المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم - العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

[العلموي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مدخل

- ‌مقدمة التحقيق:

- ‌مصادر ترجمة المؤلف بدر الدين الغزي:

- ‌مصادر ترجمة صاحب المختصر عبد الباسط العلموي:

- ‌ترجمة مؤلف المختصر:

- ‌العلموي وكتابه التلخيصي:

- ‌تحليل كتاب "المعيد" للعلموي:

- ‌وصف النسخة المخطوطة:

- ‌النص المحقق:

- ‌المقدمة: في الأمر بالإخلاص والصدق وإحضار النية:

- ‌الباب الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم على ما تقدم في ترتيبه

- ‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه

- ‌الفصل الثاني: في تحذير مَن أراد بعلمه غير الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: في تحذير مَن آذى أو انتقص عالما

- ‌الفصل الأول: في أقسام العلم الشرعي وهي ثلاثة: تفسير، وحديث، وفقه

- ‌الباب الثالث: في آداب المعلم والمتعلم

- ‌النوع الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في جلس الدرس

- ‌القسم الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في مجلس الدرس

- ‌القسم الثاني: آدابهما في درسهما واشتغالهما

- ‌النوع الثاني: آداب يختص بها المعلم وقد يشاركه في بعضها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه وتقدم منها جملة في الآداب المشتركة

- ‌القسم الثاني: آداب المعلم مع طلبته

- ‌القسم الثالث: آدابه في درسه

- ‌النوع الثالث: آداب يختص بها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه

- ‌القسم الثاني: آدابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من تعظيم حرمته

- ‌الباب الرابع: في أدب المفتي والفتوى والمستفتي

- ‌مدخل

- ‌النوع الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ:

- ‌الفصل الثاني: في تقسيم المفتين

- ‌النوع الثاني: في أحكام المفتي وآدابه

- ‌النوع الثالث: في آداب الفتوى:

- ‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه

- ‌الباب الخامس: في شروط المناظرة وآدابها وآفاتها

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في بيان شروط المناظرة

- ‌الفصل الثاني: في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌مناظرة بين الشافعي ومالك رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بين الشافعي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بينهما أيضا وهي مشهورة

- ‌مناظرة بينهما أيضا

- ‌مناظرة بين الشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما

- ‌مناظرة جرت بحرة الشافعي رضي الله عنه

- ‌مناظرة جرت بحضرة الشافعي وأقام هو الحجة فيها:

- ‌مناظرة بين أبي العباس أحمد بن سريج وأبي بكر محمد بن داود رحمهم الله

- ‌مناظرة بينهما أيضا في الأصلح والتعليل

- ‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم

- ‌الخاتمة:

- ‌الفهارس العامة:

- ‌ فهرس الآيات القرآنية:

- ‌ فهرس الأحاديث النبوية:

- ‌ فهرس الأعلام والأقوام والجماعات:

- ‌ فهرس الكتب المذكورة في متن الكتاب:

- ‌ فهرس الأشعار والأرجاز:

- ‌ فهرس المصادر والمراجع:

- ‌ فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم

الباب السادس:‌

‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم

وما يتعلق بتصحيحها وضبطها ووضعها وحملها وشرائها وعاريتها ونسخها وغير ذلك 1:

وفيه مسائل2:

الأولى: ينبغي لطالب العلم أن يعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها في العلوم النافعة ما أمكنه شراء3 أو إجارة أو عارية؛ لأنها آلة التحصيل، ولا يجعل تحصيلها وجمعها وكثرتها حظه من العلم، ونصيبه من الفهم، وقد أحسن القائل "من المتقارب":

إذا لم تكن حافظا واعيا

فجمعك الكتب لا ينفع4

وإن أمكنه تحصيلها شراء فلا يشتغل بنسخها5؛ لأن الاشتغال أهم من النسخ، ولا يرضى بالاستعارة مع إمكان تحصيله ملكا أو إجارة6.

الثانية: يستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن ضرر منه بها، وكره عاريتها قوم، والأول هو الأصح المختار لها فيه من الإعانة على العلم مع ما في مطلق العارية من الفضل والأجر، روينا عن وكيع: أول بركة الحديث إعارة الكتب7، وعن سفيان الثوري: من بخل بالعلم ابتلي بإحدى ثلاث: أن ينساه، أو يموت فلا ينتفع به، أو تذهب كتبه8، وقال رجل لأبي العتاهية9:

1 انظر الباب والعنوان نفسه في كتاب: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة الكناني ص163-193.

2 في كتاب تذكرة السامع والمتكلم ص164: "وفيه أحد عشر نوعا".

3 كان المتقدمون لهم عادات متميزة في شراء الكتب، حيث كان يقال مثلا: لما صنف أبو نعيم كتابه الحلية، حمل هذا الكتاب في حياته إلى نيسابور، فاشتروه بأربعمائة دينار، ويقال: إن كتاب الأغاني اشتراه سيف الدولة من المؤلف بخمسمائة دينار أيضا.

4 البيت بلا نسبة في تذكرة السامع 164.

