المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أسباب عتق أم الولد] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٥

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]

- ‌ بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا تُقْطَعُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَلَا عَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ جَاءَ وَطَلَبَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَة وَيَتْرُكَ الْقِصَاصَ فَأَخَذَهَا]

- ‌(بَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌(بَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(بَابُ الزِّنَا)

- ‌(بَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الشُّرْبِ)لِلْمُسْكِرِ (وَالتَّعْزِيرِ)

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌(بَابُ السِّيَرِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْأَمَانِ) لِلْكَافِرِ

- ‌(فَصْلٌ فِي) .بَيَانِ (الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْهُدْنَةِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ يَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ]

- ‌(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌(بَابُ) بَيَانِ حِلِّ (الْأَطْعِمَةِ) وَتَحْرِيمِهَا

- ‌(بَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌ صِيغَةَ الْيَمِينِ

- ‌(بَابُ النَّذْرِ)

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌[أَرْكَانُ التَّدْبِيرِ]

- ‌(بَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌[أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

الفصل: ‌[أسباب عتق أم الولد]

الْفَاسِدَةُ بِالْفَسْخِ، ثُمَّ أَدَّى الْمُسَمَّى لَمْ يَعْتِقْ فَإِنَّهُ وَإِنْ غَلَبَ فِيهَا مَعْنَى التَّعَلُّقِ فَهُوَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ، وَقَوْلُهُ: يَسْأَلُ نَقْضَ الْعَقْدِ مِنْ زِيَارَتِهِ (وَلَا) فِي (الزَّكَاةِ) فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ فِي الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ

فَالْقَبْضُ فِيهَا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ هُنَا لِبَيَانِ مَا فَارَقَتْ بِهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ، وَفِي مَعْنَى الزَّكَاةِ الْوَقْفُ عَلَى الرِّقَابِ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالنَّذْرُ لَهُمْ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا (وَ) لَا فِي (وُجُوبِ فِطْرَتِهْ) فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لَا فِي (رَدِّ مَالِهَا) أَيْ: الْكِتَابَةِ إلَى الْمُكَاتَبِ (وَأَخْذِ قِيمَتِهْ) مِنْهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ يَرُدُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ نَعَمْ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ حَالَ الْكُفْرِ يَمْلِكُهُ، وَلَا تَرَاجُعَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، ثُمَّ الِاعْتِبَارُ هُنَا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْعِتْقِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعَقْدِ هُوَ يَوْمُ الْحَيْلُولَةِ فِي الصَّحِيحَةِ وَهُنَا إنَّمَا تَحْصُلُ الْحَيْلُولَةُ بِالْعِتْقِ، وَلَيْسَتْ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ فَمِنْهَا مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ عَدَمِ عِتْقِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ فِي الْفَاسِدَةِ حَتَّى لَا يَتْبَعَهُ الْكَسْبُ وَالْوَلَدُ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ فِيهَا بِعَقْدٍ لَازِمٍ وَاسْتَحَقَّ اسْتِتْبَاعَ الْوَلَدِ وَالْكَسْبِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إبْطَالُهَا، وَفِي الْفَاسِدَةِ لَا اسْتِحْقَاقَ عَلَى السَّيِّدِ فَجُعِلَ نَاسِخًا، وَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ مُعَامَلَتِهِ لِلسَّيِّدِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَا مَنْعَ كَالصَّحِيحَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ أَقْوَى، وَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ كَالْقِنِّ، وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا جَنَى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْفَسْخِ فِي الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ أَمَةً، أَوْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِتَعْجِيلِ النُّجُومِ عَنْ مَحَلِّهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ مَحَلِّهَا لَمْ يَعْتِقْ، وَمِنْهَا أَنَّ الْعِتْقَ الْوَاقِعَ فِي مَرَضِهِ فِي الْفَاسِدَةِ لَيْسَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَخْذِهِ الْقِيمَةَ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ اسْتِقْلَالَهُ بِالْأَكْسَابِ لِيَحْصُلَ الْمُسَمَّى وَأَخْذَهُ الْفَاضِلَ مِنْ الْكَسْبِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَلُزُومَ نَفَقَةِ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَأَخْذَهُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمَهْرَ الْوَطْءِ وَتَكَاتُبَ وَلَدِهِ عَلَيْهِ.

(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

الْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حَرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَخَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَارِيَةَ أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا وَلَدَتْ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ: أَثْبَتَ لَهَا حَقَّ الْحُرِّيَّةِ رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ، وَخَبَرُ «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، وَلَا يُوهَبْنَ، وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ رَفْعَهُ وَقَالَ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَسَبَبُ عِتْقِهَا انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ إنَّ «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا» أَيْ: سَيِّدَهَا فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ.

