المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‌ ‌(بَابُ الْجِرَاحِ) وَجَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‌ ‌(بَابُ الْجِرَاحِ) وَجَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‌

(بَابُ الْجِرَاحِ)

وَجَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ، أَوْ مُبِينَةٌ لِلْعُضْوِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَطَرِيقُ الْمُؤَاخَذَةِ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْجِرَاحِ

كَمَا سَيَأْتِي فَالتَّرْجَمَةُ بِهِ لِكَوْنِهِ أَغْلَبَ طُرُقِ التَّفْوِيتِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجِنَايَاتِ كَانَ أَوْلَى لِيَتَنَاوَلَ التَّفْوِيتَ بِغَيْرِ الْمُحَدَّدِ أَيْضًا كَالْمُثَقَّلِ، وَالتَّجْوِيعِ، وَالسِّحْرِ، وَالْقَتْلِ الْحَرَامِ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ فَقَدْ «سُئِلَ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قِيلَ، ثُمَّ أَيُّ: قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَيَتَعَلَّقُ بِالتَّفْوِيتِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مُؤَاخَذَاتٌ دُنْيَوِيَّةٌ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَمُعْقِبٌ) أَيْ:، وَالْفِعْلُ الْمُعْقِبُ (لِتَلَفِ الْمَعْصُومِ فِي حَالَيْنِ مِنْ إصَابَةٍ وَتَلَفِ) يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَالضَّمَانَ بِمَالٍ، أَوْ الْقَوَدَ كَمَا سَيَأْتِي وَبَدَأَ بِالْكَفَّارَةِ، ثُمَّ بِضَمَانِ الْمَالِ، ثُمَّ بِالْقَوَدِ تَقْدِيمًا لِلْأَعَمِّ فَالْأَعَمِّ، وَالْعِصْمَةِ (إمَّا بِإِيمَانٍ)

ــ

[حاشية العبادي]

بَابُ الْجِرَاحِ)

(قَوْلُهُ: قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك إلَخْ) لَعَلَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا إلْغَاءُ مَا فِيهِ مِنْ الْخُصُوصِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْأَدِلَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ عَلَى بَعْضِ الْمَطْلُوبِ. (قَوْلُهُ: وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ) كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ، وَقَضِيَّتُهُ بَقَاءُ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مَعَ الْمُؤَاخَذَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ وَذَنْبِ الْإِقْدَامِ فَذَنْبُ الْإِقْدَامِ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا التَّوْبَةُ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ يَسْقُطُ بِتِلْكَ الْمُؤَاخَذَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فِي حَالَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْمَعْصُومُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ إصَابَةٍ وَتَلَفٍ بَيَانٌ لِلْحَالَيْنِ. (قَوْلُهُ: إمَّا بِإِيمَانٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

[بَابُ الْجِرَاحِ]

(قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَالضَّمَانَ إلَخْ) أَيْ مَتَى عُصِمَ حَالَتَيْ الْإِصَابَةِ، وَالتَّلَفِ إنْ عُصِمَ حَالَةَ الْفِعْلِ أَيْضًا كَالرَّمْيِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ، وَالضَّمَانُ بِالْمَالِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا سِوَى الشَّرْطِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: أَوْ الْقَوَدِ أَيْ إنْ عُصِمَ حَالَةَ الْفِعْلِ أَيْضًا وَفِي شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَوَدِ الْعِصْمَةُ، وَالْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهُ إلَى الزَّهُوقِ اهـ.

رَشِيدِيٌّ وَفِي ع ش بَعْدَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْعِصْمَةَ تُعْتَبَرُ إلَى الزَّهُوقِ وَأَمَّا الْمُكَافَأَةُ فَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْجِنَايَةِ فَتَأَمَّلْ وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ عَلَى حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ، وَالْمُكَافَأَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ الْجِنَايَةِ إلَى تَمَامِ الْفِعْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِلْأَعَمِّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَكُونُ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْقَوَدِ، وَالدِّيَةِ وَضَمَانُ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ مَعَ الْقَوَدِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا لَوْ

ص: 2

لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (أَوْ الْأَمَانِ بِجِزْيَةٍ، وَالْعَهْدِ لِلْإِنْسَانِ) أَيْ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ، أَوْ عَهْدٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة: 6] الْآيَةَ فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ وَلَوْ قَتَلَهُ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ عَنْهُ كَذَلِكَ نِسَاءُ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ.

وَإِنَّمَا حَرُمَ قَتْلُهُمْ رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَانِمِينَ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ فِي حَالَتَيْ الْإِصَابَةِ، وَالتَّلَفِ مَا لَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ، أَوْ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ، أَوْ ذِمِّيًّا فَنَقَضَ عَهْدَهُ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا ضَمَانَ لِلنَّفْسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ، أَوْ رَمَى إلَى مُرْتَدٍّ، أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَصَابَهُ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُوجِبُهُمَا لِوُجُودِ الْعِصْمَةِ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْقَوَدَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِصْمَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوْتِ وَخَرَجَ بِالْإِنْسَانِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي قَتْلُ غَيْرِهِ فَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَا الدِّيَةَ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهِمَا فِي قَتْلِ الْإِنْسَانِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَكُونُ مَعْصُومًا مُطْلَقًا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَعْصُومٍ مُطْلَقًا وَهُمَا ظَاهِرَانِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعْصُومًا مُقَيَّدًا، وَقَدْ أَخَذَ فِي أَمْثِلَتِهِ فَقَالَ:(كَقَاتِلِ النَّفْسِ) بِغَيْرِ حَقٍّ (وَكَفِّ مَنْ سَرَقْ فَاعْصِمْهُمَا عَلَى سِوَى مَنْ اسْتَحَقْ) قَتْلُ الْقَاتِلِ وَقَطْعُ الْكَفِّ لَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لَهُمَا وَهُوَ وَلِيُّ الْقَوَدِ، وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلِيِّ بِقَتْلِهِ الْقَاتِلَ وَلَا عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِقَطْعِهِ كَفَّ السَّارِقِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ كَفَّ السَّارِقِ مَعْصُومَةٌ عَلَى غَيْرِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ هُوَ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي السَّرِقَةِ خِلَافُهُ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْقَطْعَ عَلَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ لَيْسَ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِطَلَبِ الْمَالِكِ مَالَهُ فَلَوْ قَطَعَهَا الْإِمَامُ، أَوْ غَيْرُهُ فَلَا ضَمَانَ نَعَمْ يُعَزَّرُ غَيْرُهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاتِلِ، وَالسَّارِقِ أَنَّ حَقَّ الْقَوَدِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ بِخِلَافِ قَطْعِ كَفِّ السَّارِقِ فَهُوَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: بَعْدَ نَقْلِهِ الْجَزْمَ بِأَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى قَاطِعِ السَّارِقِ هَكَذَا أَطْلَقَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُجْعَلَ وُجُوبُ الْقَوَدِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّارِقَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهًا فِي الْمَسْأَلَةِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَطَعَهَا لَا بِقَصْدِ الْحَدِّ، أَوْ عَلَى مَا إذَا قَطَعَهَا ذِمِّيٌّ قَالَ وَيُسْتَأْنَسُ لِلثَّانِي بِمَا إذَا قَتَلَ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ الْأَمَانِ) قَالَ الشَّارِحُ وَأَوْرَدَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى الْحَصْرِ فِيهِمَا ضَرْبَ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ لَا يُرَدُّ فَإِنَّهُ صَارَ مَالًا لِلْمُسْتَحِقِّينَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمَانٍ. اهـ. كَلَامُ الشَّارِحِ قُلْت: وَفِي جَرَيَانِ جَوَابِ الْبُلْقِينِيِّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ لِتَقْيِيدِهِ الْأَمَانَ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالْعَهْدِ وَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي حَقِّ الْأَسِيرِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُنَاكَ عَهْدٌ حُكْمًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا نِسَاءُ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ) أَيْ: قَبْلَ الْأَسْرِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَهُمْ أَرِقَّاءُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَيَضْمَنُونَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: جُرْحُ الْمُسْلِمِ، أَوْ رَمْيُ الْمُرْتَدِّ يُوجِبُهُمَا أَيْ: الْكَفَّارَةَ وَالضَّمَانَ. (قَوْلُهُ: قَتَلَ غَيْرَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: لِلْإِنْسَانِ قَيْدٌ فِي الْقَتْلِ حَتَّى كَانَ الْخَارِجُ بِهِ قَتْلُ الْعَيْنِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْأَمَانِ وَالْإِيمَانِ الْمُبَيَّنِ بِهِ الْعِصْمَةُ الْمُقَيَّدُ بِهَا التَّالِفُ.

(قَوْلُهُ: كَقَاتِلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ) عَلَّلَ عِصْمَتَهُ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُبَاحَ الدَّمِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ قَدْ يُتْرَكُ، وَقَدْ يُسْتَوْفَى. اهـ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَدِ السَّارِقِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي الْحِرَابَةِ مُهْدَرٌ مُطْلَقًا أَيْ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِ، وَكَذَا مُرْتَدٌّ وَذِمِّيٌّ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ. (قَوْلُهُ: يُقْتَلُ الْقَاتِلُ) اُنْظُرْ لَوْ صَرَفَ قَتْلَهُ بِأَنْ قَصَدَ قَتْلَهُ لَا عَنْ الْحَقِّ هَلْ يُؤَثِّرُ، أَوْ لَا؟ ، بَلْ يَقَعُ عَنْ الْحَقِّ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَعَلَى ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ كَذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: عَلَى مِثْلِهِ فِيهِ أَمْرٌ أَنَّ الْأَوَّلَ هَلْ الْمُرَادُ بِمِثْلِهِ مُطْلَقُ السَّارِقِ، وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْعُضْوِ الْمُسْتَحَقِّ قَطْعُهُ كَأَنْ وَجَبَ قَطْعُ يَدِ أَحَدِهِمَا، وَقَطْعُ رِجْلِ الْآخَرِ، فَإِذَا قَطَعَ الْأَوَّلُ رِجْلَ الثَّانِي وَجَبَ الْقَوَدُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُشَارِكُ فِي وَصْفِ السَّرِقَةِ وَفِي الْعُضْوِ الْمُسْتَحَقِّ قَطْعُهُ؟ . كَأَنْ وَجَبَ قَطْعُ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعُضْوِ الْمُسْتَحَقِّ قَطْعُهُ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَا مُمَاثَلَةَ حَتَّى لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا عُضْوَ الْآخَرِ الَّذِي وَجَبَ قَطْعُهُ، فَلَا قَوَدَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي لَوْ قَطَعَهُ مِثْلُهُ، وَوَجَبَ الْقَوَدُ فَعَفَا الْمَقْطُوعُ عَنْهُ عَلَى دِيَةِ الْعُضْوِ، فَهَلْ يَجِبُ، أَوْ لَا؟ . (قَوْلُهُ: وَيَسْتَأْنِسُ لِلثَّانِي) أَيْ: أَوْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ وَيَدُ السَّارِقِ مُهْدَرَةٌ إلَّا عَلَى مِثْلِهِ سَوَاءٌ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَهُوَ مَعْصُومٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ اهـ.

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدِ الْحَدِّ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ وَقَصْدِ شَهْوَةِ نَفْسِهِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَا فَرْقَ فِيمَا يَظْهَرُ بَيْنَ قَصْدِ الْحَدِّ، وَالْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْقَتْلَ، أَوْ الْقَطْعَ لَا عَنْ الْحَدِّ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ اهـ.

وَفِي حَوَاشِيهِ الِاحْتِمَالُ هُوَ الْمُتَبَادِرُ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِهْدَارِ فِعْلٌ حِسِّيٌّ كَالزِّنَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ قَصْدِ الْحَدِّ وَشَهْوَةِ نَفْسِهِ اهـ.

وَوَجَّهَ م ر فِي

ص: 3

عَبْدًا اشْتَرَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ حَدَثَ مِنْهُ رِدَّةٌ فَإِنْ قَصَدَ قَتْلَهُ عَنْهَا وَقَعَ عَنْهَا وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِلَّا جُعِلَ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (وَ) مِثْلُ (الْمُحْصَنُ الزَّانِي) فَاعْصِمْهُ (عَلَى الْأَنْدَادِ) أَيْ أَمْثَالِهِ مِنْ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ وَعَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا لِلتَّكَافُؤِ (وَ) عَلَى (أَهْلِ ذِمَّةٍ وَذِي ارْتِدَادِ) إذْ لَا تَسَلُّطَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ ذِمِّيًّا كِتَابِيًّا، وَالْقَاتِلُ لَهُ ذِمِّيٌّ لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ:، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ كِتَابِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا وَخَرَجَ بِالْأَنْدَادِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ لَيْسَ بِزَانٍ مُحْصَنٍ زَانِيًا مُحْصَنًا فَلَا يَلْزَمْهُ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ قُتِلَ بِهِ (وَذَا) أَيْ الْمُرْتَدُّ أَعْصَمَهُ (عَلَى شَبِيهِهِ) أَيْ: عَلَى الْمُرْتَدِّ فَيَجِبُ بِقَتْلِهِ لَهُ الْكَفَّارَةُ، وَالضَّمَانُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ فَكَانَ كَالْحَرْبِيِّ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يَضْمَنُ فِيمَا ذُكِرَ بِالدِّيَةِ كَالْقَوَدِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ جَعَلَ فِي وُجُوبِهَا الْخِلَافَ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَوْجَبْنَاهَا فَهِيَ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ (بِمَدْخَلٍ فِي تَلَفِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ الزُّنَاةِ إلَخْ) بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا) أَيْ: بِحَيْثُ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: إنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا مَعْصُومٌ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصِنِ. وَعَلَى أَهْلِ ذِمَّةٍ، وَذِي ارْتِدَادٍ، وَعَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ عَقِبَ نَقْلِهِ مَا فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ: قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَالْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَمَا نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَفِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ مَا يُشْعِرُ بِهِ قُلْت: بَلْ صَرِيحٌ فِيهِ قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ قُتِلَ بِهِ جَزْمًا إلَّا إذَا ظُنَّ بَقَاءُ شَهَادَتِهِمْ فَهُوَ كَظَنِّ بَقَاءِ الرِّدَّةِ، قَالَ: فَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِقَتْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ، وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا، فَالْأَقْوَى الْأَقْيَسُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ دُونَ الشُّهُودِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ كَظَنِّ بَقَاءِ الرِّدَّةِ أَيْ: فَيُقْتَلُ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: فَالْأَقْوَى الْأَقْيَسُ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُبَاشِرٌ، وَهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهُ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِعُذْرِهِ وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِمْ لِتَعَدِّيهِمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ بِقَتْلِهِ الْكَفَّارَةُ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ) لَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا، وَلَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَالْقَوَدِ) وَالْقَوَدُ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، وَقِيلَ: قَرِيبُهُ الْوَارِثُ لَوْلَا الرِّدَّةُ بِرّ.

(قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ) الْمُوَافِقُ لِهَذَا التَّقْدِيرِ جَعْلُ الْمَتْنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: بِذِي مَدْخَلٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَالَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ غَيْرَ الْمُعَقِّبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ هُوَ. فَلَوْ قَالَ: بَدَلَ هَذَا مَدْخَلِيَّتُهُ فِي التَّلَفِ كَانَ وَاضِحًا. (قَوْلُهُ: تَلَفُهُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى إتْلَافِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ إمَّا لِلْمَنْعُوتِ أَيْ: إتْلَافُ الْمَنْعُوتِ الْمَعْصُومِ، وَإِمَّا لِلْمَعْصُومِ، وَالْمَعْنَى مَا ذُكِرَ أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَى هَذَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْهَاءَ لِلْمَعْصُومِ، وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا لِلْمَنْعُوتِ أَيْ: تَلِفَ الْمَنْعُوتُ بِمَعْنَى التَّلَفِ الْحَاصِلِ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هَذَا الِاحْتِمَالَ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ هَدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ قَالَ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

وَمِنْهُ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: مِنْ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُحْصَنٌ غَيْرُ زَانٍ، أَوْ زَانٍ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ ق ل (قَوْلُهُ: وَذِي ارْتِدَادٍ) فَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قِصَاصًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَقْتُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ وَلَا أَرْشَ وَلَا دِيَةَ لِلْعَافِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ عَفَا بَعْدَ إسْلَامِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ لِلذِّمِّيِّ، وَالْمُعَاهَدِ اللَّذَيْنِ هُمَا أَوْلَى بِالضَّمَانِ مِنْ الزَّانِي الْمُحْصَنِ لِإِهْدَارِهِ بِغَيْرِ الْقِصَاصِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ عَفَا وَلِيُّ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ عَنْ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر أَخْذًا مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ سم بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ لَكِنَّ الزَّانِيَ دُونَهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ وَإِنْ قَصَدَ خِلَافَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ اسْتِيفَائِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَمْ بِالْإِقْرَارِ) وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ وَعَلِمَ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ) أَيْ لَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَتَارِكُ صَلَاةٍ وَقَاطِعُ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَوْ مُهْدَرًا لَا يُقْتَلُ بِكَافِرٍ اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي خِلَافَهُ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ

ص: 4

أَيْ: مُعْقِبِ التَّلَفِ بِمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ كَقَطْعِ يَدٍ وَشَقِّ بَطْنٍ يُوجِبُ الْمَذْكُورَ (لَا) بِمَا لَا مَدْخَلَ بِهِ فِيهِ مِثْلُ (صَفْعَةٍ لَمْ تَثْقُلْ) أَيْ خَفِيفَةٍ فَلَا يَجِبُ بِالتَّلَفِ عِنْدَهَا شَيْءٌ لِلْعِلْمِ الْعَادِيِّ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ مُهْلِكًا وَأَنَّ التَّلَفَ عِنْدَهَا اتِّفَاقِيٌّ وَقَوْلُهُ: (يُقْصَدُ فِي الْعَادَةِ بِالْمَنْعُوتِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ (تَلَفُهُ) تَفْسِيرٌ لِمَدْخَلٍ فِي تَلَفٍ أَيْ: بِمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّلَفِ بِحَيْثُ يُقْصَدُ فِي الْعَادَةِ بِهِ تَلَفُ الْمَعْصُومِ (بِالظُّلْمِ لِلتَّفْوِيتِ) أَيْ مُعْقِبُ التَّلَفِ عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ لِتَفْوِيتِ الْمَعْصُومِ يُوجِبُ الْمَذْكُورَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا كَالْقَتْلِ قَوَدًا، أَوْ دَفْعًا لِصَائِلٍ، أَوْ بَاغٍ، أَوْ كَانَ ظُلْمًا لَا لِلتَّفْوِيتِ بَلْ لِغَيْرِهِ كَالْعُدُولِ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ فِي التَّلَفِ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قَوَدًا فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا ضَمَانَ (مُبَاشِرًا) أَيْ: مُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ الْمَذْكُورَ سَوَاءٌ كَانَ مُبَاشَرَةً (أَوْ سَبَبًا، أَوْ شَرْطَا) فَالْمُبَاشَرَةُ وَتُسَمَّى عِلَّةً: مَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَيُحَصِّلُهُ كَالْحَزِّ، وَالْجَرْحِ، وَالسَّبَبُ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ كَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَالْإِكْرَاهِ، وَالشَّرْطُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ فِي التَّلَفِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَلَا يُحَصِّلُهُ وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ التَّخَطِّي فِي صَوْبِ الْبِئْرِ، وَالْمُحَصِّلُ لِلتَّلَفِ التَّرَدِّي فِيهَا وَمُصَادَمَتُهَا لَكِنْ لَوْلَا الْحَفْرُ لَمَا حَصَلَ التَّلَفُ وَلِهَذَا سُمِّيَ شَرْطًا فَالسَّبَبُ يُشَارِكُ الْمُبَاشَرَةَ فِي تَوَلُّدِ الزُّهُوقِ وَيُفَارِقُهَا فِي أَنَّهُ بِوَاسِطَةٍ وَيُشْبِهُ الشَّرْطَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوَلِّدُ نَفْسَ الزُّهُوقِ

، ثُمَّ ذَكَرَ لِلشَّرْطِ أَمْثِلَةً فَقَالَ:(كَقَاعِدٍ يَعْثُرُ مَنْ تَخَطَّى بِهِ وَإِهْدَارُ دَمٍ لَا يَلْتَبِسْ مِنْ ذِي الْقُعُودِ) أَيْ: كَأَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ فَتَعَثَّرَ بِهِ مَاشٍ فَمَاتَا فَإِنَّهُ يُضْمَنُ الْمَاشِي وَيُهْدَرُ الْقَاعِدُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْمَاشِي فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ مِنْ مَرَافِقِ الشَّارِعِ الضَّيِّقِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَمِثْلُهُ النَّائِمُ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ فَيُضْمَنُ الْقَاعِدُ وَيُهْدَرُ الْمَاشِي وَقَوْلُهُ: مِنْ ذِي، مُتَعَلِّقٌ بِإِهْدَارٍ أَيْ: وَإِهْدَارُ الدَّمِ مِنْ الْقَاعِدِ لَا يَلْتَبِسُ عَلَى فَقِيهٍ (وَ) لَوْ تَعَثَّرَ مَاشٍ (بِقَائِمٍ) فِي شَارِعٍ (عُكِسْ) أَيْ الْحُكْمُ السَّابِقُ فَيُهْدَرُ الْمَاشِي وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَيُضْمَنُ الْقَائِمُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنْ مَرَافِقِ الشَّارِعِ كَالْمَشْيِ لَكِنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِحَرَكَةِ الْمَاشِي فَخُصَّ بِالضَّمَانِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْقَائِمُ بِمَكَانِهِ أَمْ انْحَرَفَ عَنْ الْمَاشِي فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ، أَوْ انْحَرَفَ إلَيْهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَ تَمَامِ انْحِرَافِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْحَرَفَ إلَيْهِ لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ فِي انْحِرَافِهِ فَإِنَّهُمَا كَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَالرَّشِّ) أَيْ: وَكَرَشِّ مَاءٍ فِي شَارِعٍ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الرَّشُّ (لِعُمُومِ مَصْلَحَهْ كَغَبَرَةٍ) أَيْ: دَفَعَهَا النَّاسُ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْعَادَةَ، وَالتَّمْثِيلُ بِالْغَبَرَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ لِمَدْخَلٍ فِي تَلَفٍ) لَا يُنَافِيهِ إعْرَابُهُ صِفَةً لِمَدْخَلِ. (قَوْلُهُ: بِالظُّلْمِ) أَيْ: مَعَ الظُّلْمِ قِيلَ: يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ. اهـ. وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا قُيِّدَتْ بِالْإِيمَانِ، أَوْ الْأَمَانِ صَارَ الْحَاصِلُ وَالْمَآلُ اشْتِرَاطُ الْإِيمَانِ، أَوْ الْأَمَانِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ قَيْدِ الظُّلْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُبَاشِرًا) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى تَأْوِيلِ مُبَاشِرٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مُبَاشِرٌ لَكِنْ رُخِّمَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ لِلضَّرُورَةِ

(قَوْلُهُ: كَقَاعِدٍ) أَيْ: كَعُقُودِ قَاعِدٍ إذْ الشَّرْطُ الْقُعُودُ لَا الْقَاعِدُ وَقَوْلُهُ: يَعْثُرُ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ لِضِيقِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْمَاشِي)، وَكَذَا إنْ انْحَرَفَ إلَيْهِ بِالْأَوْلَى نَعَمْ إنْ أَصَابَهُ هُنَا فِي الِانْحِرَافِ اُتُّجِهَ أَنَّهُمَا كَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا. (قَوْلُهُ: فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ) مِثْلُهُ بَعْدَ تَمَامِ الِانْحِرَافِ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ) بِأَنْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمَارُّ بِالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْقَاعِدُ) أَيْ: وَالنَّائِمُ. (قَوْلُهُ: فِي شَارِعٍ) أَيْ: وَلَوْ ضَيِّقًا (قَوْلُهُ: وَالرَّشُّ) لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِالرَّشِّ بِأُجْرَةٍ، أَوْ دُونَهَا فَهَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ، أَوْ الْمَأْمُورِ؟ . فِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى الثَّانِي يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي وَضْعِ نَحْوِ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ وَالْبِنَاءِ مَائِلًا بِأَنَّهُ ثَمَّ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْآمِرِ، فَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ دُونَ الْمَأْمُورِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ: مَعَ جَوَازِ الرَّشِّ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ فَيَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُمُومِ مَصْلَحَةٍ كَغَيْرِهِ) فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْعَادَةَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ مَشَى عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ)

مَنْ رَشَّ الْمَاءَ فِي طَرِيقٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَتَسْكِينِ الْغُبَارِ، وَجَاوَزَ الْعَادَةَ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ إنْ لَمْ يَمْشِ عَلَيْهِ قَصْدًا. اهـ. نَعَمْ إنْ عَمَّ الرَّشُّ بِطَرِيقٍ، وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي سُلُوكِهِ، وَتَحَفَّظَ فِي مَشْيِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الضَّمَانُ بِالْمَشْيِ عَلَيْهِ قَصْدًا لِاضْطِرَارِهِ لِذَلِكَ، وَفِي مَنْعِهِ مِنْ الْمَشْيِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجِفَّ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ، أَوْ الضَّرَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي بَابِ الدِّيَاتِ الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكٍ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَا دِيَةَ فِيهِمَا وَإِنْ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكَافِئِ كَمَا فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ لِمِثْلِهِ وَمِثْلُهُمَا قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَالصَّائِلُ فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا بِرْمَاوِيٌّ، وَقِ ل وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر لَكِنْ قَيَّدَ الرَّشِيدِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مِثْلَهُمْ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ) أَيْ لَا فِي مُنْعَطَفٍ مِنْهُ وَلَا لِنَفْعٍ عَامٍّ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ كَذَلِكَ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَاسِدٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَبِقَائِمٍ) عَكْسُ إنْ لَمْ يَكُنْ قِيَامٌ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، وَالْإِهْدَارُ الْقَائِمُ اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُهْدَرُ الْمَاشِي)

ص: 5

مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا وَفَتْحِ الْبَاءِ الْغُبَارُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَسَكَّنَ النَّاظِمُ الْبَاءَ تَخْفِيفًا وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَتَسْكِينُ الْهَاءِ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ (وَنَحْوِ)(قِشْرٍ) لِبِطِّيخٍ وَنَحْوِهِ (طَرَحَهْ) فِي شَارِعٍ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ سَوَاءٌ طَرَحَهُ فِي مَتْنِ الشَّارِعِ أَمْ طَرَفِهِ لِمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَاشِي وَمَشَى عَلَيْهِ قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: قَدْ يُوجَدُ بَيْنَ الْعِمَارَاتِ مَوَاضِعُ مُعَدَّةً لِذَلِكَ تُسَمَّى السُّبَاطَاتُ، وَالْمَزَابِلُ وَتُعَدُّ مِنْ الْمَرَافِقِ الْمُشْتَرَكَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقْطَعَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ الْإِلْقَاءُ فِيهَا فَإِنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ وَيُخَصُّ الْخِلَافُ بِغَيْرِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: تِلْكَ الْمَزَابِلُ إنْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ غَيْرِ دَاخِلٍ فِي حُكْمِ الشَّارِعِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّارِعِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ فِعْلُ ذَلِكَ فِيهَا حَتَّى يُقَالَ: اسْتَوْفَوْا مَنْفَعَةً مُسْتَحَقَّةً (وَحَفْرِ مَا ضَرَّ الْمُرُورَ) أَيْ: وَكَحَفْرِ مَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ فِي شَارِعٍ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِيمَا يَضُرُّ أَمَّا حَفْرُ مَا لَا يَضُرُّ فَسَيَأْتِي (كُلُّ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأَمْثِلَةِ مَحَلُّهُ (فِي شَارِعٍ) كَمَا تَقَرَّرَ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ، أَوْ مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَالْمَسْجِدُ كَالشَّارِعِ فِي الْحَفْرِ وَكَذَا فِي الرَّشِّ وَطَرْحِ نَحْوِ الْقِشْرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ قَعَدَ فِيهِ فَتَعَثَّرَ بِهِ إنْسَانٌ فَمَاتَا هُدِرَ الْمَاشِي وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْقَاعِدِ كَمَا لَوْ قَعَدَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ نَامَ فِيهِ مُعْتَكِفًا فَكَذَلِكَ وَلَوْ قَعَدَ فِيهِ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَكِنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وُجُوبُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ قِشْرٍ) أَيْ: وَطَرْحُ نَحْوِ قِشْرٍ طَرَحَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَخَرَجَ بِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِرِيحٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا إذَا قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ قَالَ حَجَرٌ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ جَمْعٍ فِي الْبِنَاءِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ: مَعَ جَوَازِ الطَّرْحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ فَيَحْرُمُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ كَانَ الطَّرْحُ عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ حَرُمَ، وَإِلَّا جَازَ، وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ كَمَا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ يَظُنُّهُ مَالَهُ م ر، وَهَلْ شُرِطَ الضَّمَانُ حَيْثُ جَازَ الطَّرْحُ أَنْ لَا يَأْذَنَ الْإِمَامُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْحَفْرِ فِي الشَّارِعِ لِمَا يَأْتِي فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَاشِي إلَخْ) لَمْ يَقُولُوا: مِثْلَ ذَلِكَ فِي الرَّشِّ كَأَنَّهُ لِعَدَمِ تَأَتِّي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لِعُمُومِهِ الطَّرِيقَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَعُمَّهَا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُقَالَ: فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ كَمَا نَقَلْته فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَخْ) مَنَعَ هَذَا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) مِنْهُ الْحَفْرُ فِي الْمُشْتَرَكِ فَيَضْمَنُ كُلٌّ السَّاقِطَ بِرّ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُطْلَقًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ تَعَدَّى بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ، فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْحَافِرُ؟ . وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِي أَيْ: عَدَمَ ضَمَانِ الْحَافِرِ لِتَعَدِّي الْوَاقِعِ فِيهَا بِالدُّخُولِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي دُخُولِهَا فَإِنْ عَرَّفَهُ بِالْبِئْرِ، فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَهَلْ يَضْمَنُ الْحَافِرُ، أَوْ الْمَالِكُ؟ . وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا فَعَلَى الْحَافِرِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ بَلْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ عَلَى الْحَافِرِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ م ر.

(قَوْلُهُ: وَالْمَسْجِدُ كَالشَّارِعِ) بَلْ الْحَفْرُ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا شَرْحُ م ر. (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضِ فَرْعٌ بِنَاءُ الْمَسْجِد فِي الشَّارِعِ وَحَفْرُ بِئْرٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَوَضْعُ سِقَايَةٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ كَالْحَفْرِ فِي الشَّارِعِ، فَلَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَضُرَّ النَّاسَ. اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ بَنَى، أَوْ حَفَرَ مَا ذُكِرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَعُدْوَانٌ إنْ أَضَرَّ بِالنَّاسِ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْإِمَامُ يُفِيدُ امْتِنَاعَ فِعْلِ الْغَيْرِ الضَّارِّ مِنْ الْحَفْرِ فِي الْمَسْجِدِ، وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فِي الشَّارِعِ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَجَوَازُهُ بِإِذْنِهِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْحَفْرِ فِي الشَّارِعِ مِنْ جَوَازِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ، وَالشَّارِعِ فِي الْحَفْرِ ظَاهِرٌ وَبَيْنَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فِي الشَّارِعِ وَالْحَفْرِ فِيهِ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ كَغَرْسِ الشَّجَرَةِ الَّذِي مَنَعُوهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ وَلَوْ أَعْمَى، أَوْ فِي ظُلْمَةٍ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: أَوْ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ الْحَفْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُطْلَقًا) لَعَلَّ مَعْنَاهُ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْجِدُ كَالشَّارِعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الضَّمَانَ فِيمَا لَوْ حَفَرَهَا بِمَسْجِدٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ اهـ.

أَيْ وَكَانَتْ لَا تَضُرُّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ قَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ اهـ.

أَيْ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَعَدَ فِيهِ) أَيْ لِمَا لَمْ يُنَزَّهْ عَنْهُ الْمَسْجِدُ كَتَعَلُّمٍ بِخِلَافِ الْقَاعِدِ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَصَنْعَةٍ اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ وَم ر، وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْوَاسِعِ، وَالضَّيِّقِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَامَ مُعْتَكِفًا)

ص: 6

أَوْ نَامَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ فَكَمَا لَوْ نَامَ فِي الطَّرِيقِ حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ.

(وَحَيْثُ) كَانَ (هَذَا الْفِعْلُ) أَيْ الْحَفْرُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الضَّارِّ لِاتِّسَاعِ الشَّارِعِ، أَوْ لِانْعِطَافِ مَحَلِّ الْحَفْرِ (لِغَرَضِ الْحَافِرِ) فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (لَا إنْ صَدَرَا إذْنُ الْإِمَامِ) فِيهِ، أَوْ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَفْرِ بِدُونِ إذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ إذْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ النَّاسِ بِقِطْعَةٍ مِنْ الشَّارِعِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ عَامٍّ كَالِاسْتِقَاءِ وَجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ (وَلَهُ أَنْ يَحْفِرَا) بِئْرًا فِي شَارِعٍ لِغَرَضِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا (مِثْلَ) جَوَازِ شِرَاعِ (الْجَنَاحِ) إلَى شَارِعٍ إذَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْحَفْرِ بِأَنَّ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي الشَّوَارِعِ بِخِلَافِ الْهَوَاءِ.