5 تذكرة السامع 165، علما بأن أكثر المتقدمين اشتغلوا كثيرا في الاستنساخ والكتابة حتى أفنوا أعمارهم في تحصيل الكتب، وأخذ الإحازات بسبب قلة أموالهم، وشدة توقانهم إلى العلم، وهم أشد عناية بالنسخ والمقابلة حتى ذهب نور أبصارهم، وتعبت خواطرهم، وتغيرت أحوالهم، وصاروا منارات للعلم يستضاء بها، ويهتدي بها السارون.

6 تذكرة السامع 167.

7 أدب الإملاء والاستملاء 175.

8 سير أعلام النبلاء 8/ 353، وقد نسب هذا القول لعبد الله بن المبارك، ومثله في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/ 510، لكنه نسبه لسفيان الثوري 1/ 370.

9 هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العنزي، أبو إسحاق الشهير بأبي العتاهية: شاعر مكثر، سريع الخاطر في شعره إبداع، وهو يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما، وكان جيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره، نشأ في الكوفة وسكن بغداد، وبها توفي سنة 211هـ. الأغاني 4/ 1، وتاريخ بغداد 6/ 250.

ص: 251

أعرني كتابك، فقال: إني أكره ذلك، فقال: أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره؟ فأعاره1. وكتب الشافعي إلى محمد بن الحسن رضي الله عنهما "مجزوء الرجز":

قولا لمن لم ترعيـ

ـنا من رآه مثله2

ومن كأن من رآ

هـ قد رأى من قبله

العلم ينهي أهله

أن يمنعوه أهله

لعله يبذله

لأهله لعله

وإذا استعار كتابا فلا يبطئ به من غير حاجة، وإذا طلبه المالك فيحرم عليه حبسه3، ويصير غاصبا له، وقد جاء في ذم الإبطاء برد الكتب المستعارة عن السلف أشياء كثيرة نظما ونثرا رويناها في كتاب الخطيب الجامع لأخلاق الراوي والسامع4، منها عن الزهري: إياك وغلول الكتب5، وهو حبسها عن أصحابها، قال الخطيب: وبسبب حبسها امتنع غير واحد من إعارتها6.

1 أدب الإملاء والاستملاء 175.

2 طبقات الشافعية للإسنوي 1/ 14، ومناقب الشافعي 196، والمحمدون من الشعراء 138، طبعة دار اليمامة، وانظر أيضا تذكرة السامع والمتكلم ص168.

3 تذكرة السامع 168.

4 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/ 373.

5 أدب الإملاء والاستملاء 176.

6 الجامع لأخلاق الراوي 1/ 376، وانظر أدب الإملاء والاستملاء 177.

ص: 252

الثالثة: لا يجوز أن يصلح كتاب غيره بغير إذن صاحبه1.

قلت: وهذا محله في غير القرآن.

فإن كان مغلوطا أو ملحونا فليصلحه، غاية ما في الباب إن لم يكن خطه مناسبا، فليأمر من يكتب ذلك بخط حسن، ولا يحشيه ولا يكتب شيئا في بياض فواتحه أو خواتمه إلا إذا علم رضا صاحبه، ولا يعيره غيره، ولا يودعه لغير ضرورة حيث يجوز شرعا، ولا ينسخ منه بغير إذن صاحبه، فإن كان الكتاب وقفا على من ينتفع به غير معين فلا بأس بالنسخ منه مع الاحتياط2، وأنشد بعضهم "من الخفيف":

أيها المستعير مني كتابا

ارض لي فيه ما لنفسك ترضى3

وإذا نسخ من الكتاب أو طالعه فلا يضعه مفروشا على الأرض4، بل يجعله مرتفعا، وإذا وضع الكتب مصفوفة فلتكن على شيء مرتفع غير الأرض لئلا تندى فتبلى، ويراعى الأدب في وضعها باعتبار علومها، فيضع الأشرف أعلى الكل، فإن استوت كتب في فن فليراع شرف المصنف5 فيجعله أعلى، وليجعل المصحف الكريم أعلى الكل، والأولى أن يكون في خريطة ذات عروة في مسمار ونحوه في حائط طاهر نظيف في صدر المجلس، ثم كتب الحديث

1 تذكرة السامع 169.

2 تذكرة السامع 169.

3 بعده في أدب الإملاء والاستملاء 176:

لا ترى رد ما أعرتك نفلا

وترى رد ما استعرتك فرضا

وانظر البيتين في الجامع لأخلاق الراوي 1/ 375، وقال ابن السمعاني عنهما:"هما لبعض أصحابنا".

4 تذكرة السامع 170.

5 تذكرة السامع 170-171.

