المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) بيان حل (الأطعمة) وتحريمها - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: ‌(باب) بيان حل (الأطعمة) وتحريمها

كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (وَلِلْغُلَامِ شَاتَانِ) أَحَبُّ مِنْ شَاةٍ وَمِنْ شِرْكٍ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَإِنْ تَأَدَّى بِذَلِكَ أَصْلُ السُّنَّةِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ عَائِشَةَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» وَيُسَنُّ تَسَاوِي الشَّاتَيْنِ (دُونَ الْكَسْرِ فِي الْعِظَامِ) فَلَيْسَ مَحْبُوبًا تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ فَلَوْ كَسَرَهَا لَمْ يُكْرَهْ (وَبَعْثُهُ تَصَدُّقًا بِمَا طَبَخَ مِنْ دَعْوَةٍ) أَيْ: وَبَعْثُهُ لِلْفُقَرَاءِ مَا طَبَخَ لَحْمًا وَمَرَقًا عَلَى وَجْهِ التَّصَدُّقِ (أَحَبُّ) مِنْ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَيْهِ وَيُسَنُّ طَبْخُهُ بِحُلْوٍ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْوَلَدِ وَأَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهِ نِيئًا فَقَوْلُهُ أَحَبُّ خَبَرُ قَوْلِهِ وَتِلْكَ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ

(وَأَكْرَهُ لَوْ لُطِخْ رَأْسٌ دَمًا) أَيْ: وَأَكْرَهُ لَطْخَ رَأْسِ الْوَلَدِ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا بَأْسَ بِلَطْخِهِ بِزَعْفَرَانٍ، أَوْ خَلُوقٍ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ عَنْ بُرَيْدَةَ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ

. (قُلْتُ وَيَتْلُو) بَعْدَ وِلَادَتِهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنِّي أُعِيذُهَا} [آل عمران: 36] الْآيَةَ عِنْدَ الْأُذُنِ) أَيْ: فِي أُذُنِهِ وَفِي مُسْنَدِ ابْنِ رَزِينٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ» وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَقُولُ {أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا} [آل عمران: 36] وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا عَلَى سَبِيلِ التِّلَاوَةِ أَوْ التَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْآيَةِ بِتَأْوِيلِ إرَادَةِ النَّسَمَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَيُقِيمَ فِي الْيُسْرَى وَيُحَنِّكَهُ بِتَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِحُلْوٍ رَوَى التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ» ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِغُلَامٍ حِينَ وُلِدَ وَتَمَرَاتٍ فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ»

. ‌

(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

.

قَالَ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ، وَقَالَ {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] ، وَقَالَ {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] أَيْ: مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَتَشْتَهِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْحَلَالُ؛ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ لَهُمْ فَكَيْفَ يَقُولُ أُحِلَّ لَكُمْ الْحَلَالُ (حَلَّ) لِلْإِنْسَانِ (طَعَامٌ طَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ بِخِلَافِ غَيْرِ الطَّعَامِ كَزُجَاجٍ، وَحَجَرٍ، وَثَوْبٍ، وَمُخَاطٍ، وَبُصَاقٍ وَبِخِلَافِ النَّجِسِ كَدَقِيقٍ عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَخُبْزٍ نَعَمْ دُودُ الْفَاكِهَةِ وَالْجُبْنِ وَالْخَلِّ وَنَحْوِهَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مَعَهَا وَإِنْ مَاتَ فِيهَا لَا مُنْفَرِدًا وَالطَّعَامُ الطَّاهِرُ (كَجِلْدِ مَا يُؤْكَلُ بِالدَّبْغِ) أَيْ: مَعَ دَبْغِهِ (الَّذِي تَقَدَّمَا) بَيَانُهُ فِي النَّجَاسَاتِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ بَعْدَ غَسْلِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ «دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ» وَهَذَا هُوَ الْجَدِيدُ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْقَدِيمُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا حَرُمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» ، أَمَّا جِلْدُ مَا لَا يُؤْكَلُ فَلَا يُؤَثِّرُ الدِّبَاغُ فِي حِلِّهِ وَإِنْ أَثَّرَ فِي طَهَارَتِهِ كَمَا لَا تُؤَثِّرُ الذَّكَاةُ فِي حِلِّ لَحْمِهِ (وَكَالْجَرَادِ وَخِصِّيصِ الْبَحْرِ) أَيْ: الْمُخْتَصِّ بِهِ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ فَيَحِلُّ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَيًّا وَمَيْتًا) وَإِنْ كَانَ نَظِيرُ الثَّانِي فِي الْبَرِّ مُحَرَّمًا كَكَلْبٍ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: 96] وَلِخَبَرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مِيتَتُهُ» .

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَيُكْرَهُ ذَبْحُ السَّمَكِ إلَّا كَبِيرًا يَطُولُ بَقَاؤُهُ فَيُسَنُّ ذَبْحُهُ إرَاحَةً لَهُ وَخَرَجَ بِالْمُخْتَصِّ بِالْبَحْرِ غَيْرُهُ فَمِنْهُ مَا يَحِلُّ مُذَكَّى وَمِنْهُ مَا لَا يَحِلُّ مُطْلَقًا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِمَا فَقَالَ (وَمُذَكَّى) أَيْ: وَكَمُذَكَّى (الْبَرِّ) مِمَّا يُسْتَطَابُ فَيَحِلُّ وَلَوْ ذُبِحَ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ (بِحَمْلِهِ) الَّذِي وُجِدَ مَيِّتًا فِي بَطْنِهِ أَوْ خَرَجَ مُتَحَرِّكًا حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ سَوَاءٌ أَشْعَرَ أَمْ لَا لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ: ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا، وَمَحَلُّ حِلِّهِ إذَا ظَهَرَتْ صُورَةُ الْحَيَوَانِ فِيهِ فَفِي حِلِّ الْمُضْغَةِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَبْنِيَّانِ عَلَى وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَالْأَصَحُّ لَا فَلَا تَحِلُّ الْمُضْغَةُ وَفِيهِمَا عَنْ الْجُوَيْنِيِّ لَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