وَلَوْ أَشْرَعَ جَنَاحًا إلَى سِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ بِإِذْنِ أَهْلِهَا جَازَ وَلَا ضَمَانَ لِإِذْنِ الْمَالِكِ (وَ) مِثْلُ جَوَازِ (الْبِنَاءِ) إذَا (وَضَعَهْ ذَا مَيَلٍ) أَيْ: مَائِلًا إلَى الشَّارِعِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ (لَا أَنْ يَمِلْ) إلَى الشَّارِعِ، أَوْ مِلْكِ جَارِهِ، أَوْ غَيْرِهِمَا بَعْدَ بِنَائِهِ مُسْتَوِيًا وَيَسْقُطَ وَيَتْلَفَ بِهِ شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ هَدْمِهِ وَإِصْلَاحِهِ سَوَاءٌ طُولِبَ بِالنَّقْضِ أَمْ لَا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْمَيَلِ وَكَذَا لَوْ سَقَطَ فِي الشَّارِعِ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى تَلِفَ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ، وَالْمَيَلُ بِفَتْحِ الْيَاءِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَا كَانَ خِلْقَةً يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ أَمْيَلُ الْعَاتِقِ فِي عُنُقِهِ مَيَلٌ

(وَيَسَعُهُ فِي الْمِلْكِ) أَيْ: وَكَحَفْرِهِ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ مَعَ تَوْسِيعِهَا (فَوْقَ عَادَةٍ) لِلنَّاسِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ لِجَارِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَكَذَا لَوْ قَرُبَ الْحَفْرُ مِنْ جِدَارِ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، أَوْ طَرَحَ فِي أَصْلِ جِدَارِ جَارِهِ نَحْوَ زِبْلٍ فَأَفْسَدَهُ، أَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَانْتَشَرَ الْمَاءُ مِنْ شَقٍّ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ إنْ كَانَ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ، أَوْ عَلِمَ بِالشَّقِّ وَلَمْ يَحْتَطْ لَهُ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ الْمُعْتَادِ فِي مِلْكِهِ إذْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ وَيَنْجَرُّ إلَى بُطْلَانِ فَائِدَةِ.

الْمِلْكِ فَلَوْ وَضَعَ جَرَّةً بِطَرَفِ سَطْحِهِ فَأَلْقَاهَا الرِّيحُ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَتْهُ، أَوْ كَسَرَ حَطَبًا فِي مِلْكِهِ فَتَطَايَرَ مِنْهُ قِطْعَةٌ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ إذْ الْمُلَّاكُ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ مِثْلِهِ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ (وَصَاحَا) أَيْ: وَكَانَ صَاحَ (بِالطِّفْلِ) أَيْ: عَلَيْهِ (قُلْت، أَوْ نَضَّى) أَيْ: سَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ بَصِيرٌ (سِلَاحَا، فَجُنَّ، أَوْ أَرْعَدَهُ) الْأَوْلَى، أَوْ ارْتَعَدَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ (فَطَاحَا) أَيْ فَسَقَطَ (مِنْ عُلْوٍ) كَسَطْحٍ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُنَّ، أَوْ ارْتَعَدَ وَمَاتَ بَعْدَ الصَّيْحَةِ، أَوْ نَحْوِهَا بِمُدَّةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا سُقُوطٍ، أَوْ بِسُقُوطٍ بِلَا ارْتِعَادٍ إذْ الْمَوْتُ بِمُجَرَّدِ الصَّيْحَةِ، أَوْ نَحْوِهَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَخَرَجَ بِالطِّفْلِ الْبَالِغُ، وَالْمُرَاهِقُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا امْتِنَاعُ الْغَرْسِ وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ خِلَافُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ يَجُوزُ إذَا أَذِنَ كَمَا أَفْهَمَهُ هَذَا الْكَلَامُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِذْنِ، وَسَكَتَ عَنْ السِّقَايَةِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا نَظِيرُ الدَّكَّةِ بِبَابِ دَارِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَامَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ امْتَنَعَ، وَقَوْلُهُ: فَكَمَا لَوْ نَامَ فِي الطَّرِيقِ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ. (قَوْلُهُ: بِدُونِ إذْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَفْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ نَهَاهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا، وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَحْفِرَ) يُشْكِلُ عَلَى الْجَوَازِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ مَنْعِ الْغَرْسِ وَالدَّكَّةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ م ر. قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ ضَمِنَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جُنَّ، أَوْ ارْتَعَدَ وَمَاتَ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَجُنَّ، وَقَوْلِهِ: أَوْ أَرْعَدَهُ مُصَوَّرٌ بِالْمَوْتِ عَقِبَهُ وَلَكِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

خَرَجَ غَيْرُهُ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْوَاسِعِ، وَالضَّيِّقِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ غَيْرُ الضَّارِّ) أَمَّا الضَّارُّ فَيَمْتَنِعُ بِلَا تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: مَعَ ضَمَانِ مَا تَلِفَ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ مَدْخَلًا فِي الشَّوَارِعِ) يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَمِثْلُهُ سم فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشْرَعَ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي الدَّرْبِ إذَا خَلَا عَنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَبِئْرٍ مُحْتَرَزٍ وَإِلَّا فَكَالشَّارِعِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ جَوَازِ الْبِنَاءِ إلَخْ) وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَقْضِهِ وَإِصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْعَامَّةِ نَقْضُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: فَجُنَّ، أَوْ ارْتَعَدَ) اُشْتُرِطَ هَذَا لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ اهـ.

م ر وَقَالَ ق ل: الْوَجْهُ اعْتِبَارُ نِسْبَةِ الْوُقُوعِ إلَى الصِّيَاحِ سَوَاءٌ ارْتَعَدَ، أَوْ لَا اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: فَطَاحَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ مَكَانَهُ فَهَدَرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْوُقُوعِ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْفَوْرِيَّةَ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر إنَّ الْفَوْرِيَّةَ غَيْرُ شَرْطٍ حَيْثُ

ص: 7

أَيْ الْمُتَيَقِّظُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَأَثُّرِهِمَا بِذَلِكَ سَوَاءٌ غَافَصَهُ مِنْ وَرَائِهِ، أَمْ وَاجَهَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمَعْتُوهُ وَمَنْ يَعْتَرِيهِ الْوَسْوَاسُ، وَالنَّائِمُ، وَالْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ كَالطِّفْلِ وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَجُنَّ الطِّفْلُ، أَوْ ارْتَعَدَ مِنْ عُلْوٍ فَسَقَطَ فَمَاتَ ضَمِنَ أَيْضًا لَكِنْ بِدِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ وَقَيْدُ الِارْتِعَادِ فِيمَا ذُكِرَ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَكَأَنَّهُ لُوحِظَ فِيهِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُ السُّقُوطِ بِالصِّيَاحِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَالتَّهْدِيدُ الشَّدِيدُ كَالصِّيَاحِ (أَوْ عَلَّمَهُ) أَيْ: الطِّفْلَ (سِبَاحَا) أَيْ: سِبَاحَةً وَهِيَ الْعَوْمُ (فَغَرِقَ الصَّغِيرُ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ غَرَقَهُ بِإِهْمَالِهِ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَالصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ آنِفًا بِخِلَافِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ لِاسْتِقْلَالِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَغْتَرَّ بِقَوْلِ السَّبَّاحِ (لَا إنْ جَعَلَهُ) أَيْ الطِّفْلَ (فِي مَوْضِعٍ ذِي سَبُعٍ) أَيْ: فِي مَسْبَعَةٍ (فَأَكَلَهُ) أَيْ: السَّبُعُ فَلَا يَضْمَنُهُ الْجَاعِلُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَرَكَةِ إذْ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُلْجِئْ السَّبُعَ إلَيْهِ بَلْ غَالِبُ حَالِهِ الْفِرَارُ مِنْ الْإِنْسَانِ نَعَمْ إنْ أَلْقَاهُ فِي زُبْيَتِهِ وَهُوَ فِيهَا فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ دِيَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَالِغِ وَإِنَّمَا خُصَّ الطِّفْلُ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالْقُوَّةِ، وَالضَّعْفِ لَا بِالْكِبَرِ، وَالصِّغَرِ هَذَا فِي الْحُرِّ، أَمَّا الرَّقِيقُ فَمَضْمُونٌ بِالْيَدِ

(أَوْ أُوقِدَتْ) نَارٌ بِأَنْ أَوْقَدَهَا (فِي السَّطْحِ فِي) وَقْتِ هُبُوبِ (الرِّيَاحِ) فَطَارَ شَرَرُهَا وَتَلِفَ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَكَذَا لَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ فِي قَدْرِ النَّارِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي سَطْحٍ وَلَا فِي وَقْتِ رِيحٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْقَدَهَا عَلَى الْعَادَةِ فِي غَيْرِ السَّطْحِ مِنْ مِلْكِهِ، أَوْ فِيهِ لَكِنْ لَا فِي وَقْتِ رِيحٍ فَطَارَ الشَّرَرُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِهُبُوبِ رِيحٍ بَعْدَ الْإِيقَادِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ وَفِي مَعْنَى السَّطْحِ الْجِدَارُ وَنَحْوُهُ (أَوْ بَارِزُ الْمِيزَابِ، وَالْجَنَاحِ يَسْقُطُ) أَيْ: أَوْ سَقَطَ بَارِزُ الْمِيزَابِ، أَوْ الْجَنَاحِ الْمُشْرَعَيْنِ إلَى شَارِعٍ فَيَضْمَنُ وَاضِعُهُمَا كُلَّ التَّالِفِ بِهِ (وَ) إنْ سَقَطَ (الْجَمِيعُ) مِنْ الْبَارِزِ، وَالدَّاخِلِ ضَمِنَ (نِصْفًا) فَقَطْ مِنْ التَّالِفِ لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ سُقُوطَ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْبَارِزِ، وَالدَّاخِلِ كَسُقُوطِ كُلِّهِ، وَالضَّمَانُ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْفَاعِلِ وَلِلْآدَمِيِّ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْمِيزَابُ وَنَحْوُهُ عَنْ مِلْكِهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ السُّقُوطِ غَيْرَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَذِكْرُ الْجَنَاحِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ ثَمَّ.

(يُعْتَبَرْ) فِي مُعْقِبِ التَّلَفِ لِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ، وَالضَّمَانِ (أَقْوَى) الْمُعْقِبَيْنِ إنْ اجْتَمَعَا فِي التَّلَفِ مُبَاشَرَةً، أَوْ سَبَبًا، أَوْ شَرْطًا (كَأَنْ رَدَاهُ ذَا) أَيْ: إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ (وَذَا) أَيْ وَآخَرُ (حَفَرْ) أَيْ الْبِئْرَ لَوْ عُدْوَانًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ أَقْوَى مِنْ الشَّرْطِ نَعَمْ إنْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهَا كَمَا لَوْ تَخَطَّى جَاهِلًا بِالْبِئْرِ فَتَرَدَّى فِيهَا وَمَاتَ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِالْحَفْرِ إنْ كَانَ عُدْوَانًا وَإِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ، وَالْمُبَاشَرَةُ فَقَدْ يَغْلِبُ السَّبَبُ الْمُبَاشَرَةَ بِأَنْ أَخْرَجَهَا عَنْ كَوْنِهَا عُدْوَانًا مَعَ تَوْلِيدِهِ لَهَا كَأَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَقَتَلَهُ الْقَاضِي، أَوْ الْجَلَّادُ، أَوْ بِمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَقَتَلَهُ الْوَلِيُّ، أَوْ وَكِيلُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ زُورٌ

ــ

[حاشية العبادي]

لَوْ جُنَّ وَلَمْ يَمُتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا بِدِيَةِ الْعَقْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِدِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا مُغَلَّظَةٌ فِيمَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ: وَقَيْدُ الِارْتِعَادِ) أَيْ: الَّذِي يَضْمَنُهُ اشْتِرَاطُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ: فَجُنَّ، أَوْ، أَرْعَدَهُ فَالْمُرَادُ قَيْدُ الِارْتِعَادِ إذَا لَمْ يُجَنَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَهُ سَبَّاحًا إلَخْ) لَوْ رَفَعَ مُخْتَارًا يَدَهُ مِنْ تَحْتِهِ لَوْ بَالِغًا لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَغَرِقَ لَزِمَهُ الْقَوَدُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَلْقَاهُ إلَخْ) أَوْ كَتَّفَهُ وَقَيَّدَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي الْمَسْبَعَةِ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا الَّذِي بَحَثَهُ يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُهَذَّبِ: لَوْ رَبَطَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ، وَأَلْقَاهُ فِي مَسْبَعَةٍ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، فَاعْتَبَرُوا ضَعْفَهُ بِالشَّدِّ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا كِبَرَهُ. اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ أُوقِدَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَبِإِيقَادٍ عُدْوَانًا، أَوْ بِمِلْكِهِ فِي رِيحٍ، أَوْ أَسْرَفَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْقَدَهَا عَلَى الْعَادَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي وَقْتِ رِيحٍ، لَكِنْ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ تَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: أَوْ بِمِلْكِهِ فِي رِيحٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْكِهِ قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ بِغَيْرِ سَطْحِهِ (قَوْلُهُ: الْمِيزَابُ) بِالْهَمْزَةِ فِي الْأَفْصَحِ، وَيُقَالُ: مِزْرَابٌ بِزَايٍ فَرَاءٍ، وَعَكَسَهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَقْوَى) يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَبَ أَقْوَى بَدَلًا مِنْ تَعَقُّبٍ أَوَّلَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهَا) أَيْ: الْمُبَاشَرَةِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَخَطَّى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِالْمُبَاشَرَةِ مَانِعٌ لِعَدَمِ وُجُودِهَا رَأْسًا إلَّا أَنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَقِيَ أَثَرُهَا أَيْ الصَّيْحَةِ إلَى الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: غَافَصَهُ) بِغَيْنٍ وَفَاءٍ فَاجَأَهُ وَأَخَذَهُ عَلَى غِرَّةٍ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ لُوحِظَ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى نُسِبَ الْوُقُوعُ إلَى الصِّيَاحِ ضَمِنَ ارْتَعَدَ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِدُخُولِ الْمَاءِ فَدَخَلَهُ مُخْتَارًا فَغَرِقَ كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا م ر وَفِيهِ أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ اهـ.

ق ل وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَا إنْ جَعَلَهُ) أَيْ الطِّفْلَ الْحُرَّ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ اهـ.

م ر، ثُمَّ رَأَيْته بَعْدُ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوَدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، أَوْ دِيَةٍ إنْ عَفَا عَنْهُ عَلَيْهَا هَذَا هُوَ مَا يَأْتِي وَقَالَ زي إنَّ إلْقَاءَهُ فِي زُبْيَةِ السَّبُعِ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ كَمَا فِي ق ل

ص: 8

فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ الْقَاضِي، وَالْوَلِيِّ وَنَائِبِهِمَا، وَقَدْ تَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ السَّبَبَ كَأَنْ رَمَاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ رَجُلٌ وَقَدَّهُ، أَوْ حَزَّ رَقَبَتَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْأَرْضِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَادِّ، وَقَدْ يَتَعَادَلَانِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) يُعْتَبَرُ لِمَا ذُكِرَ أَيْضًا (أَوَّلُ الشَّرْطَيْنِ) إنْ اجْتَمَعَا فَإِنَّ التَّلَفَ يُضَافُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْمُلْجِئَ.

(كَالْمَحْفُورِ) عُدْوَانًا مِنْ إنْسَانٍ (وَنَصْبِ نَصْلٍ) فِيهِ مِنْ آخَرَ فَتَرَدَّى فِيهِ إنْسَانٌ عَلَى النَّصْلِ وَمَاتَ بِهِ فَيَضْمَنُهُ الْحَافِرُ دُونَ النَّاصِبِ وَالْمُرَادُ أَوَّلُهُمَا فِي التَّلَفِ لَا فِي الْوُجُودِ فَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا، ثُمَّ وَضَعَ غَيْرُهُ حَجَرًا كَذَلِكَ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِالْحَجَرِ وَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ وَإِنْ تَعَدَّى الْحَافِرُ فَقَطْ فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَمَا لَوْ حَصَلَ الْحَجَرُ عَلَى طَرَفِ الْبِئْرِ بِسَيْلٍ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ حَرْبِيٍّ قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ وَنَصَبَ غَيْرُهُ فِيهَا نَصْلًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَجَرَحَهُ النَّصْلُ وَمَاتَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتَهَى وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَسْأَلَةِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِعْلُ مَنْ يَقْبَلُ الضَّمَانَ فَإِذَا سَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ انْتَهَى وَأَمَّا كَلَامُ الْمُتَوَلِّي فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْبِئْرِ مُتَعَدِّيًا بِمُرُورِهِ، أَوْ كَانَ النَّاصِبُ لِلنَّصْلِ غَيْرَ مُتَعَدٍّ نَعَمْ تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ بَرَزَتْ بَقْلَةٌ فِي الْأَرْضِ فَتَعَثَّرَ بِهَا مَارٌّ وَسَقَطَ عَلَى حَدِيدَةٍ مَنْصُوبَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْبَقْلَةَ بَعِيدَةُ التَّأْثِيرِ فِي الْقَتْلِ فَزَالَ أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْحَجَرِ وَالْمُرَادُ مِنْ تَضْمِينِ الْحَافِرِ وَالنَّاصِبِ وَالْوَاضِعِ فِي الْآدَمِيِّ تَضْمِينُ عَاقِلَتِهِمْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (مُوجِبُ التَّكْفِيرِ) خَبَرُ مُعْقِبٍ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ: مُعْقِبُ تَلَفِ الْمَعْصُومِ وَلَوْ خَطَأً مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] الْآيَةَ وَغَيْرُ الْخَطَأِ أَوْلَى مِنْهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ «وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ اسْتَوْجَبَ النَّارَ بِالْقَتْلِ فَقَالَ أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ»

(فِي) قَتْلِ (النَّفْسِ) وَلَوْ نَفْسَهُ وَعَبْدَهُ؛ لِأَنَّهُمَا مَعْصُومَانِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُهُمَا كَغَيْرِهِمَا وَفَارَقَتْ الضَّمَانَ بِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِهِ سَوَاءٌ الْمُبَاشَرَةُ وَغَيْرُهَا كَمَا مَرَّ فَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا غَيْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَخَرَجَ بِالنَّفْسِ الْأَطْرَافُ وَالْجِرَاحَاتُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا لِوُرُودِ النَّصِّ بِهَا فِي قَتْلِ النَّفْسِ دُونَ غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ غَيْرُهَا فِي مَعْنَاهَا وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْكَفَّارَةِ فِي بَابِ الظِّهَارِ (لَا عَلَى مُحَارِبٍ) أَيْ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى كُلِّ قَاتِلٍ ظُلْمًا لَا عَلَى حَرْبِيٍّ عِنْدَ الْإِصَابَةِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّلَفِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَنَا وَلَا عَلَى الْجَلَّادِ الْقَاتِلِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا هُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّهُ سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ وَلَا عَلَى الْعَائِنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُفْضِي إلَى الْقَتْلِ اخْتِيَارًا وَلَا تُعَدُّ مِنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ لِصَائِلٍ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَلَا عَلَى الْعَادِلِ بِقَتْلِهِ بَاغِيًا، أَوْ عَكْسُهُ كَذَلِكَ طَرْدًا لِلْإِهْدَارِ وَحَقُّ اللَّهِ أَوْلَى بِالْمُسَامَحَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَثْنَ هَؤُلَاءِ مَعَ الْحَرْبِيِّ لِخُرُوجِهِمْ بِقَيْدِ الظُّلْمِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَيُعْتَدُّ بِصَوْمِ الصَّبِيِّ عَنْهَا بِنَاءً عَلَى الِاعْتِدَادِ بِقَضَائِهِ الْحَجَّ الَّذِي أَفْسَدَهُ

(بِلَا تَجْزِئَةٍ) لِلْكَفَّارَةِ فَلَوْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا لَمْ يُكْتَفَ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَزَّأَةٍ عَلَى عَدَدِهِمْ بَلْ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ كَفَّارَةٌ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْأَطْرَافِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهِيَ لَا تَتَوَزَّعُ عَلَى الْجَمَاعَةِ (كَذَا الْقِصَاصُ جُعِلَا) غَيْرَ مُجْزِئٍ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

يُمْنَعَ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: عَدَمُ وُجُودِهَا مَانِعٌ مِنْ التَّعَلُّقِ بِهَا، وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي مَعْنَى السَّلْبِ الصَّادِقِ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ فِعْلَهُ وَتَخَطِّيهِ صَوْبَ الْبِئْرِ مُبَاشَرَةٌ، لَكِنَّ جَهْلَهُ بِالْبِئْرِ مَانِعٌ مِنْ تَأْثِيرِهَا حَتَّى يَسْقُطَ الضَّمَانُ. (قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا) أَيْ: الْجَلَّادِ وَوَكِيلِ الْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ: كَالْمَحْفُورِ) أَيْ: كَحَفْرِ الْمَحْفُورِ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عُدْوَانًا. (قَوْلُهُ: تَضْمِينُهُ) أَيْ: الْحَافِرِ. (قَوْلُهُ: فِي تَرِكَتِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ، وَلِمَا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ، فَكُلَّمَا تَرَدَّى فِيهَا أَحَدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ فِي تَرِكَتِهِ وَاسْتُرِدَّ مِنْ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ إلَى أَنْ تَفْنَى.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: كَذَلِكَ اشْتِرَاطَ عَدَمِ انْدِفَاعِ شَرِّهِ إلَّا بِالْقَتْلِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَحَقُّ اللَّهِ أَوْلَى) أَيْ: مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ فِي الْقَتْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهِمْ بِقَيْدِ الظُّلْمِ) فِي شُمُولِ هَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: فَعَثَرَ) بِتَثْلِيثِ الثَّاءِ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَمَّا الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْوَاضِعُ فَلِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الْمُفْضِي لِلسُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ فَكَانَ الْحَافِرُ كَالْمُبَاشِرِ، وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى تَعَدِّي الْوَاقِعِ بِمُرُورِهِ أَنَّ النَّاصِبَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ اهـ.

م ر وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ وَنَسِيَ الْبِئْرَ حَتَّى لَا يَكُونَ الدَّاخِلُ مُتَعَدِّيًا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى مُحَارِبٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا عَلَى قَاتِلِ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحَقُّ اللَّهِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ أَوْلَى بِالْمُسَامَحَةِ) أَيْ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ الْقَتْلُ الَّذِي سُومِحَ بِهِ هُنَا فَلَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَدُّ بِصَوْمِ الصَّبِيِّ) مِثْلُهُ الْمَجْنُونُ بِشَرْطِ

ص: 9

الْقَاتِلِينَ لِوَاحِدٍ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ (وَيُوجِبُ) مُعْقِبُ التَّلَفِ عَلَى الْجَانِي مَعَ الْكَفَّارَةِ (الضَّمَانَ) بِالْمَالِ مِنْ دِيَةٍ، أَوْ حُكُومَةٍ، أَوْ قِيمَةٍ (أَيْضًا) لِغَيْرِهِ (لَا لَهْ) إذْ لَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ (وَعَبْدِهِ) أَيْ: وَلَا لِعَبْدِهِ إذَا كَانَ عَبْدًا لَهُ (فِي وَقْتِ صَيِّبٍ نَالَهْ) أَيْ فِي وَقْتِ الْإِصَابَةِ الَّتِي نَالَتْ عَبْدَهُ مِنْهُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بَعْدَهَا إذْ بِهَا الِاعْتِبَارُ كَمَا مَرَّ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ رَمَى إلَى عَبْدٍ، ثُمَّ مَلَكَهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ بِإِرْثٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ عِنْدَهَا وَخَرَجَ مَا لَوْ رَمَى إلَى عَبْدِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَيَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدَهُ عِنْدَهَا.

(وَلَوْ) كَانَ عَبْدُهُ الَّذِي أَصَابَهُ (مُكَاتَبًا) فَلَا يُوجِبُ الْمُعْقِبُ ضَمَانَهُ كَالْقِنِّ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً وَمَحَلُّهُ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا قَتَلَهُ فَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ وَجَبَ لَهُ الْأَرْشُ (وَبَعْضًا) أَيْ: أَوْ كَانَ بَعْضًا لَهُ أَيْ: أَحَدَ أُصُولِهِ، أَوْ فُرُوعِهِ، وَقَدْ (مَثَّلَهُ) أَيْ: الْحَاوِي بِمَا إذَا (بِيعَ مُكَاتَبٌ أَبًا) لَهُ بِأَنْ ابْتَاعَهُ بِإِذْنِ سَيِّدٍ (وَقَتَلَهْ) فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ إذْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُكَاتَبِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَعْضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْأَبِ (وَلَا) يُوجِبُ الْمُعْقِبُ الضَّمَانَ (لِآذِنٍ) لَهُ وَهُوَ حُرٌّ مُكَلَّفٌ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ (وَ) لَا (فِي قَطْعٍ) لِطَرَفِهِ وَإِنْ (سَرَى) أَيْ: الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ حَقَّهُ إذْ الدِّيَةُ تَجِبُ لَهُ ابْتِدَاءً فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلِهَذَا تُنَفَّذُ مِنْهَا وَصَايَاهُ وَيُوَفَّى دُيُونُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْإِذْنَ لَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَتَارِكٍ مَوْثُوقَ دَفْعِ مَا طَرَا) أَيْ: وَلَا يُوجِبُ الْمُعْقِبُ الضَّمَانَ لِتَارِكِ فِعْلٍ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي دَفْعِ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِنَايَةِ (كَالْمُكْثِ) مِنْهُ (فِي النَّارِ) الَّتِي أَلْقَاهُ فِيهَا غَيْرُهُ مَعَ سُهُولَةِ خُرُوجِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّرْكِ مُعْرِضٌ عَمَّا يُنْجِيهِ يَقِينًا فَهُوَ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ فَأَعْرَضَ عَنْ الْأَكْلِ حَتَّى مَاتَ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي مُغْرِقٍ وَهُوَ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَلَمْ يَسْبَحْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَمَا لَوْ قَصَدَهُ فَلَمْ يَعْصِبْ نَفْسَهُ حَتَّى مَاتَ.

وَخَرَجَ بِالْمَوْثُوقِ بِهِ فِي الدَّفْعِ غَيْرُهُ كَتَرْكِهِ مُعَالَجَةَ جُرْحِهِ الْمُهْلِكِ حَتَّى مَاتَ فَيَجِبُ ضَمَانُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَأَثَّرَ بِأَوَّلِ مُلَاقَاةِ النَّارِ قَبْلَ تَقْصِيرِهِ مَضْمُونٌ أَرْشًا وَحُكُومَةً وَلَوْ تَنَازَعَ الْمَلْقِيّ وَالْوَلِيُّ فِي تَمَكُّنِهِ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ النَّارِ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ لَخَرَجَ

(وَلَا إنْ يَزْعُم كُفْرًا) أَيْ: بِظَنِّهِ الْجَانِي الْمُسْلِمِ كَافِرًا حَرْبِيًّا بِأَنْ كَانَ (بِدَارِ الْحَرْبِ) عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ، أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ (أَوْ) كَانَ فِي (صَفِّهِمْ) لَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَبَانَ مُسْلِمًا فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ كُفْرُهُ فَيُعْذَرُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ} [النساء: 92] أَيْ: فِي قَوْمٍ {عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ إعْدَامِ النَّفْسِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْإِثْمِ وَالتَّعَدِّي بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَخَرَجَ بِدَارِ الْحَرْبِ دَارُ الْإِسْلَامِ إذْ ظَاهِرُ حَالِهِ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِصَفِّ الْكُفَّارِ الْعِصْمَةُ وَلِهَذَا رُجِّحَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ عِنْدَ التَّكَافُؤِ أَمَّا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَعَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

لِقَوْلِهِ: أَوْ عَكْسُهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَاغِيَ ظَالِمٌ فَإِنْ قُلْت: هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ. قُلْت: أَمَّا أَوَّلًا فَعَدَمُ عِصْيَانِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى تَفْصِيلٍ يُرَاجَعُ مِنْ مَحِلِّهِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَعَدَمُ عِصْيَانِهِ إنَّمَا يَمْنَعُ الظُّلْمَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ ظُلْمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا أَنَّهُ لَا مُسَوِّغَ لَهُ فِي الْوَاقِعِ، وَلَوْ أُرِيدَ الظُّلْمُ فِي الظَّاهِرِ خَرَجَ قَتْلُ الْخَطَأِ مَعَ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ) أَيْ: لَوْ قُلْنَا: بِتَجَزُّئِهِ سَقَطَ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَجَزُّئِهِ، وَوَجَبَ الْمَالُ فَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَعَ ظُهُورِ اسْتِحَالَةِ تَجَزُّئِهِ بَيَانُ وُجُوبِ قَتْلِ الْجَمِيعِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ انْتِفَائِهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَجَزُّئِهِ. (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِ نَفْسِهِ) وَلَوْ أَذِنَ فِي قَذْفِ نَفْسِهِ فَلَا حَدَّ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا الدَّلِيلُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْمَالِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إذْ ظَاهِرُ حَالِهِ فِيهَا إلَخْ) سَوَاءٌ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا أَمْ مُرْتَدًّا بِرّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا، فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَقَدْ اعْتَمَدَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ الْقِصَاصِ، وَقَالَ: إنَّهُ نَظِيرُ مَا لَوْ قَتَلَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَقَدْ جَاءُوا تَائِبِينَ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَهْدِ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا، فَإِنْ قَتَلَهُ بِدَارِنَا فَلَا قَوَدَ، أَوْ بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ فَهَدْرٌ. اهـ. وَقَضِيَّةُ صَنِيعِهِ حَيْثُ قَالَ هُنَا: فَهَدْرٌ وَفِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا قَوَدَ وُجُوبُ الدِّيَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّمْيِيزِ فِيهِمَا اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ صَيِّبٍ) الصَّيِّبُ مَصْدَرُ صَابَهُ يَصِيبُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ لُغَةٌ فِي أَصَابَهُ يُصِيبُهُ إصَابَةً اهـ.

عِرَاقِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَبْدُهُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُكَاتَبًا وَلَوْ كَانَ عَبْدُهُ أَبَاهُ، أَوْ ابْنَهُ اهـ.

عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ إذْ أَعْتَقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُرٌّ) وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيَسْقُطُ بِإِذْنِهِ الْقَوَدُ دُونَ الضَّمَانِ شَرْحُ إرْشَادٍ (قَوْلُهُ: لِتَارِكٍ إلَخْ) وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: يَظُنُّهُ) الْمُرَادُ بِالظَّنِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي حِرَابَتِهِ وَعَدَمِهَا كَإِسْلَامِهِ، أَوْ ذِمِّيَّتِهِ اهـ.

ق ل، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ وَقَتَلَهُ بِدَارِهِمْ وَعَلِمَ مَكَانُهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عُمُومِ التَّرَدُّدِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا اهـ.

وَقَوْلُهُ: مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ يَشْمَلُ الْوَهْمَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ.

رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُ) أَيْ أَوْ الذِّمِّيُّ الَّذِي اسْتَعَنَّا بِهِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَافِرًا حَرْبِيًّا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ظَنُّ كُفْرِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ

ص: 10

الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ ظَنَّهُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْقَتْلِ (فِي كَامِلِ النَّفْسِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الذَّكَرُ غَيْرُ الْجَنِينِ أَيْ: مُعْقِبُ تَلَفِ مَعْصُومٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ (لَدَى الْمَوْتِ) أَيْ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً عِنْدَ الْإِصَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا كَأَنْ جَرَحَ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَا وَمَاتَا.