(وَمَنْ تَضَعْ) مِنْ الْإِمَاءِ وَلَوْ مُحَرَّمَةً بِنَسَبٍ وَلَدًا، أَوْ بَعْضَهُ وَلَوْ (ظَاهِرَ تَخْطِيطٍ) وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ (وَقَدْ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَخَرَجَ بِالسَّيِّدِ الْمُكَاتَبُ فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ. اهـ.

فَفِي الصَّحِيحَةِ أَوْلَى سم (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنَّ الْعِتْقَ) أَيْ: بِالْأَدَاءِ الْوَاقِعِ فِي مَرَضِهِ فِي الْفَاسِدَةِ إلَخْ أَمَّا الصَّحِيحَةُ فَفِي الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ: كَاتَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا، أَوْ أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِقِيمَتِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَاسْتَوْفَى النُّجُومَ فِي مَرَضِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ النُّجُومِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالنُّجُومُ. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الثُّلُثِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُشْكِلَةٌ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ النُّجُومِ الَّتِي كَانَتْ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ فَفِيهَا تَبَرُّعٌ كَيْفَ لَا تُحْتَسَبُ مِنْ الثُّلُثِ بِرّ وَقَدْ يُقَالُ: كَمَا رَدَّ النُّجُومَ الَّتِي مَلَكَهَا أَخَذَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ الْقِيمَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النُّجُومَ كَانَتْ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ بَلْ يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ بِهِ إلَخْ.

(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

(قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ أَعَلَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ تَضَعُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَكِنْ تَبَيَّنَ بِالْوَضْعِ حُصُولُ الْعِتْقِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَضْعِ بَعْدَهُ مِنْ كَوْنِهِ عَقِبَهُ وَتَرَاخِيهِ عَنْهُ حَيْثُ لَحِقَ بِهِ شَرْعًا، وَحَيْثُ عَلِمَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّهَا حَامِلٌ امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِهَا إلَّا إذَا وَضَعَتْ فَيَتَبَيَّنُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهُ) هَذَا مُوَافِقُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ عُضْوٍ، وَإِنْ لَمْ تَضَعْ الْبَاقِيَ وَعَلَيْهِ يَكْفِي وَضْعُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ إفْتَاءُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ لَا يُرَدُّ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَكْفِي وَضْعُ مَا يَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا بِهِ الِاحْتِرَازَ عَنْ نَحْوِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ لَا الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ هَذَا وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ بَلْ وَبِالْبَعْضِ هُوَ الْمُتَّجَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: اسْتِقْلَالَهُ بِالْأَكْسَابِ) وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ يَمْلِكُ بِهِ كَالصَّحِيحِ إلَّا هَذَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِتْقُ قَدْ حَصَلَ فَتَبِعَهُ مِلْكُ الْكَسْبِ وَوُجِّهَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ أَثْبَتَ لِلسَّيِّدِ عِوَضًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَمْلِكَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ كَيْ لَا يَبْقَى الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لِوَاحِدٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَوْ مَلَكَهَا لَعَتَقَ كَانَ تَأْثِيرُ الْعِتْقِ فِي الْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَكَاتُبَ وَلَدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: كَالْكَسْبِ وَقِيلَ: لَا يَتَكَاتَبُ.

[بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

[أَسْبَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ]

(بَابُ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ)

ص: 330

أَحَبْلَهَا السَّيِّدُ) بِأَنْ عَلَقَتْ مِنْهُ وَلَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ (تَعْتِقُ) هِيَ (وَالْوَلَدْ) أَيْ: الرَّقِيقُ الْحَادِثُ مِنْهَا بِنِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ: الْوَضْعِ بِالشَّرْطِ الْآتِي، أَمَّا هِيَ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا وَلَدُهَا فَتَبَعًا لَهَا، وَعِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ أَحْبَلَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَإِنْفَاقِ الْمَالِ فِي اللَّذَّاتِ، وَخَرَجَ بِظُهُورِ تَخْطِيطِهِ مَا لَوْ قَالَتْ الْقَوَابِلُ إنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، وَلَوْ بَقِيَ لَتَخَطَّطَ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِيلَادُ، وَبِالسَّيِّدِ مَا لَوْ أَحْبَلَهَا غَيْرُهُ بِنِكَاحٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ شُبْهَةٍ، ثُمَّ مَلَكَهَا فَلَا إيلَادَ لِانْتِفَاءِ إحْبَالِهَا مِنْ سَيِّدِهَا؛ وَلِأَنَّ الْإِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ حَالًا فَكَذَا بَعْدَ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ غَيْرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهُ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يَثْبُتَانِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ حَالًا، وَلَا مَآلًا فَكَذَا الْإِيلَادُ، وَبِقَوْلِهِ: بَعْدَهُ وَلَدُهَا الْمَوْجُودُ قَبْلَ الْوَضْعِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ قَبْلَ إحْبَالِهَا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهَا لِحُصُولِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ لَهَا، وَشَرْطُ السَّيِّدِ كَوْنُهُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ فَلَا يَثْبُتُ إيلَادُ الْمُرْتَدِّ بَلْ يُوقَفُ بِنَاءً عَلَى وَقْفِ مِلْكِهِ، وَكَوْنُهُ حُرَّ الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ كَمَا تَنَاوَلَهُ لَفْظُ السَّيِّدِ فَيَثْبُتُ إيلَادُ الْمُبَعَّضِ إذَا أَوْلَدَ أَمَتَهُ الَّتِي مَلَكَهَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَا يَثْبُتُ إيلَادُ الْمُكَاتَبِ إذَا أَوْلَدَ أَمَتَهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابَةِ: وَلَا اسْتِيلَادًا.

