المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه - العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

[العلموي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مدخل

- ‌مقدمة التحقيق:

- ‌مصادر ترجمة المؤلف بدر الدين الغزي:

- ‌مصادر ترجمة صاحب المختصر عبد الباسط العلموي:

- ‌ترجمة مؤلف المختصر:

- ‌العلموي وكتابه التلخيصي:

- ‌تحليل كتاب "المعيد" للعلموي:

- ‌وصف النسخة المخطوطة:

- ‌النص المحقق:

- ‌المقدمة: في الأمر بالإخلاص والصدق وإحضار النية:

- ‌الباب الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم على ما تقدم في ترتيبه

- ‌الفصل الأول: في فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه

- ‌الفصل الثاني: في تحذير مَن أراد بعلمه غير الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: في تحذير مَن آذى أو انتقص عالما

- ‌الفصل الأول: في أقسام العلم الشرعي وهي ثلاثة: تفسير، وحديث، وفقه

- ‌الباب الثالث: في آداب المعلم والمتعلم

- ‌النوع الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في جلس الدرس

- ‌القسم الأول: آدابهما في نفسهما وآدابهما في مجلس الدرس

- ‌القسم الثاني: آدابهما في درسهما واشتغالهما

- ‌النوع الثاني: آداب يختص بها المعلم وقد يشاركه في بعضها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه وتقدم منها جملة في الآداب المشتركة

- ‌القسم الثاني: آداب المعلم مع طلبته

- ‌القسم الثالث: آدابه في درسه

- ‌النوع الثالث: آداب يختص بها المتعلم

- ‌القسم الأول: آدابه في نفسه

- ‌القسم الثاني: آدابه مع شيخه وقدوته وما يجب عليه من تعظيم حرمته

- ‌الباب الرابع: في أدب المفتي والفتوى والمستفتي

- ‌مدخل

- ‌النوع الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ:

- ‌الفصل الثاني: في تقسيم المفتين

- ‌النوع الثاني: في أحكام المفتي وآدابه

- ‌النوع الثالث: في آداب الفتوى:

- ‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه

- ‌الباب الخامس: في شروط المناظرة وآدابها وآفاتها

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: في بيان شروط المناظرة

- ‌الفصل الثاني: في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌مناظرة بين الشافعي ومالك رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بين الشافعي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما

- ‌مناظرة بينهما أيضا وهي مشهورة

- ‌مناظرة بينهما أيضا

- ‌مناظرة بين الشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما

- ‌مناظرة جرت بحرة الشافعي رضي الله عنه

- ‌مناظرة جرت بحضرة الشافعي وأقام هو الحجة فيها:

- ‌مناظرة بين أبي العباس أحمد بن سريج وأبي بكر محمد بن داود رحمهم الله

- ‌مناظرة بينهما أيضا في الأصلح والتعليل

- ‌ في الأدب مع الكتب التي هي آله العلم

- ‌الخاتمة:

- ‌الفهارس العامة:

- ‌ فهرس الآيات القرآنية:

- ‌ فهرس الأحاديث النبوية:

- ‌ فهرس الأعلام والأقوام والجماعات:

- ‌ فهرس الكتب المذكورة في متن الكتاب:

- ‌ فهرس الأشعار والأرجاز:

- ‌ فهرس المصادر والمراجع:

- ‌ فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه

‌النوع الرابع: آداب المستفتي وصفته وأحكامه

وفيه مسائل 1:

إحداها: في صفة المستفتي2، كل من لم يبلغ درجة المفتي فيما يسأل عنه من الأحكام الشرعية، فهو مستفتٍ مقلد من يفتيه، والمختار في التقليد أنه قبول قول من يجوز عليه الإصرار على الخطأ بغير حجة على عين ما قبل قوله، ويجب على الاستفتاء إذا نزلت به حادثة، فإن لم يجد ببلده من يستفتيه وجب عليه الرحيل إلى من يفتيه وإن بعدت داره، وقد رحل خلائق من السلف في المسألة الواحدة الليالي والأيام3.

