المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ الْحَدَّ عَلَى رَقِيقِ الطِّفْلِ، أَوْ نَحْوِهِ، وَجْهَانِ قَالَا، - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: وَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ الْحَدَّ عَلَى رَقِيقِ الطِّفْلِ، أَوْ نَحْوِهِ، وَجْهَانِ قَالَا،

وَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ الْحَدَّ عَلَى رَقِيقِ الطِّفْلِ، أَوْ نَحْوِهِ، وَجْهَانِ قَالَا، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ جُعِلَ الْحَدُّ إصْلَاحًا حَدُّوهُ، أَوْ وِلَايَةً فَالْخِلَافُ (لَا مُكَاتَبًا) كِتَابَةً صَحِيحَةً (وَلَا مَنْ رَقَّ بَعْضًا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ: وَلَا مَنْ رَقَّ بَعْضُهُ، فَلَا يَحُدُّهُمَا السَّيِّدُ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَتِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى بَعْضِهِ، وَالْحَدُّ يَتَعَلَّقُ بِجُمْلَتِهِ، وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُشْتَرَكِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ ثَمَّةَ بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ الْحُرِّيَّةُ أَوْلَى بِالْمُؤَاخَذَةِ بِالْجَرَائِمِ فَكَانَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا أَقْوَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَفِي مَعْنَى الْمُكَاتَبِ، وَالْمُبَعَّضِ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَعَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ إذَا زَنَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إكْسَابَهُ لَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اهـ.

، وَلَوْ زَنَى رَقِيقٌ، ثُمَّ عَتَقَ حُدَّ حَدَّ الْأَرِقَّاءِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْوُجُوبِ، وَلَوْ زَنَى فَبَاعَهُ سَيِّدُهُ فَالْحَدُّ لِمُشْتَرِيهِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ، وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ، ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ فَاسْتُرِقَّ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ الْإِمَامُ لَا السَّيِّدُ إذْ لَا رِقَّ يَوْمئِذٍ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ (نِصْفَ هَذَيْنِ) أَيْ: يَجْلِدُ، وَيَنْفِي الْإِمَامُ، أَوْ السَّيِّدُ الرَّقِيقَ كَمَا ذُكِرَ نِصْفَ الْمِائَةِ، وَالْعَامِ قَالَ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ:{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، وَقِيسَ بِهِنَّ الْعَبِيدُ (وَلَا) لِمَا مَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَته (بِسَمْعِ حُجَّةِ الزِّنَا) أَيْ: يَجْلِدُ، وَيَنْفِي السَّيِّدُ رَقِيقَهُ مَعَ سَمَاعِهِ الْحُجَّةَ عَلَى زِنَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَمَلَكَ سَمَاعَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ كَالْإِمَامِ (لَا إنْ فُقِدْ) مِنْهُ (عِلْمُ) حُكْمِ (الْحُدُودِ، وَصِفَاتِ مَنْ شَهِدْ) ، فَلَا يَسْمَعُهَا حِينَئِذٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِسَمَاعِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ، وَالْكَافِرِ، وَالْفَاسِقِ، وَالْمَرْأَةِ سَمَاعُهَا، فَلَا يُحَدُّونَ بِحُجَّةٍ، بَلْ بِإِقْرَارٍ، أَوْ بِمُشَاهَدَةٍ مِنْهُمْ لِزِنًا لِرَقِيقٍ، وَذِكْرُ عِلْمِ صِفَاتِ الشُّهُودِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ فَقْدَ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُهُ، بَلْ فَقْدُ بَعْضِهِ كَافٍ فَلَوْ قَالَ إنْ عَلِمَ حُكْمَ الْحُدُودِ، وَصِفَاتِ مَنْ شَهِدَ كَانَ، أَوْلَى (فَرْعٌ) قَذَفَ رَقِيقٌ زَوْجَتَهُ الرَّقِيقَةَ هَلْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا السَّيِّدُ كَمَا يُقِيمُ الْحَدَّ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَ (إمَامُنَا، أَوْلَى) مِنْ السَّيِّدِ (بِهِ) أَيْ: بِالْحَدِّ أَيْ: إقَامَتِهِ إذَا تَنَازَعَاهَا لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَإِنْ حَضَرْ، وَشَاهِدٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ: وَحُضُورُ الْإِمَامِ، وَالشَّاهِدِ بِالزِّنَا عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ، أَوْلَى مِنْ غَيْبَتِهِمَا (وَبَدْؤُهُ رَمْيَ الْحَجَرْ) أَيْ: وَبَدْءُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْإِمَامِ، وَالشَّاهِدِ بِرَمْيِ الْحَجَرِ، أَوْلَى مِنْ بَدْءِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: فَيَرْمِي الشُّهُودُ أَوَّلًا ثُمَّ الْإِمَامُ، ثُمَّ النَّاسُ، وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ رَمَى الْإِمَامُ، ثُمَّ النَّاسُ، وَشَاهِدُ جِنْسٍ يُصَدَّقُ بِالشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ الْمُرَادِينَ هُنَا، فَإِنْ غَابُوا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَحْضُرَ الْحَدَّ جَمَاعَةٌ، وَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ عَدَدُ شُهُودِ الزِّنَا، وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ: تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] .

(بَابُ السَّرِقَةِ)

بِفَتْحِ السِّينِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ، وَكَسْرِهَا، وَيُقَالُ أَيْضًا: السَّرِقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَسَرَقَ مِنْهُ مَا لَا يُسْرَقُ سَرَقًا بِالْفَتْحِ، وَرُبَّمَا قَالُوا سَرِقَةً مَالًا، وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ مَسْرُوقٌ، وَسَرِقَةٌ، وَسَارِقٌ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا، وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي، وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً، وَشَرْعًا أَخْذُهُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي، فَلَا قَطْعَ عَلَى مُخْتَلِسٍ، وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ، وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ الْقُوَّةَ، وَالْغَلَبَةَ، وَلَا خَائِنٍ كَالْمُودِعِ يَجْحَدُ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ، وَالْمُنْتَهِبِ، وَالْخَائِنِ قَطْعٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَفَرَّقَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ آخِذَهُ خُفْيَةً لَا يَتَأَتَّى مَنْعُهُ فَشُرِّعَ الْقَطْعُ زَجْرًا لَهُ، وَهَؤُلَاءِ يَقْصِدُونَهُ عِيَانًا فَيُمْكِنُ مَنْعُهُمْ بِالسُّلْطَانِ، وَغَيْرِهِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَفِي كَوْنِ الْخَائِنِ يَقْصِدُ الْأَخْذَ عِيَانًا، وَقْفَةٌ (سَارِقُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَالْخِلَافُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ الْإِمَامُ لَا السَّيِّدُ) ، وَحَدُّهُ الرَّجْمُ إذَا كَانَ مُحْصَنًا اعْتِبَارًا بِحَالِ الْوُجُوبِ، وَقَوْلُهُ إذْ لَا رِقَّ إلَخْ. بِهَذَا فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِإِقْرَارٍ إلَخْ.) وَتَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ بِهَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: الرَّقِيقَة) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: الْمَمْلُوكَةِ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: رَجَّحَ هُوَ أَيْ: صَاحِبُ الرَّوْضِ مِنْهُمَا فِي اللِّعَانِ الْجَوَازَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ ثَمَّ حَيْثُ بَنَى الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي إقَامَتِهِ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ، وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابُوا إلَخْ.) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ أَيْ: الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ، وَحُضُورُ جَمْعٍ، وَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الشُّهُودِ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ، أَوْ الْبَيِّنَةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ. اهـ. وَقَوْلُهُ، وَالظَّاهِرُ إلَخْ. نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ فِي حُضُورِ الْجَمْعِ مَعَ الشُّهُودِ زِيَادَةَ التَّنْكِيلِ

(بَابُ السَّرِقَةِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

وَصِفَاتِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: حَدُّوهُ) أَيْ: بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: فَالْخِلَافُ) أَيْ: الْوَجْهَانِ السَّابِقُ ذِكْرُهُمَا (قَوْلُهُ: السَّيِّدُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا لِقَوْلِهِ: لَا إنْ فُقِدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْإِصْلَاحِ مَوْجُودَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ أَهْلِيَّةُ الْوِلَايَةِ.

[بَابُ السَّرِقَةِ]

(بَابُ السَّرِقَةِ)(قَوْلُهُ:، وَأَرْكَانُهَا) أَيْ: السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةُ لِلْقَطْعِ فَالْمَعْدُودُ رُكْنَا السَّرِقَةِ اللُّغَوِيَّةِ، وَهِيَ مُطْلَقُ الْأَخْذِ خُفْيَةً، وَصَاحِبَةُ الْأَرْكَانِ الْأَخْذُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزٍ. اهـ. تُحْفَةٌ

ص: 89

رُبْعٍ، أَوْ مُسَاوٍ) فِي الْقِيمَةِ (رُبْعَا مِنْ مَحْضِ دِينَارٍ بِضَرْبٍ) أَيْ: مِنْ دِينَارٍ خَالِصٍ مَضْرُوبٍ

(قَطْعَا) بِبَقِيَّةِ الْقُيُودِ الْآتِيَةِ تُقْطَعُ يُمْنَاهُ كَمَا سَيَأْتِي لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ، وَالدِّينَارُ الْمِثْقَالُ، وَقِيسَ بِالرُّبُعِ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ دَرَاهِمَ أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِدُونِ رُبُعٍ، وَلَا بِرُبُعٍ مَغْشُوشٍ، وَلَا بِرُبُعٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ كَسَبِيكَةٍ، أَوْ حُلِيٍّ لَا يُسَاوِي رُبُعًا مَضْرُوبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِيهَا الشَّيْخَانِ اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ، وَلَا بِمَا يُسَاوِي رُبُعًا مَضْرُوبًا لَا قَطْعًا مِنْ الْمُقَوَّمَيْنِ، بَلْ ظَنًّا بِأَنْ قَالُوا نَظُنُّ أَنَّهُ يُسَاوِي رُبُعًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَأَنَّهُ يُقْطَعُ بِحُلِيِّ ذَهَبٍ كَخَاتَمٍ يُسَاوِي رُبُعًا، وَزِنَتُهُ دُونَ رُبُعٍ، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ، وَاقْتَضَى كَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّبِيكَةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ الْقَطْعِ فِيهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ:، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَزْنِ أَمْ بِالْقِيمَةِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ بِغَلَطٍ، بَلْ هُوَ فِقْهٌ مُسْتَقِيمٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْوَزْنَ فِي الذَّهَبِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي السَّبِيكَةِ، فَأَمَّا إذَا نَقَصَ الْوَزْنُ، وَلَكِنْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فَهَذَا يُضْعِفُ فِيهِ الِاكْتِفَاءَ بِالْقِيمَةِ فَاسْتَقَامَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهِ الْبَأْسُ، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ.

، وَتَقْيِيدُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ بِالْمَضْرُوبِ إيضَاحٌ لِفَهْمِهِ مِنْ لَفْظِ الدِّينَارِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَضْرُوبِ لَا يَشْمَلُ السَّبِيكَةَ، وَنَحْوَهَا (لِكُلِّ شَخْصٍ) أَيْ: رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ مُسَاوِيهِ لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي السَّرِقَةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ فِيهَا اثْنَانِ مَثَلًا، وَلَمْ يَبْلُغْ مَسْرُوقُهُمَا نِصَابَيْنِ، فَلَا قَطْعَ نَعَمْ إنْ تَمَيَّزَ فِعْلُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قُطِعَ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ، وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ، وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ قُطِعَ الْمُخْرِجُ فَقَطْ، ثُمَّ، وَصَفَ كُلًّا مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَمُسَاوِيهِ بِقَوْلِهِ:(مِلْكِ غَيْرِهِ لَدَى إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ) ، فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ الَّذِي بِيَدِ غَيْرِهِ كَمُسْتَأْجَرٍ، وَمَرْهُونٍ، وَلَا بِسَرِقَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ إذَا مَلَكَهُ هُوَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، فَلَا قَطْعَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ تَعَذَّرَ، وَلَا بِسَرِقَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ إذَا نَقَصَ عَنْ الرُّبُعِ، أَوْ مُسَاوِيهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ بِأَكْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ عَنْهُ بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ لَدَيَّ إخْرَاجِهِ قَيْدٌ لِقَدْرِ رُبُعِ دِينَارٍ، وَلِمِلْكِ غَيْرِهِ، بَلْ، وَلِلْقُيُودِ الْآتِيَةِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْجَمِيعِ، أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ كَانَ، أَوْلَى

، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَسْرُوقِ مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ مَالُ الْحَرْبِيِّ (إنْ فَقَدَا) أَيْ: الْمَسْرُوقُ (حَقًّا لِسَارِقٍ) فِيهِ، فَلَا يُقْطَعُ فَقِيرٌ مُسْلِمٌ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ، أَوْ الْمَصَالِحِ، وَلَا غَنِيٌّ مُسْلِمٌ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (بِغَيْرِ شِرْكِهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ، وَبِدُونِهَا بِجَعْلِ التَّاءِ لِلتَّأْنِيثِ أَيْ: وَبِغَيْرِ شَرِكَةٍ لَهُ فِي الْمَسْرُوقِ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ مَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ، وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ إذْ مَا مِنْ قَدْرٍ يَأْخُذُهُ إلَّا وَلَهُ فِيهِ جُزْءٌ فَكَانَ شُبْهَةً كَوَطْئِهِ الْمُشْتَرَكَةَ، وَيُغْنِي عَنْ هَذَا، أَوْ مَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ:(وَ) بِغَيْرِ (شُبْهَةٍ) لَهُ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ، وَبِالْعَكْسِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا شُبْهَةَ فِي كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مُبَاحَ الْأَصْلِ كَحَطَبٍ، وَحَشِيشٍ، وَصَيْدٍ، وَلَا فِي كَوْنِهِ رَطْبًا مُتَعَرِّضًا لِلْفَسَادِ كَالْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا: وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الطَّعَامِ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ إنْ وُجِدَ، وَلَوْ عَزِيزًا بِثَمَنٍ غَالٍ، وَإِلَّا، فَلَا قَطْعَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه لَا قَطْعَ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ، وَلَا يُقْطَعُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قُطِعَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: أَوْ مُسَاوٍ (قَوْلُهُ: مَغْشُوشٍ) يَنْبَغِي إذَا سَاوَى الْغِشُّ مَا إذَا انْضَمَّ إلَى الذَّهَبِ بَلَغَ نِصَابًا أَنْ يُقْطَعَ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّبِيكَةِ) كَانَ الْمُرَادُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ، وَإِلَّا، فَلَا قَطْعَ أَيْضًا فِي السَّبِيكَةِ عَلَى طَرِيقِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَقَامَ إلَخْ.) فَقَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَزْنِ إلَخْ. مَعْنَاهُ بِالْوَزْنِ، فَقَطْ، أَوْ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا أَيْ:، وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي، فَإِذَا انْتَفَى الْقَطْعُ فِيهِمَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.

، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْبَحْثُ الَّذِي، أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ مَلَكَهُ بِخَلْطِهِ بِمِلْكِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْغَصْبِ، فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْأَبِ إلَخْ.)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَقْفَةٌ) قَدْ تُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ فَكَأَنَّهُ قَاصِدٌ لَهَا غَيْرُ مُبَالٍ بِهَا. اهـ. كَذَا قِيلَ: وَلَا يَظْهَرُ فِي الْخَائِنِ فِي الْوَدِيعَةِ بِإِنْكَارِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لِتَمَكُّنِ الْمُودِعِ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا كَأَنْ أَخَذَ الْوَدِيعَ لَهَا عِيَانًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تُقْطَعُ يُمْنَاهُ) بَيَانٌ لِلْخَبَرِ الْآتِي فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ) أَيْ: مَعَ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِي رُبْعًا) أَيْ: بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: عَدَم الْقَطْعِ فِيهِ) أَيْ: نَظَرًا لِلْوَزْنِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ، وَزْنُهُ رُبُعًا قُطِعَ بِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فِي الذَّهَبِ) أَخْرَجَ الْفِضَّةَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْقِيمَةُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْحَاصِلُ أَنَّ الذَّهَبَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ الْوَزْنُ، وَبُلُوغُ قِيمَتِهِ رُبُعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ، وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَقَطْ. اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ، وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ التَّحْدِيدُ بِرُبُعِ الدِّينَارِ، وَهُوَ ذَهَبٌ فَمَتَى وُجِدَ الذَّهَبُ تَعَيَّنَ الْوَزْنُ لِإِمْكَانِهِ، وَإِلَّا

ص: 90

بِسَرِقَةِ مَا قَبْلَ هِبَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ سَرِقَةِ مَا، وَصَّى لَهُ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ (وَدُونَ ظَنِّ مِلْكِهِ وَ) مِلْكِ (الْبَعْضِ، وَالسَّيِّدِ) ، فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَا ظَنَّهُ مِلْكَهُ، أَوْ مِلْكَ بَعْضِهِ أَيْ: أَصْلِهِ، أَوْ فَرْعِهِ، أَوْ مِلْكِ سَيِّدِهِ لِلشُّبْهَةِ سَوَاءٌ فِي الْأَخِيرَةِ الْقِنُّ، وَغَيْرُهُ حَتَّى الْمُبَعَّضَ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ وَالرَّافِعِيُّ كَالْغَزَالِيِّ أَدْرَجَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي الشُّبْهَةِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَوْ سَرَقَ السَّيِّدَ مِمَّنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ مَا مَلَكَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا قَالَ الْقَفَّالُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ بِهَا فِي الْحَقِيقَةِ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَصَارَ شُبْهَةً، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ يُقْطَعُ لِتَمَامِ مِلْكِهِ كَمَالِ الشَّرِيكِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ بِالْأَوَّلِ

(أَوْ دَعْوَاهُ، وَلِلشَّرِيكِ) أَيْ: وَدُونَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكٌ، وَلِبَعْضِهِ، أَوْ لِسَيِّدِهِ، أَوْ لِشَرِيكِهِ (فِي) الْأَمْرِ (الَّذِي عَانَاهُ) مِنْ السَّرِقَةِ، فَلَا يُقْطَعُ إذَا ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فَصَارَ شُبْهَةً، وَيُقْطَعُ الشَّرِيكُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ، وَلَوْ ادَّعَى نَقْضَ الْقِيمَةِ، فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ (أَوْ) دُونَ (اعْتِرَافِهِ) أَيْ: الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكُ السَّارِقِ، فَلَا قَطْعَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ لِسُقُوطِ الْخُصُومَةِ (وَلَوْ إنْ كَذَبَا) أَيْ: وَلَوْ أَنَّ الْبَعْضَ، أَوْ السَّيِّدَ، أَوْ الشَّرِيكَ فِي تِلْكَ، وَالسَّارِقَ فِي هَذِهِ أَنْكَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا (أُحْرِزَ) أَيْ: رُبُعٌ، أَوْ مُسَاوٍ لَهُ مُحْرَزٌ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَا لَيْسَ مُحْرَزًا لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ إلَّا فِيمَا آوَاهُ الْمَرَاحُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْ التَّمْرِ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَعْظُمُ بِمُخَاطَرَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَحُكِمَ بِالْقَطْعِ زَجْرًا بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَّأَهُ الْمَالِكُ، وَمَكَّنَهُ بِتَضْيِيعِهِ، وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَانَ رُبُعَ دِينَارٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ، وَيَخْتَلِفُ الْحِرْزُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَالْأَحْوَالِ، وَلَمْ يَحُدَّهُ الشَّرْعُ، وَلَا اللُّغَةُ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْإِحْيَاءِ، فَلَا قَطْعَ إلَّا بِسَرِقَةِ مَا أَحْرَزَ فِي مَوْضِعٍ يَسْتَحِقُّ الْمُحْرِزُ نَفْعَهُ، وَلَوْ بِالْعَارِيَّةِ مِنْ السَّارِقِ، أَوْ غَيْرِهِ

(لَا فِي مَوْضِعٍ قَدْ غُصِبَا) ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَا فِيهِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مَالِكُ الْحِرْزِ أَمْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِغَاصِبِهِ، وَلِمَالِكِهِ دُخُولُهُ (وَلَا) بِسَرِقَتِهِ الْمَالَ (الَّذِي أَحْرَزَ مَعَ مَغْصُوبِهِ) بِحِرْزِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ السَّارِقُ مِنْ مَغْصُوبِهِ شَيْئًا إذْ لَهُ دُخُولُهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَيُقْطَعُ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَعَ الْمَغْصُوبِ، وَلَا يُقْطَعُ بِالْمَغْصُوبِ إذْ مَالِكُهُ لَمْ يَرْضَ بِإِحْرَازِهِ بِحِرْزِ غَاصِبِهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِزٍ، وَلَوْ اشْتَرَى حِرْزًا، وَسَرَقَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مَالَ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى ثَمَنَهُ قُطِعَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْحَبْسِ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا، فَلَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (بِلَحْظِ) أَيْ: أَحْرَزَ بِلَحْظٍ (أَهْلٍ لِلْمُبَالَاةِ بِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِ السَّارِقِ بِقُوَّةٍ، أَوْ اسْتِغَاثَةٍ بِخِلَافِ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ ضَعِيفٍ مَعَ

ــ

[حاشية العبادي]

يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَتْ نَفَقَةُ السَّارِقِ، وَاجِبَةً كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ نَظِيرُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَرِقَةٍ إلَخْ.) قَدْ يُفَرَّقُ بِتَقْصِيرِ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ) هَذَا، وَإِنْ، أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ إنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَبُولِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَلَكَ سَيِّدُهُ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِأَمَةِ سَيِّدِهِ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِبَعْضِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْبَعْضَ بِرّ (قَوْلُهُ: مِنْ السَّرِقَةِ) بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ) الشَّرِيكُ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إنْ كَذِبًا) هِيَ أَلِفُ التَّثْنِيَةِ

(قَوْلُهُ: بِلَحْظِ أَهْلٍ لِلْمُبَالَاةِ) اعْتَبَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَاحِظُ بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَقِيمَتُهُ، وَلَفْظُ الْخَبَرِ فِي مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَرِقَةِ إلَخْ.) لِوُجُودِ الْقَبُولِ فِي الْهِبَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ. اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ:، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ:

ص: 91

بَعْدَ الْغَوْثِ، وَإِنَّمَا يَكْفِي اللَّحْظُ (إنْ دَامَ) ، وَالْمَالُ (فِي الصَّحْرَاءِ، وَفِي الشَّارِعِ، أَوْ سِكَّةٍ سُدَّتْ) مِنْ أَسْفَلِهَا (وَنَحْوِ) أَيْ: أَوْ فِي نَحْوِ (الْجَامِعِ) مِمَّا لَا حَصَانَةَ لَهُ كَمَسْجِدٍ، وَمَدْرَسَةٍ، وَرِبَاطٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِ الْجَامِعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْمَسْجِدِ، وَالتَّعْبِيرُ بِدَوَامِ اللَّحْظِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ الْفَتَرَاتِ الْعَارِضَةَ لِلَّاحِظِ فِي الْعَادَةِ تَقْدَحُ فِي اللَّحْظِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَقْدَحُ فِيهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ اللَّحْظُ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهِ فَلَوْ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ، وَأَخَذَ فِي فَتْرَةٍ مِنْ تِلْكَ الْفَتَرَاتِ قُطِعَ (بِغَيْرِ نَوْمٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ اللَّاحِظِ (أَوْ دَعْوَاهُ) أَيْ: السَّارِقِ نَوْمَ اللَّاحِظِ، فَإِنْ نَامَ اللَّاحِظُ، أَوْ ادَّعَاهُ عَلَيْهِ السَّارِقُ، أَوْ ادَّعَى إعْرَاضَهُ عَنْ اللَّحْظِ، فَلَا قَطْعَ كَدَعْوَاهُ الْمِلْكَ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ نَوْمٍ مِنْهُ إيضَاحٌ لِمَعْنَى الدَّوَامِ، وَكَذَا قَوْلُهُ:(وَلَا بِأَنْ، وَلَّى) أَيْ: اللَّاحِظُ (لَهُ) أَيْ: لِلْمَالِ (قَفَاهُ، وَزَحْمَةٍ تَشْغَلُ) أَيْ: بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَبِغَيْرِ زَحْمَةٍ تَشْغَلُهُ عَنْ دَوَامِ اللَّحْظِ كَكَثْرَةِ الطَّارِقِينَ، وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى الدُّكَّانِ، فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا قَطْعَ (أَوْ بِالْجَارِي) أَيْ: أَحْرَزَ بِلَحْظٍ دَائِمٍ بِلَا حَصَانَةٍ لِلْمَوْضِعِ كَمَا تَقَرَّرَ، أَوْ بِلَحْظٍ جَارٍ (فِي الْعُرْفِ) أَيْ: مُعْتَادٍ (مَعَ حَصَانَةٍ) لِلْمَوْضِعِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَهُ حَصَانَةٌ (كَدَارِ) مُتَّصِلَةٍ بِالْعُمْرَانِ.