قَوْلُهُ: (مِائَهْ) بَدَلٌ مِنْ الضَّمَانِ أَيْ: مُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ الضَّمَانَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ (قَدْ خُمِّسَتْ) عِشْرِينَ (بِنْتُ مَخَاضٍ مُجْزِئَهْ) أَيْ: كَافِيَةٌ بِأَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ (وَوَلَدَيْ لَبُونَةٍ) أَيْ: وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرِينَ ابْنَ لَبُونٍ (وَ) عِشْرِينَ (حَقَّهْ وَ) عِشْرِينَ (جَذَعَةً فِي الْخَطَإِ) أَيْ: خُمِّسَتْ فِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْفِعْلَ كَمَا لَوْ زَلَقَ فَسَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ يَقْصِدَهُ دُونَ الشَّخْصِ كَمَا لَوْ رَمَى إلَى هَدَفٍ فَأَصَابَ إنْسَانًا، أَوْ إلَى إنْسَانٍ فَأَصَابَ آخَرَ وَكَذَا لَوْ قَصَدَ إنْسَانًا ظَنَّهُ شَجَرَةً، أَوْ أَرَادَ ضَرْبَهُ بِالسَّيْفِ صَفْحًا فَأَخْطَأَ وَأَصَابَهُ بِحَدِّهِ وَقَوْلُهُ: مُجْزِئَةٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: (اسْتَحَقَّهْ) أَيْ اسْتَحَقَّ الْقَتِيلُ مَا ذُكِرَ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالُوا وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَخْذِ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ وُجُوبُ عِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ بَدَلَ بَنِي اللَّبُونِ فَقَدْ قَالَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّ قَالَ الشَّارِحُ وَسَبَقَهُ لِاخْتِيَارِ ذَلِكَ لِهَذَا الْمُدْرَكِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ وَاعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ حَالَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ التَّالِفِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حَالُ التَّلَفِ وَنَظَرُ الْقَتْلِ خَطَأٌ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ: (كَعَبْدِهِ) الْمُسْلِمِ حَيْثُ (يَعْتِقُ)

(وَالْحَرْبِيّ) إذَا (أَسْلَمَ وَالْمُرْتَدِّ) إذَا أَسْلَمَ (بَعْدَ الرَّمْيِ) مِنْ السَّيِّدِ فِي الْأُولَى وَالْمُلْتَزِمِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ فَتَجِبُ دِيَةُ الْخَطَإِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ كَامِلَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّمْيِ تَنَازَعَهُ يَعْتِقُ وَأَسْلَمَ وَأَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْخَطَإِ تَنْزِيلًا لِعُرُوضِ الْعِتْقِ وَالْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ اعْتِرَاضِ الْإِنْسَانِ فِي مُرُورِ السَّهْمِ إلَى الْهَدَفِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْكَمَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (كَجَرْحِهِ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي فَإِنْ جَرَحَ (عَبْدًا) مُسْلِمًا (لِغَيْرٍ فَعَتَقْ، ثُمَّ سَرَى) جُرْحُهُ إلَى نَفْسِهِ (فَمِائَةً) مِنْ الْإِبِلِ (أَدَّى) لِمُسْتَحِقِّهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسًا كَامِلَةً عِنْدَ الْمَوْتِ (وَحَقْ سَيِّدِهِ مِنْهَا أَقَلُّ) الْأَمْرَيْنِ مِنْ (مَا وَجَبْ بَعْدُ) أَيْ: آخِرًا (بِمَا جَنَى) أَيْ: بِالْجِنَايَةِ (عَلَى مِلْكٍ) لَهُ (ذَهَبْ) أَيْ: زَالَ بِالْعِتْقِ (وَ) مِنْ (أَرْشِ مَا جَنَاهُ حَالَ الْمِلْكِ) ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَقَعْ فِي مِلْكِهِ حَتَّى تُعْتَبَرَ فِي حَقِّهِ (أَوْ قِيمَتِهِ) أَيْ: حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ الْمِائَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، أَوْ قِيمَةُ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا (وَخِيرَةَ الْجَانِي) فِي ذَلِكَ (رَأَوْا) فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ الْإِبِلَ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ آخِرًا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ الْإِبِلُ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ نَقَلَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

إنْ قَتَلَهُ بِدَارِنَا، بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ وُجُوبُ الدِّيَةِ مُطْلَقًا، وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْإِسْعَادِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بِدَارِنَا وَهُوَ عَلَى زِيِّهِمْ كَقَتْلِهِ بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ، أَوْ إنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ بِدَارِنَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ، فَلَا قَوَدَ أَوْ وَعَلَيْهِ زِيُّهُمْ، أَوْ قَتَلَهُ بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعُذْرِهِ. اهـ. وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ أَيْ: وَلَا إنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ، وَهُوَ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ بِدَارِنَا، أَوْ دَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ فَبَانَ مُسْلِمًا، فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ لِعُذْرِهِ، وَكَذَا لَا دِيَةَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَهَا، وَارْتَضَاهُ فِي الْإِسْعَادِ. اهـ. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ سَمَاعِ إسْلَامِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ تَقِيَّةٌ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ.

(قَوْلُهُ: قَالُوا وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ) قَدْ يُقَالُ: أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِهِ لِلْخَبَرِ لَا لِكَوْنِهِ أَقَلَّ مَا قِيلَ: وَمَعَ وُجُودِهِ لَا يَأْخُذُ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ: وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْخَطَأِ) فَلَيْسَ خَطَأً حَقِيقَةً، وَقَوْلُهُ: تَنْزِيلًا إلَخْ وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنَّهُ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْخَطَأِ فِي إيجَابِ دِيَةٍ مُخَمَّسَةٍ، وَلَيْسَ خَطَأً وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ النَّظْمِ، وَأَصْلِهِ خِلَافَهُ فَهُوَ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ لِلْخَطَأِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةُ الْأَقَلِّ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا وَجَبَ آخِرًا بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمِلْكِ أَوَّلًا، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ حَالَ الْمِلْكِ إمَّا مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ قِيمَتِهَا. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَقَلُّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ حَالَ الْمِلْكِ إنْ شَاءَ دَفْعَهُ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ مِنْ النَّقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَخِيرَةُ الْجَانِي رَأَوْا) مِنْهُ تَعْلَمْ أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ قَالَ: أَنَا أَتَسَلَّمُ الْإِبِلَ لِنَفْسِي وَأَدْفَعُ لِلسَّيِّدِ مَا يَسْتَحِقُّهُ نَقْدًا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّا لَا نَقُولُ هُنَا: أَنَّ الْإِبِلَ تَرِكَتُهُ مَرْهُونَةٌ لِحَقِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

ظَنِّ حِرَابَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ قَالَ: أَمَّا إذَا ظَنَّهُ ذِمِّيًّا فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَرْشِ مَا جَنَاهُ) مُرَادُهُ بِالْأَرْشِ مَا يَشْمَلُ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِجُرْحِهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَأَرْشُهُ إنْ كَانَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ رَاجِعْ الْمَنْهَجَ وَشَرْحَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنُ) أَيْ لِلْوَرَثَةِ

ص: 11

يَقْتَضِي أَنَّهُمَا وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا بَحْثًا وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ بِالثَّانِي وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ فِي الْقَسَامَةِ

وَمَثَّلَ النَّاظِمُ لِلضَّابِطِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: (كَقَطْعِ كَفٍّ عَبْدِ غَيْرٍ فَعَتَقْ فَآخَرُ) قَطَعَ الْكَفَّ (الْأُخْرَى وَآخَرُ الْتَحَقْ رِجْلًا) مِنْ الْعَبْدِ فَقَطَعَهَا وَمَاتَ بِجِرَاحَاتِهِمْ الثَّلَاثَةِ فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ ثَلَاثًا (لِسَيِّدٍ) مِنْهَا (أَقَلُّ تَأْدِيَهْ) أَيْ أَقَلُّ مَا يُؤَدَّى (مِنْ نِصْفِ قِيمَةٍ) لِلْعَبْدِ وَهُوَ أَرْشُ جِنَايَةِ الْمِلْكِ (وَمِنْ ثُلُثِ الدِّيَهْ) الْوَاجِبِ آخِرًا بِجِنَايَةِ الْمِلْكِ (وَإِنْ يَعُدْ قَاطِعُهُ فِي الرِّقِّ وَيَجْرَحْ) الْعَبْدُ (الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْعِتْقِ) وَيَمُوتُ بِجِرَاحَاتِهِمْ الْأَرْبَعِ لَمْ يَجِبْ عَلَى قَاطِعِهِ فِي الرِّقِّ سِوَى ثُلُثِ الدِّيَةِ تَوْزِيعًا لَهَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِ جِرَاحَاتِهِمْ وَالثُّلُثُ مُوَزَّعٌ عَلَى جِرَاحَتَيْهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَلِهَذَا (كَانَ الْأَقَلُّ مِنْ سَدِيسِ مَا يَدِي) أَيْ: مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ (وَ) مِنْ (النِّصْفِ مِنْ قِيمَتِهِ لِلسَّيِّدِ)

، وَقَدْ تُغَلَّظُ دِيَةُ غَيْرِ الْعَمْدِ لِلتَّثْلِيثِ وَلِتَغْلِيظِهَا بِهِ أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ:(وَقَتْلُ مَنْ أَخْطَأَ فِي) قَتْلِ (ذِي رَحِمِ قُلْت مُنَاسِبٌ لِمُخْطٍ مَحْرَمِ) أَيْ: قَرِيبِ مَحْرَمٍ لِلْقَاتِلِ الْمُخْطِئِ يُوجِبُ مِائَةً مُثَلَّثَةً كَمَا سَيَأْتِي لِعِظَمِ حُرْمَةِ الرَّحِمِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ (هَذَا) أَيْ: اعْتِبَارُ الْمَحْرَمِيَّةِ (هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُعْظَمِ) وَمِنْهُمْ الشَّيْخَانِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَعْتَبِرُهَا وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُمَا وَخَرَجَ بِذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمُ بِمُصَاهَرَةٍ، أَوْ رَضَاعٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ذِي رَحِمٍ (وَ) قَتْلُ مَنْ أَخْطَأَ فِي الْقَتْلِ فِي (حَرَمِ الْبَيْتِ) الَّذِي هُوَ حَرَمُ مَكَّةَ يُوجِبُ مِائَةً مُثَلَّثَةً وَإِنْ (أُصِيبَ) الْقَتِيلُ فِي الْحَرَمِ وَرُمِيَ مِنْ خَارِجِهِ (أَوْ رُمِيَ) مِنْ دَاخِلِهِ وَأُصِيبَ خَارِجَهُ كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ خُرُوجُ الْجَرِيحِ فِي الْحَرَمِ مِنْهُ وَمَوْتُهُ خَارِجَهُ وَقَضِيَّةُ الْإِلْحَاقِ بِالصَّيْدِ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْقَاتِلِ، أَوْ الْقَتِيلِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ قَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ هَوَاءَ الْحَرَمِ وَهُمَا بِالْحِلِّ غُلِّظَتْ الدِّيَةُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ إلْحَاقَ ذَلِكَ بِالصَّيْدِ بَعِيدٌ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِكَوْنِ الْقَتِيلِ، أَوْ الْجَرِيحِ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ، أَوْ الْجَارِحُ فِيهِ، أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ وَكَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ انْتَهَى.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي إلْحَاقِ ذَلِكَ بِالصَّيْدِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جِنَايَةٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَذَاكَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ دَائِمَةٍ وَبِمَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ

(وَ) قَتْلُ مَنْ أَخْطَأَ فِي الْقَتْلِ فِي أَحَدِ أَشْهُرٍ (حُرُمٍ) ذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ يُوجِبُ مِائَةً مُثَلَّثَةً وَلَا يَلْتَحِقُ بِهَا شَهْرُ رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ سَيِّدَ الشُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفُ قَالَ تَعَالَى {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] وَالظُّلْمُ فِي غَيْرِهِنَّ مُحَرَّمٌ أَيْضًا وَقَالَ: تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217](وَ) قَتْلُ (شِبْهِ عَمْدٍ) وَيُسَمَّى عَمْدَ الْخَطَإِ أَيْضًا وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالضَّرْبِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا يُوجِبُ مِائَةً مُثَلَّثَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ سَيَأْتِي بَيَانُ الْعَمْدِ وَحُكْمُهُ مِنْ تَغْلِيظٍ وَغَيْرِهِ وَيَجْرِي التَّثْلِيثُ أَيْضًا فِي أُرُوشِ الْجِرَاحِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَا يَجْرِي فِي الْحُكُومَاتِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أَقَلِّ الْأُرُوشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (نَظَّرَهْ) أَيْ: مَثَّلَ الْحَاوِي شِبْهَ الْعَمْدِ

(بِكُرْهِهِ) أَيْ: بِأَنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ (عَلَى صُعُودِ شَجَرَهْ) فَصَعِدَ فَزَلِقَ (فَمَاتَ فِي) وَفِي نُسْخَةٍ عَنْ (صُعُودِهِ بِالزَّلْقَهْ) وَقَوْلُهُ: (سِتِّينَ بَيْنَ جَذَعَةٍ وَحِقَّةٍ تَسَاوَيَا) بَدَلٌ مِنْ مِائَةٍ أَيْ: الْقَتْلُ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ يُوجِبُ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ قَدْ تُثَلَّثُ سِتِّينَ مَقْسُومَةً نِصْفَيْنِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً (وَأَرْبَعِينَ خِلْفَهْ) وَفَسَّرَ الْخِلْفَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (أَيْ: حَامِلًا) وَلَوْ قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ (بِقَوْلِ) عَدْلَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

السَّيِّدِ كَيْ يَثْبُتَ لِلْوَارِثِ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ نَقُولُ: حَقُّهُ ثَابِتٌ فِي عَيْنِ الدِّيَةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لِلْجَانِي دَفْعُ النَّقْدِ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا يَجِبُ سَبَبُهُ الْجِنَايَةُ حَالَ الرِّقِّ بِرّ

. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالضَّمَانِ) أَقُولُ: كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ ضَمَانِ الصَّيْدِ بِالْإِحْرَامِ دُونَ التَّغْلِيظِ هُنَا؟ . كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ، وَكَانَ حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ التَّغْلِيظَ هُنَا نَظِيرُ أَصْلِ الضَّمَانِ فِي الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّيْدِ الْإِبَاحَةُ وَالضَّمَانُ يَطْرَأُ لِلْحَرَمِ، أَوْ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ ثَبَتَ ضَمَانُ الصَّيْدِ بِالْإِحْرَامِ دُونَ التَّغْلِيظِ هُنَا، وَهَذَا يُنَافِي أَوْلَوِيَّةَ مَا هُنَا بِالضَّمَانِ، وَيَقْتَضِي الْعَكْسَ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي التَّثْلِيثُ أَيْضًا إلَخْ) وَطَرِيقُهُ النِّسْبَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا حِقَاقٌ، وَكَذَا جِذَاعٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا خِلْفَاتٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ النَّفْسِ الْكَامِلَةِ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَقَلِّ الْأَرْشِ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِالْأَقَلِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْحُكُومَةُ لَا تَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ قَدْ يَبْلُغُ دِيَةَ النَّفْسِ كَأَرْشِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْحُكُومَةُ لَا تَبْلُغُ دِيَةَ نَفْسٍ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ: عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ شِبْهَ عَمْدٍ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا، وَأَنْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالتَّقْيِيدُ بِأَنْ تَكُونَ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا وَإِلَّا فَهُوَ خَطَأٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَإِنْ جَزَمَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَقَلُّ) أَيْ، أَوْ مَا يُسَاوِي (قَوْلُهُ: فَلِهَذَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ جَرَحَ جَرْحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي الرِّقِّ، وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالدِّيَةُ تُوَزَّعُ عَلَى حَسَبِ الرُّءُوسِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الرِّقِّ، وَالْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَالسَّيِّدُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ فِي الرِّقِّ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ اهـ.

ع ش

(قَوْلُهُ: أَيْ قَرِيبٌ مَحْرَمٌ) يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَتَلَ ابْنَ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ بِنْتُ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَغْلِيظَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ ذُو رَحِمِ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ

ص: 12

مِنْ (أَهْلِ الْمَعْرِفَهْ) إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُسْتَحِقُّ الْجَانِي فِيهَا وَلَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَلْ جَمْعُهَا مَخَاضٌ كَامْرَأَةٍ وَنِسَاءٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهَا خِلَفٌ وَابْنُ سِيدَهْ خَلِفَاتٌ (وَاسْتَدْرَكَ الْمُخْطِي) فِي كَوْنِهَا خَلِفَةً بِأَنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ بِإِعْطَاءِ خَلِفَةٍ (وَلَكِنْ) مَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَلِفَةٍ (ضَمِنَهْ) وَلِيُّ الدَّمِ لِمُعْطِيهِ فَيَرُدَّهُ إنْ بَقِيَ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ إنْ تَلِفَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْرَفُ الْخَطَأُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِشَقِّ بَطْنِهَا

(يُؤْخَذُ) فِي دِيَةِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ مِقْدَارُ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي (فِي الْآخَرِ مِنْ كُلِّ سَنَهْ) مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ رَوَى تَأْجِيلَهَا بِالثَّلَاثِ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى فُتْيَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الثَّلَاثِ فِي التَّوْزِيعِ وَابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْوَاجِبِ لِلنَّفْسِ (مِنْ يَوْمِ) أَيْ: وَقْتِ (مَوْتٍ) لَهَا بِمُزْهِقٍ، أَوْ سِرَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَحِلُّ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَكَانَ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ (وَ) ابْتِدَاؤُهَا فِي الْوَاجِبِ (لِجُرْحٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْجُرْحِ أَيْ: وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِهِ وَبِانْدِمَالِهِ يَتَبَيَّنُ الْقَرَارُ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُعْتَبَرُ انْدِمَالُهُ وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ لَا مُطَالَبَةَ بِالدِّيَةِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْمُطَالَبَةِ لِيَتَبَيَّنَ مُنْتَهَى الْجِرَاحَةِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ لَيْسَ وَقْتَ مُطَالَبَةٍ فَلَا يُقَاسُ ضَرْبُ الْمُدَّةِ بِالْمُطَالَبَةِ (وَمَا سَرَى) أَيْ: وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ فِي الْوَاجِبِ لِلسِّرَايَةِ مِنْ عُضْوٍ إلَى آخَرَ (مِنْ وَقْتِهَا) أَيْ: وَقْتِ انْتِهَائِهَا فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ، ثُمَّ سَرَى إلَى كَفِّهِ مَثَلًا فَابْتِدَاءُ مُدَّةِ أَرْشِ الْأُصْبُعِ مِنْ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ لَمْ يَسْرِ وَأَرْشُ الْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (اجْعَلْنَهُ) تَكْمِلَةً وَإِنْ كَانَ التَّقْدِيرُ اجْعَلْ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ فِي هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ مِمَّا ذُكِرَ (مِقْدَارُ ثُلْثِهَا) بِالرَّفْعِ بِيُؤْخَذُ أَيْ: وَيُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ النَّفْسِ الْكَامِلَةِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمِقْدَارِ لِيُفِيدَ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْأَجَلِ إلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ لَا إلَى بَدَلِ النَّفْسِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ قَدْرَ الدِّيَةِ مَرَّتَيْنِ كَقَتْلِ عَبْدٍ يُسَاوِي ذَلِكَ وَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أُخِذَ فِي سِتِّ سِنِينَ، أَوْ قَدْرُ نِصْفِهَا كَدِيَةِ الْمَرْأَةِ فَفِي آخِرِ السَّنَةِ الْأُولَى الثُّلُثُ وَفِي آخِرِ الثَّانِيَةِ الْبَقِيَّةُ، أَوْ قَدْرُ ثُلُثِهَا كَدِيَةِ الذِّمِّيِّ فَفِي سَنَةٍ وَكَذَا دُونَ ثُلُثِهَا كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَتَجَزَّأُ

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ كَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ تَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَاعْتُبِرَ مُضِيُّهَا لِيَجْتَمِعَ عِنْدَهُمْ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ فَيُوَاسُونَ عَنْ تَمَكُّنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا، أَمْ مُتَعَدِّدًا فَلَوْ قَتَلَ ثَلَاثَةٌ وَاحِدًا أُخِذَ الثُّلُثُ مِنْ عَاقِلَتِهِمْ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْقَتْلَى فَلَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ دَفْعَةً أُخِذَ لِكُلِّ قَتِيلٍ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَلَا يُؤَخَّرُ بَعْضُهُمْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّ غَيْرِهِ كَالدُّيُونِ الْمُخْتَلِفَةِ فَيَغْرَمُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ دِيَةً كَامِلَةً إنْ كَانَ الْقَتْلَى ثَلَاثَةً

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْعَاقِلَةِ وَصِفَتِهِمْ وَكَيْفِيَّةِ التَّوْزِيعِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ (مِنْ وَسَطٍ أَيْ: مَالِكِ الزَّائِدِ لَدَاهُ عَمَّا احْتَاجَ مِنْ دِينَارِ رُبْعٌ) أَيْ: يُؤْخَذُ قَدْرُ الثُّلُثِ مِنْ مُتَوَسِّطٍ أَيْ: مَالِكٍ لِمَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ عِشْرِينَ دِينَارًا عِنْدَ آخِرِ السَّنَةِ رُبْعُ دِينَارٍ (وَ) مِنْ غَنِيٍّ أَيْ: (ذِي عِشْرِينَ) دِينَارٌ أَوْ قَدْرُهَا فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ عِنْدَ آخِرِ السَّنَةِ (نِصْفٌ) مِنْ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (جَارِي) أَيْ: فِي الْمُعَامَلَةِ تَكْمِلَةَ، وَرُبْعٌ وَنِصْفٌ بَدَلَانِ مِنْ مِقْدَارِ ثُلُثِهَا وَعَطَفَ عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ: (أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمِقْدَارِ) أَيْ: إنَّمَا قَالَ: مِقْدَارُ ثُلُثِهَا وَلَمْ يَقُلْ ثُلُثُهَا بِإِسْقَاطِ مِقْدَارِ. (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ إلَخْ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَهُوَ النَّظَرُ إلَى كَوْنِهَا بَدَلَ نَفْسٍ فَقَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ يَكُونُ التَّأْجِيلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ عَلَى سِتَّةٍ أَيْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ نَظَرًا إلَى بُلُوغِ الْأَرْشِ مِقْدَارَ دِيَتَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَقَتْلِ عَبْدٍ) قَدْ يُشْكِلُ التَّمْثِيلُ بِهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ، وَفِي الْجُرْحِ وَالسِّرَايَةِ وَقَتْلِ الْعَبْدِ بِمُثَقَّلٍ مَثَلًا لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَاقِلَتِهِمْ) بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ آخِرَ كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الثُّلُثِ

(قَوْلُهُ: لَدَاه) أَيْ: عِنْدَ آخِرِ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: عَمَّا احْتَاجَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لِزَائِدٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْلُغْ) أَيْ: مَا يَفْضُلُ. (قَوْلُهُ: بَدَلَانِ) قَدْ يُقَالُ: إطْلَاقُ قَوْلِهِ: لِزَائِدٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ زَائِدًا لَكِنَّهُ دُونَ الرُّبْعِ لَزِمَهُ الرُّبْعُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْجَعَهُ) أَيْ: فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ دِينَارًا وَلِلْجَانِي

ــ

[حاشية الشربيني]

لَيْسَتْ مِنْ الرَّحِمِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْيِيدَ الْمَحْرَمِيَّةِ بِكَوْنِهَا مِنْهُ اهـ.

خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: لِزَائِدٍ) أَيْ فَوْقَ رُبْعِ دِينَارٍ م ر وَغَيْرُهُ قَالُوا لِئَلَّا يَرْجِعَ بَعْدَ دَفْعِ رُبْعِ الدِّينَارِ فَقِيرًا وَفِيهِ أَنَّ الْمَحْذُورَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ فَقِيرٍ وَلَا مَحْذُورَ فِي عَوْدِهِ بَعْدَ الدَّفْعِ فَقِيرًا رَاجِعْ حَاشِيَةَ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْلُغْ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ فَوْقِ رُبْعِ دِينَارٍ

ص: 13

حِصَّةُ) الْوَاجِبِ (الْقَلِيلِ) فَلَوْ وَجَبَ دِينَارٌ وَالْعَاقِلَةُ كَثِيرٌ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِ أَحَدٍ لِشُمُولِ جِهَةِ التَّحَمُّلِ لَهُمْ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَحَمُّلَ الْعَاقِلَةِ جَارٍ فِي بَدَلِ الْجِرَاحَةِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ حُكُومَةً كَبَدَلِ النَّفْسِ وَوَجْهُ التَّقْدِيرِ بِالنِّصْفِ أَنَّهُ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَبِالرُّبْعِ أَنَّ مَا دُونَهُ تَافِهٌ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْقَطْعِ بِهِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُعْتَبَرَ مِقْدَارُهُمَا لَا عَيْنُ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ يُصْرَفُ لِلْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْغَنِيِّ نِصْفُ دِينَارٍ، أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ لِمُقَابَلَةِ الدِّينَارِ عِنْدَنَا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَمَا اُعْتُبِرَ بِهِ الْغِنَى وَالتَّوَسُّطُ مِمَّا مَرَّ

قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَضَبَطَهُمَا الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ بِالْعَادَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُتَوَسِّطِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ فَوْقَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ لِئَلَّا يُرَدَّ بِأَخْذِهِ مِنْهُ إلَى حَدِّ الْفَقْرِ، وَقَدْ يُقَاسُ بِهِ الْغِنَى لِئَلَّا يُرَدَّ إلَى حَدِّ التَّوَسُّطِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ وَاعْتُبِرَ الْغَنِيُّ وَالْمُتَوَسِّطُ بِآخِرِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْأَدَاءِ فَلَا يُؤَثِّرُ الْغِنَى وَضِدُّهُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَلَوْ أَيْسَرَ آخِرَهَا لَمْ يُؤَدِّ، ثُمَّ أَعْسَرَ ثَبَتَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ أَمَّا الْفَقِيرُ فِي آخِرِهَا فَلَا يُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ لِسُكْنَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَفِيهِمَا أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَحَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا أَيْ: الْقَاتِلَةِ» وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ فَثُبُوتُ ذَلِكَ فِي الْخَطَإِ أَوْلَى وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ أَخْذَ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ وَخَصَّ تَحَمُّلَهُمْ بِالْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَكْثُرُ لَا سِيَّمَا فِي مُتَعَاطِي الْأَسْلِحَةِ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ وَسُمُّوا عَاقِلَةً لِعَقْلِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ الْمُسْتَحِقِّ وَيُقَالُ: لِمَنْعِهِمْ عَنْ الْقَاتِلِ وَالْعَقْلُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِمَنْعِهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ

(مِمَّنْ حَسَّنَا وَلِيَّ نِكَاحٍ) بَيَانٌ لِمَنْ يَتَحَمَّلُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَالْغَنِيِّ أَيْ: يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ مِنْهُمَا إذَا كَانَا مِمَّنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ لِمَنْ جَنَى (بِفَرْضِ مَنْ جَنَى أُنْثَى) فَيُؤْخَذُ مِنْ أَعْمَى وَزَمِنٍ وَمَرِيضٍ لَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَخُنْثَى وَمُرْتَدٍّ وَغَيْرِ مُرْتَدٍّ عَنْهُ وَمُسْلِمٍ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لِلنُّصْرَةِ وَلِعَدَمِ الْوِلَايَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ وَالْمُكَاتَبُ وَإِنْ مَلَكَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ فَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ امْرَأَةً لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا بَلْ مِنْ عَصَبَاتِهَا الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ الدِّيَةَ عَنْهَا إذَا جَنَتْ كَمَا أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلتَّزْوِيجِ يُزَوِّجُ عَتِيقَتَهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا فَهَلْ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ الَّتِي أَدَّاهَا غَيْرُهُ؟ وَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا نَعَمْ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى لَهُ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لِبِنَاءِ التَّحَمُّلِ عَلَى الْمُوَالَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ الظَّاهِرَةِ وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي سِتْرِ الثَّوْبِ كَالْأُنْثَى فَلَا نُصْرَةَ بِهِ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَالْأَوَّلُ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

سِتَّةُ إخْوَةٍ مَثَلًا ثَلَاثَةٌ أَغْنِيَاءُ وَثَلَاثَةٌ مُتَوَسِّطُونَ وُزِّعَ ثُلُثَا الدِّينَارِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمُتَوَسِّطِينَ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِثْلَا الرُّبُعِ هَذَا مُرَادُهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَوْقَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الرُّبْعِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَمْلِكَ الرُّبُعَ، أَوْ دُونَهُ بِحَيْثُ يَفْضُلُ عِنْدَهُ شَيْءٌ بَعْدَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ، وَإِنْ قَلَّ بِرّ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُرَدَّ بِأَخْذِهِ مِنْهُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ إذْ رَدُّهُ إلَى حَالِ الْفَقْرِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ مِنْهُ بَعْدَ الرَّدِّ، وَذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا قَبْلَ الرَّدِّ فَهَلَّا أَخَذَ مِنْهُ ثُمَّ إذَا صَارَ فَقِيرًا تَرَكَ الْأَخْذَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ اسْتَمَرَّ فَقِيرًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لِقَصْدِهِ الْفِعْلَ الْمُمْتَنِع إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا أُتِيَ بِهِ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَانَ الْقَتْلُ غَيْرَ مَقْصُودٍ لَهُ، أَوْ فِي حُكْمِهِ فَكَانَ مَعْذُورًا مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ لِعَدَمِ قَصْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الْفِعْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا نَعَمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَغْرَمُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلْمُؤَدِّي، وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى الْمُسْتَحِقِّ. اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُرَدَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْفَقِيرَ هُوَ مَنْ لَا يَمْلِكُ زَائِدًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ أَصْلًا (أَوْ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ الدِّينَارِ) وَهُنَاكَ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ بَعْدَ دَفْعِهِ زَائِدًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ إلَى رُبْعِ دِينَارٍ وَلَا يَمْلِكُ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّهُمْ وَقَعُوا فِيمَا فَرُّوا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَسِّطَ عَلَى كَلَامِهِمْ صَادِقٌ بِمَنْ مَلَكَ زِيَادَةً عَلَى حَاجَتِهِ ثُلُثَ دِينَارٍ مَثَلًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَنْ مَلَكَ ذَلِكَ إذَا دَفَعَ رُبْعًا عَادَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ دَفْعِهِ صَارَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكَ زَائِدًا عَنْ حَاجَتِهِ فَوْقَ رُبْعِ دِينَارٍ فَيَكُونُ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ كَوْنُهُ مُتَوَسِّطًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ غَنِيًّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا إذْ الْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ وَغَيْرِهِ مَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ اهـ.

؛ لِأَنَّ مَا خِيفَ الرَّدُّ إلَيْهِ الْفَقِيرُ بِمَعْنَى مَنْ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ الدَّفْعِ زِيَادَةً عَنْ الْحَاجَةِ أَصْلًا لَا مَنْ يَمْلِكُهَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ خِلَافَ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: فَخُذِفَتْ) بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ اهـ.

شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: غُرَّةٌ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالتَّنْوِينِ وَبِعَدَمِهِ مُضَافًا لِعَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَصْلُحُ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِطِ

ص: 14

قَوْلُهُمْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُتَحَمِّلِ وَلِيًّا لِلنِّكَاحِ

(مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ) أَيْ فَوَاتِ النَّفْسِ، أَوْ غَيْرِهَا فَلَوْ كَانَ وَلِيًّا عِنْدَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ عِنْدَهُمَا دُونَ مَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ إلَى صَيْدٍ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَصَابَ إنْسَانًا فَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ وَلَا الْمُسْلِمِينَ (لَا قَاضٍ) فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ إذْ جِهَاتُ التَّحَمُّلِ الْقَرَابَةُ وَالْوَلَاءُ وَبَيْتُ الْمَالِ (بِفَرْضِ فَاسِقٍ مُعَدَّلَا) أَيْ: عَدْلًا لِيُؤْخَذَ مِنْهُ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْمُنَاصَرَةِ عَلَى الْعَدَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلنَّظَرِ فِي مَصَالِحِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا (يُرَتَّبُونَ) تَرْتِيبَهُمْ فِي الْإِرْثِ (إنْ وَفَوْا) بِالْوَاجِبِ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الْعَقْلِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعُصُوبَةِ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الْأَقْرَبُ عَلَى الْأَبْعَدِ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاح فَإِنْ لَمْ يَفُوا بِالْوَاجِبِ أُخِذَ مِنْ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَيُفَارِقُ الْإِرْثُ حَيْثُ يُجَوِّزُهُ، وَالْأَقْرَبُ إذْ لَا تَقْدِيرَ لِمِيرَاثِ الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ هُنَا فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالنِّصْفِ، أَوْ الرُّبْعِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ فَيَتَحَمَّلُونَ حَيْثُ يَرِثُونَ (وَحَصَّنَا بَعْضِيَّةَ الْمُعْتِقِ وَاَلَّذِي جَنَى) أَيْ: مَنَعَتْ بَعْضِيَّتُهُمَا بَعْضَهُمَا أَيْ أَصْلُهُمَا وَفَرْعُهُمَا مِنْ تَحَمُّلِ الدِّيَةِ أَيْ: جَعَلَتْهُ فِي حِصْنٍ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا بَعْضُ الْمُعْتَقِ فَلِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ قَضَى عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنهما بِأَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيهَا دُونَ ابْنِهَا الزُّبَيْرِ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَقِيسَ بِالِابْنِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَأَمَّا بَعْضُ الْجَانِي فَكَالْجَانِي إذْ مَالُهُ كَمَالِهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد فِي خَبَرِ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَرَّأَ الْوَالِدَ أَيْ: مِنْ الْعَقْلِ وَفِي النَّسَائِيّ «لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ» وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ أَنَّ وَلَدَ الْجَانِيَةِ لَوْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمِّهَا، أَوْ مُعْتَقِهَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ كَانَ يَلِي نِكَاحَهَا؛ لِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ هُنَا مَانِعَةٌ وَهُنَاكَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٌ فَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضٍ زُوِّجَ بِهِ (وَالْمُعْتِقُونَ كَامْرِئٍ) وَاحِدٍ فِي تَحَمُّلِ الدِّيَةِ عَنْ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَلَا يَحْمِلُ كُلٌّ مِنْهُمْ نِصْفَ دِينَارٍ، أَوْ رُبْعَهُ وَإِنَّمَا يَحْمِلُ حِصَّتَهُ مِنْ أَحَدِهِمْ

(وَشَبِّهِ كُلَّ امْرِئٍ مِنْ عَصَبِ الْكُلِّ) أَيْ: مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ (بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْمُعْتِقِ مُعْتِقٌ فَلَوْ مَاتَ، أَوْ أَحَدُ مُعْتِقَيْنِ وَلَهُ إخْوَةٌ تَحَمَّلَ كُلٌّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَيَتَحَمَّلُونَ إلَخْ) لَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالذَّكَرِ مِنْهُمْ، ثُمَّ إنَّ تَحَمُّلَهُمْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ: حُسْنُ وَلِيٍّ لِلنِّكَاحِ بِرّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرِثُونَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَتَحَمَّلُونَ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ تَفِ الْوَرَثَةُ بِالْمَالِ، أَوْ عَدِمُوا لَا يُقَالُ: إذَا وَجَبَ الْوَرَثَةُ لَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ فَلَا يَتَحَمَّلُونَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّحَمُّلُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْثِ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَعْمَامَ تَتَحَمَّلُ إذَا لَمْ تَفِ الْإِخْوَةُ بِالْوَاجِبِ، أَوْ إذَا عُدِمُوا مَثَلًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، فَيَتَحَمَّلُونَ أَيْ: ذَوُو الْأَرْحَامِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ كَمَا يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِهِمْ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ إذَا وُجِدَ الْعَصَبَاتُ وَلَمْ يَفُوا وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا حِينَئِذٍ لِمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى الْجَانِي مَا نَصُّهُ فَإِنْ كَانَ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَيْ: أُخِذَ الْكُلُّ، أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قِبَلَ الْجَانِي عَلَى مَا مَرَّ. اهـ.

وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ قَرِيبًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَأَخُّرِهِمْ عَنْ عَصَبَاتِ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعَذُّرُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ فِيهِ أَيْ: فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ قِبَلَ الْجَانِي وَفِيهِ نَظَرٌ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ إنْ فُقِدَتْ الْعَاقِلَةُ، أَوْ أَعْسَرُوا، أَوْ لَمْ يَفِ الْمُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِالْوَاجِبِ تَعَلَّقَ الْجَمِيعُ، أَوْ الْبَاقِي بِبَيْتِ الْمَالِ أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ إذَا لَمْ تَفِ الْوَرَثَةُ بِالْمَالِ كَبَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَتَحَمَّلُ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ إذَا لَمْ يَفُوا كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وِلَايَةِ النِّكَاحِ سِوَى الْعَدَالَةِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ أَهْلٌ لِلنُّصْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَلِ النِّكَاحَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) فَلَوْ مَاتَ بِجِرَاحَةِ خَطَأٍ وَقَدْ ارْتَدَّ الْجَارِحُ بَعْدَ جَرْحِهِ فَالْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ لِصَلَاحِيَتِهِمْ لِلْوِلَايَةِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى فَوَاتِ مَا خَرَجَ، وَالْبَاقِي فِي مَالِ الْجَانِي وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا يَحْمِلُهَا مَنْ كَانَ عَاقِلَةً فِي حَالَتَيْ الرَّمْيِ، وَالْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَخْ) وَتُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرِثُونَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ ع ش وم ر لَكِنَّ عِبَارَةَ الْعِرَاقِيِّ هَكَذَا وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَتَحَمَّلُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ إذَا قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ

ص: 15

مِنْهُمْ مَا كَانَ يَتَحَمَّلُهُ إخْوَةُ الْمَيِّتِ لَوْ كَانَ حَيًّا فَيَتَحَمَّلُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي الْأُولَى النِّصْفَ أَوْ الرُّبْعَ بِحَسَبِ حَالِهِ وَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ يَتَحَمَّلُهُ الْمُعْتِقُ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ آنِفًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يُوَزَّعُ عَلَى الْمُعْتِقِينَ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ الْقَدْرُ الْمُتَحَمَّلُ بِخِلَافِ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ لَا يُوَزَّعُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ إذْ لَا يَرِثُونَهُ بَلْ يَرِثُونَ بِهِ فَالْوَلَاءُ فِي حَقِّهِمْ كَالنَّسَبِ (كَفِي النِّكَاحِ) فَإِنَّ الْمُعْتِقِينَ فِيهِ كَوَاحِدٍ حَتَّى يُشْتَرَطَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى نِكَاحِ الْعَتِيقَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ كَذَلِكَ مَعَ الْمُعْتِقِ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُعْتِقِينَ وَلَهُ إخْوَةٌ كَفَى اجْتِمَاعُ أَحَدِهِمْ مَعَ بَقِيَّةِ الْمُعْتِقِينَ فِي نِكَاحِ الْعَتِيقَةِ وَلَوْ مَاتَ جَمِيعُ الْمُعْتِقِينَ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ إخْوَةٌ كَفَى إذْنُ وَاحِدٍ مِنْ إخْوَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَاحِدًا، وَمَاتَ وَلَهُ إخْوَةٌ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِنِكَاحِهَا

(وَعَنْ الذِّمِّيِّ لَا يَحْمِلُ حَرْبِيٌّ) وَبِالْعَكْسِ وَإِنْ اتَّفَقَتْ مِلَّتُهُمَا لِانْقِطَاعِ الْمُنَاصَرَةِ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الدَّارِ (وَمِثْلٌ) لِلذِّمِّيِّ (حَمَلَا) عَنْهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا كَيَهُودِيٍّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسِهِ كَمَا فِي الْإِرْثِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ إنْ زَادَتْ مُدَّةُ الْعَهْدِ عَلَى أَجَلِ الدِّيَةِ أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَضَتْ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ سَاوَتْهُ تَقْدِيمًا لِلْمَانِعِ عَلَى الْمُقْتَضِي نَعَمْ يَكْفِي فِي تَحَمُّلِ كُلِّ حَوْلٍ عَلَى انْفِرَادِهِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْعَهْدِ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ تَحَمُّلِ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ مَحَلُّهُ إذَا كَانُوا فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّهُمْ تَحْتَ حُكْمِنَا (، ثُمَّ) إنْ فُقِدَتْ الْعَاقِلَةُ، أَوْ أَعْسَرُوا، أَوْ لَمْ يَفِ الْمُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِالْوَاجِبِ تَعَلَّقَ الْجَمِيعُ، أَوْ الْبَاقِي (بِبَيْتِ الْمَالِ بِالْإِسْلَامِ لَهْ) أَيْ: عِنْدَ إسْلَامِ الْجَانِي كَمَا يَرِثُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَمَالُهُ فَيْءٌ فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ أَخْذَ الْكُلِّ، أَوْ الْبَاقِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ (مِنْ الْجَانِي) ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ فَإِنْ كَانَ تَعَذُّرُ ذَلِكَ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قِبَلَ الْجَانِي لِمَا قَدَّمْته.

وَحَيْثُ وَجَبَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى الْجَانِي تَأَجَّلَ بِأَجَلِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْجَانِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ بِمَوْتِهِمْ فِي أَثْنَائِهَا؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ بِخِلَافِ تَحَمُّلِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى أَبْعَاضِهِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِيجَابِ بِخِلَافِهِمْ

(كَجَحْدِ) أَيْ: كَمَا يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ مِنْ الْجَانِي مُؤَجَّلًا أَيْضًا مَعَ وُجُودِ الْعَاقِلَةِ وَبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ اعْتِرَافِهِ بِجِنَايَةِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَجَحْدِ (الْعَاقِلَهْ) لَهَا وَحَلِفِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّعْطِيلِ فَإِنْ اعْتَرَفُوا بَعْدَ غُرْمِ الْجَانِي رَجَعَ عَلَيْهِمْ (كَذَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ وُجُودِهِمْ (مِنْ أَرْشِ تَلَفِ) الْمُعْقِبِ (السَّابِقِ) عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ (مَا زَادَ) عَلَى أَرْشِ الْجُرْحِ (إذَا جَرَّ الْوَلَا تَقَدَّمَا) عَلَى الزِّيَادَةِ فَلَوْ قَطَعَ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِمَوَالِي أُمِّهِ يَدَ غَيْرِهِ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ مِنْهُمْ إلَى مَوَالِي أَبِيهِ، ثُمَّ سَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَى النَّفْسِ فَالزَّائِدُ عَلَى أَرْشِ الْقَطْعِ عَلَى الْجَانِي لَا عَلَى مَوَالِي أُمِّهِ لِانْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُمْ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَا عَلَى مَوَالِي أَبِيهِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ عَلَى الِانْجِرَارِ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِوُجُودِ جِهَةِ الْوَلَاءِ بِكُلِّ حَالٍ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ مَا زَادَ قَبْلَ الِانْجِرَارِ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ فَلَوْ سَرَى قَطْعُ الْأُصْبُعِ إلَى الْكَفِّ ثُمَّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَزِمَ مَوَالِيَ الْأُمِّ مَعَ أَرْشِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ مَا زَادَ قَبْلَ الِانْجِرَارِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا (كَالْعِتْقِ) أَيْ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي مِنْ أَرْشِ تَلَفِ الْمُعْقِبِ السَّابِقِ عَلَى الْعِتْقِ

(وَالرِّدَّةِ وَالْإِيمَانِ) مَا زَادَ بَعْدَهَا عَلَى أَرْشِ الْجُرْحِ فَلَوْ جَرَحَ إنْسَانًا خَطَأً عَبْدٌ، ثُمَّ عَتَقَ، أَوْ مُسْلِمٌ، ثُمَّ ارْتَدَّ، أَوْ ذِمِّيٌّ، ثُمَّ أَسْلَمَ سَرَى إلَى النَّفْسِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالرِّدَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَمَا زَادَ بَعْدَ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى الْجَانِي لِحُصُولِ السِّرَايَةِ بَعْدَ كُلٍّ مِنْهَا بِجِنَايَةٍ قَبْلَهُ لَا عَلَى السَّيِّدِ لِانْتِقَالِ الْعَبْدِ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى النِّصْفُ، أَوْ الرُّبْعُ) وَفِي الثَّانِيَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّبْعِ، أَوْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الدَّارِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ اتَّحَدَتْ بِأَنْ عُقِدَتْ الذِّمَّةُ لِمَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ مُقَاتِلًا لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا سَيَأْتِي عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ فِيهِ مَعَ انْتِظَامِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ وَارِثُونَ فِي الْجُمْلَةِ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى أَبْعَاضِهِ) أَيْ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: كَجَحْدِ الْعَاقِلَةِ وَحَلِفِهِمْ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا جَحَدَتْ الْعَاقِلَةُ وَحَلَفَتْ أُخِذَتْ مِنْ الْجَانِي مَعَ وُجُودِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْ أَيْضًا مُتَوَلِّيهِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ حَقَّ بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُفِيدُ اعْتِرَافُ مُتَوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْجَانِي وَإِنْ وَافَقَهُ مُتَوَلِّيهِ وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِمْ) الرَّاجِعُ هُوَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيمَا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى حَيْثُ يَرِثُونَ إنْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ فَإِذَا انْتَظَمَ بَيْتُ الْمَالِ

(قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ حَيًّا) أَيْ بِصِفَةِ الْمُتَحَمِّلِ إذْ قَدْ يَكُونُ الْمُعْتِقُ غَنِيًّا، وَالْعَاصِبُ مُتَوَسِّطًا، وَالْمُعْتَبَرُ حَالُ الْعَاصِبِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ يَرِثُونَ بِهِ) فَكُلٌّ مِنْهُمْ انْتَقَلَ لَهُ الْوَلَاءُ كَامِلًا اهـ.

م ر

(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ جِهَةِ الْوَلَاءِ بِكُلِّ حَالٍ) يُفِيدُ أَنَّ وُجُودَ تِلْكَ الْجِهَةُ مَانِعٌ مِنْ التَّعَلُّقِ بِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُمَا التَّحَمُّلُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ لُزُومِ التَّحَمُّلِ مَعَ أَنَّ الْعَاقِلَ لَوْ أَعْسَرَ تَحَمَّلَ بَيْتُ الْمَالِ فَيَكُونُ انْتِفَاءُ سَبَبِ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ مَانِعًا مِنْ تَحَمُّلِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِعْسَارُهُ غَيْرُ مَانِعٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: انْتِقَاءُ سَبَبِ التَّحَمُّلِ أَوْلَى مِنْ الْإِعْسَارِ بِعَدَمِ الْمَنْعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

سم عَلَى حَجَرٍ وَقَدْ يُقَالُ: الْوُجُودُ مَعَ الْإِعْسَارِ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ الْوُجُودِ مَعَ الْيَسَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ قَدْرَ الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ بِأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَقَدْرُ الدِّيَةِ وَهُوَ الْوَاجِبُ يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي كَذَا فِي الرَّوْضَةِ

ص: 16

وَلَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ لِمَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمْ كَوْنَهُمْ أَوْلِيَاءَ لِلنِّكَاحِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ أَمَّا أَرْشُ الْجُرْحِ فَعَلَى السَّيِّدِ كَمَا سَيَأْتِي وَعَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ عِنْدَ الْجُرْحِ نَعَمْ إنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَقَوْلَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا مَا مَرَّ عَلَيْهِ الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَثَانِيهِمَا جَمِيعُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ قَالَ الرَّبِيعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ إنْ عَادَ قَرِيبًا وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ أَوْلِيَاءَ لِلنِّكَاحِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ وَلَوْ عَادَ الْجَارِحُ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَرَحَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَيْضًا وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ دُونَ النِّصْفِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ الْأَرْشُ، وَالزَّائِدُ عَلَى الْجَانِي وَلَوْ كَانَ جُرْحُ الْإِسْلَامِ مُذَفِّفًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ: أَرْشُ جُرْحِ الْكُفْرِ عَلَى الذِّمِّيِّينَ، وَالْبَاقِي إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِي النِّهَايَةِ، وَالْبَيَانِ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَنْ جُرِحَ، ثُمَّ قُتِلَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ جُرْحِهِ فِي الدِّيَةِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهِ فِيهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْجَمِيعُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَتَنَصُّرُ الْيَهُودِيِّ وَتَهَوُّدُ النَّصْرَانِيِّ وَتَمَجُّسُ أَحَدِهِمَا كَالرِّدَّةِ فِيمَا ذُكِرَ

وَلِاحْتِيَاجِ صُورَةِ الْعَبْدِ إلَى بَيَانٍ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ فَقَالَ: (فَالْعَبْدُ إنْ يَقْطَعْ يَدَ الْإِنْسَانِ قُلْتُ الْمُرَادُ) قَطْعًا (خَطَأً فَحَرِّرَا) بِأَنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ (فَذَلِكَ الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ سَرَى) أَيْ: فَسَرَى الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يَفْدِيَهْ بِالْأَنْزَرِ الْقِيمَةِ) أَيْ: بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ (أَوْ نِصْفِ الدِّيَهْ) ؛ لِأَنَّ بِإِعْتَاقِهِ مُلْتَزِمٌ لِلْفِدَاءِ (وَنِصْفَهَا) أَيْ: الدِّيَةِ كَذَا عَبَّرَ كَأَصْلِهِ، وَالْأَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ دُونَ النِّصْفِ أَنْ يُقَالَ: وَالزَّائِدُ (يَغْرَمُ جَانِي الْقَتْلِ) لِمَا مَرَّ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ، أَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَعَتَقَ، ثُمَّ أَصَابَ إنْسَانًا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ وَكَالْخَطَإِ فِيمَا ذُكِرَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ: قُلْت الْمُرَادُ خَطَأٌ لَيْسَ مِنْ زِيَادَتِهِ بَلْ مَذْكُورٌ فِي الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: فَلَوْ قَطَعَ يَدًا خَطَأً فَأَعْتَقَهُ

(وَ) مُعْقِبُ التَّلَفِ لِنَفْسٍ كَامِلَةٍ (فِي تَعَمُّدٍ) يُوجِبُ مِائَةً مُعَجَّلَةً مُثَلَّثَةً عَلَى الْجَانِي كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: (بِقَصْدِ الْفِعْلِ، وَالشَّخْصُ خَالِصٌ بِأَنْ يَهْلِكَ فِي غَلَبَةٍ) تَفْسِيرٌ لِلْعَمْدِ وَخَالِصٌ صِفَةُ تَعَمُّدٍ وَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ لَهُ أَيْ: فِي تَعَمُّدٍ مَحْضٍ بِأَنْ يَقْصِدَ الْفِعْلَ، وَالشَّخْصَ مَعَ كَوْنِ الْفِعْلِ يُهْلِكُ بِجَارِحٍ، أَوْ غَيْرِهِ غَالِبًا، أَوْ بِجَارِحٍ كَثِيرًا كَمَا سَيَأْتِي فَخَرَجَ بِقَصْدِ مَا ذُكِرَ الْخَطَأُ وَبِمَا بَعْدَهُ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُمَا، وَاعْلَمْ أَنَّ لِإِفْضَاءِ الْفِعْلِ إلَى الْهَلَاكِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ: غَالِبٌ وَكَثِيرٌ وَنَادِرٌ، وَالْكَثِيرُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْغَالِبِ، وَالنَّادِرِ مِثَالُهُ الصِّحَّةُ، وَالْمَرَضُ، وَالْجُذَامُ فَالصِّحَّةُ هِيَ الْغَالِبَةُ فِي النَّاسِ، وَالْمَرَضُ كَثِيرٌ لَيْسَ بِغَالِبٍ، وَالْجُذَامُ نَادِرٌ فَإِنْ ضَرَبَهُ بِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا جَارِحًا، أَوْ مُثَقَّلًا فَعَمْدٌ، أَوْ بِمَا يَقْتُلُ كَثِيرًا فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ جَارِحًا كَسِكِّينٍ صَغِيرٍ وَإِنْ كَانَ مُثَقَّلًا كَسَوْطٍ وَعَصًا فَشِبْهُ عَمْدٍ وَبِمَا يَقْتُلُ نَادِرًا فَلَا قَوَدَ مُثَقَّلًا كَانَ، أَوْ جَارِحًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ لَا يُعْقِبُ أَلَمًا وَلَا وَرَمًا وَاكْتَفَى بِالْكَثِيرِ غَيْرِ الْغَالِبِ فِي الْجَارِحِ دُونَ الْمُثَقَّلِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ لَهَا أَثَرٌ فِي الْبَاطِنِ قَدْ يَخْفَى؛ وَلِأَنَّ الْجَرْحَ هُوَ طَرِيقُ الْإِهْلَاكِ غَالِبًا

وَهَذَا وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ إنْ ضَرَبَهُ عَمْدًا بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ، أَوْ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ حَكَاهُ وَمَا قَبْلَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ رَدُّهُمَا إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَمَثَّلَ النَّاظِمُ لِغَيْرِ الْجَارِحِ مِمَّا يُهْلِكُ غَالِبًا بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ: (كَالسِّحْرِ) بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (إنْ يَعْتَرِفْ) بِهِ السَّاحِرُ بِأَنْ يَقُولَ: قَتَلْته بِسِحْرِي وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ قَالَ يَقْتُلُ نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَخَطَأٌ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ اعْتِرَافُهُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِالسَّحَرِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ وَلَا دَخْلَ لِلْبَيِّنَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشَاهِدُ تَأْثِيرَهُ وَلَا تَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ نَعَمْ يَثْبُتُ بِهَا تَأْثِيرُهُ فِيمَا إذَا شَهِدَ سَاحِرَانِ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فُلَانٌ يَقْتُلُ غَالِبًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ حَرَامٌ كَالْكِهَانَةِ، وَالتَّنْجِيمِ، وَالضَّرْبِ بِالرَّمَلِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْحَصَى، وَالشَّعْبَذَةِ (وَ) مِثْلُ (أَنْ يُجِيعَ جَائِعًا، وَ) أَنْ (يُظْمِي ظَمْآنَ) بِأَنْ يَحْبِسَهُمَا وَيَمْنَعَ الْأَوَّلَ الطَّعَامَ، وَالثَّانِي الشَّرَابَ مُدَّةً

ــ

[حاشية العبادي]

الْجَانِي وَلَا يَنْزِعُ شَيْئًا مِنْ الَّذِي دَفَعَهُ لِوَلِيِّ الدَّمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ بِرّ (قَوْلُهُ:، أَمَّا أَرْشُ الْجُرْحِ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْأَرْشُ قَدْرَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ كَانَ جَمِيعُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَ النِّصْفِ) بِأَنْ كَانَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ) أَيْ: إلَى تَمَامِ النِّصْفِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ أَوْلِيَاءَ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلَةٍ إنَّمَا ضَمِنَتْ مُوجِبَ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي زَمَنِ عَقْلِهَا كَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ بِرّ (قَوْلُهُ: أَرْشُ جُرْحِ الْكُفْرِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا قُيِّدَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ، وَالْمَعْنَى يَشْهَدُ بِأَنَّهُ مُرَادُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجُرْحُ قَدْرَ الدِّيَةِ فَمَا أَدْرِي مَاذَا يَقُولُ بِرّ

؟ (قَوْلُهُ: إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ) يُمْكِنُ

ــ

[حاشية الشربيني]

، وَالرَّوْضِ فَقَوْلُهُ: فَمَا زَادَ إلَخْ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ قَدْرَ الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ) أَيْ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ حَرَامٌ) قَالَ شَيْخُنَا ذ فَإِنْ كَانَ سِحْرُ مَنْ يُنْسِبُ لِلْأَفْلَاكِ، وَالْكَوَاكِبِ تَأْثِيرًا لِكَوْنِهَا آلِهَةً، أَوْ أَنَّ الْإِلَهَ فَوَّضَ تَدْبِيرَ الْعَالَمِ إلَيْهَا، أَوْ سِحْرُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَبْلُغُ بِالتَّصْفِيَةِ إلَى حَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْإِيجَادِ، وَالْإِعْدَامِ، وَالْإِحْيَاءِ، وَالْإِمَاتَةِ كَانَ تَعَلُّمُهُ كُفْرًا أَيْضًا اهـ.

وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّمَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُكَفِّرٍ (قَوْلُهُ:، وَالشَّعْبَذَةُ) هِيَ إظْهَارُ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ بِوَاسِطَةِ تَرْتِيبِ آلَاتٍ هَنْدَسِيَّةٍ وَخِفَّةِ

ص: 17

يَمُوتَانِ فِيهَا غَالِبًا مَعَ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ السَّابِقَيْنِ وَعِلْمِهِ بِهِمَا فَيَمُوتَا فَكُلٌّ مِنْهُمْ عَمْدٌ مَحْضٌ لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِذَلِكَ فَيُوجِبُ جَمِيعَ الدِّيَةِ (وَ) يُوجِبُ (النِّصْفَ) مِنْهَا (لِغَيْرِ عِلْمٍ) أَيْ: عِنْدَ الْجَهْلِ وَهُوَ حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ وَلَا أَتَى بِمَا يُهْلِكُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ بِالْجَوْعَيْنِ، أَوْ الظَّمَأَيْنِ وَاَلَّذِي مِنْهُ أَحَدُهُمَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَجَاعَ إنْسَانًا، أَوْ أَظْمَأَهُ مُدَّةً يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا بِدُونِ جُوعٍ وَظَمَإٍ سَابِقَيْنِ فَهُوَ عَمْدٌ وَلَوْ حَبَسَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ فَتَرَكَ الْأَكْلَ خَوْفًا، أَوْ حَزَنًا، وَالطَّعَامُ، وَالشَّرَابُ عِنْدَهُ فَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا، أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ بِحَيَّةٍ، أَوْ بِهَدْمٍ، أَوْ مَنَعَهُ الشَّرَابَ فَلَمْ يَأْكُلْ خَوْفَ الْعَطَشِ فَمَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ نَعَمْ إنْ كَانَ رَقِيقًا ضَمِنَهُ بِالْيَدِ وَذِكْرُ الْإِظْمَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ حَبَسَهُ وَعَرَّاهُ حَتَّى مَاتَ بَرْدًا قَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي: فَهُوَ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ، وَالشَّرَابَ وَيَدُلُّ لَهُ نَصٌّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَلَوْ قَتَلَهُ بِالدُّخَانِ فَإِنْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ وَسَدَّ مَنَافِذَهُ فَاجْتَمَعَ فِيهِ الدُّخَانُ وَضَاقَ نَفْسُهُ فَمَاتَ وَجَبَ الْقَوَدُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ، أَوْ شَرَابَهُ، أَوْ ثِيَابَهُ فِي مَفَازَةٍ فَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا، أَوْ بَرْدًا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَيْتًا هُوَ جَالِسٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ إنْ كَانَ التَّصْوِيرُ فِي مَفَازَةٍ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا فَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِطُولِهَا، أَوْ لِزَمَانَتِهِ وَلَا طَارِقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالْمَحْبُوسِ اهـ.

(وَمِثْلُ أَنْ يُلْدِغَ شَخْصًا عَقْرَبَا) بِأَنْ يُدْنِيَ ذَنَبَهَا مِنْهُ فَتَلْدَغْهُ فَيَمُوتُ (وَ) أَنْ (يَنْهَشَ) أَيْ: يُلْسِعَ شَخْصًا (الْأَفْعَى) أَيْ: الْحَيَّةُ فَيَمُوتُ (وَقَتْلٌ غَلَبَا) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ عَمْدٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ فَإِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدُ الْقَتْلِ وَذِكْرُ إلْدَاغِ الْعَقْرَبِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ وَبِإِنْهَاشِ الْحَيَّةِ مَا لَوْ أَلْقَاهُمَا عَلَيْهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ قَيَّدَهُ وَوَضَعَهُ بِمَوْضِعٍ فِيهِ عَقَارِبُ وَحَيَّاتٌ فَقَتَلْته.

فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ ضَيِّقًا إذْ لَمْ يُلْجِئْهَا إلَى الْقَتْلِ وَإِنَّمَا قَتَلَتْهُ بِاخْتِيَارِهَا فَصَارَ فِعْلُهُ مَعَ قَتْلِهَا كَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ سَبُعًا، أَوْ أَغْرَى بِهِ كَلْبًا عَقُورًا فِي مَحَلٍّ وَاسِعٍ فَقَتَلَهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَ) مِثْلُ (جَمْعِهِ) لِإِنْسَانٍ (بِسَبُعٍ) يَقْتُلُ غَالِبًا (فِي) مَوْضِعٍ (ضَيِّقٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوفًا فَافْتَرَسَهُ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ الضَّارِيَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ كَالْآلَةِ وَيُخَالِفُ الْحَيَّةَ فَإِنَّهَا تَنْفِرُ بِطَبْعِهَا عَنْ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ يَثِبُ عَلَيْهِ فِي الْمَضِيقِ دُونَ الْوَاسِعِ وَلِهَذَا لَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِمَسْبَعَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا مَرَّ (وَ) مِثْلُ أَنْ (يُلْقِيَ الشَّخْصَ)

ــ

[حاشية العبادي]

أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَغْرَى بِهِ كَلْبًا عَقُورًا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا مَعَ إيجَابِ الْقِصَاصِ فِي إغْرَاءِ الْمَجْنُونِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا؟ قُلْت: أَجَابَ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَهُ نَوْعُ فَهْمٍ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا أَغْرَاهُ أَحَدٌ قَوَّى عِنْدَهُ ذَلِكَ الْبَاعِثَ وَكَانَ فِعْلُهُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُغْرِي بِخِلَافِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ لَا فَهْمَ لَهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْفَرْقُ أَنَّ السَّبُعَ لَهُ نُفْرَةٌ مِنْ الْآدَمِيِّ بِطَبْعِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَلِذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ دُونَ مُغْرِي السَّبُعِ اهـ.

وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَك أَنْ تُحَاوِلَ التَّسْوِيَةَ بِحَمْلِ مَسْأَلَةِ الْمَجْنُونِ عَلَى الْمَكَانِ الضَّيِّقِ فَقَطْ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ نَقْلٌ بِرّ قِيلَ:

ــ

[حاشية الشربيني]

الْيَدِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِخَوَاصِّ الْأَدْوِيَةِ، وَالْأَحْجَارِ وَفِي التَّحْرِيمِ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا مَفْسَدَةٌ خِلَافٌ وَأَمَّا الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَرْوَاحِ الْأَرْضِيَّةِ بِوَاسِطَةِ الرِّيَاضَةِ وَقِرَاءَةِ الْعَزَائِمِ إلَى حَيْثُ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى عَقِيبَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ جَرْيِ الْعَادَةِ بَعْضَ خَوَارِقَ فَإِنْ كَانَ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ خَيِّرًا مُتَشَرِّعًا فِي كَامِلِ مَا يَأْتِي وَيَذَرُ وَكَانَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ مِنْ الْأَرْوَاحِ الْخَيِّرَةِ وَكَانَتْ عَزَائِمُهُ لَا تُخَالِفُ الشَّرْعَ وَلَيْسَ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى يَدِهِ مِنْ الْخَوَارِقِ ضَرَرٌ شَرْعِيٌّ عَلَى أَحَدٍ فَلَيْسَتْ مِنْ السِّحْرِ بَلْ مِنْ الْأَسْرَارِ، وَالْمَعُونَةِ فَإِنْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْقُيُودِ فَتَعَلُّمُهَا حَرَامٌ إنْ تَعَلَّمَ لِيَعْمَلَ بَلْ كُفْرٌ إنْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ فَإِنْ تَعَلَّمَهَا لِيَتَوَقَّاهَا فَمُبَاحٌ أَوَّلًا وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ اهـ.

شَيْخُنَا ذ رحمه الله (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ إلَخْ) فَرَّقَ م ر بِأَنَّهُ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ مِنْهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبْسِ اهـ.

أَيْ فَيَضْمَنُ فِي صُورَةِ إغْلَاقِ الْبَيْتِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ صُورَةِ أَخْذِ الطَّعَامِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ أَنَّهُ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ اهـ وَقَوْلُهُ: مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ وُجُودُ شَيْءٍ هُنَاكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ التَّعَذُّرُ مِنْ الْأَخْذِ لِلطَّعَامِ (قَوْلُهُ: مَكْتُوفًا) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يُلْقِيَ الشَّخْصَ) وَلَوْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ وَلَوْ بِسِبَاحَةٍ فَالْتَقَمَهُ فَلَا قَوَدَ بَلْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِهِ حُوتًا يَلْتَقِمُ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ عَطْفًا عَلَى أَمْثِلَةِ الْعَمْدِ وَإِلْقَاءٍ بِمَاءٍ مُغْرِقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِعَوْمٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ وَأَلْقَاهُ بِهَيْئَةٍ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَهَا، أَوْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ مِنْ الْغَرَقِ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ وَمَاتَ بِذَلِكَ فَيَجِبُ الْقَوَدُ وَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي مَاتَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا مَنَعَهُ مِنْ السِّبَاحَةِ عَارِضٌ كَمَوْجٍ فَشِبْهُ عَمْدٍ لَا إنْ أَمْكَنَهُ تَخَلُّصٌ فَإِذَا أَمْكَنَهُ فَقَصَّرَ وَمَكَثَ حَتَّى هَلَكَ هَدَرٌ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ

ص: 18

وَلَوْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ (بِمَاءٍ مُغْرِقِ، وَالْتَقَمَ الْحُوتُ) ذَلِكَ الشَّخْصُ وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَلْقَاهُ فِي مَهْلَكَةٍ، وَقَدْ هَلَكَ بِسَبَبِ إلْقَائِهِ فَلَا نَظَرَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هَلَكَ بِهِ؛ وَلِأَنَّ لُجَّةَ الْبَحْرِ مَعْدِنُ الْحُوتِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَتَّفَهُ وَهَدَفُهُ لِلسَّبُعِ وَفَارَقَ مَا لَوْ أَلْقَاهُ مِنْ عُلْوٍ فَقَدَّهُ آخَرُ بِأَنَّ الْقَدَّ صَدَرَ مِنْ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ يَفْعَلُ بِرَوِيَّةٍ فَقَطَعَ أَثَرَ السَّبَبِ الْأَوَّلِ، وَالْحُوتُ يَلْتَقِمُ بِطَبْعِهِ كَالسَّبُعِ الضَّارِي فَهُوَ كَالْآلَةِ وَخَرَجَ بِالْمُغْرِقِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي غَيْرِ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَعَمْدٌ وَإِلَّا فَشِبْهُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِهْلَاكَ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبَبَ الْإِهْلَاكِ (وَ) مِثْلُ أَنْ يُلْقِيَ (غَيْرَ سَابِحٍ فِي الْمَاءِ إنْ أَغْرَقَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِيمَا لَا يُغْرِقُ كَمُنْبَسِطٍ فَمَكَثَ فِيهِ حَتَّى هَلَكَ فَإِنَّهُ يُهْدَرُ (أَوْ بِجَارِحٍ حَيْثُ يَرَى إهْلَاكَهُ ذَا كَثْرَهْ) أَيْ: الْعَمْدِ الْمَحْضِ بِأَنْ يَهْلَكَ بِجَارِحٍ، أَوْ غَيْرِهِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ أَوْ بِجَارِحٍ كَثِيرًا وَلَوْ زُجَاجًا وَقَصَبًا وَخَشَبًا وَعَظْمًا وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ:(كَسَقْيِهِ الدَّوَاءَ) الْمُهْلِكَ كَثِيرًا مَعَ أَلَمٍ وَبَقِيَ حَتَّى مَاتَ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ أَغْشِيَةَ الْبَاطِنِ الرَّقِيقَةَ (وَ) مِثْلُ (غَرْزِ إبَرِهِ مَعَ وَرَمٍ) وَأَلَمٍ وَبَقِيَ حَتَّى مَاتَ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ، أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ فَشِبْهُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ لَمْ يَشْتَدَّ لَا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَصْلًا إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَلَمٍ مَا غَالِبًا اهـ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ الْأَلَمَ مَعَ الْوَرَمِ وَإِنْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُمَا لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهُ الْوَرَمُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَوْ ذَكَرَ الْأَلَمَ بَدَلَ الْوَرَمِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ وَلَوْ بِلَا وَرَمٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرْزُ بِمَقْتَلٍ فَإِنْ كَانَ كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ فَعَمْدٌ مُطْلَقًا لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْغَرْزُ فِي غَيْرِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْ فِي بَدَنِ صَغِيرٍ، أَوْ ضَعِيفٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَلَوْ غَرَزَ فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ وَلَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ فَمَاتَ لَمْ يُؤَثِّرْ بِحَالٍ، وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي سَقْيِ الدَّوَاءِ الْأَلَمُ كَمَا فِي غَرْزِ الْإِبْرَةِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي مُوَافَقَتَهُ وَكَذَا كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ حَيْثُ أَخَّرَا ذِكْرَ الْوَرَمِ، وَالْمُسْتَلْزِمِ لِلْأَلَمِ لِيَشْمَلَ ذَلِكَ وَإِلْغَاءَ قَوْلِهِ (فَمِائَةً مُعَاجَلَهْ) زَائِدَةٌ أَيْ: مُعْقِبُ التَّلَفِ فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ يُوجِبُ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ مَعَ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الدِّيَةِ تَارَةً وَبِدُونِهِ أُخْرَى كَمَا فِي قَتْلِهِ وَلَدَهُ مِائَةٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ زِيَادَتِهَا نَحْوُ وَأَمَّا مُعْقِبُ التَّلَفِ فِيمَا ذُكِرَ فَيُوجِبُ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مُعَجَّلَةً (قَدْ ثُلِثَتْ) تُؤْخَذُ (مِمَّنْ جَنَى لَا) مِنْ (الْعَاقِلَهْ) كَمَا هُوَ قِيَاسُ بَدَلِ الْمُتْلَفَاتِ فَدِيَةُ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ كَوْنُهَا مُعَجَّلَةً لَا مُؤَجَّلَةً وَكَوْنُهَا مُثَلَّثَةً لَا مُخَمَّسَةً وَكَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَدِيَةُ الْخَطَإِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا مَرَّ

وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْآخَرَيْنِ (وَلِتَكُ) إبِلُ الدِّيَةِ اللَّازِمَةِ لِلْجَانِي، أَوْ لِمَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ (مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ) أَوْ الْقَبِيلَةِ (أَوْ) مِنْ (إبِلِهِ) أَيْ: نَوْعِهَا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَنَوَّعَتْ إبِلُهُ فَقَدْ صَحَّحَ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْأَشْرَفِ فَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى أَخْذِهِ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا دَفَعَ مَا شَاءَ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ إبِلُ الْبَلَدِ، أَوْ الْقَبِيلَةِ، وَلَا غَالِبَ خُيِّرَ الدَّافِعُ (وَبِالْمَعِيبِ) بِعَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ (لَا يَدِي) أَيْ: لَا يُعْطِي الدِّيَةَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ كُلُّهَا مَعِيبَةً بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَعَمْدٌ) يَنْبَغِي اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمَحِلِّ الضَّيِّقِ كَنَظِيرِهِ مِنْ السَّبُعِ بِرّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الْحُوتَ كَالسَّبُعِ يَثِبُ فِي الْمَضِيقِ دُونَ الْوَاسِعِ (قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا) هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ: إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ عِنْدَ عَدَمِ إبِلِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَكْثَرِ) جَزَمَ بِهَذَا فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ أَيْ وَلَمْ يُقَصِّرْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ) أَيْ وَكَانَ لَا يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ بِهَا كَلُجَّةٍ وَاسِعَةٍ، أَوْ يُمْكِنُ وَلَمْ يُقَصِّرْ حَتَّى مَاتَ اهـ.