كَذِبٌ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ الْإِخْبَارَ كَذِبًا بَلْ التَّسْمِيَةَ بِمَا لَوْ أَخْبَرَ بِهِ لَكَانَ كَذِبًا

(قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَذِّنَ إلَخْ) أَيْ: مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ

[بَابُ بَيَانِ حِلِّ الْأَطْعِمَةِ وَتَحْرِيمِهَا]

(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ)(قَوْلُهُ: وَخِصِّيصِ الْبَحْرِ) فِي حَاشِيَةِ م ر لِشَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مَا يَجْمَعُ مِنْ الْحَيَوَانِ بَيْنَ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ إنْ كَانَ اسْتِقْرَارُهُ بِأَحَدِهِمَا أَغْلَبَ وَمَرْعَاهُ بِهِ أَكْثَرَ غَلَبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إجْرَاءُ حُكْمِ الْبَرِّ عَلَيْهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أُحِلَّتْ تَبَعًا) قَالَ م ر مَا لَمْ يَنْفَصِلْ وَفِيهِ حَيَاةٌ

ص: 173

بَقِيَ الْوَلَدُ بَعْدَ الذَّبْحِ زَمَنًا طَوِيلًا يَتَحَرَّكُ فِي الْبَطْنِ، ثُمَّ سَكَنَ حَرُمَ وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ. قَالَ الْبَغَوِيّ: تَبَعًا لِلْقَاضِي لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ يَحِلُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْعَدَدِ وَلَوْ خَرَجَ غَيْرُ رَأْسِهِ كَرِجْلِهِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْجَرْحِ كَالتَّرَدِّي. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ خَرَجَ رَأْسُهُ مَيِّتًا، ثُمَّ ذُبِحَتْ أُمُّهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ حَلَّ كَمَا. قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَيَحِلُّ الْعُضْوُ الْأَشَلُّ مِنْ الْمُذَكَّى

وَاَلَّذِي يَحِلُّ مِنْ الْبَرِّ (كَضَبُعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ جَابِرًا رضي الله عنه سُئِلَ عَنْهُ أَصَيْدٌ يُؤْكَلُ؟ قَالَ نَعَمْ قِيلَ سَمِعْته مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ نَعَمْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(وَأَرْنَبِ) ؛ لِأَنَّهُ «بُعِثَ بِوَرِكِهَا إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَهُ وَأَكَلَ مِنْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَفَنَكٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ دُوَيْبَّةٌ يُتَّخَذُ جِلْدُهَا فَرْوًا (وَدَلَقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَيُسَمَّى ابْنَ مُقْرِضٍ دُوَيْبَّةٌ أَكْحَلُ اللَّوْنِ طَوِيلُ الظَّهْرِ أَصْغَرُ مِنْ الْفَأْرِ تَقْتُلُ الْحَمَامَ وَتُقْرِضُ الثِّيَابَ (وَثَعْلَبِ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَقَاقُمٍ) بِضَمِّ الْقَافِ الثَّانِيَةِ دُوَيْبَّةٌ يُتَّخَذُ جِلْدُهَا فَرْوًا (وَأُمِّ حُبَيْنٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِنُونٍ فِي آخِرِهِ دُوَيْبَّةٌ صَفْرَاءُ كَبِيرَةُ الْجَوْفِ تُشْبِهُ الضَّبَّ بَلْ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحَرَابِيّ وَالذَّكَرُ حَرْبِيٌّ وَ (حَوْصَلِ) هُوَ طَائِرٌ أَبْيَضُ أَكْبَرُ مِنْ الْكُرْكِيِّ ذُو حَوْصَلَةٍ عَظِيمَةٍ يُتَّخَذُ مِنْهَا فَرْوٌ وَيُقَالُ لَهُ حَوَاصِلُ بِصِفَةِ الْجَمْعِ وَ (زَاغٍ) هُوَ غُرَابُ الزَّرْعِ أَسْوَدُ صَغِيرٌ وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ (وَيَرْبُوعٍ) هُوَ دُوَيْبَّةٌ تُشْبِهُ الْفَأْرَ لَكِنَّهُ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَغْبَرُ الظَّهْرِ بِطَرَفِ ذَنَبِهِ شَعَرَاتٌ (وَوَبْرٍ) بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنْ الْهِرِّ كَحْلَاءُ الْعَيْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا وَ (دُلْدُلِ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ بَيْنَ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْمَضْمُومَتَيْنِ دَابَّةٌ قَدْرُ السَّخْلَةِ ذَاتُ شَوْكٍ طِوَالٍ يُشْبِهُ السِّهَامَ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ عَظِيمُ الْقَنَافِذِ (وَبِنْتِ عِرْسٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِابْنِ عِرْسٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي دُوَيْبَّةٌ رَقِيقَةٌ تُعَادِي الْفَأْرَ تَدْخُلُ جُحْرَهُ وَتُخْرِجُهُ وَ (قُنْفُذٍ) بِالْمُعْجَمَةِ فَتَحِلُّ الْمَذْكُورَاتُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُهَا لِطِيبِ مَأْكَلِهَا وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ تَحْرِيمِ الدَّلَقِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّافِعِيِّ بَلْ. قَالَ جَمَاعَةٌ إنَّهُ سَهْوٌ وَمَا وَرَدَ فِي الْقُنْفُذِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْخَبَائِثِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى خُبْثِ فِعْلِهِ (وَضَبِّ) ؛ لِأَنَّهُ أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَضْرَتِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ

(وَكُلِّ) طَيْرٍ (ذِي طَوْقٍ) كَالْفَاخِتَةِ وَالْقُمْرِيِّ وَالدُّبْسِيِّ وَالْيَمَامِ وَالْقَطَا (وَ) كُلِّ ذِي (لَقْطِ حَبِّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا طَوْقٍ كَزُرْزُورٍ وَعُصْفُورٍ وَصَعْوَةٍ وَنُغَرٍ وَعَنْدَلِيبَ (وَالْبَطِّ) وَهُوَ مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ (وَالسَّمُّورِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَالسِّنْجَابِ) هُمَا نَوْعَانِ مِنْ ثَعَالِبِ التُّرْكِ (وَالظَّبْيِ) فَتَحِلُّ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَذِكْرُ الْبَطِّ وَالظَّبْيِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (لَا ذِي مِخْلَبٍ) مِنْ الطَّيْرِ بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَ) لَا ذِي (نَابِ) مِنْ السِّبَاعِ (يَعْدُو بِهِ) عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَحِلَّانِ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَالْمِخْلَبُ بِمَنْزِلَةِ الظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ (مِثْلُ ابْنِ آوَى) بِالْمَدِّ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهُوَ دُونَ الْكَلْبِ طَوِيلُ الْمَخَالِبِ وَالْأَظْفَارِ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ الذِّئْبِ وَشَبَهٌ مِنْ الثَّعْلَبِ وَسُمِّيَ ابْنُ آوَى؛ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَى عُوَاءِ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ وَلَا يَعْوِي إلَّا لَيْلًا إذَا اسْتَوْحَشَ وَبَقِيَ وَحْدَهُ وَصِيَاحُهُ يُشْبِهُ صِيَاحَ الصِّبْيَانِ وَ (الصَّقْرِ) وَ (الْهِرَّةِ) وَلَوْ وَحْشِيَّةً وَ (التِّمْسَاحِ) وَ (قِرْدٍ) وَنِمْسٍ وَ (نَسْرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبَبْرٍ بِمُوَحَّدَتَيْنِ حَيَوَانٌ شَبِيهٌ بِابْنِ آوَى يُعَادِي الْأَسَدَ مِنْ الْعَدْوِ لَا مِنْ الْمُعَادَاةِ، وَيُقَالُ لَهُ الْغَرَانِقُ فَتَحْرُمُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ إلَّا الصَّقْرَ وَالنَّسْرَ فَبِمِخْلَبِهِمَا وَلَا يُنَافِيهِ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ حُرْمَةَ التِّمْسَاحِ، وَابْنِ آوَى بِخُبْثِ لَحْمِهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْقِرْدِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَعْدُو بِهِ مَا نَابَهُ ضَعِيفٌ كَضَبُعٍ وَثَعْلَبٍ وَقَدْ مَرَّا وَفِي كَوْنِ الْقِرْدِ أَقْوَى نَابًا مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

مُسْتَقِرَّةٌ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحَرَابِيّ) وَيُقَالُ لَهُ حِرْبَاةٌ وَهُوَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُسْتَحْشَرَاتِ الْوَزَغُ بِأَنْوَاعِهَا، ثُمَّ قَالَ الْحِرْبَاءُ الظَّهِيرَةُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ تَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ وَتَدُورُ مَعَهَا كَيْفَ دَارَتْ، وَتَتَلَوَّنُ أَلْوَانًا بِحَرِّ الشَّمْسِ وَهُوَ ذَكَرُ أُمِّ حُبَيْنٍ، وَالْجَمْعُ حَرَابِيّ وَالْأُنْثَى حِرْبَاةٌ كَذَا فِي الصِّحَاحِ. اهـ.

فَلَعَلَّ فِي أُمِّ حُبَيْنٍ خِلَافًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَحَرِّرْ

(قَوْلُهُ: وَكُلُّ طَيْرٍ) وَمِنْهُ أَبُو قِرْدَانٍ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَالشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ قَالَ الْقَاضِي: قَاعِدَةُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه كُلُّ طَيْرٍ يَأْكُلُ الطَّاهِرَ وَلَا يَكُونُ نَهَّاسًا فَهُوَ حَلَالٌ إلَّا

ص: 174

الضَّبُعِ نَظَرٌ.

