الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَفَّرَهُ بِهِ بِمَا يُوجِبُ كُفْرًا كَانَ حَظُّهُ فَيْئًا، أَوْ (بِغَيْرِ مَا يُوجِبُ كُفْرًا كَأَكَلْ مِنْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ، أَوْ الْخَمْرَ نَهَلْ) أَيْ: شَرِبَ (فَمُوهِمٌ إطْلَاقِهِ) أَيْ: الْحَاوِي (أَنْ يَجْعَلَهْ، فَيْئًا) ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (بَلْ الْأَظْهَرُ) كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَزَاهُ فِي الْكَبِيرِ لِنَقْلِ الْغَزَالِيِّ (أَنَّ الْحَظَّ لَهُ) لِتَبَيُّنِ خَطَئِهِ بِتَفْسِيرِهِ، وَمَا أَوْهَمَهُ إطْلَاقُ الْحَاوِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ وُقِفَ الْأَمْرُ
، وَلَوْ (أَفْلَتَ) مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ (مَنْ) أَيْ: أَسِير (عَلَى ارْتِدَادٍ قُهِرَا) أَيْ: أُكْرِهَ عَلَى الِارْتِدَادِ بِدَارِهِمْ، وَعَادَ إلَيْنَا (وَلَمْ يُجَدِّدْ) إسْلَامَهُ بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَجْدِيدِهِ (بَعْدَ عَرْضٍ) لَهُ عَلَيْهِ (كُفِّرَا) أَيْ: حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ وَقْتِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الرِّدَّةِ لِظُهُورِ اخْتِيَارِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ مَعَ الْحُكْمِ بِهِ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا لِمَا أَتَى بِهِ كَذَا الْمُطْلَقَةُ الْجُمْهُورُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ كَجٍّ بِمَا إذَا كَانَ مُعْرِضًا عَنْ الطَّاعَاتِ، وَالْجَمَاعَاتِ، وَإِلَّا، فَلَا عَرْضَ قَالَ، وَالْعَرْضُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِدَارِنَا لَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، وَوَقَعَ فِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ، وَالتَّلَفُّظِ فَهُوَ مُسْلِمٌ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَيْنَا (وَ) لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ (طَائِعًا وَ) وُجِدَ بَعْدُ (عِنْدَهُمْ يُصَلِّي يُحْكَمُ بِاهْتِدَائِهِ) أَيْ: بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ عِنْدَنَا قَدْ تَكُونُ تَقِيَّةً بِخِلَافِهَا عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ (لَا) إنْ صَلَّى الْكَافِرُ (الْأَصْلِيّ) ، وَلَوْ عِنْدَهُمْ، فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ عَلَقَةَ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ فِيهِ، وَالْعَوْدُ أَهْوَنُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَسُومِحَ فِيهِ (قُلْتُ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَلَكِنَّا إذَا اسْتَيْقَنَّا فِيهَا لَهُ) أَيْ: تَيَقَّنَّا لِلْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (تَشَهُّدًا) فِي الصَّلَاةِ (فَمِنَّا) أَيْ: فَهُوَ مِنَّا أَيْ: مُسْلِمٌ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ إسْلَامَهُ حِينَئِذٍ بِاللَّفْظِ، وَالْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ الدَّالَّةِ بِالْقَرِينَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ دَفْعُ إيهَامِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّهَادَةِ فِيهَا لِاحْتِمَالِ الْحِكَايَةِ
(بَابُ الزِّنَا)
بِالْقَصْرِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّهِ هُوَ الْإِيلَاجُ الْآتِي بَيَانُهُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ قَالَ تَعَالَى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32] ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ (مِنْ أَوْلَجَ الْفَرْجَ) الْأَصْلِيَّ الْمُتَّصِلَ بِهِ يَعْنِي: أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ، أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا (بِفَرْجٍ) أَصْلِيٍّ مُتَّصِلٍ مَعَ الْقُيُودِ الْآتِيَةِ يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ، أَوْ يَحُدُّهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ عَبَّرَ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: بِإِيلَاجِ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ يَرْجُمُ الْإِمَامُ الْمُكَلَّفَ كَانَ، أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَفْعُولَ بِهِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى تَقْيِيدِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ غَيْرُ الْإِيلَاجِ كَالْمُفَاخَذَةِ، وَمُسَاحَقَةِ الْمَرْأَتَيْنِ، وَالْإِيلَاجُ فِي غَيْرِ فَرْجٍ، أَوْ فِي فَرْجٍ زَائِدٍ، أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، أَوْ مُبَانٍ، وَإِيلَاجُ قَدْرِ دُونِ الْحَشَفَةِ، أَوْ قَدْرِهَا مِنْ زَائِدٍ، أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، أَوْ مُبَانٍ، فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْحَدَّ، بَلْ التَّعْزِيرَ.
، وَبِقَوْلِهِ:(يَحْرُمْنَ) إيلَاجُ الزَّوْجِ، وَالسَّيِّدِ الْخَالِي عَنْ الْحُرْمَةِ، وَالْإِيلَاجُ بِشُبْهَةِ الْفَاعِلِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُهُ أَيْضًا، وَإِيلَاجُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ، وَيُؤَدَّبُ الْمُمَيِّزُ تَأْدِيبًا بَالِغًا، وَبِقَوْلِهِ:(لِلْعَيْنِ) أَيْ: لِعَيْنِ الْإِيلَاجِ، وَطْءُ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ إحْرَامٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَسَبَهُ النَّاظِمُ لِإِيهَامِ إطْلَاقِ الْحَاوِي هُوَ جَعْلُهُ، فَيْئًا فِيمَا إذَا فُسِّرَ بِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ، وَالْمِنْهَاجُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا اسْتَفْصَلَ، فَفَسَّرَ مَعَهُ الْمُكَفِّرَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَتَبِعَ أَيْ: الرَّوْضُ فِي ذِكْرِهِ الْأَسِيرَ أَصْلَهُ، وَلَهُ وَجْهٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْإِرْشَادِ كَالْأَكْثَرِ تَبَعًا لِلنَّصِّ. اهـ.
(بَابُ الزِّنَا)(قَوْلُهُ: أَصْلِيٌّ) أَيْ: مَعْلُومُ الْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ التَّعْزِيرُ) يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ بِإِيلَاجِ الْمُبَانِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الِاكْتِفَاءَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) عِبَارَتُهُ فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ لَمْ يَرِثْهُ، وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ. اهـ. وَهَذَا غَيْرُ كَلَامِ الْحَاوِي عَلَى مَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ إذْ يُفِيدُ أَنَّ الْحَاوِي يَقُولُ أَنَّهُ بَعْدَ الْبَيَانِ بِمَا لَا يُوجِبُ كُفْرًا يَكُونُ نَصِيبُهُ فَيْئًا فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي ذَكَرَهُ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَنَّ الْحَاوِي تَبِعَ الْمِنْهَاجَ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا إنْ أَطْلَقَ يَكُونُ فَيْئًا أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا، وَإِنْ فَصَّلَ بَعْدُ، وَذِكْرُ مَا لَا يُوجِبُ كُفْرًا مُؤَاخَذَةٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَحَلِّهِ، وَقَدْ فَصَّلْنَاهُ فِي هَامِشِ الْحَاشِيَةِ فَانْظُرْهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ: حُكِمَ بِكُفْرِهِ إلَخْ.) أَيْ: ظَاهِرُ الِاحْتِمَالِ غَرَضٌ آخَرُ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ.
