المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لِلْبَيْعِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَفِ ثُلُثُ الْمَالِ بِالْأَرْشِ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: لِلْبَيْعِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَفِ ثُلُثُ الْمَالِ بِالْأَرْشِ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ

لِلْبَيْعِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَفِ ثُلُثُ الْمَالِ بِالْأَرْشِ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ وَفَّى بِهِمَا لَزِمَهُ الْفِدَاءُ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَفْدِ وَإِنَّمَا فَدَى مِنْ التَّرِكَةِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّ كَلَامَهُ ثَمَّةَ يُفْهِمُ أَنَّ إعْتَاقَ الْمُوسِرِ لِلْجَانِي نَافِذٌ فَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ، وَقَدْ وُجِدَ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ:

قُلْت بَلَى إنْ يَفِ ثُلُثُ السَّيِّدْ

بِقِيمَةِ الْجَانِي وَبِالْأَرْشِ فَدَى

(وَفِي) قَوْلِ الْمُدَبَّرِ (كَسَبْتُ الْمَالَ) الَّذِي بِيَدِي (بَعْدَ) مَوْتِ (سَيِّدِي) فَهُوَ لِي وَقَالَ الْوَارِثُ: قَبْلَهُ فَهُوَ تَرِكَةٌ حَلَفَ الْمُدَبِّرُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ (لَا فِي) قَوْلِ الْمُدَبَّرَةِ (وَلَدْتُ) هَذَا الْوَلَدَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ قِنٌّ فَلَا تَحْلِفُ الْمُدَبَّرَةُ بَلْ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ رِقُّ وَلَدِهَا، فَقَوْلُهُ: فِي كَسَبْت مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (حَلِّفْ الْمُدَبَّرَا) وَذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: (إذْ مَا عَلَى الْحُرِّ يَدٌ فَتَظْهَرَا) أَيْ: إذْ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ حَتَّى تَظْهَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ لَكِنْ لَا حَاجَةَ فِي الْفَرْقِ إلَى قَوْلِهِ: فَتَظْهَرَا.

(بَابُ الْكِتَابَةِ)

بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، وَشَرْعًا: عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَوْثُقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ، وَعَبْدِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا، أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلُّ إلَّا ظِلُّهُ» ، وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ لَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ.

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: سَيِّدٌ، وَمُكَاتَبٌ، وَعِوَضٌ، وَصِيغَةٌ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ:(تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعَاتِ) الْمُخْتَارُ وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ (لَا ذِي رِدَّةِ كِتَابَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ إذْ الْمُكَاتَبُ، وَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ فَمُقَابَلَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نُزُولٌ عَنْ أَحَدِهِمَا مَجَّانًا فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ عَنْهُمْ، وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ، وَلَا مِنْ مَرِيضٍ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ، وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ أَمَّا لَوْ كَاتَبَ، ثُمَّ ارْتَدَّ فَلَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ كَبَيْعِهِ لَكِنْ يَمْتَنِعُ دَفْعُ النُّجُومِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بَلْ تُدْفَعُ لِلْحَاكِمِ فَلَوْ دَفَعَهَا لِلْمُرْتَدِّ لَمْ يَعْتِقْ، وَيَسْتَرِدُّهَا، وَيَدْفَعُهَا إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ تَلِفَتْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَفِي بِهَا، وَدَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ تَعْجِيزُهُ ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ أُلْغِيَ التَّعْجِيزُ؛ لِأَنَّ مَنْعَ التَّسْلِيمِ كَانَ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ صَارَ لَهُ فَيَعْتَدُّ بِقَبْضِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَأَتْلَفَهَا وَعَجَّزَهُ الْوَلِيُّ، ثُمَّ فَكَّ الْحَجْرَ فَإِنَّهُ لَا يُلْغِي تَعْجِيزَهُ؛ لِأَنَّ حَجْرَ السَّفِيهِ أَقْوَى، وَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ قَطْعًا وَلِأَنَّ حَجْرَهُ لِحِفْظِ مَالِهِ، فَلَوْ حَسَبَ عَلَيْهِ مَا أَتْلَفَهُ لَمْ يَحْصُلْ حِفْظٌ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ عَادَلَهُ (إنْ شَمِلَا) أَيْ: عَقْدُ الْكِتَابَةِ (جَمِيعَ مَا رَقَّ) مِنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ فَلَوْ كَاتَبَ بَعْضَ رَقِيقِهِ، وَبَاقِيه حُرٌّ صَحَّ لِحُصُولِ الِاسْتِقْلَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ لَكِنَّهُ إنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ فَسْخِ السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ عَتَقَ، وَسَرَى مُطْلَقًا إنْ كَانَ بَاقِيهِ لَهُ، وَمَعَ الْيَسَارِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ سَيِّدِهِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِسْطِ الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا صَحَّ بِشَرْطِ اتِّفَاقِ النُّجُومِ جِنْسًا، وَصِفَةً، وَأَجَلًا، وَعَدَدًا.

ــ

[حاشية العبادي]

قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ لَزِمَ فِدَاءُ بَعْضِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَعْتِقُ دُونَ بَاقِيهِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْفِدَاءُ مِنْ التَّرِكَةِ) هَذَا اللُّزُومُ، وَلَوْ فِي الْبَعْضِ بِأَنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضَهُ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَقَدْ جَنَى أَيْ: الْمُدَبَّرُ، وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَخْتَرْ فِدَاءَهُ فَكَعِتْقٍ أَيْ: فَمَوْتُهُ كَإِعْتَاقِ الْقِنِّ الْجَانِي فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا عَتَقَ وَفَدَى مِنْ التَّرِكَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ إنْ اسْتَغْرَقَتْهُ الْجِنَايَةُ، وَإِلَّا فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُ الْبَاقِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْمَيِّتُ مُعْسِرٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا تَرْجِيحَ عَدَمِ النُّفُوذِ هُنَا، وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ فَأَوْهَمَ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ اعْتِمَادًا عَلَى التَّرِكَةِ قُلْت: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَارِقُ السِّرَايَةَ بِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَوْتِ، وَسَبَبَ السِّرَايَةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا فِي وَلَدْت) لَعَلَّ صُورَتَهُ فِي وَلَدٍ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ بِمَوْتِهِ حُرٌّ بِكُلِّ حَالٍ سم. (قَوْلُهُ: إذْ مَا عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَيْ: وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِزَعْمِهَا فَلَا يَدَ لَهَا بِزَعْمِهَا.

[بَابُ الْكِتَابَةِ]

[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

(بَابُ الْكِتَابَةِ)

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: السَّفَهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ وَقَفْنَا مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ، وَالتَّعَالِيقُ تَقْبَلُ الْوَقْفَ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ رَقِيقًا) فَإِنَّ كِتَابَتَهُ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ إلَيْهِ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: عَتَقَ وَسَرَى) أَيْ: لِوُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ صَحَّ) وَلَوْ عَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ كَالْوَارِثَيْنِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنَّهُ يَبْطُلُ إذَا اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ.

. (قَوْلُهُ: وَعَدَدًا) أَيْ: عَدَدَ النُّجُومِ لِإِعْدَادِ الْقَدْرِ الْمُؤَدِّي (قَوْلُهُ: جِنْسًا) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا دَنَانِيرَ وَلِلْآخَرِ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا كَوْنُ بَعْضِهَا دَرَاهِمَ لَهُمَا، وَبَعْضِهَا الْآخَرِ دَنَانِيرَ لَهُمَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ سم.

(بَابُ الْكِتَابَةِ)

ص: 316

وَكَوْنُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ النُّجُومِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِهِ أَمْ أَطْلَقَ.

(وَبَعْضٌ) مِنْ الرَّقِيقِ (يُحْتَمَلْ) كِتَابَتُهُ (إنْ كَانَ فِي وَصِيَّةٍ) بِأَنْ، أَوْصَى بِكِتَابَةِ رَقِيقِهِ فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضَهُ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْبَاقِيَ فَيَجُوزُ كِتَابَةُ الْبَعْضِ الَّذِي احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَلَوْ كَاتَبَ فِي مَرَضِهِ رَقِيقًا هُوَ جَمِيعُ تَرِكَتِهِ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ صَحَّ فِي ثُلُثِهِ كَذَا لَوْ، أَوْصَى بِكِتَابَةِ بَعْضِ رَقِيقِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّاوُسِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ، وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ بِانْدِرَاجِهِ فِي تَعْبِيرِ الْحَاوِي، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالتَّبْعِيضُ عَارِضٌ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهَا صَدَرَتْ بِالتَّبْعِيضِ الْمُمْتَنِعِ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ

وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُسْتَأْجَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ، وَلَا كِتَابَةُ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُحْوِجٌ لِلْبَيْعِ، وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ مِنْهُ

وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُكَاتَبِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا نَعَمْ تَصِحُّ كِتَابَةُ السَّكْرَانِ (بِذِي أَجَلْ) أَيْ: صَحَّتْ الْكِتَابَةُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَلَوْ كَانَتْ لِمُبَعَّضٍ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ، وَالْخَلَفِ فَلَا تَصِحُّ بِعَيْنٍ لِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُهَا فَلَوْ كَاتَبَ بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَهُ بَعْدَ سَنَةٍ، وَنِصْفَهُ الْآخَرَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ النِّصْفَ فِي الْأُولَى تَعَيَّنَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلثَّانِيَةِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ، وَلَا بِدَيْنٍ حَالٍّ لِعَجْزِهِ عَنْهُ عَقِبَ الْعَقْدِ (مُنَجَّمٍ بِاثْنَيْنِ) أَيْ: مُؤَقَّتٍ بِوَقْتَيْنِ (أَوْ بِأَعْلَى) أَيْ: أَكْثَرَ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلَوْ كَفَى نَجْمٌ لَفَعَلُوهُ مُبَادَرَةً لِلْقُرُبَاتِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قِلَّةِ النَّجْمِ مَعَ كَثْرَةِ مَا يُؤَدِّي فِيهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَى مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ (أَوْ نَفْعِ) أَيْ: صَحَّتْ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ كَمَا مَرَّ، أَوْ بِمَنْفَعَةِ (عَيْنٍ) ، أَوْ ذِمَّةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّأْجِيلُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْمَنْفَعَةِ حَالًّا، وَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ كَالْعَيْنِ بَلْ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (إنْ عُلِمْنَ) أَيْ: الدَّيْنُ، وَالنَّجْمُ، وَعَدَدُهُ، وَالْمَنْفَعَةُ (كُلًّا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: صَحَّتْ الْكِتَابَةُ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ إنْ عُلِمَتْ كُلُّهَا فَلَوْ كَاتَبَ عَلَى مَنْفَعَةِ شَهْرٍ لَمْ يَصِحَّ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ، وَكَذَا عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْعَمَلَ فِي الْخِدْمَةِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ.

وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَكْفِي إطْلَاقُ الْخِدْمَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَتَّبِعُ الْعُرْفَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِجَارَةِ (قُلْتُ وَنَفْعُ الْعَيْنِ شَرْطُ صِحَّتِهْ) يَعْنِي: صِحَّةَ الْكِتَابَةِ بِهِ (وَصْلٌ بِعَقْدٍ) أَيْ: إيصَالُهُ بِعَقْدِهَا (دُونَ نَفْعِ ذِمَّتِهِ) فَيَجُوزُ تَأْجِيلُهُ (قَالُوا وَنَفْعُ الْعَيْنِ) لَا يَكْفِي وَحْدَهُ فِي عِوَضِ الْكِتَابَةِ بَلْ (لَا بُدَّ مَعَهْ مِنْ ذِكْرِ نَحْوِ دِرْهَمٍ، أَوْ مَنْفَعَهْ فِي ذِمَّةِ مَنْ بَعْدَ عَقْدٍ تَجْرِي بِيَوْمٍ، أَوْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ، أَوْ قَالَ: بَعْدَهُ بِيَوْمٍ) كَقَوْلِهِ: كَاتَبْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا مِنْ الْآنِ وَعَلَى إعْطَاءِ دِرْهَمٍ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ فِي ذِمَّتِك بَعْدَ الْعَقْدِ بِيَوْمٍ، أَوْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ، أَوْ عَقِبَهُ، أَوْ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ، وَتَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ مَثَلًا، وَقَدَّرَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ نَجْمٌ وَاحِدٌ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ ثَابِتَةٌ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ يُوَفِّي بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، فَلَوْ شَرَطَ صَرِيحًا كَوْنَ خِدْمَةِ شَهْرٍ نَجْمًا، وَخِدْمَةُ الشَّهْرِ بَعْدَهُ نَجْمًا آخَرَ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَعَيِّنَةٌ، وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ (وَلْيَقُلْ) عَلَى كَلَامِ الْحَاوِي، وَغَيْرِهِ (قَدْ أَطْلَقُوا هُنَا) أَيْ: فِي الْكِتَابَةِ (اشْتِرَاطًا

ــ

[حاشية العبادي]

