، ثم إلى سجن إنسان بريء مخلص، لا ذنب له إلا الترفع عن الدنايا والإخلاص لسيده، ومراعاة أوامر ربه.
1 اعتمدت في بعض هذه الميزات على قصة يوسف من خلال تفسير "سيد قطب""في ظلال القرآن" ص1949 إلى 1951 وغيره
…
ونموذج إخوة يوسف: تدفعهم هواتف الغيرة والحسد، والحقد والمؤامرة والمناورة ومواجهة آثار الجريمة والضعف، والحيرة أمام هذه المواجهة.
ونموذج يعقوب: الوالد المحب الملهوف والنبي المطمئن الموصول، يعرض القرآن كل هذه النماذج البشرية عرضا واقعيا نظيفا من غير إفحاش، ولا إغراء بفاحشة أو جريمة، كما يفعل مؤلفو القصص التي يسمونها واقعية أو طبيعية، من رواد جاهلية القرن العشرين، ذلك أن من أهم غايات القصة القرآنية: التربية الخلقية عن طريق علاج النفس البشرية علاجا واقعيا.
فالقصة القرآنية ليست غريبة عن الطبيعة البشرية، ولا محلقة في جو ملائكي محض؛ لأنها إنما جاءت علاجا لواقع البشر، وعلاج الواقع البشري لا يتم بذكر جانب الضعف والخطأ على طبيعته، ثم بوصف الجانب الآخر الواقعي المتسامي الذي يمثله الرسل والمؤمنون، والذي تؤول إليه بقصة بعد الصبر والمكابدة والجهاد والمرابطة، أو الذي ينتهي عند المطاف لعلاج ذلك الضعف والنقص، والتردي البشري في مهاوي الشرك، أو حمأة الرذيلة، علاجا ينهض بالهمم، ويدفع بالنفس للسمو، ما استطاعت، إلى أعلى القمم، حيث تنتهي القصة بانتصار الدعوة الإلهية، ووصف النهاية الخاسرة للمشركين الذين استسلموا إلى الضعف والنقص، ولم يستجيبوا لنداء ربهم فيزكوا أنفسهم.