والثانية4: يلزم المستفتي أن يستفتي من عرف علمه وعدالته، فإن جهلت فالأصح الاكتفاء بستارته، ولو جهل علم لزمه البحث عنه، ولا يجوز له استفتاء من انتسب للعلم وانتصب للتدريس والإقراء، وإذا وجب البحث فهل يفتقر إلى عدد التواتر أم يكفي عدل أو عدلان احتمالان صحح الغزالي الثاني، والذي قاله الأصحاب أنه يجوز استفتاء من استفاضت أهليته، وإذا اجتمع اثنان فأكثر ممن يجوز استفتاؤهم فله استفتاء من شاء منهم على الصحيح، قال أبو عمرو بن الصلاح: متى اطلع على الأوثق فالأظهر أنه يلزمه تقليده، كما يجب تقديم أرجح الدليلين وأوثق الراويين، فعلى هذا يلزمه تقليد أورع العالمين، وأعلم الورعين، فإن جهل حالهم تخير، والأصح جواز تقليد الميت مطلقا،

1 كتاب العلم للنووي ص144.

2 كتاب العلم للنووي ص144.

3 كتاب العلم للنووي ص144.

4 كتاب العلم للنووي ص144.

ص: 209

لأن المذهب لا تموت بموت أصحابها؛ ولهذا يعتد بها بعدهم في الإجماع والخلاف، ولأن موت الشاهد قبل الحكم لا يمنع الحكم بشهادته بخلاف فسقه.

الثالثة1: هل يجوز للعامي أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء ليأخذ برخصه وعزائمه؟ قال الشيخ أبو إسحاق: ينظر إن كان منتسبا إلى مذهب معين بُني على أن العامي له مذهب أم لا وجهان، أصحهما عند القفال نعم فلا يجوز مخالفته، والثاني لا لأن المذهب لعارف الأدلة، فيجوز أن يستفتي من شاء من شافعي وحنفي وغيرهما، قال شيخ الإسلام النووي2 وغيره: ليس له أن يتبع أي مذهب شاء بمجرد التشهي والميل إلى ما وجد عليه آباءه، أي ونحوهم كأهل بلده، وليس له التمذهب بمذهب أحد من أئمة الصحابة وغيرهم من الأولين وإن كانوا أعلم وأعلا درجة ممن بعدهم؛ لأنهم لم يتفرغوا لتدوين العلم وضبط أصوله وفروعه لاشتغالهم بجهاد الكفار لإعلاء كلمة الإسلام، فليس لأحد منهم مذهب3 محرر، وإنما قام بذلك من جاء بعدهم من الأئمة الناخلين المهذبين لمذاهب الصحابة والتابعين، والقائمين بتمهيد أحكام الوقائع قبل وقوعها، الناهضين بإيضاح أصولها وفروعها كمالك وأبي حنيفة وغيرهما، ولما كان الشافعي4 قد تأخر عن هؤلاء الأئمة في العصر، ونظر في مذاهبهم ومذاهب من قبلهم نحو نظرهم في مذاهب من قبلهم، فسبرها وخبرها وانتقدها واختار راجحها، ووجد من قبله قد كفاه مؤنة التصوير والتأصيل فتفرع للاختيار والترجيح والتكميل والتنقيح، مع كمال معرفته وبراعته في العلوم وترجحه في

1 كتاب العلم للنووي ص145، وكشاف القناع 6/ 305، وحاشية ابن عابدين 4/ 80، واللمع في أصول الفقه 1/ 126، والإبهاج 2/ 303، وطبقات الشافعية 2/ 288.

2 وذلك في كتابه العلم وآداب العالم والمتعلم ص146.

3 كتاب العلم للنووي ص146.

4 كتاب العلم للنووي ص146.

ص: 210

ذلك على من سبقه، ثم لم يوجد بعده من بلغ محله في ذلك، فكان مذهبه أولى المذاهب بالاتباع والتقليد1، وهذا مع ما فيه رضي الله عنه من الإنصاف والسلامة من القدح في أحد الأئمة، فمذهبه جلي واضح، إذا تأمله العامي وغيره منصفا قاده إلى اختيار مذهب الشافعي والتمذهب به2. انتهى ما قالوه.

