المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخاتمة: في رقائق لطيفة مناسبة: في ذكر شيء من الرقائق المستظرفات والأشعار - العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

[العلموي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مدخل

- ‌مقدمة التحقيق:

- ‌مصادر ترجمة المؤلف بدر الدين الغزي:

- ‌مصادر ترجمة صاحب المختصر عبد الباسط العلموي:

- ‌ترجمة مؤلف المختصر:

- ‌العلموي وكتابه التلخيصي:

- ‌تحليل كتاب "المعيد" للعلموي:

- ‌وصف النسخة المخطوطة:

- ‌النص المحقق:

- ‌المقدمة: في الأمر بالإخلاص والصدق وإحضار النية:

- ‌الباب الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم على ما تقدم في ترتيبه

- ‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه

- ‌الفصل الثاني: في تحذير مَن أراد بعلمه غير الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: في تحذير مَن آذى أو انتقص عالما

- ‌الفصل الأول: في أقسام العلم الشرعي وهي ثلاثة: تفسير، وحديث، وفقه

- ‌الباب الثالث: في آداب المعلم والمتعلم

- ‌النوع الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في جلس الدرس

- ‌القسم الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في مجلس الدرس

- ‌القسم الثاني: آدابهما في درسهما واشتغالهما

- ‌النوع الثاني: آداب يختص بها المعلم وقد يشاركه في بعضها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه وتقدم منها جملة في الآداب المشتركة

- ‌القسم الثاني: آداب المعلم مع طلبته

- ‌القسم الثالث: آدابه في درسه

- ‌النوع الثالث: آداب يختص بها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه

- ‌القسم الثاني: آدابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من تعظيم حرمته

- ‌الباب الرابع: في أدب المفتي والفتوى والمستفتي

- ‌مدخل

- ‌النوع الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ:

- ‌الفصل الثاني: في تقسيم المفتين

- ‌النوع الثاني: في أحكام المفتي وآدابه

- ‌النوع الثالث: في آداب الفتوى:

- ‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه

- ‌الباب الخامس: في شروط المناظرة وآدابها وآفاتها

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في بيان شروط المناظرة

- ‌الفصل الثاني: في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌مناظرة بين الشافعي ومالك رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بين الشافعي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بينهما أيضا وهي مشهورة

- ‌مناظرة بينهما أيضا

- ‌مناظرة بين الشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما

- ‌مناظرة جرت بحرة الشافعي رضي الله عنه

- ‌مناظرة جرت بحضرة الشافعي وأقام هو الحجة فيها:

- ‌مناظرة بين أبي العباس أحمد بن سريج وأبي بكر محمد بن داود رحمهم الله

- ‌مناظرة بينهما أيضا في الأصلح والتعليل

- ‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم

- ‌الخاتمة:

- ‌الفهارس العامة:

- ‌ فهرس الآيات القرآنية:

- ‌ فهرس الأحاديث النبوية:

- ‌ فهرس الأعلام والأقوام والجماعات:

- ‌ فهرس الكتب المذكورة في متن الكتاب:

- ‌ فهرس الأشعار والأرجاز:

- ‌ فهرس المصادر والمراجع:

- ‌ فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ ‌الخاتمة: في رقائق لطيفة مناسبة: في ذكر شيء من الرقائق المستظرفات والأشعار

‌الخاتمة:

في رقائق لطيفة مناسبة:

في ذكر شيء من الرقائق المستظرفات والأشعار الرائقة والحكايات:

نختم بها الكتاب على عادة الأئمة والحفاظ، كما قال شيخ الإسلام النووي، واقتداء به في بعض مؤلفاته

أسند مولانا شيخ الإسلام صاحب الأصل فسح الله في أجله، وبلغه غاية أمله، عن شيخه الشيخ زين الدين زكريا الأنصاري1 بسنده المتصل إلى الشيخ أبي بكر الآجري2 قال: كان ابن المبارك3 كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات "من الخفيف":

اغتنم ركعتين زلفى إلى اللـ

ـه إذا كنت فارغا مستريحا4

1 هو أبو يحيى، زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري السبكي، المصري الشافعي: شيخ الإسلام، قاض، مفسر، من حفاظ الحديث، تعلم في القاهرة، وكف بصره، نشأ فقيرا معدما، ولما ظهر فضله تتابعت إليه الهدايا والعطايا، بحيث جمع نفائس الكتب، وأفاد القارئين عليه علما ومالا، وتولى قضاء القضاة، ثم عزل منه، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي في سنة 926هـ، وله تصانيف كثيرة جيدة ومفيدة. الكواكب السائرة 1/ 196، والأعلام 3/ 46.

2 هو محمد بن الحسين بن عبد الله: فقيه شافعي محدث، نسبته إلى آجر، من قرى بغداد، ولد فيها، وحدث ببغداد، ثم انتقل إلى مكة، فتنسك، وتوفي فيها سنة 360هـ، له تصانيف كثيرة. تاريخ بغداد 2/ 241، والوافي 3/ 5.

3 هو أبو عبد الرحمن، عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي بالولاء، التميمي، المروزي: الحافظ، شيخ الإسلام، المجاهد، التاجر، صاحب التصانيف والرحلات، أفنى عمره في الأسفار، حاجا ومجاهدا وتاجرا، وجمع الحديث والفقه والعربية وأيام الناس، والشجاعة والسخاء، كان من سكان خراسان، ومات بهيت، منصرفا من غزو الروم سنة 181هـ. تاريخ بغداد 10/ 152، ووفيات الأعيان 3/ 32، والسير 8/ 336.

