المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ

وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ

(وَإِذْ يَمْتَنِعُ) أَيْ قِسْمَةُ الشَّيْءِ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَنَاةِ وَالْحَمَّامِ الصَّغِيرَيْنِ (هَايَا) أَيْ: نَاوَبَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ مُيَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً أَوْ نَحْوَهَا، (إذَا تَوَافَقُوا) عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُهَايِئُ بَيْنَهُمْ بِتَوَافُقِهِمْ فِيمَا لَا يَمْتَنِعُ قِسْمَتُهُ، إذْ الْقِسْمَةُ كَمَا تَرِدُ عَلَى الْأَعْيَانِ تَرِدُ عَلَى الْمَنَافِعِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا تُعَجِّلُ حَقَّ أَحَدِهِمْ وَتُؤَخِّرُ حَقَّ الْآخَرِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ؛ وَلِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمْ بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمُعَاوَضَةِ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا إجْبَارَ فِيهَا.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِحَقِّ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ، أَمَّا الْمَمْلُوكَةُ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، إذْ لَا حَقَّ لِلشَّرِكَةِ فِي الْعَيْنِ قَالَ: وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ، وَمَا قَالَهُ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الثَّانِي، (وَيَرْجِعُ) كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ الْمُهَايَأَةِ، (إلَّا إذَا نَوْبَتَهُ اسْتَوْفَاهَا) دُونَ الْآخَرِ، فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْآخَرُ نَوْبَتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ

(وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ مُنْتَهَاهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، إذْ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ مَعَ قَوْلِهِ (قُلْتُ ضَعَّفُوا هَذَا لِمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ) لِلْحَاوِي (عَقِيبَهُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَرْجِعُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْمُهَايَأَةِ (مِنْهُمَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتِمَّ نَوْبَتَاهُمَا) وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ إحْدَاهُمَا (فَغَرِّمَا) أَنْتَ (مُسْتَوْفِيًا نَصِيفَ أَجْرِ مِثْلِ مَا قَدْ كَانَ مُسْتَوْفِيَهُ) أَيْ: غَرِّمْ الْمُسْتَوْفِيَ (لِلْآخَرِ) نِصْفَ أَجْرِ مَا قَدْ كَانَ اسْتَوْفَاهُ، فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَأَنَّ كَلَامَ الْحَاوِي الْأَخِيرَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ الْأَخِيرُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهِ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا وَعُقَيْبَهُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ، وَنُصَيْفٌ بِالْيَاءِ لُغَةٌ فِي نِصْفٍ بِتَرْكِهَا

(وَلِلنِّزَاعِ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَةِ وَالْمُهَايَأَةِ (لَا تَبِعْ) مِلْكَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَامِلُونَ، وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ (بَلْ آجِرِ) عَلَيْهِمْ وَوَزِّعْ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ.

(تَتِمَّةٌ) لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْحَيَوَانِ اللَّبُونِ لِيُحْلَبَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا، وَلَا فِي الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ لِيَكُونَ ثَمَرَتُهَا لِهَذَا عَامًا وَلِهَذَا عَامًا؛ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ، بَلْ طَرِيقُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يُبِيحَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ مُدَّةً.

(بَابُ الْعِتْقِ)

بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] ، وَقَوْلُهُ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ: بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَيْ: بِالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَأَمَرَ اللَّهُ بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» ، وَتَظَاهَرَتْ النُّصُوصُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ، أَوْ مَنْعٌ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ الْعَارِيَ عَنْ قَصْدِ مَا ذُكِرَ كَالتَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ خَبَرٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا ذَكَرَهُ.

وَأَرْكَانُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَخَرَجَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ إثْبَاتُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْتَفِدْ بِهِ شَيْئًا غَيْرَ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِثْبَاتُ الِابْتِيَاعِ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ النَّوْبَةِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ تِلْكَ النَّوْبَةِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ إيجَارُهَا وَأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْمُهَايَأَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ نَوْبَتَهُ غَرِمَ بَدَلَ حِصَّةِ الْأَخِيرِ مِمَّا اسْتَوْفَاهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ م ر (قَوْلُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَا أَرْضًا اهـ. أَيْ فَإِنَّهُ لَا إجْبَارَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَأَتْبَاعِهِمَا وَقَالَ الْجَوْجَرِيُّ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ لَا يَدُلُّ

(قَوْلُهُ: بَلْ أَجَّرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةٍ تُؤَخَّرُ تِلْكَ الْعَيْنُ فِيهَا عَادَةً إذْ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يُعَلِّقُهَا عَلَيْهِمَا أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَصْطَلِحَا؟ كُلُّ مُحْتَمَلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ أَنْ يُبِيحَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ مُدَّةً) فَلَوْ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمَا مُدَّتَهُ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ نَظِيرَهَا فَهَلْ يَغْرَمُ بَدَلَ حِصَّةِ الْآخَرِ مِمَّا اسْتَوْفَاهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَهُ بِنَاءً عَلَى اسْتِيفَاءِ نَظِيرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْإِتْلَافِ بِالْبَدَلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْإِبَاحَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ؟ وَلَا يَضُرُّ أَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ بِاسْتِيفَاءِ النَّظِيرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ

(بَابُ الْعِتْقِ)

(قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ: الْحَثِّ وَالْمَنْعِ

(قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَحْمِلَ مِلْكَ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَقَدْ يُقَالُ حَاصِلُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ يَصِحُّ إعْتَاقُ مَنْ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْبَيَانِ بِالْمَجْهُولِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَيَدُلُّ إلَخْ) يُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ هُنَاكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْخِلَافَ الْمُفَادَ بِقَوْلِهِ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ أَنْ يُبِيحَ إلَخْ) وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ لِضَرُورَةِ الشَّرِكَةِ مَعَ تَسَامُحِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ

[بَابُ الْعِتْقِ]

ص: 305

ثَلَاثَةٌ: مُعْتِقٌ، وَعَتِيقٌ، وَصِيغَةٌ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ:(يَصِحُّ إعْتَاقُ) كُلِّ (مُكَلَّفٍ) مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَلَوْ كَافِرًا (مَلَكَ) مَا أَعْتَقَهُ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ، وَلَا غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، وَلَا غَيْرِ الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْمُكَلَّفِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَلَك أَنْ تَحْمِلَ مَلَكَ عَلَى مِلْكِ الْإِعْتَاقِ فَيَشْمَلُ النَّائِبَ فِيهِ، وَيَخْرُجُ مَنْ لَا يَمْلِكُهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، أَوْ أَجْنَبِيًّا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، أَوْ لِيَكُونَ الرَّقِيقُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ حَقٌّ لَازِمٌ كَجِنَايَةٍ، وَرَهْنٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْمُكَلَّفِ، وَلَا غَيْرِهِ.