وقولهم رحمهم الله: ثم لم يوجد بعده من بلغ محله في ذلك مما لا يمتري فيه ولا يماري فيه المنصف، وهذا ومن قواعده: إذا صح الحديث فهو مذهبي3، وفي رواية: فاضربوا بقولي الحائط4، وفي رواية عنه: إذا رأيتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثبت فاضربوا على قولي وارجعوا إلى الحديث وخذوا به فإنه قولي، وليست هذه القاعدة لأحد غيره، أما الحنفية والمالكية فلا يخرجون عن أقوال إمامهم ونُقُول أصحابهم قيد شبر، وأما الحنابلة فإنهم وإن أخذ مجتهد وهم كما ذكروا بأصح الأدلة فهم مقيدون برواية عن إمامهم توافقه، وإلا فلا يعدون ذلك من المذهب، بل اختيار من ذلك المجتهد، وأما الشافعي رضي الله عنه فيترك نصه الصريح لصحة الحديث، ويكون ما صح فيه الحديث مذهبه لقاعدته المقررة، وناهيك بها وحدها، ومن أشهر الأئمة بعده الإمام داود الظاهري والإمام أحمد رضي الله عنهما وهما من أتباعه وتلامذته بلا شك، وهما لم يصحبا الشافعي في مصر حين اتسع علمه وألف الكتب الجديدة التي هي مذهبه الآن، وإنما أخذا عنه الكتب القديمة، والإمام أحمد هو أحد رواة كتابه القديم المسمى بالحجة5، فهما لم ينظرا إلا في الكتب القديمة مع حسن اعتقادهما

1 كتاب العلم للنووي ص146.

2 كتاب العلم للنووي ص146-147.

3 حاشية البجيرمي 1/ 412، حواشي الشرواني 1/ 54، 3/ 185، وفتح الوهاب 2/ 192، المجموع 1/ 136، عون المعبود 2/ 309.

4 حواشي الشرواني 3/ 377، عون المعبود 2/ 57، تحفة الأحوذي 1/ 456، إيقاظ الهمم 1/ 98.

5 الحجة للإمام الشافعي رضي الله عنه وهو مجلد ضخم ألفه بالعراق، وإذا أطلق القديم في مذهبه يراد به هذا التصنيف. انظر كشف الظنون 1/ 631، 632.

ص: 211

للشافعي، ونحن نجد أكثر الأقوال القديمة موافقة قول الإمام أحمد، هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم:"قدموا قريشا"، وفي رواية:"ولا تَقْدُمُوها" 1، والشافعي من أشرف قريش من بني المطلب2، وقال صلى الله عليه وسلم:"أما بنو هاشم وبنو المطلب فشيء واحد" وشبك بين أصابعه3، وسوى صلى الله عليه وسلم بينهما في التقديم في الغنيمة وفي سهم وذي القربى دون غيرهم من بني عمهم مع سؤالهم له، وقال صلى الله عليه وسلم:"الأئمة من قريش" 4 وقال صلى الله عليه وسلم: "الناس تبع لقريش في الخير والشر" 5، وفضل قريش على غيرهم مجمع عليه، وصح حديث:"عالم قريش يملأ الأرض علما" 6، وحديث:"يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها" 7، وفي لفظ آخر:"يبعث الله في رأس كل مائة سنة رجلا من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم" 8، وممن ذكره الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وقال عقيبه9: نظرت في سنة مائة فإذا هو رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد

1 فتح الباري 13/ 118-119، ومغني المحتاج 3/ 166، وتلخيص الحبير 3/ 103.

2 انظر سير أعلام النبلاء 10/ 5.

3 سنن البيهقي الكبرى 6/ 341-365، ونصب الراية 3/ 425، والمهذب للشيرازي 2/ 247، ونيل الأوطار 8/ 228.

4 فتح الباري 6/ 530، وسنن البيهقي الكبرى 8/ 141 و143، والسنن الكبرى 3/ 467، وتلخيص الحبير 4/ 42.

5 السيل الجرار 4/ 506.

6 عون المعبود 11/ 261، وفيض القدير 2/ 105، وطبقات الشافعية الكبرى 1/ 199، وتهذيب الأسماء 1/ 73، وكشف الخفاء 2/ 68 و69.

7 سنن أبي داود 4/ 109، والمعجم الأوسط 6/ 324، والفردوس بمأثور الخطاب 1/ 148، وكشف الخفاء 1/ 282، وطبقات السبكي 1/ 199، وفتح الباري 13/ 295، وفيض القدير 2/ 281، وصفوة الصفوة 2/ 113.

8 عون المعبود 11/ 261، وحلية الأولياء 9/ 97، وطبقات الشافعية الكبرى 1/ 199-200.

9 تصحفت في المخطوط والمطبوع إلى "عقبة" وهو وهم من الناسخ، والصواب ما أثبتناه، انظر طبقات الشافعية الكبرى 1/ 200.