4 البيتان في ديوانه 45 "فيما نسب له ولغيره" مع بيت ثالث، وهو:

إن بعض السكوت خير من النطـ

ـق وإن كنت بالكلام فصيحا

ص: 269

وإذا ما هممتَ بالنطق بالبا

طل فاجعل مكانه تسبيحا

وبالسند الذي ذكره إلى الطائي1 بسند الطائي إلى المزني قال: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقلت: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلا، ولإخواني مفارقا، ولسوء أفعالي ملاقيا، وبكأس المنية شاربا، فوالله ما أدري أروحي إلى الجنة تصير فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها؟ 2 وأنشد "من الطويل":

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي

جعلت رجائي نحو عفوك سلما3

تعاظمني ذنبي فلما قرنته

بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل

تجود وتعفو منه وتكرما

وبالسند المشار إليه إلى ابن السبكي بسنده إلى القاضي أبي الطيب الطبري قال: أنشدني بعضهم للشافعي رضي الله عنه "من البسيط":

كل العلوم سوى القرآن مشغلة

إلا الحديث وإلا الفقه في الدين4

1 هو أبو جعفر الطائي الحمصي، محمد بن عوف بن سفيان: محدث حمص، الإمام الحافظ المجود، ووصف بالحفظ والعلم والتبحر، قيل، هو عالم بحديث الشام صحيحا وضعيفا، وقال أحمد بن حنبل: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثل محمد بن عوف، توفي سنة 272هـ. السير 12/ 613، وتهذيب التهذيب 9/ 383.

2 انظر السير 10/ 75-76.

3 الأبيات في ديوان الشافعي 59، وهي من قصيدة طويلة، وترتيبها فيها: 3، 4، 6.

4 ديوان الشافعي 68-69.

ص: 270

العلم ما كان فيه قال حدثنا

وما سوى ذاك وسواس الشياطين

وروي أن الشافعي رضي الله عنه كان بمكة يقول1: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله، فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ فقال: بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وحدثنا سفيان بن عيينة بن عبد الملك بن عمير2 عن ربعي بن حراش3 عن حذيفة بن اليمان4 رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" 5، وحدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام6 عن

1 تفسير القرطبي 18/ 17، وسنن البيهقي الكبرى 5/ 212، وإجمال الصحابة 1/ 68، وأبجد العلوم 2/ 190.

2 هو أبو عمرو الكوفي، عبد الملك بن عمير بن سويد القرشي: تابعي، محدث، حافظ، ثقة، قال أبو حاتم: صالح الحديث، تغير حفظه قبل موته، توفي في سنة 136هـ أو نحوها. السير 6/ 8، وطبقات الحفاظ 69.

3 هو أبو مريم، ربعي بن حراش بن جحش العبسي: تابعي مشهور، من أهل الكوفة، ثقة في الحديث، كان أعور، يقال: إنه لم يكذب قط، توفي في سنة 101هـ. تاريخ بغداد 8/ 433، وتهذيب التهذيب 3/ 236.

4 هو أبو عبد الله، حذيفة بن حسل بن جابر العبسي، واليمان لقب حسل: صحابي، من الولاة الشجعان الفاتحين، كان صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين، لم يعلمهم أحد غيره، ولاه عمر على المدائن بفارس، واستقبله الدهاقين، وأقام بينهم فأصلح بلادهم، مكتفيا بالقليل من القوت، وهاجم نهاوند، وغزا الدينور، وماه سندان، فافتتحهما عَنْوَةً، ثم غزا همذان والري، فافتتحهما عنوة أيضا، توفي في المدائن سنة 36هـ. تهذيب التهذيب 2/ 219، والأعلام 2/ 171.

5 انظر عون المعبود 12/ 235، ومجمع الزوائد 9/ 53، وسنن البيهقي الكبرى 5/ 212 و8/ 153، والمعجم الأوسط 1/ 443، والمستدرك على الصحيحين 3/ 79-80، وتفسير القرطبي 18/ 18.

6 هو أبو سلمة، مسعر بن كدام بن ظهير الهلالي العامري الرواسي: من ثقات أهل الحديث، كوفي، كان يقال له "المصحف" لعظم الثقة بما يرويه، وكان مرجئا، توفي بمكة سنة 152. السير 7/ 163.

ص: 271

قيس بن مسلم1 عن طارق بن شهاب2 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر بقتل المحرم الزنبور3.

من هذا ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه لعن الواصلة والمستوصلة4 وقال: ما لي لا ألعن من لعنه الله؟ فقالت امرأة: قرأت كتاب الله فلم أجد فيه ما تقول، فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 5 [الحشر: 7] ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، ذكره البخاري وغيره6، وفي هذا زيادة في الاستدلال، وهو أن من لعنه رسول الله فقد لعنه الله لقوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] .

وروى البيهقي في المدخل7 بسنده إلى الفريابي8 قال: قال المزني أو الربيع الشك منه: كنا يوما عند الشافعي بين الظهر والعصر إذ جاء شيخ عليه جبة صوف وعمامة صوف وإزار صوف وفي يده عكازه قال: فقام الشافعي وسوى ثيابه واستوى جالسا، قال: وسلم الشيخ وجلس، وأخذ الشافعي ينظر

1 هو أبو عمرو الكوفي، قيس بن مسلم الجدلي العدواني: تابعي، محدث ثقة، من كبار الحفاظ، كان مرجئا، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتا، وكانوا يقولون: ما رفع رأسه إلى السماء منذ كذا وكذا تعظيما لله، توفي في سنة 120هـ. تهذيب التهذيب 3/ 452-453.

2 هو أبو عبد الله، طارق بن شهاب بن عبد شمس البجلي الأحمسي: شجاع من الغزاة، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وغزا في خلافة أبي بكر وعمر ثلاثا وثلاثين غزوة، وسكن الكوفة، توفي في سنة 83هـ. الإصابة ترجمة 4219.

3 تفسير القرطبي 6/ 304، والمجموع 7/ 302، وسنن البيهقي الكبرى 5/ 12، والأم 7/ 213.

4 البخاري 5/ 2219، وسنن الترمذي 4/ 236، ونيل الأوطار 6/ 340، والتمهيد لابن عبد البر 17/ 404، والسنن الكبرى 5/ 421، وسنن النسائي 8/ 146، وتحفة الأحوذي 8/ 55.

5 تفسير القرطبي 18/ 18.

6 صحيح البخاري 5/ 2216-2219.

7 طبقات الشافعية الكبرى 2/ 243 والنقل منه حرفيا، انظر 2/ 243-245.

