الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا تَعَدَّدَتْ جَائِفَةٌ) وَمُوضِحَةٌ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ: (وَمَا بِإِيضَاحٍ بَدَتْ) أَيْ: وَجِرَاحَةٌ ظَهَرَتْ بِإِيضَاحٍ سَوَاءٌ تَعَدَّدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مِنْ فَاعِلٍ) أَيْ: بِتَعَدُّدِ فَاعِلٍ وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَوْضِعُ، وَالْحُكْمُ، وَالصُّورَةُ بِأَنْ أَجَافَ، أَوْ أَوْضَحَ وَاحِدٌ وَوَسَّعَ آخَرُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ أَجَافَا، أَوْ أَوْضَحَا مَعًا فَلَا يَجِبُ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى كُلٍّ نِصْفُهُ (أَوْ مَوْضِعٍ) وَإِنْ اتَّحَدَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعِ كَأَنْ أَجَافَ بَطْنَهُ وَدِمَاغَهُ، أَوْ أَوْضَحَ رَأْسَهُ فَنَزَلَتْ إلَى جَبْهَتِهِ وَلَوْ بِشُمُولِ الْإِيضَاحِ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُخْتَلِفَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَتْ إلَى قَفَاهُ لَا تَعَدُّدَ بَلْ يَجِبُ مَعَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ حُكُومَةٌ لِلْقَفَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا وَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَهُ بِسِنَانٍ فَنَفَذَ إلَى ظَهْرِهِ فَجَائِفَتَانِ (أَوْ حُكْمِ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْبَقِيَّةُ كَأَنْ أَجَافَهُ جَائِفَةً بَعْضُهَا عَمْدٌ وَبَعْضُهَا خَطَأٌ وَأَوْضَحَهُ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ.
(أَوْ صُورَةٍ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْبَقِيَّةُ كَأَنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ، أَوْ أَجَافَهُ جَائِفَتَيْنِ كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهُ بِمِشْقَصٍ لَهُ طَرَفَانِ (بِحَاجِزٍ مِنْ لَحْمٍ وَجِلْدَةٍ بَيْنَ الْجِرَاحَتَيْنِ) أَيْ الْجَائِفَتَيْنِ، أَوْ الْمُوضِحَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا لَحْمٌ، أَوْ جِلْدٌ فَلَا تَعَدُّدَ لِشُمُولِ الْجِنَايَةِ الْمَوْضِعَ كَمَا لَوْ اسْتَوْعَبَتْهُ بَلْ أَوْلَى وَتَعْبِيرُهُ فِيمَا ذُكِرَ بِأَوْ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْوَاوِ فَإِنَّ أَحَدَهَا كَافٍ فِي التَّعَدُّدِ (لَا إنْ رُفِعَ الْفَاعِلُ) لِلْجِنَايَةِ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبُرْءِ (أَوْ تَأَكَّلَا) أَيْ: الْحَاجِزُ فَلَا تَعَدُّدَ أَمَّا فِي الرَّفْعِ فَكَمَا لَوْ رَفَعَ الْجَمِيعَ ابْتِدَاءً وَهَذَا كَتَدَاخُلِ الدِّيَاتِ إذَا قَطَعَ الْأَطْرَافَ، ثُمَّ جَزَّ الرَّقَبَةَ قَبْلَ الْبُرْءِ وَأَمَّا فِي التَّآكُلِ؛ فَلِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَهُ بَعْدَ الْبُرْءِ، أَوْ رَفَعَهُ غَيْرُ الْجَانِي فَيَلْزَمُ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ وَكَذَا رَفْعُهُ هُوَ خَطَأً وَكَانَ الْإِيضَاحُ عَمْدًا، أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِخِلَافِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ هُدِرَ فِعْلُهُ وَلَزِمَ الْجَانِي أَرْشَانِ وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي مُوضِحَتَيْنِ فَرَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَاجِزَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا عَادَتَا إلَى وَاحِدَةٍ فِي حَقِّ الرَّافِعِ دُونَ الْآخَرِ
(وَبِالْيَمِينِ قُلْت مَعَ إمْكَانِ بِأَنَّهُ) بِزِيَادَةِ بَاءٍ بِأَنَّهُ أَيْ وَيَثْبُتُ لِلْجَرِيحِ بِيَمِينِهِ أَنَّ رَفْعَ الْحَاجِزِ كَانَ (حِينَ بَرَى)، وَقَدْ أَمْكَنَ رَفْعُهُ حِينَئِذٍ (أَرْشَانِ) فِيمَا لَوْ قَالَ جَارِحُهُ: رَفَعْت الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبُرْءِ فَعَلَى أَرْشٍ وَاحِدٍ وَقَالَ هُوَ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا وَعَدَمُ التَّدَاخُلِ وَلَا يَجِبُ لَهُ ثَالِثٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَا يَجِبُ بِحَلِفِهِ؛ وَلِأَنَّ حَلِفَهُ دَافِعٌ لِلنَّقْصِ عَنْ
ــ
[حاشية العبادي]
أَرْشُ الْأُنْمُلَةِ مُقَابِلًا لِجَمِيعِهَا مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ أَشْكَلَ هَذَا التَّمْثِيلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ
(قَوْلُهُ: بِإِيضَاحٍ) أَيْ: مُتَلَبِّسَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وُجُوبَ أَرْشَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَرْشٌ كَامِلٌ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلٍّ نِصْفُهُ) كَذَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَقَدْ اعْتَمَدَ مُقْتَضَاهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ سَهْوٌ لِمُخَالَفَتِهِ مَا فِي أَصْلِهَا مِنْ صَوَابِ النَّقْلِ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَآكَلَا) وَلَوْ بِتَأَكُّلِ الْجِلْدِ، أَوْ اللَّحْمِ فَقَطْ بِرّ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ) أَيْ: عَلَى الْجَانِي الرَّافِعِ فِي الْأُولَى وَ، أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَاثْنَانِ عَلَى الْجَانِي، وَالثَّالِثُ عَلَى الرَّافِعِ وَكَانَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الرَّافِعَ أَرْشَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَسِعَ مُوَضِّحَتَيْ غَيْرِهِ بِرَفْعِهِ الْحَاجِزَ، وَتَوْسِعَةُ كُلِّ مُوضِحَةٍ فِيهِ أَرْشٌ كَامِلٌ كَمَا تَقَرَّرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا صَارَتْ الْمُوَضِّحَتَانِ بِرَفْعِ الْحَاجِزِ وَاحِدَةً فِي الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَانِي لَمْ يَعُدْ رَفْعُ الْحَاجِزِ تَوْسِيعًا لِاثْنَتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةٌ لِضَعْفِ التَّعَدُّدِ الْحُكْمِيِّ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِهَذَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْأَرْشِ عَلَى الرَّافِعِ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي مُوضِحَتَيْنِ مَعَ رَفْعِ أَحَدِ الْجَانِيَيْنِ الْآتِيَةِ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِيمَا لَوْ أَوْضَحَاهُ مَعًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَأَمَّا عَلَى مَا اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَرْشٌ كَامِلٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُجِيبَ هُنَا أَرْبَعَةُ أُرُوشٍ عَلَى كُلٍّ أَرْشَانِ، أَمَّا الْآخَرُ فَلِبَقَاءِ التَّعَدُّدِ فِي حَقِّهِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُوضِحَتَيْنِ فَعَلَيْهِ لِشَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْشٌ كَامِلٌ، وَأَمَّا الرَّافِعُ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ اتَّحَدَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَكِنَّهُ بِالرَّفْعِ قَدْ وَسَّعَ مُوضِحَةَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ أَرْشٌ كَامِلٌ مِنْ جِهَةِ الْأَصْلِ وَأَرْشٌ كَامِلٌ مِنْ جِهَةِ التَّوْسِيعِ فَإِنْ قِيلَ: التَّوْسِيعُ وَقَعَ هُنَا تَبَعًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ قُلْنَا، أَمَّا أَوَّلًا فَإِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهِ تَبَعًا أَنَّهُ لَزِمَ مِنْ رَفْعِ الْحَاجِزِ فَكُلُّ تَوْسِيعٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ إزَالَةِ الْجُزْءِ الْمُجَاوِرِ لِلْمُوضِحَةِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْغَرَضُ فَكُلُّ تَوْسِيعٍ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَكَذَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ التَّفْرِقَةِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَوْ سَلَّمْنَا هَذَا فَلْيَجِبْ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ عَلَى الرَّافِعِ وَأُخِذَ وَعَلَى الْآخَرِ اثْنَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نِصْفُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ) الْمُوَافِقُ لِوُجُوبِ أَرْشٍ كَامِلٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُوضِحَيْنِ مَعًا أَنَّ عَلَيْهِ أَرْشًا كَامِلًا م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْآخَرِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشَانِ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ لَهُ ثَالِثٌ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ، وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى يَمِينِ الرَّدِّ اهـ.
