المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في) .بيان (الأمان) للكافر - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: ‌(فصل في) .بيان (الأمان) للكافر

الْحَالَةِ؛ وَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ وَلَا عَلَى مُجَامِعٍ وَمُغْتَسِلٍ، وَمُسْتَنْجٍ، وَمُؤَذِّنٍ، وَمُقِيمٍ، وَخَطِيبٍ وَمُلَبٍّ وَفَاسِقٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ وَلَا رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ وَبِالْعَكْسِ حَيْثُ كَانَتْ شَابَّةً وَامْتَنَعَ النَّظَرُ كَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا مِلْكٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي بَيَانِ وُجُوبِ الرَّدِّ وَأَمَّا الْقَارِئُ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ الْأَوْلَى تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَ كَفَاهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ رَدَّ بِاللَّفْظِ اسْتَأْنَفَ الِاسْتِعَاذَةَ، ثُمَّ قَرَأَ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ وَفِيمَا. قَالَهُ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ وَبِهَذَا جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ الْوَاحِدِيِّ الْمَذْكُورَ وَضَعَّفَهُ. قَالَ أَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِالدُّعَاءِ مُسْتَغْرِقًا فِيهِ مُجْتَمِعَ الْقَلْبِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْقَارِئِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَنَكَّدَ بِهِ وَيَشُقَّ عَلَيْهِ فَوْقَ مَشَقَّةِ الْأَكْلِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا اتَّصَفَ الْقَارِئُ بِمَا ذُكِرَ فَهُوَ كَالدَّاعِي بَلْ أَوْلَى لَا سِيَّمَا الْمُسْتَغْرِقِ فِي التَّدَبُّرِ

(يُسَنُّ) خَبَرُ السَّلَامِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَا تَسْقُطُ سُنِّيَّتُهُ بِظَنِّهِ عَدَمَ رَدِّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةُ السَّلَامِ بِالْعَجَمِيَّةِ إنْ فَهِمَهَا الْمُخَاطَبُ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ أَمْ لَا، وَصِيغَتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَكَذَا عَلَيْكُمْ السَّلَامُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَيُسَنُّ مُرَاعَاةُ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا خِطَابًا لَهُ، وَلِلْمَلَائِكَةِ وَكَمَالُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ كَمَا. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ كَالرَّدِّ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَكِنْ أَسْقَطَ الشَّيْخَانِ وَبَرَكَاتَهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالسَّلَامُ مِنْ الْوَارِدِ أَحَبُّ مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا قَلَّ الْعَدَدُ أَوْ كَثُرَ وَمِنْ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ وَمِنْ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي وَمِنْ الْمَاشِي عَلَى الْجَالِسِ أَحَبُّ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ دَارَ نَفْسِهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ وَلِمَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا أَوْ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُوَ، ثُمَّ يُسَلِّمَ (كَالتَّشْمِيتِ) وَهُوَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ لِلْعَاطِسِ يَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ رَبُّك إذَا سَمِعَهُ يَحْمَدُ اللَّهَ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ حَمْدَهُ. قَالَ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْته فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ. قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَرْحَمُنِي اللَّهُ وَيُكَرِّرُ السَّامِعُ التَّشْمِيتَ بِتَكَرُّرِ الْعُطَاسِ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا دَعَا لَهُ بِالشِّفَاءِ (وَالْإِجَابَهْ) لِلتَّشْمِيتِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْعَاطِسُ لِمُشَمِّتِهِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ وَرَدَّ السَّلَامِ وَاجِبٌ أَنَّ التَّشْمِيتَ لِلْعَاطِسِ وَلَا عُطَاسَ بِالْمُشَمِّتِ وَالتَّحِيَّةُ تَشْمَلُ الطَّرَفَيْنِ وَالدُّعَاءُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِ، أَمَّا الْكَافِرُ فَيُدْعَى لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَنَحْوِهَا وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ سَتْرُ وَجْهِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَخَفْضُ صَوْتِهِ مَا أَمْكَنَ وَيُسَنُّ لِمَنْ تَثَاءَبَ أَنْ يَرُدَّهُ مَا أَمْكَنَ وَأَنْ يَسُدَّ فَاهُ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ وَيُسَنُّ إجَابَةُ مَنْ نَادَاهُ بِلَبَّيْكَ وَأَنْ يُقَالُ لِلْوَارِدِ مَرْحَبًا وَلِلْمُحْسِنِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ حَفِظَك اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ

(فَصْلٌ فِي) .

بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] الْآيَةَ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا أَيْ: نَقَضَ عَهْدَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» . وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ

وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي قَوْلِهِمْ ثَبَتَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَنَحْوِهِمَا فَمُرَادُهُمْ بِهَا الذَّاتُ وَالنَّفْسُ اللَّتَانِ هُمَا مَحَلُّهَا تَسْمِيَةً لِلْمَحَلِّ بِاسْمِ الْحَالِّ

. (يُومِنُ ذُو التَّكْلِيفِ مِنَّا دِينًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا مِنْ قَوْلِهِ مِنَّا أَيْ: يُؤَمَّنُ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ وَلَوْ خُنْثَى أَوْ امْرَأَةً أَوْ فَاسِقًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا وَلَوْ لِكَافِرٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ (بِالطَّوْعِ) أَيْ: مَعَ طَوْعِهِ (لَا الْأَسِيرُ مَحْصُورِينَا) مِنْ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ فَخَرَجَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلنَّظَرِ لَنَا وَالْمُكْرَهُ عَلَى التَّأْمِينِ، وَالْأَسِيرُ الْمُقَيَّدُ أَوْ الْمَحْبُوسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِأَيْدِيهِمْ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ؛ وَلِأَنَّ وَضْعَ الْأَمَانِ أَنْ يَأْمَنَ الْمُؤَمَّنُ وَلَيْسَ الْأَسِيرُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمُقِيمٍ) وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ وَبَعْدَهُ بِاللَّفْظِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَمُلَبٍّ) وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ وَلَا يَجِبُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْحَجِّ عَنْ النَّصِّ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَدَّ أَيْ: نَدْبًا وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَإِنْ كُرِهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: بِظَنِّهِ إلَخْ) بَقِيَ عِلْمُهُ عَدَمَ رَدِّهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا كُرِهَ الِابْتِدَاءُ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ الْمُسْلِمُ جَوَابًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَيْسَ بِسَلَامٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ نَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْمُتَوَلِّي (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ حَمْدَهُ) عَقِبَ عُطَاسِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا فَوْقَ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ.