(كَمِثْلِ تَدْبِيرٍ) بِزِيَادَةِ مِثْلٍ أَيْ: تُعْتَقُ أُمُّ الْوَلَدِ وَوَلَدُهَا الْمَذْكُورُ كَمَا تُعْتَقُ الْمُدَبَّرَةُ وَوَلَدُهَا التَّابِعُ لَهَا فِي التَّدْبِيرِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (إذَا مَاتَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ فِيهِمَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا عِتْقَ، أَوْ الْأُمُّ فَقَطْ عَتَقَ الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا مَاتَتْ، أَوْ عَجَزَتْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ، وَيَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا تَبَعًا بِلَا أَدَاءً مِنْهُ، أَوْ نَحْوِهِ وَوَلَدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إنَّمَا يَعْتِقُ بِمَا تُعْتَقُ هِيَ بِهِ وَهُوَ مَوْتُ السَّيِّدِ، وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ، أَوْ الْمُدَبَّرَةَ لَمْ يُعْتِقْ الْوَلَدَ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا أَعْتَقَهَا يُعْتِقُ وَلَدَهَا (وَلَوْ) كَانَ الْمَوْتُ (بِقَتْلِ هَذَيْنِ) أَيْ: أُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُمَا يَعْتِقَانِ، وَإِنْ اسْتَعْجَلَا بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّ الْإِحْبَالَ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ وَلِهَذَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَلَا يَقْدَحُ الْقِلُّ فِيهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، ثُمَّ جَاءَ الْعَبْدُ وَقَتَلَهُ وَذَكَرَ قَتْلَ الْوَلَدِ مَزِيدًا عَلَى الْحَاوِي (كَذَا حُكْمُ حُلُولِ الدَّيْنِ) فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ، وَلَوْ بِقَتْلِ غَرِيمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ أُثْبِتَ لِيَرْتَفِقَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالِاكْتِسَابِ فِيهِ فَإِذَا مَاتَ فَالْحَظُّ لَهُ فِي التَّعْجِيلِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ (وَ) كَذَا حُكْمُ (التَّدْبِيرِ) فَمَنْ ثَبَتَ لَهُ تَدْبِيرٌ يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ وَلَوْ بِقَتْلِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا: كَمِثْلِ تَدْبِيرٍ.

(بَلْ إنْ بَاعَ) السَّيِّدُ (ذَيْنِ) أَيْ: أُمَّ الْوَلَدِ وَوَلَدَهَا الْمَذْكُورَ (قُلْتُ) وَكَانَ الْبَيْعُ (مِنْ غَيْرٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِهِمَا (بَطَلْ) أَيْ: الْبَيْعُ أَمَّا فِي الْأُمِّ فَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ السَّابِقِ وَلِلْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِي وَلَدِهَا فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا فَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ بَيْعِهِمَا نُقِضَ قَضَاؤُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ وَالْقِيَاسَ الْجَلِيَّ وَمَا كَانَ فِي بَيْعِ الْأُمِّ مِنْ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْقَطَعَ، وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَالْمُضْغَةِ بَعْضُهَا وَلِهَذَا قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْ عُضْوًا، وَإِنْ لَمْ تَضَعْ الْبَاقِيَ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ وَضْعِهِ وَوَضْعِ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَرْبَعُ سِنِينَ، أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ حَمْلٌ وَاحِدٌ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ وَضْعُ ذَلِكَ الْعُضْوِ لَاحِقًا بِهِ شَرْعًا، وَيَتَبَيَّنُ بِوَضْعِ الْبَاقِي حُصُولُ الْعِتْقِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ وَضْعُ الْعُضْوِ عَلَى الْمَوْتِ، أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَلَوْ وَضَعَتْ وَلَدًا إلَّا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَثَلًا فَالْوَجْهُ حُصُولُ الْعِتْقِ لِوُجُودِ مُسَمَّى الْوِلَادَةِ الَّذِي الْمَدَارُ عَلَيْهِ هُنَا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ وَضَعَتْ نِصْفَهُ الْأَعْلَى، أَوْ الْأَسْفَلَ، أَوْ مَا عَدَا أَطْرَافَهُ وَرَأْسَهُ، أَوْ مَا عَدَا رَأْسَهُ فَقَطْ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِوَضْعِ مَا عَدَا رَأْسَهُ لِوُجُودِ مُسَمَّى الْوِلَادَةِ.