ص: 253

الصرف كالبخاري ومسلم، ثم تفسير القرآن، ثم تفسير الحديث، ثم الفقه، ثم أصول الدين، ثم أصول الفقه، ثم النحو والتصريف، ثم أشعار العرب، ثم العروض وما في معناه ونحو ذلك، ولا يضع ذوات القطع الكبير فوق ذوات القطع الصغير كي لا يكثر تساقطها، وينبغي أن يكتب اسم الكتاب1 عليه في حرف عرضه ويجعل رءوس الترجمة إلى مرد الجلد المقابل للسان لئلا تصير الكتابة معكوسة، ويراعى في صف الكتب حسن الوضع، بأن يجعل الحبكة في ناحية، والمجلد الآخر يجعل حبكته في الناحية الأخرى، فتكون الكتب قائمة بلا اعوجاج، وإلا فيتعوج الصف ضرورة؛ لأن جهة اللسان من كل كتاب أعلى من جهة الحبكة؛ لأن جهة الحبكة مضغوطة مقموطة، ولا يجعل الكتاب خزانة للكراريس وغيرها2، ولا مخدة، ولا مروحة، ولا مستندا، ولا متكئا، ولا مقتلة للبق، ولا يطوي حاشية الورقة وزاويتها كما يفعله كثير من الجهلة، وإذا ظفر فلا يكبس ظفره بحيث يهشم الورقة ولو3 مآلا، وإذا استعار4 كتابا فينبغي أن يتفقده عند إرادة أخذه ورده من ورقة محتاج إليها ونحوها، وإذا اشترى كتابا نظر أوله وآخره ووسطه وترتيب أبوابه وكراريسه واعتبر صحته، ومما يغلب على الظن في صحته ما أشار إليه الشافعي أن يرى فيه إلحاقا أو إصلاحا، فإنه شاهد له بالصحة، قال بعضهم: لا يضيء الكتاب حتى يظلم، يريد إصلاحه5.

الرابعة: إذا نسخ شيئا من كتب العلم الشرعية فينبغي أن يكون على طهارة6 مستقبل القبلة، طاهر البدن والثياب والحبر والورق، ويبتدئ كل كتاب بكتابة: بسم الله الرحمن الرحيم، وإن كان مصنفه تركها كتابة فليكتبها هو، ثم ليكتب

1 تذكرة السامع 171.

2 تذكرة السامع 172.

3 تذكرة السامع 172.

4 تذكرة السامع 172، وهو النوع الرابع عند ابن جماعة.

5 تذكرة السامع 173.

6 تذكرة السامع 173.

ص: 254

قال الشيخ، أو قال المصنف، ثم يشرع في كتابة ما صنفه المصنف، وإذا فرغ من كتابة الكتاب أو الجزء فليختم الكتابة بالحمدلة والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليختم بقوله: آخر الجزء الأول أو الثاني مثلا ويتلوه كذا وكذا1 إن لم يكن أكمل الكتاب، فإن أكمله فليقل: تم الكتاب الفلاني، ففي ذلك فوائد كثيرة، وكلما كتب اسم الله تعالى أتبعه بالتعظيم مثل: تعالى، أو سبحانه، أو عز وجل، أو تقدس، أو تبارك، ويتلفظ بذلك، وكلما كتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم كتب بعده الصلاة عليه والسلام2، وجرت عادة السلف والخلف بكتابة صلى الله عليه وسلم3، ولعل ذلك لموافقة الأمر في الكتاب العزيز في قوله4:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: 56] ، ولا يختصر الصلاة في الكتابة، ولا يسأم من تكريرها كما يفعله بعض المحرومين من كتابة: صلعم أو صلع أو صلم أو صم أو صلسلم، فإن ذلك مكروه5 كما قال العراقي ويقال: إن أول من كتب صلعم قطعت يده6، واعلم أن أجر كتابة الصلاة بكمالها عظيم، وهو من أكبر الفوائد العاجلة7، وإذا مر بذكر أحد من الصحابة كتب رضي الله عنه، أو رضوان الله عليه، أو مر بذكر أحد من الأئمة لا سيما الأعلام وهداة الإسلام8 كتب رحمه الله، أو

1 تذكرة السامع 174.

2 تذكرة السامع 175.

3 تذكرة السامع 175.

4 تذكرة السامع 176، وانظر أيضا الجامع لأخلاق الراوي 1/ 419.

5 هذا الاختصار فيه إساءة الأدب، وترك الأفضلية؛ لأن الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم منصوص عليه، والسلام عليه مسنون، ولأنه من حقه صلى الله عليه وسلم على المؤمنين، ولأن ثواب ذلك عائد إلى المسلمين، فكيف يختصر الصلاة عليه وهو بالمؤمنين رءوف رحيم، وترجى شفاعته يوم الدين، وتملى صلاته في أوان حياته وبعد الممات، وقال ابن منده: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول: كنت أكتب الحديث ولا أكتب "وسلم"، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقالي: أما تختم الصلاة عليَّ في كتابك؟!

6 انظر تدريب الراوي 2/ 77.

7 شرح صحيح مسلم 295-296 مقدمة، وتذكرة السامع والمتكلم 175-176.

8 تذكرة السامع 177.

ص: 255

رحمة الله عليه، أو تغمده الله برحمته، ولا يكتب الصلاة والسلام لغير الأنبياء والملائكة إلا لاختصاص ذلك عرفا وشرعا بالأنبياء والملائكة عليهم السلام، ومتى سقط من ذلك شيء فلا يتقيد به، بل يثبته مع النطق به، واختار أحمد بن حنبل إسقاط الصلاة والسلام والترضي والترحم رواية مع نطقه بذلك، وإفراد الصلاة عن السلام مكروه وعكسه كذلك كما قاله النووي1.