الْأَنْسَبُ وَيَكُونُ الْأَجَلُ قَوْلُهُ: سَوَاءٌ إلَخْ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَبَعْضٌ يُحْتَمَلُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ مَوْقُوفًا عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ وَبَعْضُهُ رَقِيقًا، وَكَاتَبَهُ مَالِكُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقِلٌ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمُنَافَاتِهِ تَعْلِيلَيْهِمْ السَّابِقَيْنِ وَلَوْ سَلِمَ فَالْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مُنَجَّمٌ بِاثْنَيْنِ، أَوْ بِأَعْلَى) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ كَاتَبَ بِنَجْمَيْنِ أَيْ: مَثَلًا عَلَى أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَوَّلِ صَحَّ، وَعَتَقَ بِالْأَوَّلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مُطْلَقًا، وَأَدَّى بَعْضَ الْمَالِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْعِتْقِ صَحَّ فَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ ابْتِدَاءً. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى إلْزَامِ ذِمَّتِهِ بِبِنَائِهِمَا إذْ لَوْ أُرِيدَ بِنَاؤُهُ بِنَفْسِهِ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْعَيْنِ، وَهِيَ لَا تُؤَجَّلُ وَالْغَرَضُ هُنَا تَأْجِيلُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ لَك أَنْ تَقُولَ فِيهِ: جَمَعَ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَهُوَ بِنَاءُ الدَّارَيْنِ، وَبِالزَّمَانِ وَهُوَ الْوَقْتَانِ، وَقَدْ مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ لِمَعْنًى مَوْجُودٍ هُنَا فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِنَحْوِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَاكَ مُعَوَّضٌ وَهُنَا عِوَضٌ، وَيُتَسَامَحُ فِي الْعِوَضِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْمُعَوَّضِ، أَوْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فَيُحْمَلُ الْوَقْتَانِ هُنَا عَلَى وَقْتَيْ ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي كُلِّ دَارٍ لَا عَلَى جَمِيعِ وَقْتِهِمَا، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فَلْيُحَرَّرْ سم. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَعَيِّنَةٌ وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ. اهـ. وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَتَعَيَّنْ الْخِدْمَةُ فِي الثَّانِي بِأَنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ إلَخْ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: مُتَعَيِّنَةٌ) وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ هَذَا يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِخِدْمَتِهِ بِنَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهَا فِي ذِمَّتِهِ فَهَذَا يَنْفَعُ ذِمَّةً وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُؤَجَّلُ فَلْيُرَاجَعْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: الْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْضُ رَقِيقٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ

(قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا إلَخْ) لِخُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ. اهـ. م ر

ص: 317

لِلْأَجَلْ) فِي عِوَضِهَا (وَلَيْسَ مَشْرُوطًا لِنَفْعِ قَدَرَا عَلَى شُرُوعِهِ بِهِ مُبْتَدِرَا) أَيْ: أَطْلَقُوا اشْتِرَاطَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً يُمْكِنُهُ الشُّرُوعُ فِيهَا فِي الْحَالِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ أَمْ بِالذِّمَّةِ، وَحَاصِلُ زِيَادَتِهِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ أَوَّلًا عَلَى الْحَاوِي بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ دُونَ مَنْفَعَةِ الذِّمَّةِ، وَكَلَامُهُ لَا يُفْهِمُ ذَلِكَ وَبِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِهَا وَحْدَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَثَانِيًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا اشْتِرَاطَ الْأَجَلِ فِي الْعِوَضِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الِاتِّصَالِ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَبِأَنَّ كَلَامَهُ، وَإِنْ اقْتَضَى الِاكْتِفَاءَ بِمَا ذُكِرَ لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِثْنَاءَ ذَلِكَ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّأْجِيلِ وَبِأَنَّهُمْ لَمْ يُطْلِقُوا اشْتِرَاطَ الْأَجَلِ بَلْ ذَكَرُوا عَقِبَهُ مَا يُقَيِّدُهُ كَمَا تَقَرَّرَ

(بِقَوْلِ كَاتَبْتُ) أَيْ: تَصِحُّ الْكِتَابَةُ بِقَوْلِ السَّيِّدِ لِرَقِيقِهِ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَوْلِهِ: (فَإِنْ أَدَّيْتَ لِي) النُّجُومَ (فَأَنْت حُرٌّ، أَوْ نَوَى) ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ، وَلَمْ يَنْوِهِ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ حَيْثُ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: دَبَّرْتُك، أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يُغَيَّرْ وَالْكِتَابَةُ تَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَعْلُومِ، وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ وَهِيَ تَوْظِيفُ خَرَاجٍ عَلَى عَبْدِهِ الْكَسُوبِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ بِلَفْظٍ، أَوْ نِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ فَإِنْ أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ وُجُودِ الْأَدَاءِ فِي الْكِتَابَةِ، وَإِلَّا فَيَكْفِي كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ أَنْ يَقُولَ: فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ، أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ يَنْوِيهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ لِي الْمُرَادُ بِهِ لِي وَلَوْ بِنَائِبِي (وَلْيَقْبَلْ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ عَقِبَ إيجَابِ السَّيِّدِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَكْفِي بِغَيْرِ قَبُولٍ، وَلَا بِقَبُولٍ مُنْفَصِلٍ، وَلَا بِقَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ إذْنٍ لِمُخَالَفَةِ وَضْعِ الْبَابِ، وَقِيلَ: يَكْفِي كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ.

(وَنُدِبَتْ) أَيْ: الْكِتَابَةُ (إذَا) رَقِيقٌ (أَمِينٌ كَاسِبُ يَطْلُبُهَا) وَبِالْأَمَانَةِ، وَالْكَسْبِ فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ وَاعْتَبَرَ الْأَوَّلَ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يَكْسِبُهُ فَلَا يَعْتِقُ، وَالثَّانِي لِيُوثَقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ فَإِنْ انْتَفَيَا، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تُنْدَبْ، وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا، وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الرَّقِيقُ، وَكَذَا السَّيِّدُ وَإِلَّا لِبَطَلِ أَثَرُ الْمِلْكِ، وَاحْتَكَمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمَالِكِينَ.

(وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ) بِالشَّرْطِ الْآتِي (بِفَرْعِهِ) أَيْ: مَعَ وَلَدِهِ (مِنْ أَمَةٍ أَفَادَا) أَيْ: اسْتَفَادَهَا بِمَعْنَى مَلَكَهَا (وَقْتَ كِتَابَةٍ) أَيْ: حَالَ كِتَابَتِهِ وَأَحْبَلَهَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ أَمَتَهُ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَكِنَّهُ إنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا مَهْرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ لَهُ وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ وَهُوَ مِلْكٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ لَكِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ بَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى عِتْقِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: وَلَدُ الْمُكَاتَبِ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ (وَلَا اسْتِيلَادَا) لِأُمِّهِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي أَوْلَدَهَا الْمُكَاتَبُ، وَإِنْ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا عِنْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ فَأَشْبَهَتْ الْأَمَةَ الْمَوْطُوءَةَ بِنِكَاحٍ.

(وَ) يَعْتِقُ (فَرْعُ مَنْ قَدْ كُوتِبَتْ) مَعَهَا فَفَرْعٌ مَرْفُوعٌ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى فَرْعِهِ أَيْ: وَتَعْتِقُ الْمُكَاتَبَةُ مَعَ فَرْعِهَا الرَّقِيقِ الْمُجْتَنِّ حَالَةَ الْكِتَابَةِ وَالْحَادِثِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْحُرِّيَّةِ كَحَقِيقَتِهَا فِي عِتْقِ الْأَوْلَادِ بِدَلِيلِ الْمُسْتَوْلَدَةِ، وَعِتْقُهُ إنَّمَا هُوَ بِالتَّبَعِيَّةِ لِعِتْقِ أُمِّهِ فَلَوْ عَجَزَتْ، أَوْ مَاتَتْ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ أَمَّا الْمُنْفَصِلُ حَالَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ (إنْ قَبَضَا) أَيْ: يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ مَعَ فَرْعِهِ، وَالْمُكَاتَبَةُ مَعَ فَرْعِهَا إنْ قَبَضَ السَّيِّدُ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ النُّجُومَ (وَقَيِّمٌ إنْ جُنَّ وَاَلَّذِي قَضَى لِغَيْبِ سَيِّدٍ، أَوْ امْتِنَاعِ) أَيْ: أَوْ قَبَضَهَا قِيمَةً أَيْ: وَلِيُّهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ قَبَضَهَا الْقَاضِي لِغَيْبَتِهِ، أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْقَبْضِ، وَكَذَا إنْ ارْتَدَّ كَمَا مَرَّ، أَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِوَصَايَا، وَلَا وَصِيَّ لَهُ فَلَا يَعْتِقُ بِقَبْضِ الْوَارِثِ لَهَا حِينَئِذٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَا يُقَيِّدُهُ) وَهُوَ مَسْأَلَةُ الْمَنْفَعَةِ

(قَوْلُهُ: وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ) يَنْبَغِي أَوْ ظَنَّ، أَوْ أَرَادَ مَا يَشْمَلُهُ

(قَوْلُهُ: الْأَمَةَ) أَيْ: أُمَّ فَرْعِهِ

(قَوْلُهُ: الْمَجْنِيُّ حَالَةَ الْكِتَابَةِ) وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: الرَّقِيق) أَيْ: غَيْر الْمُبَعَّضِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَأَوْصَى بِوَصَايَا إلَى وَصِيٍّ غَيْرِ الْوَارِثِ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَى الْوَصِيِّ، وَالْوَارِثِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْقَاضِي يَقُومُ مَقَامَهُ لَا بِالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ، وَلَا إلَى الْوَارِثِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: لَا بِالدَّفْعِ إلَى الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، وَقَوْلُهُ: وَلَا إلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَصِيِّ بِخِلَافِ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ: فَالْقَاضِي يَقُومُ مَقَامَهُ أَيْ: فَيَعْتِقُ بِالدَّفْعِ لِلْقَاضِي وَالْوَارِثِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَعْتِقُ بِقَبْضِ الْوَارِثِ أَيْ: وَحْدَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَيْضًا بِقَبْضِ الْقَاضِي وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْوَارِثِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِوَصَايَا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَطْ عَتَقَ بِقَبْضِ

ص: 318

نَعَمْ إنْ قَضَى الدُّيُونَ، وَالْوَصَايَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: إنْ قَبَضَ أَنَّ إقْبَاضَ الْمُكَاتَبِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ حَتَّى لَوْ جُنَّ، وَقَبَضَ سَيِّدُهُ مِنْهُ عَتَقَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي قَوْلِهِ:(وَلَوْ) كَانَ قَبَضَهُ (مِنْ الْمَجْنُونِ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الْقَبْضَ، وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِجُنُونِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلُزُومِهَا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالرَّهْنِ وَإِنَّمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (لَا الْمُبْتَاعِ) يَعْنِي لَا إنْ قَبَضَ مَنْ ابْتَاعَ النَّجْمَ مِنْ السَّيِّدِ (النَّجْمَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِقَبْضِهِ إذْ لَا يَصِحُّ ابْتِيَاعُ النَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْ؛ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُبْتَاعُ كَوَكِيلِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَالْوَكِيلُ يَقْبِضُهُ لِمُوَكِّلِهِ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي قَبْضِهِ، وَعَلِمَا فَسَادَ الْبَيْعِ عَتَقَ بِقَبْضِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ

(كُلَّ) أَيْ: عَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ قَبَضَ مَنْ ذُكِرَ كُلٍّ (قِسْطِ ذَاكَ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ مِنْ النُّجُومِ فَلَا يَعْتِقُ بِقَبْضِ بَعْضِهَا لِخَبَرِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْهِ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ كَمَا لَوْ خَالَعَ، أَوْ أَنْكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ، وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى رُءُوسِهِمَا فَمَنْ أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْآخَرُ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَعْلِيقِ السَّيِّدِ الْعِتْقَ بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَإِذَا كَاتَبَ اثْنَانِ رَقِيقَهُمَا (لَا) يَعْتِقُ (شَيْءٌ) مِنْهُ (بِقَبْضِ سَيِّدٍ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا فِي الدَّفْعِ، وَلَا تَفْضِيلُهُ فِي قَدْرِ الْمَدْفُوعِ فَإِنَّ أَكْسَابَهُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا بَلْ لَوْ قَدَّمَهُ شَرِيكُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِ قِسْطِهِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَأَهْمَلَا تَقْدِيمَهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ، وَمَا بِيَدِهِ مِلْكُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْإِذْنِ فِيهِ، وَلَوْ هَلَكَ الْبَاقِي قَبْلَ دَفْعِهِ لِلثَّانِي كَانَ الْمَدْفُوعُ لِلْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ النُّجُومِ عَتَقَ إنْ أَذِنَ الْآخَرُ، وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ شَرِيكُهُ بِهِ) أَيْ: بِقَبْضِ كُلِّ النُّجُومِ (أَقَرَّ) أَيْ: بِأَنْ قَالَ: قَبَضَ كُلٌّ مِنَّا قِسْطَهُ مِنْهَا، أَوْ أَقْبَضَهَا الْمُكَاتَبُ لِي لِآخُذَ قِسْطِي مِنْهَا، وَأُعْطِيَ الْآخَرَ قِسْطَهُ مِنْهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ (كَانَ الْعِتْقُ) ثَابِتًا (فِي نَصِيبِهِ) وَصُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى، وَبِيَمِينٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يَضُرُّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَضَى الدُّيُونَ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا الْقَبْضُ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَحُكْمُهُ وَاضِحٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمَجْنُونِ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ قَبْضِهِ مِنْهُ وَجَوَازُهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَصْلَحَةِ الْمَجْنُونِ إذَا لَا يَلْزَمُ رِعَايَةُ مَصْلَحَتِهِ، وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي صَلَاحًا أَنَّهُ هَلْ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْ الْقَبْضِ بِالْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِحْقَاقِهِ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَخَذَهُ بِلَا إقْبَاضٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْعَاقِلِ وَقَعَ مَوْقِعَهُ حَجَرٌ د

(قَوْلُهُ: أَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ وَاللَّفْظُ لِلْمِنْهَاجِ وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ وَلِكُلٍّ مَهْرٌ. اهـ. إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ الْقِيَاسَ فِي مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ فَسَدَ الْعِوَضُ هُنَاكَ لَا هُنَا بَلْ يَصِحُّ الْعِوَضُ هُنَا كَمَسْأَلَةِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَاحِدٌ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ النَّوَوِيَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ الْمُكَاتَبُ لِأَحَدِهِمَا: دَفَعْت إلَيْك جَمِيعَ النُّجُومِ لِنَأْخُذَ نَصِيبَك وَتَدْفَعَ نَصِيبَ الْآخَرِ إلَيْهِ فَقَالَ: دَفَعْت إلَيَّ نَصِيبِي وَدَفَعْت إلَى الْآخَرِ نَصِيبَهُ بِنَفْسِك، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْقَبْضَ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ، وَصُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَ الْآخَرِ بِيَمِينِهِ، وَصُدِّقَ الْآخَرُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُنْكِرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْمُكَاتَبِ مُتَعَلِّقُ حَقِّهِمَا بِالشَّرِكَةِ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ مِنْ الْعَبْدِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ الْمُكَاتَبُ لِأَحَدِهِمَا: دَفَعْت النُّجُومَ إلَيْك لِتَأْخُذَ نَصِيبَك، وَتَدْفَعَ نَصِيبَ الْآخَرِ إلَيْهِ كَمَا صَوَّرْنَا فَقَالَ فِي الْجَوَابِ: قَدْ فَعَلْت مَا أَمَرْت بِهِ فَأَنْتَ عَتِيقٌ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ، وَصُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ بَقِيَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَبَيْنَ أَخْذِهَا مِنْ الْمُقِرِّ لِإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهَا فَمِنْ أَيُّهَا أَخَذَ عَتَقَ نَصِيبُهُ، ثُمَّ إنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الشَّرِيكِ فَإِنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُقِرِّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ. اهـ.