(تُغْلَقُ) أَيْ: مَغْلُوقَةٌ، وَلَا حَافِظَ فِيهَا فَهِيَ حِرْزٌ (فِي النَّهَارِ) زَمَنَ أَمْنٍ اعْتِمَادًا عَلَى لَحْظِ الْجِيرَانِ بِخِلَافِ زَمَنِ الْخَوْفِ، وَاللَّيْلِ، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ (أَوْ) كَدَارٍ مُتَّصِلَةٍ بِمَا قُلْنَا (بِحَافِظِ) أَيْ: مَعَ حَافِظٍ فِيهَا فَهِيَ فِي النَّهَارِ، وَاللَّيْلِ (إلَّا بِفَتْحٍ) لَهَا (مَعَ مَنَامِ اللَّاحِظِ) فِيهَا، فَلَا تَكُونُ حِينَئِذٍ حِرْزًا لِمَا فِيهَا، وَلَوْ نَهَارًا، وَزَمَنَ أَمْنٍ، وَلَا نَظَرَ لِلَحْظِ الْجِيرَانِ لِتَسَاهُلِهِمْ فِيهِ إذَا عَلِمُوا بِأَنَّ الْحَافِظَ فِيهَا نَعَمْ مَا فِيهَا مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقَاضِي، وَأَمَّا أَبْوَابُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ غَلْقٍ، وَحِلَقٍ، وَمَسَامِيرَ فَمُحَرَّزَةٌ بِتَرْكِيبِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ كَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ أَيْضًا، وَمِثْلُهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ سُقُوفُ الدَّارِ، وَرُخَامُهَا، وَجُدُرُهَا، وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ إغْلَاقَ بَابِ الدَّارِ مَعَ تَيَقُّظِ الْحَافِظِ، أَوْ نَوْمِهِ، وَفَتْحِهِ مَعَ تَيَقُّظِهِ نَعَمْ إنْ تَغَفَّلَهُ فِي هَذِهِ سَارِقٌ فَلَيْسَتْ حِرْزًا لِتَقْصِيرِهِ فِي اللَّحْظِ مَعَ فَتْحِهَا، فَإِنْ بَالَغَ فِيهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْرَازُ بِالصَّحْرَاءِ فَانْتَهَزَ السَّارِقُ فُرْصَةً قُطِعَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَيَلْتَحِقُ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ مَا لَوْ كَانَ مَرْدُودًا، وَخَلْفَهُ نَائِمٌ بِحَيْثُ لَوْ فُتِحَ لَأَصَابَهُ، وَانْتَبَهَ، وَقَالَ: إنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الضَّبَّةِ، وَالْمِتْرَاسِ قَالَ: وَكَذَا لَوْ كَانَ نَائِمًا أَمَامَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَوْ فُتِحَ لَانْتَبَهَ بِصَرِيرِهِ قَالَ: وَفِي الِاسْتِدْرَاكِ لِلدَّارِمِيِّ، فَإِنْ نَامَ عَلَى بَابٍ مَفْتُوحٍ فَهُوَ مُحْرَزٌ إذَا كَانَ لَهُ صَرِيرٌ. اهـ.

أَمَّا الدَّارُ الْمُنْفَصِلَةُ عَنْ الْعُمْرَانِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مُبَالٍ بِهِ يَقْظَانُ فَحِرْزٌ مَعَ فَتْحِهَا، وَإِغْلَاقِهَا، أَوْ نَائِمٌ مَعَ فَتْحِهَا، فَلَا، أَوْ مَعَ إغْلَاقِهَا فَالْأَقْرَبُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا حِرْزٌ، وَبِهِ أَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ أَقْوَى، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ فِي الْفَتْوَى الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ، وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مُقَابِلُهُ

(وَخَيْمَةٍ) أَيْ:، وَكَخَيْمَةٍ فِي الصَّحْرَاءِ (مُرْسَلَةٍ أَذْيَالَا) بِالنَّصْبِ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: مُرْسَلَةٌ أَذْيَالُهَا (مَشْدُودَةِ الْأَطْنَابِ بِالْمُبَالَى) أَيْ: مَعَ وُجُودِ الْحَافِظِ الْمُبَالِي بِهِ فِيهَا، وَلَوْ نَائِمًا فَإِنَّهَا حِرْزٌ لِمَا فِيهَا بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ بَابَهَا، بَلْ إذَا كَانَ مُسْتَيْقِظًا لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ فِيهَا، بَلْ يَكْفِي كَوْنُهُ بِمَوْضِعٍ يَحْصُلُ مِنْهُ اللَّحْطُ بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ، وَيَنْزَجِرُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا، وَلَمْ تُرْسَلْ أَذْيَالُهَا فَهِيَ وَمَا فِيهَا كَمَتَاعٍ مَوْضُوعٍ بِالصَّحْرَاءِ، وَلَوْ شُدَّتْ أَطْنَابُهَا، وَلَمْ تُرْسَلْ أَذْيَالُهَا لَمْ يُقْطَعْ بِمَا فِيهَا، وَيُقْطَعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مُحْرَزَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، أَمَّا الْخَيْمَةُ الْمَضْرُوبَةُ بِالْعُمْرَانِ فَكَمَتَاعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي السُّوقِ، وَلَوْ نَحَّى السَّارِقُ النَّائِمَ فِيهَا، ثُمَّ سَرَقَ، فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِرْزًا حِينَ سَرَقَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَيُوَافِقُهُ مَا فِيهِمَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ نَامَ عَلَى ثَوْبٍ فَرَفَعَهُ عَنْهُ السَّارِقُ ثُمَّ أَخَذَهُ، فَلَا قَطْعَ، وَاسْتَشْكَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

السَّرِقَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ: مُعْتَادٍ) أَيْ: كَلَحْظِ الْجِيرَانِ الْآتِي أَوَّلَ الصَّفْحَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ حَصَانَتِهِ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَصَانَةَ وَحْدَهَا لَا تَكْفِي وَإِنْ بَلَغَتْ النِّهَايَةَ بِرّ (قَوْلُهُ: مَعَ حَافِظٍ فِيهَا) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي حَافِظٌ خَارِجٌ عَنْهَا لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ الدَّارِمِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِالنَّائِمِ عَلَى بَابٍ مَفْتُوحٍ لَهُ صَرِيرٌ، وَعَنْ الْبُلْقِينِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ بِالنَّائِمِ أَمَامَ الْبَابِ إذَا كَانَ يَنْتَبِهُ بِصَرِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَيْلًا، وَزَمَنَ خَوْفٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ يَنْبَغِي اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ، وَزَمَنِ الْأَمْنِ إلَّا أَنْ يُلَاحَظَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْعِرَاقِيِّ فِي حِرْزِ الْمَاشِيَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ بِمَا فِيهَا، وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ: إذَا كَانَ هُنَاكَ حَافِظٌ يَرَاهَا دُونَ مَا فِيهَا، فَإِنْ انْتَفَى الْحَافِظُ مُطْلَقًا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا قَطْعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ وُجِدَ حَافِظٌ يَرَاهَا، وَمَا فِيهَا، فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ) يَنْبَغِي نَهَارًا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: مَعَ تَيَقُّظِ الْحَافِظِ، أَوْ نَوْمِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ النَّهَارُ، وَاللَّيْلُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ إغْلَاقِهَا إلَخْ.) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْبَابُ مَرْدُودًا فَقَطْ، وَنَامَ خَلْفَهُ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ بِصَرِيرِهِ، أَوْ مَفْتُوحًا، وَنَامَ فِي فَتْحَتِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحْرِزًا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ ومَرَّ

(قَوْلُهُ: بَلْ إذَا كَانَ مُسْتَيْقِظًا لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ فِيهَا) يُفِيدُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ النَّائِمِ فِيهَا لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، أَوْ نَامَ بِقُرْبِهَا. اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّارِ، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَيْمَةَ أَهْيَبُ، وَالنُّفُوسُ مِنْهَا أَرْهَبُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَكَمَتَاعٍ

ص: 92

السَّارِقَ إذَا أَزَالَ الْحِرْزَ بِالنَّقْبِ، وَنَحْوِهِ يُقْطَعُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَذَلِكَ زَادَ الْأَذْرَعِيُّ أَلَا تَرَى قَوْلَ ابْنِ الْقَطَّانِ وَلَوْ سَرَقَ جَمَلًا، وَرَاكِبُهُ نَائِمٌ، فَإِنْ أَلْقَاهُ عَنْهُ، وَهُوَ نَائِمٌ، وَأَخَذَ الْجَمَلَ قُطِعَ، وَخَرَجَ بِالْمُبَالَى بِهِ غَيْرُهُ فَلَيْسَتْ حِرْزًا بِهِ

(وَكَالْحَوَانِيتِ بِجَارٍ رَامِقِ) أَيْ: مَعَ رَمْقِ الْجَارِ لَهَا فَإِنَّهَا حِرْزٌ بِهِ بِالنَّهَارِ لِمَا فِيهَا نَعَمْ مَا وُضِعَ عَلَى أَطْرَافِهَا، وَقَدْ نَامَ مَالِكُهُ، أَوْ غَابَ إنَّمَا يَكُونُ مُحْرَزًا بِذَلِكَ إنْ ضَمَّ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ، وَرَبَطَهُ بِحَبْلٍ، أَوْ عَلَّقَ عَلَيْهِ شَبَكَةً، أَوْ، وَضَعَ بِوَجْهِ الْحَانُوتِ لَوْحَيْنِ مُخَالِفَيْنِ، أَمَّا بِاللَّيْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَارِسٍ (وَ) مِثْلُ (عَرْصَةِ الْخَانِ) فَإِنَّهَا حِرْزٌ (لِبَعْضٍ) مِنْ الْمَالِ (لَائِقِ) ، وَضْعُهُ فِيهَا كَالدَّوَابِّ، وَالْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ الْمُعْتَادَةِ، وَضْعُهَا فِيهَا كَأَحْمَالِ الْقُطْنِ، وَالتَّقْيِيدُ بِلَائِقٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكُلٌّ مِنْ الدُّورِ، وَالْخَيْمَةِ، وَالْحَوَانِيتِ، وَالْعَرْصَةِ حِرْزٌ (لَا) فِي حَقِّ (الضَّيْفِ) فِي الدَّارِ، وَالْخَيْمَةِ، وَنَحْوِهِمَا لِأَثَرٍ وَرَدَ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (وَ) لَا فِي حَقِّ (الْجَارِ) فِي الْحَوَانِيتِ، وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَسْرِقُهُ مِنْهَا مُحْرَزٌ بِهِ لَا عَنْهُ (وَ) لَا فِي حَقِّ (مَنْ قَدْ سَكَنَا) فِي عَرْصَةِ الْخَانِ قِيَاسًا عَلَى الضَّيْفِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا أَحْرَزَ عَنْهُ كَأَنْ سَرَقَ الضَّيْفُ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ قُطِعَ

، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا لَهُ حَصَانَةٌ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ مَا يُحْرَزُ فِيهِ فَقَالَ (كَخَيْلِ الْإِصْطَبْلِ) ، وَبِغَالِهِ، وَحَمِيرِهِ فَإِنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً مُحْرَزَةٌ بِالْإِصْطَبْلِ لِلْعَادَةِ، وَلَوْ قَالَ كَالْحَاوِي كَدَابَّةِ الْإِصْطَبْلِ كَانَ، أَوْلَى لِتَنَاوُلِهِ الْبِغَالَ، وَالْحَمِيرَ، وَإِنْ كَانَا مَفْهُومَيْنِ بِالْأُولَى، وَخَرَجَ بِالدَّابَّةِ الثِّيَابُ، وَالنُّقُودُ، وَنَحْوُهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْرَاجَ الدَّابَّةِ مِمَّا يَظْهَرُ، وَيَبْعُدُ الِاجْتِرَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهَا مِمَّا يَخْفَى، وَيَسْهُلُ إخْرَاجُهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَغَيْرُهُ آنِيَةُ الْإِصْطَبْلِ كَالسَّطْلِ، وَثِيَابُ الْغُلَامِ، وَآلَاتُ الدَّوَابِّ مِنْ سُرُوجٍ، وَبَرَاذِعَ، وَلُجُمٍ، وَرِحَالِ جِمَالٍ، وَقِرْبَةِ السِّقَاءِ، وَالرَّاوِيَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي إصْطَبْلَاتِ الدَّوَابِّ، وَأَطْلَقَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ كَوْنَ الْإِصْطَبْلِ حِرْزًا لِلدَّوَابِّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَبِنَاءِ الْمَاشِيَةِ فِي الْحُكْمِ، وَسَيَأْتِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَغَيْرُهُ (وَفِي الصَّحْنِ الْإِنَا) أَيْ: وَكَالْإِنَاءِ فِي صَحْنِ الدَّارِ فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ بِهِ.