ص: 212

العزيز1، ونظرت في رأس المائة الثانية فإذا هو رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن إدريس الشافعي2، وهذا ثابت عن الإمام أحمد سقى الله عهده3، ومن كلامه: إذا سئلت عن مسألة لا أعلم فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي؛ لأنه عالم قريش4، وذكر الحديث وتأوله عليه، وهو رضي الله عنه المتميز في الاستنباط من الكتاب والسنة ومعرفة الناسخ والمنسوخ وغير ذلك من أحكام القرآن وغيره، وأول من صنف في أصول الفقه قطعا، واشتغل في العربية عشرين سنة مع أنه عربي اللسان من أفصح العرب وأبلغها، ويُحتج بقوله كما يحتج بقول امرئ القيس5 والنابغة6 وغيرهما، واجتمع فيه شرف النسب، وشرف المولد، وشرف المنشأ، وشرف المحل7، رضي الله عنه وأرضاه وحشرنا في زمرته آمين.

1 هو أبو حفص، عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي القرشي: الخليفة الصالح، والملك العادل، وربما قيل له: خامس الخلفاء الراشدين تشبيها له بهم، ولد ونشأ بالمدينة، مات مسموما بدير سمعان من أرض معرة النعمان سنة 101هـ. السير 5/ 114.

2 عون المعبود 11/ 261، وحلية الأولياء 9/ 97.

3 عون المعبود 11/ 261، وحلية الأولياء.

4 عون المعبود 11/ 261، وكشف الخفاء 2/ 96، وسير أعلام النبلاء 10/ 82.

5 هو امرؤ القيس به حجر بن الحارث الكندي: أشهر شعراء العرب على الإطلاق وهو من أصحاب المعلقات، القصائد الجاهلية المشهورة، وكان أبوه ملك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل الشاعر، ويعرف بالملك الضليل، وذي القزوح، وكتب الأدب مشحونة بأخباره، مات في أنقرة سنة 80 ق. هـ.

6 هو أبو أمامة، زياد بن معاوية الذبياني الغطفاني: شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، وهو أحد الأشراف في الجاهلية، وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، وعاش عمرا طويلا، وتوفي في سنة 18 ق. هـ.

7 انظر فضائله ومناقبه:

1-

مناقب الشافعي للبيهقي.

2-

مناقب الشافعي للرازي.

3-

توالي التأسيس لمعالي ابن إدريس.

4-

حاشية المراجع المثبتة في مقدمة ترجمته في سير أعلام النبلاء 10/ 5.

ص: 213

الرابعة1: حيث دونت المذاهب وقلنا بلزوم التقليد لمن يعتقده أفضل من غيره، أو مساويا له لا مفضولا، فهل للمقلد أن ينتقل من مذهب إلى مذهب إن قلنا بالتخير ينبغي أن يجوز كما لو قلد في القبلة هذا أياما، وهذا أياما، وكذلك لو لم نخيره، بل ألزمناه بالبحث وتغير ظنه، ولو قلد مجتهدا في مسائل وآخر في مسائل أخرى، واستوى المجتهدان عنده أو خيرناه جاز ما لم يؤد إلى تتبع الرخص، ومنع الأصوليون منه مطلقا للمصلحة، أما تتبع الرخص فهو أن يختار من كل مذهب ما هو أهون عليه فهو حرام، وفي فسقه بذلك خلاف.

الخامسة2: قال الخطيب البغدادي: إذا لم يكن في الموضع الذي فيه المستفتي إلا مفت واحد فأفتاه لزمه فتواه، وقال السمعاني3: لم يلزمه العمل به إلا بالتزامه، ويجوز أن يقال: يلزمه إذا أخذ في العمل به، وقيل: إذا وقع في نفسه صحته، قال السمعاني: وهذا أولى الأوجه4، قال في الروضة5: من سأل مفتيا ولم تسكن نفسه إلى فتياه هل يلزمه أن يسأل ثانيا وثالثا لسكن نفسه أم له الاقتصار على الأول وهو القياس وجهان6. انتهى.

1 كتاب العلم للنووي ص147.

2 كتاب العلم للنووي ص148.

3 هو أبو المظفر السمعاني، منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد المروزي السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي: مفسر، من العلماء بالحديث، من أهل مرو مولدا ووفاة، كان مفتي خراسان، قدمه نظام الملك على أقرانه في مرو، له "تفسير السمعاني" و"الانتصار لأصحاب الحديث" و"القواطع" في أصول الفقه، "والمنهاج لأهل السنة" و"الاصطلام" في الرد على أبي زيد الدبوسي، وهو جد السمعاني صاحب "الأنساب" عبد الكريم بن محمد، توفي سنة 489هـ. السير 19/ 114، والأعلام 7/ 303.