[بَابُ الزِّنَا]
(بَابُ الزِّنَا)(قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ، أَمَّا لَوْ خُلِقَ فَاقِدَهَا فَيُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مُعْتَدِلَةً مِنْ أَقْرَانِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: إلَى تَقْيِيدِهِ) أَيْ: بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا فِي قُبُلِهِ لَا دُبُرِهِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمْنَ) لَعَلَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرِ أَوْلَجَ أَيْ: مَنْ أَوْلَجَ إيلَاجًا حَرَامًا
أَوْ اسْتِبْرَاءٍ، أَوْ نَحْوِهَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا لِعَارِضٍ إذْ هُوَ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِلْأَذَى،، وَفِي الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ لِحُرْمَةِ الْعِبَادَةِ، وَفِي الِاسْتِبْرَاءِ لِخَوْفِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَبِقَوْلِهِ:(مُشْتَهًى) أَيْ: طَبْعًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَطْءٌ الْمَيِّتَةِ، وَالْبَهِيمَةِ، وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِعِبَارَةِ الْحَاوِي السَّابِقَةِ تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ قِرْدًا، أَوْ نَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ مِنْهُ الطَّبْعُ، فَلَا يَفْتَقِرُ لِشَرْعِ الْحَدِّ كَشُرْبِ الْبَوْلِ، وَبِقَوْلِهِ:(بِلَا مِلْكٍ) أَيْ: لَهُ، أَوْ لِفَرْعِهِ الْوَطْءُ بِشُبْهَةِ الْمَحَلِّ كَوَطْءِ مَمْلُوكَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ، أَوْ الْوَثَنِيَّةِ، أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ، أَوْ الْمُزَوَّجَةِ، أَوْ الْمُعْتَدَّةِ، وَكَوَطْءِ مَمْلُوكَةِ فَرْعِهِ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَ، وَقْفَهُ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَسَيُصَرِّحُ النَّاظِمُ بِبَعْضِ الْمُخْرَجَاتِ بِالْقُيُودِ السَّابِقَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ:(وَ) لَا (ظَنْ مِلْكٍ) الْوَطْءِ بِشُبْهَةِ الْفَاعِلِ كَوَطْئِهِ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ، أَوْ يَظُنُّهَا أَمَةً لَهُ فِيهَا شَرَكٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ التَّمِيمِيُّ كَالتَّعْلِيقَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ الْمَنْقُولِ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُهُ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِهَا أَنَّهُ أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ مَا لَوْ تَحَقَّقَ دُفِعَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ لِأَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ، أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكُهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهَا، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخٍ أَصْلُهَا كَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى، وَجْهٍ لَا يُفْهَمُ تَرْجِيحًا، وَزَادَ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ لُزُومُ الْحَدِّ لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الِامْتِنَاعُ، وَبِقَوْلِهِ:(وَلَا تَحْلِيلِ بَعْضِ الْعُلَمَا) الْوَطْءَ بِشُبْهَةِ الطَّرِيقِ، وَهِيَ كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا عَالِمٌ الْوَطْءَ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْوَاطِئُ التَّحْرِيمَ كَنِكَاحٍ بِلَا، وَلِيٍّ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَعَمْ إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِإِبْطَالِ النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَزِمَهُمَا الْحَدُّ لِارْتِفَاعِ الشُّبْهَةِ بِالْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّظْمِ بَعْضُ الْمُخْرَجَاتِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ أَبَاحَتْ) لَهُ امْرَأَةٌ (وَطْأَهَا) فَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَلَمْ يَعْتَدُّوا بِخِلَافِ عَطَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، وَلِظُهُورِ ضَعْفِهِ، وَزَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ (الْمُحَرَّمَا) تَكْمِلَةً، وَقَدْ يُقَالُ: زَادَهُ لِإِخْرَاجِ إبَاحَتِهَا، وَطْئًا غَيْرِ مُحَرَّمٍ لَكِنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ) كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
وَالْإِيلَاجِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِعِبَارَةِ الْحَاوِي إلَخْ.) وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، فَهُوَ لَمْ يَدْخُلْ فِي جِنْسِهَا حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ: كَمَذْهَبِ مَالِكٍ) أَوْ بِلَا، وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ كَمَذْهَبِ دَاوُد، فَإِنَّ الْحَقَّ أَنَّ خِلَافَهُ مُعْتَبَرٌ كَمَا قَالَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ) جَعَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ جُمْلَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ مُؤَقَّتًا مَعَ انْتِفَاءِ الْوَلِيِّ، وَالشُّهُودِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْحَدِّ بِالْأَوْلَى فِيمَا وَقَعَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ مِنْ غَيْرِ تَأْقِيتٍ، فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى مَعَ التَّأْقِيتِ الْمُوجِبِ لِضَعْفِهِ، فَبِدُونِهِ، أَوْلَى وَبِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ دَاوُد بَلْ، وَلِخِلَافِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، فَإِنَّهُ إذَا أَجَازَهُ مَعَ التَّأْقِيتِ، فَبِدُونِهِ، أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَلَا ظَنَّ مِلْكَ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ) لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِلْعَيْنِ يَصْدُقُ مَعَ الشُّبْهَةِ إذْ الْفَرْجُ مَعَ الشُّبْهَةِ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ لِعَارِضِ الشُّبْهَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ ثَلَاثٌ شُبْهَةُ الْمَحَلِّ كَمَا فِي، وَطْءِ زَوْجَةٍ صَائِمَةٍ، أَوْ مُحْرِمَةٍ، أَوْ أَمَةٍ لَمْ تُسْتَبْرَأْ، وَشُبْهَةُ الْفَاعِلِ كَمَا فِي، وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ، وَشُبْهَةُ الْجِهَةِ كَمَا فِي وَطْءِ مَنْ تَزَوَّجَتْ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ، وَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ بِشَرْطِهِ، وَالتَّحْرِيمُ فِي الثَّالِثَةِ لِلْعَيْنِ ثَابِتٌ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْوَاطِئِ، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ عَدَمَ الْوَصْفِ فِيهَا بِالْحُرْمَةِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْعَيْنِ فَيُوصَفُ بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجَانِ بِقَوْلِهِ: وَلَا ظَنَّ مِلْكَ إلَخْ، أَمَّا الْأُولَى فَالتَّحْرِيمُ فِيهَا لَيْسَ لِلْعَيْنِ فَهِيَ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ: لِعَيْنِهِ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ رحمه الله كُلَّ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِي كَمَا صَنَعَ إلَخْ. وَحَذْفُ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَظُنُّهَا أَمَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ ظَنَّ مِلْكَ الْبَعْضِ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ فَلَيْسَ شُبْهَةً، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي الشُّبْهَةِ فِيهَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا هُنَا، وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ إلَخْ. لَا عِبْرَةَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَظُنَّ الْحِلَّ فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ. اهـ.
شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَيَقِّنٌ لِلْحُرْمَةِ إذْ لَا يَحِلُّ وَطْءُ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا عَالِمٌ الْوَطْءَ) قَالَ ع ش عَلَى م ر فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهَا، وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْعِقَابِ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ حِينَئِذٍ أَيْضًا كَمَا فِي م ر وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مَعَ اعْتِقَادِ الْحُرْمَةِ فَلَعَلَّ انْتِفَاءَ الْعِقَابِ عِنْدَ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ إلَخْ.) ، وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِحُكْمِهِ إذْ لَا تَنْدَفِعُ
(صَغِيرَةً) لَا تُشْتَهَى، فَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْوَاطِئِ كَمَا لَوْ مَكَّنَتْ الْمُكَلَّفَةُ مَجْنُونًا، أَوْ صَغِيرًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا انْتِفَاؤُهُ عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ قَالَ: زَنَيْت بِفُلَانَةَ فَجَحَدَتْ لَزِمَهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُهُ (أَوْ اكْتَرَى لَهُ) أَيْ: لِلْوَاطِئِ امْرَأَةً فَوَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بَاطِلٌ لَا يُورِثُ شُبْهَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَى حُرَّةً فَوَطِئَهَا، أَوْ خَمْرًا فَشَرِبَهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شُبْهَةً لَثَبَتَ بِهِ النَّسَبُ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ (أَوْ نَكَحَ الْأُمَّ) ، أَوْ غَيْرَهَا مِنْ مَحَارِمِهِ بِنَسَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَوَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ، وَطْءٌ صَادَفَ مَحَلًّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا قَوَدٌ، أَوْ بِحَرْبِيَّةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقَهْرَ، وَالِاسْتِيلَاءَ، وَإِلَّا، فَيَمْلِكُهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ فِي بَابِ السَّرِقَةِ، وَأَقَرَّهُ
وَالْفَرْجُ الَّذِي يَجِبُ الْحَدُّ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ (كَدُبْرٍ) بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفًا مَنْ ضَمِنَهَا (نَالَهُ) أَيْ: أَوْلَجَ فِيهِ، وَالْمَعْنَى كَإِيلَاجِهِ فِي دُبُرٍ (مِنْ عَبْدِهِ) إذْ الْإِيلَاجُ فِيهِ لَا يُبَاحُ بِحَالٍ بِخِلَافِ وَطْءِ الْأُخْتِ الْمَمْلُوكَةِ كَمَا سَيَأْتِي (لَا) دُبُرِ (الْعِرْسِ) أَيْ: زَوْجَتِهِ، فَلَا حَدَّ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ بِكَوْنِهِ مَحَلَّ تَمَتُّعِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمِثْلُهَا أَمَتُهُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ يَجِبُ بِوَطْئِهِ فِي دُبُرِهَا الْحَدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ، وَأَقَرَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ (وَ) لَا فَرْجِ (الْمُسْتَمْلَكَهْ) أَيْ: مَمْلُوكَتِهِ (إنْ حَرُمَتْ) عَلَيْهِ (بِنَسَبٍ) ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ (وَشَرِكَهْ، وَالْحَيْضِ) ، وَالنِّفَاسِ (وَالتَّزْوِيجِ وَ) لَا فَرْجِ (الْبَهَائِمِ، وَمَيِّتٍ وَ) مَنْكُوحَةٍ إمَّا بِنِكَاحِ (مُتْعَةٍ وَ) إمَّا بِنِكَاحِ (عَادِمِ عَدْلَيْنِ، وَالْوَلِيِّ) أَيْ: أَوْ الْوَلِيِّ إذْ لَوْ عَدِمَهُمَا مَعًا وَجَبَ الْحَدُّ بِالْوَطْءِ فِيهِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحِلِّهِ (أَوْ مَا) أَيْ: وَلَا إيلَاجَ (أَوْقَعَهْ) بِفَرْجٍ (بِالْكُرْهِ) أَيْ: مَعَ إكْرَاهِهِ عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاه، وَمِثْلُهَا شُبْهَةُ الْجَهْلِ كَإِيلَاجِ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ فَلَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ فَفِي الرَّوْضَةِ الصَّحِيحُ الْجَزْمُ بِوُجُوبِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الزَّانِي مُلْتَزِمَ الْأَحْكَامِ لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ، وَالْمُعَاهَدُ كَمَا يَلُوحُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ، وَيُرْجَمُ الذِّمِّيُّ، وَإِنَّمَا يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ، أَوْ يَجْلِدُهُ
(أَنْ يَشْهَدَ بِذَاكَ) الْإِيلَاجِ (أَرْبَعَهْ) مِنْ الرِّجَالِ لِآيَةِ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15]
(لَا) إنْ شَهِدُوا بِهِ (مَعَ نِسَاءٍ أَرْبَعٍ شَهِدْنَ) بِأَنَّهَا (بِكْرٌ)، فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِشُبْهَةِ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا تُحَدُّ لِثُبُوتِ زِنَاهَا قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ انْتَهَى، وَذِكْرُ النِّسَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ شَهِدَ بِأَنَّهَا بِكْرٌ رَجُلَانِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَعَنْ حَدِّ الشُّهُودِ) بِزِنَاهَا حَدُّ الْقَذْفِ (حِدْنَا) أَيْ: مِلْنَا، فَلَا نُوجِبُهُ عَلَيْهِمْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا لِتَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِافْتِضَاضِ (كَقَاذِفٍ) لَهَا، فَلَا نَحُدُّهُ لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا، وَأَرْبَعٌ بِأَنَّهَا رَتْقَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا، وَلَا عَلَيْهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُمْ رَمَوْا مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الزِّنَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ
(وَأَنْ تَجِي) امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ
ــ
[حاشية العبادي]
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرًا) قَدْ يَشْمَلُ مَنْ لَا يَحْصُلُ بِوَطْئِهِ التَّحْلِيلُ كَابْنِ يَوْمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا فِي مَحَارِمِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: عَطْفًا عَلَى مَنْ يَحِلُّ بِوَطْئِهَا، أَوْ تَزَوَّجَ مَنْ لَا تَحِلُّ كَمَحْرَمٍ، وَوَثَنِيَّةٍ، وَخَامِسَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا، وَمُلَاعِنَةٍ، وَمُعْتَدَّةٍ، وَمُرْتَدَّةٍ، وَذَاتِ زَوْجٍ، ثُمَّ قَالَ: وَخَرَجَ بِالْوَثَنِيَّةِ الْمَجُوسِيَّةُ، فَفِيهَا فِي الْأَصْلِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ، وَعَنْ الرُّويَانِيِّ لَا يَجِبُ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهَا، وَهَذَا نَقْلُ الرُّويَانِيِّ فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ، فَهُوَ الْمَذْهَبُ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَمَنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِهَا بِنَسَبٍ لَمْ يُصَدَّقْ، أَوْ بِرَضَاعٍ، فَقَوْلَانِ، أَوْ بِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً، وَأَمْكَنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَحُدَّتْ دُونَهُ إنْ عَلِمَتْ. اهـ.
وَقَوْلُهُ، فَقَوْلَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَظْهَرُهُمَا تَصْدِيقُهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَسَكَتَ عَنْ الْجَهْلِ بِالتَّحْرِيمِ بِالْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمِلْكِهَا، وَلَوْ بَعْضَهَا بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَبْلَ نَقْلِ مَا هُنَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ، وَطْأَهَا فِي دُبُرِهَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحِلِّهِ) تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْإِمَامِ دَاوُد الْقَوْلُ بِحِلِّهِ، وَأَنَّ الْحَقَّ اعْتِبَارُ خِلَافِهِ، وَأَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْحَدِّ
(قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الزَّانِي أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: الْآتِي، وَحُدَّ إنْ دَفَعَ عَنْ الْمَجَامِعِ (قَوْلُهُ: رَجُلَانِ) أَوْ رَجُلٌ، وَامْرَأَتَانِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَعَنْ حَدِّ الشُّهُودِ حِدْنَا)
ــ
[حاشية الشربيني]
الشُّبْهَةُ الْمُوجِبَةُ لِعَدَمِ حَدِّهِ إلَّا إذَا عَلِمَ بِالْحُكْمِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شُبْهَةً لَثَبَتَ بِهِ النَّسَبُ إلَخْ.) فِيهِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ شُبْهَةٌ دَافِعَةٌ لِلْحَدِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْوَسِيطِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِي الْأَكْثَرِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي س ل عَلَى الْمَنْهَجِ، أَمَّا فِي الْإِكْرَاهِ فَيَثْبُتُ عَلَى الضَّعِيفِ كَذَا قِيلَ: وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلَّ شُبْهَةٍ عِنْدَ الْمُخَالِفِ تُثْبِتُ النَّسَبَ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا حَدَّ بِوَطْئِهِ فِي دُبُرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَةَ مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ إلَخْ.) قَالَ الْقَاضِي لَوْ قَصُرَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُ الْبَكَارَةِ فِيهِ حُدَّ قَاذِفُهَا. اهـ. تُحْفَةٌ وم ر عَلَى الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَجِيءَ بِأَرْبَعَةٍ إلَخْ.) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ دُونَ أَرْبَعَةٍ لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ ثُبُوتِ
أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى الْمُجَامَعَةِ (بِأَرْبَعَهْ) مِنْ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ (بِأَنَّهُ أَكْرَهَ فِي) أَيْ: أَكْرَهَهَا عَلَى (الْمُجَامَعَهْ، وَتَطْلُبُ الْمَهْرَ، فَيَشْهَدُ أَرْبَعُ) مِنْ النِّسَاءِ، أَوْ اثْنَانِ مِنْ الرِّجَالِ أَنَّهَا (بِكْرٌ يَجِبْ) لَهَا عَلَيْهِ (مَهْرٌ) لِثُبُوتِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ (وَحَدٌّ انْدَفَعْ) عَنْ الْمُجَامِعِ، وَالشُّهُودِ لِلشُّبْهَةِ
(أَوْ يَعْتَرِفْ) أَيْ: يُحَدُّ الزَّانِي إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَرْبَعَةٌ كَمَا مَرَّ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَ (لَوْ) كَانَ اعْتِرَافُهُ بِهِ (مَرَّةً) ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَرَوَى هُوَ، وَالْبُخَارِيُّ خَبَرَ «، وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» عَلَّقَ الرَّجْمَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ، وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ، وَلِهَذَا قَالَ:«أَبِكَ جُنُونٌ» ، وَالْأَقْوَى فِي الرَّوْضَةِ هُنَا اعْتِبَارُ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ كَالشَّهَادَةِ، وَصَحَّحَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ السَّرِقَةِ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً تُوجِبُ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يُقِرَّ بِهَا لِخَبَرِ «مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَ، أَوْ قَذَفَ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ (وَإِنْ هَرَبْ) مَنْ لَزِمَهُ الْحَدُّ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مِنْ بَيِّنَةٍ، أَوْ اعْتِرَافٍ لَكِنْ يُخَلَّى الْمُعْتَرِفُ فِي الْحَالِ، وَلَا يُتْبَعُ لِمَا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الرُّجُوعَ فَيُعْرِضُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، فَإِنْ رَجَعَ فَذَاكَ، وَإِلَّا حُدَّ فَلَوْ اُتُّبِعَ فَحُدَّ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا (وَ) إنْ (مَنَعَ الْحَدَّ، وَتَرْكَهُ طَلَبْ) أَيْ: أَوْ طَلَبَ تَرْكَهُ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرُّجُوعِ نَعَمْ يُخَلَّى الْمُعْتَرِفُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ رَجَعَ، وَإِلَّا حُدَّ (لَا إنْ يَعُدْ) أَيْ: يَرْجِعُ الْمُعْتَرِفُ عَنْ اعْتِرَافِهِ، فَلَا يُحَدُّ لِتَعْرِيضِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ:«لَعَلَّك قَبَّلْت لَعَلَّك لَمَسْت» بِخِلَافِ مَنْ لَزِمَهُ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهُ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ، وَرُجُوعِهِ فَهَلْ يُحَدُّ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا نَعَمْ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ ثَمَانِيَةٌ فَرَدَّ أَرْبَعَةٌ، وَثَانِيهِمَا لَا إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ، وَقَدْ بَطَلَ، وَنَقَلَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ، وَفِي عَكْسِهِ، وَقَالَ: الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فَالنَّصُّ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، أَوْ يَمِينٍ، أَوْ قَتْلٍ فَالْأَصَحُّ بَقَاؤُهَا كَالدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ السِّيَرِ
(يَرْجُمُهُ) أَيْ: مَنْ أَوْلَجَ كَمَا مَرَّ يَرْجُمُهُ (الْإِمَامُ) ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهْدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ لَمْ يَقُمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ، أَمَّا الْمُولَجُ فِيهِ فَإِنَّمَا يُرْجَمُ إذَا أُولِجَ فِي قُبُلِهِ، فَإِنْ أُولِجَ فِي دُبُرِهِ فَلَا، بَلْ يُجْلَدُ، وَيُغَرَّبُ، وَلَوْ مُحْصَنًا رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ حَصَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ هَذَا الْإِضْرَابَ إبْطَالِيٌّ لَا انْتِقَالِيٌّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ النَّدْبِ وَالْوُجُوبِ، وَحِينَئِذٍ، فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ ثُمَّ إبْطَالِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُبَالَغَةُ فِي رَدِّهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُخَلَّى) أَيْ: وُجُوبًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُخَلَّى) أَيْ: وُجُوبًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ إلَخْ.) الْأَرْجَحُ اعْتِبَارُ الْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ، وَفِي عَكْسِهِ لِأَنَّهَا أَقْوَى فِي حُقُوقِ اللَّهِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ فِيهَا أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ م ر (قَوْلُهُ: فَالنَّصُّ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ السُّقُوطِ، وَهَذَا النَّصُّ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ سُقُوطُ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
سَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ، وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ الَّذِي هُوَ طَرِيقُهَا لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَقَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ إلَخْ. أَيْ: شَهِدَا بِهِمَا مَعًا، وَهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا مِنْ شَخْصَيْنِ، أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِذَلِكَ. اهـ.
ق ل