(كَثَوْبِ بِذْلَةٍ) بِخِلَافِ الْحُلِيِّ، وَالنُّقُودِ، وَالثِّيَابِ النَّفِيسَةِ إذْ الْعَادَةُ فِيهَا الْإِحْرَازُ فِي الْمَخَازِنِ، وَالصَّنَادِيقِ (وَمِثْلُ الْمَاشِيَهْ فِي مُغْلَقٍ مُتَّصِلٍ) بِالْعِمَارَةِ فَإِنَّهَا مُحْرَزَةٌ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَافِظٌ لِلْعَادَةِ، وَقَوْلُهُ (مِنْ أَبْنِيَهْ. وَنَحْوِهَا) أَيْ: كَمَرَاحٍ مِنْ حَطَبٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ حَشِيشٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ بَيَانٌ لِمُغْلَقٍ، وَقَوْلُهُ، وَنَحْوِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالنَّهَارِ، وَلَا بِزَمَنِ الْأَمْنِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الدَّارِ قَالَ الشَّارِحُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِالتَّسَامُحِ فِي أَمْرِ الْمَاشِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَبْنِيَةُ مُغْلَقَةً، أَوْ لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِالْعِمَارَةِ، وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ اُعْتُبِرَ حَافِظٌ مُسْتَيْقِظٌ، أَوْ، وَهُوَ مُغْلَقٌ فَحَافِظٌ، وَلَوْ نَائِمًا، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي أَبْنِيَةٍ، وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَتْ تُرْعَى فَمُحْرَزَةٌ بِنَظَرِ الرَّاعِي، فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا فَذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَلَوْ نَامَ عَنْهَا، أَوْ تَشَاغَلَ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً، وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ صَوْتُهُ بَعْضَهَا إذَا زَجَرَهَا

فَفِي الْمُهَذَّبِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَسَكَتَ آخَرُونَ عَنْ اعْتِبَارِ بُلُوغِ الصَّوْتِ، وَاكْتَفَوْا بِالنَّظَرِ لِإِمْكَانِ الْعَدْوِ إلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَزَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى الْأَكْثَرِينَ، وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَارِكَةً، وَهِيَ مَعْقُولَةٌ لَمْ يَضُرَّ نَوْمُ الْحَافِظِ، وَاشْتِغَالُهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ فِي الْحَلِّ مَا يُنَبِّهُهُ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ مُلَاحَظَتُهُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً، وَهِيَ مَقْطُورَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ تُقَادُ فَحُكْمُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَكَقِطَارِ الْإِبِلِ) أَيْ: (تِسْعٍ) فَأَقَلُّ (مَعَ الْقَائِدِ) لَهَا فَإِنَّهَا مُحْرَزَةٌ بِهِ (فِي الْبَرِّ الْخَلِيّ) عَنْ الْمَارَّةِ (وَ) فِي (سِكَّةٍ) كَذَلِكَ

(قَدْ اسْتَوَتْ) مَعَ الْتِفَاتِ قَائِدِهَا إلَيْهَا

ــ

[حاشية العبادي]

فِيهَا أَيْضًا م ر (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْجَمَلَ قُطِعَ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْقَطْعِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ م ر

(قَوْلُهُ: وَثِيَاب الْغُلَامِ) شَامِلٌ لِلنَّفِيسَةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَاشِيَةِ) يُمْكِنُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى الْكَافِ إنْ جُعِلَتْ اسْمِيَّةً، وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ، وَإِنْ لَزِمَ زِيَادَتُهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ.) أَيْ: فَهِيَ مُحْرَزَةٌ (قَوْلُهُ: إذَا زَالَ الْحِرْزُ بِالنَّقْبِ) هَذَا هَتْكٌ لِلْحِرْزِ بِخِلَافِ رَفْعِهِ عَنْ الْمَتَاعِ فَإِنَّهُ رَفْعٌ لِلْحِرْزِ لَا هَتْكٌ لَهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْفَرْقُ بَيْنَ هَتْكِ الْحِرْزِ، وَرَفْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لمر

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا إلَخْ.) قَالَ م ر نَعَمْ طُرُوقُ الْمَارَّةِ لِلْمَرْعَى كَافٍ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَوْا إلَخْ.) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَكَقِطَارِ الْإِبِلِ إلَخْ.) مَا تَقَدَّمَ كَانَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَارَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَبْنِيَةٍ، أَوْ صَحْرَاءَ، وَهَذَا فِي السَّائِرَةِ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ ق ل، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْقِطَارُ، وَلَا عَدَدُهُ إلَّا فِي الْإِبِلِ، وَالْبِغَالِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا فِي الْعُمْرَانِ. .

اهـ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: خَلِيَّة كَمَا يُفِيدُهُ بَعْدَ إلَّا (قَوْلُهُ: أَيْ: تِسْعٌ) إشَارَةً إلَى أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ: مَعَ الْتِفَاتِ إلَخْ.) ، وَيَكْفِي عَنْ الْتِفَاتِهِ مُرُورُهَا بَيْنَ النَّاسِ فِي نَحْوِ الْأَسْوَاقِ

ص: 93

كُلَّ سَاعَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَخْلُ الْبَرِّيَّةُ، أَوْ السِّكَّةُ عَنْ الْمَارَّةِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ مُسْتَوِيَةً فَالْمُحْرَزُ مِنْهَا بِالْقَائِدِ (فَرْدٌ) ، وَهُوَ بَعْضُهَا الَّذِي يَنْظُرُهُ، وَمَا عَدَاهُ مِمَّا يَنْظُرُ إلَيْهِ الْمَارَّةُ مُحْرَزٌ بِنَظَرِهِمْ، فَإِنْ زَادَ الْقِطَارُ عَلَى تِسْعَةٍ فَالزَّائِدُ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْقِطَارَ بَعْدُ، وَتَوَسَّطَ السَّرَخْسِيُّ فَقَالَ فِي الْبَرِّيَّةِ: لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ، وَفِي الْعُمْرَانِ يُعْتَبَرُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِيهِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ سَبْعَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، فَإِنْ زَادَ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُحْرَزَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ الْأَحْسَنُ، وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَلَا كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَأَتْبَاعُهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالتِّسْعِ، أَوْ السَّبْعِ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَسَبَبُ اضْطِرَابِهِمْ فِي الْعَدَدِ اضْطِرَابُ الْعُرْفِ فَالْأَشْبَهُ الرُّجُوعُ فِي كُلِّ مَكَان إلَى عُرْفِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي (وَ) الْمُحْرَزُ مِنْ الْمَقْطُورَةِ (بِالرَّاكِبِ مَا تَعَلَّا) هـ أَيْ: رَكِبَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ مَا أَقَلَّا أَيْ: مَا حَمَلَ الرَّاكِبُ (وَمَا أَمَامَهُ) إلَى مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ نَظَرُهُ (وَوَاحِدٌ، وَرَا) ، وَهُوَ الْأَوَّلُ هَذَا إذَا لَمْ يُلَاحِظْ مَا، وَرَاءَهُ فَإِنْ لَاحَظَهُ فَكَالْقَائِدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْطُورَةُ تُسَاقُ فَحُكْمُهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَمَا أَمَامَ سَائِقٍ) لَهَا (مَا نَظَرَا) أَيْ: السَّائِقُ إلَيْهِ مُحْرَزٌ بِهِ، وَاعْتِبَارُ النَّظَرِ زَادَهُ النَّاظِمُ، أَمَّا غَيْرُ الْمَقْطُورَةِ بِأَنْ كَانَتْ تُسَاقُ، أَوْ تُقَادُ بِلَا قَطْرٍ فَالْأَصَحُّ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْرَزَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسِيرُ هَكَذَا غَالِبًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا عَنْ جَمَاعَةٍ، وَنَقَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهَا كَالْمَقْطُورَةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَغَيْرِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِسَوْقِ إبِلِهِمْ بِلَا تَقْطِيرٍ. اهـ.

(وَ) مِثْلُ (الْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ) ، وَهُوَ مَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ بِالْقَبْرِ لِلْعَادَةِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَفِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» (لَا) إنْ كَانَ (بِقَبْرِ قَدْ ضَاعَ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِمَارَةٍ، وَلَا عَلَى طَرَفِهَا، وَلَا مُتَّصِلًا بِالْمَقَابِرِ، وَلَا لَهُ حَارِسٌ؛ لِأَنَّ السَّارِقَ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ، أَمَّا الزَّائِدُ عَلَى الشَّرْعِيِّ مِنْ كَفَنٍ، وَغَيْرِهِ بِأَنْ زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ دُفِنَ مَعَهُ غَيْرُ الْكَفَنِ فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ بِالْقَبْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ بِبَيْتٍ فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ بِهِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ، وَلَوْ غَالَى فِي الْكَفَنِ بِحَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُخَلَّى مِثْلُهُ بِلَا حَارِسٍ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ، وَإِنَّمَا يُقْطَعُ النَّبَّاشُ إذَا أَخْرَجَ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ فَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ اللَّحْدِ إلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ، وَتَرَكَهُ هُنَاكَ، فَلَا قَطْعَ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيَجُوزُ

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَمَا عَدَاهُ مِمَّا يَنْظُرُ إلَيْهِ الْمَارَّةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كُلَّ سَاعَةٍ) بِأَنْ لَا يَطُولَ زَمَنٌ عُرْفًا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَرَاهَا) أَيْ: جَمِيعَهَا، وَإِلَّا فَمَا يَرَاهُ خَاصَّةً م ر (قَوْلُهُ: أَوْ السِّكَّةِ) لَعَلَّهُ أَخَذَ تَقْيِيدَهَا بِالْخُلُوِّ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ الْمُتَوَسِّطِ لِجَمِيعِ الْمُتَعَاطِفَاتِ (قَوْلُهُ: مُحْرَزَةٌ بِنَظَرِهِمْ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَارَّةٌ، فَلَا إحْرَازَ (قَوْلُهُ: فَالزَّائِدُ غَيْرُ مُحْرَزٍ) أَيْ: بِمَا قِيلَ فِي إحْرَازِ الْقِطَارِ، بَلْ يَكُونُ كَغَيْرِ الْمَقْطُورِ فَيُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ تَرْعَى إلَخْ. اهـ. مِنْ م ر (قَوْلُهُ: وَتَوَسَّطَ السَّرَخْسِيُّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر عَلَى ج (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمَقْطُورَةِ إلَخْ.) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا، وَكَقِطَارِ الْإِبِلِ مَعَ الْقَائِدِ، وَقَوْلُهُ: هُنَا، وَمَا أَمَامَ سَائِقٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَقْطُورَةِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْطُورَةُ تُسَاقُ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ.) قَصَرَ الْمَحَلِّيُّ الْخِلَافَ عَلَى الْمَسُوقَةِ، وَاعْتَمَدَ ق ل عَلَيْهِ أَنَّهَا مُحْرَزَةٌ بِسَائِقِهَا الْمُنْتَهِي نَظَرُهُ إلَيْهَا أَمَامَ الْمَقْطُورَةِ فَاعْتَمَدَ أَنَّهَا لَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا مُحْرَزَةً فِي الْعُمْرَانِ مِنْ الْقِطَارِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا تُقَادُ بِلَا قَطْرٍ أَنْ يَقُودَ أَوَّلَهَا، وَيَتْبَعُهُ بَاقِيهَا، أَوْ يَمْشِي أَمَامَهَا فَتَتْبَعُهُ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ اشْتِرَاطُ الْقَطْرِ فِي كُلٍّ مِنْ السَّوْقِ، وَالْقَوَدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر الِاكْتِفَاءُ بِالسَّوْقِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَطْرِ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَفَنِ) نَقَلَ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مُحْتَرَمًا، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ كَفَنِ الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ) بِالْقَبْرِ قَالَ خ ط عَنْ الزَّرْكَشِيّ إلَّا إنْ خَرَجَ الْمَيِّتُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَنُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ سَرَقَ الْحُرُّ الْعَاقِلُ، وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا مُتَّصِلًا بِالْمَقَابِرِ) أَيْ: الَّتِي عَلَى طَرَفِ الْعِمَارَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِهِ تَدَبَّرْ. فَالْمَقْبَرَةُ عَلَى طَرَفِ الْعِمَارَةِ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ، وَإِنْ اتَّسَعَتْ جِدًّا قَالَ ع ش إلَّا إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ فِي وَقْتٍ يَبْعُدُ شُعُورُ النَّاسِ فِيهِ بِالسَّارِقِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ. اهـ. فَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ) أَيْ: لَيْسَ الزَّائِدُ عَلَى الْخَمْسَةِ، وَمَا دُفِنَ مَعَ الْكَفَنِ بِمُحْرَزٍ، أَمَّا