الخامسة: لا يهتم المشتغل بالمبالغة في حسن الخط2، وإنما يهتم بصحته وتصحيحه، ويجتنذب التعليق جدا، وهو خلط الحروف التي ينبغي تفرقتها، والْمَشْق وهو سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف، قال عمر رضي الله عنه3:"شر الكتابة المشق، وشر القراءة الهذرمة، وأجود الخط أبينه". ولا يكتب الكتابة الدقيقة؛ لأنه ربما لم ينتفع به وقت حاجة الانتفاع به من كبر وضعف بصر، ثم محله فيمن عجز عن ثمن ورق، أو حمله في سفر، فيكون معه خفيف المحمل فلا كراهة في ذلك ولا منع للعذر، والكتابة بالحبر أولى من المداد كما مر، وينبغي ألا يكون القلم صلبا جدا فيمنع سرعة الجري، ولا رخوا فيسرع إليه الحفي.

قال بعضهم4: إذا أردت أن تجود خطك فأطل جلفتك وأسمنها، وحرف قطتك وأيمنها، ولتكن السكين حادة جدا لبراية الأقلام وكشط الورق، ولا تستعمل في غير ذلك، وليكن ما يقط عليه القلم صلبا، وهم يحمدون القصب الفارسي اليابس جدا، والآبنوس الصلب الصقيل5.

ويراعي من آداب الكتابة ما ورد عن بعض السلف، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاوية، ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولا تعور الميم

1 مقدمة شرح صحيح مسلم 281-283.

2 تذكرة السامع 177.

3 الجامع لأخلاق الراوي 1/ 403.

4 نفسه 403، وتذكرة السامع 179.

5 تذكرة السامع 180.

ص: 256

وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك"1.

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه"2.

والأحاديث في ذلك كثيرة، وأقوال السلف فيه شهيرة3، وعن جابر4 رضي الله عنه: إذا كتب أحدكم كتابا فليُتربه فإنه أنجح للحاجة5، وعن أبي هريرة6 رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب"7.

السادسة: كرهوا في الكتابة8 فصل مضاف اسم الله تعالى منه كعبد الله أو عبد الرحمن أو رسول الله، فلا يكتب عبد أو رسول آخر السطر، والله أو الرحمن أو رسول أول السطر الآخر لقبح صورة الكتابة، وهذه الكراهة للتنزيه، وظاهر إيراد الخطيب9 وغيره أنه للتحريم، فيجب اجتنابه، وفي الاقتراح أنه من الآداب، ويلتحق بذلك كما قال العراقي في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء

1 أدب الإملاء والاستملاء 170، وانظر أيضا الجامع لأخلاق الراوي 1/ 412، وجامع الأصول 8/ 31.

2 فيض القدير 1/ 555، والجامع لأخلاق الراوي 1/ 408.

3 انظر هذا الباب عند الخطيب في كتابه الجامع لأخلاق الراوي 1/ 407-414.

4 هو جابر بن عبد الله بن عمرو الخزرجي الأنصاري السلمي: صحابي، من المكثرين في الراوية عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه جماعة من الصحابة، له ولأبيه صحبة، وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم، غزا تسع عشرة غزوة، توفي في سنة 78هـ. الأعلام 2/ 104.

5 رواه الترمذي رقم 2714، وانظر أيضا ابن ماجه 2/ 1240، وتحفة الأحوذي 7/ 494، والجامع لأخلاق الراوي 1/ 433، وأدب الإملاء والاستملاء 174، وجامع الأصول 8/ 31.

6 هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، الملقب بأبي هريرة: صحابي، كان أكثر الصحابة حفظا للحديث ورواية له، نشأ يتيما ضعيفا في الجاهلية، وأسلم سنة سبع هجرية، ولزم صحبة النبي، وكان أكثر مقامه في المدينة المنورة، وتوفي فيها سنة 59هـ. الأعلام 3/ 308.

7 الروض المربع 1/ 8، وإعانة الطالبيين 1/ 6، والتقرير والتحبير 1/ 13.

8 الجامع لأخلاق الراوي 1/ 141 فما بعد.

9 في كتابه: الجامع لأخلاق الراوي 1/ 414.

ص: 257

الصحابة رضي الله عنهم كقوله: سابُّ النبي صلى الله عليه وسلم كافر1، وقوله: قاتل ابن صفية2 في النار يعني الزبير بن العوام3 رضي الله عنه، فلا يكتب ساب أو قاتل في آخر السطر وما بعده أول سطر آخر، فهو قبيح جدا في صورة الكتابة حرام، خصوصا في النطق به من أول السطر ما لم ينطق بما في آخر السطر، وكذلك مما يُستقبح فيه الفصل ولو كان لغير متضايفين كقول سيدنا عمر رضي الله عنه في شارب الخمر الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثمل، فقال عمر: أخزاه الله ما أكثر ما يؤتي به4، فلا يكتب فقال في آخر سطر: وعمر وما بعده في أول آخر، أما إذا لم يكن في شيء من ذلك بعد اسم الله، أو اسم نبيه، أو اسم الصحابة مثلا فلا بأس بالفصل، ومع ذلك فجمعهما أولى، بل صرح بعضهم بالكراهة في فصل نحو أحد عشر لكونهما بمنزلة اسم واحد، وكرهوا تبعيض الكلمة المركبة تركيبا مزجيا أو إضافيا، ونحو ذلك.

