المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه - العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

[العلموي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مدخل

- ‌مقدمة التحقيق:

- ‌مصادر ترجمة المؤلف بدر الدين الغزي:

- ‌مصادر ترجمة صاحب المختصر عبد الباسط العلموي:

- ‌ترجمة مؤلف المختصر:

- ‌العلموي وكتابه التلخيصي:

- ‌تحليل كتاب "المعيد" للعلموي:

- ‌وصف النسخة المخطوطة:

- ‌النص المحقق:

- ‌المقدمة: في الأمر بالإخلاص والصدق وإحضار النية:

- ‌الباب الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم على ما تقدم في ترتيبه

- ‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه

- ‌الفصل الثاني: في تحذير مَن أراد بعلمه غير الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: في تحذير مَن آذى أو انتقص عالما

- ‌الفصل الأول: في أقسام العلم الشرعي وهي ثلاثة: تفسير، وحديث، وفقه

- ‌الباب الثالث: في آداب المعلم والمتعلم

- ‌النوع الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في جلس الدرس

- ‌القسم الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في مجلس الدرس

- ‌القسم الثاني: آدابهما في درسهما واشتغالهما

- ‌النوع الثاني: آداب يختص بها المعلم وقد يشاركه في بعضها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه وتقدم منها جملة في الآداب المشتركة

- ‌القسم الثاني: آداب المعلم مع طلبته

- ‌القسم الثالث: آدابه في درسه

- ‌النوع الثالث: آداب يختص بها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه

- ‌القسم الثاني: آدابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من تعظيم حرمته

- ‌الباب الرابع: في أدب المفتي والفتوى والمستفتي

- ‌مدخل

- ‌النوع الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ:

- ‌الفصل الثاني: في تقسيم المفتين

- ‌النوع الثاني: في أحكام المفتي وآدابه

- ‌النوع الثالث: في آداب الفتوى:

- ‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه

- ‌الباب الخامس: في شروط المناظرة وآدابها وآفاتها

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في بيان شروط المناظرة

- ‌الفصل الثاني: في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌مناظرة بين الشافعي ومالك رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بين الشافعي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بينهما أيضا وهي مشهورة

- ‌مناظرة بينهما أيضا

- ‌مناظرة بين الشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما

- ‌مناظرة جرت بحرة الشافعي رضي الله عنه

- ‌مناظرة جرت بحضرة الشافعي وأقام هو الحجة فيها:

- ‌مناظرة بين أبي العباس أحمد بن سريج وأبي بكر محمد بن داود رحمهم الله

- ‌مناظرة بينهما أيضا في الأصلح والتعليل

- ‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم

- ‌الخاتمة:

- ‌الفهارس العامة:

- ‌ فهرس الآيات القرآنية:

- ‌ فهرس الأحاديث النبوية:

- ‌ فهرس الأعلام والأقوام والجماعات:

- ‌ فهرس الكتب المذكورة في متن الكتاب:

- ‌ فهرس الأشعار والأرجاز:

- ‌ فهرس المصادر والمراجع:

- ‌ فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه

‌الباب الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم على ما تقدم في ترتيبه

‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه

وتعليمه ونشره وحضور مجلسه والحث على ذلك، وترجيح الاشتغال به على الصلاة والصيام ونحوهما من العبادات القاصرة على فاعلها:

قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 7، 8]{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] إلى غير ذلك من الآيات في الأصلين المذكورين سابقا.

وقال صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين" 1، وقال صلى الله عليه وسلم لعلي2 رضي الله عنه:"فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" 3، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ4 لما بعثه إلى اليمن:"لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم

1 حديث صحيح، رواه أحمد والبخاري ومسلم عن معاوية، انظر سلسلة الصحيحة 195، وصحيح الجامع الصغير 6612.

2 هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

3 رواه البخاري 7/ 57، 58، في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومسلم حديث رقم 2406 في فضائل الإمام علي رضي الله عنه.

4 هو أبو عبد الرحمن، معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي: صحابي جليل، كان أعلم الأمة بالحلال والحرام، وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وهو فتى، وشهد المشاهد جميعها مع المصطفى، وأرسله الرسول قاضيا ومرشدا لأهل اليمن، توفي عقيما بناهية الأردن سنة 18هـ. غاية النهاية 2/ 301، والأعلام 7/ 258.