(قَوْلُهُ: عَلَّقَ الرَّجْمَ إلَخْ.)، فَلَا يَلْزَمُ تَكْرَارُ الِاعْتِرَافِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ) هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّك قَبَّلْت إلَخْ.؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ يَحْصُلُ بِمَرَّةٍ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ أَقَرَّ فَلَهُ أَنْ يُعَرِّضَ بِالرُّجُوعِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ. اهـ. لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فِي بَابِ السَّرِقَةِ أَشَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَدْبِهِ. اهـ.، وَاعْتَمَدَ زي مَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْوَى) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ التَّفْصِيلِ) كَأَنْ يَقُولَ أَدْخَلْت حَشَفَتِي فَرْجَ فُلَانَةَ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ الْإِحْصَانَ، أَوْ عَدَمَهُ. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَرْجِعُ) ، وَيُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي غَيْرِ الزِّنَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ كَالشُّرْبِ، وَالسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْحَدِّ، وَالْقَطْعِ، وَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ، أَوْ الْإِحْصَانِ. اهـ. م ر، وق ل (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ إلَخْ.) الْمُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ سَوَاءٌ سَبَقَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِالْإِقْرَارِ، وَحْدَهُ أَيْ: يُسْنَدُ الْحُكْمُ إلَيْهِ، وَحْدَهُ. اهـ. م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَسْنَدَ الْحُكْمَ إلَى الْبَيِّنَةِ، أَوْ الْإِقْرَارِ اُعْتُبِرَ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ، وَالْإِقْرَارُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَقْوَى مِنْهَا. اهـ. م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَمَلٌ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي اعْتِبَارِ أَسْبَقِهِمَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ إلَخْ. اهـ
(قَوْلُهُ:
الذَّكَرِ فِي دُبُرِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ مُحْصَنًا، وَالرَّجْمُ خَاصٌّ بِالْمُحْصَنِ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ الرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا كَانَ مُحْصَنًا، وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا نَبِيًّا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَتَلَوْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، وَهِيَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ، وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ قَالَ: وَقَدْ رَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَالْإِحْصَانُ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا جَاءَ بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ، وَالْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالْعِفَّةِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَإِصَابَةِ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا قَالَ (حُرْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: يَرْجُمُ الْإِمَامُ مَنْ زَنَى فِي حَالَةِ كَوْنِهِ حُرًّا (مُكَلَّفًا أَصَابَ) فِي الْقُبُلِ، وَلَوْ فِي حَيْضٍ، وَإِحْرَامٍ، وَبِغَيْرِ إنْزَالٍ (بَعْدَمَا ذِكْرَ) مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّكْلِيفِ (بِصِحَّةِ النِّكَاحِ) أَيْ: فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَلَا رَجْمَ عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَتَغَلَّظُ بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَمْنَعُ الْفَوَاحِشَ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ كَمَالٍ، وَشَرَفٍ، وَالشَّرِيفُ يَصُونَ نَفْسَهُ عَمَّا يُدَنِّسُ عِرْضَهُ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُوَسِّعُ طُرُقَ الْحِلِّ إذْ لِلْحُرِّ نِكَاحُ أَرْبَعٍ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنٍ غَالِبًا بِخِلَافِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ فِيهِمَا، وَلَا عَلَى مَنْ زَنَى، وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُوصَفُ بِتَحْرِيمٍ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ اعْتِبَارَ التَّكْلِيفِ لَا يَخْتَصُّ بِالرَّجْمِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الْحَدِّ كَمَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ إصَابَتُهُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ بِهَا قَضَى الشَّهْوَةَ، وَاسْتَوْفَى اللَّذَّةَ فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْحَرَامِ، وَلِأَنَّهَا تُكْمِلُ طَرِيقَ الْحِلِّ بِدَفْعِ الْبَيْنُونَةِ بِطَلْقَةٍ، أَوْ رِدَّةٍ، فَلَا يَكْتَفِي بِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَالشُّبْهَةِ، وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي التَّحْلِيلِ، وَاعْتُبِرَ وُقُوعُهَا فِي حَالِ كَمَالِهِ حُرِّيَّةً، وَتَكْلِيفًا؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِأَكْمَلِ الْجِهَاتِ، وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَاعْتُبِرَ حُصُولُهَا مِنْ كَامِلٍ حَتَّى لَا يُرْجَمَ مَنْ أَصَابَ، وَهُوَ نَاقِصٌ، ثُمَّ زَنَى، وَهُوَ كَامِلٌ، وَيُرْجَمُ مَنْ كَانَ كَامِلًا فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ كَجُنُونٍ، وَرِقٍّ فَالْعِبْرَةُ بِالْكَمَالِ فِي الْحَالَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ إصَابَتُهُ مَعَ كَامِلٍ، وَلَا عِصْمَتُهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ أَنْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ رُجِمَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ شَرْطِ الِاخْتِيَارِ فَلَوْ أَصَابَ مُكْرَهًا هَلْ يَحْصُلُ التَّحْصِينُ وَالتَّحْلِيلُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ التَّحْلِيلِ، وَفِي التَّحْصِينِ نَظَرٌ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي حُصُولَهُ، وَأَفْهَمَ قَوْلُ النَّظْمِ يَرْجُمُهُ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا إذْ الْقَصْدُ التَّنْكِيلُ بِهِ بِالرَّجْمِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ النَّاسَ لِيُحِيطُوا بِهِ، فَيَرْمُونَهُ مِنْ الْجَوَانِبِ (بِالْأَحْجَارِ) ، وَالْمَدَرِ، وَنَحْوِهَا حَتَّى يَمُوتَ حَالَةَ كَوْنِ الرَّامِي (مُجْتَنِبَ الْكِبَارِ) الْمُذَفِّفَةِ (وَالصِّغَارِ) الْمُعَذِّبَةِ مِنْهَا، وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْفَرَ لِلْمَرْأَةِ إلَى صَدْرِهَا لِئَلَّا تَنْكَشِفَ إذَا ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ، أَمَّا بِالْإِقْرَارِ، فَلَا لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ (وَإِنْ هُوَ اعْتَلَّ، وَحُدَّ، وَقُطِعْ وَفِي اشْتِدَادِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ صَنَعْ) أَيْ: يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ مِنْ مَرَضٍ، وَنَحْوِهِ، أَوْ حُدَّ بِشُرْبٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ قُطِعَ بِقَوَدٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ حِرَابَةٌ، أَوْ وَقَعَ الرَّجْمُ فِي شِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ سَوَاءٌ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالِاعْتِرَافِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَخَّرْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ مُسْتَوْفَاةٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِاعْتَلَّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَرَضٍ.