4 كتاب العلم للنووي ص148.

5 روضة الطالبين وعمدة المتقين لأبي زكريا النووي، وهو في الفقه الشافعي، طبع في بيروت في المكتب الإسلامي سنة 1405هـ.

6 روضة الطالبين 11/ 104 و105 و117.

ص: 214

وإذا استفتي فأجيب ثم حدثت تلك الواقعة مرة أخرى فهل يلزمه تجديد السؤال؟ وجهان:

أحدهما: نعم، لاحتمال تغير رأي المفتي.

والثاني: لا، قال النووي: وهو الأصح؛ لأنه قد عرف الحكم الأول، والأصل استمرار المفتي عليه.

وله أن يستفتي بنفسه، وأن يبعث ثقة يعتمد خبره أو رقعة، وله الاعتماد على خط المفتي إذا أخبره من يثق بقوله إنه خطه، أو كان يعرف خطه، ويكفي ترجمان واحد إذا لم يعرف لغته1، والله أعلم.

السادسة2: ينبغي للمستفتي أن يتأدب مع المفتي ويبجله في خطابه وجوابه، وإذا خاطبه لا يومئ بيده إلى وجهه، ولا يقل ما تحفظه في كذا؟ أو ما مذهب إمامك في كذا؟ وإذا أجابه لا يقل هكذا أنا قلت، ولا يقل إن كان جوابك موافقا لمن كتب فاكتب وإلا فلا تكتب، ولا يسأله وهو قائم أو مستوفز أو مشغول بما يمنعه من تمام الفكر، ولا يطالبه بدليل، فإن أحب أن تسكن نفسه بسماع الحجة طلبها في مجلس آخر أو في ذلك المجلس بعد قبول الفتوى مجردة، قال ابن السمعاني3: لا يمنع من طلب الدليل، وإنه يلزم المفتي أن يذكر له الدليل إن كان مقطوعا به، وإلا فلا لافتقاره إلى اجتهاد يقصر فهم العامي عنه، قال شيخ الإسلام النووي: والصواب الأول4، وينبغي أن يبدأ من المفتين بالأسن الأعلم الأولى فالأولى إن أراد جمع الأجوبة في رقعة، فإن أراد إفراد الأجوبة بدأ بمن شاء، وتكون رقعة الاستفتاء واسعة ليتمكن المفتي من استيفاء الجواب5.

1 آداب الفتوى 1/ 82.

2 كتاب العلم للنووي 149، وآداب الفتوى 1/ 83.

3 كتاب العلم للنووي ص150.

4 كتاب العلم النووي ص150.

5 كتاب العلم للنووي ص149.

ص: 215

السابعة1: ينبغي أن يكون كاتب الرقعة ممن يحسن السؤال مع إبانة الخط واللفظ وصيانتهما عما يتعرض للتصحيف، ويبين موضع السؤال، وينقط مواضع الاشتباه ويضبطها، قال الصيمري: يحرص أن يكون كاتبها من أهل العلم2، وكان بعض الفقهاء3 ممن له رياسة لا يفتي إلا في رقعة كتبها رجل بعينه من أهل العلم ببلده، ولا يدع الدعاء في الرقعة لمن يستفتيه في أولها وآخرها كقوله: ما تقول رحمك الله، أو سددك الله، أو وفقك الله، وإن جمع ضميره للتعظيم فلا بأس، وإن كانوا جماعة يقول: رحمكم الله سددكم الله وفقكم الله رضي الله عنكم، وفي آخرها أفتونا مأجورين أو مثابين، أو ولكم جزيل الأجر والثواب، ونحو ذلك، وإذا لم4 يجد صاحب الواقعة مفتيا ولا من ينقل له حكمها لا في بلده ولا في غيره، فالصحيح أنه غير مكلف فلا يؤاخذ بشيء يصنعه فيها والله أعلم، ومنه نسأل التوفيق والعصمة والهدى والرضوان والرحمة.

1 كتاب العلم للنووي ص149.

2 كتاب العلم للنووي ص149، وآداب الفتوى 1/ 85.

3 آداب الفتوى 1/ 85.

4 آداب الفتوى 1/ 86.

ص: 216