وَلَا يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ إلَّا بِلَفْظٍ صَرِيحٍ، أَوْ كِنَايَةٍ كَمَا قَالَ:(بِلَفْظِ إعْتَاقٍ، وَتَحْرِيرٍ، وَفَكْ رَقَبَةٍ) أَيْ: بِمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا كَأَنْتَ عَتِيقٌ، أَوْ مُعْتَقٌ، أَوْ أَعْتَقْتُك، أَوْ حُرٌّ، أَوْ مُحَرَّرٌ، أَوْ حَرَّرْتُك، أَوْ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ، أَوْ فَكَّيْتُهَا، أَوْ فَكَكْتهَا، فَلَوْ قَالَ: أَنْتَ إعْتَاقٌ، أَوْ تَحْرِيرٌ، أَوْ فَكُّ رَقَبَةٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَلَاقٌ، وَلَا أَثَرَ لِلْخَطَأِ بِالتَّذْكِيرِ، وَالتَّأْنِيثِ كَأَنْتِ حَرَّةٌ لِعَبْدِهِ، وَأَنْتَ حُرٌّ لِأَمَتِهِ. (وَقَوْلِهِ: يَا حُرُّ يَا آزَاذَ مَرْدَ) بِالْمَدِّ بَعْدَ الْهَمْزِ ثُمَّ زَايٍ، ثُمَّ أَلِفٍ، ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَمَعْنَى آزاذ حُرٌّ ومرد رَجُلٌ، وَهُمَا لَفْظَانِ فَارِسِيَّانِ، وَالْأَوَّلُ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى لِلثَّانِي فَكَأَنَّهُ قَالَ يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْحُرُّ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَجَمِ فِي تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، وَالْمَعْنَى يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ بِمَا مَرَّ وَبِقَوْلِهِ: يَا حُرُّ، أَوْ يَا آزَاذَ مَرْدَ. (إنْ تَكُنْ مُنْتَفِيَا) عَنْهُ (قَرِينَةُ الْمَدْحِ وَقَصْدُ اسْمٍ سَلَفْ) فَإِنْ لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ ذَلِكَ بِأَنْ ادَّعَى قَصْدَ مَدْحِهِ بِذَلِكَ وَوُجِدَ مَعَهُ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِهِ، أَوْ ادَّعَى قَصْدَ نِدَائِهِ بِاسْمِهِ الْقَدِيمِ وَكَانَ اسْمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فَلَا عِتْقَ لِظُهُورِ احْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَهُوَ يَحُلُّ وَثَاقَهَا أَنْت طَالِقٌ، وَقَالَ: قَصَدْت طَلَاقَهَا مِنْهُ (وَ) بِقَوْلِهِ: أَنْتَ (ابْنِي إنْ أَمْكَنَ ذَا) أَيْ: كَوْنُهُ ابْنَهُ بِكَوْنِهِ أَصْغَرَ مِنْهُ بِمَا يَتَأَتَّى مَعَهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَإِنْ عُرِفْ) نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ (وَكَذَّبَ) أَيْ: وَإِنْ كَذَّبَهُ (الْعَبْدُ) وَهُوَ مُكَلَّفٌ، وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ لَا يَثْبُتُ فِي هَاتَيْنِ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ ابْنَهُ بِأَنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ، أَوْ مِثْلَهُ سِنًّا، أَوْ أَصْغَرَ مِنْهُ بِمَا لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ، أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا ابْنِي كَقَوْلِهِ: أَنْتَ ابْنِي لَكِنْ قِيَاسُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا فُرْقَةَ إنْ لَمْ يَنْوِهَا بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بِنْتَهُ يَا بِنْتِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ عَادَةً لِلْمُلَاطَفَةِ، وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَذَلِكَ

، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النِّدَاءَ يَكْثُرُ فِيهِ الْمُلَاطَفَةُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت حُرٌّ كَيْفَ شِئْت فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَوَقُّفُهُ عَلَى مَشِيئَتِهِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الْوَلَاءِ (وَبِالْكِنَايَهْ) أَيْ: يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ بِصَرِيحٍ كَمَا مَرَّ، وَبِكِنَايَةٍ كَقَوْلِهِ:(يَا حُرُّ لِلْمُسَمَّى بِهِ) حَالًا، أَوْ يَا (مَوْلَايَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ، أَوْ يَا (سَيِّدِي) كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، أَوْ يَا (كَذْبَانُويَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَجِنَايَةٍ وَرَهْنٍ) أَيْ: مَعَ إعْسَارِ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ ذِكْرُ الْمُكَلَّفِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَك أَنْ تَحْمِلَ إلَخْ، وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَالِكَ الْإِعْتَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا مُكَلَّفًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا غَيْرُهُ إشَارَةٌ إلَى زِيَادَةِ الشَّارِحِ قَوْلَهُ: مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ

(قَوْلُهُ: وَقَصَدَ اسْمَ) سَلَفَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ مُنْتَفِيًا إلَخْ) فَهَذَا صَرِيحٌ لَكِنَّهُ يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَإِنْ وُجِدَ الصَّارِفُ انْتَفَى الْعِتْقُ وَإِلَّا وُجِدَ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ، أَوْ أَطْلَقَ لِصَرَاحَتِهِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ كَحُرٍّ لِلْمُسَمَّى بِهِ حَالًا فِيمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ إلَّا إنْ قَصَدَ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّرِيحِ الَّذِي يَقْبَلُ الصَّرْفَ، وَالْكِنَايَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ اسْمَ سَلَفَ) أَيْ: كَانَ اشْتَهَرَ بِهِ، ثُمَّ غَيَّرَهُ كَذَا قَالَهُ حَجَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ إذْ لَوْ قَصَدَ الِاسْمَ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَهِرْ لَا يَعْتِقُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ ادَّعَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي الْعِتْقُ إلَّا إنْ ادَّعَى فَلَوْ لَمْ يَدَّعِ وَوُجِدَ مَعَهُ الْقَرِينَةُ يُحْكَمُ بِالْعِتْقِ، وَلَعَلَّهُ لِصَرَاحَتِهِ لَا يَعْمَلُ بِالصَّارِفِ إلَّا إذَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَقَالَ زي: إنْ أَرَادَ الْمُلَاطَفَةَ فَلَا عِتْقَ صَرِيحًا بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ. اهـ. ق ل وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصَّرِيحِ الَّذِي يَقْبَلُ الصَّرْفَ إنْ أَرَادَ الْمُلَاطَفَةَ لَا عِتْقَ وَإِلَّا عَتَقَ سَوَاءٌ قَصَدَ الْعِتْقَ، أَوْ أَطْلَقَ فَلَا مَوْقِعَ لِقَوْلِهِ: بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ إذْ الْكِنَايَةُ لَا عِتْقَ فِيهَا إلَّا بِالْقَصْدِ (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِطَرِيقِ الْمُؤَاخَذَةِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَذَلِكَ) قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: يَعْتِقُ فِي الْحَالِ) أَيْ: بِلَا مَشِيئَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتَ حُرٌّ إيقَاعٌ لِلْعِتْقِ فِي الْحَالِ، وَقَوْلُهُ: كَيْفَ شِئْت مَعْنَاهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ شِئْت، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَتَضَمَّنُ تَعْلِيقَهُ بِصِفَةٍ وَهَذَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَالْقَفَّالِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. اهـ. وَأَشَارَ م ر فِي حَاشِيَتِهِ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كذبانويه)

ص: 306

الْمُفَسَّرَهْ سَيِّدَةً) أَيْ: بِسَيِّدَةٍ (لِبَيْتِهَا مُدَبِّرَهْ) ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَاللَّفْظَةُ الْمَذْكُورَةُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَبِالْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ فَارِسِيَّةٌ، وَمِثْلُهَا كذبانوى بِلَا هَاءٍ، وتوكذبانومنى بِضَمِّ التَّاءِ، ومني بِتَخْفِيفِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ مَعْنَاهُ الِاخْتِصَاصُ بِالْمُتَكَلِّمِ (قُلْتُ وَعَنْ حُجَّةِ الْإِسْلَامِ) الْغَزَالِيِّ وَالْقَاضِي (رُوِيَ) أَنَّهُ (لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ بِذِي) أَيْ: بِلَفْظِ كُلٍّ مِنْ سَيِّدِي، وَكَذَبَا (وَإِنْ نُوِيّ) بِهَا الْعِتْقَ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤْدُدِ، وَتَدْبِيرِ الْمَنْزِلِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ (وَ) مِثْلُ (كَلِمِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ) صَرِيحُهَا، وَكِنَايَتُهَا لِإِشْعَارِ كَلِمِ الطَّلَاقِ بِإِزَالَةِ الْقَيْدِ، وَاقْتِضَاءِ كَلِمِ الظِّهَارِ التَّحْرِيمَ، وَيُسْتَثْنَى قَوْلُهُ: أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ، أَوْ مُظَاهِرٌ لِمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا لَفْظُ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (لَا فِي) قَوْلِهِ:(أَنَا حُرٌّ مِنْكَ) فَلَيْسَ كِنَايَةً فِي الْعِتْقِ بِخِلَافِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَكِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ (وَالْفَرْقُ انْجَلَا) بِشُمُولِ الزَّوْجِيَّةِ لِلزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت حُرٌّ مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَعْتِقَ لِعَدَمِ حُرِّيَّةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى حُرِّيَّةِ الْخَلْقِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَنْبَغِي عِتْقُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت حُرٌّ مِثْلَ هَذَا، وَالْمُشَارُ إلَيْهِ عَبْدُهُ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُمَا لَا يَعْتِقَانِ، وَيُحْتَمَلُ عِتْقُهُمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ عِتْقُهُمَا.

(وَقَوْلُهُ: أَوَّلُ مَوْلُودٍ تَلِدْ) هـ أَمَتِي (حُرٌّ يَحِلُّ الْعِتْقُ) الْمُعَلَّقُ وَلَدٌ (مَيِّتٌ وُجِدْ) مِنْهَا فَتَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ حَتَّى لَا يَعْتِقُ الْمَوْلُودُ الْحَيُّ بَعْدَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَدَخَلَ اثْنَانِ مَعًا ثُمَّ ثَالِثٌ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَمَّا الثَّالِثُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الِاثْنَانِ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ أَوَّلُ دَاخِلٍ، وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ وَحْدَهُ عَتَقَ الثَّالِثُ وَلَوْ دَخَلَ وَاحِدٌ لَا غَيْرُهُ عَتَقَ عَلَى الْأَصَحِّ

(وَدُونَ عَكْسٍ حَمْلُهُ لَهَا تَبَعْ) أَيْ: وَحَمْلُ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ إذَا كَانَ لِمَالِكِهَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ، وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا دُونَ الْعَكْسِ فَلَا تَتْبَعُ الْأُمُّ الْحَمْلَ بِإِعْتَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْعِتْقُ فِي هَذِهِ وَفِي صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِمَا فِي الْبَيْعِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِغَيْرِ مَالِكِهَا فَلَا يَتْبَعُهَا إذْ لَا تَبَعِيَّةَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالِكِ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ: تَبَعْ أَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ تَبَعًا لَهَا لَا سِرَايَةً؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَشْقَاصِ لَا فِي الْأَشْخَاصِ وَإِلَّا لَتَبِعَتْ الْأُمُّ الْحَمْلَ فِي الْعِتْقِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ إعْتَاقِ الْحَمْلِ وَحْدَهُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ حَامِلًا، وَالْحَمْلُ مُضْغَةً فَقَالَ: أَعْتَقْت مُضْغَةَ هَذِهِ الْأَمَةِ كَانَ لَغْوًا؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَغْوٌ وَلَوْ قَالَ: مُضْغَةُ هَذِهِ الْأَمَهِ حُرٌّ فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْوَلَدَ انْعَقَدَ حُرًّا فَتَصِيرُ الْأُمُّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ حَتَّى يُقِرَّ بِوَطْئِهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ وَطْءٍ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ كَافٍ وَصَوَابُهُ حَتَّى يُقِرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الْمُضْغَةَ مِنْهُ. قَالَ وَقَوْلُهُ: مُضْغَةُ هَذِهِ الْأَمَةِ حُرٌّ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِقْرَارِ فَقَدْ يَكُونُ لِلْإِنْشَاءِ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْت مُضْغَتَهَا أَيْ: فَيَلْغُو لِمَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا صَوَّبَهُ غَيْرُ كَافٍ أَيْضًا حَتَّى يَقُولَ: عَلَقْت بِهَا فِي مِلْكِي، أَوْ نَحْوَهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْإِقْرَارِ.