أَيْ:
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأُخْرَى بِتَمَامِهَا
[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]
(قَوْلُهُ: وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ) مُعْتَمَدٌ م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: دَافِعٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ
أَرْشَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الرَّفْعِ وَقْتَ الْبُرْءِ بِأَنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْبُرْءُ صُدِّقَ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِنْ يُصَدَّقْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الْجَرِيحُ أَيْ صَدَّقَهُ الْجَارِحُ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ (فَثَلَاثٌ) مِنْ الْأُرُوشِ تَجِبُ
(وَدَخَلَ فِي) دِيَةِ (النَّفْسِ كُلُّ) أَيْ: بَدَلُ كُلٍّ مِنْ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْأَجْرَامِ، وَالْمَعَانِي (إنْ سَرَتْ) أَيْ: الْجِنَايَاتُ إلَى النَّفْسِ (أَوْ مَنْ فَعَلٌ حَزَّ) أَيْ، أَوْ حَزِّ الرَّقَبَةِ مَثَلًا مَنْ جَنَى عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ قَبْلَ الْبُرْءِ (إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ وَصْفَاهُمَا) أَيْ: الْحَزِّ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا يَجِبُ إلَّا دِيَتُهَا لِوُجُوبِهَا قَبْلَ تَقَرُّرِ بَدَلِ مَا دُونَ النَّفْسِ فَيَدْخُلُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ وَصْفَاهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا يَلِيقُ بِحَالِ الْإِنْفَاقِ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْوَصْفِ، أَوْ لَمْ يَخْتَلِفَا وَحَزُّ الْجَانِي بَعْدَ الْبُرْءِ، أَوْ حَزَّ غَيْرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَسَقْطَةٍ مِنْ عُلْوٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِذَلِكَ بِفِعْلِ الْجَانِي بِخِلَافِ السِّرَايَةِ وَفَرَّقَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ مَاتَ بِسُقُوطِهِ مِنْ عُلْوٍ بِأَنَّ التَّبَرُّعَ صَدَرَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْمَوْتِ فَاسْتَمَرَّ حُكْمُهُ
(وَ) لَوْ حَصَلَ السِّرَايَةُ، أَوْ الْحَزُّ (فِي) حَالِ (ارْتِدَادٍ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَلْيَجِبْ) عَلَى الْجَانِي (أَدْنَاهُمَا) أَيْ أَقَلُّ بَدَلَيْ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا فَلَوْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَمَاتَ سِرَايَةً، أَوْ حَزَّ الْجَانِي رَقَبَتَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ مُهْدَرَةٌ، أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَحَصَلَ ذَلِكَ فَدِيَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ لَمْ يَجِبْ إلَّا ذَلِكَ فَالرِّدَّةُ لَا تُوجِبُ زِيَادَةً وَكَذَا الْحُكْمُ فِي ذِمِّيٍّ نَقَضَ عَهْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ بِالْحَزِّ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْمَالَ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَقَالَ: (وَمَا سِوَى الشَّرْطِ لِنَفْسٍ يُشْتَرَطْ عِصْمَتُهَا فِعْلًا وَفَوْتًا وَوَسَطْ) بِالْوَقْفِ لُغَةُ رَبِيعَةَ أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ وَسَبَبٍ إذَا كَانَ عَمْدًا مَحْضًا يُوجِبُ الْقَوَدَ لِقَتْلِ النَّفْسِ الْمَعْصُومَةِ فِي حَالَةِ الْفِعْلِ، وَالْفَوْتِ، وَالْوَسَطِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] الْآيَةَ فَخَرَجَ بِالْعِصْمَةِ الْحَرْبِيُّ وَنَحْوُهُ كَمَا عُرِفَ أَوَّلَ الْبَابِ وَبِأَحْوَالِهَا الْمَذْكُورَةِ مَا لَوْ انْتَفَتْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا كَأَنْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ، أَوْ إلَى مُرْتَدٍّ فَأَصَابَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ لَمْ يَعُدْ وَمَاتَ بِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِصْمَةُ حَالَتَيْ الْإِصَابَةِ، وَالْفَوْتِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ أَهْوَنُ أَمَّا الشَّرْطُ فَلَا يُوجِبُ الْقَوَدَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَلَا فِيمَا يُؤَثِّرُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَبَيْنَ ذِي رَبْطٍ عَلَى عَظْمَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى نَفْسٍ أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ لِقَتْلِ النَّفْسِ وَلَا بِأَنَّهُ ذِي مَفْصِلٍ وَهُوَ مَوْضِعُ اتِّصَالِ عُضْوٍ بِعُضْوٍ عَلَى مُنْقَطِعِ عَظْمَيْن بِرِبَاطَاتٍ وَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا أَمَّا مَعَ دُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ كَالْمِرْفَقِ، وَالرُّكْبَةِ أَوْ لَا كَالْأُنْمُلَةِ، وَالْكُوعِ (وَ) لَا بِأَنَّهُ ذِي (مَقْطَعٍ) وَهُوَ مَا لَهُ حَدٌّ مَضْبُوطٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْصِلٌ (كَمَارِنٍ وَعَيْنِ) وَأُذُنٍ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ نِهَايَاتٌ مَضْبُوطَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية العبادي]
يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْأَرْشِ الثَّالِثِ عَلَى طَلَبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَحْلِيفَ الْجَانِي أَنَّ مَا رَفَعَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَنُكُولَهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَمِينَ الرَّدِّ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ النُّكُولِ كَالْإِقْرَارِ، أَوْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً) تُرَاجَعُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَدَلِيلُهَا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ) قَدْ يُقَالُ: أَيُّ حَاجَةٍ لِلْيَمِينِ مَعَ فَرْضِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ الْبُعْدِ عَادَةً وَبِهَذَا يَقْرَبُ قَوْلُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى الظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ رُدَّ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ يَسُوغُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ صَالِحَةٌ (فَرْعٌ)
وُجِدَ الْحَاجِزُ مُرْتَفِعًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْجَانِي: أَنَا رَفَعْته، أَوْ تَآكَلَ وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: بَلْ أَنَا رَفَعْته قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: الظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَانِي بِيَمِينِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فِيمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَمَاتَ وَزَعَمَ الْجَانِي أَنَّهُ مَاتَ سِرَايَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ وَخَالَفَهُ الْوَلِيُّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ الْإِمْكَانِ هُنَا بَعْدَ ذَلِكَ عَادَةً وَهُنَاكَ اسْتِحَالَتُهُ عَادَةً فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ لِاسْتِوَاءِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ اسْتَصْحَبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَ مَا وَقَعَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: وَبِأَحْوَالِهَا) أَيْ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ: مَا لَوْ انْتَفَتْ أَيْ: الْعِصْمَةُ وَقَوْلُهُ: فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَيْ: أَحْوَالِ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ: رَمَى إلَى مُسْلِمٍ فَأَصَابَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: وَعَادَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنُ ذِي) أَيْ: إبَانَةُ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَمِينَهُ لِدَفْعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَرْشٌ وَاحِدٌ وَيَكْفِي فِيهِ دَفْعُ النَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاحِدٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا بِأَنَّهُ ذِي مِفْصَلٍ) خَرَجَ بِالْإِبَانَةِ الْحَزُّ فِي الْمَفْصِلِ كَالْكُوعِ، أَوْ نَحْوِهِ بِأَنْ قَطَعَ بَعْضَهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي قَطْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمِفْصَلَ مَجْمَعُ الْعُرُوقِ، وَالْأَعْصَابِ الْمُخْتَلِفَةِ فَلَا يُوثَقُ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ اهـ.
شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلِإِبَانَةِ ذِي مَقْطَعٍ) مِثْلُ الْإِبَانَةِ هُنَا الْحَزُّ فِيهِ بِلَا إبَانَةٍ لِتَيَسُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَهُ حَدٌّ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالْمَقْطَعِ الْحَدُّ الْمَضْبُوطُ
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] الْآيَةَ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ النَّضْرِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» فَلَوْ قُطِعَ الْمَارِنُ مَعَ الْقَصَبَةِ وَجَبَ الْقَوَدُ فِيهِ دُونَهَا، وَالتَّمْثِيلُ بِالْمَارِنِ، وَالْعَيْنِ زَادَهُ النَّاظِمُ
(وَ) لَا ذَهَابُ (الْبَطْشِ، وَالْحَوَاسِّ) كَالْأَجْرَامِ بَلْ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ لَهَا مَحَالَّ مَضْبُوطَةً وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا فَلَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحَمَّاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ، أَوْ وَضْعِ كَافُورٍ، أَوْ نَحْوِهِ فِيهَا فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ بِجِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا كَمَا لَوْ هَشَّمَ عَظْمَ رَأْسِهِ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ أَذْهَبَ ضَوْءَهُ بِأَخَفِّ مَا يُمْكِنُ وَفِي الْهَاشِمَةِ أَرْشُهَا لِتَعَذُّرِ الْقَوَدِ فِيهَا، وَالْحَوَاسُّ السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ، وَاللَّمْسُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِلَّمْسِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْبَارِزِيُّ: أَنَّهُ كَالْبَقِيَّةِ وَقَوْلُ الطَّاوُسِيِّ الْمَعْنِيُّ بِالْحَوَاسِّ غَيْرُ اللَّمْسِ؛ لِأَنَّ زَوَالَهُ إنْ كَانَ بِزَوَالِ الْبَطْشِ فَفِيهِ دِيَةُ الْبَطْشِ وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ فَإِنْ فُرِضَ تَخَدُّرٌ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ مَمْنُوعٌ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ زَوَالُهُ وَقَوْلُهُ: فَفِيهِ دِيَةُ الْبَطْشِ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا بَلْ فِي الْقَوَدِ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا وَخَرَجَ بِالْحَوَاسِّ الْعَقْلُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ لِبُعْدِ إزَالَتِهِ بِالسِّرَايَةِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ الْكَلَامَ كَمَا ذَكَرَ الْبَطْشَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْحَوَاسِّ، وَقَدْ يَكُونُ اخْتِيَارُهُ أَنْ لَا قَوَدَ فِيهِ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي السَّمْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ:، وَالْمَذْهَبُ فِيهِ الْمَنْعُ إذْ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَلَا قَوَدَ فِي ذَهَابِ السَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْقَوَدِ فِيهِ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ أَنْ لَا قَوَدَ فِي سَائِرِ الْمَعَانِي إلَّا فِي الضَّوْءِ؛ لِأَنَّهُ أَلْطَفُهَا وَأَحْرَاهَا بِأَنْ تُؤَثِّرَ النِّكَايَاتُ فِيهِ (وَالْعَظْمِ وَضَحْ) أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ لِمَا ذُكِرَ وَلِوُضُوحِ الْعَظْمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ رَأْسٍ، وَالْوَجْهِ لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الشِّجَاجِ الْعَشْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَوْثُقُ بِاسْتِيفَاءِ الْمِثْلِ فِيهَا كَمَا فِي كَسْرِ الْعَظْمِ (وَشَقِّ) أَيْ: وَلِشِقِّ (مَارِنٍ وَأُذُنٍ) بِإِبَانَةٍ أَوْ بِدُونِهَا (فِي الْأَصَحْ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهِ وَيُقَدَّرُ الْمَشْقُوقُ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ لَا بِالْمِسَاحَةِ
وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي يَمْنَعُ تَيَسُّرَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ (لَا قَطْعِ بَعْضِ الْكُوعِ، وَالْفَخِذِ) وَنَحْوِهِمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي قَطْعِهَا؛ لِأَنَّ سُمْكَ الْفَخِذِ وَنَحْوِهِ لَا يَنْضَبِطُ، وَالْكُوعُ وَنَحْوُهُ مَجْمَعُ الْعُرُوقِ، وَالْأَعْصَابِ الْمُخْتَلِفِ وَضْعُهَا تَسَفُّلًا وَتَصَعُّدًا، وَتَخْتَلِفُ بِالسِّمَنِ، وَالْهُزَالِ فَلَا يَوْثُقُ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ الْمَارِنِ، وَالْأُذُنِ فَإِنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَطَعَ يَدًا، أَوْ نَحْوَهُمَا وَبَقِيَ الْعُضْوُ مُتَعَلِّقًا بِجِلْدَةٍ وَجَبَ الْقَوَدُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ الْعُضْوَ وَفَائِدَتَهُ وَأَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ الْمِثْلِ فِيهِ، ثُمَّ إذَا انْتَهَى فِي الْقَوَدِ إلَى تِلْكَ الْجِلْدَةِ فَقَدْ حَصَلَ الْقَوَدُ وَيُرَاجَعُ فِيهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَيُفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لَهُ مِنْ قَطْعٍ، أَوْ تَرْكٍ وَلَوْ دَقَّ خُصْيَتَهُ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَجَبَ الْقَوَدُ إنْ أَمْكَنَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ خِلَافَهُ كَمَا فِي كَسْرِ الْعِظَامِ