السابعة: عليه مقابلة كتابه بأصل صحيح موثوق به5، فالمقابلة متعينة

1 انظر: المحلى 11/ 412، وحاشية ابن عابدين 4/ 245.

2 هي صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدة الزبير بن العوام، وهي شقيقة حمزة، وكانت شاعرة باسلة، ماتت في المدينة سنة 20هـ.

وقاتل ابن صفية هو ابن جرموز، قتله غيلة يوم الجمل، بوادي السباع بالقرب من البصرة.

3 هو أبو عبد الله، الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي: صحابي شجاع، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من سل سيفه في الإسلام، وكان موسرا، كثير المتاجر، شهد المشاهد كلها، واليرموك، قالوا: كان في صدره أمثال العيون من الطعن والرمي، قتل غيلة شهيدا سنة 36هـ. الأعلام 3/ 43.

4 صحيح البخاري 6/ 2489 حديث رقم 6398 و6399، والقول فيه "لرجل من القوم" وليس لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.

5 هي المسألة "السادسة عشرة" من الكتابة الأم "الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد" لبدر الدين الغزي، وما زال مخطوطا، وقد نشرت منه فصلة تمثل المسائل الثماني الأخيرة من هذا الفصل "السادس من الكتاب" وهو ذلك الذي يتحدث عن ضبط المؤلفات وتصحيحها، وقد أورد المؤلف فيه ثلاثا وعشرين مسألة، انظر مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد العاشر، الجزء الأول 1384هـ-1964م من ص167-184، وانظر أيضا تذكرة السامع 180.

ص: 258

للكتاب الذي يرام النفع به، قال عروة بن الزبير1 لابنه هشام2 رضي الله عنهم: كتبت؟ قال: نعم، قال: عرضت كتابك؟ أي على أصل صحيح، قال: لا، قال: لم تكتب3، وقال الإمام الشافعي ويحيى بن أبي كثير: من كتب ولم يعارض -أي يقابل- كمن دخل الخلاء ولم يستنجِ4، وإذا صحح الكتاب بالمقابلة على أصل صحيح أو على شيخ، فينبغي أن يعجم المعجم، ويشكل المشكل، ويضبط الملتبس، ويتفقد مواضع التصحيف5، أما ما يفهم بلا نقط ولا شكل فلا يعتنِ به لعدم الفائدة، فإن أهل العلم يكرهون الإعجام والإعراب إلا في الملتبس والمشتبه، ومن كلام بعض البلغاء: أعجام الخط يمنع من استعجامه، وشكله من إشكاله6، وقال بعضهم: رب علم لم تعجم فصوله، فاستعجم محصوله7، وقيل: ينبغي الإعجام والشكل للمكتوب كله المشكل وغيره لأجل المبتدئ في ذلك الفن، وصوبه القاضي عياض؛ لأن المبتدئ لا يميز ما يشكل مما لا يشكل8، ولا صواب الإعراب من خطئه، ولأنه ربما يكون الشيء واضحا عند قوم مشكلا عند آخرين، بل ربما يظن لبراعته المشكل واضحا، ثم قد يشكل عليه بعد، وربما وقع النزاع في حكم مستنبط من حديث يكون

1 هو أبو عبد الله، عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي: أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان عالما بالدين، صالحا كريما، لم يدخل في شيء من الفتن، وانتقل إلى البصرة، ثم إلى مصر، وعاد إلى المدينة، فتوفي بها سنة 93هـ. السير 4/ 421.

2 هو أبو المنذر، هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي: تابعي، من أئمة الحديث، من علماء المدينة ولد وعاش فيها، وزار الكوفة، ودخل بغداد، وتوفي فيها سنة 146هـ. تاريخ بغداد 1/ 37، والسير 6/ 34.

3 أدب الإملاء والاستملاء 79، والجامع لأخلاق الراوي 1/ 428، وجامع بيان العلم 1/ 77.

4 أدب الإملاء والاستملاء 78-79، والجامع لأخلاق الراوي 1/ 428، وجامع بيان العلم 1/ 77.

5 الدر النضيد "مجلة معهد المخطوطات"172.

6 الدر النضيد 172.

7 الدر النضيد 172.

8 الدر النضيد 172.