وَبِهِ تَعْلَمُ وَجْهَ عَدَمِ الْيَمِينِ فِي الْأُولَى، وَأَنَّ فِي تَصْوِيرِ الشَّارِحِ لَهَا قُصُورًا وَإِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّ، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ الْمَجْزُومِ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَجْهُ عَدَمِ الْيَمِينِ فِي الْأُولَى قَدْ يُقَالُ: هُوَ جَارٍ فِي الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ التَّصْوِيرِ وَعَدَمِ زِيَادَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا بِمُجَرَّدِ مُوَافَقَةِ الْمُقِرِّ لِلْمُكَاتَبِ فِيمَا قَالَهُ، وَزَعَمَهُ أَنَّهُ امْتَثَلَ مَا أُمِرَ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا وَافَقَهُ الْمُقِرُّ وَزَعَمَ أَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ، أَوْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ الشَّرِيكُ الْمُقِرُّ النَّائِبُ عَنْ الْمُكَاتَبِ فِي الدَّفْعِ يَدَّعِي عَلَيْهِ قَبْضَ نَصِيبِهِ احْتَاجَ لِلْيَمِينِ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي الثَّانِيَةِ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فِي خُصُوصِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَارِثِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَضَى الدُّيُونَ وَالْوَصَايَا إلَخْ) أَيْ: فَقَبْضُهُ صَحِيحٌ ابْتِدَاءً لَكِنْ إذَا لَمْ يَقْضِ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ مَرْهُونٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ، وَالْوَصَايَا، وَهُنَا شَرْعِيًّا نَظَرًا لِلْمَيِّتِ فَلَمَّا قَبَضَ الْوَارِثُ كَانَ قَبْضٌ بِالْمِلْكِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ بِيعَ الْمَرْهُونُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ

ص: 319

التَّبْعِيضُ لِلضَّرُورَةِ (وَمَا سَرَى) عَلَيْهِ الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: عَتَقَ النَّصِيبَانِ مَعًا بِالْقَبْضِ فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِهِ السِّرَايَةَ (وَالْجُزْءَ مِنْهُ أَعْطِهِ) أَيْ: وَالْجُزْءَ الَّذِي يَخُصُّ الْمُنْكِرَ مِمَّا قَبَضَهُ الْمُقِرُّ أَعْطِهِ لَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ شَائِعٌ بَيْنَهُمَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِكَسْبِهِ فَشَارَكَهُ فِيهِ وَطَالَبَ الْعَبْدَ بِالْبَقِيَّةِ (أَوْ طَالَبَ الْعَبْدَ بِكُلِّ قِسْطِهِ) وَإِذَا أَخَذَ جَمِيعَ قِسْطِهِ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ الْعَبْدِ وَحْدَهُ عَتَقَ بَاقِيهِ (وَلَمْ يَعُدْ) أَيْ: وَلَا يَرْجِعُ (شَخْصٌ) مِنْ الْمُقِرِّ، وَالْعَبْدِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمُنْكِرُ عَلَى صَاحِبِهِ لِاعْتِرَافِهِ بِظُلْمِ الْمُنْكِرِ لَهُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ عَلَى الْمُنْكِرِ لِتُهْمَةِ دَفْعِ مُشَارَكَتِهِ لَهُ

(وَإِنْ هُوَ) أَيْ: السَّيِّدُ (اعْتَرَفْ لِأَحَدٍ) مِنْ مُكَاتِبِيهِ بِقَبْضِ نُجُومِهِ، أَوْ إبْرَائِهِ أُمِرَ بِالْبَيَانِ فَإِنْ قَالَ: نَسِيتُهُ أُمِرَ بِالتَّذَكُّرِ، وَلَا قُرْعَةَ مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَذَكَّرُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى الْحَقِّ فَإِنْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فَذَاكَ، أَوْ كَذَّبَهُ وَقَالَ: وَفَّيْتُك، أَوْ أَبْرَأَتْنِي فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ إلَى الْأَدَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُكَذِّبُ وَعَتَقَ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَلَفَ لَهُمَا قَالَ الشَّيْخَانِ وَإِذَا حَلَفَ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ يَبْقَيَانِ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِالْأَدَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ ثَانِيهِمَا تَتَحَوَّلُ الدَّعْوَى إلَى الْمُكَاتَبَيْنِ فَإِنْ حَلَفَا عَلَى الْأَدَاءِ، أَوْ نَكَلَا بَقِيَا عَلَى الْكِتَابَةِ، أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَبَقِيَ الْآخَرُ مُكَاتَبًا، وَإِنْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ الْآخَرُ: نَوَيْتنِي بِالْإِقْرَارِ الْمُبْهَمِ وَلَمْ يَقُلْ: قَبَضْت مِنِّي، أَوْ أَبْرَأْتنِي قَالَ الْإِمَامُ فَالْأَصَحُّ أَنَّ دَعْوَاهُ مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا ثَابِتًا بَلْ إخْبَارًا قَدْ يَصْدُقُ فِيهِ، وَقَدْ يَكْذِبُ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْبَيَانِ (فَوَارِثُ الْمَيِّتِ) يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ فَإِنْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَكَمَا مَرَّ لَكِنْ إنْ كَذَّبَهُ الْآخَرُ (حَلَفْ) لَهُ (بِنَفْيِ عِلْمٍ) لَهُ بِأَنَّهُ الدَّافِعُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِنَفْيِ عِلْمِهِ (وَلْيُقْرَعْ) بَعْدَ الْحَلِفِ بَيْنَهُمَا لِلْعِتْقِ لَا لِلْمَالِ فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْقُرْعَةِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ، وَعَلَى الْآخَرِ أَدَاءُ نُجُومِهِ (أَوْ بَرِيّ) أَيْ: عَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ قَبَضَ النُّجُومَ مَنْ لَهُ قَبْضُهَا، أَوْ بَرِئَ عَنْهَا الْمُكَاتَبُ بِإِبْرَاءٍ، أَوْ تَقَاصٍّ (وَوَارِثُ الْمَيِّتِ) أَيْ: أَحَدُ وَرَثَتِهِ (إنْ يُحَرِّرْ) نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ (يَعْتِقُ) لَا عَنْهُ بَلْ (كِتَابَةً عَنْ الَّذِي قَضَى) أَيْ: مَاتَ (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ أَبْرَأَهُ) أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ قِسْطِهِ (أَوْ قَبَضَا) ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبَهُ لَا عَنْهُ بَلْ عَنْ الْمَيِّتِ كِتَابَةً فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ، وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بِالْعُصُوبَةِ وَيَبْقَى كِتَابَةُ الْبَاقِي فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ قِنًّا،

وَلَيْسَ إبْرَاءُ أَحَدِهِمْ عَنْ نَصِيبِهِ كَإِبْرَاءِ مُوَرِّثِهِ عَنْ بَعْضِ النُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَنْ جَمِيعِ حَقِّهِ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِخِلَافِ مُوَرِّثِهِ، وَالْحَاوِي تَبِعَ فِي صُورَةِ الْقَبْضِ الْوَجِيزَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ قَبْضِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْأَصَحُّ فَسَادُهُ كَقَبْضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:(قُلْتُ وَعِتْقُهُ بِقَبْضِ أَحَدِ وُرَّاثِهِ نَاقَضَ) الْحَاوِيَ (مَا بِهِ بَدِيّ إذْ قَالَ لَا) يَعْتِقُ مِنْهُ (شَيْءَ بِقَبْضِ سَيِّدِي) بِيَاءِ الْإِشْبَاعِ أَيْ: سَيِّدٌ وَاحِدٌ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ لِفَسَادِ قَبْضِهِ كَمَا مَرَّ (لَكِنْ) صَاحِبُ الْحَاوِي (بِصَاحِبِ الْوَجِيزِ يَقْتَدِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَحَدِ اللَّذَيْنِ تَشَارَكَا وَأَحَدِ الِابْنَيْنِ) الْوَارِثَيْنِ (وَالْفَرْقُ) بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ (صَعْبٌ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصَحِّ (وَالْعَتَاقُ) فِيمَا لَوْ صَدَّقَ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ الْعَبْدَ عَلَى الْكِتَابَةِ، ثُمَّ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ (يَسْرِي) فِي الْحَالِ عِنْدَ

ــ

[حاشية العبادي]

الثَّانِيَةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ إطْلَاقَهُ شَامِلٌ لَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأُولَى، أَوْ يُحْمَلَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فِي بَيَانِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَخْصٌ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْعَبْدِ كِلَاهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى، وَالشَّرِيكُ وَحْدَهُ لِلثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ مِنْ عَلَى التَّبْعِيضِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: التَّذَكُّرُ (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ مِنْهَا) أَيْ: الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ: مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّةِ أَحَدِهِمَا لَا مَحَالَةَ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَحَدُ وَرَثَتِهِ) بِقَرِينَةِ اعْتِرَاضِ النَّاظِمِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ قِنًّا، وَلَا سِرَايَةَ) فَتَأَمَّلْهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّ الْعِتْقَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَا سِرَايَةَ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ سم. (قَوْلُهُ: سَرَى فِي الْحَالِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ لِلسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْمَيِّتِ، وَالْمُصَدِّقُ يُنْكِرُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: لِشَرِيكِهِ أَنْت أَعْتَقْت نَصِيبَك فَأَنْكَرَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ هَكَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُصَدِّقُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا. اهـ.

وَفِي الْمُحَرَّرِ مِثْلُهُ فَمَا اسْتَظْهَرَهُ خِلَافُ مُرَجَّحِ الشَّيْخَيْنِ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا اُسْتُشْكِلَ هَذَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُصَدِّقَ يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُكَاتَبٌ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ السِّرَايَةِ، وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِمُوجِبِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُكَذِّبِ ثُبُوتَ السِّرَايَةِ، وَثُبُوتُهَا مِنْ آثَارِ عِتْقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلْوَفَاءِ فَتَلِفَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَعُودُ الرَّهْنُ. اهـ. م ر وَظَاهِرُ الرَّوْضِ كَمَفْهُومِ قَوْلِ الشَّارِحِ فَلَا يَعْتِقُ بِقَبْضِ الْوَارِثِ لَهَا حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ إلَى الْقَاضِي، أَوْ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ تُقْضَ الدُّيُونُ وَالْوَصَايَا فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ مَعَ صِحَّةِ الْقَبْضِ فِي كُلٍّ عَلَى مَا نَقَلْنَا عَنْ م ر.

(قَوْلُهُ: حَلَفَ لَهُمَا) أَيْ: أَنَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ: مُعَيَّنًا شَرْحُ الرَّوْضِ

ص: 320

الْيَسَارِ مَعَ الْإِعْتَاقِ إلَى نَصِيبِ الْجَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ رِقَّهُ بِجَحْدِهِ الْكِتَابَةَ (لَا مَعَ قَبْضِ السَّهْمِ) أَيْ: الْقِسْطِ (أَوْ إذْ يُبْرِي) أَيْ: أَوْ مَعَ الْإِبْرَاءِ فَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى الْقَبْضِ فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ بِاخْتِيَارِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَاحِدَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فَالْقَبْضُ، وَالْإِبْرَاءُ عِنْدَهُ لَغْوٌ. وَقَوْلُهُ: قُلْت إلَى قَوْلِهِ: صَعْبٌ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ تَغْيِيرٍ فِي سَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ وَعِبَارَتُهُ فِي نُسْخَةٍ شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ وَوَارِثُ الْمَيِّتِ أَنْ يُحَرِّرَ يَعْتِقُ لَا عَنْ مُعْتِقٍ كَمِثْلِ مَا يَقْبِضُ، أَوْ يُبْرَى وَيَسْرِي لَا هُمَا، وَقَوْلُهُ:(إلَى نَصِيبِ مَنْ كِتَابَةً جَحَدْ) صِلَةُ يَسْرِي، وَوَلَاءُ الْكُلِّ عِنْدَ السِّرَايَةِ، وَالْبَعْضِ عِنْدَ عَدَمِهَا لِلْمُصَدِّقِ؛ لِأَنَّ الْجَاحِدَ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِالْجَحْدِ فَلَوْ صَدَّقَاهُ مَعًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ فَلَا سِرَايَةَ أَيْضًا، وَوَلَاءُ مَا عَتَقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَاهُ صُدِّقَا بِيَمِينِهِمَا بِنَفْيِ الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفَا فَذَاكَ، وَإِنْ نَكَلَا وَحَلَفَ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا رَقَّ نَصِيبُهُ، وَرُدَّتْ الْيَمِينُ فِي نَصِيبِ النَّاكِلِ.