ص: 41

رضًى بما يصنع"1، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها، وحتى الحوت في الماء، ليصلون على معلمي الناس الخير" 2، وقال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" 3، وقال صلى الله عليه وسلم: "من طلب علما فأدركه كتب الله له كفلين من الأجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله له كفلا من الأجر"4.

وروى النووي بسند متصل بزكريا بن يحيى الساجي5 قال: كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا في المشي وكان معنا رجل ماجن متهم في دينه فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة كالمستهزئ، فما زال من موضعه حتى جفت رجلاه وسقط. وأسند أيضا إلى أبي داود السجستاني6 أنه قال: كان في أصحاب الحديث رجل خليع إلى أن سمع حديث: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًى بما يصنع" فجعل في نعليه مسمارين من حديد وقال: أريد أن أطأ أجنحة الملائكة، فأصابته الآكلة في رجله، وفي رواية: فشلت رجلاه ويداه وسائر أعضائه، وفي رواية: أنه تفسخت بنيته7.

1 حديث صحيح، كما في صحيح الجامع الصغير 1956، وصحيح الترغيب 68، والإحياء 1/ 17.

2 حديث صحيح، راه الترمذي 2686 في العلم، وانظر جامع الأصول 9/ 227، وصحيح الجامع الصغير 1838، وصحيح الترغيب 78، والإحياء 1/ 19-20.

3 سنن ابن ماجه 1/ 50 و81، والجامع الكبير 1/ 566-567، وفيض القدير 4/ 267-268، والجامع لأخلاق الراوي 2/ 462.

4 الجامع لأخلاق الراوي 1/ 135.

5 هو أبو يحيى، زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن عدي الضبي البصري الساجي: محدث البصرة في عصره، وكان من الحفاظ الثقات، له كتاب جليل في "علل الحديث" يدل على تبحره، توفي بالبصرة سنة 307هـ. تذكرة الحفاظ 2/ 91، والأعلام 3/ 47.

6 هو أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني: إمام أهل الحديث في زمانه، أصله من سجستان، ورحل رحلة كبيرة، وتوفي بالبصرة سنة 275هـ. تاريخ بغداد 9/ 55، والأعلام 3/ 122.

7 فيض القدير 1/ 543، 2/ 393، والرحلة في طلب الحديث ص85، وتحفة الأحوذي 7/ 376.

ص: 42

وقال صلى الله عليه وسلم: "نوم مع علم خير من صلاة على جهل"1، وقال صلى الله عليه وسلم:"يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة: إني لم أجعل علمي وحلمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي"2.

وقال صلى الله عليه وسلم: "مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة"3، وقال صلى الله عليه وسلم:"قليل العلم خير من كثير العبادة"4.

وقال صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو ليعلمه كان له كأجر معتمر تام العمرة، ومن راح إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو يعلمه فله أجر حاج تام الحجة".

وعن علي رضي الله عنه: العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلم لا يسده إلا خلف منه، وعنه رضي الله عنه: كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما أن يتبرأ منه من هو فيه، وعنه رضي الله عنه: أنه قال لكميل5 بن زياد: يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، وعنه: قيمة كل امرئ علمه.

1 حديث ضعيف، رواه البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن أبي أوفى، انظر سلسلة الضعيفة 4696، وضعيف الجامع الصغير 5973.

2 تفسير ابن كثير 3/ 142 و558، ومجمع الزوائد 1/ 126، والمعجم الكبير 2/ 84، والترغيب والترهيب 1/ 57، وكنز العمال 10/ 172، حديث رقم 28895.

3 كنز العمال رقم 28917، وقال: رواه الدارقطني في الأفراد عن ابن عمر، وهو ضعيف، وانظر الفقيه والمتفقه 1/ 14، وكتاب العلم للنووي 69.

4 رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 15، وانظر الحلية 5/ 173، ومجمع البحرين 1/ 12، وجامع بيان العلم 1/ 99-100.

5 هو كميل بن زياد بن نهيك النخعي: تابعي ثقة من أصحاب علي بن أبي طالب، كان شريفا مطاعا في قومه، شهد صفين مع علي، وسكن الكوفة، وروى الحديث، قتله الحجاج صبرا سنة 82هـ. تهذيب التهذيب 8/ 447، والأعلام 234.