(وَحُكْمُهُ) أَيْ: الْإِعْتَاقِ (بِعِوَضٍ كَأَنْ خَلَعْ) أَيْ: كَالْخُلْعِ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ نَازِعَةٌ إلَى جَعَالَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ عَتَقَ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ، أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مَثَلًا مِنْ الْآنِ وَتَعَذَّرَتْ بِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَا بِأَجْرِ مِثْلِ الْخِدْمَةِ كَمَا فِي الْخُلْعِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ كَوْنُ الْعِوَضِ خَمْرًا، أَوْ نَحْوَهُ بَلْ يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ، وَلَا كَوْنُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِخِلَافِ الِاسْمِ الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ يُهْجَرْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعِتْقِ مِنْ قَصْدِهِ فَإِنْ قَصَدَ النِّدَاءَ، أَوْ أَطْلَقَ فَلَا عِتْقَ

(قَوْلُهُ: وَدُونَ عَكْسٍ حَمْلُهُ) أَيْ: مَالِكُهَا أَيْ: حَمْلُهَا الْمَمْلُوكُ لَهُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لِمَالِكِهَا) هَذَا مَعْنَى الْإِضَافَةِ فِي حَمْلُهُ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ خَلَعَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُلْتَمِسُ أَجْنَبِيًّا

ــ

[حاشية الشربيني]

بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ وَحَذْفِهَا بِمَعْنَى صَاحِبِ الْبَيْتِ. اهـ. حَاشِيَةُ أَنْوَارٍ (قَوْلُهُ: وتوكذبا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كذبانوى أَيْ: وَمِثْلُهَا أَيْضًا توكذبانو وَمَعْنَى توانت وكذبانو سَيِّدُهُ وَمَعْنَى مِنِّي لِي أَيْ: أَنْتِ سَيِّدَةٌ لِي.

(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الصِّفَةِ) صَرِيحٌ فِي عِتْقِ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ زَمَنِ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ لِقَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْجَنِينِ إلَّا بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَيِّتِ إنَّمَا تُوجَدُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ، ثُمَّ هَلْ يَكْفِي مُضِيُّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ سِتَّةٍ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: يَتْبَعُهَا) وَلَوْ مُضْغَةً، أَوْ عَلَقَةً ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ) أَيْ: بَعْدَ بُلُوغٍ، أَوْ إنَّ نَفْخَ الرُّوحِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِعِ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: غَيْرُ كَافٍ) ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ بِوَطْئِهَا لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْحَمْلِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَقْت بِهَا فِي مِلْكِي) عِبَارَةُ م ر

ص: 307

الْعَبْدِ مَغْصُوبًا، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّهُ ضِمْنِيٌّ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَقْصُودِ.

(فَأَمْرُهُ) لِغَيْرِهِ (بِعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهْ أَوْ عَبْدِهِ عَلَى كَذَا أَوْ) بِعِتْقِ (أَمَتِهْ) عَلَى كَذَا (فَإِنَّ إعْتَاقَهُمْ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (امْتِثَالَا) لِلْأَمْرِ (وَيَنْفُذُ وَاسْتَحَقَّ) الْمَالِكُ الْعِوَضَ سَوَاءٌ قَالَ: فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَنِّي أَمْ عَنْك أَمْ أَطْلَقَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي لَكِنْ لَا يَقَعُ عَنْهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ: عَنِّي (لَا إنْ قَالَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ أَعْتِقْ عَبْدَك، أَوْ أَمَتَك، أَوْ مُسْتَوْلَدَتَك (مَجَّانًا) فَأَجَابَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ نَفَذَ الْعِتْقُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ عِوَضًا فَإِنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِوَضِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ، أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ بِنَاؤُهُمْ عَلَى الْإِذْنِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ دُونَ شَرْطِ الرُّجُوعِ اسْتِحْقَاقُهُ فِي صُورَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي فَإِنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ لَا فِي غَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تُوجِبُ ثَوَابًا

(أَوْ) قَالَ: أَعْتِقْ (عَنِّي مُسْتَوْلَدَتَكْ) بِكَذَا فَأَجَابَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ نَفَذَ الْعِتْقُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ لِامْتِنَاعِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: عَنِّي، وَقَوْلُ الْمُعْتِقِ عَنْك فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَجَابَهُ يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي سَوَاءٌ ذَكَرَ عِوَضًا أَمْ لَا كَمَا عُرِفَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ جُعِلَ الْعَبْدُ كَالْمَوْهُوبِ الْمَقْبُوضِ لِيَصِحَّ إعْتَاقُهُ كَمَا جُعِلَ عِنْدَ ذِكْرِهِ كَالْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ حَتَّى يُحْكَمَ بِاسْتِقْرَارِ عِوَضِهِ، وَذَلِكَ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَذَكَرُوا بِنَاءً عَلَى هَذَا أَنَّ إعْتَاقَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَائِزٌ.

(وَالْعِتْقُ) فِي أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي (رُتِّبَ) عَلَى الْمِلْكِ فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ (إذْ بِإِعْتَاقٍ مَلَكْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُسْتَدْعِي يَمْلِكُ الرَّقِيقَ بِإِعْتَاقِهِ، وَيَسْتَحِيلُ تَقْدِيرُ تَقَدُّمِ مِلْكِهِ عَلَى تَمَامِ التَّلَفُّظِ بِالْإِعْتَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ مَا يُوجِبُهُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَقَدُّمُ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، وَلَا حُصُولُهُمَا مَعًا لِتَنَافِيهِمَا فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ الْعِتْقُ عَنْ الْإِعْتَاقِ بِمَا يُوجَدُ فِيهِ الْمِلْكُ قَالَ الْإِمَامُ: وَسَبَبُ تَأَخُّرِهِ أَنَّهُ إعْتَاقٌ عَنْ الْغَيْرِ وَمَعْنَاهُ نَقْلُ الْمِلْكِ إلَيْهِ، وَإِيقَاعُ الْعِتْقِ بَعْدَهُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الْعِتْقُ عَنْ الْإِعْتَاقِ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْت عَبْدِي عَنْك بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْقَبُولِ، ثُمَّ الْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي، وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ إذَا اتَّصَلَ الْجَوَابُ بِالْخِطَابِ وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ، وَلَا عِوَضَ.