8 هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن واقد الضبي بالولاء، التركي الأصل، الفريابي: عالم بالحديث، من الحفاظ، أخذ بالكوفة عن سفيان، وقرئ عليه بمكة، ونزل قيسارية بفلسطين، وتوفي بها سنة 212هـ. السير 10/ 114، وتهذيب التهذيب 9/ 335.

ص: 272

إلى الشيخ هيبة له، إذ قال له الشيخ: أسأل؟ قال الشافعي: سل، قال: إيش الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: وماذا؟ قال: واتفاق الأمة، قال: من أين قلت اتفاق الأمة؟ قال: من كتاب الله، قال: من أين في كتاب الله؟ فتدبر الشافعي ساعة، فقال الشيخ: قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها، فإن جئت بحجة من كتاب الله عز وجل في الاتفاق وإلا تب1 إلى الله عز وجل، قال: فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن قال: فخرج في اليوم الثالث في ذلك الوقت يعني بين الظهر والعصر وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه وهو مسقام، فجلس فلم يكن بأسرع من أن جاء الشيخ فسلم وجلس فقال: حاجتي، فقال الشافعي: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض فقال: صدقت، فقام وذهب، فقال الشافعي لما ذهب الرجل: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه، قال ابن السبكي: يجوز أن يكون هذا الشيخ الخضر عليه السلام، وقد فهمه الشافعي حين أجله واستمع له، وأصغى لإغلاظه في القوم واعتمد على إشارته2.

وبالسند المشار إليه إلى ابن السبكي3 بسنده إلى الشيخ أحمد بن محمد بن أبي الفراتي4 سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي5 يقول: قلت مرة

1 أحكام القرآن للشافعي 1/ 39، ومفتاح الجنة 1/ 41، وطبقات السبكي 2/ 243-245.

2 طبقات الشافعية الكبرى 2/ 243-245.

3 طبقات الشافعية الكبرى 3/ 171.

4 هو أبو الفضل، أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفراتي الخوباني: الأمير أخو الأمير سعيد، من أهل خوجان نيسابور، من أولاد العلماء، وكان فاضلا، ولي القضاء بقصبة خوجان وحمدوا سيرته، ومات بقرية زاذيك من نواحي أُسْتُوَا سنة 544هـ. التحبير في المعجم الكبير 2/ 447، ومعجم البلدان 2/ 399.

5 هو محمد بن الحسين بن محمد الأزدي السلمي النيسابوري: من علماء المتصوفة، قال الذهبي:"شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم، قيل: كان يضع الأحاديث للصوفية"، بلغت تصانيفه مائة أو أكثر، مولد ووفاته في نيسابور سنة 412هـ. تاريخ بغداد 2/ 248، والسير 17/ 247.

ص: 273

للأستاذ أبي سهل الصعلوكي1 في كلام يجري بيننا: لِمَ؟ فقال لي: أما علمتَ أن من قال لأستاذه: لم لا يفلح أبدا؟ وقال الأستاذ المذكور لأبي عبد الرحمن المذكور: عقوق الوالدين يمحوه الاستغفار، وعقوق الأستاذ لا يمحوه شيء.

وبالسند المذكور إلى ابن السبكي بسنده إلى أبي أحمد منصور بن محمد الأزدي2 أنشد لنفسه "من البسيط":

عليك نفسك فانظر كيف تصلحها

وخل عن عثرات الناس للناس3

فالذم للناس للمحصي معايبهم

والحمد عندهم للغافل الناسي

ومن شعر منصور المذكور "مجزوء الكامل":

إن شئت أن تدعى أخا الـ

كرم السليم من العيوب4

فاصبر على خمس بها

يبدو النقي من المشوب

1 هو محمد بن سليمان بن محمد، من بني حنيفة: فقيه شافعي، من العلماء بالأدب والتفسير، مولده بأصبهان، وسكنه ووفاته بنيسابور، درس بالبصرة بضعة أعوام، وفي نيسابور 32 سنة، ورويت عنه فوائد، وأورد الثعالبي أبياتا من نظمه، وقال: له شعر كثير، توفي في سنة 369هـ. الوافي بالوفيات 3/ 124، والأعلام 6/ 149.

2 هو منصور بن محمد بن محمد الأزدي الهروي الشافعي: قاض، كان أديبا شاعرا، له رقائق، تفقه ببغداد، وقال الباخرزي: أفضل من بخراسان على الإطلاق، يبلغ "ديوان شعره" أربعين ألف بيت، أوتي حظا وافرا من حياته، وبلغ أرذل العمر من وفاته، وكان مغرما بالشراب، له خمريات وغزليات فائقة، توفي في سنة 440هـ. الأعلام 7/ 303.

3 طبقات الشافعية الكبرى 5/ 347.

4 طبقات الشافعية الكبرى 5/ 347-348.

ص: 274

كف الأذى واخفض جنا

حك واجتنب فخم الذنوب

واغرس أصول العرف واجـ

ـن بها مودات القلوب

واعجل إلى الإنصاف طلـ

ـق الوجه مأمون القطوب

وبهذا السند إلى القاسم السقطي1 يقول: سمعت أبا الحسين الآجري2 يقول "من السريع":

يمنعني عن عيب غيري الذي

أعرفه فِيَّ من العيب3

عيوبهم بالظن مني لهم

ولست من عيبي في ريب

إن يك عيبي غاب عنهم فقد

أحصى عيوبي عالم الغيب

ففيم شغلي بسوى مهجتي

أم كيف لا أنظر في حيي

لو أنني أسمع من واعظ

إذن كفاني واعظ الشيب

1 هو الإمام المحدث الثقة عبيد الله بن محمد بن أحمد بن جعفر البغدادي السقطي لمجاور، محدث من أهل بغداد، مات سنة 406هـ.

2 لم أجده ولعله أبو الحسين الآبري، محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم، مصنف كتاب مناقب الشافعي، وآبر من قرى سجستان.

3 الأبيات لأبي البختري العنبري الحنبلي الكوفي كما في طبقات الحنابلة 1/ 272، والمنهج الأحمد 1/ 412-413، وتاريخ بغداد 10/ 83، والمنتظم 12/ 239.