(وَلَوْ) صَدَرَ مَا سِوَى الشَّرْطِ (كُرْهَا) وَلَوْ مِنْ السُّلْطَانِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَالْمُكْرِهِ وَإِنَّمَا تَعَادَلَ الْمُتَسَبِّبُ، وَالْمُبَاشِرُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُوَلِّدُ فِي الْمُكْرَهِ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَصَارَا شَرِيكَيْنِ، وَالسَّبَبُ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ الْأُولَى الْإِكْرَاهُ فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ فِي الْمُكْرَهِ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ غَالِبًا حِسًّا الثَّانِيَةُ شَهَادَةُ الزُّورِ فَإِنَّهَا تُوَلِّدُ فِي الْقَاضِي دَاعِيَةَ الْقَتْلِ غَالِبًا شَرْعًا الثَّالِثَةُ مَا يُوَلِّدُ الْمُبَاشَرَةَ تَوْلِيدًا عُرْفِيًّا لَا حِسِّيًّا وَلَا شَرْعِيًّا كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ، وَالْإِكْرَاهُ هُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ، أَوْ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَقَطْعٍ وَجَرْحٍ وَضَرْبٍ شَدِيدٍ بِخِلَافِهِ فِي الطَّلَاقِ، ثُمَّ نَظَرَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ الْإِكْرَاهَ بِأُمُورٍ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ:(كَأَمْرِ مَنْ إذَا عُصُوا سَطَوْا) كَالْمُتَغَلِّبَةِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْآمِرِ، وَالْمَأْمُورِ تَنْزِيلًا لِأَمْرِهِ بِالْقَتْلِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ إذْ الْمَعْلُومُ كَالْمَلْفُوظِ الْمُصَرَّحِ بِهِ (وَلَوْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (صَبِيًّا) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ عَمْدٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا} [المائدة: 45] الْآيَةَ) هَلْ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا؟
(قَوْلُهُ: إذْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَوَّلُهُ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّمْسَ إذَا زَالَ مَعَ وُجُودِ الْبَطْشِ تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ وَآخِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ زَالَا لِلَمْسٍ مَعَ الْبَطْشِ اتَّحَدَتْ الدِّيَةُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَاصِلَ الْجَوَابِ أَنَّهُ يَصِحُّ اخْتِيَارُ كُلٍّ مِنْ الشِّقَّيْنِ، وَمَنْعُ وُرُودِهِ عَلَيْنَا فَلَا يَضُرُّ أَنَّ قَضِيَّةَ أَوَّلَ الْجَوَابِ يُخَالِفُ قَضِيَّةَ آخِرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ: بَلْ يَتَحَقَّقُ زَوَالُهُ مَعَ وُجُودِ الْبَطْشِ وَهَذَا الْمَنْعُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَوَالَ اللَّمْسِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْشِ يُوجِبُ الدِّيَةَ كَمَا هُوَ أَصْلُ مُدَّعَى الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَرِهَا) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَرَمَاهُ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَهُمَا قَاتِلَانِ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا نِصْفَيْنِ وَيُكَفِّرَانِ أَيْ: وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْقَاتِلَيْنِ كَفَّارَةٌ وَهَلْ لِعَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ بِالرَّمْيِ الرُّجُوعُ بِمَا يَغْرَمُونَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَعَاقِلَتِهِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ أَيْ: يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَرْجِعُوا وَإِنْ كَانَ الْمُكْرِهُ مُتَعَدِّيًا كَمَا لَا يَرْجِعُونَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْقَاتِلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُكْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَحْمِلُ عَنْهُ الدِّيَةَ وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَوْجَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا) قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ، أَوْ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ زَوَالُهُ) تَأَمَّلْهُ
وَعَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً (وَ) لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِفًا (بِظَنِّ الصَّيْدِ) أَيْ: بِظَنِّهِ الْمَرْمِيَّ إلَيْهِ صَيْدًا، وَالْآخَرُ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ وَإِنْ كَانَ شَرِيكَ مُخْطِئٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورَ فَهُوَ الْمُبَاشِرُ، أَوْ الْآمِرُ فَهَذَا الْخَطَأُ نَتِيجَةَ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ عَمْدًا فِي حَقِّهِ، وَالْمَأْمُورُ كَالْآلَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ لِظَنِّهِ الْحِلَّ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ الدِّيَةِ مُخَفَّفَةً (لَا) إنْ أَمَرَ (بِقَتْلِهِ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ تَخَلَّصَ بِمَا أُمِرَ بِهِ عَمَّا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِ وَهُنَا اتَّحَدَ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَالْمَخُوفُ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الصَّغِيرِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ هَدَّدَهُ بِقَتْلٍ يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا لَوْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ فَهُوَ إكْرَاهٌ أَمَّا لَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَك، أَوْ رِجْلَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَطَعَهَا فَهُوَ إكْرَاهٌ فَيَجِبُ الْقَوَدُ وَزَادَ قَوْلُهُ:(إنْ عَقَلَا) أَيْ: الْمُكْرِهُ الْمَأْمُورَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى آمِرِهِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَثِّ الْآتِيَةِ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ اُقْتُلْنِي نَعَمْ إنْ كَانَ الْآذِنُ رَقِيقًا لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُ الْمَالِ وَفِي الْقَوَدِ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ رَقِيقًا أَيْضًا أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سُقُوطُهُ بِهِ وَجَزَمَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ
(وَحَثِّ) أَيْ: وَكَحَثٍّ (ذِي ضَرَاوَةٍ طَبْعًا) كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ وَأَعْجَمِيٍّ يَرَى وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَقَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْحَاثِّ دُونَ الضَّارِي فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ
(وَلَا أَرْشَ) يَتَعَلَّقُ (بِعُنُقِهِ) أَيْ: بِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا (وَمَا تَمَوَّلَا) أَيْ: وَلَا بِمَالِهِ إنْ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ مِنْ سَبُعٍ ضَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَخَرَجَ بِالْحَثِّ مَا لَوْ رَبَطَ بِدِهْلِيزِ دَارِهِ كَلْبًا عَقُورًا وَدَعَا إلَيْهَا ضَيْفًا فَافْتَرَسَهُ الْكَلْبُ فَلَا قَوَدَ وَلَا مَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَطَّى بِئْرًا فِي دِهْلِيزٍ فَوَقَعَ بِهَا مَنْ دَعَاهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا؛ وَلِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، ثُمَّ لَفْظُ الْحَثِّ لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِ إنْسَانٍ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الْإِغْرَاءِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ شَخْصًا مَعَ سَبُعٍ فِي مَضِيقٍ فَافْتَرَسَهُ لَزِمَهُ الْقَوَدُ فَلَوْ أَغْرَاهُ مَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَوَدُ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ أَغْرَاهُ فِي وَاسِعٍ إلَّا إذَا كَانَ ضَارِيًا شَدِيدَ الْعَدْوِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ فَإِنْ تَأَتَّى فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ كَتَرْكِ السِّبَاحَةِ وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِقَتْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا ضَمِنَهُ، أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ إذَا أَمَرَهُ بِمَا لَا يَظُنُّهُ قَاتِلًا كَبَطِّ جُرْحٍ وَفَتْحِ عِرْقٍ بِمَقْتَلٍ بِخِلَافِ قَتْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ طَاعَتُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ
(وَسَتْرِ بِئْرِ الدَّرْبِ) أَيْ: وَكَسِتْرِهِ بِئْرًا فِي دَرْبِ دَارِهِ أَيْ: مَمَرِّهَا وَدَعَا إلَيْهَا شَخْصًا وَكَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ بِمَوْضِعِ الْبِئْرِ فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ مُفْضٍ إلَى الْهَلَاكِ غَالِبًا فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ الْإِكْرَاهَ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَنَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ: (وَ) كَإِضَافَةِ (الْمُضِيفِ بِمَا يُسَمُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ بِمَسْمُومٍ بِسُمِّ الْقَتْلِ (غَيْرُ ذِي تَكْلِيفِ) كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَمَاتَ بِتَنَاوُلِهِ لَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْمُضِيفِ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِلْجَاءِ إلَى الْأَكْلِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ هُوَ مَسْمُومٌ، أَمْ لَا أَمَّا الْمُكَلَّفُ فَإِنْ عَلِمَ حَالَ مَا تَنَاوَلَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْعَالِمُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُبَاشِرُ) وَأَيْضًا قَدْ صَدَرَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ عَظِيمٌ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُكْرِهِ الْحَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ رُبَّمَا انْكَفَّ فَهُوَ مُبَاشِرٌ لِلْإِتْلَافِ وَمُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ اخْتِصَاصَهُ بِالدِّيَةِ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ وَ، أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدْ اُسْتُشْكِلَ إيجَابُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ فِيهَا وَجُعِلَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ كَالْآلَةِ مَعَ جَعْلِهِمْ إيجَابَ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَ صَبِيًّا مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ فَقَدْ اعْتَبَرُوا الصَّبِيَّ شَرِيكًا وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْبَالِغَ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ شَرِيكًا وَفَرَّقَ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ الْبَالِغَ، وَالصَّبِيَّ قَصَدَا الْفِعْلَ الْمُمْتَنِعَ فَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِخِلَافِ الْمُخْطِئِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُمْتَنِعَ بَلْ لَوْ عَلِمَ الْحَالَ لَرُبَّمَا لَمْ يَفْعَلْ وَصَبَرَ فَكَانَ آلَةً لَا شَرِيكًا اهـ.
وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ إلَّا أَنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ إلَخْ) هُوَ مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَى الْجَاهِلِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إذْ هُوَ كَالْآلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا دِيَةَ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ بِوُجُوبِ نِصْفِ الدِّيَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرِيدَ وَلَا دِيَةَ كَامِلَةٌ
(قَوْلُهُ: طَبْعًا) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الَّذِي تَعْرِضُ لَهُ الضَّرَاوَةُ لِعَارِضِ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا هُوَ الْأَصْلُ، وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ كِلَا عِلَّةِ الضَّمَانِ بَيْنَ كَوْنِ الْكَلْبِ ظَاهِرًا، أَوْ مَسْتُورًا (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ: وَلَوْ بِالْقِصَاصِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ أَمَرَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ بِقَتْلِ نَفْسِهِ اُقْتُصَّ مِنْهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَمُضِيفُ غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِسُمٍّ، وَمُغَطِّي بِئْرٍ لَا مُمَيَّزٍ، بَلْ دِيَةٌ أَيْ: لِشِبْهِ الْعَمْدِ اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ) أَيْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَيْضًا أَمَّا الْمُمَيِّزَانِ فَيَضْمَنَانِ الدِّيَةَ حَالَّةً مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ اهـ.
شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: أَيْ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، أَوْ الْأَعْجَمِيِّ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمَتْنِ الْعُبَابِ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ رَبَطَ بِدِهْلِيزِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا قَالَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الضَّارِيَ وَهُوَ مَا عُهِدَ مِنْهُ الْإِتْلَافُ إنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يُحْكِمْ رَبْطَهُ ضَمِنَ مُتْلَفَهُ بِالْمَالِ إلَّا إنْ أَغْرَاهُ فَالْقَوَدُ وَكَذَا إنْ أَحْكَمَهُ لَكِنْ قَصَّرَ بِعَدَمِ الْإِعْلَامِ إذَا أَمْكَنَ خَفَاؤُهُ عَلَى الدَّاخِلِ وَلَوْ لِدَهْشَةٍ، وَالْمُرَادُ
فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ بِلَا تَغْرِيرٍ وَإِنْ جَهِلَهُ فَخِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ بَاشَرَ مَا هَلَكَ بِهِ بِغَيْرِ إلْجَاءٍ وَأَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ لِلتَّغْرِيرِ وَحَكَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ عَنْ مَيْلِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ قَالَ: هُوَ قِيَاسٌ فِي مَسَائِلِ الْغُرُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ وَحُكِيَ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ تَرْجِيحُ وُجُوبِ الْقَوَدِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ فَقَالَ فِي الْأُمِّ: إنَّهُ أَشْبَهَهُمَا وَكَغَيْرِ فِيمَا ذُكِرَ أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ وَكَالْمُكَلَّفِ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ كَمَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ، وَالْمُضِيفُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَنْ أَضَافَهُ إذَا أَنْزَلَهُ ضَيْفًا وَيُقَالُ: فِيهِ أَيْضًا ضَيَّفَهُ فَأَمَّا ضَافَهُ فَمَعْنَاهُ نَزَلَ عَلَيْهِ ضَيْفًا وَكَذَا تَضَيَّفَهُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ
(وَ) مِثْلُ (قَتْلِ مَنْقُولِ الْحَشَا) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ: الْمِعَى مِنْ مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ وَإِنْ تَيَقَّنَ مَوْتَهُ عَادَةً بَعْدَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ أَزْهَقَ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَمِثْلُهُ مَنْ أَصَابَ حَشَاهُ خَرْقٌ، أَوْ قَطْعٌ أَمَّا قَتْلُ مَنْقُولِ الْحَشَا مِنْ جَوْفِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ (وَ) كَقَتْلِ مَرِيضٍ (مُشْرِفِ) عَلَى الْهَلَاكِ وَإِنْ انْتَهَى إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ بِخِلَافِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ بِجِنَايَةٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرِيضَ قَدْ يُظَنُّ بِهِ الِانْتِهَاءُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، ثُمَّ يُشْفَى بِخِلَافِ مَنْ انْتَهَى إلَيْهَا بِجِنَايَةٍ وَأَيْضًا فَلَمْ يَسْبِقْ فِي الْمَرِيضِ فِعْلٌ يُحَالُ عَلَيْهِ (أَوْ) كَقَتْلِهِ مَرِيضًا (ظَنِّ) فِيهِ (صِحَّةٍ بِضَرْبٍ أَضْعَفِ) أَيْ ضَعِيفٍ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ الصَّحِيحَ وَيَقْتُلُ الْمَرِيضَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ لِوُجُودِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَظَنُّ الصِّحَّةِ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ بِخِلَافِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الضَّرْبُ كَالْمُؤَدِّبِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَمَعَ الْعِلْمِ يَجِبُ الْقَوَدُ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ وُجُوبِ الْقَوَدِ هُنَا وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فِيمَا إذَا أَجَاعَ إنْسَانًا وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ لَا يَعْلَمُهُ أَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ فَيُمْكِنُ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ ضَعُفَ مِنْ الْجُوعِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ وَجَبَ الْقَوَدُ