ص: 259

متوقفا على إعرابه كحديث: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" 1، فالجمهور كالشافعية والمالكية وغيرهما لا يوجبون ذكاته بناء على رفع ذكاة أمه بالابتدائية والخبرية وهو المشهور في الرواية، والحنفية وغيرهم يوجبونها على نصب ذكاة الثانية على التشبيه أي يذكى مثل ذكاة أمه2، وكحديث:"لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه" 3، فالجمهور ومنهم أئمة المذهب يجزمون بعتقه عليه بمجرد دخوله في ملكه بناء على رفع فيعتقه، وهو المشهور في الرواية، ويكون الضمير عائدا على المصدر المحذوف4 الذي دل عليه الفعل، تقديره: فيعتقه الشراء؛ لأنه بنفس الشراء حصل العتق من غير احتياج إلى لفظ، ويؤيد ذلك الرواية الأخرى:"فيعتق عليه" 5، والأخرى:"فهو حر" 6، وظن داود الظاهري أن الرواية بنصب فيعتقه عطفا على فيشتريه، فيكون الولد هو المعتِق، فقال: لا بد من إنشائه، ولا يعتق بمجرد الملك7، وعلى كل حال فيتأكد ضبط الملتبس من الأسماء؛ إذ لا يدخلها قياس ولا قبلها ولا بعدها شيء يدل عليها8، وإذا احتاج إلى ضبط المشكل في الكتاب، وبيانه في الحاشية قبالته فعل؛ لأن الجمع بينهما أبلغ في الإبانة، وإذا كتب كلمة مشكلة من القلم لسواد كثير فيه ونحوه أوضحها في الحاشية، وكتب فوقها "بيان" أو "ن" وله أن يكتبها في الحاشية بصورتها، وله أن يكتبها مقطعة الأحرف بالضبط ليأمن اللبس والاشتباه9، وله أن يضبطها بالحروف كقوله: بالحاء المهملة، والدال

1 سنن ابن ماجه 2/ 1067.

2 الدر النضيد 172، والمغني 9/ 319-320، والمهذب 1/ 255، والمجموع 9/ 119.

3 تفسير القرطبي 11/ 159، 10/ 244، وسنن الترمذي 4/ 315، والمحلى 8/ 358، والسنن الكبرى 3/ 173، وسنن ابن ماجه 2/ 1207، وتحفة المحتاج 2/ 596.

4 الدر النضيد 173.

5 الدر النضيد 173.

6 الدر النضيد 173.

7 الدر النضيد 173.

8 الدر النضيد 173.

9 الدر النضيد 173.

ص: 260

المهملة، والتاء المثناة، والثاء المثلثة، ونحو ذلك، كما جرت عادة السلف في ذلك، ومما يلتحق بضبط المعجم أن يكتب في باطن الكاف المعلقة كافا صغيرة أو همزة، وفي باطن اللام هكذا "لام" ولا يكتب صورة لام هكذا "لـ"1.

الثامنة: ينبغي أن يكتب2 على ما صححه وضبطه في الكتاب وهو في محل شك عند مطالعته أو طرف احتمال "صح" صغيرة ويكتب فوق ما وقع في التصنيف أو في النسخ وهو خطأ "كذا" صغيرة أي هكذا رأيته، ويكتب في الحاشية "صوابه كذا" إن كان يتحققه، أو "لعله كذا" إن غلب على ظنه أنه كذلك، أو يكتب على ما أشكل عليه ولم يظهر له وجهه ضبة، وهي صورة رأس صاد مهملة مختصرة من صح هكذا "صـ" فإن صح بعد ذلك وتحققه فيصلها بحاء فتبقى "صح" وإلا كتب الصواب في الحاشية كما تقدم، قيل: وأشاروا3 بكتابة الصاد أولا إلى أن الصحة لم تكمل، وإلى تنبيه الناظر فيه على أنه متثبت في نقله غير غافل، فلا يظن أنه غلط فيصلحه، وقد تجاسر بعضهم فغيَّر ما الصواب إبقاؤه4، والله أعلم.

التاسعة: إذا وقع5 في الكتاب زيادة، أو كتب فيه شيء على غير وجهه تخير فيه بين ثلاثة أمور؛ الأول: الكشط6، وهو سلخ الورق بسكين ونحوها ويعبر عنه بالبَشْر وبالحك، وسيأتي أن غيره أولى منه، لكن هو أولى في إزالة

1 الدر النضيد 173-174.

2 الدر النضيد 175، وهي المسألة السابعة عشرة فيه، وانظر أيضا تذكرة السامع 182.

3 الدر النضيد 175، وتذكرة السامع 182.

4 الدر النضيد 175.

5 الدر النضيد 175.

6 الدر النضيد 175، وبعده فيه:"قال الخطيب: وإذا أصلح شيئا بالكشط بشر المصلح بنحاتة الساج وغيره من الخشب، ويتقي التتريب".

ص: 261

نقطة أو شكلة، الثاني: المحو1 وهو الإزالة بغير سلخ إن أمكن، وهو أولى من الكشط، قال ابن الصلاح: وتتنوع طرقه، الثالث: الضرب2 عليه وهو أجود من الكشط والمحو، لا سيما في كتب الحديث، وعن بعضهم3: كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع؛ لأن الروايات مختلفة، فعسى أن يبشر شيئا يكون صحيحا، فيحتاج إلى إثباته ثانيا.

وفي كيفية الضرب خمسة أقوال4 مشهورة؛ أحدها: أن يصل بالحروف المضروب عليها، ويخلط بها خطا ممتدا، ثانيها5: أن يجعل الخط فوق الحروف منفصلا عنها منعطفا طرفاه على أول المبطَل وآخره كالباء المقلوبة ومثال هكذا. ثالثها6: أن يكتب لفظة "لا" أو لفظة "من" فوق أوله، ولفظة "إلى" فوق آخره، ومعناه من هنا ساقط إلى هنا، رابعها7:" أن يكتب في أول الكلام المبطل وفي آخره نصف دائرة ومثاله هكذا. خامسها8: أن يكتب في أول المبطل وفي آخره صفرا وهو دائرة صغيرة سميت بذلك لخلو ما أشير إليه بها من الصحة كتسمية الحُساب لها بذلك الخلو موضعها من عدد ومثاله هكذا5، وإذا تكررت9 كلمة أو أكثر سهوا ضرب على الثانية لوقوع الأولى صوابا في موضعها، إلا إذا كانت الثانية أجود صورة وأدل على القراءة، وكذا إذا كانت الأولى آخر سطر، فإن الضرب عليها أولى صيانة لأول السطر، وبالجملة10 فصيانة أول السطور وآخرها متعين

1 الدر النضيد 176.