(وَبَدَلُ الْقَتْلِ لَهُ) أَيْ: وَلِلسَّيِّدِ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ فِي قَتْلِهِ الْمُقْتَضِي لَهَا وَلَوْ بِالْعَفْوِ (أَوْ الْقَوَدْ) فِي قَتْلِهِ الْمُقْتَضِي لَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَنْفَسِخُ بِقَتْلِهِ، وَيَمُوتُ رَقِيقًا هَذَا إذَا قَتَلَهُ غَيْرُ سَيِّدِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَغَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْكِتَابَةِ.

(وَ) لَهُ (الْكَسْبُ) أَيْ: كَسْبُ مُكَاتَبِهِ فِي زَمَنِ كِتَابَتِهِ (إنْ رَقَّ) بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ يَحْتَجْ) إلَى نَفَقَةٍ، وَلَا مَالَ بِيَدِهِ (صَرَفْ) أَيْ: أَنْفَقَ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ وَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.

(وَ) لَهُ (رَدُّ نَاقِصٍ) مِنْ النُّجُومِ بِعَيْبٍ إنْ بَقِيَ (وَأَرْشٍ لِلتَّلَفْ) أَيْ: وَأَرْشِ نَقْصِهِ إنْ تَلِفَ، وَكَذَا إنْ بَقِيَ لَكِنْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَهُ عَيْبٌ (وَ) إذَا لَمْ يَرْضَ بِالنَّاقِصِ فَرَدَّهُ، أَوْ طَلَبَ الْأَرْشَ (بَانَ رِقُّهُ) أَيْ: بَانَ بَقَاءُ رِقِّ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ رَضِيَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (كَمَا لَوْ اسْتَحَقْ غَيْرُ) أَيْ: غَيْرُ الْمُكَاتَبِ الْمَدْفُوعَ، أَوْ بَعْضَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(وَلَوْ بَعْضًا) فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ رِقِّهِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ مَوْتِهِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا، وَأَنَّ مَا تَرَكَهُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْوَرَثَةِ.

(وَإِنْ) كَانَ سَيِّدُهُ (قَالَ) إنَّهُ (عَتَقْ)، أَوْ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ رِقِّهِ حَمْلًا لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ: عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ صِحَّةِ الْأَدَاءِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ الْمُكَاتَبُ: إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ إنْشَاءً لَا إخْبَارًا فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ قَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ أَجْرَيْته أَمْ ابْتِدَاءً اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ، أَوْ لَا لِشُمُولِ الْعُذْرِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْوَسِيطِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَغَيْرُهُمْ قَالَ الشَّيْخَانِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشْعِرُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ وُجُودِ قَرِينَةٍ كَقَبْضِ النُّجُومِ، وَدُونَهَا قَالَا وَهُوَ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ انْتَهَى، وَكَلَامُ الْوَجِيزِ يُشْعِرُ بِهِ (كَأَنْ) قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ، أَوْ عَتَقَ، ثُمَّ قَالَ:(ظَنَنْتُ عِتْقَهُ) بِصِفَةٍ وَنَحْوِهَا فَأَخْبَرْت بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَنْت (وَأُفْتِيَا أَنْ لَا) أَيْ: وَقَدْ أَفْتَاهُ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ رِقِّهِ (كَتَطْلِيقٍ) فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: ظَنَنْت طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ وَنَحْوِهَا فَأَخْبَرْت بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَنْت، ثُمَّ أَفْتَانِي الْفُقَهَاءُ بِخِلَافِهِ بَانَ عَدَمُ الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَأَقَرَّهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ هُوَ عِنْدِي غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ جَرَى بِصَرِيحِ اللَّفْظِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي رَفْعِهِ مُخَالِفٌ وَلَوْ فَتَحَ هَذَا الْبَابَ لَمَا اسْتَقَرَّ إقْرَارٌ بِخِلَافِ إطْلَاقِ لَفْظِ الْحُرِّيَّةِ عَقِبَ قَبْضِ النُّجُومِ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَلَامُهُ يُشْعِرُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ وُجُودِ قَرِينَةٍ كَتَخَاصُمٍ، وَدُونِهَا وَهُوَ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ لَكِنْ مَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَى قَبُولِ التَّأْوِيلِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ يَجْرِي فِي الْعِتْقِ فِي غَيْرِ الْكِتَابَةِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ كَلَامَهُ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالُوا: وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُصَدِّقِ، وَإِعْتَاقُهُ ثَابِتٌ فَهُوَ بِإِعْتَاقِهِ كَالْمُتْلِفِ لِحَقِّ شَرِيكِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لَا مَعَ قَبْضِ السَّهْمِ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْآخَرَ يُنْكِرُ الْكِتَابَةَ لِكَسْبِ الْعَبْدِ لَهُمَا فَكَيْفَ يَصِحُّ قَبْضُهُ السَّهْمَ، فَإِنْ صَوَّرَ بِأَنَّهُمَا اقْتَسَمَا الْكَسْبَ فَخَصَّهُ قَدْرُ السَّهْمِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَبْضِ السَّهْمِ فَقَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّ الْجَاحِدَ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: وَوَلَاءُ الْكُلِّ عِنْدَ السِّرَايَةِ وَالْبَعْضِ عِنْدَ عَدَمِهَا لِلْمُصَدِّقِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا عِنْدَ عَدَمِ السِّرَايَةِ بِأَنَّ عِتْقَ النِّصْفِ يَقَعُ مِنْ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُصَدِّقِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي حَالَةِ السِّرَايَةِ نِصْفٌ يَعْتِقُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَالنِّصْفُ السَّارِي عَنْ الْمُعْتَقِ أَيْ: لَا عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ كِتَابَتِهِ وَوَلَاءُ الْجَمِيعِ لَهُ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْكَسْبُ) نَعَمْ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ يَجِبُ رَدُّهُ، أَوْ غُرْمُهُ حَجَرٌ د

(قَوْلُهُ: وَأَرْشٌ لِلتَّلَفِ) وَلَوْ امْتَنَعَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: تَتَحَوَّلُ الدَّعْوَى) بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ الْمُؤَدِّي. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَالَهُ جَوَابًا إلَخْ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ فَلَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ، أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ، وَأَوْلَادُهُ، وَمِثْلُهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ صُورَةَ الْإِنْشَاءِ فَقَطْ، وَتَرَكَ صُورَةَ الطَّلَاقِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْأُمِّ إلَّا لِصُورَةِ الْإِنْشَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ كَقَصْدِ الْإِخْبَارِ وَاعْتَمَدَهُ زي. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْإِمَامِ إلَخْ) ظَاهِرُ م ر اعْتِمَادُهُ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ) فَيُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ أَوْ لَا، لَكِنْ بِيَمِينِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

ص: 321

لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ وَبَرِئَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يُعَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَحَيْثُ رَضِيَا) أَيْ: السَّيِّدُ بِالنَّاقِصِ بِعَيْبٍ (فَالْعِتْقُ) بَانَ (مِنْ) حِينِ (قَبْضٍ) لَا مِنْ حِينِ الرِّضَى عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ لَا نَقُولُ: مَلَكَهُ بِالرِّضَى بَلْ بِالْقَبْضِ، وَتَأَكَّدَ الْمِلْكُ بِالرِّضَى أَمَّا إذَا وَجَدَهُ نَاقِصًا بِنُقْصَانِ جُزْءٍ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ طَالَبَهُ بِالْبَاقِي وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَحَطٌّ) لِمُمَوِّلٍ عَنْ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً مِنْ نُجُومِهِ (وَجَبَا) عَلَى السَّيِّدِ (أَوْ بَذْلُهُ) أَيْ: إعْطَاؤُهُ (مُمَوَّلًا) أَيْ: وَإِنْ قَلَّ قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فَسَّرَ الْإِيتَاءَ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْحَطُّ، أَوْلَى مِنْ الْبَذْلِ؛ لِأَنَّ الْإِعَانَةَ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ قَالُوا: وَإِنَّمَا وَجَبَ أَقَلُّ مُمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ وَزَادَ قَوْلَهُ: (وَنُدِبَا رُبْعٌ) فَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ فَسُبْعٌ رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه يَحُطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبُعِ كِتَابَتِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَحَطَّ عَنْهُ سُبْعَهَا خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيد أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ: فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. (وَلَوْ) كَانَ الْمَبْذُولُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ) أَيْ: جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي (إنْ رَضِي) بِهِ (مُكَاتَبٌ) فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِهَا لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا. وَالْحَطُّ، أَوْ الْبَذْلُ يَكُونُ (مِنْ قَبْلِ عِتْقٍ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ الْمُكَاتَبُ عَلَى تَحْصِيلِهِ كَمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ سَهْمُ الرِّقَابِ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لَكِنَّهُ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ (وَقُضِيَ) ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِجَوَازِ بَذْلِ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالرِّضَى مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ يَمُتْ) سَيِّدُهُ بَعْدَ قَبْضِ النُّجُومِ، وَقَبْلَ الْبَذْلِ (قُدِّمَ) ذَلِكَ عَلَى الْوَصَايَا وَالْإِرْثِ (كَالدُّيُونِ) فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا (وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ) مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (فَكَالْمَرْهُونِ) بِحَقِّ الْمُكَاتَبِ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ، وَالْوَصَايَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي عَيْنِهِ.

وَلَوْ (عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ بَعْضَ النُّجُومِ (كَيْ يُبْرِئَ) السَّيِّدَ (عَمَّا بَقِيَا) مِنْهَا (لَغَا) كُلٌّ مِنْ التَّعْجِيلِ وَالْإِبْرَاءِ (وَإِنْ وَفَّاهُ) السَّيِّدُ بِالْإِبْرَاءِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ فَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ الْمَأْخُوذِ (لَا إنْ رَضِيَا) أَيْ: الْمُكَاتَبُ رِضًا جَدِيدًا بِقَبْضِ ذَلِكَ عَمَّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْقَبْضُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ الْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِ مَا بِيَدِهِ عَنْ جِهَةِ الشِّرَاءِ، أَوْ الرَّهْنِ، وَلَوْ عَجَّلَ بِلَا شَرْطٍ جَازَ وَأُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ مَا لَمْ يَبْدُ غَرَضًا فِي الِامْتِنَاعِ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ، أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ فِي الْمَحَلِّ، وَشَرَطَ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْبَاقِي

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ أَدَاءِ الْأَرْشِ جَازَ لِلسَّيِّدِ إرْقَاقُهُ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ بَعْضِ النُّجُومِ حَجَرٌ د

. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) قِيلَ: هَذَا لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ مُسْتَنَدِ ظَنِّهِ إذَا لَمْ يَصْحَبْهُ قَرِينَةٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ. اهـ. وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِتَابَةِ بِأَنَّ نَفْسَ الْكِتَابَةِ وَسَبْقَ قَبْضِ النُّجُومِ قَرِينَةٌ

(قَوْلُهُ: قَالُوا وَإِنَّمَا وَجَبَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِ قَالُوا إشَارَةٌ إلَى النَّظَرِ فِيهِ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ التَّقْدِيرُ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي عَنْ عَلِيٍّ وَرَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْآتِيَ عَنْ عَلِيٍّ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفِي التَّقْدِيرَ مُطْلَقًا بَلْ يَنْفِي التَّقْدِيرَ بِأَقَلِّ مَا وَرَدَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا عَدَا الرُّبُعَ لَمْ يُرْفَعْ بَلْ هُوَ بِاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ، وَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرُّبُعَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَا تَقْدِيرَ وَرَاءَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ بِهِ مُكَاتَبٌ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ غَيْرِ الْجِنْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُرِيدُ بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَيْ: أَخَّرَ الْإِيتَاءَ عَنْ الْعِتْقِ أَثِمَ، وَكَانَ قَضَاءً فَقَوْلُ الْأَصْلِ: وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ لَكِنْ يَكُونُ قَضَاءً فِيهِ تَسَمُّحٌ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْلَ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِجْزَاءَ. (قَوْلُهُ: قَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْوَصَايَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ فَالزَّائِدُ مِنْ الْوَصَايَا. اهـ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِيصَاءِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا) فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الدُّيُونِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ تَالِفًا. اهـ.

وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْمُسَاوَاةُ عِنْدَ التَّلَفِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ غَيْرَ قَدْرِ الْوَاجِبِ لَمْ يَسْقُطْ، وَلَا تَقَاصَّ، وَلَا تَعْجِيزَ بِهِ فَيَرْفَعُ الْمُكَاتَبُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَفْصِلُهُ بِطَرِيقِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَّلَ بِلَا شَرِيكٍ إلَخْ) إنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي تَفْصِيلِهِ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ) أَيْ: بَقِيَ مِمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِلَّا فَالْخُمُسُ أَوْلَى مِنْ السُّدُسِ، وَالثُّلُثُ أَوْلَى مِنْ الرُّبُعِ وَمِمَّا دُونَهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ

(قَوْلُهُ:

ص: 322

صَحَّ الْقَبْضُ، وَلَغَا الشَّرْطُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ عَجَّلَ النَّجْمَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُ وَيُبَرِّئَهُ عَنْ الْبَاقِي فَفَعَلَ عَتَقَ، وَيَرْجِع عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ وَهُوَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا دَفَعَ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ.