(فَرْعٌ)

إسْقَاطُ الْحَمْلِ إنْ كَانَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ جَازَ، أَوْ بَعْدَهَا حَرُمَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ فِي النَّفْخِ وَعَدَمِهِ بِالظَّنِّ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ) أَيْ: الْمُحْتَرَمِ وَلَوْ بِنَحْوِ اسْتِنْجَائِهَا بِحَجَرٍ عَلَيْهِ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ.

(تَنْبِيهٌ)

لَا يَخْفَى أَنَّ إسْنَادَ الْإِحْبَالِ إلَى السَّيِّدِ فِي صُورَةِ الِاسْتِدْخَالِ وَنَحْوِهَا إسْنَادٌ مَجَازِيٌّ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ فَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ إسْنَادٌ حَقِيقِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَحْبَلَهَا السَّيِّدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً بِالْمَعْنَى الْأُصُولِيِّ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ مُرَادًا مِنْهُ لَازِمُ مَعْنَاهُ وَهُوَ الْحَبَلُ نَعَمْ قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ الْإِسْنَادَ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ أَيْضًا حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْإِحْبَالَ حَقِيقَةً لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الْوَطْءِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ آخَرُ قَدْ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ لَيْسَ فِعْلًا لِلْوَاطِئِ أَصْلًا فَإِسْنَادُهُ إلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا مَجَازًا نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْإِحْبَالِ الْوَطْءُ مَجَازًا كَانَ الْإِسْنَادُ حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعَ مَجَازِيَّةِ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ قَالَ الْقَوَافِلُ إلَخْ) فَلَوْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُنَّ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ، وَبَعْضُهُنَّ لَا صُورَةَ فِيهِ اُتُّجِهَ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ الْمُثْبَتِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ. (قَوْلُهُ: مُرْتَدٌّ فَلَا يَثْبُتُ) أَيْ: حَالًّا (قَوْلُهُ: التَّابِعُ لَهَا فِي التَّدْبِيرِ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَشْمَلُ الْوَلَدَ الْحَادِثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ إذَا لَمْ يَنْفَصِلْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مَعَ أَنَّهُ يَعْتِقُ مَعَهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ التَّابِعُ فِي حُكْمِ التَّدْبِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: بِمَا تُعْتَقُ هِيَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْأُمُّ فَقَطْ عَتَقَ الْوَلَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ عِتْقُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ) وَحُكْمُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا الْإِنَاثِ حُكْمُ أَوْلَادِهَا بِخِلَافِ الذُّكُورِ، وَدَخَلَ فِي الْوَلَدِ مَا لَوْ حَمَلَتْ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ زِنًا بَعْدَ بَيْعِهَا فِي نَحْوِ رَهْنٍ ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي حُكْمِهَا أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ: الْإِنَاثِ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْإِنَاثِ تَتْبَعُ الْأُمَّهَاتِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ.

ص: 331

وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا، أَمَّا إذَا بَاعَهُمَا مِنْ نَفْسِهِمَا بِأَنْ بَاعَ كُلًّا مِنْ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعُلِمَ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِهِمَا بُطْلَانُ رَهْنِهِمَا وَهِبَتِهِمَا وَالْوَصِيَّةِ بِهِمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهَا فِي مَحَالِّهَا قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً جَازَ جَمِيعُ ذَلِكَ.

(وَاسْتَخْدَمَ) السَّيِّدُ (الِاثْنَيْنِ) أَيْ: أُمَّ الْوَلَدِ وَوَلَدَهَا الْمَذْكُورَ لِمُلْكِهِ لَهُمَا وَلِمَنَافِعِهِمَا كَالْقِنِّ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا لِتَأَكُّدِ حَقّ الْعِتْق فِيهِمَا (وَالْإِيجَارُ لَهُ) أَيْ: وَلَهُ إيجَارُهُمَا (وَوَطْءُ الْأُمِّ) لَا بِنْتِهَا لِحُرْمَتِهَا بِوَطْءِ أُمِّهَا (وَ) لَهُ (الْإِجْبَارُ) لَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ (وَالْأَرْشُ مِنْ جَانٍ) عَلَيْهِمَا كَالْقِنَّةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَوْ بَعْضُهُ لِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَكُونَ الْمُسْتَوْلَدَةُ مُكَاتَبَةً، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَادِ، أَوْ مُسْلِمَةً وَالْمُولَدُ كَافِرًا.