(وَ) لَوْ قَالَ السَّيِّدُ: (أَحَدُ) هَذَيْنِ (الْعَبْدَيْنِ حُرٌّ بِكَذَا فَقَبِلَا وَأَيِسَ الْبَيَانَ ذَا) أَيْ: وَأَيِسَ الْعَبْدُ عَنْ الْبَيَانِ الشَّامِلِ لِلتَّعْيِينِ بِأَنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَارِثٌ وَلَمْ نُقِمْهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ (فَقِيمَةُ الْقَارِعْ) وَهُوَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَاجِبَةً (عَلَيْهِ) لِسَيِّدِهِ لِفَسَادِهِ الْمُسَمَّى بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ، وَتَعَلُّقِهِ بِالْقَبُولِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَقَبِلَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا بِقَبُولِهِ وَحْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِقَبُولِهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ إنْ شِئْتُمَا لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا إذَا شَاءَا جَمِيعًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْتَمَسَ الْعِتْقَ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ، أَوْ حُرٍّ، وَصَرَّحَ بِوَصْفِ الْخَمْرِيَّةِ، أَوْ الْحُرِّيَّةِ جَرَى فِيهِ مَا قَرَّرُوهُ فِي الْخُلْعِ

(قَوْلُهُ: مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ: الْغَيْرِ، وَكَذَا الضَّمِيرَانِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الْمَالِكُ الْعِوَضَ) قَالَ الشَّارِحُ: وَيَكُونُ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ افْتِدَاءً كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي) لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي عَلَى كَذَا، ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ يَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ نَفَذَ الْعِتْقُ، وَلَا يَقَعُ عَنْهَا، وَرَجَعَ الْمُسْتَدْعِي بِالْأَرْشِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تُوجِبُ ثَوَابًا) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ: عَنِّي وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الشَّارِحُ فِي الْأَمْثِلَةِ فَهُوَ مُرَادُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ عَنِّي يَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ فَلَا تَجْرِي الْأَوْجُهُ فِي لُزُومِ الْعِوَضِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِمَا يُوجَدُ فِيهِ الْمِلْكُ) أَيْ: بِزَمَنٍ يُوجَدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا اتَّصَلَ الْجَوَابُ) أَيْ: جَوَابُ الْمَالِكِ بِقَرِينَةِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَأَيِسَ الْبَيَانَ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ يَأْسٌ بِأَنْ بَيَّنَ السَّيِّدُ، ثُمَّ قَدْ يَخْفَى هَذَا التَّعْلِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيَانِ مَعَ الْيَأْسِ بِأَنْ أَرَادَ مُعَيَّنًا، وَحَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ بَيَانِهِ بِمَوْتِهِ، وَلَا وَارِثَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا تَعَذَّرَ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُهِمِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ الْإِبْهَامَ لَفْظًا أَشْكَلَ قَوْلُهُ الْآتِي وَعَلَى مَا قَالَهُ فَلَزِمَ الْمُسَمَّى لِوُجُودِ الْإِبْهَامِ لَفْظًا وَمُقْتَضَاهُ الْفَسَادُ الْمُنَافِي لِلُّزُومِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ أَرَادَ الْإِبْهَامَ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنًا أَشْكَلَ قَوْلُهُ السَّابِقُ الشَّامِلُ لِلتَّعْيِينِ حَيْثُ عَمَّمَ الْمَسْأَلَةَ، وَجَعَلَهَا شَامِلَةً لِقَصْدِ الْمُعَيَّنِ سم.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَالَ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَقْت بِهَا مِنِّي فِي مِلْكِي. اهـ. لَكِنْ مُرَادُ الشَّارِحِ أَنْ يَضُمَّ هَذَا لِمَا سَبَقَ وَمَا سَبَقَ فِيهِ مِنِّي.

(قَوْلُهُ: فَقَبِلَا) أَيْ: فَوْرًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَهُوَ مُفَادُ الْفَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ نُقِمْهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ بِلَا خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ وَتَعَلُّقِهِ بِالْقَبُولِ) وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا طَلُقَتْ وَلَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ بَلْ يَرُدُّهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) وَوَجْهُ الْمَنْقُولِ النَّظَرُ إلَى اللَّفْظِ دُونَ النِّيَّةِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ

ص: 308

أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ كَفَى قَبُولُ الَّذِي قَصَدَهُ، وَعَلَى مَا قَالَهُ يَلْزَمُ الْمُسَمَّى

(وَ) مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ رَقِيقٍ شَائِعًا كَنِصْفٍ وَرُبْعٍ، أَوْ مُعَيَّنًا كَيَدٍ وَرِجْلٍ (سَرَى) أَيْ: الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِعْسَرًا لِقُوَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ يَسَارُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهُوَ عَتِيقٌ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ» ، وَأَمَّا رِوَايَةُ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتَسْعَى لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ

(مُخْتَارُهُ أَوْ مَنْ بِإِذْنٍ حَرَّرَا) أَيْ: سَرَى الْعِتْقُ الْمُخْتَارُ لِلْمَالِكِ الْمُحَرَّرِ، أَوْ الْمَأْذُونِ فِي التَّحْرِيرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مُخْتَارَ مَأْذُونِهِ مُخْتَارُهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ بَلْ ذِكْرُهُ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ السِّرَايَةَ فِيمَا لَوْ تَوَكَّلَ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ وَقُلْنَا: بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَعْتِقُ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ وَاحِدًا مُعَيَّنًا أَمْ لَا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَحْثٍ بَلْ هُوَ تَحْرِيزٌ لِمَحَلِّ قَبُولِ الِاثْنَيْنِ، وَمَحَلِّ قَبُولِ الْوَاحِدِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَتَخَيَّلُ أَنَّهُ مَعَ قَصْدِ الْمُعَيَّنِ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الِاثْنَيْنِ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ بِإِذْنٍ) أَيْ: أَوْ مُخْتَارُ مَنْ بِإِذْنٍ حَرَّرَا (قَوْلُهُ: إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ) هَلَّا قَالَ: إلَى بَاقِيهِ، أَوْ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي إلَى الَّذِي بَقِيَ مِنْ مِلْكِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ صِلَةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ سَرَى كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ تَوَكَّلَ فِي عِتْقِ عَبْدٍ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَهُ لِلْمُوَكِّلِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ آخِرَ الْبَابِ وَلَوْ وَكَّلَهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ. اهـ. وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ لِجَمِيعِهِ وَقَالَ فِي الرَّوْضِ قَبْلَ ذَلِكَ قُبَيْلَ الْخِصِّيصَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَيُّ النَّصِيبَيْنِ أَعْتَقَ قُدِّمَ عَلَى صَاحِبِهِ نَصِيبُ الْآخَرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ. اهـ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ الْوَكِيلَ عَتَقَ نِصْفَ نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ فَقَطْ فَهَلْ تَنْتَفِي السِّرَايَةُ مُطْلَقًا عَنْ بَاقِي نَصِيبِهِ وَعَنْ نَصِيبِ الْوَكِيلِ؟ (قَوْلُهُ: فِي عِتْقِ عَبْدٍ) أَيْ: عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَغَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي تَصْوِيرِ الْمَتْنِ: إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ غَيْرُ شَرِيكٍ فَإِنْ كَانَ شَرِيكًا سَرَى الْعِتْقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّذِي هُوَ الْوَكِيلُ هَذَا حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ) أَيْ: بَعْضَهُ يَعْتِقُ وَهُوَ أَيْ:

ــ

[حاشية الشربيني]

يُقَالُ: إنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَيِسَ مِنْ الْبَيَانِ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذُكِرَ هُنَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الْبَيَانِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ بَيَّنَ السَّيِّدُ، أَوْ وَارِثُهُ مَا قَصَدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: كَفَى قَبُولُ الَّذِي قَصَدَهُ إذْ لَا يُعْلَمُ قَصْدُهُ لَهُ إلَّا بِبَيَانِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إيرَادُ الشَّارِحِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ثَمَنُ الْعَبْدِ) أَيْ: قِيمَتُهُ وَعَبَّرَ بِالْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ بِانْضِمَامِهِ لِقِيمَةِ الشِّرْكِ الَّذِي لَهُ يَكُونُ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ تَمَامَ قِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ لَكِنْ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ أَوْجَبَ تَنْفِيذَ مَا أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ، وَلَمْ تَتَرَتَّبْ السِّرَايَةُ عَلَى مَا ثَبَتَ عِتْقُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَأَيْضًا عِتْقُ السِّرَايَةِ قَدْ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ

ص: 309

عَدَمُهَا وَاعْتُبِرَ الِاخْتِيَارُ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ لَا صُنْعَ مِنْهُ يُعَدُّ إتْلَافًا، وَالْعِتْقُ الْمُخْتَارُ (كَجُزْءِ بَعْضٍ اشْتَرَى، أَوْ قَبْلَا وَصِيَّةً، أَوْ هِبَةً لِلْجُزْءِ) أَيْ: كَأَنْ اشْتَرَى جُزْءَ بَعْضِهِ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ، أَوْ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ بِهِ، أَوْ الْهِبَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا تَمَلُّكَاتٌ اخْتِيَارِيَّةٌ تَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ فَكَانَتْ كَالتَّلَفُّظِ بِهِ اخْتِيَارًا فَيَسْرِي وَكَأَنْ اتَّهَبَ الْمُكَاتَبُ جُزْءَ بَعْضِهِ، أَوْ اشْتَرَاهُ حَيْثُ يَصِحُّ، وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ الْقَفَّالِ عَدَمُ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ ضِمْنًا، وَلِلْأَوَّلِ مَنْعُهُ فَإِنَّهُ مِثْلُ الشِّرَاءِ، وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ الْحُرِّ يَعْقُبُهَا الْعِتْقُ بِخِلَافِهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ.

وَلَوْ اتَّهَبَ السَّفِيهُ جُزْءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، أَوْ قَبِلَ وَصِيَّتَهُ فَفِي السِّرَايَةِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا عَدَمُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ لَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاخْتِيَارِ الْعِتْقِ مَا يَعُمُّ اخْتِيَارَ سَبَبِهِ (لَا إرْثٍ وَ) لَا (مَا بِالْعَيْبِ ذُو ارْتِدَادِ) أَيْ: لَا كَإِرْثِ جُزْءِ بَعْضِهِ، وَلَا ارْتِدَادٍ بِعَيْبٍ فَلَوْ وَرِثَ جُزْءَ بَعْضِهِ، أَوْ ارْتَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ كَأَنْ بَاعَ بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ بِثَوْبٍ وَمَاتَ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ فَوَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا رَدَّهُ وَرَجَعَ بَعْضُ ابْنِهِ إلَيْهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ قَهْرِيٌّ، وَأَمَّا الرَّدُّ؛ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ رَدُّ الثَّوْبِ لَا اسْتِرْدَادُ الْبَعْضِ، وَعَدَمُ السِّرَايَةِ فِيهِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قُبَيْلَ الْخَاصَّةِ الثَّالِثَةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِيهَا هُنَا أَنَّهُ يَسْرِي، أَمَّا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِعَيْبٍ فَلَا سِرَايَةَ قَطْعًا كَالْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ عَلَيْهِ

، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ كَأَنْ، أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ ابْنِ أَخِيهِ فَمَاتَ، وَقَبِلَ الْأَخُ الْوَصِيَّةَ عَتَقَ عَلَيْهِ الشِّقْصُ، وَلَا سِرَايَةَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ بِقَبُولِهِ يَدْخُلُ الشِّقْصُ فِي مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ، وَلَوْ مَلَكَ جُزْءَ بَعْضِهِ بِتَعْجِيزِ مُكَاتَبِهِ بِأَنْ اشْتَرَى جُزْءَ بَعْضِ سَيِّدِهِ، ثُمَّ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ فَلَا سِرَايَةَ عَلَى الْأَصَحِّ إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّمَلُّكَ وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ، وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضِمْنًا فَأَشْبَهَ مَا إذَا عَجَّزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ وَيُفَارِقُ الرَّدَّ بِعَيْبٍ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَدْعِي حُدُوثَ مِلْكٍ أَبَدًا فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِخِلَافِ التَّعْجِيزِ.