ص: 275

قلت: ومما ينسب للإمام الشافعي رضي الله عنه "من الطويل":

عجبت لمن يبكي على عيب غيره

دموعا ولا يبكي على عيبه دما1

وأعجب من هذا يرى عيب غيره

صغيرا وفي عينيه من عيبه عمى

وبالسند المذكور إلى ابن السبكي بسنده إلى شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري2 سماعا قالت: سمعت القاضي الإمام عزيزي يعني المعروف بشَيْذَلة3 من لفظه سنة 490 يقول: اللهم يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، افعل بي ما أنت أهله، إلهي أذنبت في بعض الأوقات، وآمنت بك في كل الأوقات، فكيف يغلب بعض عمري مذنبا جميع عمري مؤمنا؟ إلهي لو سألتني حسناتي لجعلتها لك مع شدة حاجتي إليها وأنا عبد، فكيف لا أرجو أن تهب لي سيئاتي مع غناك عنها وأنت رب، فيا من أعطى خير ما في خزائنه وهو الإيمان به قبل السؤال، ولا تمنعنا أوسع ما في خزائنك وهو العفو مع السؤال، إلهي حجتي حاجتي وعدتي فاقتي فارحمني، إلهي كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع مع الذنب من العطاء، فإن غفرت فخير راحم أنت، وإن عذبت فغير ظالم أنت، إلهي أسألك تذللا فأعطني تفضلا4.

1 البيتان ليسا في ديوانه، ولا في الشعر المنسوب للشافعي فيه.

2 هي شهدة بنت أحمد بن الفرج بن عمر الإبري: فقيهة من العلماء في عصرها، أصلها من الدينور، روت الحديث، وسمع عليها خلق كثير، وطار صيتها، وعرفت بالكاتبة لجودة خطها، مولدها ووفاتها في بغداد سنة 574هـ. الأعلام 3/ 178.

3 هو أبو المعالي، عزيزي بن عبد الملك بن منصور الجبلي، المعروف بشيذلة: واعظ، من فقهاء الشافعية، له اشتغال بالأدب، من أهل جَبْلان، له مصنفات كثيرة، ولي القضاء في بغداد، ومات بها سنة 494هـ. الأعلام 4/ 232.

4 طبقات الشافعية الكبرى 5/ 237.

ص: 276

ومن شعر مولانا المرحوم شيخنا شيخ الإسلام الرضي، والد المصنف مولانا شيخ الإسلام البدر1 "من الوافر":

إلهي سيدي ربي أغثني

وخذ بيدي ومن بعد أجرني

إلهي قد جنيت وأي عبد

ضعيف الخلق مثلي ليس يجني

إلهي ليس أجدر بالخطايا

وبالتقصير والزلات مني

إلهي لو أتيت بكل ذنب

فلا أولى بعفو منك عني

إلهي أنت ذو صفح جميل

وجود واسع وعظيم من

إلهي ما عصيت بغير علم

ولا أبدا أطعت بغير إذن

إلهي أن أطع فبمحض فضل

وإن أعصي فمن نقصي ووهني

إلهي ما لعبد حجة في

تحمله الجناية والتجني

إلهي إن حجتك التي قد

علا برهانها من غير طعن

1 هو رضي الدين الغزي، محمد بن محمد بن أحمد العامري، المتوفى سنة 935هـ، وهو والد مؤلف كتاب:"الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد" الذي اختصره العلموي، وهو كتابنا هذا.

ص: 277

إلهي ليتني لو كنت عبدا

بلا خطأ وهل يجدي التمني

إلهي ليتني لا كنت إذ لم

أطعك وليت أمي لم تلدني

إلهي إن خوفي زاد لولا

رجائي مت من هم وحزن

إلهي من يناقش في حساب

يعذب منه يا ربي أقلني

إلهي أنت قهار رحيم

بحقك منك يا ذخري أعذني

إلهي ليس إلا أنت ربي

فلا أبدا بغيرك تمتحني

إلهي إن أسأت بغير علم

فإني فيك قد أحسنت ظني

إلهي أنت قد حققت فقري

إليك وليس شيء عنك يغني

إلهي إنني أخشى وأرجو

أمانا منك فامنن لي بأمن

إلهي غير بابك في أموري

إذا ما ضقت ذرعا لم يسعني

إلهي قد رجعت إليك عما

سواك فلا إلى غير تكلني

ص: 278

إلهي مثلما أحسنت بدءا

ففي العقبى بحقك لا تسؤني

إلهي من يعين على وصولي

إلى ما ترتضي إن لم تعني

إلهي من سواك يزيل همي

ومن أدعوه مضطرا يجبني

إلهي أغن يا رب افتقاري

فإنك أنت من يغني ويقني

إلهي أنت قد أوليت فضلا

عظيما قط لم يخطر بذهن

إلهي لست أحصي ما به قد

منحت من العطاء بلا تعن

إلهي إنني عبد رضي

فمن صفو الرضا ربي أذقني

إلهي مع رضاك السقم برء

ونار جهنم جنات عدن

إلهي زد بعلم الشرع فقهي

ومن علم الحقيقة رب زدني

وبسند مولانا شيخ الإسلام المصنف من شيخه شيخ الإسلام أبي يحيى زكريا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، الرجل يحب قوما ولما يلحق بهم؟ 1 فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"المرء مع من أحب" 2، وهذا الحديث

1 أي: ماذا يصير في أمره؟

2 رواه الترمذي رقم 2388 ورقم 96 في الطهارة و3529 و3530 في الدعوات، والنسائي 1/ 83 و84، وانظر جامع الأصول 6/ 855، 7/ 245-246.