ص: 94

تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ بَيْتٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَجُمِعَتْ الْحِجَارَةُ حَوْلَهُ فَكَالدَّفْنِ خُصُوصًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْحَفْرُ قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَفْنٍ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَحْرِ فَطُرِحَ فِي الْمَاءِ لَا يُقْطَعُ سَارِقُ كَفَنِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ، فَإِنْ غَيَّبَهُ الْمَاءُ فَغَاصَ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إلْقَاءَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُعَدُّ إحْرَازًا كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَغَيَّبَتْهُ الرِّيحُ بِالتُّرَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ (وَالْوَارِثُ خَصْمُ) السَّارِقِ فِي هَذَا (الْأَمْرِ) أَيْ: أَخْذِ الْكَفَنِ إنْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَالْأَجْنَبِيُّ) هُوَ (الْخَصْمُ) فِيهِ (إنْ يُكَفِّنْ مِنْ مَالِهِ) لِذَلِكَ، وَهُوَ عَارِيَّةٌ لَا رُجُوعَ فِيهَا كَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ، وَالْخَصْمُ فِيهِ إذَا كَفَّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْإِمَامُ، وَلَوْ أَكَلَ السَّبْعُ الْمَيِّتَ، وَبَقِيَ الْكَفَنُ رُدَّ إلَى مَالِكِهِ

(فَرْعٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ، وَضَاعَ كَفَنٌ ثَانِيًا مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ فَكَمَنْ مَاتَ، وَلَا تَرِكَةَ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا كُفِّنَ، وَقُسِمَتْ التَّرِكَةُ، ثُمَّ سُرِقَ لَا يَلْزَمُهُمْ تَكْفِينُهُ ثَانِيًا بَلْ يُسْتَحَبُّ قَالَ، وَهَذَا أَقْوَى

(وَلَوْ) أَخْرَجَ النِّصَابَ (بِنَحْوِ مِحْجَنِ) كَكُلَّابٍ بِطَرَفِ حَبْلٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْحِرْزَ إذْ النَّظَرُ لِلْإِخْرَاجِ لَا لِكَيْفِيَّتِهِ، وَلَفْظَةُ نَحْوِ زَادَهَا النَّاظِمُ، وَالْمِحْجَنُ عَصًا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ (وَ) لَوْ أَخْرَجَهُ (دَفَعَاتٍ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ هَتَكَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً (لَا إذَا تَخَلَّلَا) بَيْنَهَا (عِلْمٌ مِنْ الْمَالِكِ) بِالْهَتْكِ (ثُمَّ أَهْمَلَا) إعَادَةَ الْحِرْزِ، فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ كَذَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَتَبِعَهُمَا النَّاظِمُ بِزِيَادَتِهِ، ثُمَّ أَهْمَلَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْطَعُ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ، وَإِنْ اشْتَهَرَ هَتْكُ الْحِرْزِ، أَوْ تَخَلَّلَ، وَأَعَادَ الْحِرْزَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَالْمَأْخُوذُ بَعْدَ الْإِعَادَةِ سَرِقَةٌ أُخْرَى فَكَلَامُ الْحَاوِي أَحْسَنُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ إعَادَتَهُ الْحِرْزَ فَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ (كَنَقْبِهِ) الْحِرْزِ (فِي لَيْلَةٍ، وَنَقْلِهِ) الْمَالَ (فِيمَا سِوَاهَا عَنْ مَكَان أَهْلِهِ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا لَوْ نَقَبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَأَخْرَجَ آخِرَهُ إلَّا إذَا تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ بِالنَّقْبِ، وَأَهْمَلَ الْإِعَادَةَ، فَلَا قَطْعَ لَانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَزِيَادَةُ الْإِهْمَالِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ حَسَنَةٌ، وَإِنَّمَا قُطِعَ فِي نَظِيرِهَا مِنْ تِلْكَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَمَّمَ السَّرِقَةَ، وَهُنَا ابْتَدَأَهَا، وَفِي مَعْنَى عِلْمِ الْمَالِكِ بِذَلِكَ فِيهَا ظُهُورُهُ لِلطَّارِقِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ (قُلْتُ) مَحَلُّ الْقَطْعِ فِيهَا (إذَا أَخْرَجَهُ النَّقَّابُ) ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ، وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِ الْحَاوِي كَالنَّقْبِ، وَالْإِخْرَاجِ، وَإِلَّا فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا مَرَّ مُغْنٍ عَنْهَا

(أَوْ قَلَّ) أَيْ: وَكَأَنْ قَلَّ الْمَسْرُوقُ عَنْ نِصَابٍ كَثَوْبٍ لَا يُسَاوِي نِصَابًا (وَالْجَيْبُ بِهِ) أَيْ: فِيهِ (نِصَابُ) أَيْ: تَمَامُهُ، وَجَهِلَهُ السَّارِقُ (أَوْ) كَثُرَ بِأَنْ بَلَغَ نِصَابًا كَدِينَارٍ (ظَنَّهُ فَلْسًا) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إذْ لَا أَثَرَ لِجَهْلِهِ، وَظَنِّهِ (كَفِي كُنْدُوجِ يُنْقَبُ فَانْصِبْ) مِمَّا فِيهِ مِنْ بُرٍّ، أَوْ غَيْرِهِ نِصَابٌ (عَلَى التَّدْرِيجِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُمْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كُفِّنَ أَوَّلًا بِمَا يَجِبُ لَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، فَإِنْ كُفِّنَ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ مَا بَقِيَ، وَإِنْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْكَفَنُ الشَّرْعِيُّ: وَحْدَهُ فَمُحْرَزٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وشَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ وَضْعَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يُعَدُّ إحْرَازًا (قَوْلُهُ: لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ: مِلْكِ الْوَارِثِ، وَإِنْ قَدِمَ بِهِ الْمَيِّتُ، وَلِذَا لَا يُقْطَعُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، أَوْ، وَلَدُهُ لَوْ سَرَقَهُ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَارِيَّةٌ) أَيْ: لِلْمَيِّتِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ، وَفِي م ر أَنَّهُ كَالْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَكَمَنْ مَاتَ إلَخْ.) فَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُهُمْ، بَلْ يُنْدَبُ) ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ كُفِّنَ أَوَّلًا فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، وَإِلَّا لَزِمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا. اهـ.

شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: تَمَّمَ السَّرِقَةَ) أَيْ: فَوَقَعَ الْأَخْذُ الثَّانِي تَابِعًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ مَتْبُوعِهِ إلَّا قَاطِعٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ الْعِلْمُ، وَالْإِعَادَةُ السَّابِقَانِ دُونَ أَحَدِهِمَا، وَدُونَ مُجَرَّدِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَكِّدُ الْهَتْكَ الْوَاقِعَ، فَلَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لَهُ، وَهُنَا مُبْتَدِي سَرِقَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ لَمْ يَسْبِقْهَا هَتْكُ الْحِرْزِ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَكِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ مَقْصُودَيْنِ لَا تَبَعِيَّةَ بَيْنَهُمَا نَقْبٌ سَابِقٌ، وَإِخْرَاجٌ لَاحِقٌ، وَإِنَّمَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَإِنْ ضَعُفَ فَكَفَى تَخَلُّلُ عِلْمِ الْمَالِكِ، أَوْ الْإِعَادَةُ بِالْأُولَى، أَوْ الظُّهُورُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَمَّمَ السَّرِقَةَ إلَخْ.) هَذَا فَرْقٌ صُورِيٌّ لَوْلَا مَا انْطَوَى عَلَيْهِ مِمَّا قَرَّرْته. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ إلَخْ.) بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ

ص: 95

فَإِنَّهُ يُقْطَعُ نَاقِبُهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ بِيَدِهِ دَفَعَاتٍ فَإِنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا فِي الْعُرْفِ، وَالْكُنْدُوجُ بِكَافٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ، ثُمَّ، وَاوٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ جِيمٍ لَفْظٌ عَجَمِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ وِعَاءُ النَّحْلِ، وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْخَلِيَّةَ قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ الْعَجَمِ كَنْدُو بِفَتْحِ الْكَافِ بِلَا جِيمٍ، وَلَا يُعْرَفُ فِي لُغَتِهِمْ كُنْدُوجٍ مَعَ نشونا عِنْدَهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكُنْدُوجَ مُعَرَّبُ كندو. اهـ.

(وَ) كَإِخْرَاجِ (بَذْرِ أَرْضٍ أُحْرِزَتْ) أَيْ: مُحْرَزَةٍ كَأَنْ تَكُونَ بِجَنْبِ الْمَزَارِعِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ، وَلَا يُقَالُ: مَوْضِعُ كُلِّ حَبَّةٍ حِرْزٌ خَاصٌّ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تُعَدُّ بُقْعَةً وَاحِدَةً، وَالْبَذْرُ فِيهَا كَأَمْتِعَةٍ فِي أَطْرَافِ الْبَيْتِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مُحْرَزَةٍ، فَلَا قَطْعَ (وَ) كَإِخْرَاجِ (وَقْفِ) أَيْ: مَوْقُوفٍ فَيُقْطَعُ بِهِ كَمَا فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسَّارِقِ شُبْهَةٌ فِيهِ كَمَا مَرَّ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَصْلًا، أَوْ فَرْعًا، أَوْ عَبْدًا لِأَحَدِهِمْ (وَأُمَّ فَرْعٍ) مُتَّصِفَةً بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(عَتِهَتْ، أَوْ تُغْفِي) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ أَغْفَى إذَا نَامَ أَيْ:، وَكَإِخْرَاجِ أُمِّ، وَلَدٍ مَجْنُونَةٍ، أَوْ نَائِمَةً، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا، أَوْ سَكْرَانَةَ، أَوْ مُكْرَهَةٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ كَالْقِنَّةِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ نَفْسِهَا كَالْحُرَّةِ، وَكَذَا الْمُبَعَّضَةُ

(وَ) كَإِخْرَاجِ (الزَّوْجِ) الذَّكَرِ، أَوْ الْأُنْثَى مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي دَرْءِ الْحَدِّ كَالْإِجَارَةِ، وَتُفَارِقُ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ حَيْثُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ سَيِّدِهِ بِأَنَّ مُؤْنَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ عِوَضٌ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مُؤْنَةِ الْعَبْدِ

(وَالْمَسْجِدِ) أَيْ:، وَكَإِخْرَاجِ مَا لِلْمَسْجِدِ كَبَابٍ، وَجِذْعٍ فَيُقْطَعُ بِهِ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ (قُلْتُ أَيْ: مَنْ يَسْتَثْنِ) كَالشَّيْخَيْنِ مِنْ ذَلِكَ قِنْدِيلًا (مُسْرَجًا، وَفُرُشًا) لَهُ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَنَحْوِهِمَا (فَحَسَنْ) ، فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ الْمُسْلِمُ بِإِخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِ بِهَا بِالْإِضَاءَةِ، وَالِافْتِرَاشِ، وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ بَابِهِ، وَجِذْعِهِ، وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا لِتَحْصِينِهِ، وَعِمَارَتِهِ، وَخَرَجَ بِالْمُسْرَجِ قِنْدِيلُ الزِّينَةِ فَيُقْطَعُ بِإِخْرَاجِهِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ بِالْكُلِّ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ

(وَالرَّمْيُ مِنْ مُغْلَقِ بَيْتٍ سَلَكَهْ لِصَحْنِ دَارٍ فُتِحَتْ) أَيْ:، وَكَرَمْيِ السَّارِقِ الْمَسْرُوقَ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ الْمَفْتُوحَةِ (وَتَرَكَهْ) فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مَفْتُوحًا، وَالدَّارُ مُغْلَقَةً، أَوْ كَانَا مَفْتُوحَيْنِ، أَوْ مُغْلَقَيْنِ، فَلَا قَطْعَ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ نَقَلَهُ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى أُخْرَى مِنْ الْحِرْزِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِعَدَمِ الْإِحْرَازِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الصُّنْدُوقِ إلَى الْبَيْتِ، وَمَا فَتَحَهُ السَّارِقُ كَالْمُغْلَقِ فِي حَقِّهِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَقْطَعَ بَعْدَ إخْرَاجِهِ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَوْ كَانَ الَّذِي فَتَحَ الدَّارَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ هُوَ السَّارِقُ، فَلَا قَطْعَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَقَرَّاهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ سَلَكَهُ أَيْ: دَخَلَهُ السَّارِقُ تَكْمِلَةً، بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ إذْ دُخُولُهُ الْبَيْتَ لَيْسَ شَرْطًا (وَ) كَأَنْ (ابْتَلَعَ الدُّرَّ) مَثَلًا فِي الْحِرْزِ (وَمِنْهُ ظَهَرَا) أَيْ: وَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ الدُّرُّ خَارِجَ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ فِي فِيهِ، أَوْ فِي وِعَاءٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ جَوْفِهِ، فَلَا قَطْعَ لِلِاسْتِهْلَاكِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمَسْرُوقَ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ لَكِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ حَالَ الْخُرُوجِ عَنْ رُبُعِ دِينَارِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبَارِزِيُّ

(وَ) كَأَنْ (وَضَعَ الْمَالَ عَلَى مَاءٍ جَرَى) بِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِتَحْرِيكِ السَّارِقِ لَهُ (أَوْ) عَلَى (حَيَوَانٍ سَائِرٍ، أَوْ)، وَاقِفٍ وَ (هُوَ) أَيْ: السَّارِقُ (قَدْ سَاقَ) الْحَيَوَانَ (فَأَخْرَجَاهُ) أَيْ: فَأَخْرَجَ الْمَاءَ، وَالْحَيَوَانَ الْمَسْرُوقَ مِنْ حِرْزِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ بِزِيَادَةِ الْمَاءِ بِانْفِجَارٍ، أَوْ مَجِيءِ سَيْلٍ، أَوْ سَارَ الْحَيَوَانُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي السَّيْرِ، وَالْوُقُوفِ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ فَلَوْ حَرَّكَ الْمَاءَ غَيْرُ الْوَاضِعِ فَالْقَطْعُ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَا، فَتَحَهُ السَّارِقُ كَالْمُغْلَقِ فِي حَقِّهِ) أَيْ: فَلَا قَطْعَ حِينَئِذٍ كَمَا يَأْتِي آنِفًا (قَوْلُهُ: حَالَ الْخُرُوجِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَالَ خُرُوجِهِ مِنْ جَوْفِهِ لَا حَالَ خُرُوجِهِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّ، وَجْهَهُ أَنَّهُ مَا دَامَ فِي الْجَوْفِ كَالْمَعْدُومِ، فَلَا اعْتِبَارَ حِينَئِذٍ بِقِيمَتِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

نَقَلَهُ لِلنَّقَّابِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنْ رَجَعَ إلَى مَعْلُومٍ مِنْ الْمَقَامِ، وَهُوَ الْمَسْرُوقُ، فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُبَعَّضَةُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ، وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِأَنَّهَا الْآنَ لَا يَدَ لَهَا ع ش

(قَوْلُهُ: وَالدَّارُ مُغْلَقَةً) أَيْ: وَتَسَوَّرَ الْجِدَارَ، وَدَخَلَ فِي هَذِهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَا مُغْلَقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ إلَخْ.) شَرْحُ م ر أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ، وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ قُطِعَ، وَهُنَا كَذَلِكَ قَالَ سم ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحِرْزُ الْمُخْرَجُ مِنْهُ دَاخِلًا فِي الْحِرْزِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ أَحَدِ الْحِرْزَيْنِ مَعَ الْآخَرِ يَجْعَلُهُمَا كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ. اهـ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِيهِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ إلَى الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ غَيْرُ حِرْزٍ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ

ص: 96

الْمُحَرِّكِ نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ مُعْتَقِدًا وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ، وَقَدْ أَمَرَهُ الْوَاضِعُ بِذَلِكَ فَالْقَطْعُ عَلَى الْآمِرِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ ثَقَبَ الْحِرْزَ، ثُمَّ أَمَرَ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ بِإِخْرَاجِ مَا فِيهِ فَأَخْرَجَهُ، وَلَوْ، وَضَعَ الْمَالَ فِي النَّقْبِ حَالَةَ هُبُوبِ الرِّيحِ فَخَرَجَ بِهَا قُطِعَ، وَإِنْ هَبَّتْ بَعْدَ، وَضْعِهِ فَأَخْرَجَتْهُ، فَلَا قَطْعَ كَمَا فِي زِيَادَةِ الْمَاءِ

(أَوْ عَبْدٍ) أَيْ: أَوْ كَعَبْدٍ (رَقَدْ عَلَى بَعِيرٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ تَبْلُغ نِصَابًا (فَالزِّمَامَ قَطَعَهْ) أَيْ: فَقَطَعَ السَّارِقُ زِمَامَ الْبَعِيرِ (عَنْ قَفْلِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَإِسْكَانِ الْفَاءِ أَيْ: قَافِلَتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ (جَاعِلَهُ فِي مَضْيَعَهْ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ بِمَا عَلَيْهِ مَسْرُوقٌ، وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْحُرُّ، فَلَا قَطْعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ بِمَا عَلَيْهِ فِي يَدِ الْحُرِّ، وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ، وَالْمُبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَخَرَجَ بِجَعْلِهِ بِمَضْيَعَةٍ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا لَوْ جَعَلَهُ بِقَافِلَةٍ أُخْرَى، أَوْ بَلَدٍ، أَوْ نَحْوِهَا، وَقَوْلُهُ جَاعِلَهُ حَالُ مُنْتَظِرَة إذْ الْمَعْنَى قَطَعَ زِمَامَهُ، ثُمَّ جَعَلَهُ بِمَضْيَعَةٍ.

(كَحَمْلِ) عَبْدٍ (طِفْلٍ) بِأَنْ حَمَلَهُ السَّارِقُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، وَلَوْ مِنْ حَرِيمِ دَارِ السَّيِّدِ فَيُقْطَعُ بِهِ (لَا) حَمْلِ عَبْدٍ (قَوِيِّ الْجَلَدِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَلَوْ بِنَوْمٍ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ نَوْمِهِ، فَلَا يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِقُوَّتِهِ، وَهِيَ مَعَهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَخْتَصُّ بِحَمْلِ الطِّفْلِ، بَلْ يُجْزِئُ فِي حَمْلِ كُلِّ مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ كَأَنْ كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ نَائِمًا، أَوْ سَكْرَانَ، أَوْ مَرْبُوطًا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ جَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي، وَجِيزِهِ، وَالْمَنْقُولُ الْقَطْعُ بِحَمْلِهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَحُسَيْنٌ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ وَالشَّاشِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ (مِنْ حَرِيمِ السَّيِّدِ) صِلَةُ حَمْلٍ (لَا إنْ دَعَا عَبْدًا بِخَدْعٍ رَوَّجَهْ مُمَيِّزًا) أَيْ: لَا إنْ دَعَا عَبْدًا مُمَيِّزًا بِخِدَاعٍ رَوَّجَهْ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَرِيمِ دَارِ سَيِّدِهِ، فَلَا يُقْطَعُ فَإِنَّهُ خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةٌ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَجَبَ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ تُسَاقُ (أَوْ دُونَ طَوْعٍ) أَيْ: كَرْهًا (أَخْرَجَهْ) أَيْ: الْعَبْدَ الْمُمَيِّزَ، فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِفِعْلِهِ، وَهَذَا، وَجْهٌ تَبِعَ فِيهِ الْحَاوِي تَصْحِيحَ الرَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَلَا تَرْجِيحَ فِي أَكْثَرِهَا، وَالْأَوْلَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْقُوَّةَ الَّتِي هِيَ الْحِرْزُ قَدْ زَالَتْ بِالْقَهْرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّاظِمُ (قُلْتُ الْأَصَحُّ الْقَطْعُ حَيْثُ أَكْرَهَهْ بِالسَّيْفِ كَيْ يَخْرُجَ) فَخَرَجَ (أَوْ مَا أَشْبَهَهْ) أَيْ: السَّيْفَ، وَهَذَا آخِرُ زِيَادَتِهِ

(أَوْ نَقَلَ الشَّيْءَ) أَيْ: الْمَالَ مِنْ زَاوِيَةِ الْحِرْزِ (إلَى زَاوِيَتِهْ) الْأُخْرَى (أَوْ نَقَلَ الْحُرَّ، وَلَوْ بِكِسْوَتِهْ) الَّتِي تَبْلُغُ نِصَابًا فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ، وَلَا يَضْمَنُ بِالْيَدِ، وَمَا مَعَهُ مِنْ ثِيَابٍ، وَغَيْرِهَا فَهُوَ فِي يَدِهِ، وَمُحْرَزٌ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا نَائِمًا، أَوْ مُسْتَيْقِظًا (وَ) لَا إنْ (أَخْرَجَ الْغَصْبَ) أَيْ: الْمَغْصُوبَ، فَلَا يُقْطَعُ لِمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ سَوَاءٌ غَصَبَ مِنْهُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ (وَمِنْ مِنْدِيلِ) أَيْ: وَلَا إنْ أَخْرَجَ (بَعْضًا) مِنْ مِنْدِيلٍ (وَخَلَّاهُ سِوَى) أَيْ: غَيْرَ (مَفْصُولِ) مِنْ الْحِرْزِ، فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ بَلَغَ الْبَعْضُ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ، وَلَمْ يَتِمَّ إخْرَاجُهُ (وَ) لَا إنْ أَخْرَجَ (جَائِزَ الْكَسْرِ) كَصَنَمٍ، وَآنِيَةٍ مُحَرَّمَةٍ (بِقَصْدِ الْكَسْرِ) لَهُ (أَوْ) بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ لَكِنْ (الرُّضَاضُ قَلَّ) أَيْ: لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، فَلَا يُقْطَعُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، وَفِي الْأُولَى غَيْرُ مُحْرَزٍ شَرْعًا إذْ لِكُلِّ مَنْ قَصَدَ كَسْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَانَهُ لِيَكْسِرَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهِ، وَأَخْرَجَهُ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ لَا يُقْطَعُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ بَلَغَ رُضَاضَةً فِي الثَّانِيَةِ نِصَابًا قُطِعَ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ بِلَا شُبْهَةٍ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ عَدَمَ الْقَطْعِ

(أَوْ) أَخْرَجَ (ذُو الْفَقْرِ) أَيْ: الْفَقِيرُ الْمُسْلِمُ نِصَابًا (مِنْ بَيْتِ مَالِ) لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ الصَّدَقَاتِ، أَوْ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا نَعَمْ إنْ أُفْرِزَ الْمَسْرُوقُ لِطَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَذَوِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَلَيْسَ السَّارِقُ مِنْهُمْ، وَلَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ قُطِعَ (وَ) لَا إنْ أَخْرَجَ (امْرُؤٌ) مُسْلِمٌ (ذُو مَالٍ) أَيْ: غَنِيٌّ نِصَابًا (أَيْ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَالْقَطْعُ عَلَى الْآمِرِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَصْوِيرِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِمَا إذَا أُمِرَ

(قَوْلُهُ: أَوْ نَائِمًا إلَخْ.) قَدْ يَسْتَشْكِلُ قَوْلُهُ: أَوْ نَائِمًا بِأَنَّ صَنِيعَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ النَّوْمَ سَبَبٌ لِعَدَمِ الْقُوَّةِ كَالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَثَّلَ بِهِ، وَذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِنَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ الْقَطْعُ) لَعَلَّ هَذَا، أَوْفَقَ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، أَوْ عَنْهُ رَقَدَا إلَخْ.، فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: قُلْتُ الْأَصَحُّ الْقَطْعُ حَيْثُ أَكْرَهَهُ إلَخْ.) قَدْ يَسْتَشْكِلُ الْقَطْعُ هُنَا عَلَى عَدَمِهِ فِي قَوْلِهِ: السَّابِقِ لِأَقْوَى الْجَلْدِ أَيْ: لَا حَمْلَ عَبْدٍ قَوِيٍّ الْجَلْدَ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ حَمْلِهِ وَإِخْرَاجِهِ، وَبَيْنَ إكْرَاهِهِ بِنَحْوِ السَّيْفِ عَلَى الْإِخْرَاجِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى غَيْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

نَقَلَ إلَى الصَّحْنِ، وَبَابُ الدَّارِ مُغْلَقٌ. اهـ. رَوْضَةٌ

(قَوْلُهُ: وَالْمُبَعَّضُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نَوْبَةَ السَّيِّدِ لَا تُخْرِجُ بَعْضَهُ عَنْ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِقَافِلَةٍ أُخْرَى) أَيْ: مُتَّصِلَةٍ بِالْأُولَى بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَضْيَعَةٌ. اهـ.