(وَفَسْخُهَا لَهُ) أَيْ: وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ حُلُولِ نَجْمِهَا إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ الْأَدَاءِ بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْت الْكِتَابَةَ، أَوْ نَقَضْتهَا، أَوْ أَبْطَلْتهَا، أَوْ عَجَّزْت الْعَبْدَ وَنَحْوَ ذَلِكَ إمَّا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِالْحَاكِمِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ الْكِتَابَةُ وَالْحُلُولُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعِتْقِ وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي (وَلِلْمَخْصُوصِ بِإِرْثِهِ) أَيْ: بِإِرْثِ السَّيِّدِ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَسْخُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَالْعَجْزِ (وَإِنْ بِنَجْمٍ أُوصِي) أَيْ: وَإِنْ أَوْصَى السَّيِّدُ بِالنَّجْمِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ لِوَارِثِهِ الْفَسْخَ، وَإِنْ أُمْهِلَ الْمُوصَى لَهُ (وَلِلَّذِي، أُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ) بِإِمَالَةِ الْبَاءِ أَحْسَنُ مِنْ فَتْحِهَا هُنَا أَيْ: بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ (إنْ يَعْجِزَنْ) عَنْ الْأَدَاءِ فَسْخُ الْكِتَابَةَ إنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَإِنْ أُمْهِلَ الْوَارِثُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الرَّقَبَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِهَا يَسْتَحِقُّهَا فَلَهُ التَّوَصُّلُ إلَى حَقِّهِ بِالْفَسْخِ فَقَوْلُهُ:(وَإِنْ سِوًى أُمْهِلَ بِهِ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْوَارِثِ، وَالْمُوصَى لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ: أُمْهِلَ بِالنَّجْمِ سَوَّى الْفَاسِخُ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ:(إنْ عَجَزَ الْمَذْكُورُ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ قَيْدٌ لِلْفَسْخِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَا أَنْ يَعْجِزْنَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ بِلَا تَقْيِيدٍ بِعَجْزِهِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ، وَوَجْهُ صِحَّتِهَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْعَجْزِ الْقِيَاسُ عَلَى صِحَّتِهَا فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَقَدْ، أَوْصَيْت بِهِ، وَلَوْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ بِالنُّجُومِ لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَهَرَ مُكَاتَبَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، ثُمَّ إذَا جَاءَ الْمَحَلَّ لَا يَلْزَمُهُ إمْهَالُهُ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بَلْ لَهُ تَعْجِيزُهُ وَالْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ مَنَافِعِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. .

(لَا إنْ غَابَ) الْمُكَاتَبُ (مِنْ بَعْدِ مَحِلِّهِ) أَيْ: النَّجْمِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ (وَلَكِنْ) هَذَا (إنْ أَذِنْ) لَهُ فِي الْغَيْبَةِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَرُبَّمَا اكْتَسَبَ فِي السَّفَرِ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ (إلَى وُصُولِ خَطِّ مَنْ قَدْ حَكَمَا لِحَاكِمٍ بِأَنَّهُ قَدْ نَدِمَا وَقَصَّرَ الْغَائِبُ فِي الْعَوْدِ) أَيْ: لَا فَسْخَ لَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَصِلَ كِتَابُ حَاكِمِ بَلَدِهِ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بِأَنَّهُ نَدِمَ عَلَى الْإِذْنِ، وَرَجَعَ عَنْهُ وَيُقَصِّرُ الْمُكَاتَبُ فِي عَوْدِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَرْفَعَ السَّيِّدُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ لِمُدَّةٍ، وَيُقِيمَ بَيِّنَتَهُ بِالْحُلُولِ وَالْغَيْبَةِ، وَيَحْلِفَ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ لِكَوْنِهِ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ، وَيَذْكُرَ أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى الْإِذْنِ، وَرَجَعَ عَنْهُ فَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ لِيُعَرِّفَهُ الْحَالَ فَإِنْ أَظْهَرَ الْعَجْزَ، أَوْ قَصَّرَ فِي عَوْدِهِ بِأَنْ أَخَّرَ دَفْعَ الْحَالِ مَعَ إمْكَانِ تَسْلِيمِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ قَاصِدِهِ كَتَبَ بِهِ حَاكِمُ بَلَدِهِ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ لِيَفْسَخَ إنْ شَاءَ، فَإِنْ عَجَزَ السَّيِّدُ عَنْ الْحَاكِمِ.

فَالرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ أَنَّ كِتَابَهُ إلَى الْمُكَاتَبِ كَكِتَابِ الْحَاكِمِ إلَيْهِ، وَذِكْرُ وُصُولِ خَطِّ الْحَاكِمِ إلَى حَاكِمٍ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ غَابَ بَعْدَ الْمَحَلِّ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ قَبْلَهُ، وَلَوْ بِإِذْنٍ وَاسْتَمَرَّتْ غَيْبَتُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ فَلَهُ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ، وَإِعْلَامٍ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا، وَالْمُكَاتَبُ مَرِيضًا لِتَقْصِيرِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَتَقَ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ هَلْ عِتْقُهُ يَقَعُ عَنْ الْكِتَابَةِ حَتَّى يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ، أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَ الْعَبْدُ) أَفَادَ أَنَّ تَعْجِيزَ السَّيِّدِ الْعَبْدَ فَسْخٌ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ عَجَزْت بِنَفْسِك وَأَدَّيْت كَذَا فَأَنْت حُرٌّ فَعَجَّزَ نَفْسَهُ، وَأَدَّى عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيزَ لَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْكِتَابَةُ مَا لَمْ تُفْسَخْ أَيْ: بَعْدَ التَّعْجِيزِ إلَخْ. اهـ. يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ تَعْجِيزِ السَّيِّدِ إيَّاهُ وَتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ دُونَ الثَّانِي، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ تَعْجِيزِ السَّيِّدِ مِنْ صِيَغِ الْفَسْخِ فَقَالَ: فَرْعٌ قَوْلُ السَّيِّدِ فَسَخْت الْكِتَابَةَ وَأَبْطَلْتهَا وَنَقَضْتهَا وَعَجَّزْته أَيْ: كُلٌّ مِنْهَا، وَمِمَّا يُشْبِهُهَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِهِ فَسْخٌ، وَلَا تَعُودُ بِالتَّقْدِيرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلَّذِي أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ إلَخْ) وَقَعَ فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنُّجُومِ لَهُ الْفَسْخُ أَيْضًا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهَذَا سَبْقُ قَلَمٍ إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي شُرُوحِهِ، وَلَا أَصْلِ شُرُوحِهِ، وَلَا هُوَ يَسْتَقِيمُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَخَ فَاتَتْ النُّجُومُ، وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَأَيُّ حَظٍّ لَهُ فِي ذَلِكَ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَعْجِزْنَ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ: الْأَدَاءِ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ فَسَخَ الْكِتَابَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ) أَيْ: بِغَيْرِ إذْنِهِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ. عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ تَبَرَّعَ آخَرُ بِأَدَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَبِلَ عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ كَذَا فِي الْعَزِيزِ وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ، وَعَكَسَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ: بِإِذْنِهِ. اهـ. وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْعِتْقِ فَلَا يَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ إذْ الْعِتْقُ نَافِذٌ إذَا قَبِلَ سَوَاءٌ أَوْقَعَ التَّبَرُّعَ بِالْإِذْنِ أَمْ بِدُونِهِ نَعَمْ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ حَسَنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ الْفَسْخِ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِالتَّبَرُّعِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَخَّرَ رَفْعَ الْحَالِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ بَذَلَ وَلِلسَّيِّدِ وَكِيلٌ هُنَاكَ سُلِّمَ إلَيْهِ، وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْقَاضِي إرْسَالَهُ فِي الْحَالِ، أَوْ مَعَ أَوَّلِ رُفْقَةٍ إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا، وَعَلَى السَّيِّدِ الصَّبْرُ إلَى مُضِيِّ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، ثُمَّ يَفْسَخُ إنْ قَصَّرَ، وَإِنْ سَلَّمَ إلَى وَكِيلِهِ، وَقَدْ أَيْ: وَبَانَ أَنَّهُ قَدْ عَزَلَهُ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي بَرِئَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ أَنَّ لِقَاضِي بَلَدِ الْمُكَاتَبِ الْقَبْضَ عَنْ السَّيِّدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِنَفْسِهِ وَيُشْهِدُ، وَكَذَا بِالْحَاكِمِ لَكِنْ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ بِالْحُلُولِ وَالتَّعَذُّرِ أَيْ: لِتَحْصِيلِ النَّجْمِ، وَالْحَلِفِ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا إنْ غَابَ) أَيْ: إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَفِيهِمَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَا يُخَالِفُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

ص: 323

بِالْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ، وَالْإِذْنُ قَبْلَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ فِي اسْتِمْرَارِهَا إلَى مَا بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَا يُؤَدِّي الْحَاكِمُ النُّجُومَ مِنْهُ بَلْ يُمَكِّنُ السَّيِّدَ مِنْ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا ولَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَا يُخَالِفُهُ (وَلَا) إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ (عَمَّا يَحُطُّ) عَنْهُ فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بَلْ يَرْفَعُ الْمُكَاتَبُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِهِ (وَالتَّقَاصُّ) فِيمَا عَلَيْهِمَا (أُهْمِلَا) أَيْ: لَا يَحْصُلُ لِأَنَّا، وَإِنْ جَعَلْنَا الْحَطَّ أَصْلًا فَلِلسَّيِّدِ الْبَذْلُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ (وَأَنْظَرَ السَّيِّدُ) الْمُكَاتَبَ وُجُوبًا (حَتَّى يُطْلِعَا) أَيْ: يُخْرِجَ الْمَالَ (مِنْ حِرْزِهِ) وَيَزِنَهُ، وَيَنْظُرَهُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مَلِيٍّ إلَى اسْتِيفَائِهِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ عُرُوضٌ وَالنُّجُومُ غَيْرُهَا إلَى أَنْ يَبِيعَهَا، فَإِنْ عَرَضَ كَسَادٌ فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ بِمَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ إلَى حُضُورِهِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخَانِ

، وَحَكَى فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ، وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ بِأَنَّ ضَرَرَ الْبَائِعِ يَزُولُ بِالْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا (وَ) لِلسَّيِّدِ (فَسْخُهَا إنْ مَنَعَا) أَيْ: الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ مِنْ النُّجُومِ بَعْدَ الْمَحَلِّ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَجَّزَ نَفْسَهُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهَا لِجَوَازِ الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَطَّ فِيهَا لَهُ وَلِتَضَمُّنِهَا التَّعْلِيقَ بِصِفَةٍ وَهُوَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَتَقْيِيدُ ذَلِكَ بِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ كَغَيْرِهِمَا، وَتَرْكُهُ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّظْمِ وَأَصْلِهِ، أَوْجَهُ (أَوْ جُنَّ) فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، وَثُبُوتِ الْكِتَابَةِ، وَالْحُلُولِ عِنْدَهُ وَمُطَالَبَتِهِ بِحَقِّهِ وَحَلِفِهِ عَلَى بَقَائِهِ وَتَمْكِينِ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْ الْفَسْخِ (لَا إنْ مَالُهُ بِهِ) أَيْ: بِالنَّجْمِ (وَفَّى) فَلَا فَسْخَ بَلْ يُؤَدِّي الْقَاضِي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فَيَنُوبُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ.

وَفَصَّلَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ فَقَالَ: (فَإِنْ رَأَى الْقَاضِي صَلَاحًا) أَيْ: مَصْلَحَةً فِي حُرِّيَّتِهِ (صَرَفَا) أَيْ: أَدَّى مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ بِهَا لَمْ يُؤَدِّ قَالَ الشَّيْخَانِ وَالتَّفْصِيلُ جَيِّدٌ لَكِنَّهُ قَلِيلُ النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا إنَّ لِلسَّيِّدِ إذَا وَجَدَ مَالَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَاكِمَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَيْ: فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ، وَأَصْلِهِ أَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

مَا قَبَضَ وَلَا أَبْرَأَ، وَلَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا حَاضِرًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ مِنْهُ وَيُمَكَّنُ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ عَاقَ الْمُكَاتَبَ مَرَضٌ، أَوْ خَوْفٌ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْحَلِفِ إلَى، وَلَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا حَاضِرًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ: مَسَافَةُ الْقَصْرِ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ إنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا حَاضِرًا لَا يَجْتَمِعَانِ. اهـ. التَّحْلِيفُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَأَقَرَّهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ غَرِيبٌ وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ. اهـ. وَالشَّارِحُ هُنَا اقْتَصَرَ عَلَى الْفَسْخِ بِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ وَإِعْلَامٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُؤَدِّي فَلَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْإِشْكَالُ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِمَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَا يُخَالِفُهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ عَنْ الْغَائِبِ قَدْ خَالَفَهُ آخِرَ الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَسِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَعَلَى مَا تَخَيَّلَهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَسِيرِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَنْظُرُهُ أَيْضًا إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ اخْتِصَاصَ الْإِمْهَالِ فِي هَذَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْأَجَلِ قَرِيبًا كَنِصْفِ يَوْمٍ فَالْوَجْهُ الْإِمْهَالُ أَيْضًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَيُعَجِّزُ نَفْسَهُ) وَلِلْمُكَاتَبِ أَيْضًا أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ، وَيَفْسَخَ لَكِنْ نُسِبَ لِلرَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُعَجِّزُ، وَلَا يَفْسَخُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ مَصْلَحَةِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْنَعُهُ وَإِنْ كَانَتْ مَصْلَحَةُ الْمُكَاتَبِ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّ الْأَخْذَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَوْ نَجَّزَ إعْتَاقَهُ فَإِنَّهُ نَافِذٌ قَطْعًا، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَالْحَاكِمُ إنَّمَا يُرَاعِي

ــ

[حاشية الشربيني]

هُنَاكَ: (فَرْعٌ)

كَاتَبَ مُسْلِمٌ عَبْدًا كَافِرًا بِدَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي أَمَانِ سَيِّدِهِ، وَهَلْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَالتَّعْجِيزُ وَهُوَ فِي الْأَسْرِ؟ الْمَذْهَبُ لَهُ بِنَاءً عَلَى احْتِسَابِ مُدَّةِ الْأَسْرِ مِنْ الْأَجَلِ، ثُمَّ هَلْ يَفْسَخُ بِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ حَضَرَ الْمُكَاتَبُ، أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْحَثَ هَلْ لَهُ مَالٌ؟ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ فَإِنْ فُسِخَتْ وَخَلَصَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِالْكِتَابَةِ بَطَلَ الْفَسْخُ، وَأَدَّى الْمَالَ وَعَتَقَ. اهـ. وَهَذَا كَمَا تَرَى فِي فَسْخِ السَّيِّدِ بِدُونِ الْحَاكِمِ فَلَا يُخَالِفُ مَا نَحْنُ فِيهِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَحَلَّفَهُ عَلَى بَقَائِهِ) وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَأَقَرَّهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُؤَدِّي الْقَاضِي إلَخْ) وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَلَوْ مِنْ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا قَبَضَ النُّجُومَ فَيَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حَتَّى يَرْفَعَ لِلْقَاضِي فَيَرَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالتَّفْصِيلُ جَيِّدٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

ص: 324

الْمَجْنُونَ لَوْ سَلَّمَ مَالَ الْكِتَابَةِ إلَى سَيِّدِهِ، أَوْ اسْتَقَلَّ السَّيِّدُ بِقَبْضِهِ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَقَعُ الْمَوْقِعَ، وَإِذَا فَسَخَ السَّيِّدُ عَادَ الْمُكَاتَبُ قِنًّا لَهُ فَإِنْ أَفَاقَ، وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَانَ حَصَّلَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ، وَنَقَضَ التَّعْجِيزَ قَالَ الشَّيْخَانِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إذْ خَصَّهُ بِمَا إذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بِيَدِ السَّيِّدِ، وَإِلَّا فَالْفَسْخُ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ حِينَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ حَقُّهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَحَضَرَ قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَهَذَا مَعَ مُصَادَمَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ مُصَادِمٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِ، ثُمَّ حُضُورُهُ بِخِلَافِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ.