ص: 279

ورد من طرق كثيرة في وقائع كثيرة في غالبها التصريح بحب الله ورسوله، ولفظ بعضها: $"أنت مع من أحببت"1، وللعلامة شيخ الإسلام شهاب الدين ابن حجر "من السريع":

وقائل هل عمل صالح

أعددته يدفع عنك الكرب2

فقلت حسبي خدمة المصطفى

وحبه فالمرء مع من أحب

قال مولانا شيخ الإسلام البدر المصنف "من السريع":

من رام يبلغ أقصى المنى

في الحشر مع تقصيره في القرب3

فليخلص الحب لمولى الورى

والمصطفى فالمرء مع من أحب

ولشيخ الإسلام الرضي والده "من الخفيف":

إن تكن عن حال الذين اجتباهم

ربهم عاجزا وتطلب قربا4

حب مولانا والذين اصطفاهم

تبق معهم فالمرء مع من أحبا

وبسند مولانا المصنف المشار إليه من شيخه العلامة قاضي القضاة برهان

1 رواه أبو داود رقم 5126 في الأدب، باب إخبار الرجل الرجل بحبه إليه، وإسناده صحيح.

2 ريحانة الألبا 1/ 143.

3 الكواكب السائرة 3/ 7، وريحانة الألبا 1/ 139.

4 ريحانة الألبا 1/ 143.

ص: 280

الدين بن أبي شريف المقدسي1 إجازة عن الزين القبابي2 إجازة "ح"، وعن شيخ الإسلام والده عن شيخه الحافظ البرهان البقاعي3 بسند البقاعي إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وارة الرازي4 يقول: حضرت مع أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي5 عند أبي زرعة الرازي6 وهو في النزع، فقلت لأبي حاتم: تعالَ حتى نلقنه الشهادة، فقال أبو حاتم: إني لأستحيي من أبي زرعة أن ألقنه الشهادة؛ ولكن تعالَ نتذاكر الحديث، فلعله إذا سمعه يقول، فبدأت فقلت:

1 هو أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي المري المقدسي ثم القاهري، برهان الدين المعروف بابن أبي شريف: فقيه من أعيان الشافعية، ولد ونشأ بالقدس، وأكمل دروسه بالقاهرة، وأصبح المعول عليه في الفتوى بالديار المصرية، وولي قضاء مصر سنة 906هـ، ولم يكمل السنة، وكان يعيش من مصبنة له بالقدس، وتوفي بالقاهرة في أيام الخليفة المتوكل على الله العباسي فصلى عليه سنة 923هـ. القبس الحاوي 1/ 83، والكواكب السائرة 1/ 102، والأعلام 1/ 66.

2 هو أبو زكريا القبابي، يحيى بن يحيى بن أحمد المحيوي: واعظ، من فقهاء الشافعية، ولد في القباب، بشرقية مصر، وتفقه وأفتى، وانتقل إلى دمشق، فاشتهر، وناب في القضاء والتدريس، وكف بصره في أواخر عمره، وتوفي في دمشق سنة 840هـ. الضوء اللامع 10/ 263، والذيل التام 1/ 595.

3 هو أبو الحسن برهان الدين، إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي البقاعي: مؤرخ أديب، أصله من البقاع في سورية، وسكن دمشق، ورحل إلى بيت المقدس والقاهرة، وتوفي في دمشق سنة 885هـ، له مصنفات كثيرة ومفيدة. الذيل التام 2/ 332، ونظم العقيان ص24.

4 هو أبو عبد الله، محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله بن وارة الرازي: كان حافظا متقنا، مكثرا، أمينا، صدوقا، فهما، وهو من أهل الري، وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق ثقة، وجدت أبا زرعة قد كتب عنه، وكان أبو زرعة يبجله ويكرمه، وقال الطحاوي: ثلاثة من علماء الزمان بالحديث اتفقوا بالري، لم يكن في الأرض في وقتهم مثلهم: أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن وارة، مات بالري سنة 270هـ. الأنساب 5/ 463، والسير 13/ 28، وتهذيب التهذيب 9/ 451.

5 هو أبو حاتم الرازي: محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي: حافظ متقن للحديث، من أقران البخاري ومسلم، ولد في الري، وإليها نسبته، وتنقل في البلاد، وتوفي في بغداد سنة 277هـ. تاريخ بغداد 2/ 73، وتهذيب التهذيب 9/ 31.

6 هو أبو زرعة الرازي، عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي بالولاء: من كبار حفاظ الحديث، الأئمة، من أهل الري، زار بغداد، وحدث بها، وجالس أحمد بن حنبل، كان يحفظ مائة ألف حديث، توفي بالري سنة 264هـ. تاريخ بغداد 10/ 326، تهذيب التهذيب 7/ 30.

ص: 281

حدثنا أبو عاصم النبيل1 ثنا عبد الحميد بن جعفر2 فأرتج عليَّ الحديث حتى كأني لم أسمعه ولا قرأته، فبدأ أبو حاتم فقال: حدثنا محمد بن بشار3 ثنا أبو عاصم النبيل عن عبد الحميد بن جعفر فأرتج عليه حتى كأنه ما قرأه ولا سمعه، فبدأ أو زرعة رضي الله عنه فقال: حدثني محمد بن بشار ثنا أبو عاصم النبيل ثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي عريب4 عن كثير بن مرة5 عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، وخرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول دخل الجنة" 6، وذلك في سنة اثنتين وستين ومائتين.

وبسنده المذكور إلى أحمد بن محمد أبي العباس الرازي قال: رأيت أبا زرعة -يعني الرازي رضي الله عنه في المنام فقلت: يا أبا زرعة، ما فعل الله بك؟ قال:

1 هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني، بالولاء، البصري، المعروف بالنبيل: شيخ حفاظ الحديث في عصره، ولد بمكة، وتحول إلى البصرة، فسكنها وتوفي بها سنة 212هـ. السير 9/ 480، والتهذيب 4/ 450.

2 هو أبو الفضل، عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري الأوسي: حافظ محدث ثقة، ولكن كان سفيان الثوري يضعفه من أجل القدر، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وذكر ابن حبان في "ثقاته" وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، مات بالمدينة سنة 153هـ، وهو ابن سبعين سنة. تهذيب التهذيب 2/ 473.