(وَحَيْثُ يَدَّعِي) فِي مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَتَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِوَلَدٍ (إيلَادَهَا كُلُّ شَرِيكٍ مُوَسَّعِ) أَيْ: مُوسِرٍ (قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا لِيَسْرِيَ إيلَادُهُ إلَى بَقِيَّتِهَا (فَإِنْ يَأْسُ بَيَانٍ حَصَلَا) أَيْ: فَإِنْ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ بَيَانِ الْقَبْلِيَّةَ (تَعْتِقُ) الْأَمَةُ (إنْ مَاتَا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعِتْقِ، وَلَا يَعْتِقُ بَعْضُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لِجَوَازِ كَوْنِهَا مُسْتَوْلَدَةً لِلْآخَرِ، وَنَفَقَتُهَا فِي الْحَيَاةِ عَلَيْهِمَا (وَيُوقَفُ الْوَلَا) بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(قُلْتُ وَبِاسْتِيلَادِ كُلِّ شَطْرِ) أَيْ: نِصْفٍ (يُقْضَى) أَيْ: يُحْكَمُ (لِمَنْ يَمْلِكُهُ فِي) حَالَةِ (الْعُسْرِ) فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَإِذَا مَاتَا عَتَقَتْ كُلُّهَا (وَالْعَصَبَاتُ) أَيْ: عَصَبَاتُهُمَا (فِي الْوَلَا سَوِيَّهْ) ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَقَطْ ثَبَتَ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَالنِّزَاعُ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ فَنِصْفُ نَفَقَتِهَا عَلَى الْمُوسِرِ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ فَإِذَا مَاتَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَوَلَاءُ نِصْفِهَا لِعَصَبَتِهِ وَوُقِفَ وَلَاءُ النِّصْفِ الْآخَرِ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَبْقَ الْآخَرِ وَهُمَا مُوسِرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرٌ فَقَطْ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُنْفِقَانِ عَلَيْهَا فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ، وَعَتَقَ نَصِيبُ الْحَيِّ لِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَوُقِفَ وَلَاءُ الْكُلِّ، وَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلًا عَتَقَتْ كُلُّهَا نَصِيبُهُ بِمَوْتِهِ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ، وَنَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْمُوسِرِ فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَوَلَاءُ نَصِيبِهِ لِعَصَبَتِهِ، وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ مَوْقُوفٌ وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ، أَوْلَدَهَا قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِوَقْفِ الْإِحْبَالِ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ.

(هَذَا تَمَامُ الْبَهْجَةِ الْوَرْدِيَّةْ) نِسْبَةً إلَى الْوَرْدِيِّ الْمَعْرُوفِ بِهِ وَالِدُ نَاظِمِهَا كَمَا مَرَّ أَوَّلَهَا (خَتَمْتُهَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَرَّغْتُهَا (بَعْدَ الثَّلَاثِينَ) سَنَةً (الَّتِي مِنْ بَعْدِ سَبْعِمِائَةٍ قَدْ خَلَتْ) أَيْ: مَضَتْ (فَإِنْ تَعِبْهَا، أَوْ تَضَعْ) أَيْ: تَحُطَّ (مِنْهَا الْعِدَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا أَيْ: الْأَعْدَاءُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا) فِي التَّقْرِيبِ لِلنَّوَوِيِّ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَيْ: الصَّحَابِيِّ «كُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» أَوْ وَهُوَ فِينَا، أَوْ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إلَى أَنْ قَالَ: فَكُلُّهُ مَرْفُوعٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: جَازَ جَمِيعُ ذَلِكَ) قَدْ يُؤْخَذُ بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهِيَ لَوْ سُبِيَتْ صَارَتْ قِنَّةً، وَجَازَ فِيهَا جَمِيعُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهَا فِي الْحَيَاةِ عَلَيْهِمَا) فَإِذَا بَانَ السَّابِقُ رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ إنْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: هَذَا تَمَامُ) أَيْ: مُتَمِّمُ الْبَهْجَةِ الْوَرْدِيَّةِ هَذَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ: وَالْعَصَبَاتُ فِي الْوَلَاءِ سَوِيَّةٌ، أَوْ إلَى مَعْنَاهُ، أَوْ الْمَجْمُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسَمَّى الْكُتُبِ الْأَلْفَاظُ أَوْ الْمَعَانِي، أَوْ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ قُلْت: مُقْتَضَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْعَصَبَاتُ فِي الْوَلَاءِ سَوِيَّةٌ تَمَامُهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَا بَعْدَهُ مِنْهَا وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُسَمَّى الْكِتَابِ مِنْ الْبَسْمَلَةِ إلَى آخِرِ كَلِمَةٍ فِيهِ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَمَامُ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الثَّلَاثِينَ) صَادِقٌ بِأَوَّلِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ وَبِآخِرِهَا، وَبِمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَضَعْ مِنْهَا الْعِدَا) لَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَضْعِ مِنْهَا نِسْبَتُهَا إلَى الْمَقْصُودِ عَنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: لَا نَرَى إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ لَا نَرَى بِالنُّونِ لَا بِالْيَاءِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ. اهـ. وَقَوْلُ الْحَاكِمِ يُحْتَمَلُ إلَخْ أَشَارَ م ل ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ.