(وَالْجَلْدَ لَا الْقِصَاصَ لَنْ نُقَدِّمَهْ) أَيْ: وَلَا نُقَدِّمُ الْجَلْدَ بِالزِّنَا، وَالشُّرْبِ عَلَى زَوَالِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ، بَلْ نُؤَخِّرُهُ إلَى زَوَالِهَا لِئَلَّا يَهْلِكَ الْمَجْلُودُ فَلَوْ جَلَدَهُ فِيهَا فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِوَاجِبٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ، وَفِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ، أَمَّا الْقِصَاصُ، وَلَوْ فِي طَرَفٍ، فَلَا يُؤَخَّرُ لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَقَطْعُ السَّرِقَةِ، وَالْمُحَارَبَةِ كَالْجَلْدِ، وَحَدُّ الْقَذْفِ كَالْقِصَاصِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْءُ الْعِلَّةِ، أَوْ كَانَ نِضْوَ الْخَلْقِ قُطِعَ فِي السَّرِقَةِ، وَالْمُحَارَبَةِ، وَجُلِدَ فِي غَيْرِهِمَا لَا بِسَوْطٍ، بَلْ بِعِثْكَالَ، أَوْ نِعَالٍ، أَوْ أَطْرَافِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَالِبًا) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ إلَخْ.) أَيْ: أَوْ وُجِدَ بَعْدَهُمَا نَقْصٌ، فَلَوْ رَقَّ ذِمِّيٌّ بَعْدَ إصَابَتِهِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ زَنَى، فَحَدُّهُ الرَّجْمُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْوُجُوبِ م ر (قَوْلُهُ: وَحُدَّ، وَقُطِعَ، وَصُنِعَ) مَعْطُوفَاتٌ عَلَى اعْتَلَّ هَكَذَا ضُبِّبَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْءُ الْعِلَّةِ) يَنْبَغِي، أَوْ زَوَالُ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِزَوَالِهِمَا، وَتَغَيُّرِ الْحَالِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ) أَيْ: فِي أَصْلِ النِّكَاحِ لَا فِي نِكَاحِ الْأَرْبَعِ لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِهِ: بِخِلَافِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ فِيهِمَا بِدُبُرٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَصَابَ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ) أَيْ: فِي نِكَاحٍ لِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّحْصِينِ نَظَرٌ) قَالَ حَجَرٌ يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا يَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ) أَيْ: يَحْرُمُ ذَلِكَ لِتَفْوِيتِ الْوَاجِبِ لَكِنْ يُعْتَدُّ بِهِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَالْمَدَرِ) هُوَ الطِّينُ الْمُتَحَجِّرُ. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لمر (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ.) ، وَعَلَيْهِ لَا ضَمَانَ أَيْضًا. اهـ. حَجَرٌ وم ر، وَفَارَقَ الضَّمَانَ فِي التَّعْزِيرِ، وَالْخَتْنِ لِأَنَّهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ قَدْ يُخْطِئُ، وَلَا كَذَلِكَ الْحُدُودُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ. اهـ. ق ل، وَكَتَبَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَلَى قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالْخِتَانُ قُدِّرَ بِالِاجْتِهَادِ أَيْ فَإِذَا فَعَلَهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، أَوْ الْبَرْدِ ضَمِنَهُ، وَيَضْمَنُ النِّصْفَ لَا الْجَمِيعَ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْخِتَانِ
ثِيَابٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعِثْكَالِ مِائَةُ غُصْنٍ ضَرَبَهُ مَرَّةً، أَوْ خَمْسِينَ فَمَرَّتَيْنِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَمَسَّهُ الْأَغْصَانُ، أَوْ يَنْبَسُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ الْأَلَمُ فَلَوْ بَرِئَ بَعْدَ الضَّرْبِ بِالْعُثْكَالِ لَا يُعَادُ بِخِلَافِ الْمَعْضُوبِ إذَا حُجَّ عَنْهُ، ثُمَّ بَرِئَ لِبِنَاءِ الْحُدُودِ عَلَى الدَّرْءِ
(وَيُرْجَمُ الذِّمِّيُّ) قَهْرًا إذَا (زَانَى مُسْلِمَهْ) أَيْ: زَنَى بِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمَةِ زَادَهُ النَّاظِمُ لِإِخْرَاجِ الْكَافِرَةِ، فَلَا يُرْجَمُ الذِّمِّيُّ الزَّانِي بِهَا إلَّا إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِنَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي، وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّ الْحَرْبِيُّ، وَالْمُعَاهَدُ، فَلَا رَجْمَ عَلَيْهِمَا بَلْ، وَلَا جَلْدَ كَمَا مَرَّ (وَلَيْسَ) الذِّمِّيُّ (مَجْلُودًا) أَيْ: لَا يُجْلَدُ (بِشُرْبِ الْخَمْرِ) لِإِقْرَارِنَا لَهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الزِّنَا، وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْحَاوِي هُنَا لِكَوْنِهَا مَذْكُورَةً فِيهِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ
(وَدَاخِلٌ فِي الرَّجْمِ) الَّذِي هُوَ حَدُّ الْمُحْصَنِ (حَدُّ الْبِكْرِ) فِيمَا لَوْ زَنَى، وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ زَنَى، وَهُوَ مُحْصَنٌ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ لِأَنَّهُمَا عُقُوبَةُ جَرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ زَنَى مِرَارًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ مَا مَرَّ فِي آخِرِ اللِّعَانِ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا عُقُوبَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ كَحَدِّ الشُّرْبِ، وَالسَّرِقَةِ، وَيَدْخُلُ التَّغْرِيبُ تَحْتَ الرَّجْمِ
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ حَدِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ فَقَالَ: (وَمِائَةً يَجْلِدُ) الْإِمَامُ الزَّانِي الْحُرَّ الْمُكَلَّفَ إنْ لَمْ يُصِبْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْجَمْعَ أَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَهُ فِي قَوْلِهِ:(وَلْيَنْفِهِمْ) مَعَ ذَلِكَ (عَامًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] مَعَ إخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا بِذَلِكَ الْمَزِيدِ فِيهَا النَّفْيُ عَلَى الْآيَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِنَفْيِ الزَّانِي نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْكِيلُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِنَفْيِ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْجَلْدِ، وَأَوَّلُ مُدَّتِهِ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ لَا وَقْتُ وُصُولِهِ إلَى مَا غُرِّبَ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ (وَلَا) بِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ قَيْدٌ لِلْمِائَةِ، وَالْعَامِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُمَا، وَلَوْ فِي حَقِّ نِضْوِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْكِيلُ، وَالْإِيحَاشُ نَعَمْ لَوْ جُلِدَ الزَّانِي فِي يَوْمٍ خَمْسِينَ مُتَوَالِيَةً، وَفِي ثَانِيَةٍ خَمْسِينَ كَذَلِكَ كَفَى جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْخَمْسِينَ قَدْرُ حَدِّ الرَّقِيقِ (وَ) لِيَنْفِ (امْرَأَةً بِمَحْرَمِ) أَيْ: مَعَ مَحْرَمٍ لَهَا (قُلْتُ، وَزَوْجٍ، وَنِسَاءٍ) ثِقَاتٍ (قَاصِدَهْ ثَمَّ) أَيْ: قَاصِدَاتٌ الْمَكَانَ الْمَنْفِيَّ إلَيْهِ لِخَبَرِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجٌ، أَوْ مَحْرَمٌ» ، وَقِيسَ بِهِمَا النِّسَاءُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا كَعَبْدِهَا حُكْمُهُ حُكْمُ هَؤُلَاءِ، وَالْوَاوُ فِيمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِمَعْنَى أَوْ، فَيَكْتَفِي بِمَحْرَمٍ، أَوْ زَوْجٍ، أَوْ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ (وَقِيلَ يَكْتَفِي بِوَاحِدَهْ) ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَرُبَّمَا اكْتَفَى بَعْضُهُمْ بِوَاحِدَةٍ انْتَهَى، وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا هُوَ مَا فِي الشَّامِلِ، وَغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَالْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَهَذَا، أَوْلَى
(وَلَوْ بِأَمْنِ الدَّرْبِ) أَيْ: يُعْتَبَرُ خُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ الزَّانِيَةِ الْهَتْكُ حِينَئِذٍ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعَيْنِ عَلَى نَفْيِهَا، وَحَدِّهَا، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ سَفَرِهَا وَحْدَهَا مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْحَجِّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعُوا مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا، وَبِهِ يَتَأَيَّدُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ الْآتِي، وَكَلَامُ النَّظْمِ، وَأَصْلِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُغَرَّبُ، وَلَوْ بِدُونِ أَمْنِ الطَّرِيقِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا إذَا خَرَجَ مَعَهَا النِّسَاءُ بِالْأَمْنِ، وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُهُ فِي غَيْرِهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِصُحْبَةِ الْمَرْأَةِ، وَالنِّسْوَةِ فِي الطَّرِيقِ دُونَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ، بَلْ الْمُرَادُ مُدَّةُ التَّغْرِيبِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا الْهَتْكُ فِي الْغُرْبَةِ، وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ الْمَحْرَمِ، وَالزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهَا غَالِبًا، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هَذَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ (أَمَّا جَبْرُهُ) أَيْ: مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَحْرَمِ، وَغَيْرِهِ عَلَى خُرُوجِهِ مَعَهَا (فَلَا يَجُوزُ) كَمَا فِي الْحَجِّ، وَلِأَنَّهُ تَعْذِيبُ مَنْ لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلْيَنْفِهِمْ عَامًا) وَيَعْتَبِرُ بِالْأَهِلَّةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ حَجَرٌ قَالَ فِي الرَّوْضِ:، وَمُؤْنَتُهُ أَيْ: الْمُغَرَّبِ فِي مُدَّةِ تَغْرِيبِهِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَعَلَى السَّيِّدِ إنْ كَانَ رَقِيقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْجَلْدِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنَّ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مُدَّتِهِ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي قُلْت، فَإِنْ زَادَ اُتُّبِعَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ بَلَدًا تَنْقَضِي الْمُدَّةُ فِي الذَّهَابِ إلَيْهَا كَانَ جَائِزًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِيحَاشُ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي السَّفَرِ، وَلِهَذَا اكْتَفَى بِمُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ فِي السَّفَرِ قَطْعًا كَمَا هُوَ لَازِمٌ فِي كُلِّ تَغْرِيبٍ، فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَفَى) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَلَمٌ الْخَمْسِينَ الْأُولَى إلَى الْيَوْمِ الثَّانِي، فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَمْنِ الدَّرْبِ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَلْ يُشْرَعُ التَّغْرِيبُ عِنْدَ الْخَوْفِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ قَوْلٌ بِشَرْعِيَّتِهِ، وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ مَا يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ حَتَّى لَا يُغَرَّبَ الرَّجُلُ، وَلَا الْمَرْأَةُ الْمُسْتَصْحِبَةُ لِلزَّوْجِ، أَوْ نَحْوِهِ حِينَئِذٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ يُغَرَّبُ، وَحْدَهُ، وَلَوْ أَمْرَدَ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَغَيْرُهُ أَنَّ الْأَمْرَدَ الْحَسَنَ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ يَحْتَاجُ إلَى مَحْرَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ إلَخْ.) تَغْرِيبُهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
وَاجِبٌ، وَالْهَلَاكُ حَصَلَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ وُقُوعُهُ فِي الْحَرِّ، أَوْ الْبَرْدِ. اهـ. س ل
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) تَقَرَّرَ جَوَازُ سَفَرِهَا، وَحْدَهَا مَعَ الْأَمْنِ لِلْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُ تَغْرِيبِهَا، وَحْدَهَا مَعَ الْأَمْنِ سم عَلَى تح (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ.)
هُوَ بَعِيدٌ مَعَ الْقِيَاسِ عَلَى الْحَجِّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَيَّدَهُ إلَخْ.) مُعْتَمَدٌ م ر وَحَجَرٌ (وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْمُرَادُ صُحْبَةُ مَنْ ذُكِرَ لَهَا ذَهَابًا، وَإِيَابًا لَا إقَامَةً قَالَهُ شَيْخُنَا أَيْ: زي، وَنُوزِعَ فِيهِ. اهـ.
يُذْنِبْ (وَعَلَيْهَا أَجْرُهُ) إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهِ كَأَجْرِ الْجَلَّادِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ مُؤَنِ سَفَرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ.