حَجَرٌ وم ر (قَوْلُهُ: لَا حَمْلِ عَبْدٍ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ فَإِنْ حَمَلَ عَبْدًا مُمَيِّزًا قَوِيًّا عَلَى الِامْتِنَاعِ نَائِمًا، أَوْ سَكْرَانَ فَفِي الْقَطْعِ نُرَدِّدُ الْأَصَحَّ مِنْهُ نَعَمْ. اهـ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَالْمَنْقُولُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: قُطِعَ) أَيْ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَفْرَزَ، وَإِلَّا، فَلَا لِلشُّبْهَةِ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: ذُو مَالٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الْفَقِيرُ أَوْلَى مِنْهُ، وَقَدْ

ص: 97

مِنْ) مَالٍ (مَصَالِحٍ) ، فَلَا يُقْطَعُ فَقَدْ يُصْرَفُ إلَى الْمَسَاجِدِ، وَالرُّبُطِ، فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ، وَالْفَقِيرُ، فَإِنْ سَرَقَ مِنْ سَهْمِ الصَّدَقَاتِ قُطِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ كَالْغَارِمِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَالْغَازِي، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ بِالْجَمِيعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلضَّرُورَةِ، وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمَا يُنْفِقُ عَلَى الْمُضْطَرِّ مِنْهُ بِشَرْطِ الضَّمَانِ، وَانْتِفَاعِهِ بِالْقَنَاطِرِ، وَالرِّبَاطَاتِ لِلتَّبَعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاطِنٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِحَقٍّ فِيهَا

(وَذِي مِطَالِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ بِمَعْنَى مَطْلٍ (وَجَاحِدٍ) أَيْ: وَلَا إنْ أَخْرَجَ رَبُّ الدَّيْنِ مَالَ مُمَاطِلٍ لَهُ بِدَيْنِهِ، أَوْ جَاحِدٍ لَهُ (لِأَجْلِ أَخْذِ الْحَقِّ لَهُ) ، فَلَا يُقْطَعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْأَخْذِ شَرْعًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَهُ لَا لِأَجْلِ ذَلِكَ

(أَوْ فِيهِ) أَيْ: الْحِرْزِ (قَدْ أَتْلَفَهُ) أَيْ: الْمَسْرُوقُ بِإِحْرَاقٍ، أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ أَكَلَهْ) ، فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ، وَاسْتِهْلَاكٌ لَا سَرِقَةٌ، وَلَا حَاجَةٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ أَكَلَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَطَيَّبَ فِيهِ بِالطِّيبِ، فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَجْمَعَ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا كَالطَّعَامِ.

(تُقْطَعُ يُمْنَاهُ) أَيْ: سَارِقُ مَا مَرَّ بِصِفَاتِهِ السَّابِقَةِ مَعَ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى قَالَ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، وَقُرِئَ شَاذًّا فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا كَمَا مَرَّ (مِنْ الْكُوعِ)«لِلْأَمْرِ بِهِ فِي سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ فِعْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْبَطْشَ بِالْكَفِّ، وَمَا زَادَ مِنْ الذِّرَاعِ تَابِعٌ، وَلِهَذَا يَجِبُ فِي الْكَفِّ دِيَةُ الْيَدِ، وَفِيمَا زَادَ حُكُومَةٌ، وَتُمَدُّ الْيَدُ مَدًّا عَنِيفًا لِتَنْخَلِعَ ثُمَّ تُقْطَعُ بِحَدِيدَةٍ مَاضِيَةٍ، وَيُضْبَطُ جَالِسًا حَتَّى لَا يَتَحَرَّكَ (وَلَوْ) كَانَ الْعُضْوُ (زَائِدَ أُصْبُعٍ) فَأَكْثَرَ عَلَى الْخَمْسِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ التَّنْكِيلُ بِخِلَافِ الْقَوَدِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ كَمَا مَرَّ (وَبِالشَّلَّا) أَيْ: بِقَطْعِهَا (اكْتَفَوْا) إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ يَنْقَطِعُ دَمُهَا، وَإِلَّا فَكَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ (وَ) يُقْطَعُ كَفٌّ (نَاقِصٌ) عَنْ خَمْسِ أَصَابِعَ (وَالْكَفُّ) بِلَا أُصْبُعٍ، وَبَعْضُهَا كَذَلِكَ لِحُصُولِ التَّنْكِيلِ (وَ) يُقْطَعُ (الْكَفَّانِ) إذَا كَانَتَا عَلَى مِعْصَمِهِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيُّ عَنْ الزَّائِدِ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اسْتِيفَاؤُهُ بِدُونِهِ (وَيُقْطَعُ الْأَصْلِيُّ) مِنْهُمَا (لِلْإِمْكَانِ) أَيْ: عِنْدَ إمْكَانِ اسْتِيفَائِهِ بِدُونِ الزَّائِدِ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْأَصْحَابِ قَطْعَهُمَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ يَدٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ إنَّ تَمَيَّزَتْ الْأَصْلِيَّةُ كَأَنْ كَانَتْ بَاطِشَةً قُطِعَتْ، فَإِنْ عَادَ فَرِجْلُهُ إلَّا أَنْ تَصِيرَ الْأُخْرَى بَاطِشَةً فَتُقْطَعُ دُونَ الرِّجْلِ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَصْلِيَّةُ قُطِعَتْ

ــ

[حاشية العبادي]

الْقَوِيِّ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَمْلِ، وَالْإِخْرَاجِ كَرْهًا بِأَنَّ فِي الثَّانِي انْتَفَى اخْتِيَارُهُ صَرِيحًا، وَلَا كَذَلِكَ ذَاكَ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ هَكَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا، وَقَالَ فِي اللَّقِيطِ: إنَّهُ لَا رُجُوعَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الذِّمِّيِّ قَالَ: وَقَدْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى الْبَالِغِ، وَمَا هُنَاكَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: الَّذِي لَا مَالَ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُنْفِقُ عَلَى الْمُضْطَرِّ مِنْهُ) إنْ أُرِيدَ مِنْ الذِّمِّيِّينَ، وَإِلَّا، فَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ، وَاضْطَرَّ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ إلَخْ.) وَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً، وَخَرَجَ قُطِعَ إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ رَوْضٌ

(قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا) أَيْ: الْكَفِّ، وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ: بِلَا أُصْبُعٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي التَّهْذِيبِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ لَهُ كَفَّانِ عَلَى مِعْصَمِهِ قُطِعَتْ الْأَصْلِيَّةُ مِنْهُمَا بِأَنْ تَمَيَّزَتْ إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهَا بِدُونِ الزَّائِدَةِ، وَإِلَّا، فَيُقْطَعَانِ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا، فَقَطْ، وَمَا ذُكِرَ فِيمَا إذَا تَمَيَّزَتْ هُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْأَصْحَابِ قَطْعَهُمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ، وَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ هُوَ الرَّاجِحُ، فَلَوْ عَادَ، وَسَرَقَ ثَانِيًا، وَقَدْ صَارَتْ الزَّائِدَةُ أَصْلِيَّةً بِأَنْ صَارَتْ بَاطِشَةً، أَوْ كَانَتَا أَيْ: الْكَفَّانِ أَصْلِيَّتَيْنِ، وَقُطِعَتْ إحْدَاهُمَا فِي سَرِقَةٍ قُطِعَتْ الثَّانِيَةُ، وَلَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ وَاحِدَةٍ إلَخْ. اهـ. وَحَاصِلُهُ اعْتِمَادُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ اسْتِيفَاءُ الْأَصْلِيَّةِ بِدُونِ الزَّائِدَةِ مِنْ أَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّارِحُ فِيمَا أَسْنَدَهُ إلَى التَّهْذِيبِ، فَيَكُونُ اسْتِدْرَاكُهُ بِكَلَامِ التَّهْذِيبِ عَلَى مَا عَدَاهَا، وَسِيَاقُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ تُشْعِرُ بِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِيمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَبِأَنَّ تَرْجِيحَهُ مَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا عَدَاهَا كَمَا يُدْرِكُ ذَلِكَ الْوَاقِفُ عَلَى عِبَارَتِهَا بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ، وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، فَهُمَا أَيْ: فَإِنْ تَعَذَّرَ قَطْعُ الْأَصْلِيَّةِ الْمُتَمَيِّزَةِ، وَحْدَهَا، أَوْ قَطْعُ إحْدَى الْأَصْلِيَّتَيْنِ، فَهُمَا يُقْطَعَانِ مَعًا، فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نَقَلَ اخْتِيَارَ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ تَرْجِيحِ الشَّيْخَيْنِ، وَتَصْوِيبِ الْمَجْمُوعِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ: أَوْ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ

(قَوْلُهُ: فَكَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ) أَيْ: فَتُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ، وَيَمِينُهُ سَلِيمَةٌ، ثُمَّ شُلَّتْ بَعْدُ، وَلَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْقَطْعَ؛ لِأَنَّهُ بِالسَّرِقَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا سَقَطَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الشَّلَلَ مَوْجُودٌ ابْتِدَاءً فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْقَطْعُ بِهَا، بَلْ بِمَا بَعْدَهَا. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ الْكَفَّانِ إلَخْ.) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ يَدَانِ مُطْلَقًا بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ إحْدَاهُمَا بِدُونِ الْأُخْرَى انْتَقَلَ لِمَا بَعْدَهُمَا. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ الْمُتَسَاوِيَتَيْنِ النَّابِتَتَيْنِ عَلَى مِعْصَمٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ تُقْطَعْ فِي السَّرِقَةِ إلَّا إحْدَاهُمَا لِبِنَاءِ الْحُدُودِ عَلَى الدَّرْءِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ.) الْإِشَارَةُ لِمَا ذُكِرَ فِي حَالِ عَدَمِ

ص: 98

إحْدَاهُمَا فَقَطْ، فَإِنْ عَادَ فَالْأُخْرَى، وَلَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ يَدٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَالنَّوَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُقْطَعَانِ جَمِيعًا غَيْرُ مُوَافَقٍ عَلَيْهِ، بَلْ أَنْكَرُوهُ، وَرَدُّوهُ فَالصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِإِحْدَاهُمَا، وَالْكَفُّ مُذَكَّرٌ فِي لُغَةٍ جَرَى عَلَيْهَا النَّاظِمُ، وَالْمَشْهُورُ تَأْنِيثُهَا، وَعَلَيْهَا جَرَى فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ:

وَرُبَّةُ النَّقْصِ وَلَوْ كَفَّانِ

وَفَرْدَةٌ وَالْأَصْلُ لِلْإِمْكَانِ

(بِرَدِّهِ) أَيْ: يُقْطَعُ السَّارِقُ مَعَ وُجُوبِ رَدِّهِ (الْمَالَ) الْمَسْرُوقَ إنْ بَقِيَ. (وَ) مَعَ (غُرْمِ) بَدَلِ (مَا فَرَطْ) أَيْ: مَا تَلِفَ مِنْهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» ، وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالضَّمَانَ لِلْآدَمِيِّ، فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (فَإِنْ يَعُدْ، أَوْ فُقِدَتْ لَا إنْ سَقَطْ. بِآفَةٍ مِنْ بَعْدِ رِجْلٍ يُسْرَى) أَيْ: فَإِنْ عَادَ لِلسَّرِقَةِ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ يُمْنَاهُ، أَوْ لَمْ يَعُدْ لَكِنْ كَانَتْ يُمْنَاهُ مَفْقُودَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ الْكَعْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ بِآفَةٍ، أَوْ قَوَدٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا، وَقَدْ فَاتَتْ، وَمِثْلُهُ لَوْ شُلَّتْ، وَتَعَذَّرَ قَطْعُهَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُقْطَعْ يُمْنَاهُ حَتَّى سَرَقَ مِرَارًا اكْتَفَى بِقَطْعِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ كَمَا لَوْ زَنَى مِرَارًا اكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ فِي الْإِحْرَامِ فِي مَجَالِسَ مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِآدَمِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تُصْرَفُ إلَيْهِ فَلَمْ تَتَدَاخَلْ بِخِلَافِ الْحَدِّ (ثُمَّ) إنْ عَادَ ثَالِثًا بَعْدَ قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى قُطِعَتْ (الْيَدُ الْيَسَارُ، ثُمَّ) إنْ عَادَ رَابِعًا بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ الْيَسَارِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ (الْأُخْرَى) أَيْ: الْيَمِينُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «السَّارِقُ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» ، وَقُدِّمَتْ الْيَدُ؛ لِأَنَّهَا الْآخِذَةُ، وَإِنَّمَا قُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِئَلَّا يَفُوتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ، فَتَضْعُفُ حَرَكَتُهُ كَمَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ.

(بِالْغَمْسِ) أَيْ: مَعَ غَمْسِ مَحَلِّ الْقَطْعِ (فِي الزَّيْتِ) ، أَوْ الدُّهْنِ (الَّذِي قَدْ أُغْلِي) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِي الْحَضَرِيِّ، أَمَّا الْبَدْوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ.