حَجَرٌ وَسم (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ أَنْ يُلْقِيَ غَيْرَ سَابِحٍ إلَخْ) أَيْ، أَوْ سَابِحًا وَلَمْ يُقَصِّرْ وَمَاتَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَسَقْيِهِ الدَّوَاءَ إلَخْ) جَعَلَهُ مِثَالًا لِلْجَارِحِ لَمَّا قَالَ أَنَّهُ يَقْطَعُ أَغْشِيَةَ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ) ، أَوْ الْقَبِيلَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَلَدٌ وَلَا قَبِيلَةٌ اُعْتُبِرَ غَالِبُ إبِلِ النَّاسِ وَكَذَا، وَلَوْ وَجَبَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ لَا تَخْتَصُّ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ إبِلُهُ كُلُّهَا مَعِيبَةً، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْغَالِبُ اهـ.

ر وَقِيَاسُ مَا فِي الرَّوْضَةِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ نَوْعِ إبِلِهِ سَلِيمًا وَغَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:

ص: 19

بِعَيْنِ الْمَالِ، وَالْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ لِتَسْتَقِلَّ فَاعْتُبِرَ فِيهَا السَّلَامَةُ مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ، وَالِاسْتِقْلَالِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، أَوْ بِبَلَدِهِ، أَوْ قَبِيلَتِهِ إبِلٌ اُعْتُبِرَ (بِأَدْنَى) أَيْ بِإِبِلِ أَقْرَبِ (بَلَدٍ) إلَيْهِ (قُلْتُ) هَذَا (لِمَا دُونَ مَسِيرِ) أَيْ مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْإِبِلِ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ، وَضَبْطُ الْبَعِيدِ بِهَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ نَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ ضَبْطَهُ بِمَا لَخَّصَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ أَنْ تَزِيدَ قِيمَتُهَا مَعَ مُؤْنَةِ إحْضَارِهَا عَلَى قِيمَتِهَا بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ إبِلٌ، أَوْ كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (قُوِّمَا) أَيْ: الْإِبِلُ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ فِي مَكَانِ الْإِعْوَازِ لَوْ كَانَتْ فِيهِ وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهَا فَإِنْ وَجَدَ بَعْضَهَا أَخَذَ وَقِيمَةَ الْبَاقِي، وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ بِنَقْدِ مَكَانِ الْإِعْوَازِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ الْإِعْوَازِ الصَّبْرَ حَتَّى تُوجَدَ الْإِبِلُ.

قَالَ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ امْتِثَالُهُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَجَوَّزُوا الْعُدُولَ عَنْ الْإِبِلِ عِنْدَ وُجُودِهَا إلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ مِنْ نَوْعٍ، أَوْ قِيمَةٍ بِالتَّرَاضِي.

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلْيَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَا بِهِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْعَفْوِ لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْجُمْهُورِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا بِالتَّرَاضِي لِجَهَالَتِهَا وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَجْهُولَةَ الصِّفَةِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَتَهَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ نَوْعٌ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى مَا فَوْقَهُ إلَّا بِالتَّرَاضِي كَمَا لَوْ عَدَلَ إلَى مَا دُونَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي وَسُلَيْمٌ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ جَوَازُ الْعُدُولِ إلَى مَا فَوْقَهُ

(وَوُزِّعَتْ) أَيْ الدِّيَةُ (عَلَى جِرَاحِ جَانِي مُخْتَلِفَاتِ الْحُكْمِ) فَلَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا، ثُمَّ خَطَأً وَمَاتَ بِهِمَا أَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ مِنْ الْجَانِي وَنِصْفَ الْمُخَفَّفَةِ مِنْ عَاقِلَتِهِ وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ قَوَدًا، أَوْ سَرِقَةً، أَوْ صِيَالًا، أَوْ بَغْيًا، ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا هُدِرَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَوَجَبَ نِصْفُهَا وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا عَمْدًا وَثَالِثًا خَطَأً هُدِرَ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَوَجَبَ ثُلُثُهَا مُغَلَّظًا عَلَى الْجَانِي وَثُلُثُهَا مُخَفَّفًا عَلَى عَاقِلَتِهِ (وَ) عَلَى (الْأَبَدَانِ) لَا الْجِرَاحَاتِ (إنْ شَارَكَ الْجَانِي) غَيْرَهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَوْ قَتَلَ جَمِيعٌ وَاحِدًا بِجِرَاحَاتٍ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ أَبْدَانِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ أَفْحَشَ، أَوْ عَدَدُ جِرَاحَاتِهِ أَكْثَرُ، أَوْ أَرْشُهَا غَيْرَ مُقَدَّرٍ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْجِرَاحَاتِ لَا يَنْضَبِطُ وَقَدْ تَزِيدُ نِكَايَةُ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى نِكَايَاتِ جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ وَلَوْ ضَرَبَهُ وَاحِدٌ ضَرْبَةً وَآخَرُ ضَرَبَاتٍ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْأَبَدَانِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، وَالْأَرْجَحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ فَإِنَّهَا تُلَاقِي الظَّاهِرَ وَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ (وَلَوْ) شَارَكَ الْجَانِي (كَالْحَيَّةِ) ، أَوْ نَحْوِهَا مِنْ سَبُعٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُوَزَّعُ عَلَى الْأَبَدَانِ فَلَوْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَمَاتَ بِهِمَا فَعَلَى الْجَانِي نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ جَرَحَهُ مَعَ ذَلِكَ سَبُعٌ فَعَلَى الْجَانِي ثُلُثُ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ

(وَ) لَوْ شَارَكَ الْجَارِحَ (خَائِطًا) لِلْجُرْحِ (فِي اللَّحْمِ غَيْرِ الْمَيِّتِ) فَإِنَّ الدِّيَةَ تُوَزَّعُ عَلَى الْأَبْدَانِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ غَيْرُ نِصْفِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ الْخَائِطُ هُوَ

ــ

[حاشية العبادي]

بِعَيْنِ الْمَالِ) فَأَجْزَأَ الْمَعِيبُ إذَا كَانَ الْمَالُ مَعِيبًا (قَوْلُهُ: فَمَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ، وَالِاسْتِقْلَالِ) وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) يَنْبَغِي عَلَى ضَبْطِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُزَادَ، أَوْ كَانَتْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَكِنَّهُ مَعَ مُؤْنَةِ الْإِحْصَارِ أَزْيَدُ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا بِمَوْضِعِ الْغِرَّةِ.

(قَوْلُهُ: فِي مَكَانِ الْإِعْوَازِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِمَكَانِ الْإِعْوَازِ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَحَلُّ الْجَانِي إنْ كَانَ وُجِدَ فِيهِ بَلْ قَبْلَ ذَلِكَ لَكِنَّهَا عُدِمَتْ كَمَا عُدِمَتْ مِنْ الْأَقْرَبِ إلَيْهَا، وَأَقْرَبُ مَحِلٍّ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَوَجَبَ بِالْأَقْرَبِ لَكِنَّهُ عُدِمَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ لَا بِمَحِلِّهِ وَلَا بِالْأَقْرَبِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَحِلِّهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا يُعْدَلُ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْوُجُودِ فِيهِ لَكِنْ أَيُّ إبِلٍ تُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَحِلِّ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنْوَاعُ الْإِبِلِ لَا تَنْضَبِطُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الْغَالِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ غَالِبِ النَّاسِ؟ هَذَا وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ الْعِرَاقِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوُجُودِ أَمْ بَلَدُ الْإِعْوَازِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ إبِلٌ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَنْ تُعْدَمَ الْإِبِلُ فِي بَلَدِ الْجَانِي وَفِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَتُوجَدَ فِي بَلَدٍ لَا يَجِبُ النَّقْلُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ مَوْضِعُ الْوُجُودِ الَّذِي لَا يَجِبُ النَّقْلُ مِنْ مِثْلِهِ أَمْ مَوْضِعُ الْإِعْوَازِ وَهُوَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ؟ قَالَ: وَاعْتِبَارُ مَوْضِعِ الْوُجُودِ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَمَوْضِعُ الْإِعْوَازِ مُشْكِلٌ إذْ لَيْسَ بِهِ شَيْءٌ حَتَّى تُعْتَبَرَ قِيمَتُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ بِهِ مَعِيبًا فَيُقَوَّمُ سَلِيمًا بِاعْتِبَارِ مَوْضِعِ الْإِعْوَازِ اهـ.

فَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ يُخَالِفُ مَا قُلْنَاهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ قَطُّ فِي مَحَلِّهِ وَوُجِدَ فِي الْأَقْرَبِ ثُمَّ عُدِمَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَجْلُونَ فِي التَّصْحِيحِ وَيُقَوَّمُ الْإِبِلُ الَّتِي لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إبِلٌ قُوِّمَتْ مِنْ صِنْفِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مَوْضِعِ الْإِعْوَازِ لَوْ كَانَ فِيهِ إبِلٌ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الْإِعْوَازِ مُشْكِلٌ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: وَإِشْكَالُهُ هُوَ الْمُشْكِلُ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَعْتَبِرُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِفَرْضِ الْوُجُودِ كَمَا أَنَّهَا تُعْتَبَرُ فِي الْمَعِيبِ بِفَرْضِ السَّلَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ سَلِيمٌ أَشَارَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ رحمه الله اهـ.

(قَوْلُهُ: جَوَازُ الْعُدُولِ إلَى مَا فَوْقَهُ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا كَانَ بِالتَّرَاخِي

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ بِإِبِلِ إلَخْ) أَيْ بِغَالِبِ إبِلٍ إلَخْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهَا مِنْ الْغَالِبِ وَإِنْ لَزِمَتْ بَيْتَ الْمَالِ الَّذِي لَا إبِلَ فِيهِ فِيمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ سِوَاهُ وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ دَفْعُهَا مِنْ غَالِبِ إبِلِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَزِمَهُ ذَلِكَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِ مَحَلٍّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ تَعَيُّنُ الْقِيمَةِ حِينَئِذٍ لِتَعَذُّرِ الْأَغْلَبِ حِينَئِذٍ إذْ اعْتِبَارُ

ص: 20

الْجَرِيحُ وَيَجِبُ النِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى الْخَائِطِ إنْ كَانَ غَيْرَ الْجَرِيحِ وَخَاطَ بِغَيْرِ إذْنِهِ الْمُعْتَبَرِ وَإِلَّا هُدِرَ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ الْجِلْدُ، وَاللَّحْمُ الْمَيِّتُ فَلَيْسَ الْخَائِطُ فِيهِمَا شَرِيكًا لِعَدَمِ الْإِيلَامِ الْمُهْلِكِ فَعَلَى الْجَارِحِ الْقَوَدُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَالْكَيُّ كَالْخِيَاطَةِ (لَا) إنْ شَارَكَ (مَرَضًا) وَعَبَّرَ الْحَاوِي بِمَرِيضًا بِأَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ خَاصَّةً فَمَاتَ بِالضَّرْبِ، وَالْمَرَضِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الضَّارِبِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ جَهِلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلَكَهُ مُتَعَدِّيًا وَظَنُّهُ الصِّحَّةَ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ لِلشَّرِيكَيْنِ الْمُوَزَّعَ عَلَى أَبْدَانِهِمَا بِقَوْلِهِ:(كَمُعَمِّقٍ) لِبِئْرٍ (وَمَنْ حَفَرْ) أَيْ: الْبِئْرَ فَمَاتَ بِهَا إنْسَانٌ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا نِصْفَيْنِ لَا عَلَى الْأَذْرُعِ كَالْجِرَاحَاتِ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَمَّهَا، ثُمَّ حَفَرَهَا غَيْرُهُ فَمَاتَ بِهَا إنْسَانٌ ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الثَّانِي لِانْقِطَاعِ أَثَرِ الْأَوَّلِ بِالطَّمِّ

(وَ) مُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ (النِّصْفَ) مِنْ الدِّيَةِ (فِي الْخُنْثَى وَفِي ضِدِّ الذَّكَرْ) أَيْ الْأُنْثَى كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى لِلشَّكِّ فِي الزَّائِدِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ الْخُنْثَى لِدُخُولِهِ فِيمَا بَعْدَهُ والْحَاوِي إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ عَمَّا بَعْدَهُ بِالْأُنْثَى، ثُمَّ لَوْ أَخَّرَا حُكْمَهُمَا عَنْ الْكَلَامِ عَلَى دِيَاتِ الْكُفَّارِ كَانَ أَوْلَى

(وَ) يُوجِبُ (لِلْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ) اللَّذَيْنِ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا (ثُلْثًا) مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَقَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهما وَقِيسَ بِالْمُسْلِمِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ أَمَّا اللَّذَانِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا فَهُمَا كَمَنْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَ) يُوجِبُ (لِلْعَابِدِ لِلْأَوْثَانِ) أَيْ: الْأَصْنَامِ (وَ) لِعَابِدِ (الْقَمَرَيْنِ) أَيْ: الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ (وَلِذِي تَمَجُّسِ، أُومِنَ) كُلٌّ مِنْهُمْ بِعَهْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَدُخُولِهِ دَارَنَا لِأَدَاءِ رِسَالَةٍ (كَالزِّنْدِيقِ) الَّذِي لَهُ أَمَانٌ (ثُلْثَ الْخُمُسِ) مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ كَمَا قَالَ بِهِ فِي الْمَجُوسِيِّ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ وَهُوَ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ وَهِيَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ، وَالزِّنْدِيقُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا كَمَا مَرَّ.

وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ، أَوْ مِنْ إيضَاحٍ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ أَيْضًا (كَالشَّخْصِ) الَّذِي (لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولِ دَعْوَةٌ، أَوْ) بَلَغَتْهُ مِنْ رَسُولٍ وَلَمْ تَبْلُغْهُ (مِنَّا) أَيْ: مِنْ رَسُولِنَا صلى الله عليه وسلم (مَعَ التَّبْدِيلِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْحَاوِي بِمَرِيضًا) أَيْ وَتَعْبِيرُهُ أَحْسَنُ وَأَوْفَقُ بِمَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُجْعَلُ الْمَتْنُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ: ذَا مَرَضٍ

(قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِيمَا بَعْدَهُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دُخُولُهُ فِيمَا بَعْدَهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ الْمُحْتَمَلَةِ لَيْسَ ضِدَّ الذَّكَرِ احْتَاطَ فَذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِيَشْمَلَ الْخُنْثَى، وَالْأُنْثَى مِنْ الْكُفَّارِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلِلْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ إلَخْ) رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ بِهَامِشِ هَذَا الْمَحَلِّ، الظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَقْسَامَ الْآتِيَةَ مُسْتَوِيَةٌ فِي إجْرَاءِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمْ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الدِّيَةُ كَمَا فِي الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ اهـ.

وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ أَقْسَامَ الْمَذْكُورِينَ بِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي أَصَالَةِ النَّقْدِ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ) تَوْطِئَةٌ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ إلَخْ) بَقِيَ غَيْرُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ مَعَهُ فَهَذِهِ الْحِكْمَةُ غَيْرُ عَامَّةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْيَهُودِيِّ وَلِلنَّصْرَانِيِّ أَيْضًا) لَمْ يَقُلْ وَلِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: كَالشَّخْصِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ أَيْضًا قَوْلُهُ: الْآتِي فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ الثُّلُثُ، وَبَاقِي كَفَرَةٍ غَيْرِ مُرْتَدٍّ خُمُسُهُ لِغَيْرِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ، أَوْ بَلَغَتْهُ لَا مَنْ بَدَّلَ، وَإِلَّا فَدِيَةُ دِينِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولٍ دَعْوَةٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَكَذَا مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ مِنْ وَثَنِيٍّ، أَوْ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ، وَشُبْهَةَ كِتَابٍ كَعَبَدَةِ الشَّمْسِ، وَالزِّنْدِيقِ، أَوْ دِيَتُهُ خُمُسُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ وَقَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا وَهُوَ كَالْمُسْتَأْمَنِ فَفِيهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَكَذَا مُتَمَسِّكٌ بِكِتَابٍ لَمْ يُبَدَّلْ وَلَمْ يَبْلُغْهُ غَيْرُهُ وَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ مِلَّتِهِ فَإِنْ جُهِلَتْ، أَوْ تَمَسَّكَ بِمُبَدَّلٍ لَمْ يَبْلُغْهُ غَيْرُهُ فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَمَنْ جُهِلَ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ لَمْ تَجِبْ دِيَتُهُ بِنَاءً عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ أَصْلَ النَّاسِ قَبْلَ الشَّرَائِعِ عَلَى الْكُفْرِ لَا الْإِيمَانِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

بَلَدٍ بِعَيْنِهِ تَحَكُّمٌ اهـ.

شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: الَّذِينَ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ: هَذَا يُفِيدُك أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يُضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ اهـ.

وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ هُوَ أَنْ يُعْلَمَ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ، وَالتَّحْرِيفِ اهـ.

ع ش عَلَى م ر وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ مِنَّا أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مِنَّا وَلَا أَمَانَ لَهُ يُهْدَرُ وَقَوْلُ الشِّهَابِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهِ كَمَا ذَكَرَهُ لَكِنَّ أُمَّهُ إسْرَائِيلِيَّةٌ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُعْتَبَرُ بِأَغْلَظِ الْأَصْلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُوَافِقُ الْقَدِيمَ الْقَائِلَ أَنَّ دِيَةَ الْمُسْلِمِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْقَدِيمَ إنَّمَا يَقُولُ هَذَا إنْ فُقِدَتْ الْإِبِلُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْيَهُودِيَّ، وَالنَّصْرَانِيَّ يَتَأَتَّى فِيهِ عَقْدُ الذِّمَّةِ أَيْضًا وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ وَلَا شُبْهَةُ كِتَابٍ كَعَابِدِ الْوَثَنِ وَمَا بَعْدَهُ مَا عَدَا الْمَجُوسِيَّ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهِ مُجَرَّدُ الْأَمَانِ وَلَمَّا كَانَتْ دِيَتُهُ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ أَشْرَكَهُ مَعَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ الَّذِي لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولٍ دَعْوَةٌ) هَذَا لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ أَصْلًا فَقَوْلُهُ: بَعْدُ مَعَ التَّبْدِيلِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدُ، أَوْ قَوْلُهُ: لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولٍ دَعْوَةٌ، أَوْ مِنَّا أَيْ لِعِصْمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا إذْ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ قَبْلَ

ص: 21

لِمَا تَمَسَّك بِهِ بِأَنْ تَمَسَّك بِدِينٍ بُدِّلَ فَفِي قَتْلِهِ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ (وَدُونَهُ) أَيْ: التَّبْدِيلِ بِأَنْ تَمَسَّك بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ يَجِبُ بِقَتْلِهِ (وَاجِبُ ذَاكَ الدِّينِ) ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ رَسُولٍ صِلَةُ دَعْوَةٍ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (وَقِيلَ هُمْ) أَيْ: مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا (قَوْمٌ) مِنْ الْيَهُودِ (وَرَاءَ الصِّينِ) لَمْ يُحَرِّفُوا شَرِيعَتَهُمْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ دِيَةِ دِينِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَجِبُ أَخَسُّ الدِّيَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ، أَوْ الْكُفْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ:، وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ أَنْ لَا ضَمَانَ إذْ لَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ، وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ وَيُرَاعَى فِيمَا ذُكِرَ التَّغْلِيظُ، وَالتَّخْفِيفُ فَفِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ الْمُغَلَّظَةِ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جِذَاعٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خِلْفَةً وَثُلُثٌ

(وَالطِّفْلُ كَالْأَكْثَرِ مِنْ أُمٍّ وَأَبٍ يُودَى) أَيْ: تُعْطَى دِيَتُهُ كَأَكْثَرِ أَبَوَيْهِ دِيَةً؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا، وَالضَّمَانُ يَغْلِبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ فَفِي التَّوَلُّدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيَّةٍ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ دِيَةُ كِتَابِيٍّ (وَتَقْوِيمُ الْأَرِقَّاءِ وَجَبْ) لِيُعْرَفَ بِهِ قِيمَةُ الرَّقِيقِ الْمُتْلَفِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَلِلرَّقِيقِ الْقِيمَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِدِينٍ بُدِّلَ) هَلْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُبَدَّلٌ؟ (قَوْلُهُ: وَاجِبُ ذَاكَ الدِّينِ) أَيْ: مَا نُوجِبُهُ فِي الْمَقْتُولِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الدِّينِ لَا مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الدِّينُ فِي ذَلِكَ الْقَتْلِ حَتَّى يَكُونَ الْعَمَلُ بِحُكْمِ ذَلِكَ الدِّينِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ قَالَ: الْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ وَاجِبُ ذَلِكَ الدِّينِ فِيمَا يَرَاهُ شَرْعُنَا اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ دِيَةِ دِينِهِ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ دِيَتِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَمَسُّكِهِ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كِتَابِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ: مِمَّنْ لَا أَمَانَ لَهُ هَكَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ نَحْوَ عَابِدِ الْوَثَنِ مَضْمُونٌ إذَا كَانَ لَهُ أَمَانٌ ثُمَّ يَسْتَشْكِلُ هَذَا الْكَلَامُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ يُوجِبُ عَدَمَ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ الشَّرْعِ عَلَى الْكُفْرِ وَيُؤَيِّدُ إرَادَةَ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَلْ الْأَشْبَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا يُضْمَنُ بِثُلُثِ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَمَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِ نَبِيِّنَا يُضْمَنُ تَارَةً بِثُلُثِ الْخُمُسِ وَأُخْرَى بِوَاجِبِ أَصْلِ دِينِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَمَا مَحْمَلُ هَذَا الْكَلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا يُفَارِقُ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ كَمَا تَقَدَّمَ بِتَحَقُّقِ عُذْرِ ذَاكَ دُونَ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَلَغَتْهُ وَعَانَدَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِعْلَامِ، وَالدُّعَاءِ لِلْإِسْلَامِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلِذَا أَلَمْ يُشْتَرَطْ الْأَمَانُ هُنَا بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ وَمَا بَعْدَهُمَا؟ فَإِنَّ مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ يُهْدَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَتْهُ مِنْ رَسُولٍ وَلَمْ تَبْلُغْهُ مِنَّا) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ وَبَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِ رَسُولِنَا صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِنَا لَا مِنَّا اهـ.

وَكَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ بُلُوغِهَا مِنَّا أَيْ مِنْ رَسُولِنَا لَا أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْهُ مِنْ رَسُولِنَا لَزِمَ أَنْ تَبْلُغَهُ دَعْوَةُ رَسُولِنَا صلى الله عليه وسلم فَتَأَمَّلْهُ وَمَعَ هَذَا فَعِبَارَةُ الشَّرْحِ هِيَ الْوَاضِحَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَسَّكَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِهِ وَكَذَا مَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِ نَبِيِّنَا وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِمَا بَلَغَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُبَدِّلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَمَا هُوَ وَمُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الَّتِي بِأَسْفَلِ الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) يُحْتَمَلُ تَمَسَّكَ هُوَ، أَوْ مَنْ يُنْسَبُ هُوَ إلَيْهِ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِهِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَاسِخٌ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ تَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ الدِّينِ الْمُبَدَّلِ كَذَا قَالَ م ر: وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّ الذِّمِّيَّ دِيَتُهُ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ تَمَسَّكَ بِالْمُبَدَّلِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا أَنَّ لَهُ ذِمَّةً بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: قَوْمٌ مِنْ الْيَهُودِ وَرَاءَ الصِّينِ) قِيلَ هُمْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 159] اهـ.

طَاوُوسِيٌّ عَلَى الْحَاوِي (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ حَتَّى آمَنُوا

ص: 22

وَهِيَ أَوْلَى أَيْ: وَمُعْقِبُ تَلَفِ الرَّقِيقِ عَمْدًا، أَوْ غَيْرِهِ يُوجِبُ قِيمَتَهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ سُلُوكًا بِهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ

(وَ) مُعْقِبُ التَّلَفِ فِي النَّفْسِ النَّاقِصَةِ (لِجَنِينٍ) وَلَوْ أُنْثَى، أَوْ خُنْثَى أَوْ نَاقِصِ الْأَعْضَاءِ، أَوْ مَجْهُولِ النَّسَبِ يُوجِبُ قِنًّا كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ الْغُرَّةُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ» بِتَرْكِ تَنْوِينِ غُرَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَبِتَنْوِينِهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا وَسَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ ذَكَرٌ، أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا كَمَا جُعِلَ صَاعُ التَّمْرِ بَدَلَ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ سَوَاءٌ كَثُرَ اللَّبَنُ، أَوْ قَلَّ وَأَفْهَمَ تَنْكِيرُهُ الْجَنِينَ تَعَدُّدَ الْغُرَّةِ بِتَعَدُّدِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَوَصَفَ الْجَنِينَ بِقَوْلِهِ:(كَوْنُهُ عَلِمْنَا) أَيْ: الْجَنِينَ عَلِمْنَا وُجُودَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِأَنْ انْكَشَفَ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا بَعْدَ مَوْتِهَا، أَوْ قَبْلَهُ فَلَوْ جَنَى عَلَى امْرَأَةٍ فَمَاتَتْ وَلَمْ يَنْكَشِفْ مِنْ الْجَنِينِ شَيْءٌ، أَوْ كَانَ بِهَا انْتِفَاخٌ، أَوْ حَرَكَةٌ فَزَالَ فَلَا غُرَّةَ لِلشَّكِّ.

وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَهَا فِيمَا لَوْ ضَرَبَ مَيِّتَةً فَأَلْقَتْ مَيِّتًا وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَقَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِمَوْتِهَا وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَكُونُ بِالشَّكِّ قَالَ: وَقَوْلُ الْأَوَّلِ الْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ حَيَاتَهُ حَتَّى نَقُولَ: الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا (دُونَ الْحَيَاةِ) أَيْ: دُونَ عِلْمِنَا بِحَيَاتِهِ فَلَوْ عَلِمْنَاهَا بِأَنْ صَاحَ، أَوْ تَنَفَّسَ، أَوْ امْتَصَّ الثَّدْيَ، أَوْ تَحَرَّكَ حَرَكَةً قَوِيَّةً كَقَبْضِ يَدِهِ وَبَسْطِهَا لَا مُجَرَّدِ اخْتِلَاجِهِ وَمَاتَ حَالًا، أَوْ بَقِيَ مُتَأَلِّمًا حَتَّى مَاتَ لَمْ تَجِبْ الْغُرَّةُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَإِنْ انْتَهَى إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِينَ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ، أَوْ انْفَصَلَ لِوَقْتٍ لَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ أَنْ يَعِيشَ بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَهَلَاكِهِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ بَقِيَ زَمَنًا بِلَا أَلَمٍ وَمَاتَ فَلَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ وَكَذَا لَوْ زَالَ أَلَمُ الْجِنَايَةِ عَنْ الْأُمِّ قَبْلَ إلْقَائِهِ مَيِّتًا وَلَوْ أَلْقَتْ بِالْجِنَايَةِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَمَاتَ بِهَا الْحَيُّ وَجَبَتْ دِيَةُ غُرَّةٍ (وَهُوَ حُرٌّ مِنَّا) أَيْ: مُسْلِمٌ وَهَذَا قَيْدٌ لِإِيجَابِ الْغُرَّةِ الْكَامِلَةِ فَخَرَجَ الرَّقِيقُ، وَالْكَافِرُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا (حَتَّى جَنِينٍ) أَيْ: مُعْقِبُ التَّلَفِ لِجَنِينٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ يُوجِبُ غُرَّةً كَامِلَةً حَتَّى لِجَنِينٍ (هُوَ مِنْ ذِمِّيَّهْ) وَكَافِرٍ أَجْهَضَتْهُ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى إسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ السَّابِقِ عَلَى إجْهَاضِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ بِالْمَالِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَعَتَقَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ الْإِجْهَاضِ وَلِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْغُرَّةِ وَعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهَا، أَوْ الْعُشْرُ أَقَلُّ فَهُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ السَّيِّدُ وَمَا زَادَ بِالْحُرِّيَّةِ (دُونَ جَنِينٍ) حُرٍّ مُسْلِمٍ (هُوَ مِنْ حَرْبِيَّهْ) وَحَرْبِيٍّ (تُجْهِضُ بَعْدَ سَابِقِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: أَسْقَطَتْهُ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ السَّابِقِ عَلَى إجْهَاضِهِ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا ابْتِدَاءً

وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ سَابِقٌ يُغْنِي عَنْهُ لَفْظَةُ بَعْدَ فَهُوَ تَكْرَارٌ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِي لِكَلَامِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْإِجْهَاضُ (بِتَخْوِيفٍ مِنْ الْإِمَامِ) فَتَجِبُ بِهِ الْغُرَّةُ كَمَا تَجِبُ بِتَخْوِيفِ غَيْرِهِ وَبِمَا فَوْقَ التَّخْوِيفِ مِنْ ضَرْبٍ وَإِيجَارِ دَوَاءٍ وَنَحْوِهِمَا بِخِلَافِ نَحْوِ اللَّطْمَةِ الْخَفِيفَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَهِيَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ لِلْأُسْلُوبِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمَاذَا؟ إلَّا فِي أَنَّهُ يَجِبُ تَقْوِيمُهُ أَوَّلًا

(قَوْلُهُ: لِجَنِينٍ) أَيْ الْكَائِنَةُ لِجَنِينٍ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) لَك أَنْ تَقُولَ: نَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ تَيَقُّنَ الْحَيَاةِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ حَيَاةِ الْأُمِّ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الْغُرَّةَ لِظَنِّ الْحَيَاةِ، أَوْ احْتِمَالِ وُجُودِهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ هَذَا الظَّنِّ، وَالِاحْتِمَالِ أَشَارَ إلَيْهِ الْجَوْجَرِيُّ بِرّ (قَوْلُهُ: دُونَ الْحَيَاةِ) اُنْظُرْ عِلْمَ الْحَيَاةِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ كَأَنْ صَاحَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ثُمَّ نَزَلَ مَيِّتًا وَقَدْ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَفْهَمَ هَذَا أَنَّ الْجِنَايَةَ لَوْ وَقَعَتْ فِي حَالِ حِرَابَةِ الْأُمِّ وَكَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا حِينَ الْجِنَايَةِ أَنَّهُ تَجِبُ الْغُرَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَذْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ وَأَظُنُّهُ غَلَطًا بِرّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَكْرَارٌ) لَا يُقَالُ التَّكْرَارُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إضَافَةَ سَابِقٍ لِلْإِسْلَامِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ: الْإِسْلَامُ السَّابِقُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ سَابِقُ صِفَةِ الْفِعْلِ الْمُعْقِبِ أَيْ: تُجْهِضُ بَعْدَ فِعْلٍ مُعْقِبٍ سَابِقِ الْإِسْلَامِ فَلَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ جَعْلُ سَابِقٍ صِفَةً لِلْفِعْلِ الْمُعْقِبِ فَاسِدٌ مُنَافٍ لِغَرَضِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تُجْهِضُ بَعْدَ سَابِقِ الْإِسْلَامِ رَاجِعٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ: أَيْضًا حَتَّى جَنِينٍ هُوَ مِنْ ذِمِّيَّةٍ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِكَوْنِ الْإِجْهَاضِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَالْعِبَارَةُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ سَابِقٍ صِفَةً لِلْفِعْلِ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِكَوْنِ الْإِجْهَاضِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا أَفَادَتْهُ تَأَخُّرُ الْإِجْهَاضِ عَنْ الْفِعْلِ وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهَذَا فَاسِدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذْ لَا تَجِبُ فِيهَا الْغُرَّةُ الْكَامِلَةُ حِينَئِذٍ وَفِي الثَّانِيَةِ إذْ لَيْسَ هَذَا مَحَلُّ النَّفْيِ وَدَفْعِ التَّوَهُّمِ وَلِفَوَاتِ إفَادَةِ هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ الْإِهْدَارُ مَعَ تَأَخُّرِ الْإِجْهَاضِ عَنْ الْإِسْلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالرُّسُلِ، أَوْ الْكُفْرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَحِينَئِذٍ فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّ الْأَشْبَهَ بِالْمَذْهَبِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذْ لَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ وَكَأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ مُهْدَرٌ وَعَدَمُ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ أَمْرٌ نَادِرٌ وَاحْتِمَالُ صِدْقِ مَنْ ادَّعَاهُ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ لَا نُوجِبُ الضَّمَانَ بِمِثْلِهِ اهـ.

فَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُمْ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ حَتَّى آمَنُوا بِالرُّسُلِ مَعْنَاهُ هَلْ بَقَوْا عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ إلَى الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ، أَوْ عَرَضَ عَارِضٌ حَتَّى كَانُوا عِنْدَ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ كُفَّارًا الْأَصَحُّ الثَّانِي وَإِلَّا لَمَا قَاسَتْ الرُّسُلُ الشَّدَائِدَ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ بُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَلَمْ يُؤْمِنْ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ بُلُوغِهَا وَلَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ، وَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ لَمْ يَتَأَتَّ احْتِمَالُ بُلُوغِ

ص: 23

وَعَنْ النَّصِّ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ طَلَبَ رَجُلًا عِنْدَ امْرَأَةٍ فَفَزِعَتْ فَأَجْهَضَتْ ضَمِنَ أَيْضًا وَذِكْرُ الْإِمَامِ زَادَهُ النَّاظِمُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمَخُوفُ بِالتَّخْوِيفِ لَمْ يَضْمَنْ لِبُعْدِ إفْضَائِهِ إلَى الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْإِجْهَاضِ وَوَصَفَ الْجَنِينَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (تَخْطِيطُ بَعْضِهِ بَدَا) أَيْ: ظَهَرَ وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ وَضَعَتْهُ لَحْمًا فَقُلْنَ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ فَفِيهِ غُرَّةٌ فَلَوْ قُلْنَ لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ لَكِنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَوْ بَقِيَ لَتَصَوَّرَ، أَوْ شَكَكْنَ فِي أَنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ فَلَا غُرَّةَ، وَالتَّخْطِيطُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الشَّكْلُ، وَالتَّقْطِيعُ الْكُلِّيُّ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ آحَادُ الْأَعْضَاءِ كَالْيَدِ، وَالْأُصْبُعِ وَغَيْرِهِمَا

(قِنًّا) مَفْعُولٌ بِوَجَبَ كَمَا مَرَّ (سَلِمْ مِنْ عَيْبِ بَيْعٍ) بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ لَا يَضُرُّ فِيهَا عَيْبٌ لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِوُرُودِ الْخَبَرِ هُنَا بِلَفْظِ الْغُرَّةِ وَهِيَ الْخِيَارُ، وَالْمَعِيبُ بِخِلَافِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمَعِيبِ كَخَصِيٍّ وَخُنْثَى وَبَالِغِ سِنِّ التَّمْيِيزِ وَلَمْ يُمَيِّزْ وَكَافِرٍ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ عَلَى كَافِرٍ بِبَلَدٍ تَقِلُّ فِيهِ الرَّغْبَةُ، أَوْ عَلَى مُرْتَدٍّ، أَوْ كَافِرَةٍ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا لِتَمَجُّسٍ، أَوْ نَحْوِهِ (إنْ يُمَيِّزْ) فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا لَفْظُ الرَّقَبَةِ (لَا هَرِمْ) فَلَا يُجْزِئُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ

وَلَا يَضُرُّ مُجَاوَزَةُ الْقِنِّ عِشْرِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخِيَارِ (يَعْدِلُ) أَيْ: يُسَاوِي الْقِنُّ (خَمْسَ إبِلٍ) نِصْفَ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَكْمِيلُ الدِّيَةِ لِعَدَمِ كَمَالِ حَيَاتِهِ وَلَا الْإِهْدَارِ فَقُدِّرَتْ بِأَقَلِّ دِيَةٍ وَرَدَتْ وَهُوَ الْخُمُسُ فِي الْمُوضِحَةِ، وَالسِّنِّ وَإِيجَابُ ثَلَاثَةِ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٍ لِأُنْمُلَةِ غَيْرِ الْإِبْهَامِ لَمْ يُرِدْ بِخُصُوصِهِ بَلْ لَزِمَ مِنْ تَوْزِيعِ مَا لِلْأُصْبُعِ عَلَى أَجْزَائِهَا (قَدْ رُسِمَتْ) أَيْ: الْخَمْسُ بِمَعْنَى وَجَبَتْ (بَدِيلَهُ) أَيْ: بَدَلَ الْقِنِّ (لِلْفَقْدِ) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِهِ فَإِذَا فُقِدَ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ، أَوْ وُجِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَجَبَتْ الْخَمْسُ كَمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِهَا فَإِذَا أَخَذَ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ لَا قِيمَتَهُ؛ وَلِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الدِّيَاتِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا عِنْدَ فَقْدِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَبْلُغُ دِيَةً كَامِلَةً، أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى إيجَابِهَا (ثُمَّ) إنْ فُقِدَتْ الْإِبِلُ (قُوِّمَتْ) أَيْ: الْخَمْسُ وَأُخِذَتْ قِيمَتَهَا كَمَا فِي فَقْدِ إبِلِ الدِّيَةِ فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهَا أُخِذَ قِيمَتُهُ مَعَ الْمَوْجُودِ (لِلْأَرْبَعِ الْأَيْدِي وَلِلرَّأْسَيْنِ) أَيْ: وَمُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ لِإِلْقَاءِ أَرْبَعِ أَيْدٍ، أَوْ أَرْجُلٍ وَرَأْسَيْنِ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْتِ صَاحِبِهَا (فَرْدًا) أَيْ: قِنًّا وَاحِدًا لِإِمْكَانِ كَوْنِهَا لِجَنِينٍ وَاحِدٍ بَعْضُهَا أَصْلِيٌّ وَبَعْضُهَا زَائِدٌ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِامْرَأَةٍ لَهَا رَأْسَانِ فَنَكَحَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا وَطَلَّقَهَا (كَمَا) يُوجِبُ (لِلْبَدَنَيْنِ) وَإِنْ الْتَصَقَا (اثْنَيْنِ) أَيْ: قِنَّيْنِ إذْ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ فَالْبَدَنَانِ حَقِيقَةً يَسْتَلْزِمَانِ رَأْسَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا رَأْسٌ فَالْمَجْمُوعُ بَدَنٌ وَاحِدٌ حَقِيقَةً فَلَا يَجِبُ إلَّا غُرَّةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ فَرْعًا مِنْ فُرُوعِ ابْنِ الْحَدَّادِ

فَقَالَ (وَإِنْ يُخَلِّفْ) رَجُلٌ (زَوْجَةً حُبْلَى) مِنْهُ (وَأَبٌ وَقِنَّةً) وَعَبَّرَ الْحَاوِي كَغَيْرِهِ بِأَخٍ وَعَبْدٍ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ (تَعْدِلُ عِشْرِينَ ذَهَبْ) بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَبْ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: تُسَاوِي الْقِنَّةُ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ (أَلْقَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (بِفِعْلِ الْقِنَّةِ) أَيْ: بِجِنَايَتِهَا عَلَيْهَا (الْجَنِينَا مَيْتًا) بِالتَّخْفِيفِ (وَسَاوَتْ غُرَّةٌ) أَيْ: غُرَّةُ الْجَنِينِ (سِتِّينَا) دِينَارًا خَرَجَ الْجَنِينُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَيَكُونُ رُبْعُ الْقِنَّةِ لِلزَّوْجَةِ وَبَاقِيهَا لِلْأَبِ إرْثًا وَتَتَعَلَّقُ الْغُرَّةُ بِرَقَبَةِ الْقِنَّةِ فَإِذَا سَاوَتْ الْغُرَّةُ سِتِّينَ كَمَا ذُكِرَ كَانَ لِلزَّوْجَةِ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ وَلِلْأَبِ ثُلُثَاهَا أَرْبَعُونَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْغُرَّةَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ، وَالْمَالِكُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مِلْكِهِ شَيْئًا فَيَضِيعُ عَلَى الْأَبِ مِمَّا لَهُ مِنْ الْغُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَتَتَعَلَّقُ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْقِنَّةِ وَهُوَ يُسَاوِي خُمُسَهُ فَيَضِيعُ عَلَيْهِ أَيْضًا خُمُسُهُ إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْفِدَاءُ إلَّا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ حِصَّتِهَا وَيَضِيعُ عَلَى الزَّوْجَةِ مِمَّا لَهَا مِنْ الْغُرَّةِ رُبْعُهُ وَتَتَعَلَّقُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةَ بِمَا لِلْأَبِ مِنْ الْقِنَّةِ وَهُوَ يُسَاوِي خُمُسَهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (وَسَلَّمَ الْقِنَّةَ كُلٌّ مِنْهُمَا) بِأَنْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا لِلْآخَرِ وَلَمْ يَخْتَرْ الْفِدَاءَ (يَنْعَكِسُ الْقَدْرَانِ فِي مِلْكَيْهِمَا) مِنْ الْقِنَّةِ فَيَصِيرُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَعَنْ النَّصِّ أَنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ التَّخْوِيفُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ: قِنًّا سَلِمْ إلَخْ) يَأْتِي فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ مَا سَلَفَ فِي إبِلِ الدِّيَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمَعِيبِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ أَجْزَأَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَيَّزَ) بِشَرْطِ بُلُوغِ السُّبْعِ أَيْضًا بِرّ (قَوْلُهُ: قَدْ يَبْلُغُ دِيَةً كَامِلَةً) قَدْ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَعْدِلُ خَمْسَ إبِلٍ فَإِنَّ مَا يَعْدِلُ خَمْسَ إبِلٍ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَبْلُغَ قِيمَتُهُ دِيَةً كَامِلَةً فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنْ قُلْت: بَلْ يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ الْإِبِلَ قَدْ تَكُونُ نَفِيسَةً جِدًّا فَتَبْلُغُ قِيمَتُهَا قَدْرَ الدِّيَةِ وَأَكْثَرَ قُلْت: لَيْسَ الْمُرَادُ خَمْسَ إبِلٍ مُطْلَقًا بِحَيْثُ تَصْدُقُ بِالنَّفِيسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ أَجْزَأَتْ وَإِلَّا لَوَرَدَ الْمَحْذُورُ عَلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ قُوِّمَتْ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ النَّفِيسَةِ قَدْ تَبْلُغُ الدِّيَةَ وَأَكْثَرَ بَلْ الْمُرَادُ مَا يَكُونُ نِصْفَ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ

(قَوْلُهُ: خَرَجَ الْجَنِينُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا) لِانْفِصَالِهِ (قَوْلُهُ: لِلْأَبِ) إرْثًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: كَانَ لِلزَّوْجَةِ ثُلُثُهَا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ الْجَنِينُ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَبِ ثُلُثَاهَا) ؛ لِأَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ الْجَنِينُ (قَوْلُهُ: وَالْمَالِكُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ) فَلَا تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ عَلَى مِلْكِهَا الَّذِي هُوَ رُبْعُ الْقِنَّةِ شَيْئًا وَلَا الْأَبُ عَلَى مِلْكِهِ الَّذِي هُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: فَيَضِيعُ عَلَى الْأَبِ إلَخْ) لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَضِيعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ) قَبْلُ لِتُبَاعَ فِي الْجِنَايَةِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الدَّعْوَةِ وَإِلَّا لَآمَنَ وَبِمَا ذَكَرْنَا يُعْلَمُ انْدِفَاعُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ النَّظَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ص: 24

لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِلْأَبِ رُبْعُهَا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ وَأَرَادَ الْفِدَاءَ فَتَفْدِي الزَّوْجَةُ حِصَّتَهَا بِخَمْسَةٍ، وَالْأَبُ حِصَّتَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ (قُلْت وَقِسْ عَلَيْهِ مَا يَجْنِيهِ مُشْتَرَكٌ) أَيْ: جِنَايَةَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ (فِي) بِمَعْنَى عَلَى (مَالِ مَالِكَيْهِ) وَيُسَلِّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ فَيَنْعَكِسُ قَدْرُ مِلْكَيْهِمَا (إنْ تَتَفَاوَت حِصَصٌ فِي الْمَالِ) الْمُتْلَفِ (، وَ) فِي (الْعَبْدِ، أَوْ) فِي (فَرْدٍ) مِنْهُمَا (مِنْ الْمِثَالِ) الْمَذْكُورِ مِثَالُ التَّفَاوُتِ فِيهِمَا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ عِشْرِينَ لِزَيْدٍ رُبْعُهُ وَلِعَمْرٍو ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَقِيمَةُ الْمُتْلَفِ سِتِّينَ لِزَيْدٍ ثُلُثُهُ وَلِعَمْرٍو ثُلُثَاهُ وَمِثَالُ التَّفَاوُتِ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ ظَاهِرٌ مِنْ ذَلِكَ وَتَقْرِيرُ الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ وَاضِحٌ مِمَّا مَرَّ وَمِنْ فَوَائِدِ انْعِكَاسِ الْمِلْكِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَفَاوَتَا فِي الْعَبْدِ امْتِنَاعُ رُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَتِهِ

(أَمَّا) الْجَنِينُ (الْكِتَابِيُّ فَضِعْفُ سُدْسِهِ) أَيْ: فَيُوجِبُ (لَهُ) مُعْقِبُ تَلَفِهِ ضِعْفَ سُدُسِ الْقِنِّ الْوَاجِبِ فِي الْجَنِينِ الْمُسْلِمِ أَيْ: ثُلُثُهُ كَمَا أَنَّ دِيَةَ الْكِتَابِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ فَيَجِبُ قِنٌّ يَعْدِلُ بَعِيرًا، وَثُلُثَيْنِ (وَلِلْمَجُوسِ) أَيْ:، وَالْمُعْقِبُ لِتَلَفِ الْجَنِينِ الْمَجُوسِيِّ يُوجِبُ لَهُ (ثُلْثَ خُمْسِهِ) أَيْ: ثُلُثَ خُمُسِ الْقِنِّ الْوَاجِبِ فِي الْجَنِينِ الْمُسْلِمِ فَيَجِبُ قِنٌّ يَعْدِلُ ثُلُثَ بَعِيرٍ وَيَجُوزُ كَسْرُ هَاءِ سُدْسِهِ وَخُمْسِهِ إنْ سَكَنَ ثَانِيهِمَا وَإِسْكَانُهَا إنْ ضُمَّ وَلَا يَخْفَى حُكْمُ إتْلَافِ جَنِينِ عَبَدَةِ الْوَثَنِ، وَالْقَمَرَيْنِ، وَالزِّنْدِيقِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ، أَوْ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا مَعَ التَّبْدِيلِ وَعَدَمِهِ (وَهُوَ كَخَيْرِ أَبَوَيْنِ اخْتَلَفَا) أَيْ:، وَالْجَنِينُ إذَا اخْتَلَفَ أَبَوَاهُ كَيَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ كَخَيْرِهِمَا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّغْلِيظِ فِي الضَّمَانِ فَفِي جَنِينِ تَوَلَّدَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ مَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ الْكِتَابِيِّ وَفِي الْجَنِينِ مَنْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الْحَبَلِ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ حَبِلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَجَنِينِ الْحَرْبِيَّةِ (لِوَارِثِ الْجَنِينِ) أَيْ: مُعْقِبُ تَلَفِ الْجَنِينِ يُوجِبُ قِنًّا مَوْصُوفًا بِمَا ذُكِرَ لِوَرَثَتِهِ بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا، ثُمَّ مَوْتِهِ (لَا مَا وَقَفَا) لَهُ مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِ فَلَا يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ بَلْ لِوَرَثَةِ مُوَرِّثِهِ لِعَدَمِ حَيَاتِهِ وَتَقْدِيرُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَّةِ تَغْلِيظٌ عَلَى الْجَانِي وَلَوْ جَنَتْ الْحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا بِشُرْبِ دَوَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْغُرَّةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ (وَمَا بِهِ) أَيْ لَيْسَ فِي إتْلَافِ الْجَنِينِ (عَمْدٌ) إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلَا حَيَاتُهُ حَتَّى يُقْصَدَ وَإِنَّمَا فِيهِ خَطَأٌ، أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أُمِّهِ خَطَأً أَمْ عَمْدًا، أَمْ شِبْهَهُ بِأَنْ قَصَدَ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا، أَوْ قَصَدَهَا بِمَا يُجْهِضُ غَالِبًا، أَوْ بِمَا لَا يُجْهِضُ غَالِبًا وَقِيلَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شِبْهُ الْعَمْدِ أَيْضًا وَهُوَ قَوِيٌّ لِتَعَذُّرِ قَصْدِ الشَّخْصِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ كَالْعَمْدِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَغْلُظُ فِيهِ فَيُؤْخَذُ عِنْدَ فَقْدِ الْغُرَّةِ حِقَّةٌ وَنِصْفٌ وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ وَخِلْفَتَانِ

قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْلَظَ فِي الْغُرَّةِ أَيْضًا بِأَنْ يَبْلُغَ قِيمَتُهَا عُشْرَ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهُوَ حَسَنٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ وَتَعَقَّبَا بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ أَيْضًا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي حَمْلٍ حُرٍّ

(وَ) أَمَّا (حَمْلُ غَيْرِ حُرْ فَفِيهِ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ الْعُشُرْ) بِضَمِّ الشِّينِ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ قِيمَتُهُ فِي نَفْسِهِ بِتَقْدِيرِ الْحَيَاةِ فِيهِ بَلْ قِيمَةُ أُمِّهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ اسْتِقْلَالِهِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ وَلَوْ أَلْقَتْ بِالْجِنَايَةِ مَيِّتًا ثُمَّ بَعْدَ عِتْقِهَا آخَرَ وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَفِي الثَّانِي غُرَّةٌ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْجَنِينَ الْمُبَعَّضَ كَالْقِنِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي رَوْنَقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ

وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ بِالرَّقِيقِ يُخْرِجُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا التَّوْزِيعُ بِالْحِصَّةِ فَيَجِبُ فِيمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ نِصْفُ غُرَّةٍ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا (لَدُنْ جَنَى) أَيْ: عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَا عِنْدَ الْإِجْهَاضِ

ــ

[حاشية العبادي]

قُلْت: التَّسْلِيمُ لِلْبَيْعِ فِي الْجِنَايَةِ لَا يَقْتَضِي مِلْكَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْقِنَّةِ مَا كَانَ لِلْآخَرِ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُمْ انْعَكَسَ الْقَدْرُ أَنَّ فِي مِلْكِهِمَا مِنْ الْقِنَّةِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ تَمْلِيكًا بَلْ تَمْكِينٌ مِنْ الْبَيْعِ لِأَخْذِ الْحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِثَالُ التَّفَاوُتِ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ ظَاهِرٌ) وَفِي هَذَا مِثَالَانِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ حَبِلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ أَحْبَلَهَا مُرْتَدٌّ، أَوْ غَيْرُهُ لَكِنْ بِزِنًا فِي حَالِ رِدَّتِهَا وَأَلْقَتْ جَنِينَهَا بِجِنَايَةٍ فَهَدَرٌ كَجَنِينِ الْحَرْبِيَّيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ مُرْتَدَّيْنِ كَافِرٌ اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمُسْلِمِ بِأَنْ لَا يَكُونَ زَانِيًا وَإِنْ نَحْوَ الذِّمِّيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ زَانِيًا إذَا أَحْبَلَهَا لَا يَكُونُ جَنِينُهَا هَدَرًا فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حَرَّةً) وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ عِتْقِهَا آخَرَ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِزَيْدٍ ثُلُثُهُ وَلِعَمْرٍو ثُلُثَاهُ) فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ زَيْدٍ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَحِصَّةُ عَمْرٍو بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ وَهُوَ رُبْعُ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يُفْدِ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ فَيَنْعَكِسُ حِينَئِذٍ مِلْكَاهُمَا وَيَصِيرُ حِينَئِذٍ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلِعَمْرٍو رُبْعُهُ اهـ.

عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ فَوَائِدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ وَتَفَاوُتُ حِصَّتِهِمَا فِي الْعَبْدِ فَقَطْ وَاضِحٌ وَفِي تَفَاوُتِ حِصَّتَيْهِمَا فِي الْمَالِ الْمُتْلَفِ وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ لِأَحَدِهِمَا مِلْكَهُ فِي الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ لَكِنْ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَالِهِ عَشَرَهُ دَنَانِيرَ وَيَضَعُ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي الْمَالِ عَشْرَةً فَقَطْ وَعَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثُونَ دِينَارًا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمِنْ فَوَائِدِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ مِلْكُ أَحَدِهِمَا عَلَى النِّصْفِ

(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ إلَخْ) لَكِنْ لَعَلَّهُ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِوُجُودِهِ جُعِلَ شِبْهَ عَمْدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) جَزَمَ بِهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

ص: 25

؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ غَالِبًا فَإِنْ فُرِضَ زِيَادَتُهَا بَعْدَهُ اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ فَالْمُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمُ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ كَمَا قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (بِفَرْضِهَا) وَهِيَ كَافِرَةٌ أَوْ حُرَّةٌ، أَوْ مَعِيبَةٌ، وَالْجَنِينُ بِخِلَافِهَا (فِي) اعْتِبَارِ (الْقِيمَهْ مُسْلِمَةً) ، وَ (رَقِيقَةً)، وَ (سَلِيمَهْ كَالْحَمْلِ) ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ الِاحْتِيَاطُ وَصُورَةُ الرَّقِيقِ مِنْ الْحُرَّةِ أَنْ يُعْتِقَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا بَعْدَ أَنْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا (دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ: عَكْسِ مَا مَرَّ بِأَنْ تَكُونَ الْأُمُّ سَلِيمَةً، أَوْ رَقِيقَةً، وَالْجَنِينُ مَعِيبٌ، أَوْ حُرٌّ كَأَنْ وُطِئَتْ أَمَةٌ بِشُبْهَةٍ فَلَا تُفْرَضُ مَعِيبَةً؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ، وَاللَّائِقُ بِالْحَالِ الِاحْتِيَاطُ، وَالتَّغْلِيظُ عَلَى الْجَانِي، وَلَا حُرَّةً لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَكْسُ الْأُولَى بِأَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ.

فَقَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ يُحْمَلُ عَلَى عَكْسِ الْأَخِيرَتَيْنِ بَلْ عَلَى عَكْسِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً أَمَّا لَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ فَتُفْرَضُ الْأُمُّ سَلِيمَةً أَيْضًا وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُهُ: كَالْحَمْلِ خِلَافَهُ (مَعَ غُرْمِهِ) أَيْ: الْجَانِي (مَعَ مَا ذَكَرْنَا) مِنْ وَاجِبِ الْجَنِينِ (أَرْشَ شَيْنِ أُمِّهِ) الْحَاصِلِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا كَمَا يَغْرَمُ مَعَهُ أَرْشَ الْجُرْحِ إذَا جَرَحَ أُمَّهُ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْأَلَمِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَفِيهِ) أَيْ وَاجِبِ الْجَنِينِ (أَرْشُ أَلَمِ الْأُمِّ دَخَلْ) وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ الْغَزَالِيَّ وَفِيهِ تَسَمُّحٌ إذْ لَا يَجِبُ لِأَلَمِ الْأُمِّ شَيْءٌ حَتَّى يَدْخُلَ فِي وَاجِبِ الْجَنِينِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ النَّظْمِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَعِيَّةِ قَبْلَهُ

(وَالْعَقْلُ) كَالنَّفْسِ فَفِي إزَالَتِهِ دِيَةُ صَاحِبِهِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي وَبِهِ يَتَمَيَّزُ الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهِيمَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي بِهِ التَّكَلُّفُ دُونَ الْمُكْتَسَبِ الَّذِي بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عَدَمَ عَوْدِهِ فَإِنْ تَوَقَّعُوهُ اُنْتُظِرَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِقَامَةِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي سِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ لَكِنْ جَزَمَ الْجُرْجَانِيُّ بِوُجُوبِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي ذَكَرُوا فِي النُّطْقِ مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ قَالُوا فِي السَّمْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْتَظَرُ إذَا قَدَّرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لِعَوْدِهِ مُدَّةً، وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْإِمَامُ مَا إذَا قَدَّرُوا مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ الْعُمْرِ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَقَالَ الْوَجْهُ أَنْ لَا تُنْتَظَرَ هَذِهِ الْمُدَّةُ بَلْ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ اهـ.

فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ فِي الْعَقْلِ، وَالنُّطْقِ بِذَلِكَ وَلَوْ نَقَصَ الْعَقْلُ وَأَمْكَنَ ضَبْطُهُ إمَّا بِالزَّمَنِ كَمَا لَوْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا، أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ يُقَابَلَ صَوَابُ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ بِالْمُخْتَلِّ مِنْهُمَا وَتُعْرَفَ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ قِسْطُهُ وَإِلَّا فَحُكُومَتُهُ وَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ وَاجِبِ الْعَقْلِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ وَاجِبِ الْقَطْعِ، وَالْجُرْحِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِجُرْحٍ، أَوْ قَطْعٍ وَجَبَ أَرْشُهُ، أَوْ حُكُومَتُهُ مَعَ دِيَةِ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَتْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ وَجَبَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ فَلَوْ زَالَ بِجِنَايَةٍ لَا أَرْشَ لَهَا وَلَا حُكُومَةَ كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ، أَوْ لَطَمَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الدِّيَةِ

(وَاللِّسَانُ) كَالنَّفْسِ فَفِي قَطْعِهِ دِيَةُ صَاحِبِهِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (حَتَّى ذُو الثِّقَلْ) لِلُكْنَةٍ، أَوْ لُثْغَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَعْسُرُ بِهِ النُّطْقُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِجِنَايَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ لِسَانُ الطِّفْلِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ النُّطْقِ فَإِنْ بَلَغَ أَوَانَهُ وَلَمْ يَنْطِقْ لَمْ يَجِبْ إلَّا الْحُكُومَةُ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةً وَشَمِلَ كَلَامُهُ لِسَانَ مَنْ تَعَذَّرَ نُطْقُهُ لَا لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا فَفِيهِ الدِّيَةُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَقِيلَ فِيهِ الْحُكُومَةُ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجْهَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَى التَّأَثُّرِ بِالْجِنَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا إلَخْ) بِأَنْ تَكُونَ رَقِيقَةً وَهُوَ حُرٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ إلَخْ) فِي الْإِرْشَادِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ تُفْرَضُ مُسْلِمَةً كَهُوَ سَلِيمَةً لَا إلَّا نَقَصَهَا رَقِيقَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَبِهِ جَزَمَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَرَقِيقَةً وَسَلِيمَةً كَالْحَمْلِ) اعْتَرَضَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ قَوْلَ الْحَاوِي كَالْحَمْلِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَمْلِ الرَّقِيقِ وَمُضِرٌّ أَيْضًا لِإِفَادَتِهِ أَنَّهَا لَا تُقَدَّرُ سَلِيمَةً إلَّا إذَا كَانَ سَلِيمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْحُرِّ مَعْلُومٌ مَضْبُوطٌ فَلَيْسَ لِلتَّقْوِيمِ دَخْلٌ فِيهِ اهـ.

مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: بَدَلَ فَلَيْسَ لِلتَّقْوِيمِ إلَخْ وَلَا فَائِدَةَ لِتَقْدِيرِ حُرِّيَّتِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ إلَخْ) وَإِنَّمَا فِيهِ التَّقْدِيرُ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الْعَوْدُ اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تُنْتَظَرَ) أَمَّا لَوْ قَدَّرُوا مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَعِيشُ إلَيْهَا اُنْتُظِرَ اهـ.

م ر

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِيهِ الْحُكُومَةُ) اعْتَمَدَهُ زي وَظَاهِرُ م ر خِلَافُهُ

ص: 26

بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي قَطْعِ لِسَانِ نَاطِقٍ فَاقِدٍ الذَّوْقَ لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ كَالْأَخْرَسِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يُقْطَعَ لِسَانُ نَاطِقٍ سَلِيمِ الذَّوْقِ بِلِسَانِ نَاطِقٍ فَاقِدِ الذَّوْقِ

(وَحَرَكَاتُهُ) أَيْ: اللِّسَانُ كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهَا (لِأَجْلِ) عَجْزِهِ عَنْ تَقْطِيعِ (الْكَلِمَهْ) وَتَرْدِيدِهَا دِيَةُ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ إبْطَالَهَا إبْطَالٌ لِلنُّطْقِ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ دِيَةً فَلَوْ اقْتَصَرَ كَغَيْرِهِ عَلَى النُّطْقِ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ لِأَجْلِ الْكَلِمَةِ تَكْمِلَةٌ وَتَصْوِيرٌ

(وَالنُّطْقُ) كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ مَثَلًا دِيَةُ صَاحِبِهِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» إنْ مَنَعَ الْكَلَامَ؛ وَلِأَنَّ اللِّسَانَ عُضْوٌ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ فَكَذَا مَنْفَعَتُهُ الْعُظْمَى كَالْيَدِ وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِعَدَمِ عَوْدِهِ فَإِنْ أُخِذَتْ فَعَادَ النُّطْقُ رُدَّتْ وَلَوْ أَبْطَلَ نُطْقَهُ بِقَطْعِ لِسَانِهِ لَزِمَهُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ

(وَالصَّوْتُ) كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهِ وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ، وَالتَّرْدِيدِ دِيَةُ صَاحِبِهِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ فَلَوْ أَبْطَلَ صَوْتَهُ وَحَرَكَةَ لِسَانِهِ وَجَبَ دِيَتَانِ

(وَذَوْقُ الْأَطْعِمَهْ) كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهِ دِيَةُ صَاحِبِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ، وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهَا، وَلَوْ نَقَصَ مِنْ الْإِحْسَاسِ وَبَقِيَ لَا يُدْرِكُ الطُّعُومَ بِكَمَالِهَا، فَالْحُكُومَةُ وَلَوْ أَبْطَلَ مَعَ الذَّوْقِ النُّطْقَ وَجَبَ دِيَتَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَلِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَالذَّوْقُ فِي طَرَفِ الْحُلْقُومِ، وَالنُّطْقُ فِي اللِّسَانِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الذَّوْقَ فِي اللِّسَانِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ وَجَمِيعُ الْحُكَمَاءِ وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالنُّطْقِ مَعَ اللِّسَانِ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِّسَانِ

(وَالْمَضْغُ) كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهِ بِأَنْ أَبْطَلَ صَلَاحِيَةَ الْأَسْنَانِ لَهُ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا دِيَةُ صَاحِبِهِ كَالشَّلَلِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى لِلْأَسْنَانِ وَفِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا مَنْفَعَتُهَا كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ (وَالْكَمْرَةُ) أَيْ: الْحَشَفَةُ كَالنَّفْسِ فَفِي قَطْعِهَا وَإِنْ لَمْ يُسْتَأْصَلْ الذَّكَرُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ وَهُوَ لَذَّةُ الْجِمَاعِ تَتَعَلَّقُ بِهَا وَأَحْكَامُ الْوَطْءِ تَدُورُ عَلَيْهَا وَهِيَ مَعَ الذَّكَرِ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ وَأَمَّا وُجُوبُ الدِّيَةِ فِي الذَّكَرِ فَلِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ الصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ، وَالشَّيْخُ، وَالشَّابُّ، وَالْعِنِّينُ، وَالْخَصِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِي الذَّكَرِ الْأَشَلِّ حُكُومَةٌ وَلَوْ ضَرَبَ ذَكَرَهُ فَأَشَلَّهُ وَوَجَبَ دِيَةٌ (كَالْإِمْنَاءِ) فَإِنَّهُ كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِ قُوَّةِ الْإِمْنَاءِ بِكَسْرِ الصُّلْبِ، أَوْ بِغَيْرِهِ الدِّيَةُ لِفَوَاتِ الْمَاءِ الْمَقْصُودِ لِلنَّسْلِ

(وَقُوَّةُ الْإِحْبَالِ فِي النِّسَاءِ) كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهَا مِنْ الْمَرْأَةِ دِيَتُهَا لِفَوَاتِ النَّسْلِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيُحْتَمَلُ تَصْوِيرُهُ فِي الرِّجَالِ أَيْضًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فَتَرْكُ فِي النِّسَاءِ كَمَا فِي الْحَاوِي أَوْلَى لَكِنَّ النَّاظِمَ زَادَهُ تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ

(وَلَذَّةُ الطَّعَامِ) كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهَا الدِّيَةُ كَمَا قَاسَهُ الْإِمَامُ عَلَى إبْطَالِ لَذَّةِ الْجِمَاعِ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ وَعَدَّهُ الشَّيْخَانِ فِي اجْتِمَاعِ الدِّيَاتِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ وَيُمْكِنُ فَرْضُ إدْرَاكِ الطُّعُومِ مَعَ ذَهَابِ لَذَّةِ الطَّعَامِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ فَإِنَّهُ يُدْرِكُ وَلَا يَلْتَذُّ

(، وَ) لَذَّةُ (السِّفَادِ) أَيْ الْجِمَاعِ كَالنَّفْسِ فَفِي إبْطَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ وَسَلَامَةِ الذَّكَرِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَاسْتَبْعَدَ الْإِمَامُ ذَهَابَهَا مَعَ سَلَامَةِ الذَّكَرِ وَبَقَاءِ الْمَنِيِّ وَيُصَدَّقُ فِي ذَهَابِهَا بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ كَالْحَيْضِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يُمْكِنُ ذَهَابُهَا بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ

(وَمَسْلَكُ الْغِذَاءِ) مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ كَالنَّفْسِ فَفِي ارْتِشَافِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فَلَوْ حَزَّ غَيْرُ الْجَانِي رَقَبَتَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا وَلَوْ نَفَذَ الْغِذَاءُ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ لِالْتِوَاءِ الْعُنُقِ، أَوْ غَيْرِهِ فَالْحُكُومَةُ (كَالِاتِّحَادِ فِي نَهْجَيْ الْجِمَاعِ، وَالْغَائِطِ) أَيْ: طَرِيقِهِمَا مِنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ كَالنَّفْسِ فَفِي إفْضَائِهَا وَهُوَ رَفْعُ الْحَاجِزِ بَيْنَ طَرِيقَيْ الْجِمَاعِ

ــ

[حاشية العبادي]

الرَّوْضُ

(قَوْلُهُ: وَجَبَ دِيَتَانِ) لَوْ أَبْطَلَ مَعَ ذَلِكَ الصَّوْتَ وَجَبَ ثَلَاثٌ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فَفِي اللِّسَانِ وَحْدَهُ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَالدِّيَةِ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

ع ش وم ر (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ دِيَةُ وَاحِدِ اللِّسَانِ) إنْ كَانَ فَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَطَعَ اللِّسَانَ فَلَا وَجْهَ إلَّا وُجُوبُ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بِدُونِ قَطْعِهِ فَوُجُوبُ الدِّيَتَيْنِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ سَوَاءٌ قُلْنَا أَنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِهِ أَمْ فِي الْحُلْقُومِ اهـ.