(فَصْلٌ فِي الْأَمَانِ)

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي قَوْلِهِمْ إلَخْ) الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّهَا بِهَذَا الْمَعْنَى مَعْنًى يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ فَيَصِيرُ بِسَبَبِهِ قَابِلًا لِلْإِلْزَامِ وَاللُّزُومِ بِرّ (قَوْلُهُ: هُمَا مَحَلُّهَا)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِرْشَادِ إنْ خَرَجَ كَافٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا اتَّصَفَ إلَخْ) ضَعِيفٌ بَلْ يُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ رَدُّهُ اهـ شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: بِتَكَرُّرِ الْعُطَاسِ) أَيْ: مَعَ مُتَابَعَتِهِ عُرْفًا وَالْأَسَنُّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهِ مُطْلَقًا

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَمَانِ لِلْكَافِرِ]

(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ: أَدْنَاهُمْ) كَأُنْثَى رَقِيقَةٍ لِكَافِرٍ. اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: الْعَهْدُ إلَخْ) أَيْ: تُطْلَقُ بِمَعْنَى كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْحُرْمَةُ) أَيْ: الِاحْتِرَامُ ع ش

(قَوْلُهُ: مَحْصُورِينَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْصُورِ مَا لَمْ يَنْسَدَّ بِتَأْمِينِهِ بَابُ الْجِهَادِ وَإِلَّا كَانَ مُمْتَنِعًا عَنْ الْآحَادِ وَالْإِمَامِ. اهـ.

سم. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنْ عَلَّلَ م ر بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هُدْنَةٌ وَهِيَ

ص: 131

آمِنًا، أَمَّا أَسِيرُ الدَّارِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ بِبِلَادِ الْكُفْرِ الْمَمْنُوعُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا فَيَصِحُّ أَمَانُهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّمَا يَكُونُ مُؤَمِّنُهُ آمِنًا مِنَّا بِدَارِ الْحَرْبِ لَا غَيْرُ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْأَمَانِ فِي غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِالْمَحْصُورِينَ غَيْرُهُمْ كَأَهْلِ بَلَدٍ أَوْ نَاحِيَةٍ فَلَا يُؤَمِّنُهُمْ الْآحَادُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْجِهَادُ فِيهَا (قُلْتُ وَ) يُؤَمِّنُ مَنْ ذُكِرَ (أَهْلَ قَلْعَةٍ) وَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَنَحْوِهِمَا (وَالْمَعْنَى) الضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَمَانُ (مَا لَمْ يَسُدَّ بَابُ غَزْوٍ عَنَّا) فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ. قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ أَمَّنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ لَمْ يُؤَمِّنْ إلَّا وَاحِدًا لَكِنْ إذَا ظَهَرَ انْسِدَادٌ أَوْ نُقْصَانٌ رُدَّ أَمَانُ الْجَمِيعِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمَّنُوهُمْ دَفْعَةً فَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ إلَى ظُهُورِ الْخَلَلِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ وَمَحَلُّ صِحَّةِ أَمَانِ الْآحَادِ لِلْكَافِرِ قَبْلَ أَسْرِهِ فَبَعْدَهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ فِيهِ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ الَّذِي أَسَرَهُ، أَمَّا الَّذِي أَسَرَهُ فَإِنَّهُ يُؤَمِّنُهُ إذَا كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْإِمَامُ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُهُ (وَ) يُؤَمِّنُ أَيْضًا (امْرَأَةً) فَأَكْثَرَ فَلَا تُسْتَرَقُّ، وَتَبَعِيَّةُ أَمَانِهَا لِأَمَانِ الرَّجُلِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ إفْرَادِ الْعَقْدِ لَهَا وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ

. (أَمَّا كَجَاسُوسٍ) مِنْ نَحْو طَلِيعَةٍ (فَلَا) يَصِحُّ أَمَانُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ الْأَمَانِ أَنْ لَا يَتَضَرَّرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. قَالَ الْإِمَامُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ مِثْلِهِ خِيَانَةٌ فَحَقُّهُ أَنْ يُغْتَالَ، وَكَافُ كَجَاسُوسٍ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ فِيهِ أَنَّ شَرْطَ الْأَمَانِ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ دُونَ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي. قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّمَا يَجُوزُ بِالْمَصْلَحَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ فِي النَّظَرِ

(أَرْبَعَةً) أَيْ: يُؤَمِّنُ أَرْبَعَةً (مِنْ أَشْهُرٍ) فَأَقَلَّ كَمَا فِي الْهُدْنَةِ وَسَتَأْتِي فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَيْهَا وَأَمَّا الزِّيَادَةُ لِضَعْفِنَا فَكَالزِّيَادَةِ فِي الْهُدْنَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِنَّ لِتَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمُؤَمَّنَةَ إذَا أَقَامَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ لَمْ تُمْنَعْ فَلَا تُقَيَّدُ بِمُدَّةٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إنَّمَا هِيَ لِلرِّجَالِ، وَمُنِعُوا مِنْ السَّنَةِ لِئَلَّا يَتْرُكَ الْحَرْبَ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ

وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْأَمَانُ (إنْ قَبِلَا) أَيْ: الْكَافِرُ فَلَوْ أَمَّنَهُ فَسَكَتَ أَوْ رَدَّ الْأَمَانَ لَمْ يَصِحَّ نَعَمْ إنْ سَبَقَ مِنْهُ اسْتِجَارَةٌ أَغْنَتْ عَنْ الْقَبُولِ وَلَوْ. قَالَ قَبِلْتُ أَمَانَك وَلَسْت أُؤَمِّنُك فَهُوَ رَدٌّ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَبُولِ رَجَّحَهُ الْمِنْهَاجُ تَبَعًا لِقَوْلِ الْمُحَرَّرِ الظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ. قَالَ الْإِمَامُ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالرَّأْيُ الظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَاكْتَفَى الْبَغَوِيّ بِالسُّكُوتِ فَإِطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ الْوَجْهَيْنِ وَالتَّصْحِيحِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَصْلَهُ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ وَالتَّرْجِيحُ بَحْثٌ لَهُ وَالْغَزَالِيُّ فَرْعُهُ وَالْمَنْقُولُ مَا فِي التَّهْذِيبِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ النَّقِيبِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: اعْتِبَارُ الْقَبُولِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَلِمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ أَشَارَا) أَيْ: الْعَاقِدَانِ لِلْأَمَانِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا

ــ

[حاشية العبادي]

كَأَنَّ هَذِهِ الْهَاءَ لِلْعَهْدِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا الضَّبْطِ صِحَّةُ تَأْمِينِ أَهْلِ بَلَدٍ كَبِيرٍ إذَا كَانَ بَعْضُ النَّاحِيَةِ لِعَدَمِ انْسِدَادِ بَابِ الْغَزْوِ فِيهَا بِتَأْمِينِهِ خِلَافَ قَضِيَّةِ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَأَهْلِ بَلَدٍ أَوْ نَاحِيَةٍ وَقَوْلِهِ أَهْلِ قَلْعَةٍ وَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ (قَوْلُهُ: وَتَبَعِيَّةُ أَمَانِهَا إلَخْ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَخْ) ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَانِ الْآحَادِ، وَأَمَّا أَمَانُ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ نَصَّ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أَرَادَ تَأْمِينًا لَا يَنْسَدُّ عَلَيْهِ بِهِ بَابُ الْجِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي الْهُدْنَةِ وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دُخُولُ بِلَادِنَا وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ الْمَصْلَحَةُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَصْلَهُ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ إلَخْ) تَرَدُّدَاتُ الْإِمَامِ وُجُوهٌ وَتَرْجِيحُهُ كَافٍ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْبَحْثِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُمْتَنِعَةٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ. اهـ.

وَلَعَلَّ هَذَا عِنْدَ ضَعْفِنَا فَلَا يُنَافِي مَا فِي سم تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ أَنَّ جَوَازَ تَأْمِينِ الْمَحْصُورِ مَشْرُوطٌ أَيْضًا بِعَدَمِ انْسِدَادِ بَابِ الْجِهَادِ أَوْ نَقْصِهِ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْصُورِ مَا لَا يَنْسَدُّ بِهِ بَابُ الْجِهَادِ أَوْ يَنْقُصُ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّابِطِ. اهـ.

مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَمِّنُهُ) مِثْلُهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ قَتْلُهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَدْ يُمْنَعُ جَوَازُ قَتْلِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ أَمَانِهِ. اهـ.

وَسَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ فِيهِ الْحَقُّ لِلْمُسْلِمِينَ لَكِنْ أَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا

(قَوْلُهُ: فَكَالزِّيَادَةِ فِي الْهُدْنَةِ) فَهِيَ إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ م ر

(قَوْلُهُ: فَإِطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ الْوَجْهَيْنِ) أَيْ: الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَصْلَهُ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: بِحَسْبِ مَا رَأَوْهُ وَإِلَّا فَفِي الذَّخَائِرِ وَإِنْ سَكَتَ فَقَدْ حَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ تَرَدُّدًا وَقَالَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْأَمَانُ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا سِوَى عَدَمِ الرَّدِّ، وَاكْتِفَاءُ الْبَغَوِيّ كَالْعِرَاقِيِّينَ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَيْخِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ عَلِمَ بِإِيجَابِ عَقْدِ الْأَمَانِ لَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ وَإِرْقَاقُهُ فَإِذَا قَبِلَهُ انْعَقَدَ لَهُ الْأَمَانُ قَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ وَمَتَى قَالَ أَمَّنْتُك أَوْ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَدُلُّ لَكِنَّهُ نَوَى بِهِ ذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ الْأَمَانُ. اهـ.

م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: التَّهْذِيبِ) لِلْبَغَوِيِّ

ص: 132

(مُفْهِمَيْنِ) لَهُ بِإِشَارَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا تَكْفِي لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَإِنْ قَدَرَا عَلَى النُّطْقِ لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى الِاتِّسَاعِ (أَوْ) عَقَدَا (بِخَطْ) فَإِنَّهُ يَكْفِي وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَالْأَمَانُ يَنْعَقِدُ بِالصَّرِيحِ كَأَمَّنْتُكَ أَوْ أَجَرْتُك أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْك أَوْ لَا خَوْفَ عَلَيْك أَوْ لَا تَخَفْ وَمِنْهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ وَبِالْكِنَايَةِ كَأَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ، أَوْ كُنْ كَيْفَ شِئْت وَمِنْهَا الْخَطُّ وَالْإِشَارَةُ الْمُفْهِمَةُ لَكِنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ أَخْرَسَ اُعْتُبِرَ فِي كَوْنِهَا كِنَايَةً أَنْ يَخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَيَنْعَقِدُ بِالرِّسَالَةِ وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا وَبِغَيْرِ لَفْظٍ وَإِشَارَةٍ فِي صُوَرٍ تَأْتِي قَرِيبًا

وَإِذَا صَحَّ أَمَانُ الْكَافِرِ صَارَ آمِنًا (بِأَهْلِهِ) أَيْ: مِنْ أَهْلِهِ (وَالْمَالِ) اللَّذَيْنِ (مَعَهُ) بِدَارِنَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي حَوْزَتِهِ (إنْ شَرَطْ) أَمَانَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَتَعَدَّ الْأَمَانُ إلَيْهِمَا لِقُصُورِ اللَّفْظِ عَنْهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ مَا رَجَّحَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ لَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَفِيهِ مَزِيدٌ نُورِدُهُ فِي خَاتِمَةِ الْبَابِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْأَمَانَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَلْبُوسِهِ وَآلَةِ حِرْفَتِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَنَفَقَتِهِ مُدَّةَ أَمَانِهِ لِلْعُرْفِ وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ دَخَلَ كَافِرٌ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ ذِمَّةٍ كَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فِي أَمَانٍ فَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ فِيهِمَا فَهُوَ تَوْكِيدٌ. اهـ.

وَفِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ الدُّخُولُ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَإِنَّ النَّصَّ يَتَنَاوَلُ مَا حَضَرَ وَمَا غَابَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. قَالَ وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ صِغَارُ أَوْلَادِهِ، أَمَّا زَوْجَتُهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِهَا وَالْأَوْجَهُ دُخُولُهَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَمَانِ الْمَرْأَةِ اسْتِقْلَالًا وَكَنَظِيرِهِ فِي الْجِزْيَةِ وَالْمَالِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَالِ الْمُؤَمَّنِ وَمَالِ غَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَشَمِلَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَهُ مَا خَلَفَهُ مِنْ الْأَهْلِ وَالْمَالِ بِدَارِهِمْ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَمَانُ إلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَهُ إلَّا أَنْ يُؤَمِّنَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَيَدْخُلَ بِالشَّرْطِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي آخِرِ الْبَابِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعِنْدَنَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ مِنْ أَمَانِ الْآحَادِ فَعِنْدَ الشَّرْطِ أَوْلَى

. (وَمَالُ ذِي نَقْضٍ وَرُجْعَى رَقَّا) أَيْ: وَمَالُ حَرْبِيٍّ مُؤَمَّنٍ نَقَضَ أَمَانُهُ وَرَجَعَ إلَى دَرَاهِمِ وَأُرِقَّ وَمَاتَ رَقِيقًا (فَيْءٌ) إذْ الرَّقِيقُ لَا يُورَثُ فَإِنْ عَتَقَ فَهُوَ لَهُ (وَ) إنْ لَمْ يُرَقَّ فَمَالُهُ الدَّاخِلُ فِي الْأَمَانِ (لِلْوَارِثِ) لَهُ (إنْ لَمْ يَبْقَى) أَيْ: إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانٍ وَالْأَمَانُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ بِحُقُوقِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا وَلَمْ يُرَقَّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ أَمَانِهِ فِي حَقِّهِ لِنَقْضِهِ فَمَالُهُ بِحَالِهِ كَأَوْلَادِهِ (وَقَصَدَهُ) أَيْ: الْمَالِكُ أَوْ وَارِثُهُ دُخُولَ دَارِنَا لِأَخْذِ مَالِهِ الْمُخَلَّفِ عِنْدَنَا (أَمْنٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظٌ أَوْ نَحْوُهُ وَيَنْبَغِي إذَا دَخَلَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَلَا يَعْرُجَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ (كَالسِّفَارَةِ) أَيْ: كَقَصْدِ الْكَافِرِ دُخُولَ دَارِنَا لِسِفَارَةٍ أَيْ: رِسَالَةٍ فَإِنَّهُ آمِنْ؛ لِأَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِرَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ «لَوْ كُنْت قَاتِلًا رَسُولًا لَضَرَبْت أَعْنَاقَكُمَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لَنَا أَمْ لَا كَوَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ عَلَى الصَّوَابِ فِي أَوَائِلِ الْجِزْيَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً كَمَا لَوْ دَخَلَ كَافِرٌ دَارَنَا وَادَّعَى أَنَّ مُسْلِمًا أَمَّنَهُ أَوْ أَنَّهُ دَخَلَ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ (وَسَمْعِهِ) أَيْ: وَكَقَصْدِهِ الدُّخُولَ لِسَمَاعِهِ (الْقُرْآنَ) وَالْحَدِيثَ لِيَنْقَادَ إلَى الْحَقِّ إذَا لَاحَ لَهُ فَإِنَّهُ أُمِنَ وَلَا تَتَقَيَّدُ مُدَّتُهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَلْ بِمُدَّةِ إمْكَانِ الْبَيَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَيُقَاسُ بِهِ الدُّخُولُ لِلسِّفَارَةِ وَلِلتِّجَارَةِ فَتَتَقَيَّدُ مُدَّتُهُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُهُ (وَالتِّجَارَهْ) أَيْ: وَكَقَصْدِهِ الدُّخُولَ لِلتِّجَارَةِ (إنْ آمَنَ الْقَاصِدَهَا مَنْ وُلِّيَ) أَيْ: أَمِنَ الْوَالِي مَنْ قَصَدَهَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: فَالْأَمَانُ يَنْعَقِدُ بِالصَّرِيحِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْمُسْلِمُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ أَمِنَ فِيهِ وَفِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا فِي غَيْرِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَمَانَهُ وَهُوَ وَالٍ إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ بِإِقْلِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَفِيهِ أَيْ: فَهُوَ آمِنٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعِ سُكْنَاهُ وَفِي الطَّرِيقِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: لَا فِي غَيْرِهِ أَيْ: لَا يَكُونُ آمِنًا فِي غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَمَّنِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَدَّى الْأَمَانُ إلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ أَنَّ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ نَحْوِ ثِيَابِ بَدَنِهِ وَنَفَقَتِهِ يَدْخُلُ بِلَا شَرْطٍ وَمَا لَا يَحْتَاجُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ دَخَلَ مَا بِدَارِنَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ دُخُولَهُ وَمَا بِدَارِهِمْ إنْ شَرَطَ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْآحَادَ دَخَلَ مَا بِدَارِنَا إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، وَلَا يَدْخُلُ مَا بِدَارِهِمْ وَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، ثُمَّ قَالَ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَمَانُ لِلْحَرْبِيِّ بِدَارِهِمْ فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ بِدَارِهِمْ دَخَلَا وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُهُ وَلَا مَا لَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ بِدَارِنَا دَخَلَا إنْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ لَا غَيْرُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ لَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ كَانَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا أَيْضًا، ثُمَّ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ (قَوْلُهُ: لِلْوَارِثِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ الذِّمِّيُّ فَقَطْ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: دُونَ الْحَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ وَعَلَيْهِ يُقَالُ لَنَا حَرْبِيٌّ يَرِثُهُ ذِمِّيٌّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَصَدَهُ أَمِنَ) وَإِنْ كَانَ نَقَضَ أَمَانَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِأَهْلِهِ وَالْمَالِ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَخَلَ مَا مَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ سَوَاءٌ أَمَّنَهُ بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِهِمْ وَيَدْخُلُ مَا لَيْسَ مَعَهُ مِنْهَا إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ لَمْ يَدْخُلْ مَا لَيْسَ مَعَهُ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ مَا مَعَهُ إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَا تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ هُنَا وَلَوْ بِالشَّرْطِ. اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ دُخُولُهَا) اعْتَمَدَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمَالِكُ)

ص: 133

بِأَنْ رَأَى مَصْلَحَةً فِي الدُّخُولِ لَهَا فَقَالَ مَنْ دَخَلَ لِتِجَارَةٍ فَهُوَ آمِنٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ الْآحَادُ وَالْمُرَادُ أَنَّ دُخُولَهُ بِقَصْدِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَمَانٌ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ قَصْدِ الدُّخُولِ لَهُ أَمَانٌ