3 هو أبو بكر المعروف ببُنْدار، محمد بن بشار بن عثمان العبدي، البصري: من حفاظ الحديث الثقات، لم يخرج من البصرة أكثر عمره برا بأمه، قال أبو داود: كتبت عن بندار نحوا من خمسين ألف حديث، وقال العجلي: ثقة كثير الحديث، توفي في سنة 252هـ. تاريخ بغداد 2/ 101، وتهذيب التهذيب 9/ 70، وانظر تاج العروس "بندر" والسبب في تلقيبه ببندار.

4 هو صالح بن أبي عريب، واسمه قُليب بن حرمل بن كليب الحضرمي: محدث ثقة، ذكره ابن حبان في "ثقاته". تهذيب التهذيب 2/ 197.

5 هو أبو شجرة، ويقال: أبو القاسم الحمصي الشامي، كثير بن مرة الحضرمي الرهاوي: محدث، ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام، وقال: كان ثقة، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وكان قد أدرك سبعين بدريا، أدرك خلافة عبد الملك بن مَرْوَان. السير 4/ 46، والتهذيب 8/ 428.

6 فتح الباري 3/ 109.

ص: 282

لقيت ربي عز وجل فقال: يا أبا زرعة، إني أوتى بالطفل فآمر به إلى الجنة، فكيف من حفظ السنن على عبادي، تبوأ من الجنة حيث شئت، قال: ورأيت أبا زرعة مرة أخرى في المنام كأنه يصلي في السماء الرابعة بالملائكة فقلت: يا أبا زرعة، بم نلت أن تصلي بالملائكة؟ قال: برفع اليدين1، وبه إلى الحافظ عبد الغني2 بسنده إلى سفيان الثوري رضي الله عنه وقد رآه قبيصة3 في المنام فقال له قبيصة: ما فعل الله بك؟ فقال "من الطويل":

نظرت إلى ربي عِيَانًا فقال لي

هنيئا رضائي عنك يابن سعيد4

لقد كنت قواما إذا أظلم الدجى

بعبرة مشتاق وقلب عميد

فدونك فاختر أي قصر تريده

وزرني فإني عنك غير بعيد

وبسند المصنف من شيخه شيخ الإسلام أبي يحيى الأنصاري، والعلامة المحقق أبي إسحاق المقدسي5 بسند كل منهما إلى شيخ الإسلام أبي

1 طبقات الحنابلة 1/ 201.

2 هو أبو محمد، عبد الغني بن سعيد، من الأزد: شيخ حفاظ الحديث بمصر في عصره، كان عالما بالأنساب متفننا، مولده ووفاته في القاهرة، خاف على نفسه في أيام الحاكم الفاطمي، فاستتر مدة ثم ظهر، توفي سنة 409هـ. السير 17/ 268، وطبقات الحفاظ 1/ 412، والأعلام 4/ 33.

3 هو أبو العلاء الكوفي، قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي: تابعي جليل من نبلاء التابعين، من رجال الحديث، الفصحاء، الفقهاء، يعد في الطبقة الأولى من فقهاء أهل الكوفة بعد الصحابة، وهو أخو معاوية بن سفيان من الرضاعة، شهد مع علي الجمل، توفي في سنة 69هـ. تهذيب التهذيب 8/ 344.

4 إعانة الطالبين 1/ 268.

5 لم يتوجه لنا من هو، ولعله إبراهيم بن أحمد بن المحب عبد الله بن أحمد أبو إسحاق المقدسي، المترجم له في الدرر الكامنة 1/ 9 "ترجمة رقم 11".

ص: 283

الحسن1 السبكي بسنده وسند ابنه إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمجلسين، أحد المجلسين يدعون الله تعالى ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون العلم ويعلمونه فقال:"كلا المجلسين خير وأحدهما أفضل من الآخر، أما هؤلاء فيتعلمون ويعلمون الجاهل فهم أفضل، وأما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه إن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وإنما بعثت معلما"، ثم جلس معهم2.

قال ابن السبكي: لا أعرف حديثا اجتمع فيه رواية الأبناء عن الآباء بعدد ما اجتمع في هذا، إلا ما أخبرنا به أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن بن نباتة الفارقي المصري3 المحدث بقراءتي عليه بسنده المجرد عن الأبناء والآباء إلى رزق الله بن عبد الوهاب التميمي4 إملاء، سمعت أبي أبا الفرج عبد الوهاب5 يقول: سمعت أبي أبا الحسن عبد العزيز6 يقول: سمعت أبي أبا

1 هو علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي الأنصاري، الخزرجي، تقي الدين: شيخ الإسلام في عصره، وأحد الحفاظ المفسرين المناظرين، وهو والد التاج السبكي "صاحب الطبقات" ولد في سبك، من أعمال المنوفية بمصر، وانتقل إلى القاهرة، ثم إلى الشام، وولي قضاء الشام، واعتل فعاد إلى القاهرة، فتوفي فيها سنة 756هـ، له مصنفات كثيرة، أكثرها ما زال مخطوطا، واستوفى ابنه "تاج الدين" أسماء كتبه، وأورد ما قاله العلماء في وصف أخلاقه، وسعة علمه. طبقات السبكي 10/ 139، وغاية النهاية 1/ 551، والدرر الكامنة 3/ 134.

2 مسند البزار 6/ 428.

3 هو أبو بكر، محمد بن محمد بن محمد الجذامي الفارقي المصري، جمال الدين، ابن نباتة: شاعر عصره، وأحد الكتاب المترسلين العلماء بالأدب، أصله من ميافارقين، وسكن الشام، وولي نظارة "القمامة" بالقدس أيام زيارة النصارى لها، فكان يتوجه إليها فيباشر ذلك ثم يعود، ورجع إلى القاهرة، فكان بها صاحب سر السلطان الناصر حسن، مولده ووفاته في القاهرة سنة 768هـ. الدرر الكامنة 4/ 339، والنجوم الزاهرة 11/ 95.

4 أبو محمد التميمي، رزق الله بن عبد الوهاب بن العزيز: فقيه حنبلي واعظ، من أهل بغداد، كان كبيرها وجليلها، قال العليمي: كان شيخ أهل العراق في زمانه، توفي في سنة 488هـ. العبر 3/ 104، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 77.