(وَ) لَا (مَا لَهُ سُمٌّ) وَإِنْ عَاشَ فِي الْبَحْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَابٌ كَحَيَّةٍ لَهَا ذَلِكَ (وَ) لَا مَا لَهُ (إبْرَةٌ) كَعَقْرَبٍ وَزُنْبُورٍ لِضَرَرِهِمَا (وَلَا مَا أُمِرُوا أَوْ قَدْ نُهُوا أَنْ يَقْتُلَا) أَيْ: وَلَا مَا أُمِرَ النَّاسُ بِقَتْلِهِ أَوْ نُهُوا عَنْ قَتْلِهِ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَجَازَ اقْتِنَاءُ الْأَوَّلِ، وَذَبْحُ الثَّانِي لِلْأَكْلِ (كَحِدَإٍ) جَمْعُ حِدَأَةٍ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ أَوْ مُرَخَّمُهَا وَ (بُغَاثَةٍ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ طَائِرٌ أَبْيَضُ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِدَأَةِ (وَفَارِ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَالرَّخَمِ) جَمْعُ رَخَمَةٍ طَائِرٌ أَبْقَعُ يُشْبِهُ النَّسْرَ فِي الْخِلْقَةِ وَ (الْغُرَابِ) الْأَبْقَعِ وَالْأَسْوَدِ الْمُسَمَّى بِالْغُدَافِ الْكَبِيرِ وَيُقَالُ لَهُ الْغُرَابُ الْجَبَلِيُّ لَا يَسْكُنُ إلَّا الْجِبَالَ، أَمَّا الْغُدَافُ الصَّغِيرُ وَهُوَ أَسْوَدُ أَوْ رَمَادِيُّ اللَّوْنِ، فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ حِلُّهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ الزَّرْعَ كَالزَّاغِ (وَسَبْعٍ ضَارِي) بِأَنْ يَعْدُوَ عَلَى غَيْرِهِ كَذِئْبٍ وَأَسَدٍ وَنِمْرٍ وَفِيلٍ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي ذِي نَابٍ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ مِمَّا أُمِرَ بِقَتْلِهِ وَ (الْبَبَغَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَبِالْقَصْرِ الطَّائِرُ الْأَخْضَرُ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَ (الْخُطَّافِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَيُسَمَّى زُوَّارَ الْهِنْدِ وَيُعْرَفُ الْآنَ بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُ زَهِدَ فِيمَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْ الْأَقْوَاتِ وَ (بُومٍ) . قَالَ الدَّمِيرِيِّ: هُوَ طَائِرٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَقُولَ صَدًى أَوْ فَيَّادٍ فَيَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ، وَكُنْيَةُ الْأُنْثَى أُمُّ الْحِرَابِ وَأُمُّ الصِّبْيَانِ، وَيُقَالُ لَهَا غُرَابُ اللَّيْلِ وَ (لَقْلَقِ) هُوَ طَائِرٌ طَوِيلُ الْعُنُقِ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ وَيَصِفُ وَهُوَ مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ طُيُورِهِ إلَّا هُوَ (وَصُرَدٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ طَائِرٌ فَوْقَ الْعُصْفُورِ أَبْقَعُ ضَخْمُ الرَّأْسِ وَالْمِنْقَارِ وَالْأَصَابِعِ (وَهُدْهُدٍ) هُوَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ ذُو خُطُوطٍ وَأَلْوَانٍ. (وَعَقْعَقٍ) وَيُقَالُ لَهُ قُعْقُعٌ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْغَرْبَانِ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ صَوْتُهُ الْعَقْعَقَةُ كَانَتْ الْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِصَوْتِهِ فَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْغُرَابُ الشَّامِلُ لِلْعَقْعَقِ وَالسَّبْعِ الضَّارِي مَأْمُورٌ بِقَتْلِهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا الْأَخِيرَ فَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْخُطَّافُ وَالصُّرَدُ وَالْهُدْهُدُ مَنْهِيٌّ عَنْ قَتْلِهَا رَوَى الْأَوَّلَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْأَخِيرَيْنِ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَمَّا الْبُغَاثَةُ وَالْبَبَّغَاءُ وَالْبُومُ وَاللَّقْلَقُ فَمَنْهِيٌّ عَنْ قَتْلِهَا قِيَاسًا أَوْ ذُكِرَتْ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ وَيَكُونُ عِلَّةُ تَحْرِيمِهَا خُبْثَ لَحْمِهَا لِخُبْثِ غِذَائِهَا بَلْ وَفِي الْمَأْمُورِ بِقَتْلِهِ مَا عَلَّلَ بِذَلِكَ أَيْضًا (وَمِنْهُ) أَيْ: مِمَّا يَحْرُمُ (طَاوُسٌ) لِخُبْثِ لَحْمِهِ (وَنُهَاسٌ) بِالْمُهْمَلَةِ طَائِرٌ صَغِيرٌ يَنْهَسُ اللَّحْمَ بِطَرَفِ مِنْقَارِهِ وَأَصْلُ النَّهْسِ أَكْلُ اللَّحْمِ بِطَرَفِ الْأَسْنَانِ وَالنَّهْشُ بِالْمُعْجَمَةِ أَكْلُهُ بِجَمِيعِهَا فَتَحْرُمُ الطُّيُورُ الَّتِي تَنْهَشُ كَالسِّبَاعِ الَّتِي تَنْهَشُ

(وَمَا يَسْتَخْبِثُ الْعُرْبِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ أَوْ بِفَتْحِهِمَا وَإِدْغَامِ الْبَاءِ فِي الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ (بِطَبْعٍ سَلِمَا) أَيْ: وَمِنْهُ مَا يَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ مِمَّا لَا نَصَّ فِيهِ فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ إذَا كَانُوا أَهْلَ طِبَاعٍ سَلِيمَةٍ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُخَاطَبُونَ أَوَّلًا؛ وَلِأَنَّ الدِّينَ عَرَبِيٌّ وَخَيْرُ الْخَلَائِقِ صلى الله عليه وسلم عَرَبِيٌّ وَخَرَجَ بِحَالِ الرَّفَاهِيَةِ حَالُ الضَّرُورَةِ وَبِالطَّبْعِ السَّلِيمِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي طَبْعُ أَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يَتَنَاوَلُونَ مَا دَبَّ وَدَرَجَ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا أَنْ لَا يَغْلِبَ عَلَيْهِمْ الْعَيَّافَةُ النَّاشِئَةُ فِي التَّنَعُّمِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي كُلِّ زَمَنٍ إلَى عَرَبِهِ وَمَا قَالَهُ أَوَّلًا هُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَمُرَادُهُ بِمَا قَالَهُ ثَانِيًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: إنَّهُ يَرْجِعُ فِي كُلِّ زَمَنٍ إلَى عَرَبِهِ فِيمَا لَمْ يَسْبِقْ فِيهِ كَلَامٌ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ عُرِفَ حَالُهُ وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ وَالْمُسْتَخْبَثُ لَهُمْ (كَالْحَشَرَاتِ) وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا غَيْرُ مَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الْيَرْبُوعِ وَالضَّبِّ وَالْقُنْفُذِ (كَالذُّبَابِ) وَ (النَّمْلِ) وَ (سَلَاحِفٍ) جَمْعُ سُلَحْفَاةٍ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ وَتَعِيشُ فِي الْبَرِّ أَيْضًا (وَسَرَطَانٍ) وَ (نَحْلٍ) وَ (صَرَّارَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ هُوَ الصِّرْصَارُ وَيُسَمَّى الْجُدْجُدَ (وَوَزَغٍ وَضِفْدِعِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَيَجُوزُ فَتْحُ ثَالِثِهِ مَعَ كَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ فَجَمِيعُ ذَلِكَ يَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا اُسْتُثْنِيَ. اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقُولَ) فِي صِيَاحِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيَصِفُ) أَيْ: لَا يَتَحَرَّكُ فِي طَيَرَانِهِ كَالْجَوَارِحِ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَمَنْهِيٌّ عَنْ قَتْلِهَا قِيَاسًا إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي حَيِّزِ الْمَنْهِيِّ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ) فَاسْتِخْبَاثُ الْعَرَبِ دَلِيلُ