2 الدر النضيد 176، وتذكرة السامع 184، وطريقة الضرب على المكررات بالخط أو بالإشارة بلفظة "من وإلى" جارية إلى هذا الزمان في النسخ والكتابة، وهو مقبولة عند العلماء والفضلاء.

3 الدر النضيد 176.

4 انظر هذه الأقوال الخمسة في الدر النضيد 176-177.

5 الد رالنضيد 176.

6 الدر النضيد 177.

7 الدر النضيد 177.

8 الدر النضيد 177.

9 الدر النضيد 177.

10 الدر النضيد 178.

ص: 262

إلا أن مراعاة أولها أولى، وإذا كان المكرر1 مضافا ومضافا إليه، أو موصوفا وصفة، أو مبتدأ وخبرا، أو متعاطفين، فمراعاة عدم التفريق بالضرب أولى إذا كان آخر سطر كي لا يفرق بين شيئين بينهما ارتباط؛ إذ مراعاة المعاني أولى من مراعاة تحسين الصورة في الخط، قاله القاضي عياض، وإذا صحح2 الكتاب على الشيخ أو في المقابلة علم على موضع وقوفه ببلغ أو بلغ العرض أو غير ذلك مما يفيد معناه، فإن كان ذلك في سماع الحديث كتب بلغ في الميعاد الأول والثاني إلى آخرها، فيعين عدده، فإنه مفيد جدا.

العاشرة: وينبغي3 أن يفصل بين كل كلامين أو حديثين بدارة، أو قلم غليظ ولا يصل الكتابة كلها على طريقة واحدة؛ لما فيه من عسر استخراج المقصود، ورجحوا الدائرة على غيرها، وعليها عمل غالب المحدثين4 وصورتها هكذا. وجرت5 عادة المحدثين باختصار ألفاظ في كتبهم، فمن ذلك حدثنا اختصرها بعضهم على ثنا، وبعضهم على نا، وبعضهم على دثنا، ومن ذلك أخبرنا اختصرها بعضهم على أنا، وبعضهم على أرنا، وبعضهم على أبنا، ومن ذلك حدثني اختصرها بعضهم على ثني، وبعضهم على دثني، وأما أخبرني وأنبأنا وأنبأني فلم يختصروها، ومن ذلك قال الواقعة في الإسناد بين رواته اختصرها بعضهم قافا مفردة هكذا "ق" وقد جمعها بعضهم بما يليها هكذا "قثنا" يعني قال حدثنا، قال العراقي: وهو اصطلاح متروك، ومن هذا القبيل ما يوجد في كتب الأعاجم6 من اختصار المطلوب على المط، واختصار محال على مح، وباطل

1 الدر النضيد 178.

2 الدر النضيد 180، وهي المسألة المتممة العشرين فيه، وانظر تذكرة السامع 180.

3 الدر النضيد 180، وهي المسألة الحادية والعشرون فيه، وانظر تذكرة السامع 192.

4 الدر النضيد 180، وفيه:"وممن فعلها من الأئمة: أبو الزناد، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، ومحمد بن جرير الطبري رحمهم الله تعالى".

5 الدر النضيد 181، وهي المسألة الثانية والعشرون فيه.

6 الدر النضيد 181.

ص: 263

على بط، وحينئذ على وح، وفحينئذ على فح، وإلى آخره على إلخ، والمصنف على المصد، ونحو ذلك.

ومن ذلك ما يختصر1 جميعه مع النطق به كلفظ يحدث في قولهم في الإسناد سمعت فلانا عن فلان فتقول: يحدث عن فلان وهو كثير، ومن ذلك لفظة قال إذا كُررت كما في صحيح البخاري2 ثنا صالح بن حيان3 قال: قال عامر الشعبي4، فتحذف أحداهما خطا لا نطقا5، ومن ذلك لفظة "أنه" في مثل حدثنا فلان أنه سمع فلانا يقول، نبه عليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري6، وقل من7 نبه عليه، والله أعلم.

ومن ذلك ما يختصر8 بعضه، وينطق بالبعض الباقي على صفته، والمشهور منه حاء التحويل عند انتقال من سند إلى غيره فيكتب هكذا "ح" مفردة مهملة مقصورة لفظا، وهي مختصرة من تحويل، أي من سند إلى سند آخر، وقيل: مختصرة من حائل لأنها حالت بين الإسنادين9، وقيل: من قولهم الحديث وهو المنقول عن أهل المغرب، وقيل من صح، قال ابن الصلاح: وقد كتب مكانها بدلا عنها

1 الدر النضيد 181.