ص: 43

وقال صلى الله عليه وسلم1: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جاء الموت طالب العلم وهو على هذه الحال مات شهيدا"2، وعن وهب بن منبه3: يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه دنيئا، والعز وإن كان مهينا، والقرب وإن كان قصيا، والغنى وإن كان فقيرا، والنبل وإن كان حقيرا، والمهابة وإن كان وضيعا، والسلامة وإن كان سقيما.

وقال سهل بن عبد الله التستري4: من أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء، فاعرفوا لهم ذلك.

وعن الشافعي وأبي حنيفة5: إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولي، وقال الشافعي: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة6، وقال: من طلب

1 في حاشية الأصل، لعله بعض الصحابة، وفي مقدمة شرح المهذب، وقالا:"أي: أبو ذر وأبو هريرة" وانظر كتاب العلم للنووي 70.

2 ضعيف جدا، انظر مسند البزار 138 "الكشف" والفقيه والمتفقه 1/ 16، ومجمع الزوائد 1/ 124، وجامع بيان العلم 1/ 121 و152 و201 و404، وسلسلة الضعيفة 2126، وضعيف الجامع 445.

3 هو أبو عبد الله، وهب بن منبه الأبناوي الصنعاني الذماري: مؤرخ، كثير الإخبار عن الكتب القديمة، عالم بأساطير الأولين ولا سيما الإسرائيليات، يعد في التابعين، أصله من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن، وأمه من حمير، ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء صنعاء، ولد ومات في صنعاء سنة 114هـ، ويقال: إنه صحب ابن عباس، ولازمه ثلاث عشرة سنة. تهذيب التهذيب 11/ 166، والأعلام 8/ 125.

4 هو أبو محمد، سهل بن عبد الله بن يونس التستري: أحد أئمة الصوفية وعلمائهم والمتكلمين في علوم الإخلاص والرياضيات وعيوب الأفعال، توفي سنة 283هـ. الحلية 10/ 198، والأعلام 3/ 142.

5 هو أبو حنيفة، النعمان بن ثابت، التيمي بالولاء، الكوفي: إمام الحنفية، الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، قيل: أصله من أبناء فارس، ولد ونشأ بالكوفة، وكان يبيع الخز ويطلب العلم في صباه، ثم انقطع للتدريس والإفتاء، وتوفي في بغداد سنة 150هـ. تاريخ بغداد 13/ 323، والنجوم الزاهرة 2/ 12.

6 آداب الشافعي ومناقبه 97، مناقب الشافعي للبيهقي 2/ 138، والحلية 9/ 119، وجامع بيان العلم 1/ 123.

ص: 44

الدنيا فعليه بالعلم، ومن طلب الآخرة فعليه بالعلم1، وقال: من لا يحب العلم لا خير فيه فلا يكن بينك وبينه معرفة ولا صداقة، وقال: من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

وقيل للإسكندر2: ما بال تعظيمك لمؤدبك أشد من تعظيمك لأبيك؟! فقال: لأن أبي سبب حياتي الفانية، ومؤدبي سبب حياتي الباقية.

وقد حذفت كثيرا من الأحاديث وأسانيدها فراجعها إن افتقرت إليها، وإلا ففي ما رقمته كفاية لذلك.

ولهم في فضل العلم أشعار كثيرة حسنة من عيونها ما روي عن علي رضي الله عنه "من البسيط":

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم

على الهدى لمن استهدى أدلاء3

وقدر كل امرئ ما كان يحسنه

والجاهلون لأهل العلم أعداء

ففز بعلم ولا تجهل به أبدا

فالناس موتى وأهل العلم أحياء

وما جاء عن أبي الأسود الدؤلي4 رحمه الله تعالى "من البسيط":

1 تهذيب الأسماء 1/ 74.

2 التمثيل والمحاضرة 137، ومحاضرات الأد 1/ 45.

3 ديوان الإمام علي 5-6.

4 هو أبو الأسود، ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني: واضع علم النحو، كان معدودا من الفقهاء والأعيان والأمراء والشعراء والفرسان والحاضري الجواب، من التابعين، رسم له الإمام علي شيئا من أصول النحو، فكتب فيه أبو الأسود، وأخذه عنه جماعة، سكن البصرة في خلافة عمر، وولي إمارتها في أيام علي، وله شعر جيد، توفي في البصرة سنة 66هـ. إنباه الرواة 1/ 13، والأعلام 3/ 236.