ص: 175

مَعَ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النَّمْلِ وَالنَّحْلِ وَالضُّفْدَعِ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالنَّمْلِ الَّذِي نَهَى عَنْ قَتْلِهِ السُّلَيْمَانِيُّ، أَمَّا الصَّغِيرُ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لِأَذَاهُ وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ تَحْرِيمِ التِّمْسَاحِ وَالضُّفْدَعِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ. قَالَ فِيهِ بَعْدَ هَذَا بِنَحْوِ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ قُلْتُ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْبَحْرِ تَحِلُّ مَيْتَتُهُ إلَّا الضُّفْدَعَ وَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ بَعْضُهُمْ مِنْ السُّلَحْفَاةِ وَالْحَيَّةِ وَالنَّسْنَاسِ عَلَى غَيْرِ مَا فِي الْبَحْرِ. اهـ.

وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِهِ نُصُوصَ الْحِلِّ. قَالَ أَصْحَابُنَا: يَحِلُّ جَمِيعُ مَا فِيهِ إلَّا الضُّفْدَعَ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ ذَوَاتِ السُّمُومِ أَيْضًا (وَعِنْدَ الْإِشْكَالِ إلَى الْعَرَبِ ارْجِعْ) أَيْ: وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْك حَالُ الْحَيَوَانِ ارْجِعْ إلَى الْعَرَبِ وَاعْمَلْ بِتَسْمِيَتِهِمْ لَهُ فَإِنْ سَمَّوْهُ بِاسْمِ حَيَوَانٍ حَلَالٍ حَلَّ أَوْ حَرَامٍ حَرُمَ فَإِنْ اخْتَلَفُوا اتْبَعْ الْأَكْثَرَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَقُرَيْشٌ؛ لِأَنَّهُمْ قُطْبُ الْعَرَبِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا وَلَا تَرْجِيحَ أَوْ شَكُّوا أَوْ لَمْ نَجِدْهُمْ وَلَا غَيْرَهُمْ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ اسْمٌ اُعْتُبِرَ بِالْأَشْبَهِ بِهِ صُورَةً أَوْ طَبْعًا أَوْ طَعْمًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِبْهٌ أَوْ تَعَادَلَ الشَّبَهَانِ فَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ الْحِلُّ لِظَاهِرِ آيَةِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ لَا ذِي مِخْلَبٍ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا زَرَافَةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا فَلَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا تَتَقَوَّى بِنَابِهَا وَهَذَا مَا فِي التَّنْبِيهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ عَدَّهَا مِنْ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَمَنَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا فِي التَّنْبِيهِ وَحَكَى أَنَّ الْبَغَوِيّ أَفْتَى بِحِلِّهَا وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَتَتِمَّةِ التَّتِمَّةِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَمَنْقُولُ اللُّغَةِ أَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ مِنْ الْوَحْشِيِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ وَغَيْرِهِ نِسْبَتَهُ لِلنَّصِّ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ بِالْعَكْسِ (وَ) لَا (أَهْلِيِّ الْحُمُرْ وَالْفَرْعِ) أَيْ: فَرْعِهِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالْفَرَسِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْ الْخَيْلِ» وَخَرَجَ بِالْأَهْلِيِّ الْوَحْشِيُّ فَيَحِلُّ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ وَأَنَّهُ قَالَ كُلُوا مِنْ لَحْمِهِ» وَفَارَقَ الْهِرَّةَ الْوَحْشِيَّةَ حَيْثُ أُلْحِقَتْ بِالْأَهْلِيَّةِ كَمَا مَرَّ لِشِبْهِهَا بِهَا لَوْنًا وَصُورَةً وَطَبْعًا فَإِنَّهَا تَتَلَوَّنُ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَتَسْتَأْنِسُ بِالنَّاسِ بِخِلَافِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ مَعَ الْأَهْلِيِّ (كَالسِّمْعِ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ: كَمَا لَا يَحِلُّ السِّمْعُ وَهُوَ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ (وَ) لَا (كُلِّ مَا يَضُرْ كَحَجَرٍ) وَسُمٍّ (وَمُسْكِرٍ) كَنَبِيذٍ (وَمَا نَبَتَ) أَيْ: وَنَبَاتٍ ضَارٍّ كَبَنْجٍ وَحَشِيشَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْكِرٍ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ

. (وَكُرْهُ أَوْ حُرْمَةُ) أَكْلِ لَحْمِ حَيَوَانٍ (جَلَّالٍ) كَنَعَمٍ أَوْ دَجَاجٍ تَغَيَّرَ لَحْمُهُ بِأَكْلِهِ الْجَلَّةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ (ثَبَتْ بِالدَّرِّ وَالْبَيْضِ) أَيْ: مَعَ لَبَنِهِ وَبَيْضِهِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ لَكِنْ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَفْظُ نَهَى يَصْدُقُ بِالْحُرْمَةِ وَهِيَ مَا رَجَّحَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَبِالْكَرَاهَةِ وَهِيَ مَا نَقَلَهَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهَا النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الْمُذَكَّى لَا يَحْرُمُ بِنَتْنِهِ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهُمَا مَعَ ذِكْرِ الْبَيْضِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَتُكْرَهُ الْجَلَّالَةُ بِاللَّبَنِ. اهـ.