2 صحيح البخاري 1/ 48 حديث رقم 97.

3 تصحفت في المطبوع إلى "حبان" وهو وهم، والصواب ما أثبتناه وهو صالح بن حيان، القرشي الكوفي: محدث، قال عنه النسائي: ليس بثقة، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. السير 7/ 373، وتهذيب التهذيب 4/ 386، وانظر مقدمة ابن الصلاح 204، وتدريب الراوي 2/ 115.

4 هو أبو عمرو، عامر بن شراحبيل بن عبد ذي كبار الشعبي الحميري: راوية من التابعين، يضرب المثل بحفظه، وهو من رجال الحديث الثقات، وكان فقيها، شاعرا ولد ونشأ ومات فجأة في الكوفة سنة 103هـ. تاريخ بغداد 12/ 227، وابن خلكان 3/ 12، والسير 4/ 294.

5 الدر النضيد 181، ومقدمة شرح صحيح مسلم للنووي 263-264، ومقدمة ابن الصلاح 204، وتدريب الراوي 2/ 115.

6 فتح الباري 1/ 252، ومقدمة شرح صحيح مسلم للنووي 263-264.

7 في الدر النضيد 182: "قال "أي ابن حجر": وقل مَن نبه عليه".

8 الدر النضيد 182.

9 الدر النضيد 182.

ص: 264

صح صريحة1، واختلف2 في النطق بها، فالأصح أنه ينطق بها في القراءة كما كتبت كذلك مفردة، وقيل: لا ينطق بها، وقيل: ينطق بأصلها المختصرة منه وهو الحديث أو صح فليعلم3 ذلك، ومن ذلك4 ما يختصر بعضه ولا يتعين فيه قراءة ذلك البعض ولا أصله، وهو الرموز إلى اصطلاح خاص بذلك الكتاب كما يرسم كثير من كتب الحديث المختصرة5 للبخاري "خ" ولمسلم "م" وللترمذي "ت" ولأبي داود "د" وللنسائي "ن" ولابن ماجه القزويني "جه" أو "ق" ولابن حبان "حب" وللدارقطني "ط" ونحو ذلك وهو كثير، ومن ذلك رمز العجالة والعمدة لابن الملقن6 للإمام مالك "م" ولأبي حنيفة "ح" ولأحمد "أ" ونحو رموز الوجيز والحاوي للأقوال والأوجه والمذاهب وغير ذلك وهي مشهورة7، ومن فعل شيئا من ذلك أو من غيره في تأليف بيَّن اصطلاحه فيه، ولا مشاححة في الاصطلاح فبيان الاصطلاح في ديباحة الكتاب ليفهم الخائض فيه معانيها، وقد فعل ذلك جماعة من الأئمة لقصد الاختصار ونحوه8 والله أعلم، ولا بأس9 بحواشي الكتاب من فوائد متعلقة به ولا يكتب في آخره "صح" بل ينبه عليه بإشارة للتخريج بالهندي مثلا، وبعضهم يكتب على أول المكتوب في الحاشية "حـ" ولا ينبغي أن يكتب إلا الفوائد المهمة المتعلقة

1 الدر النضيد 182.

2 الدر النضيد 182.

3 الدر النضيد 182-183.

4 الدر النضيد 183.

5 الدر النضيد 183، وانظر مقدمة الجامع الصغير، والجامع الكبير للسيوطي، ومقدمة كنز العمال.

6 هو الإمام الفقيه أبو حفص، عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي، سراج الدين، المعروف بابن الملقن: من أكابر العلماء بالحديث والفقه وتاريخ الرجال، أصله من وادي آش "بالأندلس" له نحو ثلاثمائة مصنف، توفي في القاهرة سنة 804هـ. الأعلام للزركلي 5/ 57.

7 الدر النضيد 183.

8 الدر النضيد 183.

9 الدر النضيد 183، وهي المسألة الثالثة والعشرون فيه، وانظر تذكرة السامع 186.

ص: 265

بذلك الكتاب والمحل مثل تنبيه على إشكال أو احتراز أو رمز أو خطأ ونحو ذلك1، ولا يسوده بنقل المسائل والفروع الغريبة، ولا يكثر الحواشي كثرة يظلم منها الكتاب، ولا بأس بكتابة الأبواب والتراجم والفصول ونحو ذلك بالحمرة؛ فإنه أظهر في البيان وفي فواصل الكلام، وله في كتابه شرح ممزوج بالمتن أن يميز المتن بكتابته بالحمرة أو يخط عليه خطا منفصلا عنه ممتدا عليه، والكتابة بالحمرة أحسن؛ لأنه قد يمزج بحرف واحد، وقد تكون الكلمة الواحدة بعضها متن وبعضها شرح، فلا يوضح ذلك بالخط إيضاحه بكتابة الحمرة، ونحو ذلك كثير في كتب الفقه2، وذلك ليسهل في المطالعة عند قصدها، والله تعالى أعلم.

1 الدر النضيد 183.

2 الدر النضيد 184، وفيه:"ونحو ذلك واقع كثيرا في شرح شيخنا شيخ الإسلام زكريا في شروحه، وكذلك في شروحي الممزوجة، فليعلم".

ص: 266