، وَقَالَ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَإِذَا قُطِعَ حُسِمَ بِالزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ، وَبِالنَّارِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِيهِمَا انْتَهَى فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ عَادَةِ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ تَتِمَّةً لِلْحَدِّ، بَلْ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ دَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ، فَلَا يَفْعَلُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيَفْعَلُ (نَدْبًا) لَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ أَلَمٍ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ عَقِبَ الْقَطْعِ «، وَالسُّنَّةُ أَنْ تُعَلَّقَ الْمَقْطُوعَةُ فِي عُنُقِهِ سَاعَةً لِلزَّجْرِ، وَالتَّنْكِيلِ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ (مَعَ الْمُنْفَقِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (فِي ذَا الْفِعْلِ) أَيْ: مَعَ مُؤْنَةِ الْغَمْسِ كَثَمَنِ الدُّهْنِ، وَأُجْرَةِ الصَّانِعِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمَقْطُوعِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى حِكَايَتِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ قُلْنَا حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُنَصِّبْ الْإِمَامُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ، وَيَرْزُقُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَإِلَّا، فَلَا مُؤْنَةَ عَلَى الْمَقْطُوعِ (ثُمَّ لْيُعَزَّرْ) أَيْ: ثُمَّ إنْ عَادَ خَامِسًا عُزِّرَ، وَلَا يُقْتَلُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَتَلَهُ مَنْسُوخٌ، أَوْ مُؤَوَّلٌ بِقَتْلِهِ لِاسْتِحْلَالٍ، أَوْ نَحْوِهِ، بَلْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ

(وَ) يُقْطَعُ مَا ذُكِرَ (مِنْ الذِّمِّيِّ أَيْضًا لِمُسْلِمٍ) أَيْ: لِسَرِقَةِ مَالِهِ (وَهُوَ) أَيْ: قَطْعُ الذِّمِّيِّ حِينَئِذٍ (مِنْ الْقَهْرِيِّ) أَيْ: مِنْ الْأُمُورِ الْقَهْرِيَّةِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ (كَانَ لِبَعْضِ الْمُسْلِمَاتِ، وَاقِعَا زِنًا) أَيْ: كَأَنْ، وَاقَعَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمَةً عَلَى، وَجْهِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَهْرًا (وَ) يُقْطَعُ، وَيُحَدُّ هُوَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْله بِالْغَمْسِ) إنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ السَّابِقِ تُقْطَعُ يُمْنَاهُ أَشْكَلَ بِأَنْ يَرُدَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَالْبَاءُ فِيهِمَا لِلْمَعِيَّةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ حَرْفَا جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ حَرْفُ الْعَطْفِ هُنَا أَيْ: وَبِالْغَمْسِ، فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى يَرُدُّهُ أَيْ: مَعَ رَدِّهِ، وَمَعَ الْغَمْسِ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا تَقْدِيرُ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ: مَعَ الْمُنْفِقِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُنْفِقِ إلَخْ.) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّهُ عَلَى الْمَقْطُوعِ، وَمَا طَرِيقُ اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ، وَانْظُرْ بِمَ يَتَعَلَّقُ مَعَ الْمُنْفِقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّمَيُّزِ، وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِحُ مِنْ صُوَرِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفَرْدَةٌ) أَيْ: مُفْرَدَةٌ عَنْ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: فَاقْطَعُوا يَدَهُ) ، وَقُطِعَتْ الْيَمِينُ أَوَّلًا لِقِرَاءَةِ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَقَطْعُ الْبَاقِي مِنْ خِلَافٍ لِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ.) ضَعِيفٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ أَلَمٍ) أَيْ: وَالْمُدَاوَاةُ بِمِثْلِ هَذَا لَا تَجِبُ بِحَالٍ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ.) الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ، وَشَرْحِ م ر أَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الْمَقْطُوعِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ حَقٌّ لَهُ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِّ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ: الطَّرِيقَيْنِ) اُنْظُرْ الْمُرَادَ بِهِمَا

ص: 99

أَيْضًا (لِلذِّمِّيِّ) أَيْ: لِسَرِقَةِ مَالِهِ، وَلِزِنَاهُ بِالذِّمِّيَّةِ (إنْ تَرَافَعَا) إلَيْنَا، وَلَوْ بِرَفْعِ أَحَدِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا إذَا أَلْزَمْنَا حَاكِمَنَا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ لَا يُنَافِي ذَلِكَ.

(لَا لِمُعَاهَدٍ)، أَوْ مُسْتَأْمَنٍ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأُولَى (هُنَاكَ) أَيْ: فِي الزِّنَا (وَهُنَا) أَيْ: فِي السَّرِقَةِ أَيْ: لَا يُحَدُّ، وَلَا يُقْطَعُ لِأَجْلِهِ الْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ كَعَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَلَا يُقْطَعُ لِأَجْلِهِمَا، وَإِنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ كَالْحَرْبِيِّ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُحَدُّ بِالزِّنَا لِلْمُعَاهَدِ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ، وَطِئَ حَرْبِيَّةً لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ حُدَّ، فَإِنْ قَيَّدَ مَا هُنَا بِالذِّمِّيِّ حَيْثُ لَا تَرَافُعَ، فَلَا مُخَالَفَةَ

، وَإِنَّمَا يُقْطَعُ السَّارِقُ (بِطَلَبِ الْمَالِكِ) مِنْهُ مَا سَرَقَهُ فَلَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مَالٍ، وَمَالِكُهُ غَائِبٌ انْتَظَرَ حُضُورَهُ، وَطَلَبَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَبَاحَ لَهُ الْمَالَ (إلَّا فِي الزِّنَا) بِأَمَةٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ مَالِكِهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ حَضَرَ، وَقَالَ: أَبَحْتهَا لَهُ، أَوْ قَالَ: بِعْتهَا، أَوْ، وَهَبْتهَا مِنْهُ فَأَنْكَرَ لَمْ يَسْقُطْ بِهِ حَدُّ الزِّنَا (وَسُمِعَتْ شَهَادَةٌ) عَلَى السَّرِقَةِ حِسْبَةً، وَلَوْ (بِغَيْبَتِهْ) أَيْ: الْمَالِكِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَا يُقْطَعُ إلَّا بِطَلَبِهِ مَالَهُ كَمَا مَرَّ (ثُمَّ لْتُعَدْ) أَيْ: الشَّهَادَةُ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ (لِمَالِهِ) أَيْ: لِثُبُوتِهِ لَا لِثُبُوتِ الْقَطْعِ (بِحَضْرَتِهْ) بَعْدَ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا تُقْبَلُ فِي الْمَالِ فَيُقْطَعُ بَعْدَ حُضُورِهِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّا قَدْ سَمِعْنَاهَا أَوَّلًا، وَإِنَّمَا انْتَظَرْنَا لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ (وَمَالُهُ يَثْبُتُ بِاَلَّتِي تُرَدْ) أَيْ: بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (عَلَيْهِ مِنْ دُونِ ثُبُوتِ قَطْعِ يَدْ) ، أَوْ رِجْلٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَرْدُودَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَكْرَهَ فُلَانٌ أَمَتِي عَلَى الزِّنَا فَأَنْكَرَ، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَهْرُ دُونَ حَدِّ الزِّنَا، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالسَّارِقُ إذَا أَنْكَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُقْطَعُ، وَهَذَا قَدْ أَنْكَرَ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي الدَّعَاوَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ قَطْعُ السَّارِقِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ إقْرَارُهُ، وَرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلَيْهِمَا هُنَا ثُبُوتَ الْقَطْعِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ، أَوْ كَالْإِقْرَارِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقْطَعُ بِهِ

، وَيَجُوزُ (لِلْحَاكِمِ التَّعْرِيضُ) بِالْجَحْدِ لِمَنْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً مِنْ سَرِقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا حَيْثُ (يَرْجُو) قَبُولَ جَحْدِهِ (لَوْ نَطَقْ بِجَحْدِهِ) لِخَبَرِ مَاعِزٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الزِّنَا، وَسَتْرًا لِلْقَبِيحِ فَقَوْلُهُ بِجَحْدِهِ تَنَازَعَهُ التَّعْرِيضُ، وَنَطَقَ (كَمَا إخَالُهُ سَرَقْ) أَيْ: وَالتَّعْرِيضُ كَقَوْلِهِ: مَا إخَالُك أَيْ: مَا أَظُنُّك سَرَقْت، أَوْ رُبَّمَا غَصَبْت، أَوْ أَخَذْته بِإِذْنِ الْمَالِكِ (قُلْتُ لِجَاهِلٍ قَرِيبًا أَسْلَمَا، أَوْ نُشُوِّ بَدْوٍ نَازِحٍ عَنْ عُلَمَا) مِنْ نَزَحْت الدَّارَ نُزُوحًا إذَا بَعُدَتْ أَيْ: قُلْتُ إنَّمَا يَعْرِضُ بِذَلِكَ لِجَاهِلٍ بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِأَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ يَرْجُو لَوْ نَطَقَ مَا إذَا لَمْ يَرْجُ قَبُولَ جَحْدِهِ كَأَنْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَقَّ آدَمِيٍّ مِنْ عُقُوبَةٍ، وَغَيْرِهَا، فَلَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِجَحْدِهِ حَتَّى لَا يُعَرِّضُ فِي السَّرِقَةِ بِمَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ، وَإِنَّمَا يَسْعَى فِي دَفْعِ الْقَطْعِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ:(كَذَاك) لَهُ التَّعْرِيضُ (فِي الزِّنَا، وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ) بِجَحْدِهِمَا كَقَوْلِهِ: فِي الزِّنَا لَعَلَّك فَاخَذْتَ، أَوْ لَمَسْت، أَوْ قَبَّلْت، وَفِي الشُّرْبِ لَعَلَّك لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِلْحَاكِمِ التَّعْرِيضُ بِالْجَحْدِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَأَنَّ التَّعْرِيضَ بِهِ لَيْسَ مَنْدُوبًا؛ لِأَنَّ صلى الله عليه وسلم تَرْكَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ (وَلَمْ يَجُزْ) لِلْحَاكِمِ (تَعْرِيضُهُ إنْ تَظْهَرْ) أَيْ: الْمَذْكُورَاتُ مِنْ السَّرِقَةِ، وَالزِّنَا، وَالشُّرْبِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ قَيَّدَ مَا هُنَا إلَخْ.) كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا التَّقْيِيدُ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا لِمُعَاهَدٍ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِلذِّمِّيِّ إنْ تَرَافَعَا الْمُفِيدُ أَنَّ الذِّمِّيَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَافُعِ لَا يُقْطَعُ، فَيَلْزَمُ هَذَا كَمَا تَرَى اتِّحَادَ الْمُخْرَجِ، وَالْمُخْرَجِ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ، وَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا لِمُعَاهَدٍ لَيْسَ مُخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ: لِلذِّمِّيِّ، بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ يُقْطَعُ، وَيُحَدُّ الذِّمِّيُّ لِلذِّمِّيِّ إنْ تَرَافَعَا لَا لِلْمُعَاهَدِ إنْ لَمْ يَتَرَافَعَا، وَلَيْسَ فِي هَذَا الِاتِّحَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ

(قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِصُورَةِ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، فَقَطْ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِإِعَادَةِ قَالَ: إذْ لَا فَرْقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ السُّقُوطِ فِي صُورَةِ الْإِبَاحَةِ بَيْنَ الْإِنْكَارِ، وَعَدَمِهِ إذْ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِالْإِبَاحَةِ مَعَ جَهْلِ التَّحْرِيمِ مَعَهَا، وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ رُجُوعُ التَّقْيِيدِ بِالْإِنْكَارِ لَهَا أَيْضًا، فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضِ:، وَهِيَ، وَكَذَا أَيْ: لَا تَسْقُطُ إنْ قَالَ: أَبَحْتهَا، وَإِنْ لَمْ يُنْكِرْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ) لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ مَالَهُ كَمَا تَقَرَّرَ

(قَوْلُهُ: أَسْلَمَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: قَرِيبًا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ صِفَةُ جَاهِلٍ، وَقَوْلُهُ، أَوْ نُشُوِّ بَدْوٍ صِفَةٌ أُخْرَى لِجَاهِلٍ، ثُمَّ إنْ كَانَ صِفَةً مُشَبَّهَةً، فَوَاضِحٌ، أَوْ مَصْدَرًا، فَعَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: ذُو نُشُوٍّ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ) أَيْ: قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: إنْ تَرَافَعَا) هَذَا قَيْدٌ فِي قَطْعِ الذِّمِّيِّ، أَوْ حَدِّهِ لِلذِّمِّيِّ، أَمَّا لِلْمُسْلِمِ، فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى التَّرَافُعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الرِّضَا) أَيْ: بِحُكْمِنَا فَالْمَدَارُ عَلَى التَّرَافُعِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ بَعْدَ حُضُورِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: لَا لِثُبُوتِ الْقَطْعِ أَيْ: يُقْطَعُ بَعْدَ حُضُورِهِ، وَطَلَبِهِ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ، وَثُبُوتِ الْمَالِ عَمَلًا بِالشَّهَادَةِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْحَاكِمِ) ، وَلَا يُنْدَبُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ واعْتَمَدَهُ زي، وَقَدْ مَرَّ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ) ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الرُّجُوعُ فِيهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلًا عَلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ كَتَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ التَّصْرِيحُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْكَذِبِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، وَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ اُغْتُفِرَ تَضَمُّنُ التَّعْرِيضِ لِذَلِكَ الْأَمْرِ لِلتَّشَوُّفِ لِدَرْءِ الْحَدِّ تَأَمَّلْ.

ص: 100