سم عَلَى حَجَرٍ

ص: 27

وَالْغَائِطِ بِآلَةِ الْجِمَاعِ أَوْ غَيْرِهَا دِيَتُهَا لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ، أَوْ اخْتِلَالِهَا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْإِفْضَاءِ الدِّيَةُ فَإِنْ حَصَلَ مَعَهُ اسْتِرْسَالُ الْبَوْلِ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ أَيْضًا (لَا) اتِّحَادِ نَهْجَيْ جِمَاعٍ، وَ (بَوْلٍ) فَلَا دِيَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْمَنْفَعَةَ وَلَا يُفَوِّتُهَا

وَقِيلَ الْمُوجِبُ لِلدِّيَةِ هَذَا لَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ فِي الْأَوَّلِ قَوِيٌّ مِنْ أَعْصَابٍ غَلِيظَةٍ لَا تَكَادُ تَزُولُ بِالْوَطْءِ وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إفْضَاءٌ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ يَخْتَلُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ أَزَالَ الْحَاجِزَيْنِ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (وَلَوْ مَعَ النِّكَاحِ فُعِلَا) أَيْ: الْإِفْضَاءُ (أَوْ) مَعَ (الزِّنَا)، أَوْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ النِّكَاحِ بِالْأَوْلَى فَفِيهِ الدِّيَةُ (بِالْمَهْرِ) أَيْ مَعَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُمَا بَدَلَا مَنْفَعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الزِّنَا مُخْتَارَةً لَهُ فَلَا مَهْرَ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(وَالْمُخْتَارَهْ) لِلزِّنَا (تَحْرُمُ ذَا) أَيْ: الْمَهْرُ إذْ لَا مَهْرَ لَبِغَيٍّ بِخِلَافِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْوَطْءِ لَا بِالْإِفْضَاءِ، ثُمَّ الْإِفْضَاءُ قَدْ يَكُونُ عَمْدًا بِأَنْ يَطَأَ صَغِيرَةً، أَوْ نَحِيفَةً يُفْضِي وَطْؤُهَا إلَى الْإِفْضَاءِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ بِأَنْ يَطَأَ امْرَأَةً لَا يُفْضِي وَطْؤُهَا إلَى الْإِفْضَاءِ غَالِبًا وَأَفْضَى إلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ خَطَأً بِأَنْ يَطَأَ نَحِيفَةً، أَوْ صَغِيرَةً عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ وَأَفْضَى وَطْؤُهَا إلَى الْإِفْضَاءِ وَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْرُوفٌ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ الْتَأَمَ الْإِفْضَاءُ سَقَطَتْ الدِّيَةُ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إنْ بَقِيَ أَثَرٌ كَمَا فِي عَوْدِ الْبَصَرِ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَزِمَتْ هُنَاكَ بِالِاسْمِ وَهُنَا بِفَقْدِ الْحَائِلِ، وَقَدْ سَلِمَ (كَالْأَرْشِ لِلْبَكَارَهْ) أَيْ: لِإِزَالَتِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ مَعَ مَهْرِ مِثْلِهَا ثَيِّبًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُخْتَارَةً لِلزِّنَا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ الْأَرْشُ فِي الْمَهْرِ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ فَإِنَّ الْمَهْرَ لِلتَّمَتُّعِ، وَالْأَرْشَ لِإِزَالَةِ الْجِلْدَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا إفْضَاءٌ دَخَلَ أَرْشُهَا فِي دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا وَجَبَا لِلْإِتْلَافِ فَيَنْدَرِجُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْشِ الْحُكُومَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا وَلَوْ أَزَالَتْ بِكْرٌ بَكَارَةَ أُخْرَى اُقْتُصَّ مِنْهَا وَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَةُ فَرْجِ خُنْثَى وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لِلْجِرَاحَةِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْبَكَارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ فَرْجًا (إلَّا عَلَى الزَّوْجِ) فَلَا يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ بِإِزَالَتِهِ لَهَا (وَلَوْ بِالدَّسِّ لِأُصْبُعٍ) أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِإِزَالَتِهَا وَإِنْ أَخْطَأَ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بِدَسِّ ذَلِكَ

(، وَالْجِلْدُ) كَالنَّفْسِ فَفِي سَلْخِهِ الدِّيَةُ فَلَوْ حَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا دِيَةٌ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ بَعْدَ سَلْخِ الْجَلْدِ تُوَزَّعُ مِسَاحَةُ الْجِلْدِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ فَمَا يَخُصُّ الْيَدَيْنِ يُحَطُّ مِنْ دِيَتِهِمَا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ إنْسَانٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَسَلَخَ جِلْدَهُ وَجَبَ عَلَى السَّالِخِ الدِّيَةُ مَحْطُوطًا عَنْهَا قِسْطُ الْيَدَيْنِ مِنْ الْجِلْدِ (مِثْلُ النَّفْسِ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَالْعَقْلُ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالشَّيْخَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَطْعِ اللَّحْمِ النَّاتِئِ عَلَى الظَّهْرِ مِنْ جَانِبَيْ السِّلْسِلَةِ لَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْجُرْجَانِيُّ بِوُجُوبِهَا فِيهِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَبَدَلِ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَنِصْفِ بَدَلِهَا اللَّازِمِ مِنْهُ بَيَانُ مَا بَدَلُهُ مَعَ مِثْلِهِ كَبَدَلِهَا فَقَالَ (وَالْأُذْنُ) بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِي قَطْعِهَا، أَوْ قَلْعِهَا نِصْفُ دِيَةٍ لِمَا فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مَعَ الْجَمَالِ مَنْفَعَتَيْنِ جَمْعَ الصَّوْتِ لِيَتَأَدَّى إلَى مَحَلِّ السَّمَاعِ وَدَفْعَ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُحِسُّ بِسَبَبِ مَعَاطِفِهَا بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ فَيَطْرُدَهَا وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ وَلِهَذَا خَصَّهَا النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ الْأَوَّلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهَا) فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ الِاقْتِصَاصِ مِنْهَا فَهَلْ لِلزَّوْجِ اقْتِضَاضُهَا فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُ حَقِّ الْغَيْرِ كَمَا لَوْ قَتَلَ شَخْصَيْنِ مُرَتِّبًا قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الثَّانِي قَتْلُهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْأَوَّلِ م ر

(قَوْلُهُ: فَفِي سَلْخِهِ الدِّيَةُ) فَلَوْ نَبَتَ سَقَطَتْ م ر (قَوْلُهُ: خَبَرُ قَوْلِهِ:، وَالْعَقْلُ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَعَلَّ الْأَسْهَلَ مِنْ هَذَا أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: مِثْلُ النَّفْسِ خَبَرُ مَحْذُوفٍ أَيْ: كُلٌّ مِنْهَا فَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْعَقْلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ أَيْضًا جَعْلُهُ خَبَرًا عَنْ الْعَقْلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِلَا تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلْإِخْبَارِ بِهِ عَنْ الْمُتَعَدِّدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ الْمَجْمُوعَ فَيَجِبُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُوجِبُ لِلدِّيَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَمِثْلُهُ مَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُحَالُ زَوَالُهُ عَلَى الْوَطْءِ وَفِيهِ أَنَّا لَمْ نَخُصَّ إيجَابَ الدِّيَةِ بِالزَّوَالِ بِالْوَطْءِ بَلْ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ وَلَوْ خَصَّصْنَا بِذَلِكَ فَالْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِي الزَّوَالِ بِالْوَطْءِ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ دِيَتَانِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِزَالَتِهِ لَهَا) أَمَّا لَوْ أَزَالَهَا غَيْرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لَزِمَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْإِزَالَةَ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ اهـ.

ع ش

(قَوْلُهُ: بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ) أَيْ فِيهَا كَمَا فِي التَّعْلِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ الدِّيَةُ إذَا أَيْبَسَهُمَا وَلَمْ يَجِبْ فِي قَطْعِ الْمُسْتَحْشِفَةِ إلَّا الْحُكُومَةُ وَإِنْ وَجَبَ الْقَوَدُ بِقَطْعِهَا إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ وُجُوبِهِ وَوُجُوبِهَا اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِي إيجَابِ الدِّيَةِ) أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَوَدِ فَهُوَ الْجَمَالُ وَجَمْعُ الصَّوْتِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الشَّلَّاءِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا وُجُودَ الْإِحْسَاسِ فِي الصَّحِيحَةِ حَتَّى قَطَعُوهَا بِالشَّلَّاءِ لِإِزَالَةِ الْجَانِي مَنْفَعَةً فِيهِ مِثْلُهَا، وَالْإِحْسَاسُ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى لَا يَمْنَعُ وُجُودُهَا

ص: 28

بِالذِّكْرِ فَقَالَ: (إذْ بِهَا الدَّبِيبُ وُقِيَ) وَيُبْنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ قَطَعَ أُذُنًا شَلَّاءَ فَعَلَى الْأُولَى يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا الْحُكُومَةُ وَمَا لَوْ ضَرَبَ أُذُنًا فَشُلَّتْ فَعَلَى الثَّانِيَةِ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا وَعَلَى الْأُولَى لَا يَلْزَمُهُ إلَّا حُكُومَةٌ لَكِنَّهُمْ عَلَّلُوا قَطْعَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ بِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَمَنْفَعَةِ جَمْعِ الصَّوْتِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ أُذُنِ السَّمِيعِ، وَالْأَصَمِّ وَلَيْسَ السَّمْعُ فِي الْأُذُنِ (وَالسَّمْعُ) لِأُذُنٍ وَاحِدَةٍ كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي إبْطَالِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ لَا لِتَعَدُّدِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي مَنْفَذِهِ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ إذْ تِلْكَ اللَّطِيفَةُ مُتَعَدِّدَةٌ وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ بَلْ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ نُقْصَانِهِ بِالْمَنْفَذِ أَقْرَبُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ وَفِي إبْطَالِ السَّمْعِ مِنْ الْأُذُنَيْنِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «فِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ يُتَوَقَّعُ عَوْدُهُ وَقَدَّرُوا مُدَّةً اُنْتُظِرَتْ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ أُخِذَتْ الدِّيَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً أُخِذَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَا إلَى غَايَةٍ كَالتَّفْوِيتِ وَلِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ قَدَّمْته.

(لَا تَعْطِيلُهُ) أَيْ: السَّمْعِ بِأَنْ ارْتَتَقَ مَنْفَذُهُ مَعَ بَقَائِهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَلَا دِيَةَ فِيهِ لِعَدَمِ زَوَالِهِ بَلْ فِيهِ الْحُكُومَةُ (كَالنُّطْقِ) فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ فِي تَعْطِيلِهِ بَلْ فِيهِ الْحُكُومَةُ بِأَنْ أَذْهَبَ سَمْعَ صَبِيٍّ فَتَعَطَّلَ نُطْقُهُ مَعَ بَقَاءِ قُوَّتِهِ فَإِنَّهُ يَتَدَرَّجُ إلَيْهِ مِمَّا يُسْمَعُ نَعَمْ تَجِبُ الدِّيَةُ لِإِبْطَالِ سَمْعِهِ

(وَالْمَشْيُ) فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ فِي تَعْطِيلِهِ بَلْ فِيهِ الْحُكُومَةُ بِأَنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ مَعَ بَقَاءِ قُوَّتِهِ أَمَّا لَوْ ذَهَبَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَمَا سَيَأْتِي وَيَجِبُ مَعَهَا حُكُومَةٌ لِكَسْرِ الصُّلْبِ إنْ شُلَّتْ الرِّجْلُ كَمَا لَوْ كَسَرَهُ فَشُلَّ ذَكَرُهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ ذَهَابَ الْمَشْيِ فِي الْأَوَّلِ لِشَلَلِ الرِّجْلِ فَأُفْرِدَ كَسْرُ الصُّلْبِ بِحُكُومَةٍ وَفِي الثَّانِي لِخَلَلِ الصُّلْبِ فَلَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْكَسْرِ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا إذَا فَاتَ بِهِ الْمَشْيُ، أَوْ الْمَاءُ، أَوْ الْجِمَاعُ

(وَالْعَيْنُ) الْبَاصِرَةُ كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِي قَلْعِهَا نِصْفُ دِيَتِهِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ «فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (وَلَوْ بِالْجَهَرِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ: الْعَيْنُ كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَتْ جَهْرَاءَ وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ، أَوْ حَوْلَاءَ وَهِيَ الَّتِي كَأَنَّهَا تَرَى غَيْرَ مَا تَرَاهُ، أَوْ عَمْشَاءَ وَهِيَ ضَعِيفَةُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيْلَانِ الدَّمْعِ غَالِبًا، أَوْ عَشْيَاءَ وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ لَيْلًا، أَوْ خَفْشَاءَ وَهِيَ صَغِيرٌ ضَعِيفَةُ الْبَصَرِ خِلْقَةً وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي تُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ وَلَا نَظَرَ إلَى مُقَدَّرِهَا كَمَنْفَعَةِ الْمَشْيِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِالْعَيْنِ بَيَاضٌ يُنْقِصُ ضَوْءَهَا لَمْ تَكْمُلْ دِيَتُهَا بَلْ يَجِبُ الْقِسْطُ إنْ ضُبِطَ وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ هَذَا الْبَيَاضَ إنْ حَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ كُمِّلَتْ الدِّيَةُ وَإِلَّا حُطَّ مِنْهَا وَاجِبُ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبَيَاضِ وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَمَا سَتَرَهُ الْبَيَاضُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ

(قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ إلَّا حُكُومَةٌ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَيْ: وُجُوبِ الْحُكُومَةِ بِقَطْعِ الْمُسْتَحْشِفَةِ أَنْ لَا قِصَاصَ بِقَعْطِهَا لَكِنْ مَرَّ أَنَّ الْأُذُنَ الصَّحِيحَةَ تُقْطَعُ بِالْمُسْتَحْشِفَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيهَا وَعَدَمِ تَكْمِيلِ الدِّيَةِ مِمَّا لَا يُعْقَلُ فَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الدِّيَةِ وَهُوَ مَا عَزَاهُ الْمَرْوَزِيِّ إلَى الْجَدِيدِ اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ بِالْعَيْنِ بَيَاضٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَيْنِ الْأَعْمَشِ بِأَنَّ الْبَيَاضَ نَقْصُ الضَّوْءِ الَّذِي كَانَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الِاسْتِيفَاءَ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ ضَرَبَ أُذُنَهُ فَاسْتَحْشَفَتْ أَيْ يَبِسَتْ كَشَلَلِ الْيَدِ فَقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا تَجِبُ دِيَتُهَا كَمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَشُلَّتْ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَا تَبْطُلُ بِالِاسْتِحْشَافِ بِخِلَافِ الشَّلَلِ وَلَوْ قَطَعَ أُذُنًا مُسْتَحْشِفَةً بُنِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافُ إنْ قُلْنَا هُنَاكَ تَجِبُ الدِّيَةُ وَجَبَ هُنَا حُكُومَةٌ كَمَنْ قَطَعَ يَدًا شَلَّاءَ وَإِنْ قُلْنَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ وَجَبَتْ هُنَا الدِّيَةُ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْقَطْعُ بِالْحُكُومَةِ كَمَا فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا الْحُكُومَةُ إلَخْ رُدَّ بِأَنَّ مَنْفَعَةَ جَمْعِ الصَّوْتِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْفَعَةِ الْإِحْسَاسِ وَدَفْعِ الْهَوَامِّ ضَعِيفَةٌ فَكَانَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالتَّابِعَةِ م ر (قَوْلُهُ: قَطْعَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ) فِي ق ل أَنَّ الْأَنْفَ، وَالْأُذُنَ الْمُسْتَحْشِفَتِي نِ لَا تُقْطَعُ بِهِمَا الصَّحِيحَتَانِ لَكِنَّ الَّذِي فِي م ر وَحَجَرٍ وَشَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِالشَّلَّاءِ) أَيْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ اهـ.

خ ط (قَوْلُهُ: وَمَنْفَعَةُ جَمْعِ الصَّوْتِ) زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَرَدِّ الْهَوَامِّ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْشَافَ كَالشَّلَلِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ زَوَالُ الْحِسِّ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا الشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ لَكِنْ خِلَافُ السَّابِقِ لَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ هَذَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ الشَّلَلَ زَوَالُ الْحِسِّ، وَالْحَرَكَةِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَمَنْفَعَةِ جَمْعِ الصَّوْتِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ جَنَى عَلَى أُذُنٍ مَثَلًا لِأَصَمَّ لَا تُقْطَعُ أُذُنُ الْجَانِي لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) فَإِنَّهُ سَيَأْتِي إنَّ نَقْصَ الْمَعَانِي إنْ حَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ كَكَوْنِهِ أَرَتَّ، أَوْ أَلْثَغَ خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا حَطَّ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا وَمَا هُنَا مِنْ نَقْصِ الْمَعَانِي بِخِلَافِ نَقْصِ الْأَجْرَامِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ الدِّيَةَ سَوَاءٌ كَانَ بِجِنَايَةٍ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا هُنَا وَإِنْ كَانَ مِنْ نَقْصِ الْمَعَانِي لَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ نَقْصِ الْأَجْرَامِ؛ لِأَنَّهُ

ص: 29

نَقْصِ الْجُرْمِ وَأَمَّا الْعَيْنُ الْعَمْيَاءُ فَفِيهَا الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّهَا جَمَالٌ بِلَا مَنْفَعَةٍ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ

(وَبَصَرُ الْعَيْنِ) كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي إبْطَالِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي إبْطَالِ بَصَرِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ قَالُوا: لِخَبَرِ مُعَاذٍ «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ سَوَاءٌ الْأَحْوَلُ، وَالْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُمْ فَلَوْ فَقَأَ الْعَيْنَ لَمْ تَتَعَدَّدْ الدِّيَةُ بِخِلَافِ الْأُذُنِ مَعَ السَّمْعِ لِمَا مَرَّ وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَصَارَ أَعْشَى فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، أَوْ عَشِيَتْ عَيْنٌ فَقَطْ فَرُبْعُهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ التَّهْذِيبِ

(وَشَحْمُ مَنْخِرِ) وَاحِدٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ فِيهِمَا كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي إبْطَالِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ وَفِي إبْطَالِ شَمِّ الْمَنْخِرَيْنِ الدِّيَةُ قَالُوا لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الشَّمِّ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَيَأْتِي فِي تَعْطِيلِهِ مَا مَرَّ فِي السَّمْعِ

(وَمَشْيُ رِجْلٍ فَرْدَةٍ) كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ (وَبَطْشُ يَدْ) كَذَلِكَ فَفِي إبْطَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ كَأَنَّهُ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَنْفَعَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ لِحُلُولِهَا فِيهِمَا بِخِلَافِ السَّمْعِ مَعَ الْأُذُنِ، وَالشَّمِّ مَعَ الْمَنْخِرِ لَكِنَّ الْبَصَرَ مَعَ الْعَيْنِ كَذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَاهَا

(وَشَفَةٌ) كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِي قَطْعِهَا، أَوْ إشْلَالِهَا نِصْفُ دِيَتِهِ سَوَاءٌ السُّفْلَى، وَالْعُلْيَا وَإِنْ تَفَاوَتَ نَفْعُهُمَا كَمَا فِي الْيَدَيْنِ، وَالْأَصَابِعِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا وَمَنْفَعَةً ظَاهِرَةً وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «لَهَا إلَى الشِّدْقَيْنِ حَدْ» ) أَيْ: لِلشَّفَةِ حَدٌّ وَهُوَ فِي الْعَرْضِ إلَى الشِّدْقَيْنِ (وَ) فِي الطُّولِ إلَى (مَا يُوَارِي) أَيْ: يَسْتُرُ (لِثَةً) وَهِيَ اللَّحْمُ حَوْلَ الْأَسْنَانِ

(وَلَحْيُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي إزَالَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَمَنْفَعَةً ظَاهِرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ إشْلَالَهُ كَقَطْعِهِ وَفِي اللَّحْيَيْنِ وَهُمَا مَنْبِتُ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى وَمُلْتَقَاهُمَا الذَّقَنُ الدِّيَةُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَزِمَ مَعَ دِيَتِهِمَا أُرُوشُ الْأَسْنَانِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ نَصَّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ وَلَوْ فَكَّهُمَا، أَوْ ضَرَبَهُمَا فَيَبِسَا لَزِمَهُ دِيَتُهُمَا فَإِنْ تَعَطَّلَ بِذَلِكَ مَنْفَعَةُ الْأَسْنَانِ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهَا حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَأَقَرَّهُ

(وَزِرُّ ثَدْيِ امْرَأَةٍ) وَهُوَ حَلَمَتُهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي قَطْعِهِ، أَوْ إشْلَالِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ بِهِ كَمَنْفَعَةِ الْيَدِ بِالْأَصَابِعِ وَفِي الْحَلَمَتَيْنِ الدِّيَةُ وَلَوْ قَطَعَ الثَّدْيَ مَعَ الْحَلَمَةِ لَمْ يَجِبْ إلَّا الدِّيَةُ وَيَدْخُلُ فِيهَا حُكُومَةُ الثَّدْيِ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ أَمَّا حَلَمَةُ الرَّجُلِ فَفِيهَا الْحُكُومَةُ كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ بَلْ مُجَرَّدُ جَمَالٍ فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ ثَدْيِهِ الْمُسَمَّى بِالثَّنْدُوَةِ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الرَّجُلِ عُضْوَانِ وَمِنْ الْمَرْأَةِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَحَلَمَةُ الْخُنْثَى كَحَلَمَةِ الرَّجُلِ

(وَخُصْيُ) تَرْخِيمُ خُصْيَةٍ بِضَمِّ الْخَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا وَهِيَ الْبَيْضَةُ كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا نِصْفُ دِيَتِهِ سَوَاءٌ قَطَعَهَا أَمْ أَشَلَّهَا، أَمْ دَقَّهَا بِحَيْثُ زَالَتْ مَنْفَعَتُهَا وَفِي الْخُصْيَيْنِ الدِّيَةُ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ»

(وَأَلْيَةٌ) وَهِيَ النَّاتِئُ عَنْ الْبَدَنِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ، وَالْفَخِذِ كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا نِصْفُ دِيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْقَطْعُ إلَى الْعَظْمِ وَفِي الْأَلْيَتَيْنِ الدِّيَةُ كَالْخُصْيَيْنِ سَوَاءٌ فِيهِ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ إحْدَاهُمَا وَجَبَ قِسْطُهُ إنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ

(وَالشُّفْرُ) بِضَمِّ الشِّينِ كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي قَطْعِهِ، أَوْ إشْلَالِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَعَيْنُ الْأَعْمَشِ لَمْ يَنْقُصْ ضَوْءُهَا عَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعَمَشَ لَوْ تَوَلَّدَ مِنْ آفَةٍ، أَوْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِفَقْدِ الضَّوْءِ مِنْ الْمَسْتُورِ كَأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَخَصَّ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ الْبَيَاضَ الطَّارِئَ وَقَاسَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ الْعَمَشَ الطَّارِئَ وَسَلَّمَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَم ر وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعَمَشِ الطَّارِئِ بِلَا جِنَايَةٍ، وَالرُّتَّةِ، وَاللُّثْغَةِ الْحَاصِلَتَيْنِ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ حُصُولُهُمْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ لَا حَيْثُ وَجَبَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ دُونَ الْعَمَشِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَشَ يَظْهَرُ فِي الْجُرْمِ أَيْضًا فَأُلْحِقَ بِهِ بِخِلَافِهِمَا

(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ تَوْزِيعًا عَلَى إبْصَارِهِ نَهَارًا وَلَيْلًا وَإِنْ أَخْفَشَهُ بِأَنْ صَارَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ عَلَى مَا فِي الرَّوْضِ وَأَقَرَّهُ شَارِحُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ عَدَمَ الْإِبْصَارِ لَيْلًا يَدُلُّ عَلَى نَقْصٍ حَقِيقِيٍّ فِي الضَّوْءِ إذْ لَا مُعَارَضَةَ لَهُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ عَدَمِهِ نَهَارًا فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى ضَعْفِ قُوَّةِ ضَوْئِهِ عَنْ أَنَّ تَعَارُضَ ضَوْءِ النَّهَارِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ اهـ.

ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ ق ل، وَالْفَرْقُ احْتِمَالُ أَنَّ عَدَمَ قُوَّةِ الْإِبْصَارِ لِضَوْءِ النَّهَارِ

(قَوْلُهُ: بِالثَّنْدُوَةِ) بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ كَالتَّرْقُوَةِ مَغْرَزُ الثَّدْيِ أَيْ مَا حَوْلَ الْحَلَمَةِ مِنْ اللَّحْمِ اهـ.

م ر وَع ش عَنْ الصِّحَاحِ

(قَوْلُهُ: تَرْخِيمُ خُصْيَةٍ) الْخُصْيَةُ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ

ص: 30

نِصْفُ دِيَتِهِ كَالْخُصْيَةِ وَفِي الشُّفْرَيْنِ الدِّيَةُ كَالْخُصْيَيْنِ سَوَاءٌ شُفْرُ الرَّتْقَاءِ، وَالْقَرْنَاءِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ فِيهِمَا لَيْسَ فِي الشُّفْرِ بَلْ فِي دَاخِلِ الْفَرْجِ وَفَسَّرَ الشُّفْرَ بِقَوْلِهِ:(نَاتِئٌ فِي أَطْبَاقِهَا عَنْ بَدَنٍ) أَيْ مُشْرِفٍ عَنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ إطْبَاقِهَا اللَّحْمَيْنِ الْمُحِيطَيْنِ بِالْفَرْجِ (كَالنِّصْفِ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَالْأُذُنُ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ

(وَعَقْلُهُ فِي الْخَلَوَاتِ يُعْرَفُ) بِأَنْ يُرَاقَبَ فِيهَا (إنْ قِيلَ) أَيْ: قَالَ وَلِيُّهُ (قَدْ جُنَّ) وَأَنْكَرَ الْجَانِي فَإِنْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ اتِّفَاقًا، أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمَا وَجَبَتْ دِيَتُهُ (وَلَا يُحَلَّفُ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَجَانَنُ فِي الْجَوَابِ وَيَعْدِلُ إلَى كَلَامٍ آخَرَ؛ وَلِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ، وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ لَا يُقَالُ يُسْتَدَلُّ بِحَلِفِهِ عَلَى عَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْرِي انْتِظَامُ ذَلِكَ مِنْهُ اتِّفَاقًا نَعَمْ إنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ

(أَمَّا الْحَوَاسُّ) عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي زَوَالِهَا (فَبِصَوْتٍ) أَيْ: فَالسَّمْعُ مِنْهَا يُجَرَّبُ بِصَوْتٍ (مُنْكَرِ) بَغْتَةً فَإِنْ انْزَعَجَ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ وَحَلَفَ الْجَانِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ انْزِعَاجُهُ اتِّفَاقًا فَإِنْ نَقَصَ سَمْعُ الْأُذُنَيْنِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ إنْ عُرِفَ قَدْرُهُ بِأَنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ قَدْرِ نِصْفِهِ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهُ فَحُكُومَتُهُ وَإِنْ نَقَصَ سَمْعُ إحْدَاهُمَا سُدَّتْ وَضُبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى، ثُمَّ عُكِسَ وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ النِّصْفَ وَجَبَ رُبْعُهَا (وَقُرْبِ) أَيْ، وَالْبَصَرُ يُجَرَّبُ بِتَقْرِيبِ (ذِي حَدٍّ) مِنْ نَحْوِ سَيْفٍ، أَوْ سِكِّينٍ، أَوْ حَيَّةٍ إلَى عَيْنِهِ بَغْتَةً فَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْجَانِي بِيَمِينِهِ وَخُيِّرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ بَيْنَ الِامْتِحَانِ بِذَلِكَ وَسُؤَالِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ، أَوْ قَائِمٌ بِخِلَافِ السَّمْعِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ لَكِنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ إنْ تَوَقَّعُوا عَوْدَهُ وَقَدَّرُوا لَهُ مُدَّةً اُنْتُظِرَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى مَعْرِفَتِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نُقِلَ سُؤَالُهُمْ فِي زَوَالِ الْبَصَرِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ، وَالِامْتِحَانُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرُدَّ الْأَمْرُ إلَى خِيَرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَرَتَّبَ فِي الْكِفَايَةِ فَقَالَ: يُسْأَلُونَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ اُمْتُحِنَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ (وَمُرٍّ مُقِرِّ) أَيْ:، وَالذَّوْقُ يُجَرَّبُ بِمُقِرٍّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: مُرٌّ، بِأَنْ يُلْقِمَهُ لَهُ غَيْرُهُ مُغَافَصَةً فَإِنْ لَمْ يَعْبَسْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْجَانِي بِيَمِينِهِ وَذِكْرُ مُرٍّ زَادَهْ النَّاظِمُ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ مُقِرٍّ لِيَكُونَ تَفْسِيرًا لَهُ كَانَ أَوْلَى

(وَ) الشَّمُّ يُجَرَّبُ بِتَقْرِيبِ ذِي (ذَفْرِ رِيحٍ) طَيِّبٍ، أَوْ خَبِيثٍ فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ وَعَبَسَ لِلْخَبِيثِ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَالذَّفَرُ بِالْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَسَكَّنَهَا النَّاظِمُ لِلْوَزْنِ كُلُّ رِيحٍ ذَكِيَّةٍ مِنْ طِيبٍ، أَوْ نَتْنٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَإِضَافَتُهُ إلَى رِيحٍ مِنْ إضَافَةِ الْخَاصِّ إلَى الْعَامِّ فَلَوْ قَالَ كَالْحَاوِي وَرَائِحَةٌ حَادَّةٌ كَانَ أَوْلَى (وَلِنَقْصٍ كَائِنٍ) أَيْ مَوْجُودٍ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ مِنْ الْعَقْلِ، أَوْ السَّمْعِ، أَوْ الْبَصَرِ، أَوْ الذَّوْقِ، أَوْ الشَّمِّ ادَّعَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ الْجَانِي (يَحْلِفُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِيَأْخُذَ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَا حُكْمُ فَقْدِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا فِي جُنُونٍ مُطْبِقٍ كَمَا مَرَّ قَالَ الْإِمَامُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا يُطَالِبُ بِهِ وَهُوَ مَا يَتَيَقَّنُهُ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ كَائِنٍ تَكْمِلَةٌ

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَثُلُثٍ بَدَلَ النَّفْسِ فَقَالَ:(بَلْ طَبَقَةٌ مِنْ مَارِنِ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَهُوَ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ طَرَفَانِ وَوَتْرَةٌ حَاجِزَةٌ بَيْنَهُمَا كَثُلُثِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِي قَطْعِهَا، أَوْ إشْلَالِهَا ثُلُثُ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا جَمَالًا وَمَنْفَعَةً وَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَخْشَمُ، وَالسَّلِيمُ (وَوَاصِلٌ بِأَيِّ جَوْفِ ذِي قُوَى بِهَا الْغِذَاءُ يَسْتَحِيلُ، وَالدَّوَا) أَيْ:، وَالْجُرْحُ الْوَاصِلُ مِنْ صَدْرٍ، أَوْ ثُغْرَةِ نَحْرٍ، أَوْ جَبِينٍ، أَوْ وَرِكٍ، أَوْ غَيْرِهَا إلَى أَيِّ جَوْفٍ فِيهِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ، وَالدَّوَاءَ كَثُلُثِ النَّفْسِ فَفِي الْجُرْحِ الْمَذْكُورِ وَيُسَمَّى جَائِفَةً ثُلُثُ دِيَةِ صَاحِبِهِ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَوَاءٌ فِي الْجَوْفِ الْبَطْنُ، وَالْحَلْقُ، وَالْمَثَانَةُ، وَالرَّأْسُ وَنَحْوُهَا بِخِلَافِ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ، وَاللَّحْيِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَجْوَافِ الْبَاطِنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْفِطْرُ بِمَا يَصِلُ إلَيْهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْظُمُ فِيهَا الْخَطَرُ كَتِلْكَ وَبِخِلَافِ الْعَيْنِ وَمَمَرِّ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ وَنَحْوِهِمَا إذْ لَيْسَ فِيهَا قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ، وَالدَّوَاءَ وَقُوًى جَمْعُ قُوَّةٍ بِضَمِّ الْقَافِ فِيهِمَا، وَقَدْ