ص: 332

(فَاعْذُرْهُمْ) فِي ذَلِكَ (فَحَقُّهَا أَنْ تُحْسَدَا فَهِيَ عَرُوسٌ بِنْتُ عَشْرٍ) لِأَنَّهُ صَنَّفَهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ، وَكُلٌّ مِنْ مَدْخُولِ هَاتَيْنِ الْفَاءَيْنِ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا (بِكْرُ) يَرْغَبُ فِيهَا الطُّلَّابُ كَالْبِكْرِ مِنْ النِّسَاءِ (بَكْرِيَّةٌ) نِسْبَةً إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه الْوَاقِعِ فِي نَسَبِ النَّاظِمِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ فِي الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ حَيْثُ قَالَ: مُحَمَّدٌ عِنْدَ اللَّهِ حَيٌّ، وَجَدُّنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَنَحْنُ عَلَى مَنْ سَاءَنَا سُمُّ سَاعَةٍ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ فَلْيُجَرِّبْ وَيَعْتَدْ (لَهَا الدُّعَاءُ) مِنْ طَالِبِهَا (مَهْرُ وَكَيْفَ) أَيْ: وَمِنْ أَيْنَ (لِي إذَا سَكَنْتُ اللَّحْدَا بِدَعْوَةٍ صَالِحَةٍ لِي تُهْدَى يَا خَالِقَ الْخَلْقِ وَيَا أَهْلَ الْكَرَمْ) أَسْأَلُك (بِالْمُصْطَفَى) أَيْ: الْمُخْتَارِ (مُحَمَّدٍ خَيْرِ النَّسَمْ) أَيْ: الْبَشَرِ، أَوْ الْأَنْفُسِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا خَيْرُ الْخَلْقِ فَهُوَ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ الْخَلْقِ (أَدِمْ عَلَيَّ نِعْمَةَ الْإِسْلَامِ وَنَجِّنِي مِنْ خَطَرِ الْآثَامِ) أَيْ: الذُّنُوبِ (بِك) لَا بِغَيْرِك (الْعِيَاذُ مِنْ عَذَابِ الْفَقْرِ وَالْقَبْرِ وَالنَّارِ وَخِزْيِ الْحَشْرِ) أَيْ: وَذُلِّهِ وَغَيْرِهَا (خُذْ بِيَدِي) أَيْ: نَجِّنِي (مِنْ هَوْلِ) أَيْ: فَزَعِ (كُلِّ غُمَّهْ) بِضَمِّ الْغَيْنِ أَيْ: كُرْبَةٍ (فَضْلًا) مِنْك لَا مُجَازَاةً لِعَمَلِي (وَ) هَبْ لِي (مِنْ لَدُنْك) أَيْ: مِنْ عِنْدَك (رَحْمَهْ) أَفُوزُ بِهَا.

(وَكُلِّ) أَيْ:، وَكَذَا لِكُلِّ (مَنْ أَحْبَبْتُ، أَوْ أَحَبَّنِي فِيك وَكُلِّ مُؤْمِنِ) بِك مُؤَمِّنٍ عَلَى الدُّعَاءِ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ جَزِيلِ الْفَضْلِ) أَيْ: عَظِيمِهِ (ثُمَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ) صلى الله عليه وسلم (أُصَلِّي) وَأُسَلِّمُ (وَ) عَلَى (الْآلِ وَالصَّحْبِ بِهَذَا) أَيْ: الْمَذْكُورِ مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

الْوَجْهِ الْأَبْلَغِ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ: فَهِيَ عَرُوسٌ إلَخْ) فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِعَارَةً لِمَكَانِ ذِكْرِ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18] ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ فِي الْأَوَّلِ بُرُوزُهَا تَتَجَلَّى عَلَى بَصَائِرِ النَّاظِرِينَ تَتَبَخْتَرُ لِلْأَكِفَّاءِ الْخَاطِبِينَ، وَفِي الثَّانِي تَأْلِيفُهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ، وَفِي الثَّالِثِ كَثْرَةُ الرَّغْبَةِ فِيهَا كَالْبِكْرِ مِنْ النِّسَاءِ، وَفِي الرَّابِعِ كَوْنُ مُؤَلَّفِهَا يُنْسَبُ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُشَبِّهَهَا بِالْعَرُوسِ الْحَاوِيَةِ لِلصِّفَاتِ الْمَرْغُوبَةِ فِيهَا مِنْ حَدَاثَةِ السِّنِّ، وَالْبَكَارَةِ، وَشَرَفِ النَّسَبِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَ عَرُوسٍ مِنْ بَابِ التَّجْرِيدِ نَظَرًا إلَى مُلَاءَمَتِهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَقَوْلِهِ: هِيَ الشَّمْسُ مَسْكَنُهَا فِي السَّمَا فَعَزِّ الْفُؤَادَ عَزَاءً جَمِيلًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ إلَيْهَا الصُّعُودَ وَلَنْ تَسْتَطِيعَ إلَيْك النُّزُولَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّرْشِيحِ نَظَرًا إلَى مُلَاءَمَتِهِ لِلْمُشَبَّهِ بِاعْتِبَارِ مَا قَرَّرْنَا كَقَوْلِهِ:

غَمَرَ الرِّدَاءَ إذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا

غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ

قَالَ الْبَيَانِيُّونَ: وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ مِنْ الثَّانِي بَلْ وَمِنْ جَمْعِهِمَا أَعْنِي: التَّجْرِيدَ وَالتَّرْشِيحَ كَقَوْلِهِ:

لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِّلَاحِ مُقْذِفٍ

لَهُ لِبْدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقْلَمْ

كَذَا فِيمَا عَلَّقَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ عَلَى هَذَا الْبَابِ لَكِنْ قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ مِنْ الثَّانِي إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ فَإِنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ الْبَيَانِيُّونَ عَكْسُ ذَلِكَ عِبَارَةُ التَّلْخِيصِ وَالْمُخْتَصَرِ: وَالتَّرْشِيحُ أَبْلَغُ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَالتَّجْرِيدِ وَمِنْ جَمْعِ التَّجْرِيدِ وَالتَّرْشِيحِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَهَا الدُّعَاءُ مَهْرُ) أَشَارَ بِهِ إلَى خِفَّةِ مَهْرِهَا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَكَيْفَ إذَا سَكَنْتُ اللَّحْدَا) اسْتَفْهَمَ مُسْتَبْعِدًا مُتَعَجِّبًا مِنْ إهْدَاءِ دَعْوَةٍ صَالِحَةٍ لِكَوْنِ الْإِنْسَانِ بِمَوْتِهِ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْتِمَاسُ الدُّعَاءِ، وَيَصِيرُ فِي مِظَلَّةِ نِسْيَانِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ رحمه الله قَدْ بَسَطَ الْقَوْلَ عَلَى ذَلِكَ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْبَابِ بِمَا مِنْهُ أَنَّ ابْنَ هِشَامٍ فِي مُغْنِيهِ ذَكَرَ أَنَّ كَيْفَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْعَرَبِيَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنْ تَكُونَ شَرْطًا غَيْرَ جَازِمٍ فَتَقْتَضِي فِعْلَيْنِ مُتَّفِقَيْ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى غَيْرِ مَجْزُومَيْنِ نَحْوَ كَيْفَ تَصْنَعُ أَصْنَعُ، وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامًا إمَّا حَقِيقِيًّا نَحْوَ كَيْفَ زَيْدٌ، أَوْ غَيْرَهُ نَحْوَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ فَإِنَّهُ أُخْرِجَ مَخْرَجَ الْإِنْكَارِ وَالتَّعَجُّبِ وَأَنَّ الرَّضِيَّ قَالَ: إنَّهَا ظَرْفٌ عِنْدَ الْأَخْفَشِ وَاسْمٌ غَيْرُ ظَرْفٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ أَنْكَرَ ظَرْفِيَّتَهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَمَانًا، وَلَا مَكَانًا قَالَ: وَلَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تُفَسَّرُ بِقَوْلِك: عَلَى أَيِّ حَالٍ لِكَوْنِهَا سُؤَالًا عَنْ الْأَحْوَالِ الْعَامَّةِ سُمِّيَتْ ظَرْفًا مَجَازًا لِكَوْنِهَا فِي تَأْوِيلِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، ثُمَّ قَالَ: أَعْنِي شَيْخَنَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَيْفَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ رحمه الله إمَّا خَبَرٌ عَنْ دَعْوَةٍ، وَبَاءُ دَعْوَةٍ زَائِدَةٌ، وَلِي الْأُولَى مُتَعَلِّقَةٌ بِدَعْوَةٍ، وَالثَّانِي مُتَعَدِّي وَهُوَ الْعَامِلُ فِي إذَا، وَالتَّقْدِيرُ وَدَعْوَةٌ لِي صَالِحَةٌ تُهْدَى لِي حِينَ أَسْكُنُ اللَّحْدَ كَائِنَةٌ عَلَى أَيِّ حَالٍ، وَإِمَّا حَالٌ، وَبَاءُ دَعْوَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا لِي الْأُولَى وَبَاقِي الْإِعْرَابِ بِحَالِهِ إلَّا أَنْ تُهْدَى، وَالْفِعْلَ الْمُقَدَّرَ مُتَنَازِعَانِ فِي إذَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَالتَّقْدِيرُ وَيَفْتَحُ لِي بِدَعْوَةٍ صَالِحَةٍ حِينَ أَسْكُنُ اللَّحْدَ تُهْدَى لِي كَائِنَةً عَلَى أَيِّ حَالٍ هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِهِ رحمه الله، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ كَيْفَ بِمَعْنَى مِنْ أَيْنَ الَّتِي هِيَ مِنْ ظَرْفِ الْمَكَانِ فَلَمْ أَدْرِ سَلَفَهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُخْتَارِ) أَيْ: مِنْ الْخَلْقِ (قَوْلُهُ: أَدِمْ عَلَيَّ نِعْمَةَ الْإِسْلَامِ) إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهَا إلَى الْمَوْتِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَنَجِّنِي مِنْ خَطَرِ الْآثَامِ) قَالَ شَيْخُنَا: بِالْعَفْوِ عَنْهَا وَعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ أَقُولُ: أَوْ بِحِفْظِي مِنْ الْوُقُوعِ فِيهَا، وَيَجُوزُ إرَادَةُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) وَخَصَّ هَذِهِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا، وَاقْتِدَاءً بِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا بِرّ، (قَوْلُهُ: أَيْ وَكَذَا لِكُلِّ) هَذَا بَدَلٌ عَلَى عَطْفِ كُلٍّ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي وَهَبْ لِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَى نَبِيِّهِ أُصَلِّي) لَمْ يَقُلْ عَلَى رَسُولِهِ، وَإِنْ كَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا هَذَا تَمَامُ مَا وَجَدْتُهُ مِنْ الْحَوَاشِي الشَّرِيفَةِ، وَالتَّحْرِيرَاتِ الْمَنْفِيَّةِ لِمَوْلَانَا خَاتِمَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ وَالْمُحَرِّرِينَ الْفِخَامِ بَرَكَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَخُلَاصَةِ الْقَادَةِ الْمُتَبَحِّرِينَ جَامِعِ أَشْتَاتِ الْعُلُومِ، وَالْمُحَقِّقِ مِنْ فَنُونِهَا الْمَنْطُوقِ، وَالْمَفْهُومِ مُحِلِّ الْمُشْكِلَاتِ، وَصَاحِبِ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 333

الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ (أَخْتِمُ نَظْمِي) كَمَا بَدَأْتُهُ بِهِ تَبَرُّكًا (وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ) مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَأَنَا أَيْضًا أَخْتِمُ شَرْحِي بِذَلِكَ كَمَا بَدَأْتُهُ بِهِ.

فَأَقُولُ: تَمَّ الشَّرْحُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحِبَهُ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مُؤَلِّفُهُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَرَغْتُ مِنْ تَأْلِيفِهِ يَوْمَ السَّبْتِ خَامِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَثَمَانِمِائَةٍ.

ــ

[حاشية العبادي]

الشِّهَابِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ مِمَّا رَقَمَهُ بِخَطِّهِ الشَّرِيفِ بِهَوَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ لِمَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ وَالَى اللَّهُ عَلَى قَبْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا سَحَائِبَ الرِّضْوَانِ، وَأَحَلَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَعْلَى الْفِرْدَوْسِ وَالرِّضْوَانِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْكِرَامِ، وَصَحِبَهُ الْقَادَةِ الْفِخَامِ، وَتَمَّ ذَلِكَ عَلَى يَدِ مُجَرِّدِهَا الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إلَى مَوْلَاهُ الْغَنِيِّ الْقَدِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ الشَّافِعِيِّ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ، وَسَتَرَ عُيُوبَهُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ، وَمَشَايِخِهِ، وَأَحْبَابِهِ، وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: أَوْ مُسْلِمَةً إلَخْ) أَوْ مَجُوسِيَّةً، أَوْ وَثَنِيَّةً الْمُولَدُ مُسْلِمٌ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: ثَبَتَ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ سَبْقِ إيلَادِ الْمُعْسِرِ لَا سِرَايَةَ لِنَصِيبِ الْمُوسِرِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ) لِاحْتِمَالِ سَبْقِ إيلَادِ الْمُوسِرِ وَهُوَ مَانِعٌ لِسِرَايَتِهِ لِنَصِيبِ الْمُعْسِرِ. (قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ) أَيْ: بِاسْتِيلَادِ الْآخَرِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيَسْرِي إلَى نَصِيبِهِ لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَيِّتَ شَيْءٌ لِتَكْذِيبِهِ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ. (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ وَلَاءُ الْكُلِّ لِدَعْوَى كُلٍّ أَنَّهُ لِلْآخَرِ) .

ص: 334