(وَ) لِلسَّيِّدِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ دَيْنٌ سِوَى نَجْمِ الْكِتَابَةِ بِمُعَامَلَةٍ، أَوْ إتْلَافٍ وَلَمْ يَفِ مَالُهُ بِالْجَمِيعِ (الْأَخْذُ) أَيْ: أَخْذُ مَالَهُ (عَنْ دَيْنٍ سِوَاهُ) أَيْ: سِوَى النَّجْمِ (وَلَهُ تَعْجِيزُ هَذَا) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْأَخْذِ عَمَّا ذَكَرَ (وَقَبْلَهُ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالدَّيْنَيْنِ، وَلَوْ أَطْلَقَ الْمُكَاتَبُ الدَّفْعَ، ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت النُّجُومَ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، أَوْ قَالَ: صَدَقْت وَلَكِنْ قَصَدْت أَنَا غَيْرَهَا قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ هُنَا لَهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ يُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ وَلَهُ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ: أَدَّيْت دَيْنَ الرَّهْنِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلِلَّذِي يَجْنِي عَلَيْهِ) جِنَايَةً مِنْ الْمُكَاتَبِ تَعْجِيزُهُ لِيُبَاعَ فِيهَا إذَا لَمْ يَفِ مَالُهُ بِأَرْشِهَا لَكِنْ لَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ حَتَّى يَفْسَخَ بَلْ (يُعْضَدُ بِحَاكِمٍ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ لِيُعَجِّزَهُ (لَا إنْ فَدَاهُ السَّيِّدُ) فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَعْجِيزُهُ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي إتْمَامِ عِتْقِهِ، وَفِي إبْقَائِهِ لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَتِمَّ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْفِدَاءِ، وَخَرَجَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صَاحِبُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَلَا تَعْجِيزَ لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَيْسَ فِي الرَّقَبَةِ.

وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ دُيُونٌ لِغَيْرِ السَّيِّدِ، أَوْ لَهُمَا وَضَاقَ مَا بِيَدِهِ عَنْهُمَا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قُدِّمَ دَيْنٌ لِلْمُعَامَلَاتِ) عَلَى غَيْرِهِ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا بِيَدِهِ، وَلَا بِرَقَبَتِهِ (ثُمَّ) إنْ فَضَلَ شَيْءٌ قُدِّمَ (أَرْشٌ عَلَى نَجْمٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ وَالنَّجْمُ عُرْضَةٌ لِلسُّقُوطِ (بِنَدْبٍ) أَيْ: قُدِّمَ مَا ذُكِرَ بِنَدْبٍ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النَّجْمِ عَلَى الْأَرْشِ، وَتَقْدِيمُهُمَا مَعًا عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ كَمَا فِي الْحُرِّ (وَحُتِمْ) تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، ثُمَّ الْأَرْشِ عَلَى النَّجْمِ (إنْ حَجَرَ الْقَاضِي) عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْتِمَاسِهِ، أَوْ بِالْتِمَاسِ الْغُرَمَاءِ، أَمَّا تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَلِتَعَلُّقِهِ بِمَا بِيَدِهِ لَا غَيْرُ، وَلِلْأَرْشِ مُتَعَلِّقٌ آخَرُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْأَرْشِ عَلَى النَّجْمِ فَلِمَا مَرَّ أَمَّا إذَا كَانَتْ الدُّيُونُ لِلسَّيِّدِ فَالْمُقَدَّمُ مِنْهُمَا مَا يُرِيدُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَفَّالِ

(وَإِنْ يَعْجِزْ) أَيْ: الْمُكَاتَبُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِسَيِّدِهِ وَلِغَيْرِهِ وَرَقَّ (سَقَطْ) عَنْهُ مَا (لِسَيِّدٍ) مِنْ نَجْمٍ وَغَيْرِهِ لِعَوْدِهِ إلَى رِقِّهِ (وَسَوِّ لِلْغَيْرِ) أَيْ: لِغَيْرِ السَّيِّدِ بَيْنَ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَالْأَرْشِ فَيُوَزَّعُ مَا بِيَدِهِ عَلَيْهِمَا فَمَا تَأَخَّرَ مِنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَمِنْ الْأَرْشِ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَيُبَاعُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) تَكْمِلَةٌ.

(وَانْفَسَخَتْ) أَيْ: الْكِتَابَةُ (إنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ (قَبْلَ أَنْ أَتَمْ) أَيْ: النُّجُومَ أَيْ: قَبْلَ قَبْضِ السَّيِّدِ تَمَامَهَا، وَإِنْ أَرْسَلَهَا الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ فَلَمْ يَقْبِضْهَا بَعْدُ، أَوْ كَانَ الْبَاقِي قَلِيلًا، أَوْ لَمْ يَحُطَّ عَنْهُ السَّيِّدُ شَيْئًا، وَيَمُوتُ رَقِيقًا حَتَّى لَا يُورَثَ وَتَكُونَ أَكْسَابُهُ لِسَيِّدِهِ، وَتَجْهِيزُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الرَّقَبَةُ فَفَوَاتُهَا كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

(أَوْ فَسَخَ الشِّرْكُ) أَيْ: وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ كُلُّهَا إنْ فَسَخَهَا شَرِيكٌ فِي نَصِيبِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْآخَرُ إنْظَارَهُ وَإِبْقَاءَهَا وَلَا تَتَبَعَّضُ كَمَا لَا تَتَبَعَّضُ ابْتِدَاءً. (وَ) إذَا كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ مُتَفَاوِتَيْ الْقِيمَةِ عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ (حَلِّفْ) أَنْتَ (مَنْ زَعَمْ) مِنْهُمَا (كَوْنَ الْأَدَاءِ مِنْهُمَا سَوَاءَ إذَا بِهِ مَعًا إلَيْهِ جَاءَا) أَيْ: إذَا جَاءَا مَعًا بِالْمَالِ إلَى السَّيِّدِ، وَزَعَمَ النَّفِيسُ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ، وَالْخَسِيسُ أَنَّهُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيُصَدَّقُ، وَإِنْ جَاوَزَ مَا خَصَّهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُؤَدِّي، أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَصْلَحَةَ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ وَنَحْوِهِ لَا حَيْثُ يُعَارِضُ تَصَرُّفَ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ م ر (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَقَعُ الْمَوْقِعَ) أَيْ: فَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: مَا لَمْ يَرَ الْقَاضِي الصَّلَاحَ فِي خِلَافِهِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلَخْ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: يَقَعُ الْمَوْقِعَ) أَيْ: فَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: الْأَخْذُ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَفَادَتْ مَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ: إنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ دَيْنَانِ غَيْرُ نَجْمِ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يُسْتَحَقَّ نَجْمُ الْكِتَابَةِ بَعْدُ كَانَتْ الْخِيَرَةُ فِي الدَّفْعِ عَنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْمُكَاتَبِ بِرّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي ابْتِدَاءِ الدَّفْعِ أُجِيبَ السَّيِّدُ، أَوْ بَعْدَهُ فَالْمُكَاتَبُ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَهُمَا) أَيْ: السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النَّجْمِ) فَعُلِمَ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَالْأَخْذُ إلَخْ اخْتِلَافُ حُكْمِ السَّيِّدِ إذَا انْفَرَدَ بِالدَّيْنِ، وَحُكْمُهُ إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ. (قَوْلُهُ: فَلْيُعَلِّقْهُ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ إطْرَادُ حُكْمِهَا فِيمَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا بِرّ. (قَوْلُهُ: لِلسَّيِّدِ) أَيْ: وَحْدَهُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ: مَا يُرِيدُهُ) أَيْ: مَا يُرِيدُهُ السَّيِّدُ بِرّ أَيْ: إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي الِابْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ هُنَاكَ بِرّ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِ السَّيِّدِ) يَنْبَغِي أَوْ وَكِيلِهِ حَتَّى لَوْ قَبَضَ وَكِيلُ السَّيِّدِ تَمَامَهَا عَتَقَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِ الْمَالِ لِيَدِ السَّيِّدِ إذْ قَبْضُ وَكِيلِهِ كَقَبْضِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاوَزَ مَا خَصَّهُ حِصَّتَهُ) يُحْتَمَلُ رَفْعُ حِصَّةٍ فَيَتَعَلَّقُ الْجَارُّ بِهَا وَيُحْتَمَلُ نَصْبُهَا فَيَتَعَلَّقُ بِمَا خَصَّهُ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

ص: 325

لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ

(وَ) حَلَفَ (نَافِيًا جَرَّ وَلَا الْأُمِّيَّهْ) أَيْ: الْمَنْسُوبِ إلَى الْأُمِّ وَهُوَ وَلَدُهَا (بِعِتْقِهِ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (إنْ مَاتَ) فَلَوْ أَتَى الْمُكَاتَبُ بِوَلَدٍ مِنْ زَوْجَتِهِ الْعَتِيقَةِ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ فَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ فَزَعَمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ أَدَّى نُجُومَهُ وَعَتَقَ فَانْجَرَّ وَلَاءُ الْوَلَدِ إلَيْهِ، وَزَعَمَ مَوْلَى أُمِّهِ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى رِقِّهِ فَوَلَاءُ وَلَدِهِ مُسْتَمِرٌّ لَهُ صُدِّقَ مَوْلَى الْأُمِّ النَّافِي لِلِانْجِرَارِ بِيَمِينِهِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ، وَعَلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الْبَيَانُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ مَاتَ مَا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ فِي حَيَاةِ الْمُكَاتَبِ بِأَنَّهُ أَدَّى النُّجُومَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ، وَيَنْجَرُّ وَلَاءُ وَلَدِهِ إلَيْهِ (لَا الْوَصِيَّهْ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ بَدَلُ الْمُكَاتَبِ الْقَتِيلِ لَا وَصِيَّتُهُ بِهِ إذَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِعَجْزِهِ كَمَا فُهِمَ أَيْضًا مِمَّا مَرَّ، وَلَا مَا أَوْصَى بِهِ لِلْمُكَاتَبِ كَمَا فُهِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالْكَسْبُ إنْ رَقَّ.

(وَ) لَا (وَطْؤُهَا) أَيْ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ، وَشَرْطُهُ مُفْسِدٌ فَإِنْ وَطِئَهَا، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِمَا بِالتَّحْرِيمِ (فَالْمَهْرُ) مُطْلَقًا (وَالْإِيلَادُ) إذَا أَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ (قَدْ أُثْبِتَ) كُلٌّ مِنْهُمَا لَهَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاسْتِقْلَالِهَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا عَلَقَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ فِي مِلْكِهِ فَتَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ إنْ أَدَّتْ وَإِلَّا فَبِمَوْتِهِ (لَا الْحَدُّ) فَلَا يَثْبُتُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ نَعَمْ يُعْزَرُ الْعَالِمُ بِهِ (وَ) لَا يَثْبُتُ لَهَا عَلَيْهِ (قِيمَةُ الْوَلَدْ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ، وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَحْكَامُ فِي وَطْئِهِ لِبِنْتِ مُكَاتَبَتِهِ فَيَثْبُتُ الْمَهْرُ وَالْإِيلَادُ لَا الْحَدُّ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي فَإِنْ عَتَقَتْ بِعِتْقِ الْأُمِّ فَهُوَ لَهَا، أَوْ عَجَزَتْ فَالسَّيِّدُ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ

(وَلَا يَبِعْ) أَيْ: السَّيِّدُ (مُكَاتَبًا) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْكَسْبِ وَالْأَرْشِ فَيَمْنَعُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ؛ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ إنْ رَفَعَ الْكِتَابَةَ فَبَاطِلٌ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ، وَإِلَّا فَيَبْقَى الْمُكَاتَبُ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ صَحَّ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَمِنْهُ بَيْعُ بَرِيرَةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهِ أَيْضًا مِنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَازِمَةٌ فَجَازَ الْبَيْعُ تَعْجِيلًا لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَقَدْ يُعْكَسُ هَذَا انْتَهَى. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَتُرْفَعُ الْكِتَابَةُ وَيَعْتِقُ لَا عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ فَلَا يُسْتَتْبَعُ كَسْبًا، وَلَا وَلَدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ (وَعَامَلَهْ) سَيِّدُهُ (كَالْأَجْنَبِيِّ) حَتَّى يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّ مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ فَلْيُمَكَّنْ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمُعِينِ عَلَيْهِ.