(وَإِذْ فَنِيَ) أَيْ: وَلَا كَعِتْقِ جُزْءِ عَبْدٍ حِينَ مَوْتِهِ بِأَنْ عَلَّقَ السَّيِّدُ بِمَوْتِهِ عِتْقَ جُزْءِ عَبْدٍ لَهُ، أَوْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْرِي، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ، وَكَذَا لَوْ، أَوْصَى بِعِتْقِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ بِالْمُوَافَقَةِ وَهَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْحَاوِي لِتَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ وَبَعْدَ مَوْتٍ وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا بِالْمُوَافَقَةِ، أَوْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ لَكِنْ يَدْخُلُ فِيهِ، وَفِي مَفْهُومِ كَلَامِ النَّظْمِ مَا لَيْسَ مُرَادًا وَهُوَ مَا لَوْ، أَوْصَى لَهُ بِجُزْءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَنْ، أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ ابْنِهِ فَمَاتَ وَقَبِلَ وَارِثُهُ الْوَصِيَّةَ عَتَقَ الشِّقْصُ عَلَى الْمَيِّتِ وَسَرَى إنْ كَانَ لَهُ مَا يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ قَبُولَ وَارِثِهِ كَقَبُولِهِ حَيًّا فَكَأَنَّهُ مُخْتَارُهُ (حَالًا) أَيْ: سَرَى الْعِتْقُ فِي حَالِ الْإِعْتَاقِ أَيْ: بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى بَذْلِ الْقِيمَةِ لِمَا مَرَّ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْمَذْكُورُ مِنْ السِّرَايَةِ بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ نَفَّذْنَا بَعْضَهُ بِالسِّرَايَةِ لَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَاحْتَاجَ الْمَالِكُ إلَى نِصْفِ رَقَبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا: يَعْتِقُ النِّصْفُ فَقَطْ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ السِّرَايَةِ أَنَّهُ لَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ النِّصْفَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَتِهِ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: وَعُلِمَ إلَخْ دَفْعُ اسْتِشْكَالِ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ) قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ: يُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَ بِأَدَائِهِ النُّجُومَ، وَمَا فِيهِمَا عَنْ الْقَفَّالِ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَ بِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ.

(قَوْلُهُ: هُوَ مُقْتَضَى إلَخْ) اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ فِيهَا هُنَا إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ) أَيْ: فِي أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ جُعِلَ لِلسَّيِّدِ بِدُونِ قَصْدِهِ، وَلَا سِرَايَةَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ: مَا صَحَّحَهُ فِيهَا

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ مَا يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَسْرِي مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالثُّلُثِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يَسْرِي إنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ صَحِيحًا حَالَةَ مَوْتِ الْمُوصِي بِحَيْثُ يَنْفَدُ تَبَرُّعُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَكَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ، وَاسْتَمَرَّ يَسَارُهُ سَرَى إلَى بَاقِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ السِّرَايَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِقَبُولِ وَارِثِهِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ قَبُولِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ السِّرَايَةُ

ص: 310

فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ يَسَارَهُ بِقِيمَةِ الْبَاقِي جُعِلَ كَمِلْكِهِ لِلْبَاقِي فِي اقْتِضَاءِ السِّرَايَةِ (كَفِي الْإِيلَادِ) لِلْأَمَةِ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْرِي مَعَ يَسَارِهِ حَالَ الْعُلُوقِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْبَذْلِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْيَسَارِ مَا لَوْ كَانَ الْمُوَلِّدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ يَسَارُهُ كَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي كُلُّهَا لِفَرْعِهِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

(وَلَوْ مَعَ الْيُسْرِ عَلَيْهِ الْعِتْقَا عَلَّقَ) أَيْ: سَرَى الْعِتْقُ، وَلَوْ عَلَّقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِتْقَ نَصِيبِهِ عَلَى عِتْقِ نَصِيبِ الْآخَرِ فَأَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مَعَ يَسَارِهِ فَلَوْ قَالَ: لَهُ إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَتَقَ بَاقِيهُ بِالسِّرَايَةِ لَا بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهَا قَهْرِيَّةٌ لَا مَدْفَعَ لَهَا وَمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ قَابِلٌ لِلدَّفْعِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا عَتَقَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِالتَّعْلِيقِ، وَعَلَى الْمُنَجَّزِ بِالتَّنْجِيزِ (لَا مَعِيَّةً وَسَبْقَا) أَيْ: لَا إنْ عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِهِ عَلَى عِتْقِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِمَعِيَّةٍ، أَوْ سَبْقٍ كَأَنْ قَالَ: لَهُ إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَهُ، أَوْ قَبْلَهُ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَلَا سِرَايَةَ بَلْ يَعْتِقُ عَنْ كُلٍّ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ تَمْنَعُ السِّرَايَةَ، وَالْقِبْلِيَّة مُلْغَاةٌ مَعَ يَسَارِ الْمُعَلِّقِ لِاسْتِحَالَةِ الدَّوْرِ الْمُسْتَلْزِمِ هُنَا سَدَّ بَابِ عِتْقِ الشَّرِيكِ فَيَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَهَا كَهُوَ مَعَ الْمَعِيَّةِ، وَمَعَ إعْسَارِهِ فَلَا سِرَايَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ

(خِلَافَ تَدْبِيرٍ) بِأَنْ دَبَّرَ بَعْضَ رَقِيقِ بَاقِيهِ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ فَلَا يَقْتَضِي السِّرَايَةَ؛ وَلِأَنَّهُ إمَّا وَصِيَّةٌ، أَوْ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَعِيدٌ عَنْ السِّرَايَةِ، وَقَوْلُهُ:(إلَى الَّذِي بَقِيَ مِنْ مِلْكِهِ وَ) مِنْ الْمِلْكِ (لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ) صِلَةُ سَرَى أَيْ: وَسَرَى الْعِتْقُ الْمُخْتَارُ إلَى بَاقِي مِلْكِ الْمُعْتِقِ حَيْثُ كَانَ الْكُلُّ لَهُ وَإِلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُمَا، فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (يَسْرِي) تَكْرَارٌ (وَإِنْ كَاتَبَ) شَرِيكَهُ نَصِيبَهُ كَأَنْ كَاتَبَ الشَّرِيكَانِ الرَّقِيقَ الْمُشْتَرَكَ، ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ (إنْ عَجْزٌ بَدَا) أَيْ: عِنْدَ ظُهُورِ عَجْزِهِ عَنْ النُّجُومِ لَا فِي الْحَالِ لِانْعِقَادِ سَبَبِ حُرِّيَّةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلِأَنَّ فِي التَّعْجِيلِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ بِفَوَاتِ الْوَلَاءِ، وَعَلَى الْمُكَاتَبِ بِانْقِطَاعِ الْوَلَدِ وَالْكَسْبِ عَنْهُ (أَوْ رَهَنَ أَوْ دَبَّرَ) الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَيْهِ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ كَالْقِنِّ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ فَكَذَا فِي التَّقْوِيمِ، وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمَالِكِ فَتَنْتَقِلُ الْوَثِيقَةُ إلَى الْقِيمَةِ كَحَقِّ الشَّرِيكِ

(لَا إنْ أَوْلَدَا) أَيْ: الشَّرِيكُ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُوَلِّدِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَتَضَمَّنُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ إلَى مَنْ سَرَى عَلَيْهِ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ لَا تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ، وَلَا سِرَايَةَ أَيْضًا فِي الْمَوْقُوفِ وَإِنَّمَا يَسْرِي الْعِتْقُ إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ

(بِقَدْرِ فَاضِلِ الَّذِي تَرَكْنَا) هـ (لِمُفْلِسٍ) مِنْ مَالِهِ فَيُبَاعُ لِلسِّرَايَةِ كُلُّ مَا يُبَاعُ لِلْمُفْلِسِ مِنْ مَسْكَنِهِ، وَخَادِمِهِ، وَكُلِّ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ، وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي يَوْمِهِ وَدَسْتِ ثَوْبٍ لَائِقٍ بِهِ، وَسُكْنَى يَوْمِهِ كَمَا مَرَّ فِي التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَالدَّيْنِ لِتَنَزُّلِ الْإِعْتَاقِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مَا يَفِي بِقِيمَتِهِ سَرَى بِقَدْرِ مَا يَفْضُلُ كَبَدَلِ الْمُتْلَفِ؛ وَلِأَنَّهُ يُقِرُّ بِهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ (لَا) قَدْرِ فَاضِلِ (دَيْنِهِ وَالسُّكْنَى) فَيَصْرِفُ مَا هُوَ مَرْصَدٌ لَهُمَا لِلسِّرَايَةِ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ لَازِمٌ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ بِيعَ فَلَا سِرَايَةَ، وَذِكْرُ دَيْنِهِ وَالسُّكْنَى الْمَزِيدَةِ عَلَى الْحَاوِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ (مُعْتَبَرًا) فِي التَّقْوِيمِ (قِيمَةَ يَوْمٍ حَرَّرَا) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَمَّا فِيهِ فَيُعْتَبَرُ تَقْوِيمُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ النُّجُومِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ السِّرَايَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ فَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ الْمُوَلِّدُ) أَخْرَجَ الْمُعْتِقَ

(قَوْلُهُ: إنْ عَجْزٌ بَدَا) الْمُرَادُ أَنَّهُ بِالْعَجْزِ تَتَبَيَّنُ السِّرَايَةُ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: لَا قَدْرِ فَاضِلِ دَيْنِهِ وَالسُّكْنَى) أَيْ: لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْفَاضِلِ عَنْهُمَا حَتَّى يَلْزَمَ عَدَمُ صَرْفِ الْمَرْصَدِ لَهُمَا فِيهَا بَلْ يُصْرَفُ الْمَرْصَدُ لَهُمَا فِيهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ: وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنُ بَلْ يُصْرَفُ مَا هُوَ مَرْصَدٌ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ لِلسِّرَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَبْقَى لَهُ غَيْرُ سُكْنَى ذَلِكَ الْيَوْمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا) أَيْ: مِنْ الزَّكَاةِ وَالْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: لَوْ بِيعَ) أَيْ: فِي الدَّيْنِ بِرّ، وَقَوْلُهُ: فَلَا سِرَايَةَ بِوَجْهِ سَبْقِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ) مُرَادُهُ أَنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي الْفَاصِلِ عَمَّا يَتْرُكُهُ لِلْمُفْلِسِ لَيْسَا مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَا مَعِيَّةً وَسَبْقًا) خَرَجَ الْبَعْدِيَّةَ كَأَنْ قَالَ: إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ بَعْدَهُ فَهِيَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَلَوْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ قَبْلُ لَوَفَّى بِمَفْهُومِ الْمُصَنِّفِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: الدَّوْرِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ الْمَقُولُ لَهُ فِي نَصِيبِهِ لَعَتَقَ نَصِيبُ الْقَائِلِ قَبْلَهُ، وَلَوْ عَتَقَ لَسَرَى، وَلَوْ سَرَى لَبَطَلَ عِتْقُهُ فَيَلْزَمُ مِنْ نُفُوذِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَهَذَا يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَى الْمَالِكِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِ نَفْسِهِ فَلَمَّا اسْتَلْزَمَ الدَّوْرُ ذَلِكَ أَبْطَلَ الْأَصْحَابُ الْعَمَلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَهَا كَهُوَ مَعَ الْمَعِيَّةِ) وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّعْلِيقِ مَعَ الْإِطْلَاقِ حَتَّى يَعْتِقَ عَنْ الْمُنَجَّزِ نِصْفَهُ بِالتَّنْجِيزِ، وَنِصْفَهُ بِالسِّرَايَةِ كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ مَعَ الْيُسْرِ إلَخْ وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّا إذَا أَلْغَيْنَا قَوْلَهُ قَبْلَهُ صَارَ كَالْإِطْلَاقِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْقَبْلِيَّةَ الْمَعِيَّةُ فَبَطَلَتْ الْقَبْلِيَّةَ لِمَا ذُكِرَ، وَبَقِيَتْ الْمَعِيَّةُ لِعَدَمِ التَّلَازُمِ فِي الْبُطْلَانِ

(قَوْلُهُ: بِانْقِطَاعِ الْوَلَدِ) أَيْ: لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ عَتَقَ

ص: 311