ص: 45

العلم زين وتشريف لصاحبه

فاطلب هديت فنون العلم والأدبا1

لا خير فيمن له أصل بلا أدب

حتى يكون على ما زانه حدبا

في بيت مكرمة آباؤه نخب2

كانوا الرءوس فأمسى كلهم ذنبا

وخامل مقرف الآباء ذي أدب

نال المعالي بالآداب والرتبا

أمسى عزيزا عظيم الشأن مشتهرا

في خده صعر قد ظل محتجبا

العلم كنز وذخر لا نفاد له

نعم القرين إذا ما صاحب صحبا

قد يجمع المرء ما لا ثم يحرمه

عما قليل فيلقى الذل والحربا

وجامع العلم مغبوط به أبدا

ولا يحاذر منه الفوت والسلبا

يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه

لا تعدلن به درا ولا ذهبا

1 ديوان أبي الأسود الدؤلي 149-150، يقال: صغر خده إذا أماله عن الناس إعراضا وتكبرا.

2 هي بالخاء، أو الجيم.

ص: 46

وما جاء عن الشافعي رضي الله عنه "مجزوء البسيط":

حسبي بعلمي إن نفع

ما الذل إلا في الطمع1

من راقب الله رجع

عن سوء ما كان صنع

ما طار طير وارتفع

إلا كما طار وقع

وما نسب لمحمد بن الحسن2 "من الطويل":

تعلم فإن العلم زين لأهله

وفضل وعنوان لأهل المحامد3

وكن مستفيدا كل يوم زيادة

من العلم واسبح في بحار الفوائد

تفقه فإن الفقه أفضل قائد

إلى البر والتقوى وأعدل قاصد

هو العلم الهادي إلى سنن الهدى

هو الحصن ينجي من جميع الشدائد

فإن فقيها واحدا متورعا

أشد على الشيطان من ألف عابد

1 ديوان الشافعي ص41، وفيه: حسبي بقلي، والقل: الفقر.

2 هو أبو عبد الله، محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني: إمام الفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، وقد سمع من أبي حنيفة بالكوفة، وغلب عليه مذهبه، وعُرف به، وانتقل إلى بغداد، ومات في الري سنة 189هـ. السير 9/ 134، والأعلام 6/ 80.

3 الأبيات في تعليم المتعلم للزرنوجي ص31، منسوبة لمحمد بن الحسن أيضا.

ص: 47

وما أنشد الشيخ قوام الدين حماد الصفاري1 الأنصاري لشيخه القاضي الخليل بن أحمد السجزي الحنفي2 "من الخفيف":

اخدم العلم خدمة المستفيد

وأدم درسه بفعل حميد3

وإذا ما حفظت شيئا أعده

ثم أكده غاية التأكيد

ثم علقه كي تعود إليه

وإلى درسه على التأبيد

وإذا ما أمنت منه فواتا

فانتدب بعده لشيء جديد

مع تكرار ما تقدم منه

واقتناء لشأن هذا المزيد

ذاكر الناس بالعلوم لتحيا

لا تكن من أولي النهى ببعيد

1 هو أبو المحامد الصفاري الأنصاري، حماد بن إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن إسحاق بن شيث، قوام الدين ابن الإمام ركن الدين إبراهيم الصفار، من أهل بخارى، من بيت العلم والزهد، حصل طرفا من علم الكلام، والفقه، والأدب، توفي في سنة 576هـ بسمرقند. ابن خلكان 5/ 289، الجواهر المضية 2/ 145.

2 هو أبو سعيد السجزي، الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل، المعروف بابن جنك: قاضٍ حنفي واعظ، من الشعراء، كان شيخ أهل الري في عصره، صاحب فنون من العلوم، طاف بلادا كثيرة، وسمع الحديث، ومات قاضيا بسمرقند سنة 388هـ. النجوم الزاهرة 4/ 153، والأعلام 2/ 314.

3 تعليم المتعلم للزرنوجي ص71، وهي منسوبة للقاضي الخليل بن أحمد السجزي.