5 هو أبو الفرج التميمي، عبد الوهاب بن عبد العزيز: فقيه حنبلي، واعظ، جلس بعد أخيه أبي الفضل للفتوى والوعظ، وتوفي في سنة 425هـ. تاريخ بغداد 11/ 32، طبقات أبي يعلى 2/ 240.

6 هو أبو الحسن التميمي، عبد العزيز بن الحارث بن أسد: فقيه حنبلي، له اطلاع على مسائل الخلاف، وصنف في الأصول والفروع والفرائض، قال ابن الجوزي:"وقد تعصب عليه الخطيب -يعني صاحب تاريخ بغداد- وهذا شأنه في أصحاب أحمد" توفي في سنة 371هـ. تاريخ بغداد 10/ 461، والنجوم الزاهرة 4/ 140، وطبقات أبي يعلى 2/ 179.

ص: 284

بكر الحارث1 يقول: سمعت "أبي أسدا، يقول: سمعت أبي الليث، يقول2: سمعت" أبي سليمان، يقول: سمعت أبي الأسود3، يقول: سمعت أبي سفيان يقول: سمعت أبي يزيد يقول: سمعت أبي أُكينة4 يقول: سمعت أبي الهيثم يقول: سمعت أبي عبد الله5 يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما اجتمع قوم على ذكر الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة 6 ".

قال المصنف: أخبرنا شيخ الإسلام، قاضي القضاة، زين الدين أبو

1 في الأصل: "سمعت أبي أبا بكر بن الحارث" وهو وهم؛ لأن اسمه: الحارث بن أسد، أبو بكر، وانظر سند هذا الحديث كاملا في اقتضاء العلم العمل 35-36.

2 زيادة من مصادر تخريج الحديث.

3 في الأصل: "سمعت أبي أبا الأسود" وهو وهم.

4 في الأصل: "أكتمتة" وهو وهم، قال ابن حجر في الإصابة 1/ 260:"أكينة: جد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، قال ابن ماكولا: قال لي رزق الله: إن لجده أكينة صحبة، وحدث ابن ماكولا أيضا عن رزق الله: أن جده عبد الله قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه عبد اللات، فسماه عبد الله، وهو رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن عبد الله التميمي".

5 قال ابن حجر في الإصابة 5/ 79: "عبد الله التميمي: له إدراك". ذكر البخاري في "تاريخه" من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله التميمي، قال: بعث عمر بن الخطاب عمار بن ياسر أميرا علينا، ونحن بالمدائن.

6 مسلم 4/ 2074، وسنن ابن ماجه 1/ 82، ومصنف ابن أبي شيبة 6/ 60، ومسند أحمد 3/ 94، وتدريب الراوي 2/ 261، والترغيب والترهيب 1/ 51، والإصابة 1/ 109، وانظر طبقات الشافعية الكبرى 9/ 283-284، ونفح الطيب 2/ 575، وقد صرح بإن القائل هو أبو حيان، وليس كما جاء هنا، بأنه ابن السبكي، وكما نص عليه في طبقاته، وانظر أيضا الإصابة 1/ 260، 261.

وقال ابن حجر أيضا:

وقد أخرج الخطيب عن عبد الوهاب والد رزق الله، عن آبائه حديثا ينتهي إلى أكينة المذكور؛ قال: سمعت علي بن أبي طالب، فذكر أثرا ولم يقع يزيد في النسب الذي ساقه الخطيب، وكذلك أورده ابن الصلاح في علوم الحديث، ونص الخطيب على أنهم تسعة آباء، ولا يصح ذلك إلا بإثبات يزيد، وقد ساق ابن ماكولا نسب أكينة فقال: ابن يزيد بن الهيثم بن عبد الله بن الحارث بن كلدة بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. =

ص: 285

يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، تغمده الله برحمته إجازة، قال: أخبرنا العز أبو محمد الحنفي1 إذنا عن الصلاح بن أبي عمر2 وغيره عن الفخر بن البخاري3 عن فضل الله بن أبي سعد النوقاني4 عن الإمام أبي محمد البغوي5، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي6 أنا

= ورويناه في المجلس الذي أملاه رزق الله التميمي بأصبهان قال: سمعت أبي عبد الوهاب يقول: سمعت أبي أبا الحسن عبد العزيز يقول: سمعت أبي أبا بكر الحارث يقول: سمعت أبي أسدا يقول: سمعت أبي سليمان يقول: سمعت أبي الأسود يقول: سمعت أبي سفيان يقول: سمعت أبي يزيد يقول: سمعت أبي أكينة يقول: سمعت أبي الهيثم يقول: سمعت أبي عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما اجتمع قوم على ذكر إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة".

قال الذهبي: أكثر آبائه لا ذكر لهم في تاريخ ولا في أسماء الرجال، وقد سقط من هذا الإسناد الليث والد أسد، وقد أثبته الخطيب في تاريخه لما ترجم عبد العزيز.

قلت: ولكنه لم يقع عند ذكر الهيثم، وقاله شيخ شيوخنا الحافظ العلائي في الوشي المعلم.

1 هو أبو محمد، عبد الرحيم بن علي بن الحسين بن الفرات، الإمام عز الدين: أفتى، ودرس، وجمع، وناب في الحكم، مات 22 من ذي الحجة سنة 741هـ في القاهرة ودفن بالقرافة. الدرر الكامنة 2/ 468، والنجوم الزاهرة 9/ 326، والجواهر المضية في طبقات الحنفية 2/ 414.

2 هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي عمر محمد بن أحمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الصالحي الحنبلي، صلاح الدين، توفي سنة 780هـ. إنباء الغمر 1/ 186، والنجوم الزاهرة 11/ 195، وشذرات الذهب 6/ 267-268.

3 هو أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبد الواحد السعدي المقدسي، الصالحي الحنبلي، فخر الدين، المعروف بابن البخاري "عرف بابن البخاري لأن أباه أقام ببخارى مدة يشتغل بالخلاف على الرضي النيسابوري" علامة بالحديث، نعته الذهبي بمسند الدنيا.