وَيُكْرَهُ رُكُوبُهَا بِلَا حَائِلٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي تَعَدِّي الْحُكْمِ إلَى شَعْرِهَا وَصُوفِهَا الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاتِهَا فَيَكُونُ نَجِسًا عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِهَا تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ فِي نَجَاسَةِ الشَّعْرِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ فِي حَيَاتِهِ. اهـ.

وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا جَلَّالَةً بِرِيحِ النَّجَاسَةِ فِي عَرَقِهَا أَوْ غَيْرِهِ لَا بِكَثْرَةِ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَوَقَعَ فِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ عَكْسُهُ (إلَى أَنْ طَابَا) أَيْ: وَيَمْتَدُّ الْمَنْعُ إلَى أَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ حَيَوَانُ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَالسُّلَحْفَاةُ) وَكَذَا التِّرْسَةُ عَلَى الْأَصَحِّ م ر (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا فِي التَّنْبِيهِ) جَرَى عَلَيْهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الذَّبْحِ) فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ يَزُولُ) رَجَّحَهُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَخْ) أَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ (فَائِدَةٌ)

قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا يَحْرُمُ الْحَيَوَانُ الْمُرَبَّى بِمَالٍ حَرَامٍ. اهـ.

(فَائِدَةٌ أُخْرَى)

الزَّرْعُ الْمَسْقِيُّ بِمَاءٍ نَجَسٍ حُكْمُهُ

ص: 176

يَطِيبَ لَحْمُ الْحَيَوَانِ (بِعَلْفِهِ) بِطَاهِرٍ وَلَوْ دُونَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى الْمُعَمِّمِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ نَعَمْ. قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ تُعْلَفَ النَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالشَّاةُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَالدَّجَاجَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اتِّبَاعًا لِأَثَرٍ وَرَدَ فِيهِ يَعْنِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ الْبَقَرَةُ فَكَأَنَّهُ قَاسَهَا عَلَى النَّاقَةِ وَخَرَجَ بِعَلَفِهِ طَيِّبُ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ بِغَسْلِهِ أَوْ طَبْخِهِ فَلَا تَنْتَفِي بِهِ الْكَرَاهَةُ. قَالَ الْبَغَوِيّ، وَكَذَا بِمُرُورِ الزَّمَانِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَعَ نَقْلِهِ خِلَافَهُ بِصِيغَةِ قِيلَ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَزُولُ الْمَنْعُ، وَقَالَ غَيْرُهُ يَزُولُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْمَرْوَرُوذِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي مُرُورِ الزَّمَانِ عَلَى اللَّحْمِ فَلَوْ مَرَّ عَلَى الْجَلَّالَةِ أَيَّامٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَأْكُلَ طَاهِرًا فَزَالَتْ الرَّائِحَةُ حَلَّتْ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَلَفَ بِطَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَلَفٍ وَكَالْجَلَّالَةِ فِيمَا ذُكِرَ السَّخْلَةُ الْمُرَبَّاةُ بِلَبَنِ حِمَارَةٍ أَوْ كَلْبَةٍ

(وَكَرِهُوا) لِلْحُرِّ (الْأَكْسَابَا) أَيْ: تَنَاوُلَهَا وَلَوْ كَسَبَهَا رَقِيقُهُ أَوْ غَيْرُهُ (بِكُلِّ مَا يُخَامِرُ النَّجَاسَهْ كَالْحَجْمِ وَالْخِتَانِ) وَالدَّبْغِ (وَالْكِنَاسَهْ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ: الْكَنْسِ لِزِبْلٍ أَوْ نَحْوِهِ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ كَمَا سَيَأْتِي وَصَرَفَهُ عَنْ الْحُرْمَةِ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ» فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ وَقِيسَ بِالْحِجَامَةِ نَحْوُهَا وَخَرَجَ بِمَا يُخَامِرُ النَّجَاسَةَ نَحْوُ الْفَصْدِ وَالْحِيَاكَةِ كَمَا زَادَهُمَا النَّاظِمُ بَعْدُ، وَالتَّمْثِيلُ بِالْخِتَانِ وَالْكِنَاسَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا (وَيُطْعِمُ) بِلَا كُرْهٍ مَا ذُكِرَ (الرَّقِيقَ وَالنَّاضِحَ) مَثَلًا وَهُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك وَاعْلِفْهُ نَاضِحَك» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى شَرَفُ الْحُرِّ وَدَنَاءَةُ غَيْرِهِ (لَا) الْكَسْبُ (بِالْفَصْدِ وَالْحَوْكِ) فَلَا يُكْرَهُ تَنَاوُلُهُ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا مُخَامَرَةُ النَّجَاسَةِ وَهِيَ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ الْعِلَّةُ دَنَاءَةُ الْحِرْفَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فَعَلَيْهِ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ

(وَ) لَا يُكْرَهُ (زَرْعٌ زُبِّلَا) وَإِنْ كَثُرَ الزِّبْلُ لِخَفَاءِ أَثَرِهِ فِيهِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَثِيرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الشَّيْخَيْنِ وَإِنْ عَبَّرَا بِنَفْيِ الْحُرْمَةِ الصَّادِقِ بِهِ بِغَيْرِهِ

(وَأَكْلُ مَحْظُورٍ) أَيْ: مُحَرَّمٍ وَلَوْ مَيْتَةً (يُبَاحُ) لِلْمَعْصُومِ بَلْ يَجِبُ كَمَا سَيَأْتِي (إنْ عَرَضْ خَوْفُ الْهَلَاكِ) وَلَمْ يَجِدْ حَلَالًا يَأْكُلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ} [البقرة: 173] أَيْ: عَلَى مُضْطَرٍّ آخَرَ وَلَا عَادٍ أَيْ: سَدَّ الْجَوْعَةَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَذِكْرُ الْهَلَاكِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَاقْتِصَارُ الْحَاوِي عَلَى الْخَوْفِ أَوْلَى لِتَنَاوُلِهِ الْخَوْفَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَعَلَى طُولِ الْمَرَضِ (وَالْمَخُوفُ) أَيْ: أَوْ عَرَضَ لَهُ خَوْفُ الْمَخُوفِ (مِنْ مَرَضْ) أَوْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ وَعِيلَ صَبْرُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