ص: 48

إن كتمت العلوم أنسيت حتى

لا ترى غير جاهل وبليد

ثم ألجمت في القيامة نارا

وتلهبت في العذاب الشديد

وللزمخشري1 "من الوافر":

وكل فضيلة فيها سناء

وجدت العلم من هاتيك أسنى2

فلا تعتد غير العلم ذخرا

فإن العلم كنز ليس يفنى

وللإمام منصور التميمي3 أحد أئمة المذهب "من البسيط":

عاب التفقه قوم لا عقول لهم

وما عليه إذا عابوه من ضرر4

ما ضر شمس الضحى والشمس طالعة

ألا يرى ضوءها من ليس ذا بصر

1 هو أبو القاسم، جار الله، محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب، ولد في زمخشر، وسافر إلى مكة، فجاور بها زمنا، فلقب بجار الله، وتنقل في البلدان، ثم عاد إلى الجرجانية، فتوفي بها سنة 538هـ، وكان معتزلي المذهب، مجاهرا، شديد الإنكار على المتصوفة، أكثر من التشنيع عليهم في الكشاف وغيره. وفيات الأعيان 5/ 168، والأعلام 7/ 178.

2 شرح زبد ابن رسلان 1/ 19.

3 هو أبو الحسن التميمي، منصور بن إسماعيل بن عمر: فقيه شافعي، من الشعراء، ضرير، أصله من رأس العين "بالجزيرة"، وكان خبيث اللسان في الهجو والهجاء، سافر إلى بغداد في شبابه، ومدح بها الخليفة المعتز، ثم سكن مصر وتوفي بها سنة 306هـ. ابن خلكان 5/ 289، ونكت الهميان 297.

4 ابن خلكان 5/ 290، طبقات السبكي 3/ 478، طبقات الشيرازي ص107، كتاب العلم للنووي ص74.

ص: 49

ولبعضهم "من الوافر":

تفقه تستطيل على الرجال

وتزهو في المحافل بالكمال1

إذا وقع القياس بكل علم

فحال الفقه يعلو كل حال

ومن طلب التفقه وانتحاه

أناف برأسه تاج الجمال

فخذ بالشافعي وقل بقول

سديد عند مختلف المقال

ففضل الشافعي على سواه

كفضل الشمس قيست بالهلال

ولآخر "من الخفيف":

علم العلم من أتاك لعلم

واغتنم ما حييت منه الدعاء2

وليكن عندك الغني إذا ما

طلب العلم والفقير سواء

ولآخر "من الطويل":

وفي الجهل قبل الموت موت لأهله

فأجسادهم بين القبور قبور3

وإن امرأ لم يحي بالعلم ميت

فليس له حتى النشور نشور

1 طبقات السبكي 5/ 348-349.

2 كتاب العلم للنووي ص74، وهما بلا نسبة.

3 طبقات السبكي 5/ 348، وهو فيه لبعض أهل البصرة، تعليم المتعلم ص64، وهما منسوبان للمرغيناني.

ص: 50

ولآخر "من الطويل":

تعلم فليس المرء يخلق عالما

وليس أخو علم كمن هو جاهل1

وإن كبير القوم لا علم عنده

صغير إذا التفت عليه المحافل

ولآخر "من الكامل":

صدر المجالس حيث حل لبيبها

فكن اللبيب وأنت صدر المجلس2

وللمتنبي3 "من الوافر":

ولم أرَ من عيوب الناس عيبا

كنقص القادرين على التمام4

1 ينسب البيتان لعمر بن عبد العزيز، المستطرف 1/ 167، ولعبد الله بن المبارك، ديوانه ص87، وللشافعي ديوانه ص58.

2 كتاب العلم للنووي ص74، وهو فيه بلا نسبة.

3 هو أبو الطيب المتنبي، أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي: الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة، وفي علماء الأدب من يعده أشعر الإسلاميين، ولد بالكوفة، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس، وقال الشعر صبيا، ووفد بعدئذ على سيف الدولة بن حمدان فمدحه وحظي عنده، ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي، ثم هجاه هجاء مرا، ثم قصد العراق وشيراز، وبينما كان عائدا إلى الكوفة قتل سنة 354هـ. وفيات الأعيان 1/ 120، والأعلام 1/ 115.

4 تصحف في المطبوع إلى:

ولم أر من عيوب الناس عيبا

كنقص القادرين على الكمال

وقد أتعبنا ذلك كثيرا بهذه الرواية، وخاصة أن البيت من مشهور شعر المتنبي، والبيت في ديوانه من قصيدة مشهورة وروايته فيه:

ولم أر في عيوب الناس شيئا

كنقص القادرين على التمام

انظر ديوان المتنبي بشرح العكبري 4/ 145، وانظر خزانة الأدب لابن حجة الحموي 2/ 172، والأمثال السائرة من شعر المتنبي ص66، والأمثال والحكم ص119.

ص: 51