ــ

[حاشية العبادي]

جِنَايَةٍ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَاتِئٌ فِي إطْبَاقِهَا) أَيْ: فِي حَالِ إطْبَاقِهَا

(قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) وَعَلَى مَا صَنَعَهُ يُمْكِنُ جَعْلُ مُقِرٍّ صِفَةً عَلَى مَعْنًى مُسَمًّى بِهَذَا الِاسْمِ

(قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْخَاصِّ إلَى الْعَامِّ) فَالْمَعْنَى وَهَذَا النَّوْعُ وَهُوَ الزَّكِيُّ مِنْ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا حُكْمُ فَقْدِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَلْ هَذَا غَيْرُ مَا قَرَّرَهُ فِي قَوْلِهِ: السَّابِقِ، أَمَّا الْحَوَاسُّ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: قَبْلَهُ وَعَقْلُهُ فِي الْخَلَوَاتِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالْحَلْقِ) هَلْ يُتَوَقَّفُ فِي إحَالَةِ الْحَلْقِ؟

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبَيْضَةِ، وَالْجِلْدَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا وَمُثَنَّاهَا إنْ كَانَ مَعَ التَّاءِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْبَيْضَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ بِدُونِهَا وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ كَذَا فِي ق ل أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحَلَّى

(قَوْلُهُ: ذَكِيَّةً) أَيْ حَادَّةً

ص: 31

مَثَّلَ كَالرَّافِعِيِّ لِلْجَوْفِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: (كَدَاخِلِ الشَّرَجِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالرَّاءِ وَبِالْجِيمِ وَهُوَ الْعَصَبَةُ الَّتِي بَيْنَ الدُّبُرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ (فِي الْعِجَانِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الدُّبُرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْوُصُولِ إلَى دَاخِلِ الشَّرَجِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَكَذَا لَوْ طَعَنَهُ فِي الشَّرَجِ فَخَرَقَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ دَاخِلِ الشَّرَجِ جَوْفُهُ (كَالثُّلْثِ) خَبَرُ قَوْلِهِ طَبَقَةٌ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ

، ثُمَّ بَيَّنَ مَا بَدَلُهُ كَرُبْعِ بَدَلِ النَّفْسِ بِقَوْلِهِ:(وَالْفَرْدُ) أَيْ: الْوَاحِدُ (مِنْ الْأَجْفَانِ) الْأَرْبَعَةِ (كَالرُّبْعِ) أَيْ: كَرُبْعِ نَفْسِ صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ لِأَعْمَى فَفِي قَطْعِهِ، أَوْ إشْلَالِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا وَمَنْفَعَةً وَفِي جِفْنَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ يَجِبُ فِي جِنْسِهِ الدِّيَةُ تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْأَصَابِعِ

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَنِصْفِ عُشْرِ بَدَلِ النَّفْسِ فَقَالَ:(وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ فَمَا يُوضِحْ وَيَنْقُلْ عَظْمَهُ وَهَشَمَا) أَيْ: فَإِيضَاحُ عَظْمِهِ وَنَقْلُهُ وَهَشْمُهُ كَنِصْفِ عُشْرِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي كُلٍّ مِنْهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوْجَبَ فِي الْهَاشِمَةِ أَيْ مَعَ الْإِيضَاحِ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْمُنَقِّلَةِ أَيْ: مَعَ الْمُوضِحَةِ، وَالْهَاشِمَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ» ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالرَّأْسِ مَا يَعُمُّ الْعَظْمَ النَّاتِئَ خَلْفَ الْأُذُنِ وَيُسَمَّى الْخُشَّاءَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى وَإِدْغَامِ الثَّانِيَةِ فِي مِثْلِهَا، وَالْمَدِّ، وَالْخُشَشَا بِفَكِّ الْإِدْغَامِ وَبِالْوَجْهِ مَا يَعُمُّ اللَّحْيَيْنِ وَلَوْ مِنْ تَحْتِ الْمُقْبِلِ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِعَظْمِ الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ عَظْمُ سَائِرِ الْبَدَنِ فَلَا تَقْرِيرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ ذَلِكَ لَا تَشْمَلُهُ لِاخْتِصَاصِ أَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِجِرَاحَةِ الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ وَلَيْسَ غَيْرُهُمَا فِي مَعْنَاهُمَا لِزِيَادَةِ الْخَطَرِ، وَالْقُبْحِ فِيهِمَا،

وَجُمْلَةُ شِجَاجِهِمَا عَشْرٌ حَارِصَةٌ وَهِيَ مَا تَشُقُّ الْجِلْدَ قَلِيلًا وَدَامِيَةٌ تُدْمِيهِ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانِ دَمٍ وَقِيلَ مَعَهُ وَبَاضِعَةٌ تَقْطَعُ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٌ تُعَوِّضُ فِيهِ وَسِمْحَاقٌ تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ، وَالْعَظْمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ بِاسْمِ تِلْكَ الْجِلْدَةِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى سِمْحَاقًا وَكَذَا كُلُّ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ، وَمُوضِحَةٌ، وَهَاشِمَةٌ، وَمِنْقَلَةٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الثَّلَاثَةِ وَحُكْمُهَا وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَدَامِغَةٌ تَخْرِقُهَا وَفِي كُلِّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَوَاصِلٌ بِأَيِّ جَوْفٍ فَلَوْ أَوْضَحَ وَاحِدٌ وَهَشَمَ آخَرُ وَنَقَلَ ثَالِثُ وَأَمَّ رَابِعٌ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّابِعِ تَمَامُ الثُّلُثِ وَفِي بَقِيَّةِ الشِّجَاجِ الْحُكُومَةُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ

وَعَطَفَ عَلَى الرَّأْسِ قَوْلَهُ (وَأُنْمُلٌ فَرْدٌ) أَيْ: وَأُنْمُلَةٌ وَاحِدَةٌ (مِنْ الْإِبْهَامِ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ) كَنِصْفِ عُشْرِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ الْإِبْهَامِ الَّتِي هِيَ أُنْمُلَتَانِ عُشْرُ الدِّيَةِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» فَيَكُونُ وَاجِبُ الْإِبْهَامِ نِصْفَ الْعُشْرِ (وَكَذَا ظَاهِرُ سِنْ) لِشَخْصٍ (مُثْغِرٍ) أَيْ: سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، ثُمَّ نَبَتَتْ (أَوْ) لَمْ يَتَّغِرْ لَكِنْ (بَانَ) أَيْ: ظَهَرَ (أَنَّهُ فَسَدْ) بِالْجِنَايَةِ (مَنْبَتُهَا) أَيْ: السِّنِّ بِأَنْ لَمْ تَعُدْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُتَوَقَّعُ عَوْدُهَا فِيهِ (عَنْ) عَدْلَيْنِ (عَارِفَيْنِ) بِذَلِكَ فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ نَفْسِ صَاحِبِهَا لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَمْ كَبِيرَةً ثَابِتَةً، أَوْ مُتَحَرِّكَةً نَعَمْ إنْ بَطَلَ نَفْعُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ فَلَوْ قَلَعَ الْأَسْنَانَ كُلَّهَا وَعِدَّتُهَا فِي الْغَالِبِ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ أَرْبَعُ ثَنَايَا وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي مُقْدِمِ الْفَمِ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ ثُمَّ أَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ، ثُمَّ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ وَاثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا وَتُسَمَّى الطَّوَاحِينُ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا قَالَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ النَّوَاجِذَ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ آخِرُ الْأَضْرَاسِ وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ عَبَّرُوا فِي الْأَوَّلِ، ثُمَّ عَطَفُوا النَّوَاجِذَ، وَالْأَضْرَاسَ بِالْوَاوِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَيُسَمَّى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: خَبَرُ قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: فَوَاجِبُ مَا يُوضِحُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ قَوْلِهِ: وَالرَّأْسُ، وَالْوَجْهُ) قَدْ يُشْكِلُ الْفَاءُ حِينَئِذٍ إذْ لَا تَدْخُلُ فِي خَبَرِ مِثْلِ هَذَا الْمُبْتَدَإِ إلَّا أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ، أَوْ تُقَدَّرُ زِيَادَةُ الْفَاءِ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ، أَمَّا مَعَ الْمُبْتَدَإِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمُصَدَّرَةُ بِالْفَاءِ جَوَابًا لَهَا أَيْ:، وَأَمَّا الرَّأْسُ، وَالْوَجْهُ فَمَا يُوضِحُ إلَخْ كَمَا قِيلَ: فِي قَوْله تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] أَنَّ التَّقْدِيرَ وَ، أَمَّا رَبَّك فَكَبِّرْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فِي الْعِجَانِ) أَيْ الشَّرْجِ الْكَائِنِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَيْنَ الدُّبُرِ إلَخْ) وَهَذَا أَوْسَعُ مِنْ الشَّرَجِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى غَيْرِ الشَّرَجِ مِنْ لَحْمٍ وَجِلْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَانْظُرْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ هُنَا

ص: 32

النَّاجِذُ ضِرْسُ الْحِلْمِ أَيْ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ»

فَالْمُرَادُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ ضَوَاحِكُهُ؛ لِأَنَّ ضَحِكَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ تَبَسُّمًا وَلَوْ زَادَتْ الْأَسْنَانُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَهَلْ يَجِبُ لِلزَّائِدِ الْأَرْشُ، أَوْ الْحُكُومَةُ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْقَمُولِيُّ الْأَوَّلَ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي وَخَرَجَ بِظَاهِرِ السِّنِّ الْمُسْتَتِرُ مِنْهَا بِاللَّحْمِ وَهُوَ السِّنْخُ فَهُوَ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِذَا قَلَعَهُ مَعَ السِّنِّ انْدَرَجَتْ حُكُومَتُهُ فِي دِيَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ قَلَعَهَا آخِرًا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، أَوْ عَادَ الْأَوَّلُ وَقَلَعَهُ وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَكَذَلِكَ وَبَيَانُ فَسَادِ مَنْبَتِهَا مَا إذَا لَمْ يَفْسُدْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ شَكَّ فِي فَسَادِهِ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ عَوْدُهَا لَوْ عَاشَ نَعَمْ تَجِبُ الْحُكُومَةُ كَمَا تَجِبُ بِتَقْدِيرِ الْعَوْدِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ بِأَنْ تُقَدَّرَ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا دَامِيَةً كَمَا سَيَأْتِي وَمَحَلُّ كَلَامِهِ فِي الْأَصْلِيَّةِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ فِي الزَّائِدِ حُكُومَةٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ عَنْ عَارِفِينَ صِلَةٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: مُتَّغِرٌ هُوَ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، أَوْ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إذَا سَقَطَتْ رَوَاضِعُ الصَّغِيرِ قِيلَ ثُغِرَ فَهُوَ مَثْغُورٌ أَيْ: بِالْمُثَلَّثَةِ فَإِذَا نَبَتَتْ بَعْدُ قِيلَ اتَّغَرَ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ، أَوْ الْمُثَلَّثَةِ، وَأَصْلُهُ اثْتَغَرَ فَقُلِبَتْ التَّاءُ تَاءً، أَوْ عَكْسُهُ، ثُمَّ أُدْغِمَتْ وَذَكَرَ نَحْوَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ فِيمَا إذَا سَقَطَتْ: يُقَالُ أَثْغَرَ بِمُثَلَّثَةٍ سَاكِنَةٍ (كَالْقَوَدْ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي سِنٍّ مُتَّغِرٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ بَانَ فَسَادُ مَنْبَتِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي قَلْعِهَا لَا فِي كَسْرِهَا لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ وَجَبَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ الرَّبِيعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَعَلُوهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي الْعِظَامِ وَقَوْلُهُ:(كَنِصْفِ عُشْرِهَا) أَيْ: النَّفْسِ خَبَرُ قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ قَوْلِهِ، وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ وَيُقَدَّرُ قَوْلُهُ: كَنِصْفِ عُشْرِهَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ فَمَا يُوضِحُ

(وَإِنْ عَادَتْ) سِنُّ الْمُتَّغِرِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَإِنَّ فِيهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ وَلَا تَسْقُطُ بِالْعَوْدِ وَلَا يُسْتَرَدُّ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ (كَمَا) لَوْ (أَجَافَ، أَوْ أَوْضَحَ، ثُمَّ الْتَحَمَا) أَيْ اللَّحْمُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ مَا وَجَبَ

(وَكَالْيَدِ الضُّعْفَى بِقَطْعِ النَّافِعَهْ تَقْوَى) بِأَنْ تَكُونَ عَلَى سَاعِدِهِ يَدَانِ قَوِيَّةٌ وَضَعِيفَةٌ فَقَطَعَ الْجَانِي الْقَوِيَّةَ فَبَطَشَتْ بِسَبَبِ قَطْعِهَا الضَّعِيفَةُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ مَا وَجَبَ (وَفَلْقَةِ) أَيْ: وَكَفِلْقَةِ (اللِّسَانِ الرَّاجِعَهْ) بَعْدَ قَطْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهَا مَا وَجَبَ (وَأُذُنٌ) تُقْطَعُ، ثُمَّ (تُلْصَقُ بِالْمَكَانِ) أَيْ مَكَانِهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَتَلْتَصِقُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ مَا وَجَبَ وَلَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ (وَقُطِعَتْ) وُجُوبًا لِئَلَّا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ (لِلدَّمِ) الَّذِي ظَهَرَ بِمَحَلِّ الْقَطْعِ وَثَبَتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ وَيَجِيءُ فِيهِ مَا فِي نَظِيرِهِ فِيمَنْ جَبَرَ عَظْمَهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْأُذُنِ وَلَمْ يُبِنْهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ أَلْصَقَهُ فَالْتَصَقَ سَقَطَ الْوَاجِبُ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْحُكُومَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْإِفْضَاءِ إذَا انْدَمَلَ وَلَا يَجِبُ قَطْعُ الْمُلْصِقِ قَالَا كَذَا أَطْلَقُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ عَلَّلْنَا بِظُهُورِ الدَّمِ وَلَوْ جَاءَ آخَرُ وَقَطَعَهَا بَعْدَ الِالْتِصَاقِ لَزِمَهُ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ وَلَوْ قَطَعَ الْأُذُنَ وَبَقِيَ مِنْهَا جِلْدَةٌ مُعَلَّقَةٌ وَجَبَ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا فَلَوْ أَلْصَقَهَا فَالْتَصَقَتْ لَمْ يَجِبْ قَطْعُهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَصْحِيحُ سُقُوطِ الْوَاجِبِ (لَا الْمَعَانِي) عَطْفٌ عَلَى مَا أَجَافَ أَيْ: كَالْإِيجَافِ لَا كَالْمَعَانِي كَالْعَقْلِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالشَّمِّ، وَالذَّوْقِ، وَالْبَطْشِ، وَالْمَشْيِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ) عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ يُوجِبُ أَنَّ جُمْلَتَهُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: يُقَدَّرُ قَوْلُهُ: كَنِصْفِ عُشْرِهَا فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ وَتُجْعَلُ جُمْلَتُهُ حِينَئِذٍ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ، وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَعَطَفَ عَلَى الرَّأْسِ قَوْلَهُ وَأُنْمُلُ فَرْدٍ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَزُولُ) أَيْ حُكْمُ النَّجَاسَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْقَمُولِيُّ الْأَوَّلَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي) قَالَ م ر وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا انْقَسَمَتْ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مَثَلًا فَأَيُّ ثَلَاثَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ حَتَّى تُفْرَدَ بِحُكُومَاتٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ عَلَّلْنَا إلَخْ) لَعَلَّهُ عَفَا عَنْهُ هُنَا لِمَا فِي إبَانَةِ الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ الْمُبَانِ مِنْ الضَّرَرِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ جَبْرِ الْعَظْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ مَا نَصُّهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ إزَالَةُ مُعَلَّقَةٍ بِجِلْدَةٍ اتَّصَلَتْ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ أَيْ ظُهُورِ الدَّمِ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ كَالدَّمِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُبَانِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ الْمُتَّصِلَ بِالْمُبَانِ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَعَادَ إلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ أَيَدُومُ؟ وَلِهَذَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ مِنْهُ هُنَا وَأَيْضًا فَهَذَا لَهُ اتِّصَالٌ بِالْبَدَنِ فَإِلْصَاقُهُ لِبَقِيَّتِهِ فِي حُكْمِ الْمُدَاوَاةِ وَوَصْلِهِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ الْمُبَانِ فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْإِسْعَادُ بِقَضِيَّتِهِ اهـ.

وَمِنْهُ يُعْلَمُ وَجْهُ مَا لَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ وَلَمْ يُبِنْهُ بِالْأَوْلَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَاءَ آخَرُ إلَخْ) الظَّاهِرُ

ص: 33

فَإِنَّ عَوْدَهَا يُسْقِطُ وَاجِبَهَا لِظُهُورِ عَدَمِ الزَّوَالِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْجُرْمِ غَيْرِ الْإِفْضَاءِ وَسِنُّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ فِيهِ الْإِبَانَةُ وَلَا يُعْتَادُ فِيهِ الْعَوْدُ

(وَمِنْ سِوَى الْإِبْهَامِ كُلُّ أُنْمُلَهْ) أَيْ: وَكُلُّ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ (كَثُلْثِهِ) أَيْ: كَثُلُثِ عُشْرِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا ثُلُثُ عُشْرِ دِيَةٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أُصْبُعٍ سِوَى الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةُ أَنَامِلَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ وَاجِبَ كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ

(وَالْبَعْضِ قِسْطَ الْجِرْمِ) أَيْ: وَإِتْلَافُ بَعْضِ جِرْمٍ مِمَّا لَهُ مُقَدَّرٌ كَأُذُنٍ وَشَفَةٍ وَأُنْمُلَةٍ وَأَلْيَةٍ وَسِنٍّ وَحَلَمَةٍ وَحَشَفَةٍ أَوْجَبَ (لَهُ) قِسْطَهُ مِنْ أَرْشِ الْجُرْمِ إذَا وُزِّعَ عَلَى الْمُتْلَفِ، وَالْبَاقِي فَفِي نِصْفِ الْأُذُنِ نِصْفُ أَرْشِهَا وَفِي ثُلُثِ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ أَرْشِهَا هَذَا إنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا نَقَصَ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ حُكُومَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (، وَ) أُوجِبَ لِإِبْطَالِ بَعْضِ كَلَامِ شَخْصٍ قِسْطٌ (مَا مِنْ الْعِشْرِينَ، وَالثَّمَانِي يُحْسِنُ) أَيْ قِسْطُ مَا يُحْسِنُهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ إذَا وُزِّعَ الْأَرْشُ عَلَى الْمُبْطَلِ، وَالْبَاقِي، وَلَامُ أَلِفٍ حَرْفَانِ مُكَرَّرَانِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ فَفِي إبْطَالِ نِصْفِهَا نِصْفُ أَرْشِهَا وَفِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا رُبْعُ سُبْعِ أَرْشِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَمِيعِهَا وَيُوَزَّعُ فِي لُغَةِ غَيْرِ الْعَرَبِ عَلَى عَدَدِ حُرُوفِهَا هَذَا إذَا بَقِيَ لِلْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وُجُوبُ الْقِسْطِ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ، وَالرِّجْلُ سَلِيمَةٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَثَانِيهِمَا وُجُوبُ كَمَالِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: أَنَّهُ الْمَذْهَبُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الثَّانِي لِذَهَابِ النُّطْقِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَرَدَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: نَصُّ الْأُمِّ بِخِلَافِهِ وَحَكَى لَفْظَهُ وَمَنْ لَا يُحْسِنْ بَعْضَ الْحُرُوفِ كَالْأَرَتِّ، وَالْأَلْثَغِ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِعِشْرِينَ حَرْفًا مَثَلًا إذَا أَبْطَلَ غَيْرُهُ كَلَامَهُ لَزِمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَعَلَيْهِ لَوْ أَبْطَلَ بَعْضَ الْحُرُوفِ وُزِّعَ عَلَى مَا يُحْسِنُهُ لَا عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: مَا يُحْسِنُ فَلَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ وَبَطَلَ بِالْجِنَايَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمِنْ سِوَى الْإِبْهَامِ) حَالُ قَوْلِهِ: كُلُّ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: كَثُلُثِهِ خَبَرٌ

(وَقَوْلُهُ: وَالْبَعْضُ) أَيْ: لِلْجُرْمِ وَقَوْلُهُ: قِسْطٌ قَضِيَّةُ الشَّرْحِ نَصْبُ، قِسْطَ، وَيُمْكِنُ رَفْعُهُ مُبْتَدَأً ثَانِيًا خَبَرُهُ لَهُ أَيْ: وَاجِبٌ لَهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْجَبَ قَضِيَّتُهُ نَصْبُ، قِسْطَ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ) اعْلَمْ أَنَّ الْهَمْزَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الثَّمَانِيَةِ مُغَايِرَةٌ لِكُلٍّ مِنْهَا فَالْوَجْهُ عَدُّهَا، وَالتَّوْزِيعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ عَدَمُ عَدِّهَا لَوْ دَخَلَتْ فِي غَيْرِهَا مِنْ الثَّمَانِيَةِ، وَالْعِشْرِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ) لَمْ يَظْهَرْ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ كَسْرِ الصُّلْبِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقِسْطُ بَلْ أَنَّهُ تَجِبُ الْحُكُومَةُ فَلْيُحَرَّرْ وَكَتَبَ أَيْضًا اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْمَشْيُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ فِي تَعْطِيلِهِ بَلْ فِيهِ الْحُكُومَةُ بِأَنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ مَعَ بَقَاءِ قُوَّتِهِ اهـ.

إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ التَّنْظِيرَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الدِّيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَجَزَمَ بِهِ الْإِرْشَادُ حَيْثُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّ الْآخَرَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَسِنُّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ) أَيْ، وَالْجِلْدُ إذَا سُلِخَ كَمَا مَرَّ، وَالْبَكَارَةُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَمِنْ سِوَى الْإِبْهَامِ إلَخْ) فَإِنْ زَادَتْ الْأَنَامِلُ عَلَى الثَّلَاثَةِ، أَوْ نَقَصَتْ وُزِّعَ وَاجِبُ الْأُصْبُعِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ زِيَادَتُهَا وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَتْ الْأَصَابِعُ فَإِنَّهُ يَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حَيْثُ لَمْ تَتَمَيَّزْ زِيَادَتُهَا بِقِصَرٍ فَاحِشٍ، أَوْ انْحِرَافٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ سِتَّةُ أَصَابِعَ فِي يَدٍ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: كُلُّهَا أَصْلِيَّةٌ، أَوْ اشْتَبَهَتْ وَجَبَ سِتُّونَ بَعِيرًا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مُؤَوَّلٌ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْأَنَامِلِ دُونَ الْأَصَابِعِ اهـ.

ق ل

(قَوْلُهُ: وَالْبَعْضُ إلَخْ) يَتَنَاوَلُ بَعْضَ اللِّسَانِ مَعَ بَقَاءِ تَمَامِ الْكَلَامِ وَقَالَ الشَّيْخَانِ فِيهِ حُكُومَةٌ لَا قِسْطٌ مِنْ الدِّيَةِ إذْ لَوْ وَجَبَ لَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ اهـ.

سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ قَالَ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَوَجْهُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِسْطِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِذَاتِ اللِّسَانِ بِلَا اعْتِبَارِ الْكَلَامِ قَالَ ع ش وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ لَا دِيَةَ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ رُبْعُ دِيَةٍ لِمَا ذَهَبَ مِنْ الْكَلَامِ وَحُكُومَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى الرُّبْعِ مِنْ اللِّسَانِ اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ثُبُوتِ النُّطْقِ فِي اللِّسَانِ سَوَاءٌ ذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ، أَوْ نِصْفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حَرْفَانِ مُكَرَّرَانِ) أَمَّا اللَّامُ فَمُكَرَّرَةٌ لِأَجْلِ النُّطْقِ بِالْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ وَأَمَّا الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ فَلَيْسَتْ مُكَرَّرَةً مَعَ الْهَمْزَةِ إذْ هُمَا حَقِيقَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ، وَالْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ مِنْ هَوَاءِ الْجَوْفِ وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْأَلِفِ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَيْهِمَا لَا يَقْتَضِي اتِّحَادَهُمَا (قَوْلُهُ: إذَا بَقِيَ لِلْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ لَيْسَ مَعْنَاهُ الْإِفْهَامُ وَلَوْ فِي صُورَةٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ فِي كُلِّ غَرَضٍ بِكَلَامٍ مُفْهِمٍ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ إحْسَانِ الْجَمِيعِ كَذَا بِهَامِشِ بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ إنْ بَقِيَ كَلَامٌ مُفْهِمٌ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ فِي كُلِّ غَرَضٍ بِكَلَامٍ مُفْهِمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا اهـ.

وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ فِي بَعْضِ الْأَغْرَاضِ بِكَلَامٍ مُفْهِمٍ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَطَّلَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ جَمِيعُ كَلَامِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا مَرَّ وَمَا هُنَا بِأَنَّ الْجِنَايَةَ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ مَا تَعَطَّلَ بِخِلَافِهَا هُنَا لَكِنْ يَلْزَمُ أَنَّهُ لَوْ جَنَى عَلَى رَأْسِهِ فَتَعَطَّلَ كَلَامُهُ مَعَ بَقَاءِ قُوَّتِهِ لَزِمَتْ حُكُومَةٌ فَقَطْ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي إبْطَالِ بَعْضِ الْحُرُوفِ فَلَمْ يَبْقَ لِلْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ

ص: 34

بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَى حُرُوفِ أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا، أَوْ أَقَلِّهِمَا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ قَالَ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَقِينُ انْتَهَى وَلَوْ قِيلَ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ لَكَانَ أَقْرَبَ وَعَلَيْهِ لَوْ أَبْطَلَ إحْدَى اللُّغَتَيْنِ وُزِّعَ عَلَى الْجَمِيعِ وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُرُوفِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا

(فَرْعٌ)

ذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ، وَالْمِيمَ فَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يَجِبُ مَعَ دِيَتِهِمَا أَرْشُ الْحَرْفَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ لَا يَجِبُ غَيْرُ دِيَتِهِمَا كَمَا لَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (تَنْبِيهٌ)

لَا يَخْتَصُّ إيجَابُ الْقِسْطِ بِبَعْضِ الْجُرْمِ، وَالْحُرُوفِ بَلْ كُلُّ بَعْضٍ ضُبِطَ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ قِسْطُهُ (وَ) أَوْجَبَ (الْأَكْثَرَ) مِنْ قِسْطَيْ الْجُرْمِ وَمَا يُحْسِنُهُ إذَا تَفَاوَتَا (لِلِّسَانِ) أَيْ: لِقَطْعِهِ فَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ، أَوْ عَكَسَ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ كَمَا لَوْ أَبْطَلَ الْبَطْشَ بِقَطْعِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ تَجِبُ الدِّيَةُ وَلَوْ قَطَعَ الْخِنْصَرَ، وَالْبِنْصِرَ مَثَلًا لَزِمَهُ خُمُسَا الدِّيَةِ وَإِنْ فَاتَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْخُمْسَيْنِ وَلَوْ تَسَاوَتْ نِسْبَةُ الْجُرْمِ، وَالْكَلَامِ كَأَنْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِ لَمْ يَجِبْ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ

(وَحُطَّ) مِنْ دِيَةِ الْجُرْمِ (نَقْصُو كُلِّ جِرْمٍ ذِي دِيَهْ) سَوَاءٌ كَانَ بِجِنَايَةٍ، أَوْ لَا فَلَوْ قَطَعَ يَدًا نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ حُطَّ مِنْ دِيَتِهَا أَرْشُهُ وَخَرَجَ بِذِي دِيَةٍ أَيُّ أَرْشِ مُقَدَّرِ جُرْمٍ لَا مُقَدَّرَ لَهُ كَفِلْقَةٍ مِنْ لَحْمِ أُنْمُلَةٍ فَلَا يُحَطُّ بِنَقْصِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ وَإِنْ حَصَلَ بِجِنَايَةٍ وَقُدِّرَ وُجُوبُ حُكُومَةٍ فِيهِ لِلشَّيْنِ نَعَمْ إنْ أَثَّرَ الْحَاصِلُ بِالْجِنَايَةِ فِي الْمَعْنَى حُطَّ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ:(وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ الْمُبْتَدِيَهْ) أَيْ: وَحُطَّ مِنْ دِيَةِ غَيْرِ الْجُرْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: مِنْ دِيَةِ الْمَعْنَى وَاجِبُ جِنَايَةٍ أُخْرَى سَابِقَةٍ سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ دِيَةً، أَمْ حُكُومَةً فَلَوْ أَبْطَلَ بَطْشَ يَدٍ نَاقِصَةِ الْبَطْشِ بِجِنَايَةٍ حُطَّ مِنْ دِيَتِهِ وَاجِبُ النَّقْصِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَكَوْنِهِ أَرَتَّ، أَوْ أَلْثَغَ خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا حَطَّ بَلْ تَجِبُ بِكَمَالِهَا لِعُسْرِ تَتَبُّعِ مِقْدَارِ الْمَعَانِي وَانْتِفَاءِ مُضَاعَفَةِ الْغُرْمِ

(وَعَدَدُ الْأَرْشِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: إنْ بَقِيَ مُفْهِمٌ أَيْ: كَلَامٌ مُفْهِمٌ (قَوْلُهُ: بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا) خَرَجَ بَعْضُ حُرُوفِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَكْثَرُ فَوَاضِحٌ، أَوْ الْأَقَلُّ لَمْ يَظْهَرْ التَّوْزِيعُ عَلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ لَيْسَ فِيهَا فَلَا ارْتِبَاطَ حَتَّى يُنْسَبَ إلَيْهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُرُوفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَ، أَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) مِنْ اعْتِبَارِ أَكْثَرِهِمَا، أَوْ أَقَلِّهِمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ إذْ أَبْطَلَ بَعْضَ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَيْ: إذْ أَبْطَلَ إحْدَى اللُّغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الَّتِي أَبْطَلَهَا الْعَرَبِيَّةَ وَجَبَ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ:، وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ: إلَخْ) وَإِلَّا وُجِّهَ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَافْتَرَقَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ إلَخْ) لَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَلَوْ ذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ بِرّ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: تَجِبُ الدِّيَةُ) فَقَدْ وَجَبَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْخُمْسَيْنِ فَقَدْ وَجَبَ الْأَكْثَرُ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَاتَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْخُمْسَيْنِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ بِجِنَايَةٍ أَمْ لَا) يُعْلَمُ بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ الْفَرْقُ بَيْنَ نَقْصِ الْجُرْمِ وَنَقْصِ الْمَعْنَى بِلَا جِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: كَفَلَقَةٍ مِنْ لَحْمِ أُنْمُلَةٍ) إنْ كَانَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَكَانَ ذِكْرُ الْبَعْضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَمَّا لَوْ اخْتَصَّ بَعْضُ الَّذِي بَطَلَ بِلُغَةٍ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ بِأُخْرَى فَيُعْتَبَرُ وَاجِبُ كُلِّ حَرْفٍ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى حُرُوفِ لُغَةٍ هُوَ مِنْهَا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ بَلْ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا تِلْكَ اللُّغَةَ الْقَلِيلَةَ لَكَانَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهَا فَضَمُّ الْغَيْرِ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَقْتَضِ زِيَادَةً لَا يَقْتَضِي نَقْصًا اهـ.

(قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ) مَشَى عَلَيْهِ م ر وَحَمَلَهُ ع ش تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللُّغَتَانِ غَيْرَ عَرَبِيَّتَيْنِ أَمَّا لَوْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا فَالتَّوْزِيعُ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَعِبَارَةُ ق ل يُوَزَّعُ عَلَى غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ وَعَلَى أَكْثَرِ اللُّغَتَيْنِ لِمَنْ عَرَفَهُمَا إنْ كَانَ الْحَرْفُ الَّذِي أُزِيلَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَعَلَى لُغَةٍ هُوَ مِنْهَا وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا زي الْعَرَبِيَّةَ مُطْلَقًا مَتَى اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا زي إلَخْ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَرْفُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ قَلَّتْ عَنْ الْأُخْرَى، أَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَطَلَ حَرْفٌ مُشْتَرَكٌ، ثُمَّ مَعْنَى التَّوْزِيعِ عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ أَنْ تُجْعَلَ الدِّيَةُ لِجَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ فَلَوْ أَبْطَلَ إحْدَى اللُّغَتَيْنِ كَانَتْ كَأَنَّهَا بَعْضُ حُرُوفِ لُغَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُؤْخَذُ دِيَتُهَا بِاعْتِبَارِ التَّوْزِيعِ عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِكَا إلَخْ) فَإِنْ اشْتَرَكَا وَجَبَ دِيَةُ مَا عَدَا الْمُشْتَرَكَ لِبَقَائِهِ إذْ الْفَرْضُ بَقَاءُ اللُّغَةِ

ص: 35