(وَقَاتِلًا وَكَافِرًا لَا عَهْدَا لَهُ بِحَرْبِيَّتِهِ وَعَبْدَا) أَيْ: وَكَقَتْلِهِ مَنْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ، أَوْ كَافِرًا لَمْ يَعْهَدْهُ حَرْبِيًّا كَأَنْ عَهِدَهُ ذِمِّيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا، أَوْ مَنْ ظَنَّهُ عَبْدًا وَإِنْ عَهِدَهُ كَذَلِكَ فَبَانَ خِلَافُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى؛ فَلِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ التَّثَبُّتُ وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ؛ فَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَالظَّنُّ لَا يُبِيحُ الْقَتْلَ أَمَّا فِي الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ، وَالْعَبْدِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْمُرْتَدِّ؛ فَلِأَنَّ قَتْلَهُ إلَى الْإِمَامِ لَا إلَى الْآحَادِ فَأَشْبَهَ لَوْ زَنَى عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ جَاهِلًا بِوُجُوبِ الْحَدِّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيمَا لَوْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ لَا عَهْدَ لَهُ بِحَرْبِيَّتِهِ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ بِأَنْ كَانَ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ بِدَارِنَا فَبَانَ مُسْلِمًا فَلَا قَوَدَ، أَوْ بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ فَهَدَرٌ (لَا) كَقَتْلِ الْوَكِيلِ فِي اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ الْجَانِي بَعْدَ عَفْوِ الْمُوَكِّلِ عَنْهُ (حَيْثُ يَجْهَلُ الْوَكِيلُ الْعَفْوَ) فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ وَلَا عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ بِأَنَّ الْقَاتِلَ ثَمَّةَ مُقَصِّرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُخَلَّى بَلْ يُحْبَسُ، وَالْحَرْبِيُّ لَا يَجْتَرِئُ عَلَى دُخُولِ دَارِنَا بِلَا أَمَانٍ فَكَانَ حَقُّهُ التَّثَبُّتَ، وَالْوَكِيلُ مَعْذُورٌ هُنَا (بِغُرْمِهِ) أَيْ: مَعَ غُرْمِ الْوَكِيلِ الدِّيَةَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي وَلَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَكُونُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْقَوَدُ لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْكِنُ إعْلَامُ الْوَكِيلِ بِالْعَفْوِ فِيهَا فَلَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَعَفَا الْمُوَكِّلُ قَبْلَ الْقَوَدِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَانَ عَفْوُهُ بَاطِلًا لَا حُكْمَ لَهُ قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَوَدُ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْجُوعِ
(قَوْلُهُ: بِدَارِنَا) أَيْ: وَلَيْسَ فِي صَفِّهِمْ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْقَوَدِ خُصُوصًا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: فَهَدَرٌ يَقْتَضِي وُجُوبَ الدِّيَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ الْإِرْشَادِ وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْإِسْعَادِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَوَدِ) وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمُرْتَدِّ وَ، أَمَّا فِي الْحَرْبِيِّ إذَا كَانَ بِدَارِنَا فَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ: أَنَّهُ لَا قَوَدَ فَقَوْلُهُ: وَقُلْنَا إلَخْ يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمُرْتَدِّ، وَالْحَرْبِيِّ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْحَرْبِيِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْحَرْبِيُّ لَا يَجْتَرِئُ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ عُهِدَ أَيْضًا دُخُولُهُ بِلَا أَمَانٍ وَعَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ هَذَا التَّقْيِيدِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
بِإِحْكَامِهِ أَنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ بِآلَةٍ قَوِيَّةٍ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ لَهَا فِي الْعَادَةِ وَأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُصَيِّرُهُ لَاصِقًا بِمَحَلِّهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ لِغَيْرِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ لَكِنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الْعَدْوِ وَلَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ فَيَضْمَنُ بِالْقَوَدِ حِفْظَهُ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَإِنَّمَا أَنْتَجَ لَنَا هَذِهِ الْأَقْسَامَ الْمُبَالِغَةَ فِي تَتَبُّعِ كَلَامِهِمْ وَتَقَصِّي مَدَارِكِهِ تَقَبَّلَهُ اللَّهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَهُ فَخِلَافٌ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ الْخِلَافُ كَمَا قَالَ، وَالِدُ م ر أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ أَكْلَهُ مِنْهُ إلَّا بِأَنْ نَدَرَ أَكْلُهُ مِنْهُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَالْوَاجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ.
م ر ع ش (قَوْلُهُ:، وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي مَسَائِلِ الْغُرُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ) أَيْ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا غُرُورٌ لِمَنْ بَاشَرَ مَا هَلَكَ بِهِ
(قَوْلُهُ: فَلِأَنَّ قَتْلَهُ إلَى الْإِمَامِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ هُنَا الْإِمَامَ ثُمَّ رَأَيْت ع ش نَقَلَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ التَّصْرِيحَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَبِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ) أَيْ