حُكْمُ الْجَلَّالَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةٍ أَيْ: حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ

ص: 177

وَكَذَا لَوْ جَوَّزَ تَلَفَ نَفْسِهِ وَسَلَامَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا الْمُشْرِفُ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ (وَ) يُبَاحُ لَهُ أَيْضًا إنْ عَرَضَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ (قَتْلُ طِفْلِ) أَهْلِ (الْحَرْبِ) وَمَجْنُونِهِمْ، وَرَقِيقِهِمْ، وَخُنْثَاهُمْ، وَأُنْثَاهُمْ لِيَأْكُلَهُمْ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ وَامْتِنَاعُ قَتْلِهِمْ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ لَا لِعِصْمَتِهِمْ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ الْإِبَاحَةِ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا صَارُوا أَرِقَّاءَ مَعْصُومِينَ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ قَطْعًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ (لَا) قَتْلُ (مَنْ عُصِمَا) كَالْمُعَاهَدِ فَلَا يُبَاحُ بِخِلَافِ قَتْلِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ تَأَدُّبًا مَعَهُ، وَحَالُ الضَّرُورَةِ لَيْسَ فِيهَا رِعَايَةُ أَدَبٍ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا آدَمِيًّا مَعْصُومًا مَيِّتًا حَلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا فَلَا يُبَاحُ كَمَا. قَالَهُ الْمَرْوَزِيِّ، وَكَذَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ ذِمِّيًّا عَلَى الْقِيَاسِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَبَحْنَا مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَحْرُمُ طَبْخُهُ وَشَيُّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ انْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِدُونِهِ وَيَتَخَيَّرُ فِي غَيْرِهِ (وَ) لَا يُبَاحُ لِلْمَعْصُومِ (قَطْعُ بَعْضِهِ) لِيَأْكُلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْهَلَاكُ نَعَمْ إنْ كَانَ خَطَرُ الْقَطْعِ دُونَ خَطَرِ تَرْكِ الْأَكْلِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ بَعْضِهِ جَازَ الْقَطْعُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ بَعْضٍ لِاسْتِبْقَاءِ الْكُلِّ كَقَطْعِ الْيَدِ لِلْأَكَلَةِ وَلَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَلَمِ وَالْمَشَقَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ الْقَطْعِ عِنْدَ تَسَاوِي الْخَطَرَيْنِ هُنَا، وَجَوَازِهِ حِينَئِذٍ فِي السِّلْعَةِ كَمَا مَرَّ أَنَّ السِّلْعَةَ زَائِدَةٌ عَلَى الْبَدَنِ انْضَمَّ إلَيْهَا الشَّيْنُ وَدَوَامُ الْأَلَمِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَعْصُومٍ غَيْرِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ نَفْسِهِ لَهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ نَبِيًّا، فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْقَطْعِ لَهُ بَلْ وُجُوبُهُ (وَ) لَا يُبَاحُ (خَمْرٌ) أَيْ: شُرْبُهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا (لِلظَّمَا) أَيْ: لِدَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ بَلْ يَزِيدُهُ؛ وَلِأَنَّ بَعْضَهَا يَدْعُو إلَى بَعْضٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِلظَّمَأِ شُرْبُهَا لِإِسَاغَةِ لُقْمَةٍ فَيُبَاحُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (مِثْلُ الدَّوَا بِصِرْفِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ: بِخَالِصِ الْخَمْرِ وَإِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» وَكَالْخَمْرِ فِيمَا ذُكِرَ سَائِرُ الْمُسْكِرَاتِ الْمَائِعَةِ بِخِلَافِ النَّبَاتِ الْمُسْكِرِ وَإِنْ أَسْكَرَ، وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَيُبَاحُ التَّدَاوِي بِهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ بَدَلُهَا «لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» وَخَرَجَ بِصِرْفِهَا مَا عُجِنَ بِهَا كَالتِّرْيَاقِ فَيُبَاحُ التَّدَاوِي بِهِ لِاسْتِهْلَاكِهَا فِيهِ، وَذَكَّرَ النَّاظِمُ الْخَمْرَ حَيْثُ أَعَادَ عَلَيْهَا ضَمِيرَ الْمُذَكَّرِ فِي صِرْفِهِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ تَأْنِيثُهَا (سَدِّ) أَيْ: يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ مَا ذُكِرَ بِقَدْرِ سَدِّ (الرَّمَقْ) أَيْ: (بَقِيَّةِ الرُّوحِ) فِي الْجَسَدِ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِهِ وَقَدْ يَجِدُ الْحَلَالَ وَتَفْسِيرُ الرَّمَقِ.

بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْقُوَّةِ (نَعَمْ لَوْ اتَّفَقْ) لَهُ (عَجْزٌ عَنْ السَّيْرِ) لَوْ تَرَكَ الشِّبَعَ (وَيَهْلِكُ) بِتَرْكِهِ كَأَنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُمْرَانِ أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ بِقَدْرِ (الشِّبَعْ) بِأَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَكْسِرَ سُورَةَ الْجُوعِ بِحَيْثُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ جَائِعٍ لَا بِأَنْ لَا يَبْقَى لِلطَّعَامِ مَسَاغٌ فَإِنَّ هَذَا حَرَامٌ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُمَا

(قُلْتُ وَ) يُبَاحُ لَهُ (حَمْلُ الزَّادِ) مِنْ الْمَيْتَةِ (خَوْفَ مَا يَقَعْ) لَهُ مِنْ اضْطِرَارٍ وَإِنْ رَجَى الْوُصُولَ إلَى حَلَالٍ (وَمَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَكْلِ الْمَحْظُورِ لِلْمُضْطَرِّ (وَاجِبٌ) ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُ سَاعٍ فِي إهْلَاكِ نَفْسِهِ وَقَدْ. قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَيُخَالِفُ الْمُسْتَسْلِمَ لِلصَّائِلِ بِأَنَّهُ يُؤْثِرُ مُهْجَةَ غَيْرِهِ عَلَى مُهْجَتِهِ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ (كَأَنْ طَلَبْ) أَيْ: كَمَا يَجِبُ طَلَبُهُ (طَعَامَ مَنْ لَا اُضْطُرَّ) دُونَ طَعَامِ مَنْ اُضْطُرَّ فَإِنَّ مَالِكَهُ أَوْلَى بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ نَبِيًّا كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرَ الْمُضْطَرِّ الْمُسْلِمِ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ (أَوْ أَنْ اغْتَصَبْ) أَيْ: وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْصِبَ طَعَامَ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ إنْ مَنَعَهُ إيَّاهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي وُجُوبِ غَصْبِهِ مِنْهُ وَقِتَالِهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ) وَلَا اعْتِبَارَ بِكَوْنِهِ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّوْبَةِ قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَالْعَاصِي بِالسَّفَرِ الْعَاصِي بِالْإِقَامَةِ إذَا كَانَتْ هِيَ سَبَبَ الْفَقْدِ لِلْحَلَالِ كَإِقَامَةِ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السَّبَبُ إعْوَازَ الْحَلَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مَعْصِيَةً. اهـ.

وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَبَبُ الْفَقْدِ فِي السَّفَرِ إعْوَازَ الْحَلَالِ الْحِلُّ لِلْعَاصِي إلَّا أَنْ يُقَالَ الشَّأْنُ فِي السَّفَرِ الْفَقْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ

ص: 178

الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَجِبَ؛ لِأَنَّ عَقْلَ الْمَالِكِ وَدِينَهُ يَبْعَثَانِهِ عَلَى الْإِطْعَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَجِبُ قِتَالُهُ كَالصَّائِلِ وَأَوْلَى وَخَصَّ الْبَغَوِيّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا أَمِنَ فِي قَهْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ قَطْعًا (أَوْ) إنْ (اشْتَرَى) أَيْ: وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامَ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ إنْ بَاعَهُ لَهُ مَالِكُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ إنْ فَقَدَ مَا يَصْرِفُهُ إلَيْهِ الْتَزَمَ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا صَرَفَ مَا مَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى إزَارَهُ إنْ أَمِنَ الْهَلَاكَ بِالْبَرْدِ، وَيُصَلِّي عَارِيًّا فَإِنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَهْوَنُ مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ قَهْرُ الْمَالِكِ عَلَى الطَّعَامِ لَا عَلَى السُّتْرَةِ (وَثَمَنٌ) أَيْ: وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا اشْتَرَاهُ (وَإِنْ غُبِنْ) فِي شِرَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الِالْتِزَامِ وَلَهُ إذَا بَذَلَهُ مَالِكُهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَهْرًا وَيُقَاتِلَهُ عَلَيْهِ (وَقَتْلُهُ) أَيْ: الْمُضْطَرِّ غَيْرَ الْمُضْطَرِّ الْمَانِعِ طَعَامَهُ مِنْهُ (بِالدَّفْعِ) أَيْ: بِسَبَبِ دَفْعِهِ (عَنْهُ مَا ضَمِنْ) بِخِلَافِ قَتْلِهِ الْمُضْطَرَّ الْمَانِعَ طَعَامَهُ مِنْهُ وَبِخِلَافِ قَتْلِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ الْمَانِعِ طَعَامَهُ الْمُضْطَرَّ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ فَإِنْ مَنَعَهُ فَمَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ

(وَالْمَيِّتُ أَوْلَى) لِلْمُضْطَرِّ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ الْغَائِبِ (بِالْأَكْلِ) لِعَدَمِ ضَمَانِ الْمَيِّتِ؛ وَلِأَنَّ إبَاحَتَهُ لِلْمُضْطَرِّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، وَإِبَاحَةَ أَكْلِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ ثَابِتَةٌ بِالِاجْتِهَادِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (وَ) أَوْلَى أَيْضًا (مِنْ) قَتْلِ (صَيْدٍ لِمَنْ أَحْرَمَ) ؛ لِأَنَّ مَذْبُوحَهُ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ وَزَادَ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَبْحِهِ مَعَ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَمِثْلُهُ بَيْضُهُ وَلَبَنُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَصَيْدِ الْمُحْرِمِ صَيْدُ الْحَرَمِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ هَذَا كُلُّهُ فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، أَمَّا مَيْتَتُهُ فَطَعَامُ الْغَيْرِ وَالصَّيْدُ أَوْلَى مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَطَعَامَ غَيْرِهِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَوْ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا. اهـ.

وَيَظْهَرُ تَعَيُّنُ الصَّيْدِ لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (قُلْتُ قَدْ طُعِنْ) أَيْ: اُعْتُرِضَ (عَلَى الَّذِي يَظُنُّ) أَخْذًا مِنْ تَعْبِيرِ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ تَعَيُّنُ الصَّيْدِ) الظَّاهِرُ تَعَيُّنُ طَعَامِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ فَطَعَامُ الْغَيْرِ حَلَالٌ، وَالصَّيْدُ يَصِيرُ مَيْتَةً بِذَبْحِ الْمُحْرِمِ قَالَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْمَيْتَةِ عَلَى طَعَامِ الْغَيْرِ

ص: 179