(وَالتَّبَرُّعَاتُ) جَائِزَةٌ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا سَيَأْتِي (كَذَلِكَ) لَهُ بِالْإِذْنِ (الْأَخْطَارُ بِالنَّسِيَّهْ) أَيْ: التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي فِيهَا خَطَرٌ كَمَا (فِي الْبَيْعِ) بِالنَّسِيئَةِ وَزَادَ قَوْلَهُ: (حَسْبُ) أَيْ: فَقَطْ لِإِخْرَاجِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ إنْ كَانَ بِثَمَنِ النَّقْدِ، وَلَا يَرْهَنُ بِهِ فَإِنَّ الرَّهْنَ قَدْ يَتْلَفُ، وَإِنْ كَانَ بِثَمَنِ النَّسِيئَةِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ تَبَعًا لِلْقَاضِي لَمْ يَجُزْ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ، وَكَلَامُ النَّظْمِ يُفْهِمُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَجْهٌ شَاذٌّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْوَلِيِّ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الطِّفْلِ نَسِيئَةً

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ وَلَدُهَا) فَلَعَلَّ الْمُرَادَ النَّفْسُ الْأُمِّيَّةُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الْبَيَانُ) نَعَمْ يُؤَاخَذُ السَّيِّدُ بِاعْتِرَافِهِ بِأَنْ يَصْرِفَ مُخَلَّفَ الْمُكَاتَبِ لِوَرَثَتِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ مَاتَ مَا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ) يُحَرَّرْ الْفَرْقُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ الْآنَ. وَإِبْرَائِهِ مِنْ النُّجُومِ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِمَوْتِهِ) أَيْ: فَتُعْتَقُ بِمَوْتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْعِتْقَ عَنْ الْكِتَابَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَإِلَّا فَبِمَوْتِهِ لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِأَنَّ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ عَنْ الِاسْتِيلَادِ، أَوْ الْكِتَابَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ مَعَ كَوْنِهَا مُكَاتَبَةً مُسْتَوْلَدَةً وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَلَا تَجِبُ لَهَا قِيمَتُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ بِالِاسْتِيلَادِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ، أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ، وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَأَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ زِنًا بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَلَوْ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ كَسَائِرِ الْمُكَاتَبَاتِ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ لِلنُّجُومِ عَتَقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ الْحَادِثُونَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ إلَّا عَنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ أَوْلَدَهَا، ثُمَّ كَاتَبَهَا وَمَاتَ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ وَكَسْبُهَا الْحَاصِلُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ التَّعْجِيزِ عَتَقَتْ بِالْإِيلَادِ، وَالْأَوْلَادُ الْحَادِثُونَ بَعْدَهُ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ زِنًا يَتْبَعُونَهَا وَالْحَادِثُونَ قَبْلَهُ أَرِقَّاءُ لِلسَّيِّدِ. اهـ.

سُقْته بِتَمَامِهِ لِفَوَائِدِهِ وَارْتِبَاطِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَحْكَامُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَمَنْ كَاتَبَ أَمَةً لَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ بِنْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْإِيلَادُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ ثَبَتَ إيلَادُ أُمِّهَا مَعَ أَنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَأُمِّهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَتْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِتَعْجِيزِ أُمِّهَا

(قَوْلُهُ: فِيهَا خَطَرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْخَطَرُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: عَطْفًا عَلَى مَا يَمْتَنِعُ بِلَا إذْنٍ وَبَيْعِ نَسِيئَةٍ، وَلَوْ تَوَثَّقَ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ، أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِثَمَنِ النَّقْدِ) وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُكَاتَبِ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً بِلَا إذْنٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ: وَكَانَ رِضَاهُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِبْطَالِهِ شَرْحٌ رَوْضٌ لَكِنْ الصَّوَابُ أَنَّ رِضَاهُ لَيْسَ فَسْخًا فَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ وَالْكِتَابَةُ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْبَيْعِ وَقَالَ م ر: إنَّ الْفَسْخَ هُوَ الرِّضَا مَعَ الْبَيْعِ. اهـ. أَيْ: لِأَنَّ كُلًّا وَحْدَهُ لَا يُفِيدُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ) اعْتَرَضَهُ م ر بِأَنَّهُ لَا تَبَرُّعٌ. (قَوْلُهُ: يُفْهِمُهُ)

ص: 326

وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ لِلْحَاجَةِ وَلِلْمَصْلَحَةِ بِأَنَّ الْمَرْعِيَّ ثَمَّ مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ، وَالْوَلِيُّ نُصِّبَ لِيَنْظُرَ لَهُ، وَالْمَطْلُوبُ هُنَا الْعِتْقُ وَالْمَرْعِيُّ مَصْلَحَةُ السَّيِّدِ وَلَمْ يُنَصَّبْ الْمُكَاتَبُ لَهُ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ لَكِنْ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ هُنَا الْمَنْعُ، وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ هُنَا هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ ثَمَّةَ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ.

وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ (وَ) لَهُ بِالْإِذْنِ (شِرَا الْبَعْضِيَّهْ) أَيْ: بَعْضِهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (وَهَكَذَا تَسْلِيمُهُ وَمَا قَبَضْ عَنْ ثَمَنٍ وَعَنْ مَبِيعِ الْعِوَضْ) أَيْ: وَكَذَا لَهُ بِالْإِذْنِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِ وَهُوَ الْمَبِيعُ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِ وَهُوَ الثَّمَنُ، وَقَدْ يُقَرَّرُ كَلَامُهُ بِمَا قَرَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ بِأَنْ يُقَالَ: لَهُ بِالْإِذْنِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ، أَوْ الْعِوَضَ عَنْهُ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ، أَوْ الْعِوَضَ عَنْهُ، وَعَلَى التَّقْرِيرَيْنِ مَا نَافِيَةٌ وَالْعِوَضُ مَفْعُولُ قَبَضَ، وَتَرَكَ عَلَى الثَّانِي ذِكْرَ الْمَبِيعِ فِي الْأُولَى، وَالثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مِنْ ذِكْرِ عِوَضَيْهِمَا وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَالتَّسْلِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَزَادَ عَلَيْهِ النَّاظِمُ عَلَى الْأَوَّلِ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِ وَعَلَى الثَّانِي تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ قَبْلَ عِوَضِ الثَّمَنِ، وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، أَوْ عِوَضَهُ (كَذَا) لَهُ بِالْإِذْنِ (النِّكَاحُ وَزَوَاجُ قِنِّهِ) أَيْ: عَبْدِهِ، أَوْ أَمَتِهِ (وَسَلَمٌ كَذَا فِدَاءٌ لِابْنِهِ) إذَا جَنَى وَالْمُرَادُ فِدَاءُ بَعْضِهِ وَلَوْ غَيْرَ ابْنِهِ (وَهَكَذَا تَكْفِيرُهُ بِغَيْرِ مَا صَوْمٍ) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ: بِغَيْرِ صَوْمٍ مِنْ إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ (أَوْ اتِّهَابِ مَنْ قَدْ لَزِمَا) لَهُ (إنْفَاقُهُ) مِنْ أَبْعَاضِهِ لِزَمَانَةٍ، أَوْ هَرَمٍ، أَوْ صِغَرٍ.

فَقَوْلُهُ: (بِالْإِذْنِ) رَاجِعٌ إلَى جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فَكُلُّ مَا فِيهِ تَبَرُّعٌ، أَوْ خَطَرٌ إنَّمَا يَجُوزُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهَا غِبْطَةٌ مِنْ وَجْهٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ كَفِيلٍ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْكِتَابَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ لَا يَنْقَطِعُ عَمَّا بِيَدِهِ فَقَدْ يَعُودُ إلَى رِقِّهِ بِالْعَجْزِ، أَمَّا مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ، وَلَا خَطَرَ كَاصْطِيَادِهِ وَفِدَائِهِ غَيْرَ بَعْضِهِ مِنْ أَرِقَّائِهِ إذَا جَنَى وَتَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ وَاتِّهَابِهِ مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ فَيَسْتَقِلّ بِهِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِتَأْدِيبِ عَبِيدِهِ وَإِصْلَاحِهِمْ بِالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ وَإِذَا اتَّهَبَ مِنْ أَبْعَاضِهِ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَبِيعُهُ بَلْ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ، وَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَمَا فَضَلَ لِلْمُكَاتَبِ فَإِنْ مَرِضَ، أَوْ عَجَزَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ، وَاعْلَمْ أَنَّ شِرَاءَ الْمُكَاتَبِ بَعْضَهُ وَفِدَاءَهُ لَهُ وَتَالِيَيْهِ وَنِكَاحَهُ وَتَزْوِيجَهُ عَبْدَهُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَإِنَّ الْبَقِيَّةَ مِنْ الْأَخْطَارِ وَإِنَّ أَمْثِلَتَهُمَا لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ فَلَوْ قَالَ: وَلَهُ التَّبَرُّعَاتُ كَشِرَاءِ بَعْضِهِ، وَالْأَخْطَارُ كَالْبَيْعِ نَسِيئَةً كَانَ أَوْلَى.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ تَبَرُّعٌ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِمَّا الْعَادَةُ فِيهِ أَنْ يُؤْكَلَ، وَلَا يُبَاعَ كَخُبْزٍ، وَلَحْمٍ فَإِذَا أَهْدَى مِنْهُ شَيْئًا لِأَحَدٍ فَلِلْمُهْدَى إلَيْهِ أَكْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِخَبَرِ بَرِيرَةَ. انْتَهَى وَالِاسْتِدْلَالُ بِخَبَرِ بَرِيرَةَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهَا، وَأَنَّ أَكْلَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلِ حُرِّيَّتِهَا وَعَلَى أَنَّ سَيِّدَتَهَا لَمْ تَأْذَنْ فِي أَكْلِهِ. صلى الله عليه وسلم

(لَا الْمُكَاتَبَهْ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مُكَاتَبَةُ رَقِيقِهِ (وَلَا تَسَرِّيهِ) بِأَمَتِهِ (وَ) لَا (عِتْقُ الرَّقَبَهْ) أَيْ: إعْتَاقُهَا وَلَوْ فِي كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْعِتْقَ يَسْتَعْقِبَانِ الْوَلَاءَ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ، وَأَمَّا مَنْعُ تَسَرِّيهِ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلِلْخَوْفِ مِنْ هَلَاكِ الْأَمَةِ بِالطَّلْقِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّسَرِّي بِالْوَطْءِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ لِاعْتِبَارِهِ الْإِنْزَالَ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَابْتَاعَ) أَيْ: وَلَهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَنْ يَبْتَاعَ (بَعْضَ سَيِّدٍ) لَهُ مِنْ أُصُولِهِ، وَفُرُوعِهِ (فَإِنْ عَجَزْ) عَنْ الْأَدَاءِ وَرَقَّ (يَمْلِكُهُ) أَيْ: الْبَعْضَ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: بِمَا قَرَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ) اُسْتُشْكِلَ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَقَدْ يُصَوَّرُ فِي الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا هُوَ أَحَدُ كَلَامَيْنِ فِيهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، أَوْ فِيمَا لَوْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ فَإِذَا أَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ لَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَهُ أَنْ يَعْتَاضَ مِنْهُ عَنْ بَدَلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَ) أَيْ: إذَا أَسْلَمَ هُوَ سَوَاءٌ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ فَظَاهِرٌ إلْحَاقُهُ بِمَا لَوْ اشْتَرَى نَسِيئَةً فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُقَالُ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ نَظِيرُ الْبَائِعِ لَا الْمُشْتَرِي، وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي بَيَانِهِ مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا السَّلَمُ لِاقْتِضَائِهِ تَسْلِيمَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَانْتِظَارَ الْمُسْلَمِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَذَا فِدَاءً لِابْنِهِ إذَا جَنَى) لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ الَّذِي لَيْسَ بِقَرِيبٍ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَبْقَى لَهُ يَصْرِفُهَا فِي النُّجُومِ أَيْ: رَقَبَةَ قَرِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا اتَّهَبَ مِنْ أَبْعَاضِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهَا: وَلَوْ وَهَبَ لِمُكَاتَبٍ بَعْضَ أَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ الْمُكَاتَبِ فَقَبِلَهُ، ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى أَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ حَيْثُ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ هِبَتِهِ، وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ لَا لُزُومُ نَفَقَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ قَرِيبَةٌ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ فِي الْكَسُوبِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِ لَا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ كَمَا عُرِفَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا عِتْقُ الرَّقَبَةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ إعْتَاقُهُ عَنْ سَيِّدِهِ، أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: التَّسَرِّيَ، وَقَوْلُهُ: أَيْ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ أَيْ: التَّسَرِّي أَيْ: وَالْحَجْبِ عَنْ الْأَعْيُنِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَبْتَاعَ) وَكَالِابْتِيَاعِ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْضُ سَيِّدٍ لَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ كَانَ أَيْ: مَا مَلَكَهُ بِمَا ذُكِرَ بَعْضُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَيْثُ أَخْرَجَ النَّسِيئَةَ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَخْ) وَهُوَ صِحَّةُ الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، وَحَاصِلُهُ

ص: 327

(السَّيِّدُ وَالْعِتْقُ) عَلَيْهِ (نَجَزْ) .

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ صَرْفِ الْمَالِ إلَى عِوَضِ مَنْ عَسَاهُ يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا نَظَرُوا إلَى لُزُومِ النَّفَقَةِ بِالْعِتْقِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا الْحَالَ (وَاقْتَصَّ) أَيْ: وَلَهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَنْ يَقْتَصَّ (مِنْ جَانٍ) عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى رَقِيقِهِ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمِلْكِ (وَيَفْدِي عُنْقَهُ) بِإِسْكَانِ النُّونِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا (وَلَوْ لِسَيِّدٍ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ وَعَبْدَهُ بِمَا مِنْ الْأَمْرَيْنِ قُلْ) أَيْ: وَلَهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَنْ يَفْدِيَ نَفْسَهُ وَعَبْدَهُ فِي الْجِنَايَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَوْ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ، أَوْ أَبْرَأَهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ يَفِي بِالْأَرْشِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَعْجِيزُهُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ نَقَصَ أَرْشُ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْقِيمَةِ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ إلَّا مَا يَفِي بِالْأَرْشِ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ فِي الْبَاقِي حَتَّى يَعْتِقَ عَنْهَا بِأَدَاءِ قِسْطِهِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ وَإِنْ اخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ لَمْ يَبِعْ، وَقَوْلُهُ: وَعَبْدَهُ أَيْ: الَّذِي لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الَّذِي يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِلَا إذْنٍ كَمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفِدَاءَ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى السَّيِّدِ بِالْأَقَلِّ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ فَيَجِبُ بِكَمَالِهِ كَالْحُرِّ بِخِلَافِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا فَجَازَ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَيْهَا فَلَوْ عَتَقَ بِإِعْتَاقٍ، أَوْ إبْرَاءٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سَقَطَ أَرْشُ السَّيِّدِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ فِدَاءِ عَبْدِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ آبِقًا، أَوْ نَحْوَهُ فَلَا يَجُوزُ فِدَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرٌ.