(قُلْتُ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا (قِيَاسُ) اشْتِرَاطِ الْمَحْرَمِ، أَوْ نَحْوِهِ عَلَى (قَوْلِ مَنْ لَمْ يُجْبَرْ) مَنْ ذُكِرَ عَلَى خُرُوجِهِ مَعَهَا إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ (تَأْخِيرُ تَغْرِيبٍ إلَى التَّيَسُّرِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ (وَقَدْ رَأَى تَغْرِيبَهَا الرُّويَانِيُّ بِالِاحْتِيَاطَاتِ) أَيْ: مَعَ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ (مِنْ السُّلْطَانِ)، وَإِذَا نَفَى الزَّانِي فَلْيَنْفِ (مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ: مَسَافَةَ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إيحَاشُهُ بِبُعْدِهِ عَنْ الْأَهْلِ، وَالْوَطَنِ، وَلَا يَتِمُّ بِدُونِهِمَا إذْ الْأَخْبَارُ تَتَوَاصَلُ حِينَئِذٍ (أَيَّ وَجْهٍ) أَيْ: جِهَةٍ (اجْتَهَدْ) أَيْ: شَاءَهَا الْإِمَامُ بِاجْتِهَادِهِ لَا الزَّانِي؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالزَّجْرِ فَلَوْ زَنَى غَرِيبٌ غُرِّبَ مِنْ أَرْضِ زِنَاهُ تَنْكِيلًا، وَتَبْعِيدًا عَنْ مَحَلِّ الْفَاحِشَةِ فَرُبَّمَا أَلِفَهُ (لَا أَرْضِهِ) أَيْ: يَنْفِيهِ الْإِمَامُ مَرْحَلَتَيْنِ إلَى أَيِّ أَرْضٍ شَاءَ لَا إلَى أَرْضِهِ أَيْ: وَطَنِهِ، وَلَا إلَى أَرْضٍ هِيَ مِنْهَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَرْضِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِبَلَدِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا: عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرْسِلَهُ إرْسَالًا، بَلْ يُعَيِّنُ لَهُ مَكَانًا (فَإِنْ يُعَاوِدُهَا) أَيْ: أَرْضَهُ مِمَّا غُرِّبَ إلَيْهِ (يُرَدْ) إلَيْهِ كَمَا يُرَدُّ إلَيْهِ لَوْ عَادَ إلَى أَرْضِ زِنَاهُ، وَتَسْتَأْنِفُ الْمُدَّةَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَفْرِيقُهَا ثَمَّ هَذَا فِي غَرِيبٍ تَوَطَّنَ فَلَوْ لَمْ يَتَوَطَّنْ كَأَنْ هَاجَرَ حَرْبِيٌّ إلَى دَارِنَا، وَلَمْ يَتَوَطَّنْ بَلَدًا قَالَ الْمُتَوَلِّي يَتَوَقَّفُ الْإِمَامُ حَتَّى يَتَوَطَّنَ بَلَدًا، ثُمَّ يُغَرِّبَهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا لَوْ زَنَى مُسَافِرٌ فِي طَرِيقِهِ غُرِّبَ إلَى غَيْرِ مَقْصِدِهِ (قُلْتُ، فَإِنْ زَادَ) الْإِمَامُ فِي التَّغْرِيبِ (عَلَى) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ اُتُّبِعَ، وَمُوهِمٌ إطْلَاقُهُ) أَيْ: الْحَاوِي الْمَرْحَلَتَيْنِ (أَنْ يَمْتَنِعْ) عَلَى الْإِمَامِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ كَانَ ثَمَّ مَحَلٌّ صَالِحٌ، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ الْمَرْحَلَتَيْنِ لِامْتِنَاعِ أَقَلَّ مِنْهُمَا إلَّا لِامْتِنَاعِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا (كَيْفَ) يَمْتَنِعُ (وَقَدْ غَرَّبَ عُثْمَانُ) رضي الله عنه (إلَى مِصْرَ) ، وَعُمَرُ رضي الله عنه إلَى الشَّامِ، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه إلَى الْبَصْرَةِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِلَا) أَيْ: الْمُغَرَّبُ فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ، بَلْ يُحْفَظُ بِالْمُرَاقَبَةِ، وَالتَّوْكِيلِ بِهِ (إلَّا لِخَوْفِ عَوْدِهِ) إلَى أَرْضِهِ، أَوْ أَرْضِ زِنَاهُ، فَيَجُوزُ اعْتِقَالُهُ
(وَلَا تُجِبْ) أَنْتَ (طَالِبَ حَمْلِ أَهْلِهِ) ، وَعَشِيرَتِهِ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ إيحَاشِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَغْرِيبِهِ إلَى بَلَدٍ فِيهِ أَهْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي فِيهِ بِالْجَوَازِ، وَلَهُ حَمْلُ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا، وَمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ نَفَقَةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَا يَتَّجِرُ فِيهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ خَرَجَ مَعَهُ عَشِيرَتُهُ لَمْ يُمْنَعُوا، وَلَوْ زَنَى ثَانِيًا فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ غُرِّبَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَتَدْخُلُ بَقِيَّةُ مُدَّةِ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي لِتَجَانُسِ الْحَدَّيْنِ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى، وَطَنِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنْ رَجَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ عُزِّرَ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ حَبْسِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مُدَّةَ الْحَبْسِ مَجْهُولَةٌ لَهُ بِخِلَافِ مُدَّةِ التَّغْرِيبِ، وَقَوْلُ النَّظْمِ (إنْ لَمْ يُصِبْ) أَيْ: فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ شَرْطٌ لِلْجَلْدِ، وَالنَّفْيِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَفِي نُسْخَةِ شَرْحٍ عَلَيْهَا الشَّارِحُ بَدَلُ هَذَا الْبَيْتِ إلَّا لِخَوْفِ عَوْدِهِ، وَهُوَ لَهُ حَبْسٌ، وَلَا يَحْمِلُ مَعَهُ أَهْلَهُ فَحَذَفَ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ فِي الرَّجْمِ، وَذَكَرَ بَدَلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَحْدَهَا عِنْدَ الْأَمْنِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِجَوَازِ حَجِّهَا حَجَّةَ الْفَرْضِ وَحْدَهَا عِنْدَ الْأَمْنِ، وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا دُونَ الْوُجُوبِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالْحَجِّ بِأَنَّ امْتِدَادَ أَطْمَاعِ الْفَسَقَةِ إلَى الزَّانِيَةِ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا أَجْرُهْ) إلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ، فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الرَّوْضِ: وَشَرْحِهِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا قَبْلَ هَذَا، وَمُؤْنَتُهُ أَيْ: الْمُغَرَّبِ فِي مُدَّةِ تَغْرِيبِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَعَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحَضَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِهِ) أَيْ: أَجْرِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَفِي الْكِفَايَةِ فِي الْأَمَةِ إنْ قُلْنَا الْأُجْرَةُ عَلَى الزَّانِي كَانَتْ عَلَى السَّيِّدِ، أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَكَذَلِكَ هُنَا، وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ كَوْنَهَا عَلَى السَّيِّدِ، وَفِي الْخَادِمِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ السَّيِّدَ إنْ غُرِّبَ، فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ غُرِّبَ الْإِمَامُ، فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِيهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا كَالْحُرَّةِ الْمُعْسِرَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ: أَرْضِهِ) أَيْ: أَوْ مَا هُوَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلتَّغْرِيبِ الْبَلَدُ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ رُدَّ إلَى الْغُرْبَةِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُهَذَّبِ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ، وَأَشَارَ إلَى تَفَرُّدِهِ بِهِ، وَلَمْ يَقِفْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى نَقْلِ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا بِالِاسْتِئْنَافِ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ الْبَلَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ هَاجَرَ حَرْبِيٌّ إلَى دَارِنَا) أَيْ: وَزَنَى بَعْدَمَا أَسْلَمَ، أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ، وَإِلَّا، فَالْحَرْبِيُّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:، وَعُمَرُ رضي الله عنه إلَى الشَّامِ) ، وَأَبُو بَكْرٍ إلَى فَدَكَ (قَوْلُهُ: أَهْلِهِ، وَعَشِيرَتِهِ) هَلْ الْمُرَادُ الْجَمِيعُ، فَيُجَابُ يُحْمَلُ الْبَعْضُ، وَعَلَى هَذَا، فَلَا إشْكَالَ فِي إجَابَتِهِ لِحَمْلِ زَوْجَتِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهَا فِي الْأَهْلِ، وَهَلْ الْمُعْظَمُ كَالْجَمِيعِ فِيهِ نَظَرٌ، فَلْيُرَاجَعْ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ) ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ق ل (قَوْلُهُ: وَقَدَّرَ) أَيْ: تَغْرِيبَهَا إلَخْ. ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَيْ: أَرْضِهِ) مِثْلُهَا أَرْضُ زِنَاهُ الَّتِي هِيَ غَيْرُ أَرْضِهِ، وَمِثْلُ مُعَاوَدَتِهِمَا مُعَاوَدَةُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُمَا. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَنَى مُسَافِرٌ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ.) ، وَلَوْ زَنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ غُرِّبَ لِغَيْرِهِ الْبَعِيدِ عَنْ وَطَنِهِ، وَمَحَلِّ زِنَاهُ، وَدَخَلَ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: غُرِّبَ إلَى مَقْصِدِهِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا لَهُ، وَطَنٌ فَالْإِيحَاشُ بِتَغْرِيبِهِ إلَى مَقْصِدِهِ حَاصِلٌ بِخِلَافِ مَنْ لَا وَطَنَ لَهُ فَإِنَّ الْأَمَاكِنَ مُسْتَوِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَيُوقَفُ التَّغْرِيبُ إلَى تَوَطُّنِهِ (قَوْلُهُ: غُرِّبَ إلَى مَقْصِدِهِ) لَعَلَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ بُعْدُهُ عَنْ مَحَلِّ زِنَاهُ كَوَطَنِهِ لَا عَنْ مَقْصِدِهِ أَيْضًا سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: حَمْلِ أَمَةٍ) مِثْلُهَا زَوْجَتُهُ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْأَهْلِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الزِّنَا. اهـ. زي، وع ش (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَّجِرُ فِيهِ)