(وَإِنْ يَظُنَّ) كَافِرٌ (صِحَّةً) لِلْأَمَانِ (مِنْ كُلِّ) وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَدْخُلُ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ بِأَمَانِ مَنْ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ كَصَبِيٍّ أَوْ لَهَا بِأَمَانِ الْآحَادِ (أَوْ مَا أَشَارَهُ) أَيْ: أَوْ يَظُنُّ إشَارَتَهُ (أَمَانًا) فَيَدْخُلُ لِذَلِكَ (يُسْلَمْ لِمَأْمَنٍ) أَيْ: يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ وَلَا يُغْتَالُ (لَا إنْ يَقُلْ) أَيْ: الْمُشَارُ إلَيْهِ (لَمْ أَفْهَمْ) إشَارَتَهُ فَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بَلْ يُغْتَالُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كَافِرٌ ظَنَنْت أَنَّ قَصْدَ التِّجَارَةِ يُؤَمِّنُنِي إذْ لَا عِبْرَةَ بِظَنٍّ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ

(وَمَنْ يُبَارِزْ) مِنْ الْكُفَّارِ (مُسْلِمًا وَوَلَّى) أَحَدُهُمَا مُنْهَزِمًا (أَوْ أَثْخَنَ) الْكَافِرُ (الْقِرْنَ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: الْكُفْءَ وَهُوَ الْمُسْلِمُ (اسْتَحَقَّ الْقَتْلَا) فَلَنَا قَتْلُهُ (إنْ يُشْرَطْ الْكَفُّ) عَنْ إعَانَتِهِمَا (إلَى الْآخَرِ مِنْ قِتَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ إلَى آخِرِ الْقِتَالِ وَقَدْ انْتَهَى بِالتَّوَلِّي وَالْإِثْخَانِ وَلَوْ شَرَطَ الْكَفَّ عَنْهُ إلَى رُجُوعِهِ إلَى الصَّفِّ وَفَّى لَهُ بِهِ (أَوْ جَمْعٍ وَلَمْ يَمْنَعْ يُعِنْ) أَيْ: وَيُقْتَلُ الْكَافِرُ الْمُبَارِزُ إنْ يُعِنْهُ جَمْعٌ مَثَلًا مِنْ الْكُفَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ الْإِعَانَةَ سَوَاءٌ اسْتَنْجَدَ بِهِمْ أَمْ لَا فَإِنْ مَنَعَهُمْ فَلَمْ يَمْتَنِعُوا جَازَ قَتْلُهُمْ دُونَهُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِدُونِ مَا ذُكِرَ بَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْمُبَارَزَةَ عَظِيمَةُ الْوَقْعِ وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يُؤَمِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ قِرْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ جَازَ قَتْلُهُ مُطْلَقًا إلَّا إنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِالْكَفِّ عَنْ الْقِتَالِ إلَى انْقِضَائِهِ أَوْ إلَى الرُّجُوعِ إلَى الصَّفِّ فَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا كَالشَّرْطِ وَنَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْكَفِّ مُعْتَبَرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعَانَةِ أَيْضًا فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهَا كَانَ أَوْلَى (وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ) أَيْ: إذَا أَثْخَنَ الْمُسْلِمَ (مِنْ تَذْفِيفِهِ) أَيْ: إسْرَاعِ قَتْلِهِ (وَإِنْ جَرَى الشَّرْطُ بِهِ) أَيْ: بِتَمْكِينِهِ مِنْ التَّذْفِيفِ (لَمْ نُوفِهِ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَهَلْ يَفْسُدُ الْأَمَانُ فِيهِ وَجْهَانِ وَزَادَ قَوْلَهُ لَمْ نُوفِهِ أَيْضًا حَاوٍ تَكْمِلَةً. قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ أَثْخَنَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَفِي جَوَازِ قَتْلِهِ وَجْهَانِ. قَالَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ شَرَطَ الْأَمَانَ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ جَازَ قَتْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْمُثْخَنِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ. اهـ.

وَكَلَامُهُمَا مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ شَيْءٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ جَوَازُ قَتْلِهِ

(وَالْعِلْجُ) وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِقُوَّتِهِ وَمِنْهُ الْعِلَاجُ لِدَفْعِهِ الدَّاءَ أَيْ: وَالْكَافِرُ (لَا الْمُسْلِمُ إنْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ) لِلْكُفَّارِ (لِيُعْطَى مِنْهُ أُنْثَى مَثَلَا وَنَحْنُ) أَيُّهَا الْعَاقِدُونَ (لَا غَيْرُ بِهِ) أَيْ: بِالْعِلْجِ أَيْ: بِدَلَالَتِهِ (فَتَحْنَا) الْحِصْنَ وَلَوْ بَعْدَ تَرْكِنَا لَهُ، ثُمَّ عَوْدِنَا إلَيْهِ (وَذِي) أَيْ: الْأُنْثَى (وَلَوْ مُفْرَدَةً وَجَدْنَا) فِي الْحِصْنِ (فَتِلْكَ) أَيْ: الْأُنْثَى (لِلْعِلْجِ إذًا) أَيْ: حِينَ فَتَحْنَاهُ بِدَلَالَتِهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ أَوْ مُبْهَمَةً أَمَةً أَوْ حُرَّةً؛ لِأَنَّهَا تُرَقُّ بِالْأَسْرِ، وَالْمُبْهَمَةُ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ وَصَحَّ ذَلِكَ مَعَ إبْهَامِهَا وَعَدَمِ مِلْكِهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، أَمَّا الْمُسْلِمُ إذَا دَلَّنَا عَلَى حِصْنٍ بِهَذَا الشَّرْطِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ غَرَرٍ فَلَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ وَاحْتُمِلَ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِ حُصُونِهِمْ غَالِبًا؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ وَالدَّلَالَةُ نَوْعٌ مِنْهُ فَإِذَا انْفَرَدَ بِمَعْرِفَةِ الْحِصْنِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِهِ كَذَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ بِالْجَوَازِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ تَصْحِيحَهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى تَصْحِيحِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِدَلَالَةِ الطَّرِيقِ إلَى الْكُفَّارِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ مِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ أُنْثَى مِنْ مَالِنَا فَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ، وَبِقَوْلِهِ وَنَحْنُ لَا غَيْرَ بِهِ فَتَحْنَا مَا لَوْ لَمْ نَفْتَحْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْ الشَّرْطَ بِالْفَتْحِ وَمَا لَوْ فَتَحْنَاهُ بِغَيْرِ دَلَالَتِهِ وَمَا لَوْ فَتَحَهُ غَيْرُنَا وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ لَنَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ بِهِ إنْ عُلِّقَ بِالْفَتْحِ وَإِلَّا فَلِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْأُنْثَى بِدُونِ الْفَتْحِ فَكَأَنَّ الشَّرْطَ مُقَيَّدٌ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ يَظُنُّ إشَارَتَهُ) أَيْ: الْمُسْلِمِ أَمَانًا أَيْ: وَيَتَبَيَّنُ خِلَافَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ جَمْعٌ) يَنْبَغِي رَفْعُهُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ بِيُعِنْ مُقَدَّرًا مَعْطُوفًا عَلَى وَلِيٍّ مُفَسَّرًا بِيُعِنْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) فِيهِ خَفَاءٌ وَلَعَلَّ مَنْشَأَ الْعِلْمِ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِط إلَخْ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: جَوَازُ قَتْلِهِ) أَيْ: بَعْدَ الْإِثْخَانِ إنْ شَرَطَ الْكَفَّ إلَى انْتِهَاءِ الْقِتَالِ، أَوْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَمُطْلَقًا لِقَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ جَازَ قَتْلُهُ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: لَا الْمُسْلِمُ إنْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُبْهَمَةِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْلِهِ قَلْعَةَ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ يَكْثُرُ فِيهَا الْغَرَرُ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَبْهَمَ فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) ظَاهِرُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ: النَّاقِضُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفْعُ مَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَصْدِ كَافٍ فِي الْأَمَانِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ

(قَوْلُهُ: أَوْ يَظُنَّ إشَارَتَهُ أَمَانًا) أَيْ: وَقَالَ الْمُشِيرُ لَمْ أُرِدْ الْأَمَانَ. اهـ.

عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُشَارُ إلَيْهِ) أَيْ: كَانَ الْمُشِيرُ أَشَارَ لَهُ بِالْأَمَانِ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ الْجَعَالَةِ مَعَهُ

ص: 134

لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَتِهِ بَلْ بِالْفَتْحِ بِهَا، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِانْتِفَاءِ مُعَاقَدَتِهِ مَعَهُمْ وَبِقَوْلِهِ وَذِي وَجَدْنَا مَا لَوْ لَمْ نَجِدْ أُنْثَى فِي الْحِصْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَزَادَ مَثَلًا لِيُفِيدَ أَنَّ غَيْرَ الْأُنْثَى كَالْأُنْثَى وَإِذًا لِيُوَضِّحَ بِهِ الْكَلَامَ (وَقُوِّمَتْ) أَيْ: وَتُقَوَّمُ الْأُنْثَى وَتُعْطَى قِيمَتُهَا لِلْعِلْجِ (مِنْ حَيْثُ) يَخْرُجُ (رَضْخٌ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَمَا زَعَمَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُلَقِّنِ وَلَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَإِنَّمَا يُعْطَى قِيمَتُهَا (إنْ تُمَتْ) بَعْدَ الظَّفَرِ كَمَا سَيَأْتِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا (أَوْ أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ قَبْلَ الظَّفَرِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهَا مُطْلَقًا يَمْنَعُ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَقَبْلَ الظَّفَرِ يُمْنَعُ إرْقَاقُهَا نَعَمْ إنْ أَسْلَمَ أَيْضًا وَقَدْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ سُلِّمَتْ إلَيْهِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ لَا يَسْتَحِقُّهَا بَلْ قِيمَتَهَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى شِرَاءِ الْكَافِرِ عَبْدًا مُسْلِمًا إنْ جَوَّزْنَاهُ سَلَّمْنَاهَا إلَيْهِ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا وَإِلَّا لَمْ نُسَلِّمْهَا إلَيْهِ لَكِنْ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالظَّفَرِ وَقَدْ كَانَتْ إذْ ذَاكَ كَافِرَةً فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهَا كَمَا لَوْ مَلَكَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ هُنَاكَ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ. اهـ.

وَمَا قَالَهُ هُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فِي آخِرِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا قَدْ فَاتَتْهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ (قُلْتُ) مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَيْتَةِ (إذَا تَمُوتُ بَعْدَ الظَّفَرِ) وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ (فَإِنْ تَمُتْ قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ الظَّفَرِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَعْدَ الظَّفَرِ وَقَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ اسْتِحْقَاقُهُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَيْسَ لَهُ نَصٌّ يُخَالِفُهُ وَلَوْ هَرَبَتْ فَهِيَ كَمَا لَوْ مَاتَتْ (أَمَّا الَّتِي قَدْ أَسْلَمَتْ فَالْمَذْهَبُ) قَائِلٌ (بِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ) لِلْعَمَلِ (عَنْهَا يَجِبُ) لَا قِيمَتُهَا كَمَا فِي الْحَاوِي وَتَبِعَ النَّاظِمُ فِي هَذَا الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا كَمَا فِي الْحَاوِي وَمَا تَقَرَّرَ مَحَلُّهُ فِي حِصْنٍ فُتِحَ عَنْوَةً لَا صُلْحًا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (لَكِنْ زَعِيمُ الْحِصْنِ) أَيْ: سَيِّدُ أَهْلِهِ (إنْ نُؤْمِنْهُ وَأَهْلَهُ بِالصُّلْحِ وَهِيَ) أَيْ: الْأُنْثَى (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الزَّعِيمِ (وَمَا رَضِي هَذَا وَلَا ذَا) أَيْ: الزَّعِيمُ وَالْعِلْجُ (بِعِوَضْ) عَنْهَا (رُدَّ) الزَّعِيمُ (إلَى الْحِصْنِ) الَّذِي هُوَ مَا مِنْهُ وَلَا يُغْتَالُ (وَصُلْحُهُ انْتَقَضْ) وَاسْتُؤْنِفَ الْقِتَالُ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَنَعَ الْوَفَاءَ بِمَا شَرَطْنَاهُ قَبْلَهُ فَإِنْ رَضِيَ الزَّعِيمُ بِدَفْعِهَا لِلْعِلْجِ أَعْطَيْنَاهُ قِيمَتَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَرَضِيَ الْعِلْجُ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى أَعْطَيْنَاهَا لَهُ وَاسْتَمَرَّ الصُّلْحُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُنْثَى مِنْ أَهْلِ الزَّعِيمِ سُلِّمَتْ إلَى الْعِلْجِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَمَانِ

. (وَإِنْ يَقُلْ لِأَلْفِ شَخْصٍ مُغْفِلَا لِنَفْسِهِ إذْ عَدَّ أَلْفًا قُتِلَا) أَيْ: وَإِنْ شَرَطَ الزَّعِيمُ أَمَانَ أَلْفِ نَفْسٍ مَثَلًا صَحَّ وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُهُمْ

ــ

[حاشية العبادي]

حَتَّى أُجْرَةَ الْمِثْلِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ اسْتِحْقَاقُهَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ الَّتِي هِيَ مَبْنَى الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَسْلَمَا أَيْضًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِهَا لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ بَعْدَهَا لِانْتِقَالِ حَقِّهِ مِنْهَا إلَى قِيمَتِهَا قَالَ الْإِمَامُ وَالْمَاوَرْدِيُّ: وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْبِنَاءِ السَّابِقِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. اهـ.

أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْبِنَاءِ السَّابِقِ إلَى مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَبِقَوْلِهِ وَقَدْ مَرَّ إلَخْ إلَى مُنَازَعَةِ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: سُلِّمَتْ إلَيْهِ) وَكَذَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا ابْتِدَاءً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ مُعَاقَدَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ هُنَا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى قَبْضِهَا لِتَوَقُّفِ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَأَنَّهُ يَحْتَرِزُ عَنْ الْمُبْهَمَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى مِلْكُهَا مَعَ الْإِبْهَامِ وَكَانَ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ الْمُوَافَقَةَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْبَدَلُ وَأَنَّهُ الْقِيمَةُ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدُ أَيْ: وَاحِدَةٌ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَقَلُّهُنَّ قِيمَةً أَوْ تُعَيَّنُ لَهُ وَاحِدَةٌ وَيُعْطَى قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَلَعَلَّهُ إذَا جَهِلَ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: قَبْلَ الظَّفَرِ إلَخْ) وَبَعْدَ الْعَقْدِ هَذَا مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ بِرّ وَبِالْأَوْلَى إذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَيُخَالِفُ مَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْمَوْتِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الَّتِي قَدْ أَسْلَمَتْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْحَاوِي كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ إلَخْ هَذَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الظَّفَرِ، ثُمَّ قَالَا، ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ جَارِيَةً مُعَيَّنَةً فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَمَاتَ كُلُّ مَنْ فِيهَا مِنْ الْجَوَارِي وَأَوْجَبْنَا الْبَدَلَ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَجْهُولِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تُسَلَّمُ إلَيْهِ قِيمَةُ مَنْ يُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ. اهـ. قِيلَ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ قَالَ فَيُعَيِّنُ لَهُ وَاحِدَةً وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهَا كَمَا يُعَيِّنُهَا لَهُ لَوْ كُنَّ أَحْيَاءً. اهـ.

وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا فَيُقَالُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَأَسْلَمَ كُلُّ مَنْ فِيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهَلْ هِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَجْهَانِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ وَقَوْلُهُ: وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْضًا. اهـ.

شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ) قَالَ ق ل قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: قَبْلَ الظَّفَرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ)

ص: 135

لِلْحَاجَةِ فَإِذَا عَدَّ أَلْفًا وَأَغْفَلَ نَفْسَهُ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَلْفِ وَقَدْ اتَّفَقَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مُحَاصَرَةٍ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه

وَ (لَوْ نَزَلُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ مِنْهُ (عَلَى قَضَاءِ) أَيْ: حُكْمِ (ذَكَرِ عَدْلٍ) فِي الشَّهَادَةِ (بِأَحْوَالِ الْقِتَالِ مُبْصِرِ) أَيْ: بَصِيرٍ بِهَا وَلَوْ أَعْمَى صَحَّ؛ لِأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْوِيلُ إلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِهِ الْمَرْأَةُ وَالْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالْقِنُّ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَحَذَفَ النَّاظِمُ مِنْ الْحَاوِي الْعَقْلَ اكْتِفَاءً بِالْعَدَالَةِ كَمَا اكْتَفَيَا مَعًا بِهَا عَنْ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَيَتَعَيَّنُ الْحُكْمُ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ لَنَا مِنْ قَتْلٍ وَإِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ لِعُلُوِّ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ، وَيَتَخَيَّرُ فِيمَنْ يُرَقُّ بِالْأَسْرِ كَالنِّسَاءِ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْإِرْقَاقِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى حُكْمِهِ فِي التَّشْدِيدِ وَلَهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ وَيُسَامِحَ عَلَى مَا سَيَأْتِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إنْ يَقْضِ غَيْرَ الْقَتْلِ مَنْ يَقْتُلْ يَخُنْ) أَيْ: إنْ يَقْضِ الْمُحَكَّمُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فِي شَخْصٍ فَمَنْ قَتَلَهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَيْ: فَيَحْرُمُ فَلَوْ قَضَى بِالْمَنِّ لَمْ يَجُزْ مَا عَدَاهُ أَوْ بِالْفِدَاءِ جَازَ الْمَنُّ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْإِرْقَاقِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِإِرْقَاقِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْغَانِمِينَ بِنَفْسِ الْحُكْمِ، وَالْفِدَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمْ قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ يَقْضِ قَتْلًا) أَيْ: بِهِ (لَمْ نُرِقَّ) نَحْنُ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْإِرْقَاقَ يَتَضَمَّنُ ذُلًّا مُؤَبَّدًا وَقَدْ يَخْتَارُ الْإِنْسَانُ الْقَتْلَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقَتْلِ (وَنَمُنْ) عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَنَفْدِيهِ (وَإِنْ قَضَى الْجِزْيَةَ) أَيْ: بِهَا (نَجْبُرْهُمْ) عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ لَمْ نَجْبُرْ عَلَيْهِ الْأَسِيرَ لِرِضَاهُمْ بِحُكْمِهِ أَوَّلًا فَامْتِنَاعُهُمْ كَامْتِنَاعِ قَابِلِ الْجِزْيَةِ مِنْ بَذْلِهَا (كَمَا يَرِقُّ مَحْكُومٌ بِهِ إنْ أَسْلَمَا) أَيْ: كَمَا يَبْقَى رِقُّ الْمَحْكُومِ بِإِرْقَاقِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ الْمُحَكَّمِ وَقَدْ حَكَمَ بِإِرْقَاقِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا لَهُمْ وَإِنْ قَضَى بِقَتْلِهِ فَأَسْلَمَ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ وَلَا إرْقَاقُهُ وَلَا فِدَاؤُهُ بَلْ يَمُنُّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ حَقَنَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَلَمْ يَجُزْ إرْقَاقُهُ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ

(يَهْرُبُ مَأْسُورٌ يَمِينًا عَقَدَا) أَيْ: وَيَهْرَبُ الْمَأْسُورُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ جَوَازًا بَلْ وُجُوبًا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ وَإِنْ عَقَدَ يَمِينَهُ لِمَنْ أَسَرَهُ أَنَّهُ لَا يَهْرُبُ، وَكَذَا كُلُّ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ يَلْزَمُهُ الْهِجْرَةُ وَإِنْ حَلَفَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ» وَالْيَمِينُ لَا تُبِيحُ لَهُ الْإِقَامَةَ حَيْثُ حَرُمَتْ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ مُكْرَهًا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ أَوْ طَائِعًا كَفَرَ

(وَيَقْتُلُ) الْهَارِبُ (التَّابِعَ) لَهُ لِيَرُدَّهُ (دَفْعًا) عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَمَّنُوهُ وَزَادَ قَوْلَهُ (لَا ابْتِدَا) تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا (لَا الْغَيْرَ) أَيْ: غَيْرَ تَابِعِهِ فَلَا يَقْتُلُهُ (إنْ هُمْ أَطْلَقُوا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا غَيْرَهُ إنْ أَطْلَقُوا (وَأُومِنَا) أَيْ: إنْ أَطْلَقُوهُ وَأَمَّنُوهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُمْ، وَكَذَا إنْ أَمَّنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنُوهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْأُمِّ مَا لَوْ قَالُوا أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَقَعْ أَمَانٌ فَلَهُ قَتْلُ التَّابِعِ وَغَيْرِهِ

(وَمَا اشْتَرَى) أَيْ: وَمَا اشْتَرَاهُ الْأَسِيرُ الْهَارِبُ مِنْهُمْ (يَبْعَثُ) إلَيْهِمْ (عَنْهُ الثَّمَنَا) إنْ اشْتَرَاهُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ (وَ) يَبْعَثُ إلَيْهِمْ (الْعَيْنَ) الْمُشْتَرَاةَ (إنْ أُكْرِهَ) عَلَى الشِّرَاءِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ (وَالْفِدَاءُ) لِنَفْسِهِ (لَمْ يَبْعَثْ) إلَيْهِمْ (وَلَوْ شَرَطَا كَعَوْدٍ الْتَزَمَ) أَيْ: وَلَوْ الْتَزَمَ بَعْثَ الْفِدَاءِ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَبْعَثُهُ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِيَعْتَمِدُوا الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى. قَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَنْ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْعَدْلِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْتُلْ يَخُنْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بِقَتْلِهِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ حَيْثُ اسْتَفَادَ الْأَمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُؤَمَّنٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الرَّوْضِ فِيمَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَقَاتَلَهُ يَأْثَمُ أَيْ: لِأَنَّهُ بِالْأَمَانِ عَصَمَ دَمَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُرَقُّ مَحْكُومٌ بِهِ إنْ أَسْلَمَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ أَسْلَمَ أَيْ: بَعْدَ الْحُكْمِ بِالرِّقِّ أَيْ: الْإِرْقَاقِ لَا قَبْلَهُ اسْتَرَقَّ. اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِرْقَاقِ لَا يَسْتَلْزِمُ الرِّقَّ عَكْسُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ إلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ وَالْوَجْهُ مَا قَدَّمَهُ ثَمَّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ) أَفْهَمَ جَوَازًا لِمَنْ بِرِضَاهُمْ فَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لَهُمْ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ إهْمَالَهُ وَتَمْكِينَهُ مِنْ الذَّهَابِ لِأَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ وَالتَّصَرُّفَ فِي أَيِّ وَجْهٍ شَاءَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى الرِّقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا اسْتَشْكَلَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ لِأَهْلِ الْخُمُسِ حَقًّا فَكَيْفَ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ رِضَى الْغَانِمِينَ؟ . اهـ. قِيلَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا لَيْسَ مُسْتَقِرًّا بِدَلِيلِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ قَدْ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ فِي بَعْضِ الْخِصَالِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ قَضِيَّةُ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ أَنَّهُمْ إذَا رَضُوا انْقَطَعَ الْمِلْكُ عَنْهُ فَهَلْ الْمُرَادُ انْقِطَاعُ الرِّقِّ وَعَوْدُهُ لِحُرِّيَّتِهِ الَّتِي كَانَتْ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ أَوْ تَنْزِيلُ مَا جَرَى مَنْزِلَةَ إعْتَاقِهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ) إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ إرْقَاقُهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ أَيْ: أَوْ حَكَمَ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَقَتَلَ مَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ وَمَنْ أَقَامَ عَلَى الْكُفْرِ جَازَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. اهـ.

؛ لِأَنَّ هَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا سَبَقَ الْحُكْمُ الْإِسْلَامَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَسْأَلَةُ الشَّارِحِ بِالْعَكْسِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ: إمْكَانِ إظْهَارِ دِينِهِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ. اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْهِجْرَةِ مَا فِي الْأَسْرِ مِنْ الذُّلِّ

(قَوْلُهُ: وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك) أَيْ: وَلَا أَمَانَ يَجِبُ لَنَا عَلَيْك فَيَجُوزُ اغْتِيَالُهُمْ حِينَئِذٍ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَيَبْعَثُ الْعَيْنَ إنْ أُكْرِهَ) وَإِنْ وَكَّلُوهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ بِدَارِنَا بَاعَهُ وَرَدَّ ثَمَنَهُ أَيْ: إلَيْهِمْ رَوْضٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَأَسْلَمَ جَمِيعُ مَنْ فِيهَا مِنْ الْإِمَاءِ بَعْدَ الظَّفَرِ كَمَا لَوْ مَاتَ كُلُّ جَارِيَةٍ فِيهَا بَعْدَ الظَّفَرِ فَإِنَّ الْحُكْمَ أَنْ يُعَيِّنَ الْإِمَامُ جَارِيَةً لِيُعْطِيَ قِيمَتَهَا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَهُمْ

ص: 136