(وَيَلْزَمُ الْفِدَاءُ) بِالْأَقَلِّ (سَيِّدًا قَتَلْ وَأَعْتَقَ) أَيْ: قَتَلَ مُكَاتَبَهُ (الْجَانِيَ) عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ أَبْرَأهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ عَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ، وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فِدَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقَابِضُ لِلنُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهَا

(وَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى السَّيِّدِ (أَرْشٌ) لِجِنَايَةِ مَنْ جَنَى عَلَى مُكَاتَبِهِ (إذَا أَعْتَقَ مَجْنِيًّا) أَيْ: مُكَاتَبَهُ الْمَجْنِيَّ (عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ كَانَ رَقِيقًا حَالَ الْجِنَايَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ فَإِنَّ الْأَرْشَ يَبْقَى لَهُ، وَلَا يَرْجِعُ

ــ

[حاشية العبادي]

سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ بَلْ هُوَ الَّذِي عَجَّزَ نَفْسَهُ لَمْ يَسْرِ عِتْقُ ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى الْبَاقِي وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ قَرِيبِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ تَعْجِيزَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ، وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ ضِمْنِيٌّ قَهْرِيٌّ وَلِلْعَبْدِ الْقِنِّ أَنْ يَتَّهِبَ بِلَا إذْنٍ قَرِيبًا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ فِي الْحَالِ، وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ قَبُولِ الْعَبْدِ الْهِبَةَ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يَتَّهِبَ بَعْضَهُ أَيْ: بَعْضَ مَنْ يُعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِلَا إذْنٍ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فَيَعْتِقُ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا يَسْرِي لِحُصُولِ الْمِلْكِ قَهْرًا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا وَبَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ لَكِنَّهُ جَزَمَ قَبْلَهُ فِيهَا كَأَصْلِهِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ثُمَّ بِالسِّرَايَةِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَهُ) رَاجِعٌ لِصُورَةِ السَّيِّدِ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَيَلْزَمُ الْفِدَاءُ سَيِّدًا قَبِلَ، وَأَعْتَقَ الْجَانِي وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَاجِبُ لِلسَّيِّدِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِهِ لَهُ شَارِحٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَنْ يَفْدِيَ نَفْسَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ كَالْمَتْنِ أَنَّهُ يَفْدِي جِنَايَتَهُ عَلَى غَيْرِ السَّيِّدِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَهُ بَعْدُ فِي الْمَتْنِ: وَيَلْزَمُ الْفِدَاءُ سَيِّدًا قَبِلَ وَأَعْتَقَ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ السَّيِّدِ خَاصَّةً أَيْ: فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا أَعْتَقَهُ فِي حَالِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ لَزِمَهُ الْفِدَاءُ بِالْأَقَلِّ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ: عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ وَاَلَّذِي فِي الْإِرْشَادِ أَنَّهُ بِالْأَرْشِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ، وَالْإِسْقَاطُ هَذَا إذَا أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَمِثْلُهُ الْإِبْرَاءُ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِالْأَدَاءِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْأَرْشَ بَالِغًا مَا بَلَغَ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِنَّ الْفِدَاءَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ حَتَّى فِي جِنَايَةِ السَّيِّدِ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ الْمَنْصُوصَ فِدَاءُ جِنَايَةِ السَّيِّدِ بِالْأَرْشِ وَلَوْ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِرْشَادِ فِيمَا قِيلَ: الْعِتْقُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: أَرْشُ الْأَجْنَبِيِّ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ لِأَرْشِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ إلَخْ) اعْتَمَدَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي وَلَكِنْ خَصَّهُ بِمَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: وَنَفْسَهُ أَيْ: وَفَدَى نَفْسَهُ فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَبِالْأَرْشِ مِنْ سَيِّدٍ إنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ أَيْ: أَوْ أَعْتَقَهُ فَمَا فِي يَدِهِ فَقَطْ. اهـ.

أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ سَقَطَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا

. (قَوْلُهُ: بِالْأَرْشِ) أَيْ: الْمَالِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْأَقَلُّ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ) ولِذَا لَزِمَهُ الْفِدَاءُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى السَّيِّدِ، وَإِنْ فَوَّتَ السَّيِّدُ رَقَبَتَهُ بِإِعْتَاقٍ، أَوْ إبْرَاءٍ بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، فَإِذَا فَوَّتَهَا السَّيِّدُ لَزِمَ السَّيِّدَ الْفِدَاءُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ بَلْ بِذِمَّتِهِ فَيَكُونُ كَالْحُرِّ فَيَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ فَيَجِبُ بِكَمَالِهِ. اهـ. م ر وَشَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْتَقَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ) وَفِي صُورَتَيْ الْإِعْتَاقِ، وَالْإِبْرَاءِ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَيْضًا فِدَاءُ مَنْ يَعْتِقُ بِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ إنْ جَنَى بَعْدَ مُكَاتَبَتِهِ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَوَّتَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ، أَوْ أَبْرَأَهُ، أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ وَبَرِئَ

ص: 328

إلَى سَيِّدِهِ كَذَا قَالَهُ النَّاظِمُ وَشَارِحُهُ كَالْحَاوِي وَشُرَّاحِهِ، وَالْوَجْهُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَنَّهُ لِلْمُكَاتَبِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ كَسَائِرِ الْأَكْسَابِ وَكَأَنَّ الْحَاوِيَ سَبَقَ قَلَمُهُ مِنْ قَتَلَ إلَى أَعْتَقَ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ بِلَا تَأَمُّلٍ.

(وَفَاسِدٌ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْكِتَابَةِ كَالصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكِتَابَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: صَحِيحَةٌ وَهِيَ مَا لَا خَلَلَ فِيهَا، وَفَاسِدَةٌ وَهِيَ الصَّادِرَةُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مِمَّنْ تَصِحُّ عِبَارَتُهُ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ لَكِنْ اخْتَلَّتْ صِحَّتُهَا لِفَسَادِ عِوَضِهَا كَخَمْرٍ وَمَجْهُولٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ عَيْنًا، أَوْ حَالًّا، أَوْ مُنَجَّمًا بِنَجْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ (كَشَرْطِهِ) عَلَى عَبْدِهِ (شِرَا) شَيْءٍ مِنْهُ، وَبَاطِلَةٌ وَهِيَ مَا لَمْ يَصْدُرْ فِيهَا عَقْدٌ مِنْ مَالِكٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ كَمَا ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ:(لَا بَاطِلٌ بِفَقْدِ عَقْدٍ صَدَرَا مِنْ مَالِكٍ كُلِّفَ مُخْتَارٍ بِمَا يَقْصِدُ) بِأَنْ يَعْقِدَهَا غَيْرُ مَالِكٍ مِنْ وَلِيٍّ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، أَوْ مُكْرَهٍ، أَوْ تُعْقَدُ بِمَا (لَا) يُقْصَدُ (كَالْحَشَرَاتِ وَالدِّمَا) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

وَقَوْلُهُ: (مِثْلُ الصَّحِيحِ) خَبَرٌ فَاسِدٌ أَيْ: وَالْفَاسِدُ مِنْهَا كَالصَّحِيحِ لَا الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالصَّحِيحِ بَلْ هُوَ لَاغٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ وَهُوَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ثَبَتَ مُقْتَضَاهُ (لَيْسَ) أَيْ: الْفَاسِدَةُ كَالصَّحِيحَةِ فِي أَشْيَاءَ لَا (فِي الْإِيصَاءِ) بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْفَاسِدَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَجْزٍ وَيَكُونُ فَسْخًا لَهَا، وَإِنْ ظَنَّ صِحَّتَهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَكَالْوَصِيَّةِ سَائِرُ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَالْإِعْتَاقِ لَا عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَيُجْزِئُهُ عَنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الظِّهَارِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ قَدْ يُدَّعَى انْدِرَاجُهَا فِي الْفَسْخِ الْآتِي بَيَانُهُ (وَ) لَا فِي (الْحَطِّ)، أَوْ الْبَذْلِ لِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْحَطِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَ) لَا فِي (الْأَسْفَارِ) فَإِنَّهُ لَا يُسَافِرُ فِي الْفَاسِدَةِ بِلَا إذْنٍ لِعَدَمِ لُزُومِ عَقْدِهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ قَالَ أَئِمَّتُنَا: تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ إنْ خَلَا عَنْ الْمُعَاوَضَةِ بِأَنْ لَمْ يُذْكَرْ مَالٌ، أَوْ ذُكِرَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ كَقَوْلِهِ: إنْ أَدَّيْت لِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي عَقْدٍ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَاهَا وَهُوَ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَا الْعَبْدِ، أَوْ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَ) لَا فِي (الْإِبْرَاءِ) عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِهِ فِي الْفَاسِدَةِ، وَكَذَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ أَدَاؤُهُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ النُّجُومِ لِلسَّيِّدِ فِي مَحَلِّهَا فَلَوْ أَدَّاهَا لَهُ قَبْلَ مَحَلِّهَا، أَوْ لِوَكِيلِهِ، أَوْ وَارِثِهِ وَلَوْ فِي مَحَلِّهَا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ أَدَّيْت لِي، أَوْ لِوَكِيلِي، أَوْ وَارِثِي فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَدَّاهَا فِي مَحَلِّهَا (وَ) لَا فِي (الِاعْتِيَاضِ) عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِهِ فِي الْفَاسِدَةِ لِمَا قُلْنَاهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ، وَأَصْلِهِ هُنَا، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَسْتَوِي الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ، وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهُ جَائِزٌ (وَ) لَا فِي (انْفِسَاخِ مَا فَسَدْ) مِنْ الْكِتَابَةِ (بِفَسْخِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (أَوْ مَوْتٍ، أَوْ حَجْرٍ) بِسَفَهٍ (وَرَدْ) أَيْ: طَرَأَ (عَلَيْهِ، أَوْ جُنُونِهِ)، أَوْ إغْمَائِهِ (وَالرَّدِّ) لِلْكِتَابَةِ أَيْ: فَسْخُهَا (مِنْ حَاكِمٍ) بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَيْهِ، ثُمَّ (يَسْأَلُ نَقْضَ الْعَقْدِ) فَيَحْصُلُ الِانْفِسَاخُ بِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْفَاسِدَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ كُلًّا مِنْ الْفَسْخِ وَالثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ هُوَ الَّذِي خَالَفَتْ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ، بِخِلَافِهِ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا عَلَى اضْطِرَابٍ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي الْفَسْخِ لَكِنْ جُنُونُهُ فِيهَا إنَّمَا يُوجِبُ الْفَسْخَ لَا الِانْفِسَاخَ كَمَا مَرَّ وَإِذَا انْفَسَخَتْ

ــ

[حاشية العبادي]

بِذِمَّتِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ ح ج

(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَكْسَابِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْسَابِ.

(قَوْلُهُ: كَالْحَشَرَاتِ وَالدِّمَا) كَذَا مَثَّلَ بِهِ فِي الرَّوْضِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ ذَكَرَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي: إنْ أَدَّيْت لِي أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا وَأَنْ لَا عَتَقَ الْعَبْدُ وَكَسْبُهُ الْمَاضِي أَيْ: الْحَاصِلُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِلسَّيِّدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَفْسَخُهُ) أَيْ: السَّيِّدُ إذْ لَهُ ذَلِكَ فِيهَا فَقَطْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ أَيْ: أَصْلِ الْإِرْشَادِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتٍ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَجْرٍ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بِسَفَهٍ) أَيْ: لَا فَلَسٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَوْ جُنُونِهِ، أَوْ إغْمَائِهِ) فِيهَا الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى السَّيِّدِ فِي قَوْلِهِ: أَيْ السَّيِّدِ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّضَبُّبُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّدُّ مِنْ حَاكِمٍ) وَحَذَفَ أَيْ: الْإِرْشَادُ قَوْلَهُ أَصْلُهُ وَرَدَّهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ اسْتِقْلَالَهُ بِرَدِّ الْعَقْدِ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّ السَّيِّدَ يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ حَجَرٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَاوِيَ أَرَادَ مُجَرَّدَ صِحَّةِ فَسْخِ الْقَاضِي بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَيْهِ، وَطَلَبِ فَسْخِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا الضَّمِيرَ مَرْجِعُهُ الِانْفِسَاخُ السَّابِقُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: لَكِنْ جُنُونُهُ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ تَنْفَسِخُ بِجُنُونِ الْعَبْدِ، وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ الْعِنَايَةُ بِأَنْ يَجْعَلَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْحُكْمَ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ أَيْ: حُكْمُ الْفَاسِدَةِ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا مِنْ انْفِسَاخٍ، أَوْ عَدَمِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: لَكِنْ جُنُونُهُ إلَخْ لَا مَعْنَى لَهُ بِرّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جُنُونُهُ فِيهَا إلَخْ) اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الصَّحِيحَةِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ، وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَأَقُولُ: مِمَّا يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ فِي الْفَاسِدَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَمَا فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ ثَابِتَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا دَفَعَ وَسَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ

ص: 329