إنْ غُرِّبَ إلَيْهِ حُبِسَ لَهُ، فَيَلْزَمُ بِإِقَامَتِهِ بِهِ لِمَا فِي الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ مِنْ النُّزْهَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ تَصْحِيحِ الرُّويَانِيِّ لَكِنَّهُمَا نَقَلَا قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ مُقَابِلُهُ عَنْ قَطْعِ الْمُتَوَلِّي، وَاخْتِيَارِ الْإِمَامِ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ
(أَوْ سَيِّدٌ، وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَمِنْ ذِي الْفِسْقِ، وَالْأُنْثَى مُدَبَّرًا، وَقِنْ، وَأُمُّ فَرْعٍ) أَيْ: وَيَجْلِدُ، وَيَنْفِي الْإِمَامُ، أَوْ السَّيِّدُ، وَلَوْ مُكَاتَبًا بِفَتْحِ التَّاءِ، أَوْ فَاسِقًا، أَوْ أُنْثَى الْمُدَبَّرِ، وَالْقِنَّ، وَأُمَّ الْوَلَدِ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا السَّيِّدُ فَلِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْلَاحِ لِمِلْكِهِ لَا الْوِلَايَةِ كَالْمُعَالَجَةِ بِالْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ، وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا»
بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ: لَا يُوَبِّخُهَا، وَلَا يُعَيِّرُهَا، وَقِيلَ لَا يُبَالِغُ فِي جَلْدِهَا بِحَيْثُ يُدْمِيهَا، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْ: أَيْمَانُكُمْ» ، وَهَلْ الْأَوْلَى لِلسَّيِّدِ إقَامَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، أَوْ تَفْوِيضُهُ لِلْإِمَامِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ، وَلَا يُرَاعَى خِلَافٌ يُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَحُدُّ رَقِيقَهُ صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ: وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّبَ عَبْدَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ إلَى عَبْدٍ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ: وَجَزَمَ بِهِ خَلَائِقُ، وَصَحَّحَهُ كَثِيرُونَ فَعَلَيْهِ لَا يَحُدُّهُ إلَّا الْإِمَامُ، وَالرَّقِيقُ الْمُشْتَرَكُ إذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ مُلَّاكُهُ وُزِّعَتْ السِّيَاطُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، فَإِنْ حَصَلَ كَسْرٌ فُوِّضَ الْمُنْكَسِرُ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَدَخَلَ فِي الْفَاسِقِ الْكَافِرُ لَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ رَقِيقَهُ الْمُسْلِمَ، وَلَيْسَ لِلسَّفِيهِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِصْلَاحِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهَلْ يَجُوزُ كَوْنُ السَّيِّدِ جَاهِلًا، وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إصْلَاحٌ، أَوْ وِلَايَةٌ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَالِمًا بِقَدْرِ الْحَدِّ، وَكَيْفِيَّتِهِ، وَفِي إقَامَةِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَهُ حَمْلُ أَمَةٍ إلَخْ.) يَنْبَغِي، أَوْ زَوْجَةٍ (قَوْلُهُ: فَيُلْزَمُ بِإِقَامَتِهِ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ:، فَلَوْ انْتَقَلَ بَعْدَهُ أَيْ: التَّغْرِيبِ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يُمْنَعْ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَيُرَاقَبُ الْمُغَرَّبُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُرَاقَبُ لِئَلَّا يَرْجِعَ إلَى بَلْدَتِهِ، أَوْ إلَى مَا دُونَ الْمَسَافَةِ مِنْهَا لَا لِئَلَّا يَنْتَقِلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يُمْنَعْ، وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِيمَ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ لِيَكُونَ كَالْحَبْسِ لَهُ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ كَالنُّزْهَةِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ غَيْرُ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ بِلَادُ غُرْبَةٍ، وَبِقَوْلِهِ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِهَا، بَلْ فِي غَيْرِ جَانِبِ بَلَدِهِ فَقَطْ عَلَى مَا عُرِفَ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْجَمْعُ حَذَفَ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ. اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُ، بَلْ فِي غَيْرِ جَانِبِ بَلَدِهِ، أَوْ فِي جَانِبِهَا بِحَيْثُ تَبْقَى مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لِئَلَّا يَرْجِعَ إلَى بَلْدَتِهِ، أَوْ إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهَا، وَلَعَلَّ فِي قَوْلِهِ: عَلَى مَا عُرِفَ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِسَيِّدٍ، وَلَوْ مُكَاتَبًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ:، وَلِلسَّيِّدِ التَّعْزِيرُ أَيْ: لِلَّهِ، أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَإِقَامَةُ حَدِّ الْقَذْفِ، وَسَائِرِ الْحُدُودِ حَتَّى الْقَطْعِ، وَقَتْلِ الرِّدَّةِ، وَفِي الْقِصَاصِ أَيْ: قَتْلًا، وَقَطْعًا، وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ الْجَوَازِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قَذَفَ سَيِّدَهُ حَدَّهُ، أَوْ عَكْسُهُ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُعَزِّرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْأَوْلَى لِلسَّيِّدِ إلَخْ.) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ إمَامُنَا، أَوْلَى، فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ وِلَايَةٌ لَا إصْلَاحٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ كَوْنُ السَّيِّدِ جَاهِلًا إلَخْ.) فِي الرَّوْضِ:، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ السَّيِّدِ بِأَحْكَامِ الْحَدِّ أَيْ: وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِغَيْرِهَا، فَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا، أَوْ قَضَى بِمَا شَاهَدَهُ جَازَ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا أَيْ: بِالْبَيِّنَةِ مَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا، فَلَا يَسْمَعُهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِسَمَاعِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ، وَالْكَافِرِ، وَالْفَاسِقِ، وَالْمَرْأَةِ سَمَاعُهَا، فَلَا يُحَدُّونَ بِبَيِّنَةٍ، بَلْ بِإِقْرَارٍ، أَوْ بِمُشَاهَدَةٍ مِنْهُمْ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ، وَفَرَضَهُ فِي الْفَاسِقِ، وَالْمُكَاتَبُ، وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ، بَلْ، أَوْلَى. اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْحَدَّ عَلَيْهِ، فَمَلَكَ سَمَاعَ بَيِّنَتِهِ كَالْإِمَامِ يَقْتَضِي أَنْ لَا فَرْقَ، وَفَارَقُوا الْجَاهِلَ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ سَمَاعُهَا، فَلَيْسَ أَهْلًا لَهُ بِوَجْهٍ بِخِلَافِهِمْ. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْ مَالٍ زَائِدٍ عَلَى نَفَقَتِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ. اهـ.
م ر (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمَا نَقَلَا قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ إلَخْ.) عِبَارَتُهُمَا، وَلَوْ عَيَّنَ السُّلْطَانُ جِهَةً لِتَغْرِيبِهِ فَطَلَبَ الزَّانِي جِهَةً غَيْرَهَا فَهَلْ يُجَابُ، أَوْ يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ الْإِمَامُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، ثُمَّ قَالَا، وَإِذَا غُرِّبَ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، ثُمَّ قَالَا فَرْعٌ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُغَرَّبَ أَنْ يُقِيمَ فِي بَلَدِ الْغُرْبَةِ حَتَّى يَكُونَ كَالْحَبْسِ لَهُ. اهـ. فَلَمْ يَخْتَلِفْ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي تَعْيِينِ الْجِهَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ فِي تَعْيِينِ الْبَلَدِ، وَاعْتَمَدَ ق ل أَنَّهُ تَتَعَيَّنُ الْجِهَةُ لَا الْبَلَدُ فَلَهُ الِانْتِقَالُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى بِقُرْبِهَا، أَوْ أَبْعَدَ مِنْهَا لَكِنْ لَمْ يَرْتَضِهِ م ر، وَكَذَا حَجَرٌ مُعَلِّلًا بِأَنَّ تَجْوِيزَ انْتِقَالِهِ يَجْعَلُهُ كَالْمُتَنَزِّهِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِلْمَقْصُودِ مِنْ تَغْرِيبِهِ
(قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْإِصْلَاحِ لَا الْوِلَايَةِ) ، وَلِذَا يَحُدُّ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي. اهـ.
ق ل أَيْ:؛ لِأَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: لَا الْوِلَايَةِ) ، فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ رَجُلًا عَدْلًا حُرًّا فَلِذَا حَدَّ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُكَاتَبًا، أَوْ فَاسِقًا، أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ، وَالْكَافِرِ فِي عَبْدِهِ الْكَافِرِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْفَاسِقِ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ بِمُوجِبِ الْحَدِّ، وَإِقَامَتَهُ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْحُدُودِ، وَصِفَاتِ الشُّهُودِ إنْ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِعِلْمِهِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ بَابِ الْإِصْلَاحِ لَا الْوِلَايَةِ. اهـ. ز ي. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وق ل وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: جَاهِلًا) أَيْ: بِغَيْرِ أَحْكَامِ الْحُدُودِ