أجاز له ابن الجوزي وكثيرون، قال ابن تيمية: ينشرح صدري إذا أدخلني ابن البخاري بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث، حدث نحو من ستين سنة ببلاد كثيرة، توفي بدمشق سنة 690هـ. الأعلام 4/ 257.

4 هو أبو المكارم، فضل الله بن محمد بن أحمد النوقاني الشافعي، الشيخ الإمام الفقيه العلامة، توفي في سنة 600هـ في نوقان "ونَوْقان بالفتح، وهي مدينة صغيرة هي قصبة طوس". بالسير 21/ 413.

5 هو الحسين بن مسعود بن محمد الفراء، أو ابن الفراء، أبو محمد، ويلقب بمحيي السنة، البغوي: فقيه، محدث، مفسر، نسبته إلى "بغا" من قرى خراسان، بين هراة ومرو، له مصنفات كثيرة، توفي بمرو والروذ سنة 510هـ. ابن خلكان 2/ 136، والسير 19/ 439، وطبقات الشافعية 7/ 75.

6 هو أبو سعيد، أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي.

ص: 286

أبو إسحاق الثعلبي1 أخبرني ابن فَنْجَوَيه2 ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان3 ثنا إبراهيم بن سهلويه4 ثنا علي بن محمد الطنافسي5 ثنا وكيع عن ثابت بن أبي صفيه6 عن الأصبغ بن نباتة7 عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: من

1 هو أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق: مفسر، من أهل نيسابور، له اشتغال بالتاريخ، من كتبه: عرائس المجالس، المطبوع باسم: قصص الأنبياء، والكشف والبيان في تفسير القرآن، ويعرف بتفسير الثعلبي، وما زال مخطوطا "وقد طبع مؤخرا في بيروت، في عشرة مجلدات" توفي في سنة 427هـ. إنباه الرواة 1/ 119، والأعلام 1/ 212.

2 هو أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن صالح بن شعيب فنجويه، الثقفي الدينوري، الشيخ الإمام، المحدث المفيد، كان ثقة صدوقا، كثير الرواية للمناكير، حسن الخط، كثير التصانيف، مات في نيسابور سنة 414هـ. السير 17/ 383، وتبصير المنتبه 3/ 1084.

3 هو أبو بكر القطيعي، أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك: عالم بالحديث، كان مسند العراق في عصره، من أهل بغداد، نسبته إلى "قطيعة الدقيق" فيها، له "القطيعيات" خمسة أجزاء في الحديث، توفي في سنة 368هـ. الأنساب 4/ 507، والأعلام 1/ 107.

4 لم نجد ترجمته، وعثرنا على ترجمة حفيده "أبو القاسم الفضل بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن سهلويه الشرابي الخوزباني" تكملة الإكمال 2/ 187، وفي الطيوريات 444:"إبراهيم بن سهلويه الدينوري"، وفي تهذيب الكمال 21/ 121 روي عن علي بن محمد بن إسحاق بن أبي شداد:"إبراهيم بن سهلويه المعدل"، وانظر أيضا 23/ 402 من تهذيب الكمال.

5 هو أبو الحسن الطنافسي، علي بن محمد بن إسحاق بن أبي شداد الكوفي، مولى آل الخطاب: محدث، ثقة، سكن الري وقزوين، قال أبو حاتم: كان ثقة صدوقا، وقال الخليلي: إمام هو وأخوه الحسن بقزوين، ولهما محل عظيم، وارتحل إليهما الكبار، وقد ذكره ابن حبان في ثقاته، توفي في سنة 233هـ. تهذيب التهذيب 3/ 190، والسير 11/ 459.

6 هو أبو حمزة، ثابت بن أبي صفية دينار الثمالي الأزدي الكوفي: محدث ضعيف، واهي الحديث، ليس بثقة، كان شيعيا رافضيا، يؤمن بالرجعة، قال ابن حبان: كان كثير الوهم في الأخبار حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد، مع غلوه في تشيعه، وقال أبو حاتم: لين الحديث، يكتب حديثه، ولا يحتج به، توفي في سنة 148هـ. الضعفاء للعقيلي 1/ 172، والمجروحين لابن حيان 1/ 206، وتهذيب التهذيب 1/ 264.

7 هو أبو القاسم الكوفي، أصبغ بن نباتة التميمي: محدث، لين الحديث، كوفي تابعي، كان شيعيا رافضيا، يقول بالرحمة، فتن بحب علي فأتى بالطامات، فاستحق الترك، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه عن علي لا يتابعه أحد عليه، وهو بين الضعف، وقال ابن سعد: كان شيعيا، وكان يضعف في روايته، وكان على شرطة علي، وقال البزار: أكثر أحاديثه عن علي لا يرويها غيره. تهذيب التهذيب 1/ 183.

ص: 287

أحب1 أن يكتال له بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه من مجلسه {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180-182] .

قال مصنفه نفع الله بعلمه، وأيده بحلمه: هذا آخر ما تيسر تعليقه من هذا الكتاب، نفع الله به المسلمين ببركة الكريم الوهاب، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، واختم لنا منك بخير، وأصلح لنا شأننا كله، وافعل ذلك بإخواننا وأحبابنا وسائر المسلمين.

علقه مختصرا لنفسه، ثم لمن شاء الله من بعده، المفتقر إلى رحمة ربه القوي، عبد الباسط بن موسى العلموي، ثم الموقت الواعظ بالجامع الأموي، لطف الله به بجاه النبي المصطفوي.

1 انظر تفسير القرطبي 15/ 136، وابن كثير 4/ 27 وتفسير الماوردي 5/ 74، وتفسير البغوي 4/ 46، وقال القرطبي:"ذكره الثعلبي من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا" وقال ابن كثير: "وقد وردت أحاديث في كفارة المجلس: "سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب وإليك". وقد أفردت لها جزءا على حدة إن شاء الله تعالى"، وانظر أيضا الدر المنثور 5/ 554، وشعب الإيمان 2/ 189، وحلية الأولياء 7/ 123.

ص: 288